مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ‏«لا تبادلوا احدا سوءا بسوء»‏
    برج المراقبة ٢٠٠٧ | ١ تموز (‏يوليو)‏
    • ‏«لَا تُبَادِلُوا أَحَدًا سُوءًا بِسُوءٍ»‏

      ‏«لَا تُبَادِلُوا أَحَدًا سُوءًا بِسُوءٍ.‏ اِحْرِصُوا أَنْ تَعْمَلُوا أُمُورًا حَسَنَةً بِمَرْأًى مِنْ جَمِيعِ ٱلنَّاسِ».‏ —‏ روما ١٢:‏١٧‏.‏

      ١ أَيُّ نَوْعٍ مِنَ ٱلتَّصَرُّفَاتِ هُوَ شَائِعٌ بَيْنَ ٱلنَّاسِ؟‏

      عِنْدَمَا يَدْفَعُ وَلَدٌ صَغِيرٌ شَقِيقَهُ،‏ غَالِبًا مَا يُبَادِرُ هذَا ٱلْأَخِيرُ إِلَى ٱلرَّدِّ بِٱلْمِثْلِ.‏ وَمِنَ ٱلْمُؤْسِفِ أَنَّ هذَا ٱلتَّصَرُّفَ ٱلِٱنْتِقَامِيَّ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى ٱلصِّغَارِ،‏ بَلْ يَتَعَدَّاهُ إِلَى ٱلْكِبَارِ أَيْضًا.‏ فَكَثِيرُونَ مِنْهُمْ يَرُدُّونَ ٱلصَّاعَ بِٱلصَّاعِ حِينَ يُغِيظُهُمْ أَحَدٌ.‏ صَحِيحٌ أَنَّهُمْ لَا يَتَدَافَعُونَ عَلَى طَرِيقَةِ ٱلصِّغَارِ،‏ لكِنَّهُمْ يَتَصَرَّفُونَ بِطَرَائِقَ أَكْثَرَ مَكْرًا.‏ فَرُبَّمَا يُثَرْثِرُونَ عَلَى ٱلطَّرَفِ ٱلْآخَرِ بِهَدَفِ إِيذَائِهِ أَوْ يَسْعَوْنَ بِشَتَّى ٱلطُّرُقِ إِلَى عَرْقَلَةِ مَسْعَاهُ فِي ٱلْحَيَاةِ.‏ وَلكِنْ مَهْمَا تَعَدَّدَتِ ٱلْوَسَائِلُ ٱلَّتِي يَسْتَخْدِمُونَهَا يَبْقَى ٱلْهَدَفُ وَاحِدًا:‏ أَنْ يَرُدُّوا بِٱلْمِثْلِ،‏ أَوْ بِكَلِمَاتٍ أُخْرَى،‏ أَنْ يَنْتَقِمُوا مِنَ ٱلْفَاعِلِ.‏

      ٢ (‏أ)‏ لِمَاذَا يُجَاهِدُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ لِئَلَّا يَسْتَسْلِمُوا لِحُبِّ ٱلِٱنْتِقَامِ؟‏ (‏ب)‏ أَيَّةُ أَسْئِلَةٍ سَتُجِيبُ عَنْهَا هذِهِ ٱلْمَقَالَةُ،‏ وَفِي أَيِّ إِصْحَاحٍ سَنَتَأَمَّلُ؟‏

      ٢ رَغْمَ أَنَّ حُبَّ ٱلِٱنْتِقَامِ مُتَأَصِّلٌ فِي ٱلطَّبِيعَةِ ٱلْبَشَرِيَّةِ،‏ يُجَاهِدُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ لِئَلَّا يَسْتَسْلِمُوا لِهذِهِ ٱلرَّغْبَةِ.‏ فَهُمْ يَسْعَوْنَ إِلَى تَطْبِيقِ نَصِيحَةِ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ:‏ «لَا تُبَادِلُوا أَحَدًا سُوءًا بِسُوءٍ».‏ (‏روما ١٢:‏١٧‏)‏ فَمَا ٱلَّذِي يَدْفَعُنَا إِلَى ٱلْعَيْشِ بِمُوجِبِ هذَا ٱلْمِقْيَاسِ ٱلرَّفِيعِ؟‏ مَنْ بِشَكْلٍ خُصُوصِيٍّ لَا يَجِبُ أَنْ نُبَادِلَهُ ٱلسُّوءَ بِٱلسُّوءِ؟‏ وَأَيَّةُ فَوَائِدَ تَنْتِجُ حِينَ نَمْتَنِعُ عَنِ ٱلرَّدِّ بِٱلْمِثْلِ؟‏ لِلْإِجَابَةِ عَنْ هذِهِ ٱلْأَسْئِلَةِ،‏ لِنَتَفَحَّصْ سِيَاقَ كَلِمَاتِ بُولُسَ وَنَرَ كَيْفَ يُظْهِرُ لَنَا ٱلْإِصْحَاحُ ١٢ مِنْ رُومَا أَنَّ عَدَمَ ٱلِٱنْتِقَامِ هُوَ مَسْلَكٌ صَائِبٌ،‏ حُبِّيٌّ،‏ وَيَنِمُّ عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ.‏ وَسَنَتَنَاوَلُ هذِهِ ٱلْأَوْجُهَ ٱلثَّلَاثَةَ ٱلْوَاحِدَ تِلْوَ ٱلْآخَرِ.‏

      ‏«إِنِّي أُنَاشِدُكُمْ إِذًا»‏

      ٣،‏ ٤ (‏أ)‏ مَاذَا يُنَاقِشُ بُولُسُ اِبْتِدَاءً مِنْ رُومَا ٱلْإِصْحَاحِ ١٢‏،‏ وَمَا هُوَ مَدْلُولُ ٱلْكَلِمَةِ «إِذًا»؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ أَثَرٍ وَجَبَ أَنْ تَتْرُكَهُ رَأْفَةُ ٱللّٰهِ فِي ٱلْمَسِيحِيِّينَ فِي رُومَا؟‏

      ٣ اِبْتِدَاءً مِنَ ٱلْإِصْحَاحِ ١٢،‏ يُنَاقِشُ بُولُسُ أَرْبَعَةَ مَوَاضِيعَ مُتَرَابِطَةً تُؤَثِّرُ فِي حَيَاةِ ٱلْمَسِيحِيِّ إِذْ يَتَحَدَّثُ عَنْ عَلَاقَتِنَا مَعَ يَهْوَه،‏ ٱلرُّفَقَاءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ،‏ غَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ،‏ وَٱلسُّلُطَاتِ ٱلْحُكُومِيَّةِ.‏ فَفِي ٱلْعَدَدِ ٱلْأَوَّلِ،‏ يُلَمِّحُ إِلَى سَبَبٍ أَسَاسِيٍّ يَدْفَعُنَا إِلَى مُقَاوَمَةِ ٱلْمُيُولِ ٱلْخَاطِئَةِ،‏ بِمَا فِيهَا حُبُّ ٱلِٱنْتِقَامِ،‏ حِينَ يَقُولُ:‏ «إِنِّي أُنَاشِدُكُمْ إِذًا،‏ أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ،‏ بِرَأْفَةِ ٱللّٰهِ».‏ (‏روما ١٢:‏١‏)‏ لَاحِظِ ٱلْكَلِمَةَ «إِذًا» ٱلَّتِي يَدُلُّ مَعْنَاهَا عَلَى سَبَبٍ سَبَقَ ذِكْرُهُ.‏ فَكَأَنَّ بُولُسَ يَقُولُ:‏ ‹بِٱلنَّظَرِ إِلَى مَا سَبَقْتُ وَأَوْضَحْتُهُ قَبْلَ قَلِيلٍ،‏ أُنَاشِدُكُمْ أَنْ تَفْعَلُوا مَا سَأَطْلُبُهُ مِنْكُمُ ٱلْآنَ›.‏ وَلكِنْ مَا ٱلَّذِي سَبَقَ وَأَوْضَحَهُ بُولُسُ لِهؤُلَاءِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ فِي رُومَا؟‏

      ٤ فِي ٱلْإِصْحَاحَاتِ ٱلْأَحَدَ عَشَرَ ٱلْأُولَى مِنْ هذِهِ ٱلرِّسَالَةِ،‏ نَاقَشَ بُولُسُ ٱلْفُرْصَةَ ٱلرَّائِعَةَ ٱلَّتِي أُتِيحَتْ لِلْيَهُودِ وَٱلْأُمَمِ عَلَى ٱلسَّوَاءِ أَنْ يَصِيرُوا حُكَّامًا مَعَ ٱلْمَسِيحِ فِي مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ،‏ رَجَاءٌ رَفَضَتْهُ أُمَّةُ إِسْرَائِيلَ ٱلطَّبِيعِيَّةُ.‏ (‏روما ١١:‏١٣-‏٣٦‏)‏ وَهذَا ٱلرَّجَاءُ ٱلثَّمِينُ لَمْ يَصِرْ مُمْكِنًا إِلَّا «بِرَأْفَةِ ٱللّٰهِ».‏ فَكَيْفَ لَزِمَ أَنْ يَتَجَاوَبَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ مَعَ نِعْمَةِ ٱللّٰهِ ٱلْعَظِيمَةِ هذِهِ؟‏ كَانَ يَجِبُ أَنْ تَفِيضَ قُلُوبُهُمْ بِٱلشُّكْرِ ٱلْعَمِيقِ بِحَيْثُ يَنْدَفِعُونَ إِلَى فِعْلِ مَا كَانَ بُولُسُ سَيَطْلُبُهُ مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ.‏ فَقَدْ أَوْصَاهُمْ:‏ «قَرِّبُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَقْبُولَةً عِنْدَ ٱللّٰهِ،‏ خِدْمَةً مُقَدَّسَةً بِقُوَّتِكُمُ ٱلْعَقْلِيَّةِ».‏ (‏روما ١٢:‏١‏)‏ وَلكِنْ كَيْفَ كَانَ هؤُلَاءِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ سَيُقَرِّبُونَ أَجْسَادَهُمْ «ذَبِيحَةً» للّٰهِ؟‏

      ٥ (‏أ)‏ كَيْفَ يُقَرِّبُ ٱلْمَسِيحِيُّ جَسَدَهُ «ذَبِيحَةً» للّٰهِ؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ مَبْدَإٍ يَجِبُ أَنْ يُؤَثِّرَ فِي تَصَرُّفَاتِ ٱلْمَسِيحِيِّ؟‏

      ٥ أَوْضَحَ بُولُسُ قَائِلًا:‏ «كُفُّوا عَنْ مُشَاكَلَةِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ هٰذَا،‏ بَلْ غَيِّرُوا شَكْلَكُمْ بِتَغْيِيرِ ذِهْنِكُمْ،‏ لِتَتَبَيَّنُوا بِٱلِٱخْتِبَارِ مَا هِيَ مَشِيئَةُ ٱللّٰهِ ٱلصَّالِحَةُ ٱلْمَقْبُولَةُ ٱلْكَامِلَةُ».‏ (‏روما ١٢:‏٢‏)‏ فَقَدْ لَزِمَ أَنْ يُغَيِّرَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ذِهْنَهُمْ بِحَيْثُ يَصِيرُ مُنْسَجِمًا مَعَ فِكْرِ ٱلْمَسِيحِ بَدَلَ أَنْ يَسْمَحُوا لِرُوحِ ٱلْعَالَمِ بِأَنْ يَصُوغَ تَفْكِيرَهُمْ.‏ (‏١ كورنثوس ٢:‏١٦؛‏ فيلبي ٢:‏٥‏)‏ وَفِي زَمَنِنَا أَيْضًا،‏ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَثِّرَ هذَا ٱلْمَبْدَأُ يَوْمِيًّا فِي تَصَرُّفَاتِ كُلِّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ،‏ بِمَنْ فِيهِمْ نَحْنُ.‏

      ٦ بِنَاءً عَلَى تَحْلِيلِ بُولُسَ فِي روما ١٢:‏١ وَ ٢‏،‏ مَاذَا يَدْفَعُنَا إِلَى مُقَاوَمَةِ رُوحِ ٱلِٱنْتِقَامِ؟‏

      ٦ وَكَيْفَ يُسَاعِدُنَا تَحْلِيلُ بُولُسَ فِي روما ١٢:‏١ وَ ٢ فِي هذَا ٱلْخُصُوصِ؟‏ عَلَى غِرَارِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمَمْسُوحِينَ بِٱلرُّوحِ فِي رُومَا،‏ نَحْنُ نَشْكُرُ ٱللّٰهَ مِنْ أَعْمَاقِ قُلُوبِنَا عَلَى أَعْمَالِ ٱلرَّأْفَةِ ٱلْمُتَنَوِّعَةِ وَٱلْمُتَوَاصِلَةِ ٱلَّتِي قَامَ وَلَا يَزَالُ يَقُومُ بِهَا يَهْوَه مِنْ أَجْلِنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ حَيَاتِنَا.‏ بِٱلنَّظَرِ إِلَى ذلِكَ،‏ تَدْفَعُنَا قُلُوبُنَا ٱلْمُفْعَمَةُ بِٱلشُّكْرِ إِلَى خِدْمَتِهِ بِكُلِّ قُوَّتِنَا وَمَوَارِدِنَا وَطَاقَتِنَا.‏ وَتَحُثُّنَا هذِهِ ٱلرَّغْبَةُ ٱلْقَلْبِيَّةُ عَلَى بَذْلِ كُلِّ مَا فِي وُسْعِنَا لِنُفَكِّرَ كَمَا يُفَكِّرُ ٱلْمَسِيحُ،‏ لَا كَمَا يُفَكِّرُ ٱلْعَالَمُ.‏ وَحِيَازَتُنَا فِكْرَ ٱلْمَسِيحِ تُؤَثِّرُ فِي تَعَامُلَاتِنَا مَعَ ٱلْآخَرِينَ،‏ سَوَاءٌ كَانُوا مُؤْمِنِينَ أَوْ لَا.‏ (‏غلاطية ٥:‏٢٥‏)‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ إِذَا كُنَّا نُفَكِّرُ مِثْلَ ٱلْمَسِيحِ نَنْدَفِعُ إِلَى مُقَاوَمَةِ رُوحِ ٱلِٱنْتِقَامِ.‏ —‏ ١ بطرس ٢:‏٢١-‏٢٣‏.‏

      ‏«لِتَكُنْ مَحَبَّتُكُمْ بِلَا رِيَاءٍ»‏

      ٧ أَيُّ نَوْعٍ مِنَ ٱلْمَحَبَّةِ يَتَحَدَّثُ عَنْهُ بُولُسُ فِي رُومَا ٱلْإِصْحَاحِ ١٢‏؟‏

      ٧ بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى عَدَمِ مُبَادَلَةِ ٱلسُّوءِ بِٱلسُّوءِ لِأَنَّهُ مَسْلَكٌ صَائِبٌ،‏ نَحْنُ نَمْتَنِعُ عَنْ فِعْلِ ذلِكَ تَعْبِيرًا عَنْ مَحَبَّتِنَا لِلْآخَرِينَ.‏ لَاحِظْ كَيْفَ يَتَحَدَّثُ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ ٱلْآنَ عَنْ دَافِعِ ٱلْمَحَبَّةِ.‏ فَفِي ٱلرِّسَالَةِ إِلَى أَهْلِ رُومَا،‏ يَسْتَخْدِمُ كَلِمَةَ «ٱلْمَحَبَّةِ» (‏باليونانية أَغاپِه‏)‏ عِدَّةَ مَرَّاتٍ بِٱلْإِشَارَةِ إِلَى مَحَبَّةِ ٱللّٰهِ وَمَحَبَّةِ ٱلْمَسِيحِ.‏ (‏روما ٥:‏٥،‏ ٨؛‏ ٨:‏٣٥،‏ ٣٩‏)‏ وَلكِنْ فِي ٱلْإِصْحَاحِ ١٢‏،‏ يَسْتَخْدِمُ ٱلْكَلِمَةَ أَغاپِه بِطَرِيقَةٍ مُخْتَلِفَةٍ مُشِيرًا إِلَى ٱلْمَحَبَّةِ لِلرُّفَقَاءِ ٱلْبَشَرِ.‏ فَبَعْدَ ٱلْقَوْلِ إِنَّ ٱلْمَوَاهِبَ ٱلرُّوحِيَّةَ تَخْتَلِفُ وَإِنَّ بَعْضَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ أُنْعِمَ عَلَيْهِمْ بِمَوَاهِبَ مُعَيَّنَةٍ،‏ يَتَحَدَّثُ بُولُسُ عَنْ صِفَةٍ يَجِبُ أَنْ يُنَمِّيَهَا كُلُّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ قَائِلًا:‏ «لِتَكُنْ مَحَبَّتُكُمْ بِلَا رِيَاءٍ».‏ (‏روما ١٢:‏٤-‏٩‏)‏ فَإِظْهَارُ ٱلْمَحَبَّةِ لِلْآخَرِينَ هُوَ سِمَةٌ أَسَاسِيَّةٌ تُمَيِّزُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ.‏ (‏مرقس ١٢:‏٢٨-‏٣١‏)‏ وَفِي هذِهِ ٱلْآيَةِ،‏ يَحُثُّنَا بُولُسُ أَنْ نَحْرِصَ عَلَى إِظْهَارِ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلصَّادِقَةِ.‏

      ٨ كَيْفَ نُظْهِرُ ٱلْمَحَبَّةَ ٱلْعَدِيمَةَ ٱلرِّيَاءِ؟‏

      ٨ يَذْكُرُ بُولُسُ بَعْدَ ذلِكَ كَيْفَ يُمْكِنُ إِظْهَارُ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلْعَدِيمَةِ ٱلرِّيَاءِ قَائِلًا:‏ «اُمْقُتُوا مَا هُوَ شَرٌّ،‏ وَٱلْتَصِقُوا بِمَا هُوَ صَالِحٌ».‏ (‏روما ١٢:‏٩‏)‏ لَاحِظِ ٱلْكَلِمَتَيْنِ ٱلْقَوِيَّتَيْنِ «ٱمْقُتُوا» وَ «ٱلْتَصِقُوا» ٱلْمُسْتَخْدَمَتَيْنِ فِي هذِهِ ٱلْآيَةِ.‏ فَٱلْكَلِمَةُ «ٱمْقُتُوا» يُمْكِنُ تَرْجَمَتُهَا إِلَى «أَبْغِضُوا أَشَدَّ ٱلْبُغْضِ».‏ فَعَلَيْنَا أَلَّا نُبْغِضَ عَوَاقِبَ ٱلشَّرِّ فَحَسْبُ،‏ بَلِ ٱلشَّرَّ بِحَدِّ ذَاتِهِ.‏ (‏مزمور ٩٧:‏١٠‏)‏ وَٱلْعِبَارَةُ «ٱلْتَصِقُوا بِمَا هُوَ صَالِحٌ» تَعْنِي أَنَّ ٱلْمَسِيحِيَّ ٱلَّذِي يَتَّصِفُ بِٱلْمَحَبَّةِ ٱلْأَصِيلَةِ يَكُونُ مُتَشَبِّثًا بِٱلصَّلَاحِ،‏ مُتَعَلِّقًا بِهِ تَعَلُّقًا شَدِيدًا،‏ بِحَيْثُ يُصْبِحُ جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ شَخْصِيَّتِهِ.‏

      ٩ أَيُّ نُصْحٍ يُقَدِّمُهُ لَنَا بُولُسُ مِرَارًا عَدِيدَةً؟‏

      ٩ بَعْدَ ذلِكَ،‏ يُشِيرُ بُولُسُ مِرَارًا عَدِيدَةً إِلَى إِحْدَى ٱلطَّرَائِقِ ٱلْخُصُوصِيَّةِ لِإِظْهَارِ ٱلْمَحَبَّةِ.‏ فَهُوَ يَقُولُ:‏ «بَارِكُوا ٱلْمُضْطَهِدِينَ.‏ بَارِكُوا وَلَا تَلْعَنُوا»،‏ «لَا تُبَادِلُوا أَحَدًا سُوءًا بِسُوءٍ»،‏ «لَا تَنْتَقِمُوا لِأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا ٱلْأَحِبَّاءُ»،‏ «لَا تَدَعِ ٱلسُّوءَ يَغْلِبُكَ،‏ بَلِ ٱغْلِبِ ٱلسُّوءَ بِٱلصَّلَاحِ».‏ (‏روما ١٢:‏١٤،‏ ١٧-‏١٩،‏ ٢١‏)‏ إِنَّ كَلِمَاتِ بُولُسَ هذِهِ لَا تَدَعُنَا فِي حَيْرَةٍ بِحَيْثُ لَا نَعْرِفُ كَيْفَ يَلْزَمُ أَنْ نُعَامِلَ غَيْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ،‏ حَتَّى ٱلْمُقَاوِمِينَ بَيْنَهُمْ.‏

      ‏«بَارِكُوا ٱلْمُضْطَهِدِينَ»‏

      ١٠ بِأَيَّةِ طَرِيقَةٍ نُبَارِكُ مُضْطَهِدِينَا؟‏

      ١٠ كَيْفَ نُطَبِّقُ نَصِيحَةَ بُولُسَ:‏ «بَارِكُوا ٱلْمُضْطَهِدِينَ»؟‏ (‏روما ١٢:‏١٤‏)‏ قَالَ يَسُوعُ لِأَتْبَاعِهِ:‏ «أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ وَصَلُّوا لِأَجْلِ ٱلَّذِينَ يَضْطَهِدُونَكُمْ».‏ (‏متى ٥:‏٤٤؛‏ لوقا ٦:‏٢٧،‏ ٢٨‏)‏ إِذًا،‏ إِحْدَى ٱلطَّرَائِقِ لِمُبَارَكَةِ مُضْطَهِدِينَا هِيَ أَنْ نُصَلِّيَ مِنْ أَجْلِهِمْ طَالِبِينَ مِنْ يَهْوَه أَنْ يَفْتَحَ عَيْنَيِ ٱلَّذِينَ يُقَاوِمُونَنَا عَنْ جَهْلٍ بِحَيْثُ يَرَوْنَ ٱلْحَقَّ.‏ (‏٢ كورنثوس ٤:‏٤‏)‏ صَحِيحٌ أَنَّ هذَا ٱلطَّلَبَ قَدْ يَبْدُو غَرِيبًا،‏ وَلكِنْ كُلَّمَا تَشَبَّهْنَا بِفِكْرِ ٱلْمَسِيحِ صِرْنَا أَكْثَرَ قُدْرَةً عَلَى إِظْهَارِ ٱلْمَحَبَّةِ لِأَعْدَائِنَا.‏ (‏لوقا ٢٣:‏٣٤‏)‏ وَمَاذَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْتِجَ عَنْ إِظْهَارِ هذِهِ ٱلْمَحَبَّةِ؟‏

      ١١ (‏أ)‏ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِ إِسْتِفَانُوسَ؟‏ (‏ب)‏ عَلَى غِرَارِ مَا حَصَلَ مَعَ بُولُسَ،‏ أَيُّ تَغْيِيرٍ قَدْ يَطْرَأُ عَلَى مَوْقِفِ بَعْضِ ٱلْمُضْطَهِدِينَ؟‏

      ١١ كَانَ إِسْتِفَانُوسُ أَحَدَ ٱلَّذِينَ صَلَّوْا لِأَجْلِ مُضْطَهِدِيهِمْ،‏ وَلَمْ تَذْهَبْ صَلَاتُهُ هَبَاءً.‏ فَبُعَيْدَ يَوْمِ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ ب‌م،‏ ٱعْتَقَلَهُ مُقَاوِمُو ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ وَجَرُّوهُ إِلَى خَارِجِ أُورُشَلِيمَ وَرَجَمُوهُ.‏ وَقَبْلَ أَنْ يَمُوتَ،‏ صَرَخَ بِصَوْتٍ قَوِيٍّ:‏ «يَا يَهْوَهُ،‏ لَا تَحْسُبْ عَلَيْهِمْ هٰذِهِ ٱلْخَطِيَّةَ».‏ (‏اعمال ٧:‏٥٨–‏٨:‏١‏)‏ وَأَحَدُ ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ صَلَّى لِأَجْلِهِمْ فِي ذلِكَ ٱلْيَوْمِ هُوَ شَاوُلُ ٱلَّذِي شَهِدَ مَقْتَلَهُ وَكَانَ رَاضِيًا بِذلِكَ.‏ وَلكِنْ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ،‏ ظَهَرَ يَسُوعُ ٱلْمُقَامُ لِشَاوُلَ.‏ فَصَارَ هذَا ٱلْمُضْطَهِدُ ٱلسَّابِقُ مِنْ أَتْبَاعِ ٱلْمَسِيحِ وَعُرِفَ بِٱلرَّسُولِ بُولُسَ.‏ وَقَدْ كَتَبَ بُولُسُ ٱلرِّسَالَةَ إِلَى أَهْلِ رُومَا ٱلَّتِي نُنَاقِشُ جُزْءًا مِنْهَا ٱلْآنَ.‏ (‏اعمال ٢٦:‏١٢-‏١٨‏)‏ وَٱسْتِجَابَةً لِصَلَاةِ إِسْتِفَانُوسَ،‏ يَبْدُو أَنَّ يَهْوَه سَامَحَ بُولُسَ عَلَى خَطِيَّةِ ٱضْطِهَادِ أَتْبَاعِ ٱلْمَسِيحِ.‏ (‏١ تيموثاوس ١:‏١٢-‏١٦‏)‏ وَلَا عَجَبَ أَنَّ بُولُسَ نَفْسَهُ حَثَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ:‏ «بَارِكُوا ٱلْمُضْطَهِدِينَ».‏ فَقَدْ عَرَفَ مِنِ ٱخْتِبَارِهِ ٱلشَّخْصِيِّ أَنَّ بَعْضَ ٱلْمُضْطَهِدِينَ يُمْكِنُ أَنْ يَصِيرُوا خُدَّامًا للّٰهِ.‏ وَفِي أَيَّامِنَا أَيْضًا،‏ يَصِيرُ بَعْضُ ٱلْمُضْطَهِدِينَ أَشْخَاصًا مُؤْمِنِينَ حِينَ يُلَاحِظُونَ تَصَرُّفَاتِ خُدَّامِ يَهْوَه ٱلْمُسَالِمِينَ.‏

      ‏«سَالِمُوا جَمِيعَ ٱلنَّاسِ»‏

      ١٢ مَا ٱلْعَلَاقَةُ بَيْنَ روما ١٢:‏٩ وَ ١٢:‏١٧‏؟‏

      ١٢ يُقَدِّمُ بُولُسُ بَعْدَ ذلِكَ نَصِيحَةً حَوْلَ مُعَامَلَةِ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَغَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ قَائِلًا:‏ «لَا تُبَادِلُوا أَحَدًا سُوءًا بِسُوءٍ».‏ إِنَّ هذِهِ ٱلْعِبَارَةَ هِيَ ٱلنَّتِيجَةُ ٱلْمَنْطِقِيَّةُ لِمَا ذَكَرَهُ سَابِقًا،‏ أَيْ:‏ «اُمْقُتُوا مَا هُوَ شَرٌّ».‏ فَكَيْفَ يُعْقَلُ أَنْ يَقُولَ ٱلْمَرْءُ إِنَّهُ يَمْقُتُ حَقًّا مَا هُوَ شَرٌّ إِذَا كَانَ يَلْجَأُ إِلَيْهِ لِلِٱنْتِقَامِ مِنَ ٱلْآخَرِينَ؟‏!‏ فَفِعْلُ ذلِكَ هُوَ نَقِيضُ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلَّتِي «بِلَا رِيَاءٍ».‏ وَبَعْدَ ذلِكَ،‏ يَنْصَحُنَا بُولُسُ:‏ «اِحْرِصُوا أَنْ تَعْمَلُوا أُمُورًا حَسَنَةً بِمَرْأًى مِنْ جَمِيعِ ٱلنَّاسِ».‏ (‏روما ١٢:‏٩،‏ ١٧‏)‏ فَكَيْفَ نُطَبِّقُ هذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ؟‏

      ١٣ كَيْفَ ‹نَعْمَلُ أُمُورًا حَسَنَةً بِمَرْأًى مِنْ جَمِيعِ ٱلنَّاسِ›؟‏

      ١٣ فِي رِسَالَةٍ سَابِقَةٍ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ،‏ كَتَبَ بُولُسُ عَنِ ٱلِٱضْطِهَادِ ٱلَّذِي وَاجَهَهُ ٱلرُّسُلُ قَائِلًا:‏ «صِرْنَا مَشْهَدًا مَسْرَحِيًّا لِلْعَالَمِ وَٱلْمَلَائِكَةِ وَٱلنَّاسِ.‏ .‏ .‏ .‏ نُشْتَمُ فَنُبَارِكُ،‏ نُضْطَهَدُ فَنَتَحَمَّلُ،‏ تُشَوَّهُ سُمْعَتُنَا فَنَتَوَسَّلُ».‏ (‏١ كورنثوس ٤:‏٩-‏١٣‏)‏ عَلَى نَحْوٍ مُمَاثِلٍ ٱلْيَوْمَ،‏ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ هُمْ مَحَطُّ أَنْظَارِ ٱلْعَالَمِ.‏ وَحِينَ يُلَاحِظُ ٱلنَّاسُ حَوْلَنَا ٱلْأُمُورَ ٱلْحَسَنَةَ ٱلَّتِي نَعْمَلُهَا رَغْمَ ٱلْمُعَامَلَةِ ٱلظَّالِمَةِ ٱلَّتِي نَلْقَاهَا،‏ قَدْ يَنْدَفِعُونَ إِلَى ٱلتَّجَاوُبِ مَعَ رِسَالَتِنَا ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ —‏ ١ بطرس ٢:‏١٢‏.‏

      ١٤ إِلَى أَيِّ حَدٍّ يَنْبَغِي أَنْ نَسْعَى إِلَى مُسَالَمَةِ ٱلْآخَرِينَ؟‏

      ١٤ وَلكِنْ إِلَى أَيِّ حَدٍّ يَنْبَغِي أَنْ نَسْعَى إِلَى تَرْوِيجِ ٱلسَّلَامِ؟‏ إِلَى أَقْصَى حَدٍّ مُمْكِنٍ.‏ يُوصِي بُولُسُ إِخْوَتَهُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ:‏ «إِنْ كَانَ مُمْكِنًا،‏ فَعَلَى قَدْرِ مَا يَكُونُ ٱلْأَمْرُ بِيَدِكُمْ،‏ سَالِمُوا جَمِيعَ ٱلنَّاسِ».‏ (‏روما ١٢:‏١٨‏)‏ تُشِيرُ ٱلْعِبَارَتَانِ «إِنْ كَانَ مُمْكِنًا» وَ «عَلَى قَدْرِ مَا يَكُونُ ٱلْأَمْرُ بِيَدِكُمْ» أَنَّ مُسَالَمَةَ ٱلْآخَرِينَ لَيْسَتْ دَائِمًا أَمْرًا مُمْكِنًا.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ نَحْنُ لَا نُخَالِفُ وَصَايَا ٱللّٰهِ لِكَيْ نُحَافِظَ عَلَى ٱلسَّلَامِ مَعَ ٱلْآخَرِينَ.‏ (‏متى ١٠:‏٣٤-‏٣٦؛‏ عبرانيين ١٢:‏١٤‏)‏ لكِنَّنَا نَفْعَلُ كُلَّ مَا فِي وُسْعِنَا إِلَى ٱلْحَدِّ ٱلْمَعْقُولِ لِكَيْ نُسَالِمَ «جَمِيعَ ٱلنَّاسِ» دُونَ أَنْ نُسَايِرَ عَلَى حِسَابِ ٱلْمَبَادِئِ ٱلْبِارَّةِ.‏

      ‏«لَا تَنْتَقِمُوا لِأَنْفُسِكُمْ»‏

      ١٥ أَيَّةُ حُجَّةٍ تَرِدُ فِي روما ١٢:‏١٩ تُلْزِمُنَا أَلَّا نَنْتَقِمَ لِأَنْفُسِنَا؟‏

      ١٥ يُقَدِّمُ بُولُسُ حُجَّةً أُخْرَى تُلْزِمُنَا أَلَّا نَنْتَقِمَ لِأَنْفُسِنَا،‏ إِذْ يُشِيرُ أَنَّ عَدَمَ ٱلِٱنْتِقَامِ هُوَ مَسْلَكٌ يَنِمُّ عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ.‏ فَهُوَ يَقُولُ:‏ «لَا تَنْتَقِمُوا لِأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا ٱلْأَحِبَّاءُ،‏ بَلْ أَعْطُوا مَكَانًا لِلسُّخْطِ،‏ لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ:‏ ‹لِي ٱلِٱنْتِقَامُ،‏ أَنَا أُجَازِي،‏ يَقُولُ يَهْوَهُ›».‏ (‏روما ١٢:‏١٩‏)‏ فَٱلْمَسِيحِيُّ ٱلَّذِي يُحَاوِلُ أَنْ يَنْتَقِمَ لِنَفْسِهِ هُوَ شَخْصٌ مُجْتَرِئٌ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ عَلَى عَاتِقِهِ مُهِمَّةً لَيْسَتْ لَهُ بَلْ للّٰهِ.‏ (‏متى ٧:‏١‏)‏ كَمَا أَنَّ تَوَلِّيَهُ ٱلْمَسْأَلَةَ هُوَ بِنَفْسِهِ يُظْهِرُ ٱفْتِقَارَهُ إِلَى ٱلْإِيمَانِ بِكَلَامِ يَهْوَه ٱلَّذِي يُؤَكِّدُ لَنَا:‏ «أَنَا أُجَازِي».‏ وَبِٱلتَّبَايُنِ،‏ يَثِقُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ أَنَّ يَهْوَه سَوْفَ «يُجْرِي .‏ .‏ .‏ ٱلْعَدْلَ لِمُخْتَارِيهِ».‏ (‏لوقا ١٨:‏٧،‏ ٨؛‏ ٢ تسالونيكي ١:‏٦-‏٨‏)‏ فَهُمْ يَدَعُونَ ٱلِٱنْتِقَامَ لَهُ مُعْرِبِينَ بِذلِكَ عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ.‏ —‏ ارميا ٣٠:‏٢٣،‏ ٢٤؛‏ روما ١:‏١٨‏.‏

      ١٦،‏ ١٧ (‏أ)‏ مَاذَا تَعْنِي ٱلْعِبَارَةُ «تُكَوِّمُ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ»؟‏ (‏ب)‏ اُذْكُرُوا مِنِ ٱخْتِبَارِكُمُ ٱلشَّخْصِيِّ حَادِثَةً تُظْهِرُ كَيْفَ يُلَيِّنُ ٱللُّطْفُ قُلُوبَ غَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ.‏

      ١٦ غَالِبًا مَا يُقَسِّي ٱلِٱنْتِقَامُ قَلْبَ ٱلْمُقَاوِمِينَ فِي حِينِ أَنَّ مُعَامَلَتَهُمْ بِلُطْفٍ قَدْ تُلَيِّنُ مَوْقِفَهُمْ.‏ لِمَاذَا؟‏ لَاحِظْ كَلِمَاتِ بُولُسَ إِلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ فِي رُومَا.‏ فَهُوَ يَقُولُ لَهُمْ:‏ «إِذَا جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ،‏ وَإِذَا عَطِشَ فَٱسْقِهِ؛‏ فَإِنَّكَ بِفِعْلِكَ هٰذَا تُكَوِّمُ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ».‏ (‏روما ١٢:‏٢٠؛‏ امثال ٢٥:‏٢١،‏ ٢٢‏)‏ وَمَا مَغْزَى هذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ؟‏

      ١٧ إِنَّ ٱلْعِبَارَةَ «تُكَوِّمُ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ» هِيَ صُورَةٌ كَلَامِيَّةٌ مُسْتَوْحَاةٌ مِنَ ٱلطَّرِيقَةِ ٱلَّتِي ٱتُّبِعَتْ فِي أَزْمِنَةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ لِتَنْقِيَةِ ٱلْمَعَادِنِ.‏ فَقَدْ كَانَ ٱلْمَعْدِنُ ٱلْخَامُ يُوضَعُ فِي فُرْنٍ وَتُوضَعُ تَحْتَهُ طَبَقَةٌ مِنَ ٱلْجَمْرِ.‏ وَكَانَتْ تُكَوَّمُ فَوْقَهُ أَيْضًا طَبَقَةٌ أُخْرَى مِنَ ٱلْجَمْرِ تَزِيدُ مِنْ تَوَهُّجِ ٱلنَّارِ بِحَيْثُ يَذُوبُ ٱلْمَعْدِنُ ٱلصُّلْبُ وَتَنْفَصِلُ عَنْهُ ٱلشَّوَائِبُ.‏ وَبِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ،‏ إِذَا قُمْنَا بِأَعْمَالٍ حَسَنَةٍ لِأَجْلِ شَخْصٍ مُقَاوِمٍ،‏ فَقَدْ «يَذُوبُ» ٱلتَّصَلُّبُ فِي مَوْقِفِهِ وَتَظْهَرُ ٱلصِّفَاتُ ٱلْجَيِّدَةُ فِي شَخْصِيَّتِهِ.‏ (‏٢ ملوك ٦:‏١٤-‏٢٣‏)‏ وَفِي ٱلْحَقِيقَةِ،‏ ٱنْجَذَبَ كَثِيرُونَ إِلَى ٱلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ وَصَارُوا جُزْءًا مِنَ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ لِأَنَّهُمْ تَأَثَّرُوا بِأَعْمَالِ خُدَّامِ يَهْوَه ٱلْحَسَنَةِ مِنْ أَجْلِهِمْ.‏

      لِمَاذَا نَمْتَنِعُ عَنِ ٱلِٱنْتِقَامِ

      ١٨ لِمَاذَا عَدَمُ ٱلِٱنْتِقَامِ هُوَ مَسْلَكٌ صَائِبٌ،‏ حُبِّيٌّ،‏ وَيَنِمُّ عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ؟‏

      ١٨ لَقَدِ ٱسْتَعْرَضْنَا مِنْ خِلَالِ هذِهِ ٱلْمُنَاقَشَةِ ٱلْمُوجَزَةِ لِرُومَا ٱلْإِصْحَاحِ ١٢ أَسْبَابًا وَجِيهَةً تُظْهِرُ لِمَاذَا لَا ‹نُبَادِلُ أَحَدًا سُوءًا بِسُوءٍ›.‏ أَوَّلًا،‏ إِنَّ عَدَمَ ٱلِٱنْتِقَامِ هُوَ مَسْلَكٌ صَائِبٌ.‏ فَبِٱلنَّظَرِ إِلَى رَأْفَةِ ٱللّٰهِ نَحْوَنَا،‏ مِنَ ٱلصَّوَابِ أَنْ نُقَدِّمَ أَنْفُسَنَا لِيَهْوَه وَنُطِيعَ وَصَايَاهُ عَنْ طِيبِ خَاطِرٍ،‏ بِمَا فِيهَا ٱلْوَصِيَّةُ أَنْ نُحِبَّ أَعْدَاءَنَا.‏ ثَانِيًا،‏ إِنَّ عَدَمَ مُبَادَلَةِ ٱلسُّوءِ بِٱلسُّوءِ هُوَ مَسْلَكٌ حُبِّيٌّ.‏ فَبِعَدَمِ ٱلِٱنْتِقَامِ وَتَرْوِيجِ ٱلسَّلَامِ نَرْجُو بِمَحَبَّةٍ أَنْ نُسَاعِدَ حَتَّى أَشْرَسَ ٱلْمُقَاوِمِينَ أَنْ يَصِيرُوا عُبَّادًا لِيَهْوَه.‏ ثَالِثًا،‏ إِنَّ عَدَمَ ٱلِٱنْتِقَامِ هُوَ مَسْلَكٌ يَنِمُّ عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ.‏ فَٱلرَّدُّ بِٱلْمِثْلِ يَدُلُّ أَنَّنَا أَشْخَاصٌ مُجْتَرِئُونَ لِأَنَّ يَهْوَه يَقُولُ:‏ «لِي ٱلِٱنْتِقَامُ».‏ وَتُحَذِّرُنَا كَلِمَةُ ٱللّٰهِ أَيْضًا:‏ «يَأْتِي ٱلِٱجْتِرَاءُ فَيَأْتِي ٱلْهَوَانُ.‏ أَمَّا ٱلْحِكْمَةُ فَمَعَ ٱلْمُحْتَشِمِينَ».‏ (‏امثال ١١:‏٢‏)‏ فَتَرْكُ ٱلِٱنْتِقَامِ للّٰهِ بِحِكْمَةٍ يُظْهِرُ أَنَّنَا نَتَّصِفُ بِٱلِٱحْتِشَامِ.‏

      ١٩ مَاذَا سَنُنَاقِشُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ؟‏

      ١٩ يُلَخِّصُ بُولُسُ مُنَاقَشَتَهُ حَوْلَ ٱلتَّعَامُلِ مَعَ ٱلْآخَرِينَ بِهذَا ٱلْحَضِّ:‏ «لَا تَدَعِ ٱلسُّوءَ يَغْلِبُكَ،‏ بَلِ ٱغْلِبِ ٱلسُّوءَ بِٱلصَّلَاحِ».‏ (‏روما ١٢:‏٢١‏)‏ فَمَا هُوَ ٱلسُّوءُ ٱلَّذِي نُوَاجِهُهُ ٱلْيَوْمَ؟‏ وَكَيْفَ نَغْلِبُهُ؟‏ سَنَأْخُذُ ٱلْجَوَابَ عَنْ هذَيْنِ ٱلسُّؤَالَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ ٱلْأَسْئِلَةِ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ.‏

  • ‏«اغلب السوء بالصلاح»‏
    برج المراقبة ٢٠٠٧ | ١ تموز (‏يوليو)‏
    • ‏«اِغْلِبِ ٱلسُّوءَ بِٱلصَّلَاحِ»‏

      ‏«لَا تَدَعِ ٱلسُّوءَ يَغْلِبُكَ،‏ بَلِ ٱغْلِبِ ٱلسُّوءَ بِٱلصَّلَاحِ».‏ —‏ روما ١٢:‏٢١‏.‏

      ١ لِمَاذَا نَحْنُ وَاثِقُونَ أَنَّنَا نَسْتَطِيعُ غَلْبَ ٱلسُّوءِ؟‏

      هَلْ يُمْكِنُ أَنْ نَقِفَ ثَابِتِينَ فِي وَجْهِ ٱلَّذِينَ يُقَاوِمُونَ بِشَرَاسَةٍ ٱلْعِبَادَةَ ٱلْحَقَّةَ؟‏ هَلْ بِٱسْتِطَاعَتِنَا أَنْ نَتَغَلَّبَ عَلَى ٱلضُّغُوطِ لِإِعَادَتِنَا إِلَى هذَا ٱلْعَالَمِ ٱلشِّرِّيرِ؟‏ إِنَّ ٱلْجَوَابَ عَنْ هذَيْنِ ٱلسُّؤَالَيْنِ هُوَ نَعَمْ بِكُلِّ تَأْكِيدٍ.‏ لِمَاذَا؟‏ لِأَنَّ ٱلرَّسُولَ بُولُسَ كَتَبَ فِي رِسَالَتِهِ إِلَى أَهْلِ رُومَا:‏ «لَا تَدَعِ ٱلسُّوءَ يَغْلِبُكَ،‏ بَلِ ٱغْلِبِ ٱلسُّوءَ بِٱلصَّلَاحِ».‏ (‏روما ١٢:‏٢١‏)‏ فَإِذَا كُنَّا نَثِقُ بِيَهْوَه وَقَدْ عَزَمْنَا فِي قَلْبِنَا أَلَّا نَدَعَ ٱلْعَالَمَ يَغْلِبُنَا،‏ فَلَنْ يَهْزِمَنَا ٱلسُّوءُ ٱلْمُتَغَلْغِلُ فِيهِ.‏ بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى ذلِكَ،‏ تُشِيرُ صِيغَةُ ٱلْعِبَارَةِ «ٱغْلِبِ ٱلسُّوءَ» فِي ٱللُّغَةِ ٱلْأَصْلِيَّةِ إِلَى ٱلْمُدَاوَمَةِ عَلَى فِعْلِ ذلِكَ.‏ وَهذَا يَعْنِي أَنَّنَا نَسْتَطِيعُ ٱلتَّغَلُّبَ عَلَى ٱلسُّوءِ إِذَا دَاوَمْنَا عَلَى مُحَارَبَتِهِ.‏ أَمَّا ٱلَّذِينَ يُلْقُونَ سِلَاحَهُمْ فِي هذِهِ ٱلْحَرْبِ ٱلرُّوحِيَّةِ،‏ فَسَيَغْلِبُهُمْ هذَا ٱلْعَالَمُ ٱلْفَاسِدُ وَحَاكِمُهُ ٱلشِّرِّيرُ ٱلشَّيْطَانُ إِبْلِيسُ.‏ —‏ ١ يوحنا ٥:‏١٩‏.‏

      ٢ لِمَاذَا سَنَتَأَمَّلُ فِي بَعْضِ ٱلْحَوَادِثِ فِي حَيَاةِ نَحَمْيَا؟‏

      ٢ قَبْلَ ٥٠٠ سَنَةٍ تَقْرِيبًا مِنْ زَمَنِ بُولُسَ،‏ أَظْهَرَ خَادِمٌ للّٰهِ عَاشَ فِي أُورُشَلِيمَ صِحَّةَ كَلِمَاتِ ٱلْآيَةِ ٱلْمُقْتَبَسَةِ أَعْلَاهُ.‏ إِنَّهُ رَجُلُ ٱللّٰهِ نَحَمْيَا ٱلَّذِي لَمْ يَصْمُدْ فِي وَجْهِ ٱلْمُقَاوَمَةِ مِنَ ٱلْعَالَمِ ٱلشِّرِّيرِ فَحَسْبُ،‏ بَلْ غَلَبَ أَيْضًا ٱلسُّوءَ بِٱلصَّلَاحِ.‏ وَلكِنْ مَا هِيَ ٱلْمَصَاعِبُ ٱلَّتِي وَاجَهَهَا؟‏ كَيْفَ تَغَلَّبَ عَلَيْهَا؟‏ وَكَيْفَ نَقْتَدِي بِهِ نَحْنُ ٱلْيَوْمَ؟‏ لِلْإِجَابَةِ عَنْ هذِهِ ٱلْأَسْئِلَةِ،‏ لِنَتَأَمَّلْ فِي بَعْضِ ٱلْحَوَادِثِ فِي حَيَاةِ نَحَمْيَا.‏a

      ٣ فِي أَيِّ مُحِيطٍ عَاشَ نَحَمْيَا،‏ وَمَا هُوَ ٱلْإِنْجَازُ ٱلْعَظِيمُ ٱلَّذِي حَقَّقَهُ؟‏

      ٣ خَدَمَ نَحَمْيَا فِي بَلَاطِ ٱلْمَلِكِ ٱلْفَارِسِيِّ أَرْتَحْشَسْتَا.‏ وَرَغْمَ أَنَّهُ عَاشَ وَسْطَ أَشْخَاصٍ غَيْرِ مُؤْمِنِينَ،‏ لَمْ ‹يُشَاكِلْ نِظَامَ ٱلْأَشْيَاءِ› ٱلسَّائِدَ فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ.‏ (‏روما ١٢:‏٢‏)‏ وَحِينَ دَعَتِ ٱلْحَاجَةُ فِي يَهُوذَا،‏ ضَحَّى بِحَيَاتِهِ ٱلْمُرِيحَةِ وَتَكَبَّدَ مَشَقَّةَ ٱلسَّفَرِ إِلَى أُورُشَلِيمَ.‏ ثُمَّ أَخَذَ عَلَى عَاتِقِهِ ٱلْمُهِمَّةَ ٱلضَّخْمَةَ أَنْ يَبْنِيَ سُورَ ٱلْمَدِينَةِ.‏ (‏روما ١٢:‏١‏)‏ وَمَعَ أَنَّهُ كَانَ وَالِيًا عَلَى أُورُشَلِيمَ،‏ فَقَدْ عَمِلَ بِكَدٍّ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى جَانِبِ إِخْوَتِهِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ «مِنْ طُلُوعِ ٱلْفَجْرِ إِلَى بُزُوغِ ٱلنُّجُومِ».‏ فَأُكْمِلَ ٱلْعَمَلُ فِي غُضُونِ شَهْرَيْنِ فَقَطْ.‏ (‏نحميا ٤:‏٢١؛‏ ٦:‏١٥‏)‏ وَكَانَ ذلِكَ إِنْجَازًا عَظِيمًا حَقَّقَهُ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ لِأَنَّهُمْ وَاجَهُوا أَثْنَاءَ ٱلْقِيَامِ بِهذَا ٱلْمَشْرُوعِ أَشْكَالًا مُتَعَدِّدَةً مِنَ ٱلْمُقَاوَمَةِ.‏ فَمَنْ كَانَ مُقَاوِمُو نَحَمْيَا،‏ وَمَاذَا كَانَ هَدَفُهُمْ؟‏

      ٤ مَاذَا كَانَ هَدَفُ مُقَاوِمِي نَحَمْيَا؟‏

      ٤ كَانَ مُقَاوِمُو نَحَمْيَا ٱلْأَلِدَّاءُ سَنْبَلَّطَ وَطُوبِيَّا وَجَشَمًا،‏ رِجَالٌ ذَوُو نُفُوذٍ عَاشُوا قُرْبَ يَهُوذَا.‏ وَبِمَا أَنَّهُمْ أَعْدَاءٌ لِشَعْبِ ٱللّٰهِ،‏ فَقَدْ ‹سَاءَهُمْ جِدًّا أَنَّ نَحَمْيَا جَاءَ يَطْلُبُ خَيْرًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ›.‏ (‏نحميا ٢:‏١٠،‏ ١٩‏)‏ وَصَمَّمُوا عَلَى إِيقَافِ مَشْرُوعِ ٱلْبِنَاءِ ٱلَّذِي تَوَلَّاهُ،‏ حَتَّى إِنَّهُمْ حَاكُوا لَهُ مَكَائِدَ خَبِيثَةً.‏ فَهَلْ كَانَ نَحَمْيَا ‹سَيَدَعُ ٱلسُّوءَ يَغْلِبُهُ›؟‏

      ‏«غَضِبَ وَٱغْتَاظَ جِدًّا»‏

      ٥،‏ ٦ (‏أ)‏ مَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ أَعْدَاءِ نَحَمْيَا تِجَاهَ عَمَلِ ٱلْبِنَاءِ؟‏ (‏ب)‏ لِمَاذَا لَمْ يَخَفْ نَحَمْيَا مِنْ مُقَاوِمِيهِ؟‏

      ٥ حَثَّ نَحَمْيَا شَعْبَهُ بِشَجَاعَةٍ:‏ «هَيَّا بِنَا نُعِيدُ بِنَاءَ سُورِ أُورُشَلِيمَ».‏ فَأَجَابُوهُ:‏ «لِنَقُمْ وَنَبْنِ».‏ يَقُولُ نَحَمْيَا:‏ «فَشَدَّدُوا أَيْدِيَهُمْ لِلْعَمَلِ ٱلصَّالِحِ».‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلْمُقَاوِمِينَ ‹هَزَأُوا بِهِمْ وَنَظَرُوا إِلَيْهِمْ بِٱحْتِقَارٍ وَقَالُوا لَهُمْ:‏ «مَا ٱلَّذِي أَنْتُمْ فَاعِلُونَ؟‏ أَعَلَى ٱلْمَلِكِ تَتَمَرَّدُونَ؟‏»›.‏ لكِنَّ مُلَاحَظَاتِهِمِ ٱلسَّاخِرَةَ وَٱتِّهَامَاتِهِمِ ٱلْبَاطِلَةَ لَمْ تُخِفْ نَحَمْيَا،‏ بَلْ قَالَ لِمُقَاوِمِيهِ:‏ «إِنَّ إِلٰهَ ٱلسَّمٰوَاتِ هُوَ ٱلَّذِي يُعْطِينَا ٱلنَّجَاحَ،‏ وَنَحْنُ،‏ خُدَّامَهُ،‏ سَنَقُومُ وَنَبْنِي».‏ (‏نحميا ٢:‏١٧-‏٢٠‏)‏ فَقَدْ كَانَ مُصَمِّمًا عَلَى ٱلْمُضِيِّ قُدُمًا فِي «ٱلْعَمَلِ ٱلصَّالِحِ».‏

      ٦ إِلَّا أَنَّ سَنْبَلَّطَ،‏ أَحَدَ هؤُلَاءِ ٱلْمُقَاوِمِينَ،‏ «غَضِبَ وَٱغْتَاظَ جِدًّا» وَصَعَّدَ مُلَاحَظَاتِهِ ٱلتَّهَكُّمِيَّةَ قَائِلًا:‏ «مَاذَا يَفْعَلُ هٰؤُلَاءِ ٱلْيَهُودُ ٱلضُّعَفَاءُ؟‏ .‏ .‏ .‏ هَلْ يُحْيُونَ ٱلْحِجَارَةَ مِنْ كُوَمِ ٱلْأَنْقَاضِ؟‏».‏ وَحَذَا طُوبِيَّا حَذْوَ صَاحِبِهِ قَائِلًا بٱسْتِهْزَاءٍ:‏ «إِنَّ مَا يَبْنُونَهُ،‏ لَوْ صَعِدَ ثَعْلَبٌ عَلَيْهِ لَهَدَمَ سُورَ حِجَارَتِهِمْ».‏ نحميا ٤:‏١-‏٣‏)‏ فَمَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ نَحَمْيَا؟‏

      ٧ مَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ نَحَمْيَا تِجَاهَ ٱتِّهَامَاتِ مُقَاوِمِيهِ؟‏

      ٧ بِكُلِّ بَسَاطَةٍ،‏ تَجَاهَلَ نَحَمْيَا ٱسْتِهْزَاءَ ٱلْمُقَاوِمِينَ إِذْ أَطَاعَ وَصِيَّةَ ٱللّٰهِ وَلَمْ يَنْتَقِمْ مِنْهُمْ.‏ (‏لاويين ١٩:‏١٨‏)‏ وَبِٱلْأَحْرَى،‏ تَرَكَ ٱلْمَسْأَلَةَ بَيْنَ يَدَيْ يَهْوَه وَصَلَّى إِلَيْهِ:‏ «اِسْمَعْ يَا إِلٰهَنَا،‏ لِأَنَّنَا قَدْ صِرْنَا هَدَفًا لِلِٱزْدِرَاءِ،‏ وَرُدَّ تَعْيِيرَهُمْ عَلَى رَأْسِهِمْ».‏ (‏نحميا ٤:‏٤‏)‏ فَقَدْ وَثِقَ نَحَمْيَا بِكَلِمَاتِ يَهْوَه ٱلَّتِي تُؤَكِّدُ:‏ «لِي ٱلِٱنْتِقَامُ وَٱلْجَزَاءُ».‏ (‏تثنية ٣٢:‏٣٥‏)‏ بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى ذلِكَ،‏ «تَابَعَ» نَحَمْيَا وَٱلشَّعْبُ «بِنَاءَ ٱلسُّورِ» وَلَمْ يَسْمَحُوا لِأَيِّ شَيْءٍ بِأَنْ يُعَرْقِلَ عَمَلَهُمْ.‏ وَمَعَ ٱلْوَقْتِ،‏ «ٱتَّصَلَ ٱلسُّورُ كُلُّهُ حَتَّى نِصْفِ ٱرْتِفَاعِهِ،‏ وَكَانَ لِلشَّعْبِ قَلْبٌ فِي ٱلْعَمَلِ».‏ (‏نحميا ٤:‏٦‏)‏ فَقَدْ فَشِلَ أَعْدَاءُ ٱلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ فِي عَرْقَلَةِ عَمَلِ ٱلْبِنَاءِ.‏ وَلكِنْ كَيْفَ نَقْتَدِي نَحْنُ ٱلْيَوْمَ بِمِثَالِ نَحَمْيَا؟‏

      ٨ (‏أ)‏ كَيْفَ نَقْتَدِي بِنَحَمْيَا حِينَ يُوَجِّهُ إِلَيْنَا ٱلْمُقَاوِمُونَ ٱتِّهَامَاتٍ بَاطِلَةً؟‏ (‏ب)‏ اِرْوُوا ٱخْتِبَارًا شَخْصِيًّا أَوِ ٱخْتِبَارًا سَمِعْتُمُوهُ يُظْهِرُ أَنَّ عَدَمَ ٱلِٱنْتِقَامِ هُوَ مَسْلَكُ حِكْمَةٍ.‏

      ٨ فِي أَيَّامِنَا هذِهِ،‏ قَدْ يُوَجِّهُ إِلَيْنَا ٱلْمُقَاوِمُونَ فِي ٱلْمَدْرَسَةِ أَوِ ٱلْعَمَلِ أَوْ حَتَّى فِي ٱلْبَيْتِ مُلَاحَظَاتٍ سَاخِرَةً وَٱتِّهَامَاتٍ بَاطِلَةً.‏ وَفِي أَغْلَبِ ٱلْأَحْيَانِ،‏ أَفْضَلُ طَرِيقَةٍ لِمُوَاجَهَةِ هذِهِ ٱلِٱتِّهَامَاتِ هِيَ تَطْبِيقُ كَلِمَاتِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ:‏ «لِلصَّمْتِ وَقْتٌ».‏ (‏جامعة ٣:‏١،‏ ٧‏)‏ فَعَلَى غِرَارِ نَحَمْيَا،‏ نَحْنُ لَا نَنْتَقِمُ مِنْ مُقَاوِمِينَا مُوَجِّهِينَ إِلَيْهِمْ كَلِمَاتٍ نَابِيَةً.‏ (‏روما ١٢:‏١٧‏)‏ بَلْ نَلْتَفِتُ إِلَى ٱللّٰهِ فِي ٱلصَّلَاةِ وَاثِقِينَ بِإِلهِنَا ٱلَّذِي يُؤَكِّدُ لَنَا:‏ «أَنَا أُجَازِي».‏ (‏روما ١٢:‏١٩؛‏ ١ بطرس ٢:‏١٩،‏ ٢٠‏)‏ وَهكَذَا لَا نَدَعُ مُقَاوِمِينَا يُعَرْقِلُونَ ٱلْعَمَلَ ٱلَّذِي يَلْزَمُ إِنْجَازُهُ ٱلْيَوْمَ:‏ اَلْكِرَازَةُ بِبِشَارَةِ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ وَتَلْمَذَةُ أُنَاسٍ مِنَ ٱلْأُمَمِ.‏ (‏متى ٢٤:‏١٤؛‏ ٢٨:‏١٩،‏ ٢٠‏)‏ وَبِٱشْتِرَاكِنَا فِي عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ وَعَدَمِ ٱلسَّمَاحِ لِلْمُقَاوَمَةِ بِأَنْ تَثْنِيَنَا عَنْ عَمَلِنَا،‏ نُعْرِبُ عَنِ ٱلْأَمَانَةِ نَفْسِهَا ٱلَّتِي تَحَلَّى بِهَا نَحَمْيَا.‏

      سَوْفَ ‹نَقْتُلُكُمْ›‏

      ٩ أَيُّ نَوْعٍ مِنَ ٱلْمُقَاوَمَةِ لَجَأَ إِلَيْهِ ٱلْأَعْدَاءُ،‏ وَكَيْفَ تَصَرَّفَ نَحَمْيَا؟‏

      ٩ حِينَ سَمِعَ مُقَاوِمُو ٱلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ فِي زَمَنِ نَحَمْيَا أَنَّ «تَرْمِيمَ أَسْوَارِ أُورُشَلِيمَ قَدْ تَقَدَّمَ»،‏ أَخَذُوا سُيُوفَهُمْ لِكَيْ «يُحَارِبُوا» هذِهِ ٱلْمَدِينَةَ.‏ وَلَمْ يَكُنْ وَضْعُ ٱلْيَهُودِ يُبَشِّرُ بِٱلْخَيْرِ.‏ فَقَدْ كَانَتْ أُورُشَلِيمُ مُحَاطَةً مِنْ كُلِّ جَانِبٍ:‏ اَلسَّامِرِيُّونَ مِنَ ٱلشَّمَالِ،‏ ٱلْعَمُّونِيُّونَ مِنَ ٱلشَّرْقِ،‏ ٱلْعَرَبُ مِنَ ٱلْجَنُوبِ،‏ وَٱلْأَشْدُودِيُّونَ مِنَ ٱلْغَرْبِ.‏ وَبَدَا أَنَّهُ لَا مَفَرَّ لِهؤُلَاءِ ٱلْبَنَّائِينَ.‏ فَمَاذَا فَعَلُوا؟‏ يُخْبِرُ نَحَمْيَا:‏ «صَلَّيْنَا إِلَى إِلٰهِنَا».‏ لكِنَّ ٱلْأَعْدَاءَ هَدَّدُوهُمْ قَائِلِينَ:‏ «نَقْتُلُهُمْ وَنُوقِفُ ٱلْعَمَلَ».‏ وَكَيْفَ تَصَرَّفَ نَحَمْيَا؟‏ لَقَدْ أَوْكَلَ إِلَى ٱلْبَنَّائِينَ مُهِمَّةَ ٱلدِّفَاعِ عَنِ ٱلْمَدِينَةِ «بِسُيُوفِهِمْ وَرِمَاحِهِمْ وَقِسِيِّهِمْ».‏ صَحِيحٌ أَنَّهُ مِنْ وُجْهَةِ نَظَرٍ بَشَرِيَّةٍ،‏ لَمْ تَكُنْ هذِهِ ٱلْحُفْنَةُ مِنَ ٱلْيَهُودِ لِتَصْمُدَ فِي وَجْهِ ٱلْأَعْدَاءِ ٱلَّذِينَ شَكَّلُوا قُوَّةً عَظِيمَةً،‏ لكِنَّ نَحَمْيَا حَثَّهُمْ:‏ «لَا تَخَافُوا .‏ .‏ .‏ اُذْكُرُوا يَهْوَهَ ٱلْعَظِيمَ ٱلْمَخُوفَ».‏ —‏ نحميا ٤:‏٧-‏٩،‏ ١١،‏ ١٣،‏ ١٤‏.‏

      ١٠ (‏أ)‏ مَا ٱلَّذِي جَعَلَ أَعْدَاءَ نَحَمْيَا يَعْدِلُونَ فَجْأَةً عَنْ مُحَارَبَةِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ؟‏ (‏ب)‏ أَيَّةُ تَدَابِيرَ ٱتَّخَذَهَا نَحَمْيَا؟‏

      ١٠ وَفَجْأَةً،‏ ٱتَّخَذَتِ ٱلْأَحْدَاثُ مَنْحًى مُخْتَلِفًا.‏ فَقَدْ عَدَلَ ٱلْأَعْدَاءُ عَنْ مُحَارَبَةِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ.‏ وَٱلسَّبَبُ؟‏ يُخْبِرُ نَحَمْيَا:‏ «أَبْطَلَ ٱللّٰهُ خُطَّتَهُمْ».‏ مَعَ ذلِكَ،‏ عَرَفَ نَحَمْيَا أَنَّهُمْ مَا زَالُوا يُشَكِّلُونَ خَطَرًا عَلَى شَعْبِ ٱللّٰهِ.‏ فَأَجْرَى بِفِطْنَةٍ بَعْضَ ٱلتَّعْدِيلَاتِ فِي طَرِيقَةِ عَمَلِ ٱلْبَنَّائِينَ.‏ فَصَارَ «كُلُّ وَاحِدٍ يَعْمَلُ بِٱلْيَدِ ٱلْوَاحِدَةِ وَيُمْسِكُ ٱلْحَرْبَةَ بِٱلْيَدِ ٱلْأُخْرَى».‏ كَمَا عَيَّنَ نَحَمْيَا رَجُلًا ‹يَنْفُخُ فِي ٱلْقَرْنِ› تَحْذِيرًا لِلْبَنَّائِينَ فِي حَالِ هَجَمَ ٱلْعَدُوُّ عَلَيْهِمْ.‏ وَٱلْأَهَمُّ مِنْ كُلِّ ذلِكَ أَنَّهُ طَمْأَنَ ٱلشَّعْبَ مِنْ جَدِيدٍ:‏ «إِلٰهُنَا يُحَارِبُ عَنَّا».‏ (‏نحميا ٤:‏١٥-‏٢٠‏)‏ وَهكَذَا بَعْدَ أَنْ تَشَجَّعَ ٱلْبَنَّاؤُونَ وَصَارُوا أَكْثَرَ ٱسْتِعْدَادًا لِمُوَاجَهَةِ ٱلْهَجَمَاتِ،‏ تَابَعُوا ٱلْعَمَلَ ٱلْمُوكَلَ إِلَيْهِمْ.‏ فَأَيَّةُ دُرُوسٍ نَسْتَمِدُّهَا مِنْ هذِهِ ٱلرِّوَايَةِ؟‏

      ١١ مَا ٱلَّذِي يُمَكِّنُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ تَحْتَ ٱلْحَظْرِ مِنَ ٱلصُّمُودِ فِي وَجْهِ ٱلْمُقَاوِمِينَ،‏ وَكَيْفَ يَغْلِبُونَ ٱلسُّوءَ بِٱلصَّلَاحِ؟‏

      ١١ فِي بَعْضِ ٱلْأَحْيَانِ،‏ يُوَاجِهُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ مُقَاوَمَةً عَنِيفَةً،‏ حَتَّى إِنَّ مُقَاوِمِي ٱلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ ٱلشَّرِسِينَ يُشَكِّلُونَ فِي بَعْضِ ٱلْبُلْدَانِ قُوَّةً عَظِيمَةً.‏ وَمِنْ وُجْهَةِ نَظَرٍ بَشَرِيَّةٍ،‏ لَا مَجَالَ لِأَنْ يَصْمُدَ رُفَقَاؤُنَا ٱلْمُؤْمِنُونَ فِي وَجْهِهِمْ.‏ لكِنَّهُمْ وَاثِقُونَ أَنَّ ‹ٱللّٰهَ سَيُحَارِبُ عَنْهُمْ›.‏ وَفِي ٱلْوَاقِعِ،‏ غَالِبًا مَا يَشْعُرُ إِخْوَتُنَا ٱلْمُضْطَهَدُونَ مِنْ أَجْلِ مُعْتَقَدَاتِهِمْ أَنَّ يَهْوَه يَسْتَجِيبُ صَلَوَاتِهِمْ وَ ‹يُبْطِلُ خُطَّةَ› ٱلْأَعْدَاءِ ٱلْأَشِدَّاءِ.‏ حَتَّى فِي ٱلْبُلْدَانِ حَيْثُ عَمَلُ ٱلْمَلَكُوتِ مَحْظُورٌ،‏ لَا يَعْدَمُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ وَسِيلَةً لِمُوَاصَلَةِ ٱلْكِرَازَةِ بِٱلْبِشَارَةِ.‏ فَتَمَامًا كَمَا أَجْرَى ٱلْبَنَّاؤُونَ فِي أُورُشَلِيمَ بَعْضَ ٱلتَّعْدِيلَاتِ فِي طَرِيقَةِ عَمَلِهِمْ،‏ يُجْرِي شُهُودُ يَهْوَه ٱلْيَوْمَ بِفِطْنَةٍ تَعْدِيلَاتٍ فِي طَرِيقَةِ كِرَازَتِهِمْ حِينَ يُهَاجَمُونَ،‏ لكِنَّهُمْ بِٱلطَّبْعِ لَا يَسْتَخْدِمُونَ أَسْلِحَةً حَرْفِيَّةً.‏ (‏٢ كورنثوس ١٠:‏٤‏)‏ وَهكَذَا،‏ حَتَّى لَوْ تَعَرَّضَ ٱلشُّهُودُ لِلْعُنْفِ ٱلْجَسَدِيِّ فَإِنَّ ذلِكَ لَا يُعَرْقِلُ نَشَاطَاتِهِمِ ٱلْكِرَازِيَّةَ.‏ (‏١ بطرس ٤:‏١٦‏)‏ عَلَى ٱلْعَكْسِ،‏ ‹يَغْلِبُ› هؤُلَاءِ ٱلْإِخْوَةُ وَٱلْأَخَوَاتُ ٱلشُّجْعَانُ ‹ٱلسُّوءَ بِٱلصَّلَاحِ›.‏

      ‏«‏هَلُمَّ نَتَوَاعَدُ وَنَلْتَقِي»‏

      ١٢،‏ ١٣ (‏أ)‏ أَيَّةُ مَكِيدَةٍ لَجَأَ إِلَيْهَا أَعْدَاءُ نَحَمْيَا؟‏ (‏ب)‏ لِمَاذَا رَفَضَ نَحَمْيَا لِقَاءَ مُقَاوِمِيهِ؟‏

      ١٢ بَعْدَ أَنْ أَدْرَكَ أَعْدَاءُ نَحَمْيَا أَنَّ هَجَمَاتِهِمِ ٱلْمُبَاشَرَةَ بَاءَتْ بِٱلْفَشَلِ،‏ لَجَأُوا إِلَى أَشْكَالٍ خَبِيثَةٍ مِنَ ٱلْمُقَاوَمَةِ.‏ فَقَدْ حَاكُوا لَهُ ثَلَاثَ مَكَائِدَ.‏ مَا هِيَ؟‏

      ١٣ فِي ٱلْمَكِيدَةِ ٱلْأُولَى،‏ حَاوَلَ أَعْدَاءُ نَحَمْيَا أَنْ يَخْدَعُوهُ قَائِلِينَ:‏ «هَلُمَّ نَتَوَاعَدُ وَنَلْتَقِي فِي قُرَى سَهْلِ وَادِي أُونُو».‏ فَبِمَا أَنَّ أُونُو تَقَعُ بَيْنَ أُورُشَلِيمَ وَٱلسَّامِرَةِ،‏ كَانَ ٱلْأَعْدَاءُ يَقْتَرِحُونَ عَلَى نَحَمْيَا أَنْ يَلْتَقُوا مَعَهُ فِي نُقْطَةٍ وَسَطٍ لِكَيْ يَحُلُّوا خِلَافَاتِهِمْ.‏ فَمَاذَا فَعَلَ نَحَمْيَا؟‏ كَانَ مِنَ ٱلْمُمْكِنِ أَنْ يُفَكِّرَ:‏ ‹يَبْدُو هذَا ٱلْحَلُّ مَنْطِقِيًّا،‏ فَٱلْحِوَارُ أَفْضَلُ مِنَ ٱلْعِرَاكِ›.‏ لكِنَّهُ لَمْ يُفَكِّرْ بِهذِهِ ٱلطَّرِيقَةِ وَلَمْ يَقْبَلْ عَرْضَهُمْ.‏ لِمَاذَا؟‏ يُجِيبُ نَحَمْيَا:‏ ‹كَانُوا يُخَطِّطُونَ لِإِلْحَاقِ ٱلضَّرَرِ بِي›.‏ فَقَدْ أَدْرَكَ أَنَّهَا مَكِيدَةٌ خَدَّاعَةٌ يَحُوكُونَهَا لَهُ.‏ لِذلِكَ قَالَ لِمُقَاوِمِيهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ:‏ «لَا أَسْتَطِيعُ ٱلنُّزُولَ.‏ لِمَاذَا يَتَعَطَّلُ ٱلْعَمَلُ فِيمَا أَتْرُكُهُ وَأَنْزِلُ إِلَيْكُمْ؟‏».‏ وَهكَذَا فَشِلَتْ مُحَاوَلَاتُ ٱلْأَعْدَاءِ لِجَعْلِ نَحَمْيَا يَقْبَلُ بِهذَا ٱلْحَلِّ ٱلْوَسَطِ.‏ فَقَدْ بَقِيَ مُرَكِّزًا عَلَى عَمَلِ ٱلْبِنَاءِ.‏ —‏ نحميا ٦:‏١-‏٤‏.‏

      ١٤ مَاذَا فَعَلَ نَحَمْيَا حِينَ وُجِّهَتْ إِلَيْهِ ٱتِّهَامَاتٌ بَاطِلَةٌ؟‏

      ١٤ فِي ٱلْمَكِيدَةِ ٱلثَّانِيَةِ،‏ لَجَأَ ٱلْأَعْدَاءُ إِلَى إِطْلَاقِ ٱلشَّائِعَاتِ عَلَى نَحَمْيَا مُتَّهِمِينَ إِيَّاهُ ‹بِٱلتَّخْطِيطِ لِلتَّمَرُّدِ› عَلَى ٱلْمَلِكِ أَرْتَحْشَسْتَا.‏ وَمِنْ جَدِيدٍ طَلَبُوا مِنْهُ:‏ «هَلُمَّ ٱلْآنَ لِنَتَشَاوَرَ مَعًا».‏ لكِنَّ نَحَمْيَا رَفَضَ مَرَّةً أُخْرَى هذَا ٱلْعَرْضَ لِأَنَّهُ عَرَفَ نَوَايَا أَعْدَائِهِ.‏ كَتَبَ:‏ «كَانُوا جَمِيعُهُمْ يُخِيفُونَنَا،‏ قَائِلِينَ:‏ ‹سَتَرْتَخِي أَيْدِيهِمْ عَنِ ٱلْعَمَلِ فَلَا يُعْمَلُ›».‏ وَمَاذَا فَعَلَ نَحَمْيَا؟‏ لَقَدْ دَحَضَ هذِهِ ٱلْمَرَّةَ ٱتِّهَامَاتِ ٱلْأَعْدَاءِ قَائِلًا لِسَنْبَلَّطَ:‏ «لَيْسَ ٱلْأَمْرُ كَمَا تَقُولُ،‏ إِنَّمَا أَنْتَ تَخْتَلِقُ ذٰلِكَ مِنْ قَلْبِكَ».‏ كَمَا صَلَّى إِلَى يَهْوَه:‏ «قَوِّ .‏ .‏ .‏ يَدَيَّ».‏ فَقَدْ كَانَ وَاثِقًا أَنَّهُ سَيَتَمَكَّنُ بِمَعُونَةِ يَهْوَه مِنْ إِحْبَاطِ هذِهِ ٱلْمَكِيدَةِ ٱلشِّرِّيرَةِ وَٱلْمُضِيِّ قُدُمًا فِي عَمَلِ ٱلْبِنَاءِ.‏ —‏ نحميا ٦:‏٥-‏٩‏.‏

      ١٥ أَيَّةُ نَصِيحَةٍ قَدَّمَهَا نَبِيٌّ كَاذِبٌ لِنَحَمْيَا،‏ وَلِمَاذَا لَمْ يَقْبَلْهَا؟‏

      ١٥ فِي ٱلْمَكِيدَةِ ٱلثَّالِثَةِ،‏ ٱسْتَخْدَمَ ٱلْأَعْدَاءُ إِسْرَائِيلِيًّا خَائِنًا يُدْعَى شَمَعْيَا لِجَعْلِ نَحَمْيَا يَكْسِرُ شَرِيعَةَ ٱللّٰهِ.‏ فَقَدْ قَالَ لَهُ:‏ «لِنَتَوَاعَدْ وَنَلْتَقِ فِي بَيْتِ ٱللّٰهِ،‏ فِي دَاخِلِ ٱلْهَيْكَلِ،‏ وَنُغْلِقْ أَبْوَابَ ٱلْهَيْكَلِ،‏ لِأَنَّهُمْ آتُونَ لِيَقْتُلُوكَ».‏ كَانَ شَمَعْيَا يَقُولُ لِنَحَمْيَا إِنَّ ٱلْأَعْدَاءَ يَنْوُونَ ٱغْتِيَالَهُ وَإِنَّ عَلَيْهِ ٱلِٱخْتِبَاءَ فِي ٱلْهَيْكَلِ لِكَيْ يَنْجُوَ بِحَيَاتِهِ.‏ غَيْرَ أَنَّ نَحَمْيَا لَمْ يَكُنْ كَاهِنًا،‏ وَٱخْتِبَاؤُهُ فِي بَيْتِ ٱللّٰهِ ٱعْتُبِرَ خَطِيَّةً.‏ فَهَلْ كَانَ سَيَكْسِرُ شَرِيعَةَ ٱللّٰهِ لِكَيْ يَنْجُوَ بِحَيَاتِهِ؟‏ أَجَابَ نَحَمْيَا:‏ «أَرَجُلٌ مِثْلِي .‏ .‏ .‏ يَدْخُلُ ٱلْهَيْكَلَ وَيَحْيَا؟‏ لَنْ أَدْخُلَ!‏».‏ وَلِمَاذَا لَمْ يَقَعْ نَحَمْيَا فِي ٱلْفَخِّ ٱلَّذِي نُصِبَ لَهُ؟‏ لِأَنَّهُ عَرَفَ أَنَّ «ٱللّٰهَ لَمْ يُرْسِلْ» شَمَعْيَا مَعَ أَنَّهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.‏ فَلَوْ كَانَ نَبِيًّا حَقِيقِيًّا لَمَا نَصَحَهُ بِكَسْرِ شَرِيعَةِ ٱللّٰهِ.‏ وَهذِهِ ٱلْمَرَّةَ أَيْضًا،‏ لَمْ يَدَعْ نَحَمْيَا ٱلسُّوءَ يَغْلِبُهُ.‏ وَبُعَيْدَ ذلِكَ،‏ كَتَبَ:‏ «وَأَخِيرًا كَمُلَ ٱلسُّورُ فِي ٱلْخَامِسِ وَٱلْعِشْرِينَ مِنْ أَيْلُولَ،‏ فِي ٱثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ يَوْمًا».‏ —‏ نحميا ٦:‏١٠-‏١٥؛‏ عدد ١:‏٥١؛‏ ١٨:‏٧‏.‏

      ١٦ (‏أ)‏ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ نَتَصَرَّفَ حِينَ نُوَاجِهُ أَصْدِقَاءَ كَاذِبِينَ،‏ مُتَّهِمِينَ كَاذِبِينَ،‏ وَإِخْوَةً كَاذِبِينَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ تُظْهِرُونَ شَخْصِيًّا أَنَّكُمْ تَرْفُضُونَ ٱلْمُسَايَرَةَ عَلَى حِسَابِ مُعْتَقَدَاتِكُمْ فِي ٱلْبَيْتِ أَوِ ٱلْمَدْرَسَةِ أَوِ ٱلْعَمَلِ؟‏

      ١٦ عَلَى غِرَارِ نَحَمْيَا،‏ قَدْ نُوَاجِهُ نَحْنُ أَيْضًا مُقَاوِمِينَ هُمْ أَصْدِقَاءُ كَاذِبُونَ،‏ مُتَّهِمُونَ كَاذِبُونَ،‏ وَإِخْوَةٌ كَاذِبُونَ.‏ فَفِي بَعْضِ ٱلْأَحْيَانِ،‏ يَطْلُبُ مِنَّا ٱلْبَعْضُ أَنْ نَلْتَقِيَ مَعًا فِي نُقْطَةٍ وَسَطٍ،‏ إِذَا جَازَ ٱلتَّعْبِيرُ.‏ فَقَدْ يُحَاوِلُونَ إِقْنَاعَنَا أَنَّهُ إِذَا خَفَّفْنَا مِنْ غَيْرَتِنَا فِي خِدْمَةِ يَهْوَه،‏ يُمْكِنُ أَنْ نُحَقِّقَ بَعْضَ ٱلْأَهْدَافِ ٱلْعَالَمِيَّةِ.‏ لكِنَّنَا نَرْفُضُ أَنْ نَقْبَلَ هذَا ٱلْحَلَّ ٱلْوَسَطَ لِأَنَّ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ يَحْتَلُّ ٱلْمَرْتَبَةَ ٱلْأُولَى فِي حَيَاتِنَا.‏ (‏متى ٦:‏٣٣؛‏ لوقا ٩:‏٥٧-‏٦٢‏)‏ بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى ذلِكَ،‏ يُوَجِّهُ إِلَيْنَا ٱلْمُقَاوِمُونَ ٱتِّهَامَاتٍ بَاطِلَةً.‏ فَفِي بَعْضِ ٱلْبُلْدَانِ،‏ نُتَّهَمُ بِأَنَّنَا نُشَكِّلُ تَهْدِيدًا لِلدَّوْلَةِ،‏ تَمَامًا كَمَا ٱتُّهِمَ نَحَمْيَا بِٱلتَّمَرُّدِ عَلَى ٱلْمَلِكِ.‏ وَقَدْ نَجَحْنَا فِي دَحْضِ بَعْضِ ٱلِٱتِّهَامَاتِ أَمَامَ ٱلْمَحَاكِمِ.‏ وَلكِنْ مَهْمَا كَانَتِ ٱلنَّتِيجَةُ فِي حَالَاتٍ مُعَيَّنَةٍ،‏ نَحْنُ نُصَلِّي بِثِقَةٍ إِلَى يَهْوَه أَنْ يُوَجِّهَ ٱلْأُمُورَ بِحَسَبِ مَشِيئَتِهِ.‏ (‏فيلبي ١:‏٧‏)‏ وَقَدْ تَأْتِينَا ٱلْمُقَاوَمَةُ أَيْضًا مِنْ أَشْخَاصٍ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَخْدُمُونَ يَهْوَه.‏ فَكَمَا حَاوَلَ أَحَدُ ٱلرُّفَقَاءِ ٱلْيَهُودِ أَنْ يُقْنِعَ نَحَمْيَا بِكَسْرِ شَرِيعَةِ ٱللّٰهِ لِكَيْ يَنْجُوَ بِحَيَاتِهِ،‏ قَدْ يُحَاوِلُ شُهُودٌ سَابِقُونَ ٱرْتَدُّوا عَنِ ٱلْإِيمَانِ أَنْ يَضْغَطُوا عَلَيْنَا لِكَيْ نُسَايِرَ عَلَى حِسَابِ مُعْتَقَدَاتِنَا بِطَرِيقَةٍ أَوْ بِأُخْرَى.‏ غَيْرَ أَنَّنَا نَرْفُضُ ٱلْإِصْغَاءَ إِلَى هؤُلَاءِ ٱلْمُرْتَدِّينَ لِأَنَّنَا نَعْرِفُ أَنَّ نَجَاتَنَا وَقْفٌ عَلَى ٱتِّبَاعِنَا شَرَائِعَ ٱللّٰهِ،‏ لَا عَلَى كَسْرِنَا إِيَّاهَا.‏ (‏١ يوحنا ٤:‏١‏)‏ نَعَمْ،‏ بِمُسَاعَدَةِ يَهْوَه يُمْكِنُنَا أَنْ نَغْلِبَ كُلَّ أَشْكَالِ ٱلسُّوءِ.‏

      إِعْلَانُ ٱلْبِشَارَةِ رَغْمَ مُوَاجَهَةِ ٱلسُّوءِ

      ١٧،‏ ١٨ (‏أ)‏ مَا هُوَ هَدَفُ ٱلشَّيْطَانِ وَعُمَلَائِهِ؟‏ (‏ب)‏ عَلَامَ أَنْتُمْ مُصَمِّمُونَ،‏ وَلِمَاذَا؟‏

      ١٧ تَقُولُ كَلِمَةُ ٱللّٰهِ إِنَّ إِخْوَةَ ٱلْمَسِيحِ ٱلْمَمْسُوحِينَ «غَلَبُوا [ٱلشَّيْطَانَ] .‏ .‏ .‏ بِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ».‏ (‏رؤيا ١٢:‏١١‏)‏ إِذًا،‏ ثَمَّةَ ٱرْتِبَاطٌ وَثِيقٌ بَيْنَ غَلْبِ ٱلشَّيْطَانِ —‏ مَصْدَرِ ٱلسُّوءِ —‏ وَٱلْكِرَازَةِ بِرِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ.‏ لِذلِكَ لَا عَجَبَ أَنْ يُحَارِبَ ٱلشَّيْطَانُ بِشَرَاسَةٍ ٱلْبَقِيَّةَ ٱلْمَمْسُوحَةَ وَ ‹ٱلْجَمْعَ الكَثِيرَ› عَلَى ٱلسَّوَاءِ بِإِثَارَةِ ٱلْمُقَاوَمَةِ ضِدَّهُمْ.‏ —‏ رؤيا ٧:‏٩؛‏ ١٢:‏١٧‏.‏

      ١٨ وَكَمَا رَأَيْنَا،‏ قَدْ تَشْمُلُ ٱلْمُقَاوَمَةُ ٱلْهُجُومَ ٱلشَّفَهِيَّ وَٱلْعُنْفَ،‏ أَوْ يُمْكِنُ أَنْ تَتَّخِذَ أَشْكَالًا خَبِيثَةً أُخْرَى.‏ وَفِي كُلِّ ٱلْأَحْوَالِ،‏ يَبْقَى هَدَفُ ٱلشَّيْطَانِ وَاحِدًا:‏ أَنْ يُوقِفَ عَمَلَ ٱلْكِرَازَةِ.‏ لكِنَّهُ سَيَفْشَلُ فَشَلًا ذَرِيعًا لِأَنَّ شَعْبَ ٱللّٰهِ مُصَمِّمُونَ مِثْلَ نَحَمْيَا قَدِيمًا أَنْ ‹يَغْلِبُوا ٱلسُّوءَ بِٱلصَّلَاحِ›.‏ وَهُمْ يَفْعَلُونَ ذلِكَ بِٱلْمُدَاوَمَةِ عَلَى ٱلْكِرَازَةِ بِٱلْبِشَارَةِ إِلَى أَنْ يَقُولَ يَهْوَه أَنَّ ٱلْعَمَلَ قَدِ ٱنْتَهَى.‏ —‏ مرقس ١٣:‏١٠؛‏ روما ٨:‏٣١؛‏ فيلبي ١:‏٢٧،‏ ٢٨‏.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a لِلْحُصُولِ عَلَى مَعْلُومَاتٍ حَوْلَ خَلْفِيَّةِ هذِهِ ٱلْحَوَادِثِ،‏ ٱقْرَأْ نحميا ١:‏١-‏٤؛‏ ٢:‏١-‏٦،‏ ٩-‏٢٠؛‏ ٤:‏١-‏٢٣؛‏ ٦:‏١-‏١٥‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة