-
بركة يهوه تغنيبرج المراقبة ١٩٨٧ | ١ شباط (فبراير)
-
-
٤ كيف يمكن ان تعرِّضوا للخطر كونكم اغنياء روحيا؟ (رؤيا ٣:١٧، ١٨)
٤ ومع ذلك فان كونكم «اغنياء» ببركات يهوه يمكن ان يعرِّضه للخطر غنى آخر — المال او الثراء المادي. وقليلون منا (سواء كنا آمنين ماليا او ذوي دخل محدود) يعترفون بسرعة، «اواجه خطرا حقيقيا للضلال من محبة المال.» ولكن تذكروا التحذير: «محبة المال اصل لكل الشرور الذي اذ ابتغاه قوم ضلّوا عن الايمان وطعنوا انفسهم بأوجاع كثيرة.» (١ تيموثاوس ٦:١٠) كُتب ذلك في وقت كان فيه المسيحيون المقبولون جميعا ممسوحين بروح اللّٰه كعربون لامكانية صيرورتهم حكاما سماويين مع المسيح. وعلى الارجح كان كثيرون قد قابلوا شخصيا رسلا وآخرين ممن ساروا مع يسوع. فاذا «اضلّ» المال بعضهم، كم يكون الخطر عظيما بالنسبة الينا! — ٢ كورنثوس ٥:٥، رومية ٨:١٧، ٢٣.
الغني والجمل
٥ ماذا كانت نظرة يسوع الى الغنى؟
٥ غالبا ما كان يسوع يُبرز خطر الغنى لانه خطر يواجه الجميع، اولئك الذين هم اثرياء والذين ليسوا كذلك. (متى ٦:٢٤-٣٢، لوقا ٦:٢٤؛ ١٢:١٥-٢١) وكأساس للفحص الشخصي تأملوا في ما قاله يسوع في احدى المناسبات، كما هو مذكور في متى ١٩:١٦-٢٤ ومرقس ١٠:١٧-٣٠ ولوقا ١٨:١٨-٣٠. وفي الواقع، لماذا لا نتوقف الآن لنقرأ احدى هذه الروايات او جميعها؟
٦ و ٧ (أ) اية محادثة جرت بين يسوع والرجل الشاب؟ (ب) وبعد ذلك اية مشورة قدمها يسوع؟
٦ جاء رئيس شاب الى يسوع وسأل: «ماذا اعمل لارث الحياة الابدية.» فوجَّهه يسوع الى الشريعة، مظهرا بذلك ان يهوه لم يفشل في الدلالة على ما كان ضروريا. فأجاب الرجل انه قد حفظ وصايا اللّٰه منذ حداثته. لقد كان كما لو أنه على باب الحياة، ولكنه شعر بأنه يعوزه ايضا شيء. وربما ظن ان هنالك خيرا اضافيا، عملا بطوليا، يكون الخطوة الاخيرة عبر الباب الى الحياة الابدية. وجواب يسوع له دلالة واسعة: «بع كل ما لك ووزّع على الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني.» وماذا حدث؟ «فلما سمع ذلك حزن لانه كان غنيا جدا. [او، كان ذا اموال كثيرة].» فمضى الرجل. — لوقا ١٨:١٨، ٢١-٢٣، مرقس ١٠:٢٢.
٧ وبعد ذلك قال يسوع: «ما أعسر دخول ذوي الاموال الى ملكوت اللّٰه. لان دخول جمل من ثقب ابرة ايسر من ان يدخل غني الى ملكوت اللّٰه.» (لوقا ١٨:٢٤، ٢٥) فهل كانت هذه المشورة لذلك الرئيس الغني فقط؟ ام هل تشملكم سواء كنتم اثرياء او فقراء؟ دعونا نرى.
٨ (أ) ماذا كان عليه الرئيس اليهودي الشاب؟ (ب) اي عيب كان لديه، ولماذا يجب ان يهمنا ذلك؟
٨ قد تجري مساعدتكم على فهم حالة ذلك الرئيس الشاب اذا تصورتكم نظيرا عصريا — مسيحيا شابا نظيفا، بمعرفة جيدة من الكتاب المقدس واخلاق حسنة، آتيا من عائلة ثرية. فقد تحسدون شخصا كهذا اليوم. ولكنّ يسوع وجد عوزا رئيسيا عند الرجل اليهودي الشاب: لقد كانت ثروته وممتلكاته مهمة جدا في حياته. ولذلك اشار عليه يسوع كما فعل. ويمكنكم ان تروا لماذا تكون رواية الكتاب المقدس هذه لنا جميعا سواء كنا اغنياء او فقراء. فالمال والممتلكات يمكن ان تصير مهمة جدا لايّ شخص منا سواء كنا نملكها الآن او نتوق فقط الى ذلك.
٩ كيف نعلم ان يسوع لم يكن يدين حالة كون المرء ثريا؟
٩ لم يكن يسوع يقول ان الشخص ذا الغنى المادي لا يستطيع خدمة اللّٰه. فكثيرون فعلوا ذلك. وذلك الرجل اليهودي الشاب فعل ذلك — الى حد ما. وهنالك جابي الضرائب زكَّا، الذي «كان غنيا.» (لوقا ١٩:٢-١٠) وبعض المسيحيين الممسوحين في القرن الاول كانوا اثرياء، فكان لديهم التحدي الخاص «ان يكونوا اسخياء في العطاء كرماء في التوزيع.» (١ تيموثاوس ٦:١٧، ١٨، يعقوب ١:٩، ١٠) وهنالك بعض المسيحيين الاثرياء اليوم ايضا. وكثيرا ما اعطوا بسخاء لدعم عمل الملكوت، وفتحوا بيوتهم للاجتماعات، واستخدموا سياراتهم في الخدمة. لماذا اذاً قال يسوع ما قاله عن الغني والجمل؟ وماذا يمكننا تعلمه من ذلك؟
١٠ يمكننا استنتاج ماذا من مشورة يسوع في تلك المناسبة؟
١٠ كما يمكنكم ان تدركوا، فان الابتداء بعبادة اللّٰه شيء والبرهان على الامانة الى النهاية شيء آخر. (متى ٢٤:١٣، فيلبي ٣:١٢-١٤) وربما كان يسوع يفكر في ذلك عندما قال: «مرور جمل من ثقب ابرة ايسر من ان يدخل غني الى ملكوت اللّٰه.» (مرقس ١٠:٢٥) فلا يمكن لجمل ان يدخل من الثقب الصغير لابرة خياطة، ولذلك من الواضح ان يسوع كان يستخدم الغلوّ، مبالغة لا يُقصد فهمها حرفيا. ولكنها تُظهر كم يصعب على الغني فعل شيء ما. وما هو؟ ليس مجرد الابتداء بخدمة اللّٰه، كلا، بل «ان يدخل» الى الملكوت، ان ينال حقا الحياة الابدية. وبصرف النظر عن حالتكم المالية، يمكن لمشورة يسوع ان تساعد تفكيركم وتقدمكم الروحي ونيلكم الحياة الدائمة.
لماذا هو صعب جدا على الغني؟
١١ كيف تأثر الفقراء والاثرياء بكرازة يسوع؟
١١ بالكرازة التي قام بها يسوع والرسل صار «المساكين يبشَّرون.» (متى ١١:٥) فلم يكن هنالك ايّ تحامل على الاغنياء. ولكن يظهر ان عددا اكبر من الفقراء ادركوا حاجتهم الروحية وتجاوبوا مع رسالة الرجاء. (متى ٥:٣، ٦؛ ٩:٣٥، ٣٦) فاليهود الاغنياء كانوا اكثر اكتفاء بالطريقة التي جرت بها الامور. (قارن لوقا ٦:٢٠، ٢٤، ٢٥.) ومع ذلك كانت هنالك استثناءات آنذاك، وهنالك استثناءات اليوم. فبعض الاشخاص الاثرياء يقبلون رسالة الكتاب المقدس ويخدمون اللّٰه. والنتيجة بالنسبة اليهم يمكن ان تكون رائعة. وكانت كذلك في حالة بولس الذي لم يدع مركزه في الحياة يوقفه. (فيلبي ٣:٤-٨) ورغم ذلك قال يسوع ان الامر يكون اكثر صعوبة على الاغنياء.
«القوة الخدّاعة للغنى»
١٢، ١٣ (أ) في ايضاحه اية نقطة اظهرها يسوع عن الهموم؟ (ب) لماذا يواجه الاثرياء عائقا اضافيا؟
١٢ في ايضاحه عن البذور الساقطة على اتربة مختلفة قال يسوع ان بعضها «سقط. . . على الشوك. فطلع الشوك وخنقه.» وأوضح: «والمزروع بين الشوك هو الذي يسمع الكلمة. وهمُّ هذا العالم (والقوة الخدّاعة للغنى) يخنقان الكلمة فيصير بلا ثمر.» (متى ١٣:٧، ٢٢) وجميع الناس تقريبا يختبرون شيئا من «همّ هذا العالم.» ومن السهل ان نرى لماذا الامر هو كذلك مع الشخص الفقير او العاطل عن العمل او المعاق. ان الشخص المطمئن ماليا ربما لا تكون لديه الهموم نفسها، ولكنه هو ايضا يمكن ان يكون قلقا تماما حول تأثير التضخم او التغييرات في الضرائب او خطر السرقة. ولذلك فان الاثرياء والفقراء على السواء قد تكون لديهم هموم. — متى ٦:١٩-٢١.
١٣ اظهر يسوع ان البعض ستعوقهم ايضا «القوة الخدّاعة للغنى.» والصيرورة ناجحين ماليا يمكن ان تكون مستهلكة للطاقة تماما. علق صاحب الملايين أرسطو اوناسيس مرة: «بعد ان تبلغ نقطة معينة يصبح المال عديم الاهمية. فما يهم يكون النجاح. والشيء المعقول هو ان اتوقف الآن. ولكنني لا استطيع. فعليَّ ان استمر في الطموح الى اعلى وأعلى — من اجل الاثارة فقط.» وبصورة مماثلة، قد يجد المسيحي انه من المثير الجهاد في الصعود في السلم المشترك. او قد يجري اغواؤه لتوسيع عمله بعد وقت طويل من بلوغ ما كان في وقت ابكر من الحياة يعتبره «كافيا.» فعوض ان يقلل عمله (او يتقاعد) ليصبح خادما كامل الوقت، ‹يهدم مخازنه [او بيوته] ويبني اعظم.› (انظر لوقا ١٢:١٥-٢١.) فهل يمكن ان يحدث ذلك لكم؟ وهل تظنون ان اللّٰه سيقضي لايّ شخص في هذه الحالة بأنه يخدمه من كل النفس؟ — متى ٢٢:٣٧.
١٤ كيف يمكن الايضاح ان الغنى يمكن ان يعوق المسيحي؟ (امثال ٢٨:٢٠)
١٤ هنالك ايضا طرائق اخرى يمكن بها للغنى (او الشغف بربحه) ان يعوق المسيحي عن ان يرث الحياة الابدية. احداها هي ان محبة الغنى قد تدفعه الى تبني الوسائل العالمية، كتقديم تقرير ناقص عن الارباح او استخدام وسائل اخرى غير مستقيمة ولكن شائعة. او اذا استخدم رفقاء مسيحيين مستقيمين ومجتهدين قد يضع ربحه الشخصي قبل روحياتهم. مثلا، من اجل تثبيتهم في وظيفتهم، قد يشجعهم على تطوير نمط حياة اكثر كلفة (او حتى على الاستدانة من اجل الرفاهيات). وبما انه رئيسهم قد تميل هذه العلاقة الى الانتقال الى التعاملات في الجماعة.
١٥ كيف ربما شعر بعض المسيحيين الاولين بالتأثيرات المضرة للغنى؟ (مزمور ٧٣:٣-٨، ١٢، ٢٧، ٢٨)
١٥ وبعض المسيحيين الاثرياء في القرن الاول ربما كانوا بين اولئك الذين وقعوا ضحية «القوة الخدّاعة للغنى.» لقد كتب يعقوب عن الشقاوة القادمة على الاغنياء. فكانوا يملكون ثيابا ثمينة، وكانوا قد جمعوا الذهب والفضة بعدم ايفاء المستخدمين اجرتهم كاملة، وأسرفوا في الترف. (يعقوب ٥:١-٥) والامر مشابه اليوم. فغالبا ما يتيح الثراء للشخص الحصول على الطعام الدسم والشراب الذي قد يتلف جسده. وقد يسمح ايضا بالسفر المتواصل الذي يفصله عن الجماعة المحلية. ولا يعني ذلك ان الثياب الجميلة والجواهر والطعام والسفر اشياء مضرة بحد ذاتها. ولكنّ «الاغنياء» الذين كتب عنهم يعقوب لم تجرِ مساعدتهم بذلك. فبروحياتهم الضعيفة وموقفهم الرديء امام اللّٰه كان لديهم سبب للبكاء، مولولين على الشقاوة القادمة.
١٦ لماذا قدم يسوع تلك المشورة الواضحة عن الغنى، وماذا يجب ان تسألوا نفسكم؟
١٦ علم يسوع بالتأكيد بالالم والعقبات امام الروحيات التي غالبا ما يختبرها الاثرياء. وعلم ايضا بأن الاشياء الثمينة قد تبلى حرفيا او تصبح عديمة القيمة، الامر الذي لن يحدث ابدا للغنى المسيحي. (امثال ١١:٢٨، مرقس ١٠:٢٩، ٣٠) ولذلك كان يسوع يقدم خدمة اصيلة لنا جميعا بتحذيره: «ما أعسر دخول ذوي الاموال الى ملكوت اللّٰه.» (لوقا ١٨:٢٤) ويمكن لتحذيره ان يفيدنا حتى ولو كنا نملك موارد محدودة جدا. كيف؟ بخنقنا ايّ طموح لدينا الى الصيرورة اثرياء الآن. يؤمن المسيحيون بأن يسوع تكلم بالحق. ونحن نؤمن ونحيا بموجب ما قاله يسوع عن ابيه، وعن نهاية هذا النظام، وعن تنمية المحبة. وهذا المتكلم بالحق قال ايضا: «ان مرور جمل من ثقب ابرة ايسر من ان يدخل غني الى ملكوت اللّٰه.» (متى ١٩:٢٤)
-
-
بركة يهوه تغنيبرج المراقبة ١٩٨٧ | ١ شباط (فبراير)
-
-
[الاطار في الصفحة ١٢]
الثراء والعائلة
عند التفكير في تأثيرات الغنى الكامنة لا تتجاهلوا عائلتكم. تأملوا في هذه المواد:
من كندا يأتي تقرير من اطباء نفسانيين درسوا اولاد الاغنياء جدا: «الحياة تُضجرهم. فليست لديهم اهداف سوى ارضاء انفسهم، وهم لا يستطيعون احتمال حتى اصغر خيبة. ويشعرون بالقليل من العواطف ايا كان نوعها. ومساعيهم الاساسية هي شراء الاشياء والسفر والتفتيش عن مصادر جديدة للاثارة.»
علقت النيويورك تايمز على صاحب ملايين سابق: «اذ اصبح اكثر نجاحا في العمل وربح ثروة يقول انه رأى عائلته تتغيّر. ‹زوجتي وابنتي يقيسون الناس بالمال الذي لديهم، واذا اعطيت الابنة الواحدة بيتا ثمنه ٠٠٠,٣٠٠ دولار عليَّ ان اعطي الابنة الاخرى ٠٠٠,٣٠٠ دولار نقدا.›» وبعد ان عانى نوبة قلبية، «اضافة الى رؤية ما فعل الثراء بزوجته واولاده،» غيَّر طريقة حياته.
في ما يتعلق ببلد غني بالنفط في الشرق الاوسط لاحظ ارنولد هوتينجر: ‹الثراء كعلم الامراض هو شيء مألوف ايضا عند كثيرين من الاطباء الاجانب الذين يأتون الى هنا لكسب دخل عال. وتقريرهم هو انه ما من مكان تكون فيه الامراض الجسدية النفسية شائعة كما هي هنا — الامراض التي تسبب ألما حقيقيا ولكن لا يسببها ايّ فشل ظاهر في البنية الجسدية. ويقولون انه يوجد احداث يعطون كل دليل على كونهم كبار السن، ومسنون يتصرفون كأحداث.›
-