-
«احترسوا من كل نوع من الطمع»برج المراقبة ٢٠٠٧ | ١ آب (اغسطس)
-
-
«اِحْتَرِسُوا مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنَ ٱلطَّمَعِ»
«مَتَى كَانَ لِأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ مُمْتَلَكَاتِهِ». — لوقا ١٢:١٥.
١، ٢ (أ) مَاذَا تُلَاحِظُونَ بِشَأْنِ ٱهْتِمَامَاتِ ٱلنَّاسِ وَمَسَاعِيهِمْ فِي أَيَّامِنَا؟ (ب) كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ تُؤَثِّرَ فِينَا هذِهِ ٱلْمَوَاقِفُ؟
يَعْتَبِرُ مُعْظَمُ ٱلنَّاسِ أَنَّ أُمُورًا كَٱلْمَالِ، ٱلْمُمْتَلَكَاتِ، ٱلْمَرْكَزِ، ٱلْوَظَائِفِ ذَاتِ ٱلرَّوَاتِبِ ٱلْعَالِيَةِ، وَٱلْعَائِلَةِ هِيَ مِقْيَاسُ ٱلنَّجَاحِ أَوِ ٱلضَّمَانُ لِمُسْتَقْبَلٍ آمِنٍ. فَفِي ٱلْبُلْدَانِ ٱلْغَنِيَّةِ وَٱلْفَقِيرَةِ عَلَى ٱلسَّوَاءِ، تَتَرَكَّزُ ٱهْتِمَامَاتُ وَمَسَاعِي أَشْخَاصٍ كَثِيرِينَ عَلَى ٱلرِّبْحِ ٱلْمَادِّيِّ وَٱلنَّجَاحِ فِي حِينِ أَنَّ ٱهْتِمَامَهُمْ بِٱلْأُمُورِ ٱلرُّوحِيَّةِ ضَئِيلٌ، لَا بَلْ مَعْدُومٌ فِي بَعْضِ ٱلْأَحْيَانِ.
٢ وَهذَا مَا أَنْبَأَ بِهِ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ حِينَ قَالَ: «فِي ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ سَتَأْتِي أَزْمِنَةٌ حَرِجَةٌ. فَإِنَّ ٱلنَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لِأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ، . . . مُحِبِّينَ لِلْمَلَذَّاتِ دُونَ مَحَبَّةٍ للّٰهِ، لَهُمْ شَكْلُ ٱلتَّعَبُّدِ للّٰهِ وَلٰكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهُ». (٢ تيموثاوس ٣:١-٥) وَبِمَا أَنَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ يَحْتَكُّونَ يَوْمِيًّا بِأَشْخَاصٍ كَهؤُلَاءِ، فَهُمْ يَتَعَرَّضُونَ لِضَغْطٍ مُسْتَمِرٍّ كَيْ يُشَاكِلُوا هذَا ٱلنَّمَطَ مِنَ ٱلتَّفْكِيرِ وَٱلْحَيَاةِ. فَمَاذَا يُسَاعِدُنَا عَلَى مُقَاوَمَةِ جُهُودِ ٱلْعَالَمِ ‹لِيَضْغَطَنَا فِي قَالَبِهِ›؟ — روما ١٢:٢، العهد الجديد بالانكليزية العصرية، ترجمة ج. ب. فيلپس.
٣ أَيَّةُ مَشُورَةٍ قَدَّمَهَا يَسُوعُ سَنُنَاقِشُهَا ٱلْآنَ؟
٣ زَوَّدَنَا يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ، «ٱلْوَكِيلُ ٱلرَّئِيسِيُّ لِإِيمَانِنَا وَمُكَمِّلُهُ»، بِدُرُوسٍ قَيِّمَةٍ فِي هذَا ٱلْمَجَالِ. (عبرانيين ١٢:٢) فَعِنْدَمَا كَانَ يَتَحَدَّثُ ذَاتَ مَرَّةٍ إِلَى ٱلْجُمُوعِ عَنْ مَسَائِلَ رُوحِيَّةٍ، قَاطَعَ رَجُلٌ ٱلْحَدِيثَ قَائِلًا: «يَا مُعَلِّمُ، قُلْ لِأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي ٱلْمِيرَاثَ». فَقَدَّمَ يَسُوعُ فِي جَوَابِهِ لِهذَا ٱلرَّجُلِ وَلِكُلِّ ٱلْمُسْتَمِعِينَ مَشُورَةً بَالِغَةَ ٱلْأَهَمِّيَّةِ، مُحَذِّرًا إِيَّاهُمْ بِشِدَّةٍ مِنَ ٱلطَّمَعِ. وَدَعَمَ هذَا ٱلتَّحْذِيرَ بِمَثَلٍ يَحُثُّ عَلَى ٱلتَّفْكِيرِ. وَيَحْسُنُ بِنَا أَنْ نُصْغِيَ لِمَا قَالَهُ يَسُوعُ آنَذَاكَ وَنَرَى كَيْفَ نَسْتَفِيدُ إِذَا طَبَّقْنَاهُ فِي حَيَاتِنَا. — لوقا ١٢:١٣-٢١.
طَلَبٌ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ
٤ لِمَاذَا كَانَتْ مُقَاطَعَةُ ٱلرَّجُلِ لِيَسُوعَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا؟
٤ قَبْلَمَا قَاطَعَ ٱلرَّجُلُ ٱلْحَدِيثَ، كَانَ يَسُوعُ يَتَكَلَّمُ مَعَ تَلَامِيذِهِ وَأَشْخَاصٍ آخَرِينَ عَنِ ٱلِٱحْتِرَاسِ مِنَ ٱلرِّيَاءِ، ٱمْتِلَاكِ ٱلْجُرْأَةِ لِلِٱعْتِرَافِ بِٱتِّحَادِهِمْ بِٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ، وَنَيْلِ ٱلْمُسَاعَدَةِ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ. (لوقا ١٢:١-١٢) وَلَا شَكَّ أَنَّ هذِهِ مَوَاضِيعُ حَيَوِيَّةٌ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَتَأَمَّلَ فِيهَا ٱلتَّلَامِيذُ. وَلكِنْ فِي خِضَمِّ هذِهِ ٱلْمُحَادَثَةِ ٱلَّتِي تَحُثُّ عَلَى ٱلتَّفْكِيرِ، قَاطَعَهُ ٱلرَّجُلُ فَجْأَةً وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي نِزَاعٍ عَائِلِيٍّ حَوْلَ ٱلْمُمْتَلَكَاتِ ٱلْمَادِّيَّةِ. وَمَعَ أَنَّ هذِهِ ٱلْقَضِيَّةَ كَانَتْ مَسْأَلَةً عَائِلِيَّةً، بِإِمْكَانِنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ دَرْسًا مُهِمًّا مِنْ هذِهِ ٱلْحَادِثَةِ.
٥ مَاذَا كَشَفَ طَلَبُ ٱلرَّجُلِ عَنْهُ؟
٥ يُقَالُ إِنَّ «ٱلْأُمُورَ ٱلَّتِي يُفَكِّرُ فِيهَا ٱلْمَرْءُ وَهُوَ يَسْتَمِعُ إِلَى عِظَةٍ دِينِيَّةٍ غَالِبًا مَا تَكْشِفُ عَنْ شَخْصِيَّتِهِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ». فَفِيمَا كَانَ يَسُوعُ يَتَحَدَّثُ عَنْ أُمُورٍ رُوحِيَّةٍ مُهِمَّةٍ، كَانَ ٱلرَّجُلُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ يُفَكِّرُ فِي مَا يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ لِتَحْسِينِ وَضْعِهِ ٱلْمَالِيِّ. وَٱلرِّوَايَةُ لَا تَذْكُرُ هَلْ لَدَيْهِ سَبَبٌ وَجِيهٌ لِيَعْتَبِرَ نَفْسَهُ مَغْبُونًا فِي قَضِيَّةِ ٱلْمِيرَاثِ. وَلَرُبَّمَا كَانَ يُحَاوِلُ ٱلِٱسْتِفَادَةَ مِنْ سُلْطَةِ يَسُوعَ وَصِيتِهِ أَنَّهُ يَقْضِي بِأَحْكَامٍ سَلِيمَةٍ فِي شُؤُونِ ٱلنَّاسِ. (اشعيا ١١:٣، ٤؛ متى ٢٢:١٦) عَلَى أَيَّةِ حَالٍ، كَشَفَ طَلَبُ هذَا ٱلرَّجُلِ أَنَّ لَدَيْهِ مُشْكِلَةً: قِلَّةُ تَقْدِيرٍ فَاضِحَةٌ لِلْأُمُورِ ٱلرُّوحِيَّةِ. أَفَلَيْسَ هذَا سَبَبًا وَجِيهًا يَحُثُّنَا أَنْ نَمْتَحِنَ أَنْفُسَنَا؟ مَثَلًا، مِنَ ٱلسَّهْلِ فِي ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ أَنْ نَدَعَ ٱنْتِبَاهَنَا يَتَشَتَّتُ أَوْ أَنْ نُفَكِّرَ فِي مَا سَنَفْعَلُهُ لَاحِقًا. بَدَلًا مِنْ ذلِكَ، يَنْبَغِي أَنْ نُصْغِيَ لِمَا يُقَالُ وَنُفَكِّرَ فِي طَرَائِقَ لِتَطْبِيقِ ٱلْمَعْلُومَاتِ بُغْيَةَ تَحْسِينِ عَلَاقَتِنَا بِأَبِينَا ٱلسَّمَاوِيِّ يَهْوَه ٱللّٰهِ وَرُفَقَائِنَا ٱلْمَسِيحِيِّينَ. — مزمور ٢٢:٢٢؛ مرقس ٤:٢٤.
٦ لِمَاذَا لَمْ يُلَبِّ يَسُوعُ طَلَبَ ٱلرَّجُلِ؟
٦ وَمَهْمَا كَانَ ٱلسَّبَبُ ٱلَّذِي دَفَعَ ٱلرَّجُلَ إِلَى تَقْدِيمِ هذَا ٱلطَّلَبِ، فَإِنَّ يَسُوعَ لَمْ يُلَبِّ طَلَبَهُ. بِٱلْأَحْرَى، قَالَ لَهُ: «يَا إِنْسَانُ، مَنْ عَيَّنَنِي عَلَيْكُمْ قَاضِيًا أَوْ مُقَسِّمًا؟». (لوقا ١٢:١٤) بِهذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ، كَانَ يَسُوعُ يُشِيرُ إِلَى أَمْرٍ كَانَ ٱلنَّاسُ يَعْرِفُونَهُ. فَقَدْ نَصَّتِ ٱلشَّرِيعَةُ ٱلْمُوسَوِيَّةُ أَنْ يُعَيَّنَ قُضَاةٌ فِي ٱلْمُدُنِ لِيَحْكُمُوا فِي مَسَائِلَ كَهذِهِ. (تثنية ١٦:١٨-٢٠؛ ٢١:١٥-١٧؛ راعوث ٤:١، ٢) أَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ ٱهْتِمَامُهُ مُرَكَّزًا عَلَى مَسَائِلَ أَكْثَرَ أَهَمِّيَّةً: اَلشَّهَادَةُ لِحَقِّ ٱلْمَلَكُوتِ وَتَعْلِيمُ ٱلنَّاسِ مَشِيئَةَ ٱللّٰهِ. (يوحنا ١٨:٣٧) اِقْتِدَاءً بِيَسُوعَ، نَحْنُ لَا نَدَعُ ٱلْمَسَائِلَ ٱلدُّنْيَوِيَّةَ تُلْهِينَا، بَلْ نُخَصِّصُ وَقْتَنَا وَنَبْذُلُ طَاقَتَنَا لِلْكِرَازَةِ بِٱلْبِشَارَةِ وَ ‹تَلْمَذَةِ أُنَاسٍ مِنْ جَمِيعِ ٱلْأُمَمِ›. — متى ٢٤:١٤؛ ٢٨:١٩.
اَلِٱحْتِرَاسُ مِنَ ٱلطَّمَعِ
٧ أَيَّةُ كَلِمَاتٍ تَنِمُّ عَنْ بَصِيرَةٍ ثَاقِبَةٍ تَفَوَّهَ بِهَا يَسُوعُ؟
٧ بِمَا أَنَّ يَسُوعَ قَادِرٌ عَلَى تَمْيِيزِ نِيَّاتِ ٱلْقَلْبِ، فَقَدْ عَرَفَ أَنَّ أَمْرًا أَهَمَّ يَكْمُنُ وَرَاءَ طَلَبِ ٱلرَّجُلِ. لِذلِكَ بَدَلًا مِنْ مُجَرَّدِ رَفْضِ تَلْبِيَةِ طَلَبِهِ، بَلَغَ يَسُوعُ صَمِيمَ ٱلْمَسْأَلَةِ حِينَ قَالَ: «أَبْقُوا عُيُونَكُمْ مَفْتُوحَةً وَٱحْتَرِسُوا مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنَ ٱلطَّمَعِ، لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ لِأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ مُمْتَلَكَاتِهِ». — لوقا ١٢:١٥.
٨ مَا هُوَ ٱلطَّمَعُ، وَإِلَامَ يُمْكِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ؟
٨ وَٱلطَّمَعُ لَيْسَ مُجَرَّدَ رَغْبَةٍ فِي ٱمْتِلَاكِ ٱلْمَالِ أَوْ غَيْرِ ذلِكَ مِنَ ٱلْأُمُورِ ٱلَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهَا ٱسْتِخْدَامٌ أَوْ هَدَفٌ لَائِقٌ. فَهُوَ رَغْبَةٌ جَامِحَةٌ فِي ٱلثَّرْوَةِ، أَوِ ٱلْمُمْتَلَكَاتِ، أَوْ حَتَّى مُمْتَلَكَاتِ ٱلْآخَرِينَ. فَقَدْ يَشْمُلُ ٱلطَّمَعُ نَهَمًا لَا يَرْتَوِي لِٱمْتِلَاكِ أَشْيَاءَ رُبَّمَا تَكُونُ لِلْآخَرِينَ، وَذلِكَ لِمُجَرَّدِ ٱمْتِلَاكِهَا، دُونَ ٱلتَّفْكِيرِ هَلْ هُنَالِكَ حَاجَةٌ فِعْلِيَّةٌ إِلَى هذِهِ ٱلْأَشْيَاءِ أَوْ دُونَ ٱلْأَخْذِ فِي ٱلِٱعْتِبَارِ تَأْثِيرَ هذَا ٱلْأَمْرِ فِي ٱلْآخَرِينَ. وَٱلشَّخْصُ ٱلطَّمَّاعُ يَسْمَحُ لِلشَّيْءِ ٱلَّذِي يَشْتَهِيهِ بِأَنْ يَسْتَحْوِذَ عَلَى تَفْكِيرِهِ وَتَصَرُّفَاتِهِ بِحَيْثُ يَصِيرُ إِلهًا لَهُ. وَٱلرَّسُولُ بُولُسُ يَقُولُ إِنَّ ٱلشَّخْصَ ٱلْجَشِعَ هُوَ بِمَثَابَةِ عَابِدِ أَصْنَامٍ، وَعَابِدُ ٱلْأَصْنَامِ لَيْسَ لَهُ مِيرَاثٌ فِي مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ. — افسس ٥:٥؛ كولوسي ٣:٥.
٩ مَا هِيَ بَعْضُ أَشْكَالِ ٱلطَّمَعِ، وَأَيَّةُ أَمْثِلَةٍ هُنَالِكَ لِأَفْرَادٍ أَعْرَبُوا عَنْ هذِهِ ٱلصِّفَةِ؟
٩ مِنَ ٱلْمُثِيرِ لِلِٱهْتِمَامِ أَنَّ يَسُوعَ حَذَّرَ مِنْ «كُلِّ نَوْعٍ مِنَ ٱلطَّمَعِ»، مِمَّا يَدُلُّ أَنَّ لِلطَّمَعِ أَشْكَالًا مُخْتَلِفَةً. وَٱلْوَصِيَّةُ ٱلْأَخِيرَةُ مِنَ ٱلْوَصَايَا ٱلْعَشْرِ عَدَّدَتْ بَعْضَ هذِهِ ٱلْأَشْكَالِ: «لَا تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. وَلَا تَشْتَهِ زَوْجَةَ قَرِيبِكَ وَلَا عَبْدَهُ وَلَا أَمَتَهُ وَلَا ثَوْرَهُ وَلَا حِمَارَهُ وَلَا شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ». (خروج ٢٠:١٧) وَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ زَاخِرٌ بِأَمْثِلَةٍ عَنْ أَفْرَادٍ ٱرْتَكَبُوا خَطِيَّةً جَسِيمَةً بِسَبَبِ شَكْلٍ مِنْ أَشْكَالِ ٱلطَّمَعِ. مَثَلًا، كَانَ ٱلشَّيْطَانُ أَوَّلَ مَنِ ٱشْتَهَى مَا هُوَ لِسِوَاهُ: اَلْمَجْدُ وَٱلْكَرَامَةُ وَٱلسُّلْطَةُ ٱلَّتِي لَا تَحِقُّ إِلَّا لِيَهْوَه. (رؤيا ٤:١١) وَٱشْتَهَتْ حَوَّاءُ حَقَّ ٱلتَّقْرِيرِ لِنَفْسِهَا مَا هُوَ صَوَابٌ وَمَا هُوَ خَطَأٌ، وَهذَا مَا أَدْخَلَ ٱلْخَطِيَّةَ وَٱلْمَوْتَ إِلَى حَيَاةِ كُلِّ ٱلْجِنْسِ ٱلْبَشَرِيِّ. (تكوين ٣:٤-٧) كَمَا أَنَّ ٱلْأَبَالِسَةَ كَانُوا مَلَائِكَةً لَمْ يَقْنَعُوا بِـ «مَرْكَزِهِمِ ٱلْأَصْلِيِّ، بَلْ تَخَلَّوْا عَنْ مَسْكِنِهِمِ ٱللَّائِقِ» لِلْحُصُولِ عَلَى مَا لَا يَحِقُّ لَهُمْ. (يهوذا ٦؛ تكوين ٦:٢) وَهُنَالِكَ أَيْضًا بَلْعَامُ، عَخَانُ، جِيحَزِي، وَيَهُوذَا. فَبَدَلَ أَنْ يَكُونُوا قَانِعِينَ بِنَصِيبِهِمْ فِي ٱلْحَيَاةِ، سَمَحُوا لِلرَّغْبَةِ ٱلْجَامِحَةِ فِي ٱلْمُمْتَلَكَاتِ ٱلْمَادِّيَّةِ بِأَنْ تَجْعَلَهُمْ يَخُونُونَ ٱلثِّقَةَ، مِمَّا أَغْرَقَهُمْ فِي ٱلْهَلَاكِ وَٱلدَّمَارِ.
١٠ اِنْسِجَامًا مَعَ حَضِّ يَسُوعَ، بِأَيِّ هَدَفٍ يَنْبَغِي أَنْ ‹نُبْقِيَ عُيُونَنَا مَفْتُوحَةً›؟
١٠ وَكَمْ هُوَ مُلَائِمٌ أَنْ يَسْتَهِلَّ يَسُوعُ تَحْذِيرَهُ مِنَ ٱلطَّمَعِ بِعِبَارَةِ «أَبْقُوا عُيُونَكُمْ مَفْتُوحَةً»! لِمَاذَا؟ لِأَنَّهُ مِنَ ٱلسَّهْلِ جِدًّا عَلَى ٱلْإِنْسَانِ أَنْ يَرَى أَنَّ شَخْصًا آخَرَ هُوَ جَشِعٌ أَوْ طَمَّاعٌ، وَلكِنَّهُ نَادِرًا مَا يَعْتَرِفُ بِأَنَّهُ يَمْتَلِكُ هذِهِ ٱلصِّفَةَ. وَقَدْ أَشَارَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ أَنَّ «مَحَبَّةَ ٱلْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ أَنْوَاعِ ٱلْأَذِيَّةِ». (١ تيموثاوس ٦:٩، ١٠) كَمَا أَنَّ ٱلتِّلْمِيذَ يَعْقُوبَ أَوْضَحَ أَنَّ ٱلرَّغْبَةَ ٱلْخَاطِئَةَ «مَتَى خَصِبَتْ تَلِدُ خَطِيَّةً». (يعقوب ١:١٥) لِذلِكَ ٱنْسِجَامًا مَعَ حَضِّ يَسُوعَ، يَنْبَغِي أَنْ ‹نُبْقِيَ عُيُونَنَا مَفْتُوحَةً›، لَا لِنُرَاقِبَ ٱلْآخَرِينَ وَنَرَى مَا إِذَا كَانُوا طَمَّاعِينَ، بَلْ لِنَفْحَصَ أَنْفُسَنَا وَنَرَى إِلَامَ تَتُوقُ قُلُوبُنَا كَيْ ‹نَحْتَرِسَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنَ ٱلطَّمَعِ›.
«مَتَى كَانَ لِأَحَدٍ كَثِيرٌ»
١١، ١٢ (أ) أَيُّ تَحْذِيرٍ مِنَ ٱلطَّمَعِ قَدَّمَهُ يَسُوعُ؟ (ب) لِمَاذَا يَلْزَمُ أَنْ نُصْغِيَ إِلَى تَحْذِيرِ يَسُوعَ؟
١١ هُنَالِكَ سَبَبٌ آخَرُ يَدْفَعُنَا إِلَى ٱلِٱحْتِرَاسِ مِنَ ٱلطَّمَعِ. فَبَعْدَمَا قَدَّمَ يَسُوعُ هذِهِ ٱلْمَشُورَةَ قَالَ: «مَتَى كَانَ لِأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ مُمْتَلَكَاتِهِ». (لوقا ١٢:١٥) لَا شَكَّ أَنَّ ذلِكَ أَمْرٌ جَدِيرٌ بِٱلتَّأَمُّلِ فِي عَصْرِنَا ٱلْمَادِّيِّ هذَا ٱلَّذِي يَعْتَبِرُ ٱلنَّاسُ فِيهِ ٱلْبَحْبُوحَةَ وَٱلِٱزْدِهَارَ مُرَادِفَيْنِ لِلسَّعَادَةِ وَٱلنَّجَاحِ. فَكَلِمَاتُ يَسُوعَ عَنَتْ أَنَّ ٱلْحَيَاةَ ٱلَّتِي تَجْلُبُ ٱلِٱكْتِفَاءَ فِعْلًا لَا تَعْتَمِدُ عَلَى ٱلْمُمْتَلَكَاتِ ٱلْمَادِّيَّةِ، مَهْمَا كَانَتْ هذِهِ ٱلْمُمْتَلَكَاتُ كَثِيرَةً.
١٢ إِلَّا أَنَّ ٱلْبَعْضَ لَا يُوَافِقُونَ عَلَى هذِهِ ٱلْفِكْرَةِ. فَقَدْ يَقُولُونَ إِنَّ ٱلْمُمْتَلَكَاتِ ٱلْمَادِّيَّةَ تَزِيدُ ٱلْحَيَاةَ رَاحَةً وَمُتْعَةً، وَبِٱلتَّالِي تَجْعَلُهَا أَفْضَلَ. لِذَا يُكَرِّسُونَ أَنْفُسَهُمْ لِأَعْمَالٍ تُتِيحُ لَهُمُ ٱقْتِنَاءَ كُلِّ مَا يَشْتَهُونَ مِنْ سِلَعٍ وَأَجْهِزَةٍ. وَهذَا فِي رَأْيِهِمْ مَا يُؤَمِّنُ لَهُمْ حَيَاةً هَانِئَةً. لكِنَّهُمْ بِتَفْكِيرِهِمْ هذَا يَغْفُلُونَ عَنِ ٱلنُّقْطَةِ ٱلَّتِي كَانَ يَرْمِي إِلَيْهَا يَسُوعُ.
١٣ مَا هِيَ ٱلنَّظْرَةُ ٱلْمُتَّزِنَةُ إِلَى ٱلْحَيَاةِ وَٱلْمُمْتَلَكَاتِ؟
١٣ بَدَلَ أَنْ يُرَكِّزَ يَسُوعُ هَلْ مِنَ ٱلصَّوَابِ أَوِ ٱلْخَطَإِ حِيَازَةُ مُمْتَلَكَاتٍ كَثِيرَةٍ، شَدَّدَ أَنَّ حَيَاةَ ٱلْإِنْسَانِ لَيْسَتْ مِنْ «مُمْتَلَكَاتِهِ». فَمِنَ ٱلْمُسَلَّمِ بِهِ أَنَّ ٱلشَّخْصَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى ٱلْكَثِيرِ لِيَبْقَى عَلَى قَيْدِ ٱلْحَيَاةِ. فَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى ٱلْقَلِيلِ مِنَ ٱلطَّعَامِ وَٱللِّبَاسِ وَمَكَانٍ يَأْوِي إِلَيْهِ. صَحِيحٌ أَنَّ ٱلْغَنِيَّ لَدَيْهِ وَفْرَةٌ مِنْ هذِهِ ٱلْأُمُورِ وَٱلْفَقِيرَ يُجَاهِدُ لِتَأْمِينِ ضَرُورِيَّاتِ ٱلْحَيَاةِ، غَيْرَ أَنَّ ٱلْأَغْنِيَاءَ وَٱلْفُقَرَاءَ كِلَيْهِمَا يَتَسَاوُونَ عِنْدَ ٱلْمَوْتِ. (جامعة ٩:٥، ٦) لِذلِكَ لِكَيْ يَكُونَ لِحَيَاةِ ٱلْمَرْءِ مَعْنًى وَقِيمَةٌ، لَا يَجِبُ أَنْ تَتَمَحْوَرَ فَقَطْ حَوْلَ ٱلْأُمُورِ ٱلَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يَمْتَلِكَهَا ٱلشَّخْصُ. وَهذَا مَا يَتَّضِحُ أَكْثَرَ عِنْدَمَا نَعْرِفُ مَا هِيَ ٱلْحَيَاةُ ٱلَّتِي كَانَ يَسُوعُ يَتَحَدَّثُ عَنْهَا.
١٤ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنَ ٱلْكَلِمَةِ ٱلْمُسْتَخْدَمَةِ فِي رِوَايَةِ لُوقَا مُقَابِلَ كَلِمَةِ «حَيَاةٌ»؟
١٤ إِنَّ ٱلْكَلِمَةَ ٱلْيُونَانِيَّةَ زوِه، ٱلْمُسْتَخْدَمَةَ فِي إِنْجِيلِ لُوقَا مُقَابِلَ كَلِمَةِ «حَيَاةٌ» فِي عِبَارَةِ يَسُوعَ «لَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ مُمْتَلَكَاتِهِ»، لَا تُشِيرُ إِلَى طَرِيقَةِ أَوْ نَمَطِ ٱلْحَيَاةِ بَلْ إِلَى ٱلْحَيَاةِ نَفْسِهَا، ٱلْحَيَاةِ بِٱلْمَعْنَى ٱلْمُطْلَقِ.a فَيَسُوعُ كَانَ يَقُولُ إِنَّهُ سَوَاءٌ كُنَّا أَغْنِيَاءَ أَوْ فُقَرَاءَ، سَوَاءٌ كُنَّا نَعِيشُ حَيَاةَ رَفَاهِيَةٍ أَوْ بِٱلْكَادِ نَحْصُلُ عَلَى ضَرُورِيَّاتِ ٱلْحَيَاةِ، فَنَحْنُ لَا نَتَحَكَّمُ فِي مَدَى حَيَاتِنَا أَوْ فِي مَا إِذَا كُنَّا سَنَعِيشُ حَتَّى ٱلْغَدِ. قَالَ يَسُوعُ فِي مَوْعِظَتِهِ عَلَى ٱلْجَبَلِ: «مَنْ مِنْكُمْ إِذَا حَمَلَ هَمًّا يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى عُمْرِهِ ذِرَاعًا وَاحِدَةً؟». (متى ٦:٢٧) وَيُظْهِرُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ بِكُلِّ وُضُوحٍ أَنَّ يَهْوَه وَحْدَهُ هُوَ «يَنْبُوعُ ٱلْحَيَاةِ»، وَٱلَّذِي يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْنَحَ ٱلْأُمَنَاءَ «ٱلْحَيَاةَ ٱلْحَقِيقِيَّةَ» أَوِ «ٱلْحَيَاةَ ٱلْأَبَدِيَّةَ» سَوَاءٌ فِي ٱلسَّمَاءِ أَوْ عَلَى ٱلْأَرْضِ. — مزمور ٣٦:٩؛ ١ تيموثاوس ٦:١٢، ١٩.
١٥ لِمَاذَا يَضَعُ كَثِيرُونَ ثِقَتَهُمْ فِي ٱلْمُمْتَلَكَاتِ ٱلْمَادِّيَّةِ؟
١٥ وَتُشِيرُ كَلِمَاتُ يَسُوعَ كَمْ هُوَ سَهْلٌ أَنْ تَتَشَوَّهَ نَظْرَةُ ٱلنَّاسِ إِلَى ٱلْحَيَاةِ. فَٱلْأَغْنِيَاءُ وَٱلْفُقَرَاءُ عَلَى ٱلسَّوَاءِ هُمْ نَاقِصُونَ وَلِكِلَيْهِمَا ٱلْمَصِيرُ عَيْنُهُ. ذَكَرَ مُوسَى: «أَيَّامُ سِنِينَا سَبْعُونَ سَنَةً، وَإِنْ كَانَتْ مَعَ ٱلْقُوَّةِ ثَمَانِينَ سَنَةً، فَهِيَ مَلْآنَةٌ شَقَاءً وَأَذًى، لِأَنَّهَا تَمُرُّ سَرِيعًا فَنَطِيرُ». (مزمور ٩٠:١٠؛ ايوب ١٤:١، ٢؛ ١ بطرس ١:٢٤) لِذلِكَ غَالِبًا مَا يَتَبَنَّى ٱلَّذِينَ لَيْسَتْ لَدَيْهِمْ عَلَاقَةٌ جَيِّدَةٌ بِٱللّٰهِ ٱلْمَوْقِفَ ٱلَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ بِٱلْكَلِمَاتِ ٱلتَّالِيَةِ: «فَلْنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ، لِأَنَّنَا غَدًا نَمُوتُ». (١ كورنثوس ١٥:٣٢) أَمَّا آخَرُونَ فَيَرَوْنَ كَمِ ٱلْحَيَاةُ قَصِيرَةٌ وَمُتَقَلِّبَةٌ، لِذلِكَ يَسْعَوْنَ إِلَى إِيجَادِ ٱلْأَمَانِ وَٱلِٱسْتِقْرَارِ مِنْ خِلَالِ ٱلْمُمْتَلَكَاتِ ٱلْمَادِّيَّةِ. فَرُبَّمَا يَزِيدُ ٱمْتِلَاكُ ٱلْكَثِيرِ مِنَ ٱلْأُمُورِ ٱلْمَادِّيَّةِ مِنْ شُعُورِهِمْ بِٱلْأَمَانِ. لِذَا يَكْدَحُونَ لَيْلَ نَهَارَ لِتَكْدِيسِ ٱلثَّرَوَاتِ وَٱلْمُمْتَلَكَاتِ، إِذْ يَعْتَبِرُونَ أَنَّ هذِهِ ٱلْأُمُورَ تَمْنَحُهُمْ شُعُورًا بِٱلْأَمَانِ وَٱلسَّعَادَةِ. — مزمور ٤٩:٦، ١١، ١٢.
مُسْتَقْبَلٌ مَضْمُونٌ
١٦ أَيُّ أَمْرٍ لَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ حَقِيقِيَّةٌ فِي ٱلْحَيَاةِ؟
١٦ لَا شَكَّ أَنَّ عَيْشَ ٱلْمَرْءِ حَيَاةً مُتْرَفَةً — أَيِ ٱمْتِلَاكَهُ وَفْرَةً مِنَ ٱلطَّعَامِ وَٱللِّبَاسِ وَٱلْمَأْوَى وَغَيْرِهَا مِنْ وَسِائِلِ ٱلرَّاحَةِ — يُسَاهِمُ فِي جَعْلِ حَيَاتِهِ مُرِيحَةً أَكْثَرَ أَوْ حَتَّى يُتِيحُ لَهُ ٱلْحُصُولَ عَلَى عِنَايَةٍ طِبِّيَّةٍ أَفْضَلَ. وَهذَا مَا يَزِيدُ عِدَّةَ سَنَوَاتٍ عَلَى عُمْرِهِ. وَلكِنْ هَلْ حَيَاةٌ كَهذِهِ هِيَ ذَاتُ مَعْنًى أَوْ تَمْنَحُ شُعُورًا بِٱلْأَمْنِ؟ فِي ٱلْوَاقِعِ، إِنَّ مَا لَهُ قِيمَةٌ حَقِيقِيَّةٌ فِي ٱلْحَيَاةِ لَيْسَ عَدَدَ ٱلسَّنَوَاتِ ٱلَّتِي يَعِيشُهَا ٱلْمَرْءُ أَوْ كَمِّيَّةَ ٱلْأُمُورِ ٱلْمَادِّيَّةِ ٱلَّتِي يَمْتَلِكُهَا وَيَسْتَخْدِمُهَا. فَقَدْ حَذَّرَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ مِنْ خَطَرِ ٱلثِّقَةِ أَكْثَرَ مِنَ ٱللَّازِمِ بِأُمُورٍ كَهذِهِ. كَتَبَ إِلَى تِيمُوثَاوُسَ قَائِلًا: «أَوْصِ ٱلْأَغْنِيَاءَ فِي نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلْحَاضِرِ أَلَّا يَكُونُوا مُتَشَامِخِي ٱلْفِكْرِ، وَلَا يُلْقُوا رَجَاءَهُمْ عَلَى ٱلْغِنَى غَيْرِ ٱلثَّابِتِ، بَلْ عَلَى ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يُزَوِّدُنَا كُلَّ شَيْءٍ بِغِنًى لِمُتْعَتِنَا». — ١ تيموثاوس ٦:١٧.
١٧، ١٨ (أ) أَيُّ مِثَالَيْنِ بَارِزَيْنِ فِي مَا يَخُصُّ ٱلْمُمْتَلَكَاتِ ٱلْمَادِّيَّةَ هُمَا جَدِيرَانِ بِٱلِٱقْتِدَاءِ؟ (ب) أَيُّ مَثَلٍ قَدَّمَهُ يَسُوعُ سَنُنَاقِشُهُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ؟
١٧ إِنَّ إِلْقَاءَ ٱلْمَرْءِ رَجَاءَهُ عَلَى ٱلْغِنَى لَيْسَ بِٱلْمَسْلَكِ ٱلْحَكِيمِ لِأَنَّ ٱلْغِنَى ‹غَيْرُ ثَابِتٍ›. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، رَغْمَ أَنَّ ٱلْأَبَ ٱلْجَلِيلَ أَيُّوبَ كَانَ وَاسِعَ ٱلثَّرَاءِ، فَغِنَاهُ لَمْ يُفِدْهُ بِشَيْءٍ عِنْدَمَا نَزَلَتْ بِهِ ٱلْكَارِثَةُ فَجْأَةً لِأَنَّهُ خَسِرَهُ بَيْنَ لَيْلَةٍ وَضُحَاهَا. بِٱلْأَحْرَى، فَإِنَّ عَلَاقَتَهُ ٱلْمَتِينَةَ بِٱللّٰهِ هِيَ مَا حَفِظَهُ عَبْرَ كُلِّ ٱلْمِحَنِ وَٱلضِّيقَاتِ. (ايوب ١:١، ٣، ٢٠-٢٢) هُنَالِكَ أَيْضًا مِثَالُ إِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي لَمْ يَسْمَحْ لِمُمْتَلَكَاتِهِ ٱلْمَادِّيَّةِ ٱلْكَثِيرَةِ أَنْ تَمْنَعَهُ مِنْ قُبُولِ تَعْيِينٍ صَعْبٍ مِنْ يَهْوَه. لِذلِكَ بَارَكَهُ يَهْوَه، فَصَارَ «أَبًا لِجُمْهُورٍ مِنَ ٱلْأُمَمِ». (تكوين ١٢:١، ٤؛ ١٧:٤-٦) إِنَّ أَيُّوبَ وَإِبْرَاهِيمَ وَغَيْرَهُمَا مِنَ ٱلْأَشْخَاصِ ٱلْأُمَنَاءِ هُمْ أَمْثِلَةٌ جَدِيرَةٌ بِٱلِٱقْتِدَاءِ. وَسَوَاءٌ كُنَّا صِغَارًا أَوْ كِبَارًا، يَلْزَمُ أَنْ نَفْحَصَ أَنْفُسَنَا لِنَرَى مَا هُوَ فِعْلًا أَهَمُّ شَيْءٍ فِي حَيَاتِنَا وَعَلَامَ نُلْقِي رَجَاءَنَا. — افسس ٥:١٠؛ فيلبي ١:١٠.
١٨ حَقًّا، إِنَّ كَلِمَاتِ يَسُوعَ ٱلْوَجِيزَةَ عَنِ ٱلطَّمَعِ وَٱلنَّظْرَةِ ٱلصَّائِبَةِ إِلَى ٱلْحَيَاةِ مُهِمَّةٌ وَتَعْلِيمِيَّةٌ. لكِنَّ يَسُوعَ كَانَ يُفَكِّرُ فِي أَمْرٍ آخَرَ. لِذلِكَ تَابَعَ حَدِيثَهُ وَأَعْطَى مَثَلًا يَحُثُّ عَلَى ٱلتَّفْكِيرِ عَنْ إِنْسَانٍ غَنِيٍّ عَدِيمِ ٱلتَّعَقُّلِ. فَكَيْفَ يَنْطَبِقُ هذَا ٱلْمَثَلُ عَلَى حَيَاتِنَا ٱلْيَوْمَ؟ وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْهُ؟ سَتُجِيبُ ٱلْمَقَالَةُ ٱلتَّالِيَةُ عَنْ هذَيْنِ ٱلسُّؤَالَيْنِ.
[الحاشية]
a هُنَالِكَ كَلِمَةٌ يُونَانِيَّةٌ أُخْرَى تُتَرْجَمُ إِلَى «حَيَاةٌ» وَهِيَ بِيُوس، ٱلَّتِي مِنْهَا تَأْتِي كَلِمَاتٌ مِثْلُ «بِيُوغْرَافْيَا» وَ «بِيُولُوجْيَا». فَٱسْتِنَادًا إِلَى قَامُوسُ ڤَايْنَ ٱلتَّفْسِيرِيُّ لِكَلِمَاتِ ٱلْعَهْدَيْنِ ٱلْقَدِيمِ وَٱلْجَدِيدِ (بالانكليزية) تُشِيرُ بِيُوس إِلَى «فَتْرَةِ أَوْ مَدَى ٱلْحَيَاةِ»، «طَرِيقَةِ ٱلْحَيَاةِ»، وَ «سُبُلِ ٱلْحَيَاةِ».
-
-
هل انت ‹غني للّٰه›؟برج المراقبة ٢٠٠٧ | ١ آب (اغسطس)
-
-
هَلْ أَنْتَ ‹غَنِيٌّ للّٰهِ›؟
«هٰذَا شَأْنُ مَنْ يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيًّا للّٰهِ». — لوقا ١٢:٢١.
١، ٢ (أ) فِي سَبِيلِ مَاذَا يَقُومُ ٱلنَّاسُ بِتَضْحِيَاتٍ كَبِيرَةٍ؟ (ب) أَيُّ أَمْرٍ صَعْبٍ وَيَنْطَوِي عَلَى مَخَاطِرَ لَا بُدَّ أَنْ يَقُومَ بِهِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ؟
عَلَى مَرِّ ٱلْعُصُورِ، بَذَلَ ٱلنَّاسُ فِي مُجْتَمَعَاتٍ كَثِيرَةٍ جُهُودًا حَثِيثَةً فِي سَعْيِهِمْ وَرَاءَ ٱلْغِنَى ٱلْمَادِّيِّ. مَثَلًا، فِي ٱلْقَرْنِ ٱلتَّاسِعَ عَشَرَ، تَهَافَتَ ٱلنَّاسُ عَلَى ٱلذَّهَبِ فِي أُوسْتْرَالْيَا، جَنُوبِ إِفْرِيقْيَا، كَنَدَا، وَٱلْوِلَايَاتِ ٱلْمُتَّحِدَةِ. فَقَدْ تَقَاطَرُوا مِنْ أَمَاكِنَ بَعِيدَةٍ وَكَانُوا مُسْتَعِدِّينَ لِتَرْكِ مَوْطِنِهِمْ وَأَحِبَّائِهِمْ بُغْيَةَ ٱلْبَحْثِ عَنِ ٱلثَّرَوَاتِ فِي بُلْدَانٍ غَرِيبَةٍ وَأَحْيَانًا فِي ظِلِّ ظُرُوفٍ بِيئِيَّةٍ صَعْبَةٍ. نَعَمْ، كَثِيرُونَ هُمُ ٱلْأَشْخَاصُ ٱلْمُسْتَعِدُّونَ لِلْمُخَاطَرَةِ وَٱلْقِيَامِ بِتَضْحِيَاتٍ كَبِيرَةٍ فِي سَبِيلِ كَسْبِ ٱلثَّرْوَةِ ٱلَّتِي يَتَمَنَّوْنَهَا.
٢ رَغْمَ أَنَّ مُعْظَمَ ٱلنَّاسِ ٱلْيَوْمَ لَا يَسْعَوْنَ وَرَاءَ ٱلْكُنُوزِ، إِلَّا أَنَّهُمْ مُضْطَرُّونَ إِلَى ٱلْعَمَلِ بِكَدٍّ لِيُحَصِّلُوا مَعِيشَتَهُمْ. وَهذَا أَمْرٌ صَعْبٌ، لَا بَلْ شَاقٌّ فِي نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلْحَاضِرِ هذَا. لِذلِكَ مِنَ ٱلسَّهْلِ أَنْ يَنْشَغِلَ ٱلْمَرْءُ كَثِيرًا بِتَأْمِينِ ٱلْمَأْكَلِ وَٱلْمَلْبَسِ وَٱلْمَأْوَى بِحَيْثُ يُهْمِلُ، أَوْ حَتَّى يَنْسَى، ٱلْأُمُورَ ٱلْأَكْثَرَ أَهَمِّيَّةً. (روما ١٤:١٧) وَقَدْ أَحْسَنَ يَسُوعُ وَصْفَ هذِهِ ٱلطَّبِيعَةِ ٱلْبَشَرِيَّةِ فِي ٱلْمَثَلِ ٱلَّذِي أَعْطَاهُ فِي لُوقَا ١٢:١٦-٢١.
٣ مَا فَحْوَى ٱلْمَثَلِ ٱلَّذِي قَدَّمَهُ يَسُوعُ فِي لُوقَا ١٢:١٦-٢١؟
٣ كَمَا نَاقَشْنَا بِٱلتَّفْصِيلِ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلسَّابِقَةِ، تَحَدَّثَ يَسُوعُ عَنْ ضَرُورَةِ ٱلِٱحْتِرَاسِ مِنَ ٱلطَّمَعِ. بَعْدَئِذٍ، أَعْطَى مَثَلًا عَنْ إِنْسَانٍ غَنِيٍّ لَمْ يَكُنْ قَانِعًا بِمَخَازِنِهِ ٱلْمَلْآنَةِ بِٱلْخَيْرَاتِ، فَهَدَمَهَا وَبَنَى أَكْبَرَ مِنْهَا لِيَدَّخِرَ خَيْرَاتٍ أَكْثَرَ. وَلكِنْ حِينَ ظَنَّ أَنَّهُ سَيَرْتَاحُ وَيَعِيشُ حَيَاةً هَانِئَةً، قَالَ لَهُ ٱللّٰهُ إِنَّهُ سَيَخْسَرُ حَيَاتَهُ وَإِنَّ كُلَّ ٱلْخَيْرَاتِ ٱلَّتِي ٱدَّخَرَهَا سَيَأْخُذُهَا شَخْصٌ آخَرُ. ثُمَّ ٱخْتَتَمَ يَسُوعُ قَائِلًا: «هٰذَا شَأْنُ مَنْ يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيًّا للّٰهِ». (لوقا ١٢:٢١) فَأَيُّ دَرْسٍ نَتَعَلَّمُهُ مِنْ هذَا ٱلْمَثَلِ؟ وَكَيْفَ نَضَعُ هذَا ٱلدَّرْسَ مَوْضِعَ ٱلْعَمَلِ؟
رَجُلٌ وَاجَهَ مُشْكِلَةً
٤ مَاذَا نَسْتَنْتِجُ عَنِ ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِي تَحَدَّثَ عَنْهُ يَسُوعُ فِي مَثَلِهِ؟
٤ كَثِيرُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ فِي بُلْدَانٍ عَدِيدَةٍ يَعْرِفُونَ ٱلْمَثَلَ ٱلْمَذْكُورَ آنِفًا. وَلكِنْ لِنُنَاقِشْ فِي مَا يَلِي هذَا ٱلْمَثَلَ بِٱلتَّفْصِيلِ. لَاحِظْ أَنَّ يَسُوعَ ٱسْتَهَلَّ ٱلرِّوَايَةَ بِٱلْقَوْلِ: «إِنْسَانٌ غَنِيٌّ أَنْتَجَتْ أَرْضُهُ بِوَفْرَةٍ». فَهُوَ لَمْ يَقُلْ إِنَّ ٱلرَّجُلَ صَارَ غَنِيًّا بِٱلِٱحْتِيَالِ أَوِ ٱلْوَسَائِلِ غَيْرِ ٱلْمَشْرُوعَةِ. بِكَلِمَاتٍ أُخْرَى، لَمْ يَكُنْ هذَا ٱلرَّجُلُ شِرِّيرًا. وَفِي ٱلْوَاقِعِ، مِنَ ٱلْمَنْطِقِيِّ ٱلِٱسْتِنْتَاجُ مِمَّا قَالَهُ يَسُوعُ فِي ٱلْمَثَلِ أَنَّهُ كَانَ يَعْمَلُ بِكَدٍّ. فَقَدْ خَطَّطَ وَٱدَّخَرَ لِلْمُسْتَقْبَلِ، رُبَّمَا لِأَنَّهُ يُفَكِّرُ فِي خَيْرِ عَائِلَتِهِ. وَهكَذَا، مِنْ وُجْهَةِ نَظَرٍ بَشَرِيَّةٍ، كَانَ هذَا ٱلرَّجُلُ مُجْتَهِدًا يَحْمِلُ مَسْؤُولِيَّاتِهِ مَحْمَلَ ٱلْجِدِّ.
٥ أَيَّةُ مُشْكِلَةٍ وَاجَهَهَا ٱلرَّجُلُ فِي مَثَلِ يَسُوعَ؟
٥ عَلَى أَيَّةِ حَالٍ، وَصَفَ يَسُوعُ ٱلرَّجُلَ فِي مَثَلِهِ أَنَّهُ إِنْسَانٌ غَنِيٌّ، مِمَّا يَعْنِي أَنَّهُ كَانَتْ لَدَيْهِ وَفْرَةٌ مِنَ ٱلْمُمْتَلَكَاتِ ٱلْمَادِّيَّةِ. إِلَّا أَنَّ هذَا ٱلرَّجُلَ ٱلْغَنِيَّ وَاجَهَ مُشْكِلَةً. فَقَدْ أَنْتَجَتْ أَرْضُهُ غِلَالًا تَفُوقُ تَوَقُّعَهُ وَحَاجَتَهُ، غِلَالًا لَمْ يَكُنْ بِٱسْتِطَاعَتِهِ خَزْنُهَا كُلِّهَا. فَمَاذَا كَانَ يَجِبُ أَنْ يَفْعَلَ؟
٦ أَيَّةُ قَرَارَاتٍ يُوَاجِهُهَا كَثِيرُونَ مِنْ خُدَّامِ ٱللّٰهِ ٱلْيَوْمَ؟
٦ اَلْيَوْمَ أَيْضًا، يَمُرُّ كَثِيرُونَ مِنْ خُدَّامِ يَهْوَه بِحَالَةٍ مُمَاثِلَةٍ لِحَالَةِ ٱلْإِنْسَانِ ٱلْغَنِيِّ. فَٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ يَسْعَوْنَ أَنْ يَكُونُوا نُزَهَاءَ وَمُجْتَهِدِينَ وَذَوِي ضَمِيرٍ حَيٍّ. (كولوسي ٣:٢٢، ٢٣) لِذلِكَ غَالِبًا مَا يَنْجَحُونَ، أَوْ حَتَّى يَبْرَعُونَ، فِي عَمَلِهِمْ سَوَاءٌ كَانُوا مُسْتَخْدَمِينَ أَوْ يَعْمَلُونَ لِحِسَابِهِمِ ٱلْخَاصِّ. فَتُعْرَضُ عَلَيْهِمِ ٱلتَّرْقِيَاتُ أَوْ فُرَصُ عَمَلٍ جَدِيدَةٌ. إِذَّاكَ، يَتَوَجَّبُ عَلَيْهِمِ ٱتِّخَاذُ قَرَارٍ. فَهَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَقْبَلُوا ٱلتَّرْقِيَةَ لِيَجْنُوا مَبْلَغًا أَكْبَرَ مِنَ ٱلْمَالِ؟ عَلَى نَحْوٍ مُمَاثِلٍ، يَتَفَوَّقُ كَثِيرُونَ مِنَ ٱلشُّهُودِ ٱلْأَحْدَاثِ فِي ٱلْمَدْرَسَةِ. لِذَا قَدْ تُعْرَضُ عَلَيْهِمِ ٱلْمِنَحُ ٱلدِّرَاسِيَّةُ لِتَحْصِيلِ ٱلتَّعْلِيمِ ٱلْعَالِي فِي مُؤَسَّسَاتٍ مُحْتَرَمَةٍ. فَهَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُجَارُوا ٱلْآخَرِينَ وَيَقْبَلُوا هذَا ٱلْعَرْضَ؟
٧ كَيْفَ حَلَّ ٱلرَّجُلُ فِي مَثَلِ يَسُوعَ ٱلْمُشْكِلَةَ ٱلَّتِي وَاجَهَتْهُ؟
٧ لِنَعُدْ إِلَى مَثَلِ يَسُوعَ عَنِ ٱلْإِنْسَانِ ٱلْغَنِيِّ. مَاذَا فَعَلَ عِنْدَمَا أَنْتَجَتْ أَرْضُهُ بِوَفْرَةٍ بِحَيْثُ لَمْ يَعُدْ لَدَيْهِ مَوْضِعٌ يَجْمَعُ فِيهِ مَحَاصِيلَهُ؟ قَرَّرَ أَنْ يَهْدِمَ مَخَازِنَهُ وَيَبْنِيَ أَكْبَرَ مِنْهَا لِيَجْمَعَ كُلَّ ٱلْفَائِضِ مِنَ ٱلْحُبُوبِ وَٱلْخَيْرَاتِ. وَعَلَى مَا يَبْدُو، مَنَحَتْهُ هذِهِ ٱلْخُطَّةُ شُعُورًا بِٱلْأَمْنِ وَٱلِٱكْتِفَاءِ حَتَّى إِنَّهُ قَالَ لِنَفْسِهِ: «يَا نَفْسُ، لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ مُذَّخَرَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. فَٱسْتَرِيحِي وَكُلِي وَٱشْرَبِي وَتَمَتَّعِي». — لوقا ١٢:١٩.
لِمَاذَا كَانَ «عَدِيمَ ٱلتَّعَقُّلِ»؟
٨ أَيُّ عُنْصُرٍ مُهِمٍّ لَمْ يَأْخُذْهُ فِي ٱلْحُسْبَانِ ٱلرَّجُلُ فِي مَثَلِ يَسُوعَ؟
٨ كَمَا أَوْضَحَ يَسُوعُ فِي مَثَلِهِ، إِنَّ خُطَّةَ ٱلْإِنْسَانِ ٱلْغَنِيِّ لَمْ تَمْنَحْهُ سِوَى شُعُورٍ زَائِفٍ بِٱلْأَمْنِ. فَمَعَ أَنَّهَا بَدَتْ عَمَلِيَّةً، لكِنَّهَا لَمْ تَأْخُذْ فِي ٱلْحُسْبَانِ عُنْصُرًا مُهِمًّا: مَشِيئَةَ ٱللّٰهِ. فَهذَا ٱلرَّجُلُ لَمْ يُفَكِّرْ إِلَّا فِي نَفْسِهِ، كَيْفَ يَسْتَرِيحُ وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَتَمَتَّعُ. وَقَدْ ظَنَّ أَنَّ حِيَازَتَهُ «خَيْرَاتٍ كَثِيرَةً» سَتَجْعَلُهُ يَعِيشُ «سِنِينَ كَثِيرَةً». وَلكِنْ مِنَ ٱلْمُؤْسِفِ أَنَّ ٱلْأُمُورَ لَمْ تَجْرِ كَمَا تَمَنَّى. فَكَمَا سَبَقَ يَسُوعُ فَقَالَ: «مَتَى كَانَ لِأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ مُمْتَلَكَاتِهِ». (لوقا ١٢:١٥) فَفِي تِلْكَ ٱللَّيْلَةِ عَيْنِهَا، ٱنْتَهَى فَجْأَةً كُلُّ مَا عَمِلَ ٱلرَّجُلُ مِنْ أَجْلِهِ، إِذْ إِنَّ ٱللّٰهَ قَالَ لَهُ: «يَا عَدِيمَ ٱلتَّعَقُّلِ، هٰذِهِ ٱللَّيْلَةَ يَطْلُبُونَ نَفْسَكَ مِنْكَ. فَلِمَنْ تَكُونُ هٰذِهِ ٱلَّتِي ٱدَّخَرْتَهَا؟». — لوقا ١٢:٢٠.
٩ لِمَاذَا دُعِيَ ٱلرَّجُلُ فِي ٱلْمَثَلِ عَدِيمَ ٱلتَّعَقُّلِ؟
٩ نَصِلُ ٱلْآنَ إِلَى نُقْطَةٍ حَاسِمَةٍ فِي مَثَلِ يَسُوعَ. فَٱللّٰهُ دَعَا ٱلرَّجُلَ عَدِيمَ ٱلتَّعَقُّلِ. وَيُوضِحُ ٱلْقَامُوسُ ٱلتَّفْسِيرِيُّ لِلْعَهْدِ ٱلْجَدِيدِ (بالانكليزية) أَنَّ صِيَغَ ٱلْكَلِمَةِ ٱلْيُونَانِيَّةِ ٱلْمُسْتَخْدَمَةِ هُنَا «تُشِيرُ دَائِمًا إِلَى نَقْصٍ فِي ٱلْفَهْمِ». وَيَذْكُرُ ٱلْمَرْجِعُ أَنَّ ٱللّٰهَ ٱسْتَخْدَمَ هذِهِ ٱلْكَلِمَةَ، كَمَا جَاءَ فِي ٱلْمَثَلِ، لِيُظْهِرَ «عَدَمَ جَدْوَى خُطَطِ ٱلْغَنِيِّ ٱلْمُسْتَقْبَلِيَّةِ». لِذلِكَ فَإِنَّ ٱلْكَلِمَةَ لَا تُشِيرُ إِلَى شَخْصٍ عَدِيمِ ٱلذَّكَاءِ، بَلْ إِلَى «شَخْصٍ يَرْفُضُ ٱلِٱعْتِرَافَ أَنَّ عَلَيْهِ ٱلِٱتِّكَالَ عَلَى ٱللّٰهِ». وَوَصْفُ يَسُوعَ لِلْإِنْسَانِ ٱلْغَنِيِّ يُذَكِّرُنَا بِمَا قَالَهُ لَاحِقًا لِمَسِيحِيِّي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ فِي جَمَاعَةِ لَاوُدِكِيَّةَ بِآسِيَا ٱلصُّغْرَى: «تَقُولُ: ‹أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ ٱغْتَنَيْتُ وَلَا أَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا›، وَلٰكِنَّكَ لَا تَعْلَمُ أَنَّكَ بَائِسٌ وَمُثِيرٌ لِلشَّفَقَةِ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ». — رؤيا ٣:١٧.
١٠ لِمَاذَا ٱمْتِلَاكُ «خَيْرَاتٍ كَثِيرَةٍ» لَا يَضْمَنُ ٱلْعَيْشَ «سِنِينَ كَثِيرَةً»؟
١٠ يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نُفَكِّرَ مَلِيًّا فِي ٱلدَّرْسِ ٱلَّذِي نَتَعَلَّمُهُ مِنْ مَثَلِ يَسُوعَ. فَهَلْ نَعْمَلُ بِكَدٍّ كَذَاكَ ٱلرَّجُلِ لِكَيْ نَمْتَلِكَ «خَيْرَاتٍ كَثِيرَةً» فِي حِينِ أَنَّنَا نُهْمِلُ ٱلْقِيَامَ بِمَا هُوَ ضَرُورِيٌّ لِلْعَيْشِ «سِنِينَ كَثِيرَةً»؟ (يوحنا ٣:١٦؛ ١٧:٣) يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ: «لَا تَنْفَعُ ٱلنَّفَائِسُ فِي يَوْمِ ٱلسُّخْطِ» وَ «مَنْ يَتَّكِلُ عَلَى غِنَاهُ يَسْقُطُ». (امثال ١١:٤، ٢٨) لِذلِكَ أَضَافَ يَسُوعُ إِلَى مَثَلِهِ هذَا ٱلْحَضَّ ٱلْخِتَامِيَّ: «هٰذَا شَأْنُ مَنْ يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيًّا للّٰهِ». — لوقا ١٢:٢١.
١١ لِمَاذَا لَا طَائِلَ مِنْ أَنْ يَبْنِيَ ٱلْمَرْءُ حَيَاتَهُ عَلَى أَسَاسِ ٱلْمُمْتَلَكَاتِ ٱلْمَادِّيَّةِ؟
١١ عِنْدَمَا قَالَ يَسُوعُ «هٰذَا شَأْنُ»، كَانَ يَقْصِدُ أَنَّ مَا حَدَثَ لِلْإِنْسَانِ ٱلْغَنِيِّ فِي ٱلْمَثَلِ سَيَحْدُثُ أَيْضًا لِلَّذِينَ يَبْنُونَ حَيَاتَهُمْ عَلَى أَسَاسِ ٱلْمُمْتَلَكَاتِ ٱلْمَادِّيَّةِ فَقَطْ، أَيْ أَنَّهُمْ يُعَلِّقُونَ أَمَلَهُمْ عَلَيْهَا وَيَظُنُّونَ أَنَّهَا تَمْنَحُهُمْ شُعُورًا بِٱلْأَمْنِ. فَٱلْخَطَأُ لَيْسَ فِي أَنْ ‹يَكْنِزَ ٱلْمَرْءُ لِنَفْسِهِ›، بَلْ فِي أَلَّا يَكُونَ «غَنِيًّا للّٰهِ». وَقَدْ قَدَّمَ ٱلتِّلْمِيذُ يَعْقُوبُ تَحْذِيرًا مُمَاثِلًا حِينَ كَتَبَ: «هَلُمَّ ٱلْآنَ، أَيُّهَا ٱلْقَائِلُونَ: ‹اَلْيَوْمَ أَوْ غَدًا نُسَافِرُ إِلَى هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةِ وَنَقْضِي هُنَاكَ سَنَةً، فَنُتَاجِرُ وَنُحَقِّقُ أَرْبَاحًا›، فِي حِينِ أَنَّكُمْ لَا تَعْرِفُونَ مَا تَكُونُ حَيَاتُكُمْ غَدًا». وَمَاذَا يَجِبُ أَنْ يَفْعَلُوا؟ يُتَابِعُ يَعْقُوبُ: «عِوَضَ ذٰلِكَ، يَنْبَغِي أَنْ تَقُولُوا: ‹إِنْ شَاءَ يَهْوَهُ، نَعِيشُ وَنَفْعَلُ هٰذَا أَوْ ذَاكَ›». (يعقوب ٤:١٣-١٥) فَمَهْمَا كَانَ ٱلشَّخْصُ غَنِيًّا أَوْ مَهْمَا كَانَ لَدَيْهِ مِنْ مُمْتَلَكَاتٍ، فَلَا طَائِلَ مِنْ كُلِّ ذلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ غَنِيًّا للّٰهِ. وَلكِنْ مَاذَا يَعْنِي أَنْ يَكُونَ ٱلْمَرْءُ غَنِيًّا للّٰهِ؟
مَاذَا يَعْنِي أَنْ نَكُونَ أَغْنِيَاءَ للّٰهِ؟
١٢ مَاذَا يَجْعَلُنَا أَغْنِيَاءَ للّٰهِ؟
١٢ فِي ٱلْعِبَارَةِ ٱلَّتِي قَالَهَا يَسُوعُ، يَتَنَاقَضُ كَوْنُ ٱلْمَرْءِ غَنِيًّا للّٰهِ مَعَ ٱدِّخَارِ ٱلْكُنُوزِ، أَيِ ٱلِٱغْتِنَاءِ مَادِّيًّا. فَيَسُوعُ كَانَ يَقُولُ إِنَّ ٱهْتِمَامَنَا ٱلرَّئِيسِيَّ فِي ٱلْحَيَاةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَكْدِيسَ ٱلثَّرَوَاتِ ٱلْمَادِّيَّةِ أَوِ ٱلتَّنَعُّمَ بِمَا نَمْلِكُهُ. بَلْ يَجِبُ أَنْ نَسْتَخْدِمَ مَوَارِدَنَا لِتَمْتِينِ عَلَاقَتِنَا بِيَهْوَه. وَلَا شَكَّ أَنَّ ذلِكَ سَيَجْعَلُنَا أَغْنِيَاءَ للّٰهِ. لِمَاذَا؟ لِأَنَّهُ يُتِيحُ لَنَا نَيْلَ بَرَكَاتٍ كَثِيرَةٍ. فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يَقُولُ: «بَرَكَةُ يَهْوَهَ هِيَ تُغْنِي، وَهُوَ لَا يَزِيدُ مَعَهَا عَنَاءً». — امثال ١٠:٢٢.
١٣ مَاذَا يَعْنِي أَنَّ بَرَكَةَ يَهْوَه هِيَ «تُغْنِي»؟
١٣ عِنْدَمَا يُغْدِقُ يَهْوَه ٱلْبَرَكَاتِ عَلَى شَعْبِهِ، يُعْطِيهِمْ دَائِمًا ٱلْأَفْضَلَ. (يعقوب ١:١٧) مَثَلًا، كَانَتِ ٱلْأَرْضُ ٱلَّتِي أَعْطَاهَا يَهْوَه لِلْإِسْرَائِيلِيِّينَ ‹أَرْضًا تَفِيضُ حَلِيبًا وَعَسَلًا›. وَرَغْمَ أَنَّ أَرْضَ مِصْرَ وُصِفَتْ بِٱلطَّرِيقَةِ نَفْسِهَا، إِلَّا أَنَّ ٱلْأَرْضَ ٱلَّتِي أَعْطَاهَا يَهْوَه لِلْإِسْرَائِيلِيِّينَ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً مِنْ نَاحِيَةٍ مُهِمَّةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى ٱلْأَقَلِّ. فَقَدْ كَانَتْ ‹أَرْضًا يَعْتَنِي بِهَا يَهْوَهُ إِلٰهُكَ›، كَمَا قَالَ لَهُمْ مُوسَى. بِكَلِمَاتٍ أُخْرَى، كَانَ سَبَبُ ٱلِٱزْدِهَارِ ٱهْتِمَامَ يَهْوَه بِهِمْ. فَكَانُوا سَيُبَارَكُونَ بِسَخَاءٍ وَسَيَتَمَتَّعُونَ بِحَيَاةٍ أَفْضَلَ مِنْ حَيَاةِ كُلِّ ٱلْأُمَمِ حَوْلَهُمْ مَا دَامُوا أُمَنَاءَ لِيَهْوَه. نَعَمْ، إِنَّ بَرَكَةَ يَهْوَه هِيَ «تُغْنِي». — عدد ١٦:١٣؛ تثنية ٤:٥-٨؛ ١١:٨-١٥.
١٤ مَاذَا يَنَالُ ٱلْأَغْنِيَاءُ للّٰهِ؟
١٤ تَنْقُلُ بَعْضُ ٱلتَّرْجَمَاتِ عِبَارَةَ ‹غَنِيٌّ للّٰهِ› إِلَى ‹غَنِيٌّ فِي نَظَرِ ٱللّٰهِ› وَ ‹غَنِيٌّ عِنْدَ ٱللّٰهِ›. فَٱلْأَغْنِيَاءُ مَادِّيًّا يَهْتَمُّونَ عُمُومًا بِنَظْرَةِ ٱلْآخَرِينَ إِلَيْهِمْ. وَغَالِبًا مَا يَنْعَكِسُ ذلِكَ فِي طَرِيقَةِ حَيَاتِهِمْ. فَهُمْ يُرِيدُونَ نَيْلَ إِعْجَابِ ٱلنَّاسِ بِمَا يَدْعُوهُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ «ٱلتَّبَاهِيَ بِٱلْمَعِيشَةِ». (١ يوحنا ٢:١٦) أَمَّا ٱلْأَغْنِيَاءُ للّٰهِ فَيَنَالُونَ رِضَاهُ وَٱسْتِحْسَانَهُ وَنِعْمَتَهُ وَيَتَمَتَّعُونَ بَعَلَاقَةٍ شَخْصِيَّةٍ لَصِيقَةٍ بِهِ. وَهذَا مَا يَمْنَحُهُمْ حَتْمًا ٱلشُّعُورَ بِٱلسَّعَادَةِ وَٱلْأَمْنِ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ غِنًى مَادِّيٍّ. (اشعيا ٤٠:١١) وَلكِنْ يَبْقَى سُؤَالٌ وَاحِدٌ: مَاذَا يَجِبُ أَنْ نَفْعَلَ لِنَكُونَ أَغْنِيَاءَ فِي نَظَرِ ٱللّٰهِ؟
أَغْنِيَاءُ فِي نَظَرِ ٱللّٰهِ
١٥ مَاذَا يَجِبُ أَنْ نَفْعَلَ لِنَكُونَ أَغْنِيَاءَ للّٰهِ؟
١٥ لَقَدْ دُعِيَ ٱلرَّجُلُ فِي مَثَلِ يَسُوعَ عَدِيمَ ٱلتَّعَقُّلِ لِأَنَّهُ خَطَّطَ وَعَمِلَ بِكَدٍّ لِيَغْتَنِيَ مِنَ ٱلنَّاحِيَةِ ٱلْمَادِّيَّةِ فَقَطْ. وَلكِنْ لِكَيْ نَكُونَ أَغْنِيَاءَ للّٰهِ، يَجِبُ أَنْ نَعْمَلَ بِكَدٍّ وَنُشَارِكَ كَامِلًا فِي ٱلنَّشَاطَاتِ ٱلَّتِي لَهَا قِيمَةٌ وَفَائِدَةٌ فِعْلِيَّةٌ فِي نَظَرِ ٱللّٰهِ. وَأَحَدُ هذِهِ ٱلنَّشَاطَاتِ أَوْصَى بِهِ يَسُوعُ حِينَ قَالَ: «اِذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا أُنَاسًا مِنْ جَمِيعِ ٱلْأُمَمِ». (متى ٢٨:١٩) وَٱسْتِخْدَامُ وَقْتِنَا وَطَاقَتِنَا وَمَوَاهِبِنَا لِلِٱشْتِرَاكِ فِي عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ بِٱلْمَلَكُوتِ وَٱلتَّلْمَذَةِ، وَلَيْسَ لِتَحْسِينِ وَضْعِنَا فِي ٱلْحَيَاةِ، هُوَ أَشْبَهُ بِٱسْتِثْمَارِ ٱلْأَمْوَالِ. فَٱلَّذِينَ يَفْعَلُونَ ذلِكَ يَغْتَنُونَ رُوحِيًّا كَمَا يُظْهِرُ ٱلِٱخْتِبَارَانِ ٱلتَّالِيَانِ. — امثال ١٩:١٧.
١٦، ١٧ أَيُّ ٱخْتِبَارَيْنِ يُظْهِرَانِ مَا هِيَ طَرِيقَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلَّتِي تَجْعَلُ ٱلشَّخْصَ غَنِيًّا فِي نَظَرِ ٱللّٰهِ؟
١٦ لِنَتَأَمَّلْ فِي ٱخْتِبَارِ أَخٍ مَسِيحِيٍّ فِي أَحَدِ بُلْدَانِ ٱلْمَشْرِقِ. كَانَ هذَا ٱلْأَخُ يَعْمَلُ كَخَبِيرٍ تِقْنِيٍّ فِي مَجَالِ ٱلْكُمْبْيُوتِرِ وَيَتَقَاضَى رَاتِبًا مُحْتَرَمًا. غَيْرَ أَنَّ عَمَلَهُ شَغَلَ مُعْظَمَ وَقْتِهِ، مِمَّا جَعَلَهُ يَشْعُرُ بِٱلضَّعْفِ ٱلرُّوحِيِّ. لِذلِكَ قَامَ بِتَغْيِيرٍ جَذْرِيٍّ فِي حَيَاتِهِ. فَبَدَلًا مِنْ أَنْ يَسْعَى إِلَى ٱلتَّقَدُّمِ فِي عَمَلِهِ، ٱسْتَقَالَ وَٱبْتَدَأَ يَعْمَلُ فِي صُنْعِ ٱلْمُثَلَّجَاتِ وَبَيْعِهَا فِي ٱلشَّارِعِ، وَذلِكَ لِكَيْ يُخَصِّصَ وَقْتًا أَكْبَرَ لِحَاجَاتِهِ وَمَسْؤُولِيَّاتِهِ ٱلرُّوحِيَّةِ. وَقَدْ سَخِرَ مِنْهُ زُمَلَاؤُهُ ٱلسَّابِقُونَ بِسَبَبِ ٱتِّخَاذِهِ هذَا ٱلْإِجْرَاءَ. وَلكِنْ مَاذَا كَانَتِ ٱلنَّتَائِجُ؟ قَالَ: «فِي ٱلْوَاقِعِ، صَارَ وَضْعِي ٱلْمَالِيُّ أَفْضَلَ مِمَّا كَانَ عِنْدَمَا عَمِلْتُ فِي مَجَالِ ٱلْكُمْبْيُوتِرِ. كَمَا أَنَّ ذلِكَ جَعَلَنِي أَسْعَدَ لِأَنَّنِي لَا أُعَانِي مِنَ ٱلْإِجْهَادِ وَٱلْهَمِّ ٱللَّذَيْنِ كُنْتُ أُعَانِي مِنْهُمَا فِي عَمَلِي ٱلسَّابِقِ. وَٱلْأَهَمُّ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ هُوَ أَنَّنِي أَشْعُرُ ٱلْآنَ بِأَنَّنِي أَقْرَبُ إِلَى يَهْوَه». وَقَدْ مَكَّنَهُ هذَا ٱلتَّغْيِيرُ مِنَ ٱلِٱنْخِرَاطِ فِي ٱلْخِدْمَةِ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ. وَهُوَ ٱلْآنَ يَخْدُمُ فِي مَكْتَبِ فَرْعِ شُهُودِ يَهْوَه فِي بَلَدِهِ. حَقًّا، إِنَّ بَرَكَةَ يَهْوَه هِيَ «تُغْنِي».
١٧ وَٱلْمِثَالُ ٱلْآخَرُ هُوَ ٱخْتِبَارُ ٱمْرَأَةٍ تَرَعْرَعَتْ فِي عَائِلَةٍ تُعَلِّقُ أَهَمِّيَّةً كَبِيرَةً عَلَى ٱلتَّعْلِيمِ ٱلْعَالِي. فَقَدِ ٱلْتَحَقَتْ بِجَامِعَاتٍ فِي فَرَنْسَا وَٱلْمَكْسِيكِ وَسْوِيسْرَا وَكَانَ أَمَامَهَا مُسْتَقْبَلٌ مِهْنِيٌّ وَاعِدٌ. قَالَتْ: «رَغْمَ أَنَّ ٱلنَّجَاحَ حَالَفَنِي وَكُنْتُ أَتَمَتَّعُ بِٱلنُّفُوذِ وَبِٱمْتِيَازَاتٍ خُصُوصِيَّةٍ، فَقَدْ شَعَرْتُ فِي قَرَارَةِ نَفْسِي بِٱلْفَرَاغِ وَعَدَمِ ٱلِٱكْتِفَاءِ». بَعْدَ ذلِكَ، تَعَرَّفَتْ هذِهِ ٱلْمَرْأَةُ بِيَهْوَه. عَبَّرَتْ قَائِلَةً: «فِيمَا كُنْتُ أَتَقَدَّمُ رُوحِيًّا، نَمَتْ رَغْبَتِي فِي أَنْ أُرْضِيَ يَهْوَه وَأَرُدَّ لَهُ جُزْءًا يَسِيرًا مِمَّا أَعْطَانِي. وَهذَا مَا سَاعَدَنِي أَنْ أَرَى بِوُضُوحٍ ٱلْمَسْلَكَ ٱلَّذِي عَلَيَّ ٱخْتِيَارُهُ: اَلْخِدْمَةُ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ». لِذلِكَ ٱسْتَقَالَتْ هذِهِ ٱلْأُخْتُ مِنْ وَظِيفَتِهَا وَسُرْعَانَ مَا ٱعْتَمَدَتْ. وَطَوَالَ ٱلسَّنَوَاتِ ٱلْعِشْرِينَ ٱلْمَاضِيَةِ، تَخْدُمُ بِفَرَحٍ فِي صُفُوفِ ٱلْخُدَّامِ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ. تَقُولُ: «يَظُنُّ ٱلْبَعْضُ أَنَّنِي ضَيَّعْتُ مَوَاهِبِي. لكِنَّهُمْ يَعْرِفُونَ أَنَّنِي سَعِيدَةٌ، وَهُمْ مُعْجَبُونَ بِٱلْمَبَادِئِ ٱلَّتِي أَتَّبِعُهَا فِي حَيَاتِي. وَأَنَا أُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ إِلَى يَهْوَه لِيُسَاعِدَنِي أَنْ أَكُونَ مُتَوَاضِعَةً كَيْ أَنَالَ رِضَاهُ».
١٨ عَلَى غِرَارِ بُولُسَ، كَيْفَ يُمْكِنُنَا أَنْ نَكُونَ أَغْنِيَاءَ للّٰهِ؟
١٨ كَانَ أَمَامَ شَاوُلَ، ٱلَّذِي صَارَ يُعْرَفُ بِٱلرَّسُولِ بُولُسَ، مُسْتَقْبَلٌ مِهْنِيٌّ وَاعِدٌ. مَعَ ذلِكَ، كَتَبَ قَائِلًا: «إِنِّي أَعْتَبِرُ أَيْضًا كُلَّ شَيْءٍ خَسَارَةً لِأَجْلِ ٱلْقِيمَةِ ٱلْفَائِقَةِ لِمَعْرِفَةِ ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي». (فيلبي ٣:٧، ٨) فَبِٱلنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، كَانَ ٱلْغِنَى ٱلَّذِي نَالَهُ مِنْ خِلَالِ ٱلْمَسِيحِ يَفُوقُ كُلَّ مَا يُمْكِنُ لِلْعَالَمِ أَنْ يُقَدِّمَهُ. عَلَى نَحْوٍ مُمَاثِلٍ، إِذَا تَخَلَّيْنَا عَنْ أَيِّ طُمُوحٍ أَنَانِيٍّ وَٱتَّبَعْنَا حَيَاةَ ٱلتَّعَبُّدِ للّٰهِ، يُمْكِنُنَا نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نَكُونَ أَغْنِيَاءَ فِي نَظَرِ ٱللّٰهِ. فَكَلِمَةُ ٱللّٰهِ تُؤَكِّدُ لَنَا: «عَاقِبَةُ ٱلتَّوَاضُعِ وَمَخَافَةِ يَهْوَهَ غِنًى وَمَجْدٌ وَحَيَاةٌ». — امثال ٢٢:٤.
-