مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ‏«حيثما ذهبتِ أذهب»‏
    اقتد بإيمانهم
    • راعوث

      اَلْفَصْلُ ٱلرَّابِعُ

      ‏«حَيْثُمَا ذَهَبْتِ أَذْهَبْ»‏

      ١،‏ ٢ (‏أ)‏ كَيْفَ كَانَتْ رِحْلَةُ رَاعُوثَ وَنُعْمِي وَلِمَ ٱسْتَأْثَرَ ٱلْحُزْنَ بِهِمَا؟‏ (‏ب)‏ مَا ٱلْفَارِقُ بَيْنَ رَاعُوثَ وَنُعْمِي ٱلذَّاهِبَتَيْنِ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟‏

      سَارَتْ رَاعُوثُ إِلَى جَانِبِ نُعْمِي فِي ٱلطَّرِيقِ ٱلَّذِي يَخْتَرِقُ سُهُولَ مُوآبَ ٱلْمُرْتَفِعَةَ.‏ كَانَتْ هَاتَانِ ٱلْمَرْأَتَانِ مَغْلُوبَتَيْنِ عَلَى أَمْرِهِمَا،‏ وَحِيدَتَيْنِ فِي تِلْكَ ٱلرِّحَابِ ٱلشَّاسِعَةِ ٱلَّتِي تَعْصِفُ بِهَا ٱلرِّيَاحُ.‏ تَخَيَّلْ رَاعُوثَ تُلَاحِظُ ٱلشَّمْسَ تُشَمِّرُ لِلْغُرُوبِ،‏ فَتَنْظُرُ إِلَى حَمَاتِهَا مُتَسَائِلَةً هَلْ حَانَ ٱلْوَقْتُ لِإِيجَادِ مَكَانٍ تَأْوِيَانِ إِلَيْهِ.‏ إِنَّهَا تُحِبُّ نُعْمِي مَحَبَّةً شَدِيدَةً،‏ وَهِيَ مُسْتَعِدَّةٌ أَنْ تَبْذُلَ كُلَّ مَا فِي وِسْعِهَا كَيْ تَعْتَنِيَ بِهَا.‏

      ٢ اَلْحُزْنُ مُسْتَأْثِرٌ بِقَلْبِ هَاتَيْنِ ٱلْمَرْأَتَيْنِ.‏ فَنُعْمِي،‏ ٱلَّتِي تَرَمَّلَتْ مُنْذُ سِنِينَ،‏ مَحْزُونَةٌ ٱلْآنَ لِوَفَاةِ ٱبْنَيْهَا كِلْيُونَ وَمَحْلُونَ.‏ وَرَاعُوثُ مُغْتَمَّةٌ بِسَبَبِ مَوْتِ زَوْجِهَا مَحْلُونَ.‏ صَحِيحٌ أَنَّهُمَا تَقْصِدَانِ ٱلْوُجْهَةَ عَيْنَهَا،‏ بَلْدَةَ بَيْتَ لَحْمَ فِي إِسْرَائِيلَ،‏ وَلٰكِنْ ثَمَّةَ فَارِقٌ بَيْنَهُمَا.‏ فَنُعْمِي عَائِدَةٌ إِلَى دِيَارِهَا،‏ أَمَّا رَاعُوثُ فَمُتَّجِهَةٌ إِلَى ٱلْمَجْهُولِ،‏ تَارِكَةً وَرَاءَهَا أَنْسِبَاءَهَا وَمَوْطِنَهَا وَعَادَاتِهَا وَآلِهَتَهَا.‏ —‏ اقرأ راعوث ١:‏​٣-‏٦‏.‏

      ٣ أَيُّ سُؤَالَيْنِ تُسَاعِدُنَا أَجْوِبَتُهُمَا أَنْ نَقْتَدِيَ بِإِيمَانِ رَاعُوثَ؟‏

      ٣ فَمَاذَا يَدْفَعُ هٰذِهِ ٱلشَّابَّةَ ٱلْمُوآبِيَّةَ إِلَى قَلْبِ حَيَاتِهَا رَأْسًا عَلَى عَقِبٍ؟‏ وَمِنْ أَيْنَ لَهَا ٱلْقُوَّةُ لِتَبْدَأَ حَيَاةً جَدِيدَةً وَتَهْتَمَّ بِنُعْمِي؟‏ سَتَكْشِفُ لَنَا أَجْوِبَةُ هٰذَيْنِ ٱلسُّؤَالَيْنِ ٱلْكَثِيرَ عَنْ إِيمَانِ رَاعُوثَ ٱلْجَدِيرِ بِٱلِٱقْتِدَاءِ.‏ (‏اُنْظُرْ أَيْضًا ٱلْإِطَارَ «‏تُحْفَةٌ رَائِعَةٌ‏».‏)‏ وَلٰكِنْ لِنَرَ بِدَايَةً كَيْفَ حَدَثَ أَنْ تَرَافَقَتِ ٱلْمَرْأَتَانِ فِي هٰذِهِ ٱلرِّحْلَةِ ٱلطَّوِيلَةِ إِلَى بَيْتَ لَحْمَ.‏

      عَائِلَةٌ تَمَزَّقَ شَمْلُهَا

      ٤،‏ ٥ (‏أ)‏ لِمَ ٱنْتَقَلَتْ نُعْمِي وَعَائِلَتُهَا إِلَى مُوآبَ؟‏ (‏ب)‏ أَيَّةُ تَحَدِّيَاتٍ وَاجَهَتْهَا نُعْمِي هُنَاكَ؟‏

      ٤ تَرَعْرَعَتْ رَاعُوثُ فِي مُوآبَ،‏ بَلَدٍ صَغِيرٍ شَرْقِيَّ ٱلْبَحْرِ ٱلْمَيِّتِ تَتَنَاثَرُ فِي مُعْظَمِ أَرَاضِيهِ هِضَابٌ مُرْتَفِعَةٌ تَكْسُوهَا ٱلْأَشْجَارُ وَتَشُقُّهَا ٱلْوِدْيَانُ ٱلْعَمِيقَةُ.‏ وَلَطَالَمَا كَانَتْ «بِلَادُ مُوآبَ» أَرْضًا زِرَاعِيَّةً خِصْبَةً حَتَّى أَثْنَاءَ ٱلْمَجَاعَةِ ٱلَّتِي ضَرَبَتْ إِسْرَائِيلَ.‏ وَفِي ٱلْوَاقِعِ،‏ كَانَ هٰذَا هُوَ ٱلسَّبَبَ وَرَاءَ لِقَاءِ رَاعُوثَ بِمَحْلُونَ وَعَائِلَتِهِ.‏ —‏ را ١:‏١‏.‏

      ٥ فَحِينَ حَلَّتِ ٱلْمَجَاعَةُ بِإِسْرَائِيلَ،‏ ٱرْتَأَى أَلِيمَالِكُ زَوْجُ نُعْمِي أَنْ يُغَادِرَ مَوْطِنَهُ هُوَ وَزَوْجَتُهُ وَٱبْنَاهُ وَيَتَغَرَّبَ فِي مُوآبَ.‏ وَلَا بُدَّ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْخُطْوَةَ ٱمْتَحَنَتْ إِيمَانَ كُلِّ فَرْدٍ فِي ٱلْعَائِلَةِ.‏ فَقَدْ كَانَ عَلَى ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ تَقْدِيمُ ٱلْعِبَادَةِ بِٱنْتِظَامٍ فِي ٱلْمَكَانِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلَّذِي ٱخْتَارَهُ يَهْوَهُ.‏ (‏تث ١٦:‏​١٦،‏ ١٧‏)‏ وَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ نُعْمِي نَجَحَتْ فِي ٱلْحِفَاظِ عَلَى إِيمَانِهَا.‏ لٰكِنَّ ذٰلِكَ لَا يَعْنِي أَنَّ ٱلْأَسَى لَمْ يَغَمُرْ قَلْبَهَا لَدَى مَوْتِ زَوْجِهَا.‏ —‏ را ١:‏​٢،‏ ٣‏.‏

      ٦،‏ ٧ (‏أ)‏ لِمَاذَا رُبَّمَا خَابَ أَمَلُ نُعْمِي حِينَ تَزَوَّجَ وَلَدَاهَا مِنْ مُوآبِيَّتَيْنِ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ مُعَامَلَةُ نُعْمِي لِكَنَّتَيْهَا جَدِيرَةٌ بِٱلثَّنَاءِ؟‏

      ٦ لَعَلَّ نُعْمِي تَأَلَّمَتْ أَيْضًا حِينَ تَزَوَّجَ ٱبْنَاهَا لَاحِقًا ٱمْرَأَتَيْنِ مُوآبِيَّتَيْنِ.‏ (‏را ١:‏٤‏)‏ فَقَدْ كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّ سَلَفَهَا إِبْرَاهِيمَ لَمْ يُوَفِّرْ جُهْدًا كَيْ يَأْخُذَ لِٱبْنِهِ إِسْحَاقَ زَوْجَةً مِنْ بَنِي شَعْبِهِ ٱلَّذِينَ يَعْبُدُونَ يَهْوَهَ.‏ (‏تك ٢٤:‏​٣،‏ ٤‏)‏ هٰذَا وَإِنَّ ٱلشَّرِيعَةَ ٱلْمُوسَوِيَّةَ حَذَّرَتِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ لِئَلَّا يُصَاهِرُوا ٱلْغُرَبَاءَ،‏ خَشْيَةَ أَنْ يَقَعُوا فِي شَرَكِ ٱلصَّنَمِيَّةِ.‏ —‏ تث ٧:‏​٣،‏ ٤‏.‏

      ٧ مَعَ ذٰلِكَ،‏ تَزَوَّجَ مَحْلُونُ وَكِلْيُونُ فَتَاتَيْنِ مُوآبِيَّتَيْنِ.‏ وَسَوَاءٌ خَيَّبَ ذٰلِكَ أَمَلَ نُعْمِي أَوْ لَا،‏ فَقَدْ حَرِصَتْ عَلَى مَا يَتَّضِحُ أَنْ تُعَامِلَ كَنَّتَيْهَا رَاعُوثَ وَعُرْفَةَ بِمُنْتَهَى ٱللُّطْفِ وَٱلْمَحَبَّةِ.‏ فَلَرُبَّمَا أَمَلَتْ أَنْ تُصْبِحَا ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ عُبَّادِ يَهْوَهَ مِثْلَهَا.‏ عَلَى أَيَّةِ حَالٍ،‏ تَعَلَّقَتْ رَاعُوثُ وَعُرْفَةُ بِحَمَاتِهِمَا.‏ وَهٰذِهِ ٱلْعَلَاقَةُ ٱلْوَثِيقَةُ سَاعَدَتْهُمَا حِينَ حَلَّتْ بِهِمَا ٱلْمَأْسَاةُ.‏ فَكِلْتَاهُمَا تَرَمَّلَتَا قَبْلَ أَنْ تُرْزَقَا بِوَلَدٍ.‏ —‏ را ١:‏٥‏.‏

      ٨ مَاذَا رُبَّمَا جَذَبَ رَاعُوثَ إِلَى يَهْوَهَ؟‏

      ٨ هَلْ يُحْتَمَلُ أَنَّ خَلْفِيَّةَ رَاعُوثَ ٱلدِّينِيَّةَ هَيَّأَتْهَا لِمُوَاجَهَةِ مُصِيبَتِهَا؟‏ هٰذَا مُسْتَبْعَدٌ جِدًّا.‏ فَٱلْمُوآبِيُّونَ عَبَدُوا آلِهَةً عَدِيدَةً كَانَ كَمُوشُ كَبِيرَهَا.‏ (‏عد ٢١:‏٢٩‏)‏ وَكَمَا يَبْدُو،‏ لَمْ يَخْلُ ٱلدِّينُ ٱلْمُوآبِيُّ مِنَ ٱلْمُمَارَسَاتِ ٱلْوَحْشِيَّةِ ٱلْمُرِيعَةِ ٱلَّتِي تَفَشَّتْ فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ،‏ وَمِنْهَا تَقْدِيمُ ٱلْأَوْلَادِ ذَبَائِحَ حَيَّةً.‏ إِذًا،‏ لَا رَيْبَ أَنَّ مَا تَعَلَّمَتْهُ رَاعُوثُ مِنْ مَحْلُونَ أَوْ نُعْمِي عَنْ يَهْوَهَ،‏ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ ٱلْمُحِبِّ وَٱلرَّحِيمِ،‏ أَحْدَثَ فِي نَفْسِهَا وَقْعًا كَبِيرًا لِتَبَايُنِهِ ٱلصَّارِخِ مَعَ دِينِهَا.‏ فَيَهْوَهُ يَحْكُمُ بِمَحَبَّةٍ لَا بِإِلْقَاءِ ٱلرُّعْبِ فِي ٱلنُّفُوسِ كَآ‌لِهَتِهَا.‏ ‏(‏اقرإ التثنية ٦:‏٥‏.‏‏)‏ وَيَجُوزُ أَنَّهَا بَعْدَ ٱلْفَاجِعَةِ ٱلَّتِي أَلَمَّتْ بِهَا،‏ بَاتَتْ أَقْرَبَ إِلَى حَمَاتِهَا ٱلْمُسِنَّةِ نُعْمِي وَأَكْثَرَ تَوْقًا إِلَى سَمَاعِهَا تَتَحَدَّثُ عَنْ يَهْوَهَ ٱلْكُلِّيِّ ٱلْقُدْرَةِ،‏ أَعْمَالِهِ ٱلْعَجِيبَةِ،‏ وَتَعَامُلَاتِهِ ٱلْمُحِبَّةِ وَٱلرَّحِيمَةِ مَعَ شَعْبِهِ.‏

      راعوث ونعمي تتعانقان حزينتين

      أَعْرَبَتْ رَاعُوثُ عَنِ ٱلْحِكْمَةِ بِٱلِٱقْتِرَابِ أَكْثَرَ مِنْ نُعْمِي خِلَالَ ٱلْمِحَنِ

      ٩-‏١١ (‏أ)‏ مَاذَا قَرَّرَتْ نُعْمِي وَرَاعُوثُ وَعُرْفَةُ أَنْ يَفْعَلْنَ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا تُعَلِّمُنَا ٱلْمَآ‌سِي ٱلَّتِي نَزَلَتْ بِٱلنِّسَاءِ ٱلثَّلَاثِ؟‏

      ٩ كَانَتْ نُعْمِي مُتَشَوِّقَةً لِتَلَقِّي أَيِّ خَبَرٍ عَنْ مَوْطِنِهَا.‏ وَذَاتَ يَوْمٍ سَمِعَتْ،‏ رُبَّمَا مِنْ أَحَدِ ٱلتُّجَّارِ ٱلْجَائِلِينَ،‏ أَنَّ يَهْوَهَ ٱفْتَقَدَ شَعْبَهُ وَأَنْهَى ٱلْمَجَاعَةَ فِي إِسْرَائِيلَ.‏ وَهَا هِيَ بَيْتَ لَحْمُ،‏ ٱلَّتِي تَعْنِي «بَيْتَ ٱلْخُبْزِ»،‏ قَدْ عَادَتِ ٱسْمًا عَلَى مُسَمًّى.‏ عِنْدَئِذٍ قَرَّرَتِ ٱلرُّجُوعَ إِلَى دِيَارِهَا.‏ —‏ را ١:‏٦‏.‏

      ١٠ وَمَاذَا فَعَلَتْ رَاعُوثُ وَعُرْفَةُ؟‏ (‏را ١:‏٧‏)‏ لَقَدْ قَرَّرَتَا مُرَافَقَةَ حَمَاتِهِمَا إِلَى يَهُوذَا.‏ فَمُصَابُ أُولٰئِكَ ٱلْأَرَامِلِ ٱلثَّلَاثِ قَرَّبَهُنَّ ٱلْوَاحِدَةَ مِنَ ٱلْأُخْرَى.‏ وَيَبْدُو أَنَّ رَاعُوثَ خُصُوصًا تَأَثَّرَتْ كَثِيرًا بِلُطْفِ نُعْمِي وَإِيمَانِهَا ٱلرَّاسِخِ بِيَهْوَهَ.‏

      ١١ تُذَكِّرُنَا هٰذِهِ ٱلْقِصَّةُ أَنَّ ٱلْمَآ‌سِيَ وَٱلْمِحَنَ تُصِيبُ ٱلصَّالِحِينَ وَٱلطَّالِحِينَ عَلَى ٱلسَّوَاءِ.‏ (‏جا ٩:‏​٢،‏ ١١‏)‏ وَتُظْهِرُ لَنَا أَنَّ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ،‏ عِنْدَمَا نَخْسَرُ شَخْصًا نُحِبُّهُ،‏ أَنْ نَسْتَلْهِمَ ٱلْعَزَاءَ وَٱلصَّبْرَ مِنَ ٱلْآخَرِينَ،‏ وَلَا سِيَّمَا ٱلَّذِينَ يَحْتَمُونَ بِيَهْوَهَ،‏ ٱلْإِلٰهِ ٱلَّذِي تَعَبَّدَتْ لَهُ نُعْمِي.‏ —‏ ام ١٧:‏١٧‏.‏

      رَاعُوثُ ٱلْوَلِيَّةُ

      ١٢،‏ ١٣ لِمَ أَرَادَتْ نُعْمِي أَنْ تَظَلَّ رَاعُوثُ وَعُرْفَةُ فِي مَوْطِنِهِمَا،‏ وَمَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِهِمَا فِي ٱلْبِدَايَةِ؟‏

      ١٢ فِيمَا سَارَتِ ٱلْأَرَامِلُ ٱلثَّلَاثُ فِي طَرِيقِ ٱلْعَوْدَةِ،‏ شَغَلَ بَالَ نُعْمِي هَمٌّ آخَرُ.‏ فَقَدْ أَخَذَتْ تُفَكِّرُ بِكَنَّتَيْهَا ٱلشَّابَّتَيْنِ وَمَا أَظْهَرَتَا لَهَا وَلِٱبْنَيْهَا مِنْ مَحَبَّةٍ وَوَلَاءٍ.‏ فَهَلْ يُعْقَلُ أَنْ تَزِيدَ عَذَابَهُمَا عَذَابًا وَتَأْخُذَهُمَا مَعَهَا إِلَى بَيْتَ لَحْمَ؟‏ أَيُّ مَصِيرٍ يَنْتَظِرُهُمَا هُنَاكَ؟‏

      ١٣ لِذَا قَالَتْ لَهُمَا:‏ «اِذْهَبَا وَلْتَرْجِعْ كُلُّ وَاحِدَةٍ إِلَى بَيْتِ أُمِّهَا.‏ وَلْيَصْنَعْ يَهْوَهُ لُطْفًا حُبِّيًّا إِلَيْكُمَا،‏ كَمَا صَنَعْتُمَا إِلَى ٱلرَّجُلَيْنِ ٱللَّذَيْنِ مَاتَا وَإِلَيَّ».‏ وَعَبَّرَتْ أَيْضًا عَنْ أَمَلِهَا أَنْ يُنْعِمَ يَهْوَهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِزَوْجٍ آخَرَ وَحَيَاةٍ جَدِيدَةٍ.‏ تُتَابِعُ ٱلرِّوَايَةُ:‏ «ثُمَّ قَبَّلَتْهُمَا،‏ فَرَفَعْنَ أَصْوَاتَهُنَّ وَبَكَيْنَ».‏ فَلَا عَجَبَ أَنَّ رَاعُوثَ وَعُرْفَةَ تَعَلَّقَتَا إِلَى هٰذَا ٱلْحَدِّ بِحَمَاتِهِمَا ٱلطَّيِّبَةِ وَغَيْرِ ٱلْأَنَانِيَّةِ.‏ لِذَا أَلَحَّتَا كِلْتَاهُمَا:‏ «لَا،‏ بَلْ نَرْجِعُ مَعَكِ إِلَى شَعْبِكِ».‏ —‏ را ١:‏​٨-‏١٠‏.‏

      ١٤،‏ ١٥ (‏أ)‏ إِلَى مَاذَا رَجَعَتْ عُرْفَةُ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ حَاوَلَتْ نُعْمِي إِقْنَاعَ رَاعُوثَ بِتَرْكِهَا؟‏

      ١٤ غَيْرَ أَنَّ نُعْمِي أَصَرَّتْ عَلَى رَأْيِهَا مُوْضِحَةً أَنَّهَا غَيْرُ قَادِرَةٍ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ لَهُمَا فِي إِسْرَائِيلَ.‏ فَلَيْسَ لَهَا زَوْجٌ يُعِيلُهَا،‏ وَقَدْ فَاتَ ٱلْأَوَانُ أَنْ تَتَزَوَّجَ ثَانِيَةً.‏ وَلَا أَمَلَ أَنْ تُنْجِبَ ٱبْنَيْنِ لِيَتَزَوَّجَا مِنْهُمَا.‏ وَعَبَّرَتْ أَيْضًا أَنَّ فِي قَلْبِهَا مَرَارَةً شَدِيدَةً لِأَنَّهَا عَاجِزَةٌ عَنِ ٱلِٱعْتِنَاءِ بِهِمَا.‏ عِنْدَئِذٍ،‏ أَحَسَّتْ عُرْفَةُ أَنَّ نُعْمِي مُصِيبَةٌ فِي كَلَامِهَا.‏ فَلِمَ تَذْهَبُ مَعَهَا وَهِيَ تَحْظَى بِعَائِلَةٍ فِي مُوآبَ وَبِأُمٍّ تَهْتَمُّ بِهَا وَبِبَيْتٍ تَسْتَقِرُّ فِيهِ؟‏ لِذَا حَسُنَ فِي عَيْنَيْهَا أَنْ تَظَلَّ فِي بَلَدِهَا.‏ فَقَبَّلَتْ نُعْمِي وَوَدَّعَتْهَا مُتَأَلِّمَةً لِفِرَاقِهَا،‏ ثُمَّ عَادَتْ إِلَى مَوْطِنِهَا.‏ —‏ را ١:‏​١١-‏١٤‏.‏

      ١٥ وَلٰكِنْ مَاذَا عَنْ رَاعُوثَ؟‏ مَعَ أَنَّ مَا قَالَتْهُ نُعْمِي يَصِحُّ فِيهَا هِيَ ٱلْأُخْرَى،‏ تُتَابِعُ ٱلرِّوَايَةُ:‏ «أَمَّا رَاعُوثُ فَلَصِقَتْ بِهَا».‏ وَلَرُبَّمَا كَانَتْ نُعْمِي قَدِ ٱسْتَأْنَفَتِ ٱلسَّيْرَ حِينَ لَاحَظَتْ أَنَّ رَاعُوثَ تَمْشِي وَرَاءَهَا،‏ فَحَثَّتْهَا قَائِلَةً:‏ «هَا سِلْفَتُكِ ٱلْأَرْمَلَةُ قَدْ رَجَعَتْ إِلَى شَعْبِهَا وَآلِهَتِهَا.‏ فَٱرْجِعِي أَنْتِ مَعَ سِلْفَتِكِ ٱلْأَرْمَلَةِ».‏ (‏را ١:‏١٥‏)‏ تَكْشِفُ كَلِمَاتُ نُعْمِي هٰذِهِ تَفْصِيلًا مُهِمًّا:‏ لَمْ تَرْجِعْ عُرْفَةُ إِلَى شَعْبِهَا فَحَسْبُ،‏ بَلْ إِلَى «آلِهَتِهَا» أَيْضًا.‏ فَهِيَ لَمْ تُمَانِعْ أَنْ تَسْتَمِرَّ فِي عِبَادَةِ كَمُوشَ وَغَيْرِهِ مِنَ ٱلْآلِهَةِ ٱلْبَاطِلَةِ.‏ فَهَلْ هٰذَا مَا شَعَرَتْ بِهِ رَاعُوثُ؟‏

      ١٦-‏١٨ (‏أ)‏ كَيْفَ أَعْرَبَتْ رَاعُوثُ عَنْ مَحَبَّةٍ مَجْبُولَةٍ بِٱلْوَلَاءِ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ رَاعُوثَ عَنْ هٰذِهِ ٱلْمَحَبَّةِ؟‏ (‏اُنْظُرْ أَيْضًا صُوَرَ ٱلْمَرْأَتَيْنِ.‏)‏

      ١٦ فِيمَا سَارَتْ رَاعُوثُ وَحَمَاتُهَا فِي طَرِيقِهِمَا ٱلْمُوحِشِ،‏ عَبَّرَتْ هٰذِهِ ٱلشَّابَّةُ بِكُلِّ ثِقَةٍ عَنْ مَشَاعِرِهَا.‏ فَهِيَ أَكَنَّتْ مَحَبَّةً شَدِيدَةً لِنُعْمِي وَإِلٰهِهَا،‏ قَائِلَةً:‏ «لَا تَتَوَسَّلِي إِلَيَّ كَيْ أَتْرُكَكِ وَأَرْجِعَ عَنْ مُرَافَقَتِكِ،‏ لِأَنَّهُ حَيْثُمَا ذَهَبْتِ أَذْهَبْ،‏ وَحَيْثُمَا بِتِّ أَبِتْ.‏ شَعْبُكِ هُوَ شَعْبِي،‏ وَإِلٰهُكِ هُوَ إِلٰهِي.‏ وَحَيْثُمَا مُتِّ أَمُتْ،‏ وَهُنَاكَ أُدْفَنُ.‏ لِيَفْعَلْ يَهْوَهُ بِي هٰكَذَا وَلْيَزِدْ إِنْ فَصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَكِ غَيْرُ ٱلْمَوْتِ».‏ —‏ را ١:‏​١٦،‏ ١٧‏.‏

      راعوث تقول لنعمي:‏ «حيثما ذهبتِ أذهب»‏

      ‏«شَعْبُكِ هُوَ شَعْبِي،‏ وَإِلٰهُكِ هُوَ إِلٰهِي»‏

      ١٧ يَا لَهَا مِنْ كَلِمَاتٍ رَائِعَةٍ!‏ فَرَغْمَ مُرُورِ ٠٠٠‏,٣ سَنَةٍ،‏ لَا يَزَالُ صَدَاهَا يَتَرَدَّدُ إِلَى يَوْمِنَا هٰذَا.‏ إِنَّهَا تَكْشِفُ بِوُضُوحٍ سِمَةً رَائِعَةً تَحَلَّتْ بِهَا هٰذِهِ ٱلشَّابَّةُ:‏ اَلْمَحَبَّةَ ٱلْمَجْبُولَةَ بِٱلْوَلَاءِ.‏ فَقَدْ أَعْرَبَتْ لِحَمَاتِهَا عَنْ مَحَبَّةٍ قَوِيَّةٍ وَوَلَاءٍ لَا يَنْثَلِمُ إِلَى حَدِّ أَنَّهَا صَمَّمَتْ عَلَى مُرَافَقَتِهَا أَيْنَمَا تَذْهَبُ.‏ وَمَا كَانَ لِيَفْصِلَ بَيْنَهُمَا سِوَى ٱلْمَوْتِ!‏ فَشَعْبُ نُعْمِي كَانَ سَيُصْبِحُ شَعْبَ رَاعُوثَ ٱلَّتِي أَبْدَتِ ٱسْتِعْدَادًا لِلتَّخَلِّي عَنْ كُلِّ مَا لَهَا فِي مَوْطِنِهَا،‏ حَتَّى عَنِ ٱلْآلِهَةِ ٱلْمُوآبِيَّةِ.‏ وَبِخِلَافِ عُرْفَةَ،‏ ٱسْتَطَاعَتِ ٱلْقَوْلَ بِكُلِّ جَوَارِحِهَا إِنَّهَا تُرِيدُ هِيَ أَيْضًا أَنْ تَعْبُدَ يَهْوَهَ،‏ ٱلْإِلٰهَ ٱلَّذِي تَعْبُدُهُ نُعْمِي.‏a

      ١٨ وَهٰكَذَا،‏ مَضَتْ هَاتَانِ ٱلْمَرْأَتَانِ وَحِيدَتَيْنِ فِي ٱلطَّرِيقِ ٱلطَّوِيلِ ٱلْمُؤَدِّي إِلَى بَيْتَ لَحْمَ.‏ وَلَعَلَّ رِحْلَتَهُمَا ٱسْتَغْرَقَتْ أُسْبُوعًا كَامِلًا بِحَسَبِ أَحَدِ ٱلتَّقْدِيرَاتِ.‏ وَلٰكِنْ مِنَ ٱلْمُؤَكَّدِ أَنَّ تَرَافُقَهُمَا مَعًا صَبَّرَهُمَا وَعَزَّاهُمَا بَعْضَ ٱلشَّيْءِ.‏

      ١٩ بِرَأْيِكَ،‏ كَيْفَ نَقْتَدِي بِمَحَبَّةِ رَاعُوثَ ٱلْمَجْبُولَةِ بِٱلْوَلَاءِ فِي حَيَاتِنَا ٱلْعَائِلِيَّةِ،‏ مَعَ أَصْدِقَائِنَا،‏ وَفِي ٱلْجَمَاعَةِ؟‏

      ١٩ فِي أَيَّامِنَا هٰذِهِ ٱلَّتِي يَدْعُوهَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ «أَزْمِنَةً حَرِجَةً»،‏ لَا أَحَدَ مِنَّا بِمَنْأًى عَنِ ٱلْحُزْنِ وَٱلْأَسَى.‏ (‏٢ تي ٣:‏١‏)‏ لِذَا فَإِنَّ ٱلصِّفَةَ ٱلَّتِي تَحَلَّتْ بِهَا رَاعُوثُ ضَرُورِيَّةٌ ٱلْآنَ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى.‏ فَٱلْمَحَبَّةُ ٱلْمَجْبُولَةُ بِٱلْوَلَاءِ ٱلَّتِي تَحْمِلُنَا أَنْ نَتَعَلَّقَ بِأَحَدٍ وَلَا نُفَارِقَهُ مَهْمَا حَصَلَ تُسَاعِدُنَا كَثِيرًا فِي هٰذَا ٱلْعَالَمِ ٱلْمُظْلِمِ.‏ فَنَحْنُ نَحْتَاجُ إِلَيْهَا فِي ٱلزَّوَاجِ،‏ ٱلْعَلَاقَاتِ ٱلْعَائِلِيَّةِ،‏ ٱلصَّدَاقَاتِ،‏ وَٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ ‏(‏اقرأ ١ يوحنا ٤:‏​٧،‏ ٨،‏ ٢٠‏.‏‏)‏ وَحِينَ نُنَمِّي هٰذَا ٱلنَّوْعَ مِنَ ٱلْمَحَبَّةِ،‏ نُبَرْهِنُ أَنَّنَا نَقْتَدِي بِمِثَالِ رَاعُوثَ ٱلْبَدِيعِ.‏

      رَاعُوثُ وَنُعْمِي فِي بَيْتَ لَحْمَ

      ٢٠-‏٢٢ (‏أ)‏ أَيُّ أَثَرٍ تَرَكَتْهُ ٱلْحَيَاةُ فِي مُوآبَ عَلَى نُعْمِي؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ نَظْرَةٍ خَاطِئَةٍ تَبَنَّتْهَا نُعْمِي تِجَاهَ ٱلْمَصَائِبِ ٱلَّتِي نَزَلَتْ بِهَا؟‏ (‏اُنْظُرْ أَيْضًا يعقوب ١:‏١٣‏.‏)‏

      ٢٠ شَتَّانَ مَا بَيْنَ ٱلتَّكَلُّمِ عَنِ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلْمَجْبُولَةِ بِٱلْوَلَاءِ وَتَرْجَمَتِهَا إِلَى عَمَلٍ.‏ وَرَاعُوثُ تَسَنَّتْ لَهَا ٱلْفُرْصَةُ أَنْ تُبَرْهِنَ بِٱلْأَعْمَالِ عَنْ هٰذِهِ ٱلْمَحَبَّةِ تِجَاهَ نُعْمِي وَتِجَاهَ يَهْوَهَ أَيْضًا ٱلَّذِي ٱتَّخَذَتْهُ إِلٰهًا لَهَا.‏

      ٢١ لَقَدْ وَصَلَتِ ٱلْمَرْأَتَانِ إِلَى بَلْدَةِ بَيْتَ لَحْمَ ٱلَّتِي تَبْعُدُ نَحْوَ عَشَرَةَ كِيلُومِتْرَاتٍ جَنُوبَ أُورُشَلِيمَ.‏ وَعَلَى مَا يَبْدُو،‏ كَانَتْ نُعْمِي وَعَائِلَتُهَا مَعْرُوفِينَ جَيِّدًا فِي هٰذِهِ ٱلْبَلْدَةِ ٱلصَّغِيرَةِ،‏ لِأَنَّ ٱلْمَكَانَ كُلَّهُ ضَجَّ بِخَبَرِ عَوْدَتِهَا.‏ وَرَاحَتِ ٱلنِّسَاءُ يُحَدِّقْنَ إِلَيْهَا وَيَقُلْنَ:‏ «أَهٰذِهِ نُعْمِي؟‏».‏ فَكَمَا يَتَّضِحُ،‏ تَغَيَّرَتْ مَلَامِحُهَا بَعْدَ إِقَامَتِهَا فِي مُوآبَ.‏ فَسَنَوَاتُ ٱلشَّقَاءِ وَٱلْحُزْنِ طَبَعَتْ بَصَمَاتِهَا عَلَى وَجْهِهَا وَمَظْهَرِهَا.‏ —‏ را ١:‏١٩‏.‏

      ٢٢ بَعْدَ هٰذِهِ ٱلْغَيْبَةِ ٱلطَّوِيلَةِ،‏ أَخَذَتْ نُعْمِي تُخْبِرُ نَسِيبَاتِهَا وَجَارَاتِهَا ٱلْقُدَامَى كَمْ أَصْبَحَتْ حَيَاتُهَا مُرَّةً.‏ وَشَعَرَتْ أَيْضًا أَنَّ ٱسْمَهَا يَجِبُ أَنْ يَتَغَيَّرَ مِنْ نُعْمِي،‏ ٱلَّذِي يَعْنِي «نِعْمَتِي»،‏ إِلَى «مُرَّةٍ».‏ فَعَلَى غِرَارِ أَيُّوبَ ٱلَّذِي عَاشَ قَبْلَهَا،‏ ظَنَّتْ هٰذِهِ ٱلْمِسْكِينَةُ أَنَّ يَهْوَهَ ٱللّٰهَ هُوَ مَنْ أَنْزَلَ بِهَا ٱلْمَصَائِبَ.‏ —‏ را ١:‏​٢٠،‏ ٢١؛‏ اي ٢:‏١٠؛‏ ١٣:‏​٢٤-‏٢٦‏.‏

      ٢٣ فِيمَ بَدَأَتْ رَاعُوثُ تُفَكِّرُ،‏ وَأَيُّ تَدْبِيرٍ تَضَمَّنَتْهُ ٱلشَّرِيعَةُ ٱلْمُوسَوِيَّةُ لِلْفُقَرَاءِ؟‏ (‏اُنْظُرْ أَيْضًا ٱلْحَاشِيَةَ.‏)‏

      ٢٣ بَعْدَمَا ٱسْتَقَرَّتِ ٱلْمَرْأَتَانِ فِي بَيْتَ لَحْمَ،‏ بَدَأَتْ رَاعُوثُ تُفَكِّرُ كَيْفَ عَسَاهَا تُؤَمِّنُ لُقْمَةَ ٱلْعَيْشِ لَهَا وَلِنُعْمِي.‏ فَعَرَفَتْ أَنَّ ٱلشَّرِيعَةَ ٱلَّتِي أَعْطَاهَا يَهْوَهُ لِشَعْبِهِ فِي إِسْرَائِيلَ تَضَمَّنَتْ تَدْبِيرًا حُبِّيًّا لِلْفُقَرَاءِ.‏ فَقَدْ سُمِحَ لَهُمْ بِٱلذَّهَابِ إِلَى ٱلْحُقُولِ وَقْتَ ٱلْحَصَادِ لِيَلْتَقِطُوا مَا يُتْرَكُ وَرَاءَ ٱلْحَصَّادِينَ،‏ وَمَا يَنْمُو عِنْدَ أَطْرَافِ ٱلْحُقُولِ.‏b —‏ لا ١٩:‏​٩،‏ ١٠؛‏ تث ٢٤:‏​١٩-‏٢١‏.‏

      ٢٤،‏ ٢٥ مَاذَا فَعَلَتْ رَاعُوثُ حِينَ دَخَلَتْ بِٱلصُّدْفَةِ حَقْلًا لِبُوعَزَ،‏ وَعَلَامَ يَنْطَوِي عَمَلُ ٱللُّقَاطِ؟‏

      ٢٤ وَلَمَّا كَانَ وَقْتُ حَصَادِ ٱلشَّعِيرِ قَدْ حَلَّ،‏ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ فِي شَهْرِ نَيْسَانَ (‏إِبْرِيل)‏ حَسَبَ تَقْوِيمِنَا ٱلْحَالِيِّ،‏ قَصَدَتْ رَاعُوثُ ٱلْحُقُولَ لِتَرَى مَنْ يَسْمَحُ لَهَا أَنْ تَلْتَقِطَ فِي أَرْضِهِ.‏ فَٱتَّفَقَ أَنْ دَخَلَتْ حَقْلًا لِبُوعَزَ،‏ رَجُلٍ ثَرِيٍّ يَمْلِكُ أَرَاضِيَ كَثِيرَةً وَذِي قَرَابَةٍ لِأَلِيمَالِكَ زَوْجِ نُعْمِي.‏ وَمَعَ أَنَّ ٱلشَّرِيعَةَ أَعْطَتْهَا ٱلْحَقَّ أَنْ تَلْتَقِطَ،‏ لَمْ تَعْتَبِرْ ذٰلِكَ تَحْصِيلَ حَاصِلٍ،‏ إِنَّمَا ٱسْتَأْذَنَتْ أَوَّلًا ٱلْفَتَى ٱلْقَائِمَ عَلَى ٱلْحَصَّادِينَ وَمِنْ ثُمَّ بَاشَرَتِ ٱلْعَمَلَ.‏ —‏ را ١:‏٢٢–‏٢:‏​٣،‏ ٧‏.‏

      ٢٥ تَخَيَّلْهَا تَسِيرُ وَرَاءَ ٱلْحَصَّادِينَ.‏ فَفِيمَا رَاحُوا يَحْصُدُونَ ٱلشَّعِيرَ بِمَنَاجِلِهِمِ،‏ ٱنْحَنَتْ لِتَلْتَقِطَ مَا يَقَعُ أَوْ يُتْرَكُ مِنَ ٱلسَّنَابِلِ،‏ فَتَحْزِمُهَا حُزَمًا،‏ ثُمَّ تَأْخُذُهَا إِلَى مَكَانٍ لِتَخْبِطَهَا لَاحِقًا.‏ كَانَ هٰذَا عَمَلًا مُضْنِيًا يَسْتَغْرِقُ وَقْتًا طَوِيلًا وَيَزْدَادُ صُعُوبَةً مَعَ ٱشْتِدَادِ حَرَارَةِ ٱلشَّمْسِ.‏ غَيْرَ أَنَّ رَاعُوثَ عَمِلَتْ دُونَ تَرَاخٍ،‏ وَلَمْ تَتَوَقَّفْ إِلَّا لِتَمْسَحَ ٱلْعَرَقَ ٱلْمُتَصَبِّبَ مِنْ جَبِينِهَا وَتَتَنَاوَلَ غَدَاءً بَسِيطًا فِي «ٱلْبَيْتِ» ٱلَّذِي كَانَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ مَكَانًا يَسْتَظِلُّ بِهِ ٱلْعُمَّالُ.‏

      راعوث تلتقط بتواضع الشعير وراء الحصّادين في الحقل

      كَانَتْ رَاعُوثُ مُسْتَعِدَّةً لِلْقِيَامِ بِعَمَلٍ وَضِيعٍ وَشَاقٍّ لِتُؤَمِّنَ لُقْمَةَ ٱلْعَيْشِ لَهَا وَلِنُعْمِي

      ٢٦،‏ ٢٧ أَيُّ شَخْصِيَّةٍ تَحَلَّى بِهَا بُوعَزُ،‏ وَكَيْفَ عَامَلَ رَاعُوثَ؟‏

      ٢٦ يُسْتَبْعَدُ أَنَّ رَاعُوثَ أَمَلَتْ أَوْ تَوَقَّعَتْ أَنْ تَسْتَرْعِيَ ٱلِٱنْتِبَاهَ،‏ لٰكِنَّ هٰذَا مَا حَدَثَ.‏ فَقَدْ أَتَى بُوعَزُ،‏ رَجُلٌ إِيمَانُهُ بَارِزٌ،‏ وَحَيَّا حَصَّادِيهِ ٱلَّذِينَ رُبَّمَا كَانَ بَعْضُهُمْ عُمَّالًا يَوْمِيِّينَ أَوْ غُرَبَاءَ أَيْضًا،‏ قَائِلًا:‏ «يَهْوَهُ مَعَكُمْ».‏ فَرَدُّوا عَلَيْهِ ٱلتَّحِيَّةَ بِمِثْلِهَا.‏ وَبَعْدَمَا رَأَى رَاعُوثَ،‏ سَأَلَ ٱلْفَتَى ٱلْقَائِمَ عَلَى ٱلْعُمَّالِ مَنْ تَكُونُ ٱلْفَتَاةُ.‏ فَهٰذَا ٱلرَّجُلُ ٱلْمُسِنُّ ٱلَّذِي يُحِبُّ يَهْوَهَ أَعْرَبَ عَنِ ٱهْتِمَامٍ أَبَوِيٍّ بِهَا.‏ —‏ را ٢:‏​٤-‏٧‏.‏

      ٢٧ لِذَا أَوْصَاهَا،‏ دَاعِيًا إِيَّاهَا «يَا ٱبْنَتِي»،‏ أَلَّا تَلْتَقِطَ فِي حَقْلٍ آخَرَ وَأَنْ تُلَازِمَ فَتَيَاتِهِ،‏ خَدَمَ بَيْتِهِ،‏ كَيْ لَا يَتَعَرَّضَ لَهَا أَيٌّ مِنَ ٱلْعُمَّالِ.‏ وَحَرِصَ أَيْضًا أَنْ تَحْصُلَ عَلَى ٱلطَّعَامِ وَقْتَ ٱلْغَدَاءِ.‏ ‏(‏اقرأ راعوث ٢:‏​٨،‏ ٩،‏ ١٤‏.‏‏)‏ لٰكِنَّ ٱلْأَهَمَّ أَنَّهُ مَدَحَهَا وَشَجَّعَهَا.‏ كَيْفَ؟‏

      ٢٨،‏ ٢٩ (‏أ)‏ أَيُّ صِيتٍ ٱكْتَسَبَتْهُ رَاعُوثُ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ عَسَاكَ تَحْتَمِي بِيَهْوَهَ مِثْلَ رَاعُوثَ؟‏

      ٢٨ حِينَ سَأَلَتْهُ رَاعُوثُ كَيْفَ وَجَدَتْ هِيَ ٱلْغَرِيبَةُ حُظْوَةً فِي عَيْنَيْهِ،‏ أَجَابَهَا أَنَّهُ أُخْبِرَ بِكُلِّ مَا فَعَلَتْهُ بِحَمَاتِهَا.‏ فَعَلَى ٱلْأَرْجَحِ،‏ أَشَادَتْ نُعْمِي بِكَنَّتِهَا ٱلْمَحْبُوبَةِ لَدَى نِسَاءِ بَيْتَ لَحْمَ،‏ فَبَلَغَ ٱلْكَلَامُ مَسَامِعَ بُوعَزَ.‏ كَمَا عَلِمَ أَنَّ رَاعُوثَ ٱعْتَنَقَتْ عِبَادَةَ يَهْوَهَ،‏ إِذْ قَالَ لَهَا:‏ «لِيُكَافِئْ يَهْوَهُ عَمَلَكِ،‏ وَلْيَكُنْ أَجْرُكِ كَامِلًا مِنْ عِنْدِ يَهْوَهَ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ،‏ ٱلَّذِي جِئْتِ لِتَحْتَمِي تَحْتَ جَنَاحَيْهِ».‏ —‏ را ٢:‏١٢‏.‏

      ٢٩ لَا بُدَّ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ أَمَدَّتْ رَاعُوثَ بِتَشْجِيعٍ كَبِيرٍ.‏ فَهِيَ بِٱلْفِعْلِ صَمَّمَتْ عَلَى ٱلِٱحْتِمَاءِ تَحْتَ جَنَاحَيْ يَهْوَهَ ٱللّٰهِ،‏ مِثْلَ ٱلْعُصْفُورِ ٱلَّذِي يَسْتَكِنُّ بِأَمَانٍ تَحْتَ جَنَاحَيْ أُمِّهِ.‏ وَقَدْ شَكَرَتْ بُوعَزَ عَلَى كَلَامِهِ ٱلْمُطَمْئِنِ،‏ وَبَقِيَتْ تَلْتَقِطُ فِي ٱلْحَقْلِ إِلَى ٱلْمَسَاءِ.‏ —‏ را ٢:‏​١٣،‏ ١٧‏.‏

      ٣٠،‏ ٣١ أَيَّةُ دُرُوسٍ نَسْتَمِدُّهَا مِنْ رَاعُوثَ حَوْلَ ٱلْعَمَلِ،‏ ٱلتَّقْدِيرِ،‏ وَٱلْمَحَبَّةِ ٱلْمَجْبُولَةِ بِٱلْوَلَاءِ؟‏

      ٣٠ رَسَمَتْ رَاعُوثُ بِإِيمَانِهَا ٱلْحَيِّ مِثَالًا رَائِعًا لَنَا ٱلْيَوْمَ نَحْنُ ٱلَّذِينَ نُوَاجِهُ ضُغُوطًا ٱقْتِصَادِيَّةً كَبِيرَةً.‏ فَهِيَ لَمْ تَحْسِبْ أَنَّ ٱلْآخَرِينَ مُجْبَرُونَ عَلَى مُسَاعَدَتِهَا،‏ لِذٰلِكَ قَدَّرَتْ كُلَّ مَا قُدِّمَ لَهَا.‏ وَلَمْ تَخْجَلْ أَنْ تَقُومَ بِعَمَلٍ وَضِيعٍ،‏ عَامِلَةً بِكَدٍّ سَاعَاتٍ طَوِيلَةً لِلِٱعْتِنَاءِ بِمَنْ تُحِبُّ.‏ كَمَا أَنَّهَا قَبِلَتْ وَطَبَّقَتْ بِٱمْتِنَانٍ ٱلنَّصِيحَةَ ٱلْحَكِيمَةَ ٱلَّتِي أُسْدِيَتْ إِلَيْهَا بِشَأْنِ ٱلْحِفَاظِ عَلَى سَلَامَتِهَا أَثْنَاءَ ٱلْعَمَلِ،‏ وَمُلَازَمَةِ ٱلْأَشْخَاصِ ٱلْمُنَاسِبِينَ.‏ وَٱلْأَهَمُّ أَنَّهَا لَمْ تَنْسَ قَطُّ أَنَّ مَلَاذَهَا ٱلْحَقِيقِيَّ هُوَ يَهْوَهُ ٱللّٰهُ،‏ ٱلْأَبُ ٱلَّذِي يُزَوِّدُ ٱلْحِمَايَةَ.‏

      ٣١ فَإِذَا أَعْرَبْنَا عَنْ مَحَبَّةٍ مَجْبُولَةٍ بِٱلْوَلَاءِ مِثْلَهَا وَٱحْتَذَيْنَا حَذْوَهَا فِي ٱلتَّوَاضُعِ وَٱلِٱجْتِهَادِ وَٱلتَّقْدِيرِ،‏ يُمْسِي إِيمَانُنَا نَحْنُ أَيْضًا قُدْوَةً لِلْآخَرِينَ.‏ وَلٰكِنْ كَيْفَ ٱهْتَمَّ يَهْوَهُ بِرَاعُوثَ وَنُعْمِي؟‏ هٰذَا مَا سَنُنَاقِشُهُ فِي ٱلْفَصْلِ ٱلتَّالِي.‏

      تُحْفَةٌ رَائِعَةٌ

      يُوصَفُ سِفْرُ رَاعُوثَ بِأَنَّهُ جَوْهَرَةٌ صَغِيرَةٌ،‏ بَلْ تُحْفَةٌ رَائِعَةٌ،‏ مَعَ أَنَّهُ لَا يُضَاهِي في ٱلشُّمُولِيَّةِ سِفْرَ ٱلْقُضَاةِ ٱلَّذِي يَأْتِي قَبْلَهُ وَيُزَوِّدُ ٱلْإِطَارَ ٱلزَّمَنِيَّ لِأَحْدَاثِهِ.‏ (‏را ١:‏١‏)‏ وَكَمَا يَتَّضِحُ،‏ ٱلنَّبِيُّ صَمُوئِيلُ هُوَ مَنْ كَتَبَ هٰذَيْنِ ٱلسِّفْرَيْنِ.‏ وَقَدْ تُلَاحِظُ أَنَّ سِفْرَ رَاعُوثَ مُدْرَجٌ فِي ٱلْمَكَانِ ٱلْمُنَاسِبِ بَيْنَ أَسْفَارِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلْقَانُونِيَّةِ.‏ فَبَعْدَ ٱلْحَدِيثِ عَنِ ٱلْحُرُوبِ وَٱلْهَجَمَاتِ وَٱلدِّفَاعَاتِ فِي سِفْرِ ٱلْقُضَاةِ،‏ يَأْتِي سِفْرُ رَاعُوثَ ٱلصَّغِيرُ لِيُذَكِّرَنَا بِأَنَّ يَهْوَهَ لَا يَغْفُلُ أَبَدًا عَنِ ٱلْبُسَطَاءِ وَٱلْمَسَاكِينِ ٱلَّذِينَ يَتَصَارَعُونَ مَعَ ٱلْمَشَاكِلِ ٱلْيَوْمِيَّةِ.‏ وَهٰذِهِ ٱلرِّوَايَةُ ٱلِٱجْتِمَاعِيَّةُ ٱلْبَسِيطَةُ تُعَلِّمُنَا دُرُوسًا عَمِيقَةً وَمُفِيدَةً عَنِ ٱلْمَحَبَّةِ،‏ ٱلْإِيمَانِ،‏ ٱلْوَلَاءِ،‏ وَنَيْلِ ٱلْعَزَاءِ عِنْدَ ٱلْمِحَنِ.‏

      a مِنَ ٱلْجَدِيرِ بِٱلذِّكْرِ أَنَّ رَاعُوثَ لَمْ تُشِرْ إِلَى ٱللّٰهِ بِٱللَّقَبِ «إِلٰهٍ» فَقَطْ،‏ كَمَا قَدْ يَفْعَلُ غُرَبَاءُ كَثِيرُونَ آنَذَاكَ،‏ بَلِ ٱسْتَخْدَمَتْ أَيْضًا ٱسْمَهُ ٱلشَّخْصِيَّ،‏ يَهْوَهَ.‏ يَقُولُ اَلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ لِلْمُفَسِّرِ (‏بِٱلْإِنْكِلِيزِيَّةِ)‏:‏ «يُشَدِّدُ ٱلْكَاتِبُ بِذٰلِكَ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْغَرِيبَةَ هِيَ مِنْ أَتْبَاعِ ٱلْإِلٰهِ ٱلْحَقِّ».‏

      b كَانَتْ هٰذِهِ شَرِيعَةً مُمَيَّزَةً لَمْ تَعْهَدْهَا رَاعُوثُ إِطْلَاقًا فِي مَوْطِنِهَا.‏ فَفِي ٱلشَّرْقِ ٱلْأَدْنَى قَدِيمًا،‏ عُومِلَتِ ٱلْأَرَامِلُ مُعَامَلَةً جَائِرَةً.‏ يَذْكُرُ أَحَدُ ٱلْمَرَاجِعِ:‏ «بَعْدَ مَوْتِ ٱلزَّوْجِ،‏ كَانَتِ ٱلْأَرْمَلَةُ عُمُومًا تَعْتَمِدُ عَلَى أَبْنَائِهَا لِإِعَالَتِهَا.‏ وَفِي حَالِ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبْنَاءٌ،‏ كَانَتْ تُضْطَرُّ أَنْ تَبِيعَ نَفْسَهَا لِلْعُبُودِيَّةِ أَوْ تَلْجَأَ إِلَى ٱلْبِغَاءِ،‏ وَإِلَّا فَٱلْمَوْتُ مَآ‌لُهَا».‏

  • ‏«امرأة فاضلة»‏
    اقتد بإيمانهم
    • راعوث

      اَلْفَصْلُ ٱلْخَامِسُ

      ‏«اِمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ»‏

      ١،‏ ٢ (‏أ)‏ مَا طَبِيعَةُ ٱلْعَمَلِ ٱلَّذِي قَامَتْ بِهِ رَاعُوثُ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا لَمَسَتْ رَاعُوثُ فِي شَرِيعَةِ يَهْوَهَ وَعُبَّادِهِ؟‏

      جَثَتْ رَاعُوثُ بِجَانِبِ سَنَابِلِ ٱلشَّعِيرِ ٱلَّتِي لَمْلَمَتْهَا خِلَالَ ٱلنَّهَارِ.‏ كَانَ ٱلْمَسَاءُ يُرْخِي سَتَائِرَهُ عَلَى ٱلْحُقُولِ ٱلْمُحِيطَةِ بِبَيْتَ لَحْمَ،‏ وَعُمَّالٌ كَثِيرُونَ مَاضِينَ فِي طَرِيقِهِمْ إِلَى بَوَّابَةِ ٱلْبَلْدَةِ ٱلْجَاثِمَةِ عَلَى مُرْتَفَعٍ مُجَاوِرٍ.‏ وَمَعَ أَنَّ ٱلتَّعَبَ أَخَذَ مِنْ رَاعُوثَ كُلَّ مَأْخَذٍ بَعْدَمَا كَدَحَتْ طَوَالَ ٱلْيَوْمِ تَحْتَ حَرِّ ٱلشَّمْسِ،‏ ٱنْكَبَّتْ عَلَى ٱلسَّنَابِلِ تَخْبِطُهَا بِمِدْرَسٍ يَدَوِيٍّ أَوْ عَصًا صَغِيرَةٍ لِتَفْصِلَ ٱلْحَبَّ عَنْهَا.‏ وَلٰكِنْ رَغْمَ تَعَبِهَا،‏ ٱعْتَبَرَتْ يَوْمَهَا مُوَفَّقًا وَأَفْضَلَ بِكَثِيرٍ مِمَّا كَانَتْ تَتَرَجَّى.‏

      ٢ تُرَى هَلْ بَدَأَتِ ٱلْحَيَاةُ تَبْتَسِمُ فِي وَجْهِ هٰذِهِ ٱلْأَرْمَلَةِ ٱلْمُوآبِيَّةِ ٱلشَّابَّةِ؟‏ فَكَمَا رَأَيْنَا فِي ٱلْفَصْلِ ٱلسَّابِقِ،‏ قَرَّرَتْ رَاعُوثُ مُرَافَقَةَ حَمَاتِهَا نُعْمِي آخِذَةً عَلَى نَفْسِهَا عَهْدًا أَنْ تَلْتَصِقَ بِهَا وَتَعْبُدَ إِلٰهَهَا يَهْوَهَ.‏ وَبَعْدَ رُجُوعِهِمَا مَحْزُونَتَيْنِ مِنْ مُوآبَ إِلَى بَيْتَ لَحْمَ،‏ سُرْعَانَ مَا عَلِمَتْ أَنَّ شَرِيعَةَ يَهْوَهَ تَنُصُّ عَلَى تَدَابِيرَ عَمَلِيَّةٍ تَحْفَظُ كَرَامَةَ ٱلْفُقَرَاءِ فِي إِسْرَائِيلَ،‏ بِمَنْ فِيهِمِ ٱلْغُرَبَاءُ.‏ وَهَا هِيَ ٱلْآنَ تَرَى عُبَّادًا لِيَهْوَهَ يَعِيشُونَ بِمُقْتَضَى ٱلشَّرِيعَةِ ٱلَّتِي تَرَبَّوْا عَلَيْهَا وَيُعْرِبُونَ عَنْ نُضْجٍ رُوحِيٍّ وَلُطْفٍ فَائِقٍ مَسَّا قَلْبَهَا ٱلْجَرِيحَ.‏

      ٣،‏ ٤ (‏أ)‏ كَيْفَ شَجَّعَ بُوعَزُ رَاعُوثَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ يُسَاعِدُنَا مِثَالُ رَاعُوثَ فِي ٱلظُّرُوفِ ٱلِٱقْتِصَادِيَّةِ ٱلصَّعْبَةِ ٱلَّتِي نَعِيشُهَا ٱلْيَوْمَ؟‏

      ٣ وَأَحَدُ هٰؤُلَاءِ ٱلْعُبَّادِ هُوَ بُوعَزُ،‏ ٱلرَّجُلُ ٱلْمُسِنُّ ٱلْوَاسِعُ ٱلثَّرَاءِ ٱلَّذِي أَظْهَرَ لَهَا ٱهْتِمَامًا أَبَوِيًّا ٱلْيَوْمَ وَهِيَ تَلْتَقِطُ فِي حُقُولِهِ.‏ وَلَمْ يَسَعْهَا إِلَّا أَنْ تَبْتَسِمَ فِي سِرِّهَا حِينَ تَذَكَّرَتْ إِطْرَاءَهُ ٱللَّطِيفَ وَهُوَ يُثْنِي عَلَيْهَا لِٱهْتِمَامِهَا بِنُعْمِي وَٱحْتِمَائِهَا تَحْتَ جَنَاحَيِ ٱلْإِلٰهِ ٱلْحَقِيقِيِّ يَهْوَهَ.‏ —‏ اقرأ راعوث ٢:‏​١١-‏١٤‏.‏

      ٤ لٰكِنَّ ذٰلِكَ لَا يَمْنَعُ أَنَّ رَاعُوثَ كَانَتْ قَلِقَةً عَلَى حَيَاتِهَا فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ.‏ فَبِمَا أَنَّهَا غَرِيبَةٌ فَقِيرَةٌ لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا وَلَدَ،‏ فَكَيْفَ لَهَا أَنْ تُعِيلَ نَفْسَهَا وَحَمَاتَهَا؟‏ أَيَكْفِي ٱللُّقَاطُ لِسَدِّ حَاجَاتِهِمَا؟‏ وَمَنْ سَيُعْنَى بِأَمْرِهَا هِيَ حِينَ تَتَقَدَّمُ بِهَا ٱلسِّنُونَ؟‏ لَيْسَ مُسْتَغْرَبًا أَنْ تَشْغَلَ بَالَهَا هَوَاجِسُ كَهٰذِهِ.‏ فَٱلْيَوْمَ أَيْضًا تُثْقِلُ هُمُومٌ مُمَاثِلَةٌ كَاهِلَ ٱلْكَثِيرِينَ نَظَرًا إِلَى ٱلظُّرُوفِ ٱلِٱقْتِصَادِيَّةِ ٱلصَّعْبَةِ ٱلَّتِي نَعِيشُهَا.‏ وَفِيمَا نَتَعَلَّمُ كَيْفَ تَخَطَّتْ رَاعُوثُ بِإِيمَانِهَا هٰذِهِ ٱلصُّعُوبَاتِ،‏ نَنْدَفِعُ إِلَى ٱلِٱقْتِدَاءِ بِهَا مِنْ نَوَاحٍ عَدِيدَةٍ.‏

      مَاذَا يَجْعَلُ ٱلْعَائِلَةَ عَائِلَةً بِحَقٍّ؟‏

      ٥،‏ ٦ (‏أ)‏ هَلْ تَوَفَّقَتْ رَاعُوثُ خِلَالَ ٱلْيَوْمِ ٱلْأَوَّلِ مِنِ ٱلْتِقَاطِهَا فِي حَقْلِ بُوعَزَ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا كَانَتْ رَدَّةُ فِعْلِ نُعْمِي عِنْدَمَا رَأَتْ رَاعُوثَ؟‏

      ٥ عِنْدَمَا أَنْهَتْ رَاعُوثُ خَبْطَ ٱلسَّنَابِلِ وَجَمْعَ ٱلْحُبُوبِ،‏ تَبَيَّنَ أَنَّهَا ٱلْتَقَطَتْ نَحْوَ إِيفَةٍ (‏٢٢ لِتْرًا جَافًّا)‏ مِنَ ٱلشَّعِيرِ،‏ كَمِّيَّةً رُبَّمَا بَلَغَ وَزْنُهَا حَوَالَيْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ كِيلُوغْرَامًا.‏ فَحَمَلَتْهَا،‏ رُبَّمَا فِي صُرَّةٍ عَلَى رَأْسِهَا،‏ ثُمَّ تَوَجَّهَتْ إِلَى بَيْتَ لَحْمَ فِيمَا أَخَذَ ٱللَّيْلُ يَبْسُطُ رِدَاءَهُ ٱلْمُظْلِمَ.‏ —‏ را ٢:‏١٧‏.‏

      ٦ سُرَّتْ نُعْمِي بِرُؤْيَةِ كَنَّتِهَا ٱلْحَبِيبَةِ،‏ وَلَعَلَّهَا شَهَقَتْ مُتَفَاجِئَةً حِينَ رَأَتْ حِمْلَهَا ٱلثَّقِيلَ.‏ كَانَتْ رَاعُوثُ قَدْ جَلَبَتْ أَيْضًا مَا فَضَلَ مِنَ ٱلطَّعَامِ ٱلَّذِي زَوَّدَهُ بُوعَزُ لِلْحَصَّادِينَ،‏ فَجَلَسَتِ ٱلِٱثْنَتَانِ تَتَنَاوَلَانِ وَجْبَةً مُتَوَاضِعَةً.‏ سَأَلَتْهَا نُعْمِي:‏ «أَيْنَ ٱلْتَقَطْتِ ٱلْيَوْمَ،‏ وَأَيْنَ عَمِلْتِ؟‏ لِيَتَبَارَكْ مَنِ ٱهْتَمَّ بِكِ!‏».‏ (‏را ٢:‏١٩‏)‏ كَانَتْ نُعْمِي شَدِيدَةَ ٱلْمُلَاحَظَةِ.‏ فَقَدِ ٱسْتَنْتَجَتْ مِنْ كَمِّيَّةِ ٱلشَّعِيرِ ٱلْكَبِيرَةِ ٱلَّتِي أَحْضَرَتْهَا رَاعُوثُ أَنَّ ثَمَّةَ مَنِ ٱهْتَمَّ بِهٰذِهِ ٱلْأَرْمَلَةِ ٱلشَّابَّةِ وَعَامَلَهَا بَلُطْفٍ.‏

      ٧،‏ ٨ (‏أ)‏ حِينَ عَلِمَتْ نُعْمِي بِصَنِيعِ بُوعَزَ،‏ لِمَنْ أَرْجَعَتِ ٱلْفَضْلَ وَلِمَاذَا؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ ٱسْتَمَرَّتْ رَاعُوثُ تُعْرِبُ عَنْ مَحَبَّةٍ مَجْبُولَةٍ بِٱلْوَلَاءِ تِجَاهَ حَمَاتِهَا؟‏

      ٧ بَيْنَمَا رَاحَتِ ٱلِٱثْنَتَانِ تَتَسَامَرَانِ،‏ أَخْبَرَتْ رَاعُوثُ حَمَاتَهَا عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ ٱلَّذِي أَسْدَاهُ إِلَيْهَا بُوعَزُ.‏ فَتَأَثَّرَتْ نُعْمِي وَقَالَتْ:‏ «مُبَارَكٌ هُوَ مِنْ يَهْوَهَ،‏ ٱلَّذِي لَمْ يَتَخَلَّ عَنْ لُطْفِهِ ٱلْحُبِّيِّ نَحْوَ ٱلْأَحْيَاءِ وَٱلْأَمْوَاتِ».‏ (‏را ٢:‏٢٠‏)‏ فَقَدِ ٱعْتَبَرَتْ صَنِيعَ بُوعَزَ لُطْفًا مِنْ يَهْوَهَ ٱلَّذِي يَحُثُّ قُلُوبَ خُدَّامِهِ عَلَى ٱلسَّخَاءِ وَيَعِدُ بِمُكَافَأَتِهِمْ عَلَى إِحْسَانِهِمْ.‏a —‏ اقرإ الامثال ١٩:‏١٧‏.‏

      ٨ بَعْدَئِذٍ،‏ شَجَّعَتْ نُعْمِي رَاعُوثَ عَلَى قُبُولِ عَرْضِ بُوعَزَ أَنْ تَلْتَقِطَ فِي حُقُولِهِ وَتُلَازِمَ فَتَيَاتِهِ،‏ خَدَمَ بَيْتِهِ،‏ لِئَلَّا يَتَعَرَّضَ لَهَا ٱلْحَصَّادُونَ.‏ فَأَخَذَتْ رَاعُوثُ بِٱلنَّصِيحَةِ.‏ كَمَا أَنَّهَا ظَلَّتْ ‹سَاكِنَةً مَعَ حَمَاتِهَا›.‏ (‏را ٢:‏​٢٢،‏ ٢٣‏)‏ وَبِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ،‏ تَبْرُزُ مُجَدَّدًا ٱلْعَلَامَةُ ٱلْفَارِقَةُ ٱلَّتِي تَمَيَّزَتْ بِهَا رَاعُوثُ:‏ اَلْمَحَبَّةُ ٱلْمَجْبُولَةُ بِٱلْوَلَاءِ.‏ وَمِثَالُهَا هٰذَا يَدْفَعُنَا أَنْ نَسْأَلَ أَنْفُسَنَا هَلْ نُقَدِّرُ رَوَابِطَنَا ٱلْعَائِلِيَّةَ وَنَحْتَرِمُ ٱلْتِزَامَاتِنَا تِجَاهَ أَحِبَّائِنَا،‏ فَنُعِيلُهُمْ وَنَدْعَمُهُمْ بِوَلَاءٍ وَنُقَدِّمُ لَهُمُ ٱلْمُسَاعَدَةَ عِنْدَ ٱلْحَاجَةِ.‏ فَيَهْوَهُ لَنْ يَغْفُلَ أَبَدًا عَنْ مَحَبَّتِنَا وَوَلَائِنَا.‏

      يُعَلِّمُنَا مِثَالُ رَاعُوثَ وَنُعْمِي أَنْ نُقَدِّرَ عَائِلَتَنَا وَنَحْتَرِمَهَا حَتَّى لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً

      ٩ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ رَاعُوثَ وَنُعْمِي عَنْ مَفْهُومِ ٱلْعَائِلَةِ؟‏

      ٩ وَهَلْ يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ رَاعُوثَ وَنُعْمِيَ شَكَّلَتَا عَائِلَةً بِكُلِّ مَا لِلْكَلِمَةِ مِنْ مَعْنًى؟‏ يَرَى ٱلْبَعْضُ أَنَّ ٱلْعَائِلَةَ لَا تُعَدُّ عَائِلَةً بِحَقٍّ مَا لَمْ يَتَوَفَّرْ فِيهَا زَوْجٌ وَزَوْجَةٌ وَأَوْلَادٌ وَأَجْدَادٌ وَمَا إِلَى ذٰلِكَ.‏ لٰكِنَّ عَائِلَةَ رَاعُوثَ وَنُعْمِي تُؤَكِّدُ لَنَا أَنَّ بِإِمْكَانِ خُدَّامِ يَهْوَهَ أَنْ يَتَّحِدُوا فِي ٱلْمَحَبَّةِ وَيُشِيعُوا جَوًّا مِنَ ٱلدِّفْءِ وَٱللُّطْفِ وَٱلْمَوَدَّةِ فِي عَائِلَتِهِمْ حَتَّى لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً.‏ فَهَلْ تُقَدِّرُ عَائِلَتَكَ مَهْمَا كَانَ حَجْمُهَا؟‏ لَا تَنْسَ أَيْضًا مَا قَالَهُ يَسُوعُ لِأَتْبَاعِهِ إِنَّ ٱلْجَمَاعَةَ ٱلْمَسِيحِيَّةَ هِيَ عَائِلَةُ مَنْ لَا عَائِلَةَ لَهُ.‏ —‏ مر ١٠:‏​٢٩،‏ ٣٠‏.‏

      راعوث ونعمي تتناولان وجبة بسيطة

      تَعَاوَنَتْ رَاعُوثُ وَنُعْمِي وَتَبَادَلَتَا ٱلتَّشْجِيعَ

      ‏«هُوَ مِنْ أَوْلِيَائِنَا»‏

      ١٠ أَيُّ أَمْرٍ شَغَلَ بَالَ نُعْمِي؟‏

      ١٠ دَاوَمَتْ رَاعُوثُ عَلَى ٱلِٱلْتِقَاطِ فِي حُقُولِ بُوعَزَ بَدْءًا مِنْ حَصَادِ ٱلشَّعِيرِ فِي نَيْسَانَ (‏إِبْرِيل)‏ حَتَّى حَصَادِ ٱلْحِنْطَةِ فِي حَزِيرَانَ (‏يُونْيُو)‏.‏ وَفِيمَا مَرَّتِ ٱلْأَسَابِيعُ،‏ لَا شَكَّ أَنَّ نُعْمِيَ فَكَّرَتْ مُطَوَّلًا كَيْفَ تُسَاعِدُ كَنَّتَهَا ٱلْعَزِيزَةَ.‏ فَخِلَالَ إِقَامَتِهِمَا فِي مُوآبَ،‏ كَانَتْ قَدْ قَطَعَتِ ٱلْأَمَلَ مِنْ تَزْوِيجِهَا مَرَّةً ثَانِيَةً.‏ (‏را ١:‏​١١-‏١٣‏)‏ أَمَّا ٱلْآنَ فَٱخْتَلَفَ ٱلْوَضْعُ.‏ لِذَا قَالَتْ لَهَا:‏ «يَا ٱبْنَتِي،‏ أَلَا أَطْلُبُ لَكِ مَكَانَ رَاحَةٍ؟‏».‏ (‏را ٣:‏١‏)‏ لَقَدْ جَرَتِ ٱلْعَادَةُ فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ أَنْ يُدَبِّرَ ٱلْوَالِدُونَ رُفَقَاءَ زَوَاجٍ لِأَوْلَادِهِمْ.‏ وَبِمَا أَنَّ نُعْمِيَ ٱعْتَبَرَتْ رَاعُوثَ ٱبْنَتَهَا،‏ أَرَادَتْ أَنْ تَجِدَ لَهَا «مَكَانَ رَاحَةٍ»،‏ أَيِ ٱلطُّمَأْنِينَةَ وَٱلْحِمَايَةَ ٱللَّتَيْنِ يُفْتَرَضُ أَنْ تَنْعَمَ بِهِمَا فِي بَيْتِهَا ٱلزَّوْجِيِّ.‏ وَلٰكِنْ مَاذَا كَانَ فِي طَاقَةِ يَدِهَا أَنْ تَفْعَلَ لَهَا؟‏

      ١١،‏ ١٢ (‏أ)‏ أَيُّ تَدْبِيرٍ حُبِّيٍّ فِي شَرِيعَةِ ٱللّٰهِ أَشَارَتْ إِلَيْهِ نُعْمِي حِينَ قَالَتْ عَنْ بُوعَزَ:‏ «هُوَ مِنْ أَوْلِيَائِنَا»؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ تَجَاوَبَتْ رَاعُوثُ مَعَ نَصِيحَةِ حَمَاتِهَا؟‏

      ١١ عِنْدَمَا أَتَتْ رَاعُوثُ عَلَى ذِكْرِ بُوعَزَ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ،‏ قَالَتْ نُعْمِي:‏ «اَلرَّجُلُ ذُو قَرَابَةٍ لَنَا.‏ وَهُوَ مِنْ أَوْلِيَائِنَا».‏ (‏را ٢:‏٢٠‏)‏ فَمَاذَا عَنَتْ بِذٰلِكَ؟‏ تَضَمَّنَتِ ٱلشَّرِيعَةُ ٱلَّتِي أَعْطَاهَا ٱللّٰهُ لِإِسْرَائِيلَ تَدَابِيرَ حُبِّيَّةً لِلْعَائِلَاتِ ٱلَّتِي فُجِعَتْ أَوِ ٱفْتَقَرَتْ مِنْ غَدْرِ ٱلزَّمَانِ.‏ فَكَانَتِ ٱلْمَرْأَةُ ٱلَّتِي تَتَرَمَّلُ قَبْلَ أَنْ تُنْجِبَ وَلَدًا تَحِلُّ بِهَا مُصِيبَةٌ كَبِيرَةٌ لِأَنَّ ذُرِّيَّةَ زَوْجِهَا تَنْقَطِعُ فَيَنْدَثِرُ ٱسْمُهُ مَدَى ٱلْأَجْيَالِ.‏ لٰكِنَّ شَرِيعَةَ ٱللّٰهِ أَتَاحَتْ لِأَخِي ٱلْمَيِّتِ ٱلتَّزَوُّجَ بِأَرْمَلَةِ أَخِيهِ كَيْ تُنْجِبَ وَرِيثًا يَحْمِلُ ٱسْمَ زَوْجِهَا ٱلْمَيِّتِ وَيَهْتَمُّ بِكَافَّةِ أَمْلَاكِ ٱلْعَائِلَةِ.‏b —‏ تث ٢٥:‏​٥-‏٧‏.‏

      ١٢ بِنَاءً عَلَيْهِ،‏ أَوْضَحَتْ نُعْمِي لِكَنَّتِهَا خُطَّتَهَا لِإِتْمَامِ هٰذَا ٱلزَّوَاجِ.‏ وَلَعَلَّ رَاعُوثَ فَغَرَتْ فَمَهَا مِنَ ٱلدَّهْشَةِ فِيمَا رَاحَتْ تَسْمَعُ كَلَامَ حَمَاتِهَا.‏ فَهِيَ لَمْ تَكُنْ مُلِمَّةً بَعْدُ بِشَرِيعَةِ إِسْرَائِيلَ وَلَا بِعَادَاتِهَا وَتَقَالِيدِهَا.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ دَفَعَهَا ٱحْتِرَامُهَا ٱلْعَمِيقُ لِنُعْمِي أَنْ تُصْغِيَ بِٱنْتِبَاهٍ إِلَى كُلِّ كَلِمَةٍ.‏ وَمَعَ أَنَّ مَا نَصَحَتْهَا بِهِ بَدَا صَعْبًا أَوْ مُحْرِجًا،‏ وَرُبَّمَا مُخْزِيًا أَيْضًا،‏ وَافَقَتْ عَلَى كَلَامِهَا قَائِلَةً بِتَوَاضُعٍ:‏ «كُلُّ مَا قُلْتِ لِي أَفْعَلُهُ».‏ —‏ را ٣:‏٥‏.‏

      ١٣ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ رَاعُوثَ عَنِ ٱلْعَمَلِ بِنَصِيحَةِ ٱلْأَكْبَرِ سِنًّا؟‏ (‏اُنْظُرْ أَيْضًا أَيُّوب ١٢:‏١٢‏.‏)‏

      ١٣ أَحْيَانًا،‏ يَصْعُبُ عَلَى ٱلَّذِينَ فِي سِنِّ ٱلشَّبَابِ ٱلْعَمَلُ بِنَصِيحَةِ ٱلْأَكْبَرِ سِنًّا وَٱلْأَكْثَرِ خِبْرَةً،‏ مُفْتَرِضِينَ أَنَّ ٱلْجِيلَ ٱلْقَدِيمَ لَا يَفْهَمُ حَقًّا ٱلتَّحَدِّيَاتِ وَٱلْمَشَاكِلَ ٱلَّتِي يُوَاجِهُهَا ٱلْجِيلُ ٱلْجَدِيدُ.‏ غَيْرَ أَنَّ مِثَالَ رَاعُوثَ ٱلْمُتَوَاضِعَةِ يُعَلِّمُنَا أَنَّ ٱلْإِصْغَاءَ إِلَى حِكْمَةِ ٱلْأَكْبَرِ سِنًّا ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَنَا وَيَهْتَمُّونَ بِمَصْلَحَتِنَا يَعُودُ عَلَيْنَا بِفَوَائِدَ جَمَّةٍ.‏ ‏(‏اقرإ المزمور ٧١:‏​١٧،‏ ١٨‏.‏‏)‏ وَلٰكِنْ مَاذَا كَانَتْ مَشُورَةُ نُعْمِي لِكَنَّتِهَا،‏ وَكَيْفَ ٱسْتَفَادَتْ رَاعُوثُ مِنْ تَطْبِيقِهَا؟‏

      رَاعُوثُ فِي ٱلْبَيْدَرِ

      ١٤ مَا هُوَ ٱلْبَيْدَرُ،‏ وَمَاذَا كَانَ يُنْجَزُ فِيهِ؟‏

      ١٤ فِي ذٰلِكَ ٱلْمَسَاءِ تَوَجَّهَتْ رَاعُوثُ إِلَى ٱلْبَيْدَرِ،‏ وَهُوَ بُقْعَةٌ مُنْبَسِطَةٌ مَرْصُوصَةٌ يَقْصِدُهَا ٱلْمُزَارِعُونَ لِدَرْسِ ٱلْحُبُوبِ وَتَذْرِيَتِهَا.‏ وَيَقَعُ ٱلْبَيْدَرُ عَادَةً عَلَى تَلَّةٍ أَوْ فِي سَفْحِهَا حَيْثُ يَهُبُّ ٱلنَّسِيمُ قَوِيًّا عِنْدَ ٱلْعَصْرِ وَفِي أَوَّلِ ٱلْمَسَاءِ.‏ وَلِفَصْلِ ٱلْحُبُوبِ عَنِ ٱلْعُصَافَةِ وَٱلتِّبْنِ،‏ يُلْقِي ٱلْحَصَّادُ ٱلْحُبُوبَ فِي ٱلْهَوَاءِ مُسْتَخْدِمًا مِذْرَاةً أَوْ رَفْشًا كَبِيرًا.‏ فَتَسُوقُ ٱلرِّيحُ بَعِيدًا ٱلْعُصَافَةَ ٱلْخَفِيفَةَ ٱلْوَزْنِ،‏ فِي حِينِ تَقَعُ ٱلْحُبُوبُ ٱلْأَثْقَلُ أَرْضًا.‏

      ١٥،‏ ١٦ (‏أ)‏ كَيْفَ يَكُونُ ٱلْبَيْدَرُ عِنْدَ ٱلْمَسَاءِ،‏ وَمَاذَا فَعَلَ بُوعَزُ فِي نِهَايَةِ يَوْمِهِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ ٱكْتَشَفَ بُوعَزُ أَنَّ رَاعُوثَ مُضْطَجِعَةٌ عِنْدَ قَدَمَيْهِ؟‏

      ١٥ رَاقَبَتْ رَاعُوثُ ٱلْبَيْدَرَ دُونَ أَنْ تَلْفِتَ ٱلْأَنْظَارَ فِيمَا أَخَذَتْ وَتِيرَةُ ٱلْعَمَلِ تَخِفُّ شَيْئًا فَشَيْئًا.‏ كَانَ بُوعَزُ قَدْ أَشْرَفَ عَلَى تَذْرِيَةِ ٱلْحُبُوبِ وَكَدْسِهَا كَوْمَةً كَبِيرَةً.‏ فَأَكَلَ وَشَبِعَ ثُمَّ تَمَدَّدَ عِنْدَ طَرَفِ كُدْسِ ٱلْحُبُوبِ.‏ لَقَدْ كَانَ ٱلنَّوْمُ بِجَانِبِ ٱلْمَحْصُولِ عَادَةً شَائِعَةً كَمَا يَتَّضِحُ رُبَّمَا لِحِمَايَةِ ٱلْغَلَّةِ ٱلثَّمِينَةِ مِنَ ٱللُّصُوصِ وَٱلنَّاهِبِينَ.‏ وَعِنْدَمَا رَأَتْ رَاعُوثُ بُوعَزَ يَخْلُدُ إِلَى ٱلنَّوْمِ،‏ عَرَفَتْ أَنَّ ٱلْوَقْتَ حَانَ لِتَنْفِيذِ خُطَّةِ نُعْمِي.‏

      ١٦ فَٱقْتَرَبَتْ مِنْهُ خُلْسَةً وَدَقَّاتُ قَلْبِهَا تَتَسَارَعُ.‏ كَانَ وَاضِحًا أَنَّ ٱلرَّجُلَ مُسْتَغْرِقٌ فِي ٱلنَّوْمِ.‏ فَكَشَفَتْ جِهَةَ قَدَمَيْهِ وَٱضْطَجَعَتْ عِنْدَهُمَا مِثْلَمَا أَوْصَتْهَا نُعْمِي،‏ ثُمَّ رَاحَتْ تَنْتَظِرُ.‏ مَرَّ ٱلْوَقْتُ بَطِيئًا حَتَّى خَالَتْهُ رَاعُوثُ دَهْرًا.‏ وَأَخِيرًا نَحْوَ مُنْتَصَفِ ٱللَّيْلِ،‏ بَدَأَ بُوعَزُ يَتَقَلَّبُ فِي نَوْمِهِ.‏ ثُمَّ ٱسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَرْتَعِشُ مِنَ ٱلْبَرْدِ.‏ وَلَعَلَّهُ كَانَ يَهُمُّ بِتَغْطِيَةِ رِجْلَيْهِ حِينَ شَعَرَ بِوُجُودِ شَخْصٍ مَا.‏ تَقُولُ ٱلرِّوَايَةُ:‏ «اِلْتَفَتَ وَإِذَا بِٱمْرَأَةٍ مُضْطَجِعَةٍ عِنْدَ قَدَمَيْهِ!‏».‏ —‏ را ٣:‏٨‏.‏

      ١٧ أَيَّةُ حَقِيقَتَيْنِ مُهِمَّتَيْنِ يَتَجَاهَلُهُمَا ٱلَّذِينَ يَرَوْنَ إِيحَاءَاتٍ جِنْسِيَّةً فِي مَا فَعَلَتْهُ وَقَالَتْهُ رَاعُوثُ؟‏

      ١٧ سَأَلَ بُوعَزُ:‏ «مَنْ أَنْتِ؟‏».‏ فَأَجَابَتْ رَاعُوثُ رُبَّمَا بِصَوْتٍ مُرْتَجِفٍ:‏ «أَنَا رَاعُوثُ أَمَتُكَ،‏ فَٱبْسُطْ ذَيْلَ ثَوْبِكَ عَلَى أَمَتِكَ،‏ لِأَنَّكَ وَلِيٌّ».‏ (‏را ٣:‏٩‏)‏ يَرَى بَعْضُ ٱلْمُفَسِّرِينَ ٱلْعَصْرِيِّينَ أَنَّ مَا فَعَلَتْهُ وَقَالَتْهُ رَاعُوثُ يَحْمِلُ إِيحَاءَاتٍ جِنْسِيَّةً.‏ لٰكِنَّهُمْ يَتَجَاهَلُونَ حَقِيقَتَيْنِ مُهِمَّتَيْنِ.‏ أَوَّلًا،‏ تَصَرَّفَتْ رَاعُوثُ ٱنْسِجَامًا مَعَ عَادَاتِ ذٰلِكَ ٱلزَّمَنِ،‏ عَادَاتٍ نَسْتَغْرِبُ ٱلْكَثِيرَ مِنْهَا فِي أَيَّامِنَا هٰذِهِ.‏ لِذَا مِنَ ٱلْخَطَإِ أَنْ نَنْظُرَ إِلَى تَصَرُّفِهَا نَظْرَةً تُشَوِّهُهَا ٱلْمَقَايِيسُ ٱلْأَدَبِيَّةُ ٱلْمُنْحَطَّةُ ٱلْيَوْمَ.‏ وَثَانِيًا،‏ تَجَاوَبَ بُوعَزُ بِطَرِيقَةٍ تُبَيِّنُ أَنَّهُ ٱعْتَبَرَ سُلُوكَهَا عَفِيفًا يَسْتَحِقُّ كُلَّ ثَنَاءٍ.‏

      راعوث تتكلم مع بوعز في الليل

      سَعَتْ رَاعُوثُ لِلِقَاءِ بُوعَزَ بِنِيَّةٍ سَلِيمَةٍ وَدَافِعٍ غَيْرِ أَنَانِيٍّ

      ١٨ كَيْفَ هَدَّأَ بُوعَزُ مِنْ رَوْعِ رَاعُوثَ،‏ وَمَاذَا قَصَدَ حِينَ قَالَ إِنَّهَا صَنَعَتْ لُطْفًا حُبِّيًّا فِي «ٱلْأَوَّلِ» وَ «ٱلْأَخِيرِ»؟‏

      ١٨ قَالَ بُوعَزُ لِرَاعُوثَ بِنَغْمَةِ صَوْتٍ رَقِيقَةٍ هَدَّأَتْ رَوْعَهَا:‏ «بَارَكَكِ يَهْوَهُ يَا ٱبْنَتِي!‏ لِأَنَّ مَا صَنَعْتِهِ مِنْ لُطْفٍ حُبِّيٍّ فِي ٱلْأَخِيرِ خَيْرٌ مِنَ ٱلْأَوَّلِ،‏ إِذْ لَمْ تَذْهَبِي وَرَاءَ ٱلشُّبَّانِ،‏ فُقَرَاءَ كَانُوا أَوْ أَغْنِيَاءَ».‏ (‏را ٣:‏١٠‏)‏ فَفِي «ٱلْأَوَّلِ»،‏ أَعْرَبَتْ رَاعُوثُ عَنْ مَحَبَّةٍ مَجْبُولَةٍ بِٱلْوَلَاءِ حِينَ رَجَعَتْ مَعَ نُعْمِي إِلَى إِسْرَائِيلَ وَٱهْتَمَّتْ بِهَا.‏ وَفِي «ٱلْأَخِيرِ»،‏ أَظْهَرَتْ لُطْفًا حُبِّيًّا بِٱسْتِعْدَادِهَا لِلزَّوَاجِ مِنْ رَجُلٍ مُسِنٍّ.‏ لَقَدْ عَرَفَ بُوعَزُ أَنَّ شَابَّةً مِثْلَهَا سَتُفَكِّرُ دُونَ رَيْبٍ بِعَرِيسٍ شَابٍّ،‏ فَقِيرًا كَانَ أَوْ غَنِيًّا.‏ لٰكِنَّ رَاعُوثَ لَمْ تُرِدْ أَنْ تُحْسِنَ إِلَى نُعْمِي فَقَطْ بَلْ إِلَى حَمِيهَا ٱلْمَيِّتِ أَيْضًا،‏ بِإِنْجَابِ وَرِيثٍ لَهُ يَحْمِلُ ٱسْمَهُ بَيْنَ أَهْلِ مَوْطِنِهِ.‏ فَلَا عَجَبَ أَنَّ بُوعَزَ تَأَثَّرَ بِعَدَمِ أَنَانِيَّتِهَا.‏

      ١٩،‏ ٢٠ (‏أ)‏ لِمَاذَا لَمْ يَتَزَوَّجْ بُوعَزُ بِرَاعُوثَ عَلَى ٱلْفَوْرِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ أَظْهَرَ بُوعَزُ لُطْفًا لِرَاعُوثَ وَمُرَاعَاةً لِسُمْعَتِهَا؟‏

      ١٩ أَرْدَفَ بُوعَزُ:‏ «وَٱلْآنَ لَا تَخَافِي يَا ٱبْنَتِي.‏ كُلُّ مَا تَقُولِينَ أَفْعَلُهُ لَكِ،‏ لِأَنَّ كُلَّ ٱلشَّعْبِ فِي بَابِ ٱلْمَدِينَةِ يَعْلَمُ أَنَّكِ ٱمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ».‏ (‏را ٣:‏١١‏)‏ رَاقَتْ لِبُوعَزَ فِكْرَةُ ٱلزَّوَاجِ بِرَاعُوثَ،‏ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَتَفَاجَأْ كَثِيرًا حِينَ طَلَبَتْ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ وَلِيَّهَا.‏ لٰكِنَّهُ كَانَ رَجُلًا بَارًّا،‏ فَلَمْ يُعْطِ ٱلْأَوْلَوِيَّةَ لِأَهْوَائِهِ وَرَغَبَاتِهِ.‏ فَقَدْ أَخْبَرَ رَاعُوثَ أَنَّ هُنَاكَ وَلِيًّا آخَرَ أَقْرَبَ مِنْهُ إِلَى عَائِلَةِ زَوْجِ نُعْمِي ٱلْمَيِّتِ،‏ وَأَنَّهُ سَيَتَحَدَّثُ إِلَيْهِ أَوَّلًا بِشَأْنِ أَحَقِّيَّتِهِ فِي ٱلزَّوَاجِ بِهَا.‏

      اِكْتَسَبَتْ رَاعُوثُ صِيتًا حَسَنًا لِأَنَّهَا عَامَلَتِ ٱلْآخَرِينَ بِلُطْفٍ وَٱحْتِرَامٍ

      ٢٠ بَعْدَ ذٰلِكَ،‏ طَلَبَ مِنْهَا أَنْ تَسْتَلْقِيَ مُجَدَّدًا وَتَنَامَ حَتَّى يَلُوحَ ٱلْفَجْرُ،‏ ثُمَّ تَعُودَ خِفْيَةً إِلَى بَيْتِهَا.‏ فَقَدْ كَانَ حَرِيصًا عَلَى سُمْعَتِهَا وَسُمْعَتِهِ هُوَ أَيْضًا لِئَلَّا يَظُنَّ أَحَدٌ خَطَأً أَنَّهُمَا أَقَامَا عَلَاقَةً جِنْسِيَّةً.‏ فَعَمِلَتْ رَاعُوثُ بِكَلَامِهِ وَٱضْطَجَعَتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ،‏ وَهِيَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ أَقَلُّ تَوَتُّرًا لِأَنَّهُ لَطَفَ بِهَا وَلَمْ يَرُدَّهَا خَائِبَةً.‏ وَقَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ ٱلصُّبْحُ،‏ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتَ لَحْمَ بَعْدَمَا كَالَ لَهَا فِي مِعْطَفِهَا كَمِّيَّةً وَافِرَةً مِنَ ٱلشَّعِيرِ.‏ —‏ اقرأ راعوث ٣:‏​١٣-‏١٥‏.‏

      ٢١ لِمَ عُرِفَتْ رَاعُوثُ بِأَنَّهَا «ٱمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ»،‏ وَكَيْفَ نَقْتَدِي بِمِثَالِهَا؟‏

      ٢١ كَمْ شَعَرَتْ رَاعُوثُ بِٱلسَّعَادَةِ دُونَ شَكٍّ حِينَ ٱسْتَذْكَرَتْ كَلِمَاتِ بُوعَزَ أَنَّهَا «ٱمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ» بِشَهَادَةِ ٱلْجَمِيعِ!‏ وَلَا شَكَّ أَنَّ سَعْيَهَا ٱلدَّؤُوبَ إِلَى ٱلتَّعَرُّفِ بِيَهْوَهَ وَخِدْمَتِهِ أَسْهَمَ إِلَى حَدٍّ بَعِيدٍ فِي ٱكْتِسَابِهَا هٰذَا ٱلصِّيتَ.‏ هٰذَا عَدَا عَنْ أَنَّهَا أَظْهَرَتْ مَحَبَّةً شَدِيدَةً وَمُرَاعَاةً كَبِيرَةً لِنُعْمِي وَشَعْبِهَا،‏ فَتَكَيَّفَتْ طَوْعًا مَعَ عَادَاتِهِمْ وَأَعْرَافِهِمِ ٱلَّتِي كَانَتْ حَتْمًا غَرِيبَةً عَنْهَا.‏ فَإِذَا ٱقْتَدَيْنَا بِإِيمَانِ رَاعُوثَ،‏ نُظْهِرُ نَحْنُ أَيْضًا ٱحْتِرَامًا عَمِيقًا لِلْآخَرِينَ وَلِعَادَاتِهِمْ وَتَقَالِيدِهِمْ.‏ فَنَبْنِي صِيتًا حَسَنًا بَيْنَهُمْ وَنُعْرَفُ بِأَخْلَاقِنَا ٱلْفَاضِلَةِ.‏

      رَاعُوثُ تَجِدُ مَكَانَ رَاحَةٍ

      ٢٢،‏ ٢٣ (‏أ)‏ عَلَامَ رُبَّمَا دَلَّتِ ٱلْهَدِيَّةُ ٱلَّتِي أَعْطَاهَا بُوعَزُ لِرَاعُوثَ؟‏ (‏اُنْظُرِ ٱلْحَاشِيَةَ.‏)‏ (‏ب)‏ بِمَاذَا نَصَحَتْ نُعْمِي كَنَّتَهَا؟‏

      ٢٢ سَأَلَتْ نُعْمِي لَدَى وُصُولِ رَاعُوثَ إِلَى ٱلْبَيْتِ:‏ «مَنْ أَنْتِ يَا ٱبْنَتِي؟‏».‏ يُحْتَمَلُ أَنَّ ٱلظُّلْمَةَ حَالَتْ دُونَ أَنْ تُمَيِّزَ نُعْمِي كَنَّتَهَا.‏ لٰكِنَّهَا أَرَادَتْ أَيْضًا أَنْ تَسْتَعْلِمَ هَلْ عَادَتْ رَاعُوثُ أَدْرَاجَهَا أَرْمَلَةً غَيْرَ مُرْتَبِطَةٍ مِثْلَمَا ذَهَبَتْ،‏ أَمْ إِنَّهَا ٱلْآنَ تَعْقِدُ ٱلْآمَالَ عَلَى زَوَاجٍ قَرِيبٍ.‏ فَقَصَّتْ رَاعُوثُ عَلَى حَمَاتِهَا فَوْرًا كُلَّ مَا جَرَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ بُوعَزَ،‏ وَأَعْطَتْهَا ٱلشَّعِيرَ ٱلَّذِي أَرْسَلَهُ إِلَيْهَا هَدِيَّةً.‏c —‏ را ٣:‏​١٦،‏ ١٧‏.‏

      ٢٣ عِنْدَئِذٍ،‏ ٱرْتَأَتْ نُعْمِي أَلَّا تَتَّخِذَ رَاعُوثُ خُطْوَةً أُخْرَى وَنَصَحَتْهَا أَلَّا تَخْرُجَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ لِتَلْتَقِطَ فِي ٱلْحُقُولِ.‏ وَأَكَّدَتْ لَهَا قَائِلَةً:‏ «اَلرَّجُلُ لَنْ يَسْتَرِيحَ حَتَّى يُنْهِيَ ٱلْأَمْرَ ٱلْيَوْمَ».‏ —‏ را ٣:‏١٨‏.‏

      ٢٤،‏ ٢٥ (‏أ)‏ كَيْفَ بَرْهَنَ بُوعَزُ أَنَّهُ رَجُلٌ شَهْمٌ وَبَعِيدٌ كُلَّ ٱلْبُعْدِ عَنِ ٱلْأَنَانِيَّةِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ بَارَكَ يَهْوَهُ رَاعُوثَ؟‏

      ٢٤ أَصَابَتْ نُعْمِي فِي رَأْيِهَا بِشَأْنِ بُوعَزَ.‏ فَقَدْ صَعِدَ إِلَى بَابِ ٱلْمَدِينَةِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ شُيُوخُهَا عَادَةً،‏ وَٱنْتَظَرَ مُرُورَ ٱلْوَلِيِّ ٱلْأَقْرَبِ.‏ ثُمَّ حَثَّهُ أَمَامَ شُهُودٍ أَنْ يَقُومَ بِدَوْرِهِ كَوَلِيٍّ وَيَتَزَوَّجَ رَاعُوثَ.‏ إِلَّا أَنَّ ٱلرَّجُلَ رَفَضَ مُدَّعِيًا أَنَّ ذٰلِكَ يُفْسِدُ مِيرَاثَهُ.‏ إِذَّاكَ،‏ أَعْلَنَ بُوعَزُ أَمَامَ ٱلشُّهُودِ عِنْدَ بَابِ ٱلْمَدِينَةِ أَنَّهُ سَيَكُونُ ٱلْوَلِيَّ،‏ فَيَشْتَرِي أَمْلَاكَ زَوْجِ نُعْمِي ٱلْمَيِّتِ،‏ أَلِيمَالِكَ،‏ وَيَتَزَوَّجُ بِرَاعُوثَ،‏ أَرْمَلَةِ ٱبْنِهِ مَحْلُونَ،‏ آمِلًا أَنْ ‹يُقِيمَ ٱسْمَ ٱلْمَيِّتِ عَلَى مِيرَاثِهِ›.‏ (‏را ٤:‏​١-‏١٠‏)‏ وَهٰكَذَا بَرْهَنَ بُوعَزُ أَنَّهُ رَجُلٌ شَهْمٌ وَبَعِيدٌ كُلَّ ٱلْبُعْدِ عَنِ ٱلْأَنَانِيَّةِ.‏

      ٢٥ وَبَعْدَمَا تَزَوَّجَ بُوعَزُ بِرَاعُوثَ،‏ «أَعْطَاهَا يَهْوَهُ حَبَلًا وَوَلَدَتِ ٱبْنًا» حَسْبَمَا يَذْكُرُ ٱلسِّجِلُّ.‏ فَبَارَكَتْ نِسَاءُ بَيْتَ لَحْمَ نُعْمِيَ وَمَدَحْنَ رَاعُوثَ لِأَنَّهَا كَانَتْ لِحَمَاتِهَا خَيْرًا مِنْ سَبْعَةِ أَبْنَاءٍ.‏ وَفِي وَقْتٍ لَاحِقٍ،‏ أَصْبَحَ ٱبْنُ رَاعُوثَ أَحَدَ أَسْلَافِ ٱلْمَلِكِ ٱلْعَظِيمِ دَاوُدَ.‏ (‏را ٤:‏​١١-‏٢٢‏)‏ وَدَاوُدُ بِدَوْرِهِ كَانَ سَلَفًا لِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ.‏ —‏ مت ١:‏١‏.‏d

      نعمي تحمل ابن راعوث وبوعز فيما الآخرون ينظرون اليه

      بَارَكَ يَهْوَهُ رَاعُوثَ بِٱمْتِيَازِ أَنْ تُصْبِحَ مِنْ أَسْلَافِ ٱلْمَسِيَّا

      ٢٦ أَيُّ ثِقَةٍ تَتَوَلَّدُ فِينَا حِينَ نَتَأَمَّلُ فِي حَيَاةِ رَاعُوثَ وَنُعْمِي؟‏

      ٢٦ لَقَدْ حَظِيَتْ رَاعُوثُ بِبَرَكَةِ يَهْوَهَ،‏ وَكَذٰلِكَ نُعْمِي ٱلَّتِي لَعِبَتْ دَوْرًا فِي تَرْبِيَةِ ٱلْوَلَدِ كَمَا لَوْ أَنَّهُ مِنْ صُلْبِهَا.‏ وَحَيَاةُ هَاتَيْنِ ٱلْمَرْأَتَيْنِ تَمْلَأُنَا ثِقَةً أَنَّ يَهْوَهَ ٱللّٰهَ يَرَى كُلَّ ٱلَّذِينَ يَكْدَحُونَ فِي أَعْمَالٍ مُتَوَاضِعَةٍ لِإِعَالَةِ خَاصَّتِهِمْ وَيَخْدُمُونَهُ بِوَلَاءٍ بَيْنَ صُفُوفِ شَعْبِهِ.‏ وَهُوَ يُكَافِئُ دُونَ شَكٍّ كُلَّ هٰؤُلَاءِ ٱلْأُمَنَاءِ أَمْثَالَ بُوعَزَ وَنُعْمِي وَرَاعُوثَ.‏

      a كَمَا ذَكَرَتْ نُعْمِي،‏ لَا يَقْتَصِرُ لُطْفُ يَهْوَهَ عَلَى ٱلْأَحْيَاءِ،‏ بَلْ يَشْمُلُ ٱلْأَمْوَاتَ أَيْضًا.‏ فَنُعْمِي خَسِرَتْ زَوْجَهَا وَٱبْنَيْهَا،‏ وَرَاعُوثُ فَقَدَتْ زَوْجَهَا.‏ وَلَا بُدَّ أَنَّ ٱلرِّجَالَ ٱلثَّلَاثَةَ كَانُوا أَعِزَّاءَ جِدًّا عَلَى قَلْبِهِمَا كِلْتَيْهِمَا.‏ لِذَا فَإِنَّ أَيَّ إِحْسَانٍ إِلَيْهِمَا كَانَ فِي ٱلْوَاقِعِ مَعْرُوفًا يُسْدَى إِلَى هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ كَانَ سَيُسِرُّهُمْ أَنْ تَلْقَى نُعْمِي وَرَاعُوثُ ٱلْغَالِيَتَانِ كُلَّ رِعَايَةٍ وَٱهْتِمَامٍ.‏

      b إِنَّ حَقَّ ٱلزَّوَاجِ بِٱلْأَرْمَلَةِ أُعْطِيَ أَوَّلًا كَمَا يَتَّضِحُ لِإِخْوَةِ ٱلرَّجُلِ ٱلْمَيِّتِ ثُمَّ لِأَقْرِبَائِهِ ٱلْأَقْرَبِينَ،‏ شَأْنُهُ فِي ذٰلِكَ شَأْنُ ٱلْحَقِّ فِي ٱلْمِيرَاثِ.‏ —‏ عد ٢٧:‏​٥-‏١١‏.‏

      c أَعْطَى بُوعَزُ رَاعُوثَ سِتَّةَ أَكْيَالٍ وَزْنُهَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ.‏ وَرُبَّمَا دَلَّ ذٰلِكَ أَنَّهُ مِثْلَمَا تَنْتَهِي أَيَّامُ ٱلْعَمَلِ ٱلسِّتَّةُ بِسَبْتِ رَاحَةٍ،‏ كَذٰلِكَ مَشَقَّةُ رَاعُوثَ كَأَرْمَلَةٍ كَانَتْ سَتَنْتَهِي قَرِيبًا ‹بِٱلرَّاحَةِ› ٱلَّتِي يُوَفِّرُهَا بَيْتٌ آمِنٌ وَزَوْجٌ مُحِبٌّ.‏ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى،‏ يُحْتَمَلُ أَنَّ ٱلْأَكْيَالَ ٱلسِّتَّةَ،‏ رُبَّمَا مِلْءَ سِتَّةِ رُفُوشٍ مِنَ ٱلشَّعِيرِ،‏ كَانَتْ كُلَّ مَا تَسْتَطِيعُ رَاعُوثُ حَمْلَهُ.‏

      d رَاعُوثُ وَاحِدَةٌ مِنْ خَمْسِ نِسْوَةٍ يَأْتِي ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَلَى ذِكْرِهِنَّ فِي سِلْسِلَةِ نَسَبِ يَسُوعَ.‏ وَبَيْنَهُنَّ أَيْضًا رَاحَابُ ٱلَّتِي كَانَتْ أُمَّ بُوعَزَ.‏ (‏مت ١:‏​٣،‏ ٥،‏ ٦،‏ ١٦‏)‏ وَهِيَ ٱلْأُخْرَى لَمْ تَكُنْ إِسْرَائِيلِيَّةً.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة