-
هل لا يزال الطيران آمنا؟استيقظ! ٢٠٠٢ | كانون الاول (ديسمبر) ٨
-
-
هل لا يزال الطيران آمنا؟
اربع طائرات نفاثة تُخطف. اربع طائرات تتحطم. معالم بارزة يلحقها الدمار. مشهد طائرة البوينڠ ٧٦٧ وهي ترتطم بأحد برجَي مركز التجارة العالمي يُبث مرة تلو مرة على التلفزيون.
لقد ادخلتنا هجمات ١١ ايلول (سبتمبر) ٢٠٠١ في حقبة جديدة مخيفة من العدوان الارهابي. وأصبحت شركات الطيران وسيلة لشن هجمات مميتة تُستعمل فيها طائراتها كقنابل حارقة.
وبسبب ذلك برز نوع جديد من الاشخاص الذين يخافون الطيران: اشخاص كانوا يشعرون قبلا بالامان ولكنهم صاروا الآن يرتعدون من احتمال حصول هجمات ارهابية. وما زاد الطين بلة بالنسبة الى كثيرين ممَّن يخافون الطيران هو سلسلة حوادث الطيران المميتة التي تلت ١١ ايلول (سبتمبر) دون ان تكون لها علاقة بالارهاب.
من المعروف ان السفر بالطائرة بالنسبة الى الملايين حول العالم هو وسيلة ترف لا يمكنهم تحمُّل نفقاتها. لكنه عند البعض ضرورة لا غنى عنها، حتى ان السفر صار عندهم شيئا روتينيا. وبالنسبة الى الذين يتطلب منهم عملهم القيام برحلات عمل كثيرة، لا مفر من ركوب الطائرة. كما يضطر المرسَلون والخدام الدينيون المسيحيون في اغلب الاحيان الى قطع مسافات طويلة بالطائرة ليتوجهوا الى تعييناتهم او يعودوا منها. حتى الفقراء قد يُنقلون بالطائرة، نظرا الى سرعتها، عند وقوع مشكلة طبية طارئة. وهنالك آلاف الاشخاص من طواقم الطائرات الذين يجنون لقمة العيش من الطيران.
كما ان كثيرين من هؤلاء المسافرين بالطائرة، رغم توتُّرهم هم انفسهم احيانا، مضطرون الى تهدئة روع رفقاء زواجهم وأولادهم قبل توجههم الى المطار. وبما ان الرحلات الجوية صارت سبب محنة، بعدما كانت مجرد امر روتيني، يتساءل المسافرون: ‹هل لا يزال الطيران وسيلة مفضّلة للسفر؟›.
للإجابة عن هذا السؤال، استشارت استيقظ! خبراء امنيين وموظفين في المطارات ومسؤولين في شركات طيران وعمالا في صيانة الطائرات. ويبدو انهم جميعا يوافقون على هذا: مع ان الطيران لا يزال احدى اكثر وسائل النقل امانا، تستدعي التهديدات الجديدة اتخاذ اجراءات جديدة لتعزيز امن المسافرين.
ستناقش المقالتان التاليتان المشاكل المتعلقة بالطيران، بالاضافة الى ما يمكنك فعله شخصيا لتعزيز امنك وراحتك خلال الطيران.
-
-
السعي الى تعزيز السلامة في الطيراناستيقظ! ٢٠٠٢ | كانون الاول (ديسمبر) ٨
-
-
السعي الى تعزيز السلامة في الطيران
قبل اسابيع قليلة من ١١ ايلول (سبتمبر)، شعر أليكس (٤٢ سنة) بأنه على وشك السيطرة على خوفه من الطيران. ففيما اقلعت طائرة الركاب التي استقلها في رحلة من اثينا الى بوسطن، بدأ مدير الشؤون العامة هذا يشعر بنوبة ذعر خفيفة، اذ اخذ قلبه يخفق بقوة وعرقت كفّاه وجبينه.
لكنه كان يعرف ما يلزم فعله. فالاختصاصي الذي كان يحاول مساعدته على التغلب على خوفه من الطيران نصحه بأن يأخذ نفَسا عميقا عدة مرات، يتخيل منظرا جميلا، ويشدّ قبضتَيه على مسندَي الكرسي اربع مرات في الدقيقة. وعندما احس أليكس بأنه لن يتمكن من تحمُّل الاضطرابات الجوية والاصوات المخيفة، بدأ يتخيل نفسه عند بحيرة هادئة. قال أليكس: «شعرت بأني احرز تقدما جيدا».
ملايين المسافرين جوًّا يخافون من الطيران. وقد لجأ كثيرون في السنوات الاخيرة الى مدارس متخصصة في مساعدة الناس على التغلب على هذا الخوف. ولشتى الاسباب، غالبا ما كان اعضاء العائلة وأرباب العمل وشركات الطيران يدفعونهم الى الذهاب الى هذه المدارس. وقد استفاد كثيرون من ركاب الطائرات منها، وتفخر صفوف عديدة بأن معدلات النجاح لديها تصل الى ٩٠ في المئة.
لكنَّ احداث ١١ ايلول (سبتمبر) غيَّرت كل شيء. فعلى الفور ترك أليكس الصف الذي يحضره. وخاب امل رب عمله عندما عَدَل ايضا عن الطيران لمقابلة زبون مهم محتمل. قال أليكس: «خوفي من الطيران وفوق ذلك هجمات ارهابية، كان ذلك اكثر مما استطيع تحمله. فالعلاج لم يهيِّئني لهذا».
التدقيق الشديد في الامن
يشير المسافرون المتوترون الى ان الاسئلة الروتينية التي تُطرح على الركاب طُرحت على خاطفي الطائرات في ١١ ايلول (سبتمبر)، مثل: «هل طلب منك شخص لا تعرفه ان تأخذ معك شيئا معيَّنا على هذه الرحلة؟ هل كانت امتعتك في عهدة غيرك بعدما حزمتها؟». ولا شك ان الخاطفين اجابوا كما يجيب معظم الناس: «لا!». وكذلك يرى بعض الخبراء الامنيين ان نجاح الخاطفين في ركوب الطائرات دليل على التراخي في مسألة سلامة الطيران. قال جيم ماكينا، المدير السابق لاتحاد سلامة الطيران: «لم يوجد في الماضي احد او شيء قادر على إحداث تغيير. لكنَّ خطف اربع طائرات وتدميرها وقتل الآلاف قد يكون كافيا لإحداث هذا التغيير».
في اثر تحطم هذه الطائرات وسقوط الضحايا، صارت المطارات والطائرات تخضع لتدقيق امني شديد. وفي جلسة امام لجنة تابعة للكونڠرس الاميركي، قال كينيث م. ميد، المفتش العام في وزارة النقل الاميركية: «على الرغم من الشروط الامنية المتبعة والشروط الجديدة، لا تزال توجد بعض الثغرات الامنية الخطرة وبعض . . . الفجوات التي يلزم سدّها». فماذا يجري فعله لسدّ هذه الفجوات؟
التدقيق في التهديدات الامنية المحتملة
عندما سُئلت مسؤولة رفيعة المستوى في ضبط الامن لدى احدى شركات الطيران الاميركية هل تخاف من الطيران، اجابت بدون تردد: «كلا، فأنا اثق بنظام CAPS». هذا النظام الذي تشير اليه هو اختصار عبارة انكليزية تعني «التدقيق في وضع المسافرين بمساعدة الكمپيوتر»، وهو يسجّل كل تذكرة سفر تبيعها شركات الطيران التي تعتمده. ويحدد النظام ما اذا كانت التذكرة قد اشتُرِيَت من مكتب تذاكر تابع لشركة طيران او من وكالة سفر او عبر الإنترنت. كما يسجل معلومات اخرى توضح ما اذا كان الراكب مسافرا وحده او مع افراد من عائلته او مع اشخاص آخرين، بالاضافة الى تفاصيل اخرى مثل اية صلات اجرامية معروفة عنه او ما اذا سبق ان تعدّى على شركات الطيران او موظفيها او ممتلكاتها.
كلما قام مسافر بتسجيل تذكرته في المطار، يُتحقق من هذه المعلومات ويُعمل على تحديثها بآخر المعطيات، بما في ذلك اجوبته عن الاسئلة التدقيقية التي تُطرح عليه. والتفاصيل الدقيقة عن المعلومات المجمَّعة وأساليب معالجتها وتكوين ملخص عن وضع الاشخاص تبقى احد اهم الاسرار التي تحرص شركات الطيران على صونها. وتُستعمل حول العالم انظمة مشابهة لنظام CAPS، وبعضها متصل مباشرةً بوكالات شرطة حكومية ودولية مثل الانترپول. وفي العديد من المطارات الاوروپية، يمكن لأنظمة مراقبة جوازات السفر ان تسجّل وتتعقب الرحلات التي قام بها الراكب في الماضي وكل تحركاته من بلد الى آخر.
هذا الملخص عن المسافرين يُجرى على افتراض ان الاشخاص الذين ينوون شرًّا يشكّلون خطرا على الامن اكثر من الاشياء مثل الامتعة المودعة والحقائب الصغيرة التي يُبقيها المسافر معه. لذلك تُدرس حاليا امكانية استخدام البطاقات الذكية smart cards، بالاضافة الى اجهزة «بيومترية» مختلفة للتعريف بالشخص، من اجل تعزيز امن المطارات، حتى ان البعض بدأ باستعمالها.
بالاضافة الى هذا الملخص، يركّز امن المطارات ايضا على اهمية منع الادوات والمواد الخطرة من الوصول الى متن الطائرة. لكنَّ التدقيق بواسطة الاشعة السينية غير فعّال دائما. فليس سهلا على موظفي الامن في المطارات ان يبقوا منتبهين فترات طويلة، اذ غالبا ما يمتلكهم الملل من التفرج على الصور غير الواضحة التي تولّدها الاشعة السينية للامتعة التي تمر امام اعينهم. كما لا تزال اجهزة قياس المغنطيسية تطلق انذارات خاطئة، اذ انها تلتقط مفاتيح البيت والقطع النقدية وأبازيم الاحزمة.
قوانين اشد صرامة
بما ان هذه الوسائل ليست دقيقة تماما، قامت الحكومات في المقابل بإصدار قوانين تعزز امن المطارات. وفي الولايات المتحدة، يعني ذلك ان يُفرَض بحلول نهاية سنة ٢٠٠٢ عدم وضع اية حقيبة في الطائرة الا اذا كان صاحبها على متنها، بالاضافة الى التفتيش الكامل لمقصورة الركاب والتدقيق في كل الامتعة المودعة بحثا عن اية متفجرات. ويُعمل على تقوية ابواب غرف القيادة وإقفالها. وتُجرى تدريبات اضافية لموظفي شركات الطيران في حال واجهتهم مشاكل. ويُستعان ايضا بعناصر قوى فدرالية مسلحة لمنع اختطاف الطائرات المدنية.
في الاسابيع والشهور التي تلت ١١ ايلول (سبتمبر)، كان الركاب والامتعة يفتَّشون يدويا في العديد من المطارات حول العالم. وفي بعض الحالات كان يُجرى تدقيق يدوي ثانٍ للركاب والاشياء التي يأخذونها معهم على متن الطائرة. وكانت هذه الاجراءات الاحترازية مألوفة عند المسافرين الاوروپيين، اذ انها اعتُمدت على نطاق واسع في السبعينات عندما كثُرَ خطف الطائرات. ويُحظر على المسافرين اليوم حمل ادوات حادة على متن الطائرة. ولا يُسمح الا للمسافرين الحاملين تذاكر سفرهم بتجاوز امن المطار. واعتاد كثيرون الوقوف في خطوط طويلة عند تسجيل تذاكرهم ووجود عناصر عسكرية مسلحة في المطارات.
التشديد على الصيانة
تخيَّل هذا المشهد الذي صار للأسف مألوفا: بعد الخضوع للتفتيش عدة مرات في المطار، يصل المسافر اخيرا الى الباب بانتظار سماع صوت ممثّل شركة الطيران يطلب من المسافرين ركوب الطائرة. فيقول له رجل اعمال لابسٌ بدلة رمادية جالس الى جانبه: «هل سمعت؟ ثمة تأخير لأسباب ميكانيكية». ثم يضيف باستياء: «ارجو ألا يدعوا الطائرة تقلع بنا بدون احد محركاتها!».
لا يعرف معظم المسافرين ان وكالات الطيران تتبع انظمة صارمة ودقيقة لمعاينة الطائرات. وتُجرى صيانة مسبقة عن طريق التحقق من السجل الميكانيكي للرحلات التي قامت بها الطائرة. وتطلب هذه الوكالات ان تخضع الطائرات ومحركاتها لأعمال صيانة دورية شاملة — اكثر بكثير مما يُجرى للسيارات العادية — حتى لو لم يسبق ان تعرَّضت الطائرة لأية مشاكل على الاطلاق.
ويشهد على ذلك مسؤول في الصيانة يعمل لحساب شركة طيران كبيرة. يقول: «خلال السنوات الـ ١٥ تقريبا من عملي في هذا المجال، ما رأيتُ ولا تحدَّثتُ ولا لاحظتُ احدا يعمل في الصيانة لا يحمل مسألة السلامة محمل الجد. فأصدقاء الموظفين وعائلاتهم يطيرون ايضا على متن الطائرات التي يعملون فيها، لذلك لا يتصرفون بحماقة ويخاطرون».
تقع مسؤولية شخصية كبيرة على عاتق تقنيي الطائرات وعمال الصيانة. يتذكر احدهم: «لن انسى الليلة التي فقدنا فيها طائرة دي سي-١٠ في مدينة سو بولاية آيُوْوا. كنت اعمل آنذاك تقنيَّ طائرات، وأقوم بمعاينة وصيانة مجموعة الذيل لطائرة من نفس النوع. لم اكن اعرف ماذا حدث للطائرة التي فُقدت. وأذكر كم كنت مركزا في عملي تلك الليلة، اذ صرت اتساءل: ‹ماذا حدث لتلك الطائرة؟ هل يعقل ان يكون احد قد فاته شيء فأتمكن انا من معرفته الآن، وهكذا أحُول دون حصول مأساة اخرى؟ هل اقوم بكل شيء كما هو مطلوب مني تماما؟›. وقضيتُ وقتا طويلا في ذيل الطائرة ذلك المساء، وأنا مستغرق في البحث والتفكير».
يخضع تقنيو الطائرات دائما للتدريب في كل مجالات عملهم، من الاعمال الروتينية الى المعاينة المتقدمة جدا والاساليب المعتمدة لحل المشاكل. وتُعدَّل برامج تدريبهم كل سنة لتشمل كل ما يمكن تصوّره من حالات قد يواجهونها، سواء أكانت مألوفة ام خارجة عن المألوف.
وبعد وقوع حادثة طيران، تُحلَّل المعلومات المجمَّعة وتُدخَل الى آلة محاكاة تقلّد الطيران الفعلي. ثم يستخدم ملاحون متخصصون في اختبار الطائرات ومهندسو طيران آلة المحاكاة ليروا ما اذا كانت هنالك حلول اخرى تمكّن التقنيين من معالجة مشاكل مشابهة بشكل افضل في المستقبل. وبعد ذلك يُرتَّب لعقد برنامج تدريبي حول هذه المسألة للتقنيين بهدف اعطائهم ارشادات محددة. وهذه الدراسات تؤدي ايضا الى تغييرات في الطائرات وفي قِطعها، على امل ان يُتعلم من الاخطاء ويصير من الممكن تقليلها.
ويقول عامل صيانة مختتما: «يقال لنا جميعا ان ‹السلامة لا تأتي بالصدفة، بل يلزم ان يخطَّط لها›».
الطيران من جديد
بعد اربعة اشهر من اتخاذ القرار بعدم السفر، رأى أليكس انه حان الوقت ليواجه خوفه. فذهب الى مطار لوڠان الدولي في بوسطن، ولاحظ ان وجود رجال الشرطة وعناصر الحرس الوطني هناك لا يسبب له الاضطراب. ولم ينزعج البتة من الصفوف الطويلة امام اماكن تسجيل التذاكر ومن التفتيش اليدوي لأمتعته.
فقد رأى أليكس في هذه الاجراءات تحقيقا لما يصبو اليه من تعزيزات لسلامة الطيران. ومع انه اخذ في الطائرة يعرق قليلا وبدأ قلبه يخفق بعض الشيء، وضع حقيبته الصغيرة التي فُتِّشت يدويا في الخزانة المخصصة للحقائب وقال: «اشعر بأني احسن حالا بكثير».
[الاطار/الصورة في الصفحة ٥]
حقائق عن الطيران
تذكر التقديرات ان ١ من كل ٥ اشخاص يسافرون جوًّا يخاف من الطيران. ولكن لا يشعر هؤلاء جميعا بأن الطيران غير آمن. فغالبا ما يكون قلقهم نابعا من رُهابات اخرى، مثل الخوف من الاماكن المرتفعة او المكتظة.
[الجدول في الصفحة ٨]
ما احتمال وقوع حادث مميت؟
الاحتمالات في الاحتمالات في مدى
السنة هي ١ الى: العمر هي ١ الى:
حادث سير ٢١٢,٦ ٨١
جريمة قتل ١٠٤,١٥ ١٩٧
آلات ٠٠٠,٢٦٥ ٥٠٠,٣
تحطم طائرة ٠٠٠,٣٩٠ ١٠٠,٥
غرق فيحوض استحمام ٠٠٠,٨٠٢ ٥٠٠,١٠
حيوانات ونباتات سامة ٢,٤ ملايين ٩٠٠,٥٥
صاعقة ٣,٤ ملايين ٠٠٠,٥٦
[المصدر]
المصدر: مجلس الامان القومي
[الصورة في الصفحة ٦]
تعزيز امن المطارات
[مصدر الصورة]
AP Photo/Joel Page
[الصورة في الصفحة ٧]
تكوين ملخص عن الركاب والتدقيق في وضعهم
[الصورة في الصفحة ٧]
تحسين الصيانة
[الصورة في الصفحة ٨]
يتلقى الطيارون تدريبا متخصصا عاليا
-
-
الحرص على اهمية السلامةاستيقظ! ٢٠٠٢ | كانون الاول (ديسمبر) ٨
-
-
الحرص على اهمية السلامة
يمكن ان يولّد الطيران على ارتفاع ١١ كيلومترا فوق الارض شعورا بالخوف لدى البعض. وقد يبدو انتهاكا لقوانين الطبيعة. ومع اعتماد معايير اعلى للسلامة وصيرورة السفر بالطائرة مأمونا اكثر، قلَّت المخاطر المحتملة الناجمة عن السفر في الغلاف الجوي داخل جسم معدني رفيع. ولكن من حين الى آخر، تنبري لنا الحقيقة المؤلمة التي تذكّرنا بأن الحوادث يمكن ان تقع.
التغلب على الخوف
رغم هذه الحقيقة القاسية، يعبِّر الانسان من سالف الزمان عن رغبته في الطيران. فقبل المسيح بعشرة قرون، كتب الملك داود: «ليت لي جناحا كالحمامة فأطير». (مزمور ٥٥:٦) وكما رأينا، جعلت التكنولوجيا الحديثة الطيران احدى اكثر وسائل النقل امانا. لكنها ليست وسيلة مثالية. فلا شيء في هذا العالم آمن كليا او يمكن تدارُك كل اخطاره.
من الضروري تذكُّر هذا اذا كنا نستصعب التصرف بتعقل حين يكون زمام الامور في يد شخص آخر. فقد يقول البعض: ‹أشعر بأن خوفي يقل كلما كنت مسيطرا على الوضع›. وفي هذه الحالة، لن يسهل على هؤلاء الاشخاص معالجة الاوضاع التي لا سيطرة لهم عليها. وأحد هذه الاوضاع هو السفر بالطائرة.
رغم الجهود التي تُبذل لتحسين سلامة الطيران، يبقى الاهمال امرا غير مسموح به. فجميع المشمولين بالسفر يمكنهم التعاون لتقليل الاخطار المحتملة على السلامة. كما ان السلطات تحذر من ان التهديدات تتواصل. يقول مثل حكيم في الكتاب المقدس: «الحذِر يرى الخطر مسبقا ويتخذ تدابير وقائية». (امثال ٢٢:٣، الترجمة الحية الجديدة [بالانكليزية]) ومن الحكمة ان يدرك المرء ان كل نشاط تقريبا ينطوي على عنصر الخطر. وفي الواقع، يلزم التذكر ان الطيران يتطلب من المرء نفس الموقف الاحترازي الذي يتبنّاه لضمان سلامته في مجالات اخرى.
يمكن القول ان الاشخاص الكثيري الاسفار يعرفون اكثر من غيرهم كيف يتدبرون امرهم في هذه الاوقات الصعبة. والسبب هو انهم متعوِّدون على المطارات والطائرات اكثر من الركاب الآخرين. ويمكنك ان تتعلم كيف تتعوَّد على الطيران مثلهم ولا تتوتر اعصابك اذا اتَّبعت الخطوات البسيطة الموصوفة في الاطارين المرافقين.
السفر بدون قلق
في حين تزوّد نقاط التفتيش في المطارات خدمة لا غنى عنها، يميل بعض المسافرين — وخصوصا المستعجلين — الى الانزعاج منها. وبما ان معظم المطارات تزيد الامن فيها، فقد يحسن بك ان تطبق الاقتراحات التالية لكي يسهل مرورك عبر هذه النقاط.
◼ بكِّر في الوصول. عندما تخطط للوصول قبل بعض الوقت الى المطار، تسنح لك الفرصة للاسترخاء وعدم الاستعجال. وهذا ما يجنّبك الاجهاد الذي يمكن ان يأتي من حدوث امور غير متوقعة او مزعجة.
◼ عند اختيار شركة الطيران، ابحث عن شركة يستخدمها رجال الاعمال عموما. فهم يعرفون ما يلزم فعله، ولا يأخذون معهم امتعة كثيرة، ويريدون ان يتحركوا بسرعة.
◼ قبل ان تمر عبر جهاز كشف المعادن، انزع الاشياء التي تظن انها ستُطلق جهاز الانذار. ويشمل ذلك المفاتيح والقطع النقدية والحلى والهواتف الخلوية. سلِّمها الى الموظف وأنت تستعد للمرور عبر هذا الجهاز.
◼ ضع الامتعة والحقائب الاخرى التي تأخذها معك على متن الطائرة بشكل ممدَّد على سَير الناقلة. فإذا رأى الشخص العامل امام شاشة الاشعة السينية صورة اشياء مختلطة، فقد يطلب منك ان تُفرغ حقيبتك او تمررها من جديد.
◼ أخبر الموظف بأية اشياء غير مألوفة تتوقع ان تلفت انتباهه، مثل آلة المندولين الموسيقية الفضية التي اعطتك اياها جدتك. وإذا اقتنع الموظف بالتفسير المنطقي للشكل الغريب الذي يراه امامه على الشاشة، لا يعود محتملا كثيرا ان يصر على معاينته. وإن كنت مستعجلا كثيرا، فأخرِج هذا الشيء من الحقيبة مسبقا واطلب ان تجري معاينة يدوية.
◼ اذا انطلق جهاز الانذار، فكن متعاونا وأوضح السبب على الفور. فإذا عرف الموظف ان جهاز الانذار انطلق بسبب شيء محدّد وكان يوجد معه شريك يحمل عصا ماسحة، فسيرسلك اليه.
◼ احدى الطرائق التي تجعلك تفوِّت الرحلة بالتأكيد هي ان تمزح بشأن خطف طائرة او وجود قنبلة. فبالاضافة الى التفتيش الدقيق الذي سيُجريه لك موظفو امن المطارات، قد تُتَّهم بارتكاب جرم.
انعمْ برحلة آمنة!
هل من الممكن اختيار رحلة آمنة؟ هذا ممكن. ومهما كانت الرحلة الذي اخترتها، تظل احتمالات وصولك سالما الى وجهتك كبيرة جدا. وإن بقيت مترددا، فابحث في سجلات السلامة للشركة التي تنوي اعتمادها. وتذكّر انه رغم حوادث الطيران، تبقى الطائرة احدى اكثر وسائل السفر امانا.
يمكننا في هذا الوقت ان نتطلع الى زمن تعمّ فيه السلامة والامن والثقة، وذلك في ظل حكم اللّٰه على الارض. فبوجود عائلة بشرية مسالمة وتتقي اللّٰه، لن يوجد شخص يعرّض الحياة البشرية للخطر، بل سيكون الناس ‹مطمئنين وآمنين ولا يرعبهم شر›. — امثال ١:٣٣، الترجمة العربية الجديدة.a
[الحاشية]
a حول هذا الموضوع، انظر ايضا المقالات «جعل السفر جوًّا اكثر امانا» في عدد ٢٢ ايلول (سبتمبر) ٢٠٠٠ من استيقظ!؛ «انعموا برحلة آمنة بالطائرة» في عدد ٨ ايلول (سبتمبر) ٢٠٠٠ من استيقظ!؛ «ماذا يلزم لإبقائها صالحة للطيران؟» في عدد ٨ ايلول (سبتمبر) ١٩٩٩ من استيقظ!؛ «الى اي حد آمنة هي الطائرات؟» في عدد ٨ آذار (مارس) ١٩٩٩ من استيقظ!؛ و «الخوف من الطيران — هل يبقيكم ملازمين الارض؟» في عدد ٨ نيسان (ابريل) ١٩٨٩ من استيقظ!.
[الاطار/الصورة في الصفحتين ١٠، ١١]
نصائح حول السلامة
سافر في رحلات دون محطات توقف. تقع معظم الحوادث خلال مرحلة الاقلاع او الصعود او الانحدار او الهبوط. لذلك فإن السفر في رحلات دون محطات توقف يقلل من وجود المرء في هذه المراحل التي يكثر خلالها احتمال وقوع الحوادث.
اختر طائرات كبيرة. ان الطائرات التي تسع اكثر من ٣٠ راكبا مصممة عموما بشكل تستوفي شروطا اكثر صرامة من الشروط المفروضة على الطائرات الصغيرة. كما انه في حال وقوع حادث خطير، رغم قلة احتمال ذلك، تبقى فرصة نجاة المسافرين اكبر في الطائرات الكبيرة.
انتبه للتعليمات التي تُذكر قبل الاقلاع. مع ان هذه المعلومات تبدو مملة لكثرة تكرارها، قد تختلف مواقع مخارج الطوارئ الاقرب اليك بحسب الطائرة والمقعد الذي تجلس عليه.
أبقِ الخزانة المخصصة للحقائب خالية من الاشياء الثقيلة. قد لا تتمكن هذه الخزائن من حمل اشياء ثقيلة جدا خلال الاضطرابات الهوائية. لذلك اذا كان معك شيء تعرف انه لن يسهل عليك رفعه ووضعه في الخزانة، فأبقِه مع الامتعة المودعة.
أبقِ حزام المقعد مشدودا عندما تكون جالسا. ان إبقاء الحزام مشدودا وقت الجلوس يوفر حماية اضافية قد تحتاج اليها اذا وصلت الطائرة الى اضطراب هوائي غير متوقع.
استمع الى المضيفين والمضيفات. احد الاسباب الرئيسية لوجود هؤلاء في الطائرة هو السلامة. لذلك اذا طلب احد منك ان تفعل شيئا، فافعله اولا وبعد ذلك اطرح الاسئلة.
لا تحمل معك اية مواد خطرة. هنالك قوائم طويلة بالمواد الخطرة غير المسموح بها، ولكنك تعرف انه من المنطقي ألا تحمل معك الى الطائرة وقودا، مواد أكّالة، غازات سامة، وغيرها الا اذا سمحت شركة الطيران بها ووُضعت في وعاء خاص.
لا تشرب الكثير من الكحول. اية كمية من المشروبات الكحولية لها تأثير في الجو اكبر من تأثيرها عند مستوى سطح البحر. والاعتدال حسن على ايّ ارتفاع.
ابقَ متنبها. اذا حدثت حالة طارئة، رغم قلة احتمال ذلك، ولزم مثلا اجراء اخلاء احترازي طارئ، فاتبع توجيهات طاقم الطائرة واخرج منها بأسرع وقت ممكن.
[المصدر]
المصدر: AirSafe.com
[الاطار/الصورة في الصفحة ١٢]
طمأنة عائلتك
اذا كنت مسافرا، فإليك ما يمكنك فعله لمساعدة عائلتك على مواجهة قلقهم.
تحدث الى عائلتك. قبل ان تذهب الى المطار، اصرف بعض الوقت مع احبائك وناقش مسألة السلامة التي تشملك وتشملهم ايضا. اشرح اجراءات السلامة الجديدة المتخذة وكيف تساهم في سلامتك خلال السفر.
افسح لهم المجال ليعبّروا عن قلقهم. افسح المجال لأفراد عائلتك ان يتحدثوا عن مشاعر القلق لديهم. فهم يحبونك ويهمّهم ان تبقى سالما. اصغِ باهتمام وبلا انتقاد، وأكّد لهم انك تتفهم كل قلقهم ومخاوفهم.
كلِّمهم بصراحة. اذكر لهم كيف ان الوكالات تحاول منع حصول هجمات ارهابية في المستقبل، مثل تعزيز الاجراءات الامنية في المطارات وعلى متن الطائرات. ونسبة احتمال وقوع مشكلة وأنت في الطائرة هي صغيرة جدا.
ابقَ على اتصال بهم. عِدهُم بأنك ستتصل حين تصل الى وجهتك. واستمر في الاتصال بالبيت بشكل منتظم خلال غيابك. ومن المهم ايضا ان تعرف العائلة كيف تتصل بك اذا ما نشأت امور طارئة.
[المصدر]
من موقع هيئة الصحة السلوكية المتحدة على الانترنت
[الصور في الصفحة ١٠]
أبدِ استعدادا للتعاون مع نقاط التفتيش الامنية
-