-
بشارة يحتاج اليها الجميعبرج المراقبة ٢٠١١ | ١٥ حزيران (يونيو)
-
-
٥ أَيُّ مَوْضُوعٍ يَحْتَاجُ ٱلنَّاسُ إِلَيْهِ تَنَاوَلَهُ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ فِي سِفْرِ رُومَا؟
٥ يَحْتَاجُ جَمِيعُ ٱلنَّاسِ إِلَى مَعْرِفَةِ يَسُوعَ وَٱلْإِيمَانِ بِهِ. وَقَدْ تَنَاوَلَ بُولُسُ هذَا ٱلْمَوْضُوعَ فِي سِفْرِ رُومَا. فَفِي ٱلْبِدَايَةِ، كَتَبَ عَنِ ‹ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يُؤَدِّي هُوَ لَهُ خِدْمَةً مُقَدَّسَةً بِرُوحِهِ مُعْلِنًا ٱلْبِشَارَةَ عَنِ ٱبْنِهِ›. وَأَضَافَ قَائِلًا: «إِنِّي لَا أَخْجَلُ بِٱلْبِشَارَةِ، فَهِيَ قُدْرَةُ ٱللّٰهِ لِلْخَلَاصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ». وَلَاحِقًا، أَتَى عَلَى ذِكْرِ ٱلْوَقْتِ حِينَ ‹يَدِينُ ٱللّٰهُ بِٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ خَفَايَا ٱلنَّاسِ، بِحَسَبِ ٱلْبِشَارَةِ ٱلَّتِي يُعْلِنُهَا›. كَمَا قَالَ: «إِنِّي كَرَزْتُ كِرَازَةً شَامِلَةً بِٱلْبِشَارَةِ عَنِ ٱلْمَسِيحِ دَائِرًا مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى إِلِّيرِيكُونَ».a (رو ١:٩، ١٦؛ ٢:١٦؛ ١٥:١٩) فَلِمَ بِرَأْيِكَ شَدَّدَ بُولُسُ عَلَى يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ فِي رِسَالَتِهِ إِلَى أَهْلِ رُومَا؟
٦، ٧ مَاذَا يُمْكِنُ قَوْلُهُ عَنْ نَشْأَةِ ٱلْجَمَاعَةِ فِي رُومَا، وَمِمَّنْ تَأَلَّفَتْ؟
٦ نَحْنُ لَا نَعْرِفُ كَيْفَ نَشَأَتِ ٱلْجَمَاعَةُ فِي رُومَا. فَهَلْ عَادَ إِلَى رُومَا ٱلْيَهُودُ وَٱلْمُتَهَوِّدُونَ ٱلَّذِينَ كَانُوا حَاضِرِينَ يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ بم بَعْدَ أَنْ صَارُوا مَسِيحِيِّينَ؟ (اع ٢:١٠) أَوْ هَلْ كَانَ ٱلتُّجَّارُ وَٱلْمُسَافِرُونَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ هُمُ ٱلَّذِينَ نَشَرُوا ٱلْحَقَّ فِي رُومَا؟ فِي كِلْتَا ٱلْحَالَتَيْنِ، كَانَتِ ٱلْجَمَاعَةُ قَدْ تَأَسَّسَتْ قَبْلَ فَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ مِنْ كِتَابَةِ بُولُسَ هذَا ٱلسِّفْرَ نَحْوَ سَنَةِ ٥٦ بم. (رو ١:٨) فَمِمَّنْ تَأَلَّفَتْ تِلْكَ ٱلْجَمَاعَةُ؟
٧ كَانَ ٱلْبَعْضُ مِنْ خَلْفِيَّةٍ يَهُودِيَّةٍ. مَثَلًا، بِمَا أَنَّ بُولُسَ قَالَ عَنْ أَنْدَرُونِكُوسَ وَيُونِيَاسَ إِنَّهُمَا ‹نَسِيبَاهُ›، فَلَا بُدَّ أَنَّهُمَا كَانَا يَهُودِيَّيْنِ. كَمَا كَانَ صَانِعُ ٱلْخِيَامِ أَكِيلَا وَزَوْجَتُهُ بِرِيسْكِلَّا يَهُودِيَّيْنِ يَعِيشَانِ فِي رُومَا. (رو ٤:١؛ ٩:٣، ٤؛ ١٦:٣، ٧؛ اع ١٨:٢) وَلكِنَّ كَثِيرِينَ مِنَ ٱلْإِخْوَةِ وَٱلْأَخَوَاتِ ٱلَّذِينَ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ بُولُسُ كَانُوا فِي أَغْلَبِ ٱلظَّنِّ مِنَ ٱلْأُمَمِ. وَمِنَ ٱلْمُحْتَمَلِ أَنَّ بَعْضَهُمْ كَانُوا «مِنْ بَيْتِ قَيْصَرَ»، رُبَّمَا عَبِيدًا أَوْ مِنْ صِغَارِ ٱلرَّسْمِيِّينَ لَدَيْهِ. — في ٤:٢٢؛ رو ١:٥، ٦؛ ١١:١٣.
٨ أَيُّ مَأْزِقٍ حَرِجٍ كَانَ فِيهِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ فِي رُومَا؟
٨ لَقَدْ كَانَ جَمِيعُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ فِي رُومَا فِي مَأْزِقٍ حَرِجٍ، تَمَامًا كَمَا هُوَ حَالُنَا ٱلْيَوْمَ. وَفِي هذَا ٱلصَّدَدِ قَالَ بُولُسُ: «اَلْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَلَيْسَ فِي وُسْعِهِمْ أَنْ يَعْكِسُوا مَجْدَ ٱللّٰهِ». (رو ٣:٢٣) مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ كُلَّ ٱلَّذِينَ كَتَبَ إِلَيْهِمْ بُولُسُ كَانُوا بِحَاجَةٍ إِلَى ٱلِٱعْتِرَافِ بِأَنَّهُمْ خُطَاةٌ وَٱلْإِيمَانِ بِتَدْبِيرِ ٱللّٰهِ لِإِعْتَاقِهِمْ مِنَ ٱلْخَطِيَّةِ.
اِعْتِرَافُ ٱلْمَرْءِ بِأَنَّهُ خَاطِئٌ
٩ أَيَّةُ نَتِيجَةٍ لِلْبِشَارَةِ لَفَتَ بُولُسُ ٱلِٱنْتِبَاهَ إِلَيْهَا؟
٩ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلرِّسَالَةِ إِلَى أَهْلِ رُومَا، أَشَارَ بُولُسُ إِلَى ٱلنَّتِيجَةِ ٱلرَّائِعَةِ لِلْبِشَارَةِ ٱلَّتِي كَرَّرَ ذِكْرَهَا قَائِلًا: «إِنِّي لَا أَخْجَلُ بِٱلْبِشَارَةِ، فَهِيَ قُدْرَةُ ٱللّٰهِ لِلْخَلَاصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ، لِلْيَهُودِيِّ أَوَّلًا وَأَيْضًا لِلْيُونَانِيِّ». أَجَلْ، كَانَ ٱلْخَلَاصُ مُمْكِنًا شَرْطَ أَنْ يُعْرِبَ ٱلْمَرْءُ عَنِ ٱلْإِيمَانِ، ٱنْسِجَامًا مَعَ ٱلْحَقِيقَةِ ٱلرَّاسِخَةِ ٱلْمُقْتَبَسَةِ مِنْ حَبَقُّوق ٢:٤: «أَمَّا ٱلْبَارُّ فَبِٱلْإِيمَانِ يَحْيَا».b (رو ١:١٦، ١٧؛ غل ٣:١١؛ عب ١٠:٣٨) وَلكِنْ كَيْفَ تَرْتَبِطُ ٱلْبِشَارَةُ ٱلَّتِي تُؤَدِّي إِلَى ٱلْخَلَاصِ بِوَاقِعِ أَنَّ «ٱلْجَمِيعَ أَخْطَأُوا»؟
١٠، ١١ لِمَ يَبْدُو مَفْهُومُ ٱلْآيَةِ فِي رُومَا ٣:٢٣ غَرِيبًا عَنْ بَعْضِ ٱلنَّاسِ وَمَقْبُولًا لَدَى غَيْرِهِمْ؟
١٠ قَبْلَ أَنْ يُنَمِّيَ ٱلْمَرْءُ ٱلْإِيمَانَ ٱلْمُنْقِذَ لِلْحَيَاةِ، عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَرِفَ بِأَنَّهُ خَاطِئٌ. وَهذَا ٱلْمَفْهُومُ لَيْسَ غَرِيبًا عَنِ ٱلَّذِينَ تَرَبَّوْا عَلَى ٱلْإِيمَانِ بِٱللّٰهِ وَهُمْ مُطَّلِعُونَ إِلَى حَدٍّ مَا عَلَى ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. (اِقْرَأْ جامعة ٧:٢٠.) وَسَوَاءٌ كَانُوا مُقْتَنِعِينَ بِأَنَّهُمْ خُطَاةٌ أَوْ لَا، فَلَدَيْهِمْ عَلَى ٱلْأَقَلِّ فِكْرَةٌ عَمَّا قَصَدَهُ بُولُسُ حِينَ قَالَ إِنَّ «ٱلْجَمِيعَ أَخْطَأُوا». (رو ٣:٢٣) إِلَّا أَنَّنَا قَدْ نَلْتَقِي أَثْنَاءَ خِدْمَتِنَا عَدِيدِينَ لَا يَفْهَمُونَ هذِهِ ٱلْعِبَارَةَ.
١١ فَفِي بَعْضِ ٱلْبُلْدَانِ، لَا يَنْشَأُ ٱلْمَرْءُ عَلَى ٱلِٱعْتِقَادِ بِأَنَّهُ وُلِدَ خَاطِئًا، أَيْ أَنَّهُ وَرِثَ ٱلْخَطِيَّةَ. وَرُبَّمَا يُدْرِكُ أَنَّهُ يَرْتَكِبُ ٱلْأَغْلَاطَ، وَيُعْرِبُ عَنْ صِفَاتٍ غَيْرِ مَرْغُوبٍ فِيهَا، وَيُسِيءُ ٱلتَّصَرُّفَ أَحْيَانًا. كَمَا يُلَاحِظُ أَنَّ وَضْعَ ٱلْآخَرِينَ مُشَابِهٌ لِوَضْعِهِ. وَلكِنْ بِسَبَبِ خَلْفِيَّتِهِ، لَا يَعي تَمَامًا لِمَ هُوَ وَغَيْرُهُ عَلَى هذِهِ ٱلْحَالِ. وَفِي بَعْضِ ٱللُّغَاتِ، إِنْ قُلْتَ إِنَّ شَخْصًا مَا هُوَ خَاطِئٌ، فَقَدْ يَظُنُّ ٱلْآخَرُونَ أَنَّهُ ٱرْتَكَبَ جَرِيمَةً أَوْ عَلَى ٱلْأَقَلِّ خَالَفَ بَعْضَ ٱلْقَوَاعِدِ. فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ مَنْ تَرَبَّى فِي بِيئَةٍ كَهذِهِ لَنْ يَرَى نَفْسَهُ خَاطِئًا بِٱلْمَعْنَى ٱلَّذِي قَصَدَهُ بُولُسُ.
١٢ لِمَاذَا لَا يُؤْمِنُ كَثِيرُونَ أَنَّ ٱلْجَمِيعَ خُطَاةٌ؟
١٢ حَتَّى فِي بُلْدَانِ ٱلْعَالَمِ ٱلْمَسِيحِيِّ، كَثِيرُونَ لَا يُؤْمِنُونَ أَنَّهُمْ خُطَاةٌ. لِمَاذَا؟ مَعَ أَنَّ ٱلْبَعْضَ يَذْهَبُونَ إِلَى ٱلْكَنَائِسِ أَحْيَانًا، فَهُمْ يَعْتَبِرُونَ رِوَايَةَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ عَنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ مُجَرَّدَ خُرَافَةٍ أَوْ أُسْطُورَةٍ. أَمَّا آخَرُونَ فَقَدْ تَرَعْرَعُوا فِي بِيئَةٍ لَا تُبَالِي بِٱلدِّينِ. فَصَارُوا يَشُكُّونَ فِي وُجُودِ ٱللّٰهِ، وَلِذلِكَ لَا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ كَائِنًا أَسْمَى يَضَعُ ٱلْمَقَايِيسَ ٱلْأَدَبِيَّةَ لِلْبَشَرِ وَأَنَّ ٱلْفَشَلَ فِي ٱلتَّقَيُّدِ بِهَا هُوَ خَطِيَّةٌ. فَهُمْ يُشْبِهُونَ أُولئِكَ ٱلْعَائِشِينَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ ٱلَّذِينَ وَصَفَهُمْ بُولُسُ أَنَّهُمْ ‹بِلَا رَجَاءٍ› وَ «مِنْ دُونِ ٱللّٰهِ فِي ٱلْعَالَمِ». — اف ٢:١٢.
١٣، ١٤ (أ) مَا هُوَ ٱلسَّبَبُ ٱلْأَوَّلُ ٱلَّذِي يَجْعَلُ ٱلْخُطَاةَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِٱللّٰهِ بِلَا عُذْرٍ؟ (ب) إِلَامَ أَدَّى عَدَمُ ٱلْإِيمَانِ بِكَثِيرِينَ؟
١٣ قَدَّمَ بُولُسُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَى أَهْلِ رُومَا سَبَبَيْنِ يُبْرِزَانِ لِمَ هذِهِ ٱلْخَلْفِيَّةُ لَيْسَتْ عُذْرًا لَا آنَذَاكَ وَلَا ٱلْيَوْمَ. اَلسَّبَبُ ٱلْأَوَّلُ هُوَ أَنَّ ٱلْخَلِيقَةَ تَشْهَدُ عَلَى وُجُودِ خَالِقٍ. (اِقْرَأْ روما ١:١٩، ٢٠.) وَهذَا يَنْسَجِمُ مَعَ مَا كَتَبَهُ بُولُسُ إِلَى ٱلْعِبْرَانِيِّينَ وَهُوَ فِي رُومَا: «كُلُّ بَيْتٍ يَبْنِيهِ أَحَدٌ، وَلٰكِنَّ بَانِيَ كُلِّ شَيْءٍ هُوَ ٱللّٰهُ». (عب ٣:٤) إِنَّ هذِهِ ٱلْحُجَّةَ تُثْبِتُ أَنَّ خَالِقًا بَنَى أَوْ أَوْجَدَ ٱلْكَوْنَ بِأَسْرِهِ.
١٤ وَهكَذَا، كَانَ لَدَى بُولُسَ أَسَاسٌ مَتِينٌ كَيْ يَكْتُبَ إِلَى أَهْلِ رُومَا أَنَّ كُلَّ مَنْ عَبَدُوا تَمَاثِيلَ لَا حَيَاةَ فِيهَا، بِمَنْ فِيهِمِ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ ٱلْقُدَمَاءُ، هُمْ «بِلَا عُذْرٍ». وَٱلْأَمْرُ عَيْنُهُ يُقَالُ فِي ٱلَّذِينَ أَسْلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلَى مُمَارَسَاتٍ جِنْسِيَّةٍ خَلِيعَةٍ تُخَالِفُ ٱلِٱسْتِعْمَالَ ٱلطَّبِيعِيَّ لِأَجْسَادِ ٱلذُّكُورِ وَٱلْإِنَاثِ. (رو ١:٢٢-٢٧) وَبِٱلصَّوَابِ ٱسْتَنْتَجَ بُولُسُ أَنَّ «ٱلْيَهُودَ وَٱلْيُونَانِيِّينَ أَيْضًا . . . هُمْ جَمِيعًا تَحْتَ ٱلْخَطِيَّةِ». — رو ٣:٩.
‹شَاهِدٌ› دَاخِلِيٌّ
١٥ مَنْ لَدَيْهِمْ مَلَكَةُ ٱلضَّمِيرِ، وَمَا تَأْثِيرُهَا عَلَيْهِمْ؟
١٥ يُحَدِّدُ سِفْرُ رُومَا سَبَبًا آخَرَ يُظْهِرُ لِمَ يَنْبَغِي لِلنَّاسِ أَنْ يَعْتَرِفُوا بِأَنَّهُمْ خُطَاةٌ وَيَحْتَاجُونَ إِلَى سَبِيلٍ لِلْخُرُوجِ مِنْ هذَا ٱلْمَأْزِقِ ٱلْحَرِجِ. فَفِي مَا يَخْتَصُّ بِمَجْمُوعَةِ ٱلشَّرَائِعِ ٱلَّتِي وَضَعَهَا ٱللّٰهُ لِإِسْرَائِيلَ ٱلْقَدِيمَةِ، كَتَبَ بُولُسُ: «جَمِيعُ ٱلَّذِينَ أَخْطَأُوا وَهُمْ تَحْتَ ٱلشَّرِيعَةِ، فَبِٱلشَّرِيعَةِ يُدَانُونَ». (رو ٢:١٢) وَإِذْ تَابَعَ تَحْلِيلَهُ، أَوْضَحَ أَنَّ ٱلْأُمَمَ ٱلَّذِينَ يَجْهَلُونَ ٱلشَّرَائِعَ ٱلْإِلهِيَّةَ غَالِبًا مَا ‹يَفَعَلُونَ بِٱلطَّبِيعَةِ مَا فِي ٱلشَّرِيعَةِ›. فَلِمَاذَا يُحَرِّمُ مِثْلُ هؤُلَاءِ عُمُومًا سِفَاحَ ٱلْقُرْبَى وَٱلْقَتْلَ وَٱلسَّرِقَةَ؟ ذَكَرَ بُولُسُ أَنَّ ٱلسَّبَبَ هُوَ ضَمَائِرُهُمْ. — اِقْرَأْ روما ٢:١٤، ١٥.
١٦ لِمَاذَا ٱمْتِلَاكُ ٱلْمَرْءِ ضَمِيرًا لَا يَعْنِي بِٱلضَّرُورَةِ أَنَّهُ لَنْ يُخْطِئَ؟
١٦ لكِنَّكَ تَعْلَمُ بِٱلطَّبْعِ أَنَّ ٱمْتِلَاكَ ٱلْمَرْءِ ضَمِيرًا يُؤَدِّي وَظِيفَتَهُ كَشَاهِدٍ دَاخِلِيٍّ لَا يَعْنِي بِٱلضَّرُورَةِ أَنَّهُ سَيُصْغِي إِلَى صَوْتِهِ. وَمَا حَدَثَ فِي إِسْرَائِيلَ ٱلْقَدِيمَةِ هُوَ مِثَالٌ عَلَى ذلِكَ. فَرَغْمَ أَنَّ ٱللّٰهَ وَهَبَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ مَلَكَةَ ٱلضَّمِيرِ وَأَعْطَاهُمْ شَرَائِعَ مُحَدَّدَةً تَنْهَى عَنِ ٱلسَّرِقَةِ وَٱلزِّنَى، إِلَّا أَنَّهُمْ كَثِيرًا مَا خَالَفُوا ضَمَائِرَهُمْ وَشَرِيعَةَ يَهْوَهَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ. (رو ٢:٢١-٢٣) لِذلِكَ، كَانَ ذَنْبُهُمْ مُضَاعَفًا وَكَانُوا بِٱلتَّالِي خُطَاةً، لَيْسَ فِي وُسْعِهِمْ أَنْ يَبْلُغُوا مَقَايِيسَ ٱللّٰهِ وَيَفْعَلُوا مَشِيئَتَهُ. وَهذَا مَا دَمَّرَ عَلَاقَتَهُمْ بِصَانِعِهِمْ. — لا ١٩:١١؛ ٢٠:١٠؛ رو ٣:٢٠.
١٧ أَيُّ تَشْجِيعٍ نَسْتَمِدُّهُ مِنْ سِفْرِ رُومَا؟
١٧ قَدْ يَرْسُمُ مَا تَأَمَّلْنَا فِيهِ مِنْ سِفْرِ رُومَا صُورَةً قَاتِمَةً عَنْ وَضْعِ ٱلْبَشَرِ، بِمَنْ فِيهِمْ نَحْنُ. لكِنَّ بُولُسَ لَمْ يَتَوَقَّفْ عِنْدَ هذَا ٱلْحَدِّ. فَقَدِ ٱقْتَبَسَ كَلِمَاتِ دَاوُدَ فِي ٱلْمَزْمُور ٣٢:١، ٢ قَائِلًا: «سُعَدَاءُ هُمُ ٱلَّذِينَ عُفِيَ عَنْ تَعَدِّيَاتِهِمْ عَلَى ٱلشَّرِيعَةِ وَٱلَّذِينَ سُتِرَتْ خَطَايَاهُمْ. سَعِيدٌ هُوَ ٱلْإِنْسَانُ ٱلَّذِي لَنْ يَحْسُبَ يَهْوَهُ خَطِيَّتَهُ أَبَدًا». (رو ٤:٧، ٨) نَعَمْ، لَقَدْ دَبَّرَ ٱللّٰهُ وَسِيلَةً شَرْعِيَّةً لِغُفْرَانِ ٱلْخَطَايَا.
بِشَارَةٌ تَتَمَحْوَرُ حَوْلَ يَسُوعَ
١٨، ١٩ (أ) أَيُّ جَانِبٍ مِنَ ٱلْبِشَارَةِ رَكَّزَ عَلَيْهِ بُولُسُ فِي سِفْرِ رُومَا؟ (ب) بِمَ يَنْبَغِي أَنْ نَعْتَرِفَ إِذَا أَرَدْنَا نَيْلَ بَرَكَاتِ ٱلْمَلَكُوتِ؟
١٨ إِنَّ مَعْرِفَةَ مَا أَعَدَّهُ ٱللّٰهُ لِغُفْرَانِ خَطَايَانَا لَهِيَ حَقًّا بِشَارَةٌ رَائِعَةٌ. وَهذَا يُعِيدُنَا إِلَى ٱلْجَانِبِ ٱلَّذِي أَبْرَزَهُ بُولُسُ مِنَ ٱلْبِشَارَةِ. فَكَمَا ذُكِرَ سَابِقًا، كَتَبَ: «لَا أَخْجَلُ بِٱلْبِشَارَةِ، فَهِيَ قُدْرَةُ ٱللّٰهِ لِلْخَلَاصِ». — رو ١:١٥، ١٦.
١٩ وَهذِهِ ٱلْبِشَارَةُ تَمَحْوَرَتْ حَوْلَ دَوْرِ يَسُوعَ فِي إِتْمَامِ قَصْدِ ٱللّٰهِ. فَقَدْ تَحَدَّثَ بُولُسُ عَنِ ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي فِيهِ «يَدِينُ ٱللّٰهُ بِٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ خَفَايَا ٱلنَّاسِ، بِحَسَبِ ٱلْبِشَارَةِ». (رو ٢:١٦) لكِنَّهُ بِذلِكَ لَمْ يُقَلِّلْ مِنْ شَأْنِ «مَلَكُوتِ ٱلْمَسِيحِ وَٱللّٰهِ» أَوْ مَا سَيَفْعَلُهُ ٱللّٰهُ بِوَاسِطَةِ ٱلْمَلَكُوتِ. (اف ٥:٥) بَلْ أَظْهَرَ أَنَّهُ إِذَا أَرَدْنَا ٱلْعَيْشَ وَٱلتَّمَتُّعَ بِٱلْبَرَكَاتِ ٱلَّتِي سَتَسُودُ فِي ظِلِّ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ، فَعَلَيْنَا أَنْ نَعْتَرِفَ (١) بِوَضْعِنَا كَخُطَاةٍ فِي نَظَرِ ٱللّٰهِ وَ (٢) بِحَاجَتِنَا إِلَى مُمَارَسَةِ ٱلْإِيمَانِ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ كَيْ نَنَالَ غُفْرَانَ خَطَايَانَا. فَعِنْدَمَا يَفْهَمُ ٱلْمَرْءُ وَيَقْبَلُ هذَيْنِ ٱلْأَمْرَيْنِ ٱلْمُتَعَلِّقَيْنِ بِقَصْدِ ٱللّٰهِ وَيَرَى ٱلرَّجَاءَ ٱلَّذِي يُتِيحُهُ ذلِكَ لَهُ، سَيَهْتِفُ حَتْمًا: «مَا أَرْوَعَ هذِهِ ٱلْبِشَارَةَ!».
٢٠، ٢١ لِمَ يَنْبَغِي أَثْنَاءَ خِدْمَتِنَا أَنْ نُبْقِيَ فِي بَالِنَا ٱلْبِشَارَةَ ٱلَّتِي شَدَّدَ عَلَيْهَا بُولُسُ فِي سِفْرِ رُومَا، وَمَا هِيَ ٱلنَّتَائِجُ ٱلْمُحْتَمَلَةُ؟
٢٠ لَا رَيْبَ أَنَّهُ عَلَيْنَا أَنْ نُبْقِيَ فِي بَالِنَا هذَا ٱلْجَانِبَ مِنَ ٱلْبِشَارَةِ أَثْنَاءَ خِدْمَتِنَا ٱلْمَسِيحِيَّةِ. فَبِٱلْإِشَارَةِ إِلَى يَسُوعَ، ٱقْتَبَسَ بُولُسُ كَلِمَاتِ إِشَعْيَا قَائِلًا: «كُلُّ مَنْ يُؤَسِّسُ إِيمَانَهُ عَلَيْهِ لَنْ يَخِيبَ». (رو ١٠:١١؛ اش ٢٨:١٦) إِنَّ ٱلْمُطَّلِعِينَ إِلَى حَدٍّ مَا عَلَى مَا يَقُولُهُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَنِ ٱلْخَطِيَّةِ لَدَيْهِمْ فِكْرَةٌ عَامَّةٌ عَنْ دَوْرِ يَسُوعَ. أَمَّا بِٱلنِّسْبَةِ إِلَى آخَرِينَ فَهذَا ٱلْمَفْهُومُ جَدِيدٌ تَمَامًا، أَمْرٌ يَجْهَلُونَهُ أَوْ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ عُمُومًا فِي حَضَارَتِهِمْ. لِذلِكَ، فِيمَا يَبْنِي أَمْثَالُ هؤُلَاءِ ٱلْإِيمَانَ بِٱللّٰهِ وَٱلثِّقَةَ بِٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ، عَلَيْنَا أَنْ نُوضِحَ لَهُمْ مَا هُوَ دَوْرُ يَسُوعَ. وَسَتُنَاقِشُ ٱلْمَقَالَةُ ٱلتَّالِيَةُ ٱلْإِصْحَاحَ ٥ مِنْ سِفْرِ رُومَا ٱلَّذِي يَشْرَحُ هذَا ٱلْجَانِبَ مِنَ ٱلْبِشَارَةِ. وَعَلَى ٱلْأَرْجَحِ، سَيُفِيدُكَ هذَا ٱلدَّرْسُ فِي خِدْمَتِكَ.
٢١ كَمْ نَشْعُرُ بِٱلِٱكْتِفَاءِ حِينَ نُسَاعِدُ ذَوِي ٱلْقُلُوبِ ٱلْمُسْتَقِيمَةِ أَنْ يَفْهَمُوا ٱلْبِشَارَةَ ٱلْوَارِدَةَ تَكْرَارًا فِي سِفْرِ رُومَا، ٱلْبِشَارَةَ ٱلَّتِي «هِيَ قُدْرَةُ ٱللّٰهِ لِلْخَلَاصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ»! (رو ١:١٦) إِضَافَةً إِلَى ذلِكَ، كَمْ نَفْرَحُ لَدَى سَمَاعِنَا ٱلْآخَرِينَ يُرَدِّدُونَ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلَّتِي ٱقْتَبَسَهَا بُولُسُ فِي رُومَا ١٠:١٥: «مَا أَجْمَلَ أَقْدَامَ ٱلْمُبَشِّرِينَ بِٱلْخَيْرَاتِ»! — اش ٥٢:٧.
-
-
اللّٰه بيَّن لنا فضل محبتهبرج المراقبة ٢٠١١ | ١٥ حزيران (يونيو)
-
-
اَللّٰهُ بَيَّنَ لَنَا فَضْلَ مَحَبَّتِهِ
«تَمْلِكُ ٱلنِّعْمَةُ بِٱلْبِرِّ، مُؤَدِّيَةً إِلَى ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ». — رو ٥:٢١.
١، ٢ أَيَّةُ هِبَةٍ يَعْتَبِرُهَا كَثِيرُونَ قَيِّمَةً، وَلكِنْ أَيَّةُ هِبَةٍ هِيَ أَعْظَمُ قِيمَةً بِكَثِيرٍ؟
«إِنَّ أَعْظَمَ . . . هِبَةٍ مَنَحَهَا ٱلرُّومَانُ لِلَّذِينَ خَلَفُوهُمْ هِيَ ٱلْقَانُونُ ٱلَّذِي وَضَعُوهُ وَمَفْهُومُهُمْ أَنَّهُ يَجِبُ ٱلْعَيْشُ بِمُقْتَضَى قَانُونٍ مَا». هذَا مَا قَالَهُ مُتَرْجِمُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ وَٱلْبْرُوفِسُّورُ دايڤيد ج. وليَمز مِنْ جَامِعَةِ مِلْبورْن، أوستراليا. وَلكِنْ، بِغَضِّ ٱلنَّظَرِ عَنْ مَدَى صِحَّةِ هذَا ٱلْقَوْلِ، ثَمَّةَ هِبَةٌ أَعْظَمُ قِيمَةً بِكَثِيرٍ. وَهذِهِ ٱلْهِبَةُ هِيَ وَسِيلَةُ ٱللّٰهِ لِحِيَازَةِ مَوْقِفٍ مَقْبُولٍ وَبَارٍّ أَمَامَهُ وَنَيْلِ رَجَاءِ ٱلْخَلَاصِ وَٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ.
٢ وَقَدْ مَنَحَ ٱللّٰهُ هذِهِ ٱلْهِبَةَ وَفْقًا لِأُسُسِ ٱلْعَدْلِ ٱلَّتِي تَتَجَلَّى فِي شَرَائِعِهِ أَوْ قَوَانِينِهِ. إِلَّا أَنَّ ٱلرَّسُولَ بُولُسَ لَمْ يَعْرِضْ هذِهِ ٱلْأُسُسَ عَرْضًا قَانُونِيًّا جَافًّا فِي ٱلْإِصْحَاحِ ٱلْخَامِسِ مِنْ رِسَالَتِهِ إِلَى أَهْلِ رُومَا. بَلِ ٱسْتَهَلَّهُ بِهذِهِ ٱلْعِبَارَةِ ٱلْمُطَمْئِنَةِ: «بِمَا أَنَّنَا تَبَرَّرْنَا نَتِيجَةَ ٱلْإِيمَانِ، فَلْنَنْعَمْ بِٱلسَّلَامِ مَعَ ٱللّٰهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ». ثُمَّ أَضَافَ: «إِنَّ مَحَبَّةَ ٱللّٰهِ قَدْ سُكِبَتْ فِي قُلُوبِنَا مِنْ خِلَالِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ ٱلَّذِي أُعْطِيَ لَنَا». (رو ٥:١، ٥) وَلَا شَكَّ أَنَّ ٱلَّذِينَ يَنَالُونَ هِبَةَ ٱللّٰهِ يَنْدَفِعُونَ إِلَى مُبَادَلَتِهِ ٱلْمَحَبَّةَ ٱلَّتِي أَظْهَرَهَا لَهُمْ تَمَامًا كَمَا فَعَلَ بُولُسُ.
٣ أَيَّةُ أَسْئِلَةٍ مِنَ ٱلْمَنْطِقِيِّ أَنْ تَنْشَأَ؟
٣ وَلكِنْ، لِمَ هذِهِ ٱلْهِبَةُ ٱلْمُعْطَاةُ بِدَافِعِ ٱلْمَحَبَّةِ ضَرُورِيَّةٌ؟ كَيْفَ تَمَكَّنَ ٱللّٰهُ مِنْ تَقْدِيمِهَا بِطَرِيقَةٍ عَادِلَةٍ وَمُنْصِفَةٍ؟ وَمَا هُوَ ٱلْمَطْلُوبُ مِنَ ٱلْأَفْرَادِ لِكَيْ يُحْسَبُوا مُؤَهَّلِينَ لِنَيْلِهَا؟ لِنَتَفَحَّصِ ٱلْأَجْوِبَةَ ٱلشَّافِيَةَ عَنْ هذِهِ ٱلْأَسْئِلَةِ وَنُلَاحِظْ كَيْفَ تُبْرِزُ لَنَا مَحَبَّةَ ٱللّٰهِ.
مَحَبَّةُ ٱللّٰهِ لَنَا رَغْمَ أَنَّنَا خُطَاةٌ
٤، ٥ (أ) مَا هِيَ أَعْظَمُ طَرِيقَةٍ عَبَّرَ فِيهَا يَهْوَهُ عَنْ مَحَبَّتِهِ؟ (ب) مَاذَا يُسَاعِدُنَا عَلَى فَهْمِ رُومَا ٥:١٢؟
٤ تَعْبِيرًا عَنْ مَحَبَّةٍ فَائِقَةٍ، أَرْسَلَ يَهْوَهُ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ لِمُسَاعَدَةِ ٱلْبَشَرِ. وَقَدْ قَالَ بُولُسُ فِي هذَا ٱلْخُصُوصِ: «أَمَّا ٱللّٰهُ فَبَيَّنَ لَنَا فَضْلَ مَحَبَّتِهِ بِأَنَّهُ إِذْ كُنَّا بَعْدُ خُطَاةً مَاتَ ٱلْمَسِيحُ عَنَّا». (رو ٥:٨) تُشِيرُ هذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ إِلَى وَاقِعٍ مُهِمٍّ هُوَ أَنَّنَا «خُطَاةٌ». وَنَحْنُ جَمِيعًا نَحْتَاجُ أَنْ نَعْرِفَ كَيْفَ وَصَلْنَا إِلَى هذِهِ ٱلْحَالَةِ.
٥ أَوْجَزَ بُولُسُ ٱلْمَسْأَلَةَ مُبْتَدِئًا بِذِكْرِ ٱلْحَقِيقَةِ ٱلتَّالِيَةِ: «بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ ٱلْخَطِيَّةُ إِلَى ٱلْعَالَمِ وَبِٱلْخَطِيَّةِ ٱلْمَوْتُ، وَهٰكَذَا ٱجْتَازَ ٱلْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ ٱلنَّاسِ لِأَنَّهُمْ جَمِيعًا أَخْطَأُوا». (رو ٥:١٢) وَفِي وُسْعِنَا أَنْ نَفْهَمَ هذِهِ ٱلْمَسْأَلَةَ لِأَنَّ ٱللّٰهَ حَفِظَ سِجِلًّا يَرْوِي كَيْفَ بَدَأَتِ ٱلْحَيَاةُ ٱلْبَشَرِيَّةُ. فَهُوَ يُخْبِرُنَا أَنَّ يَهْوَهَ خَلَقَ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلْبَشَرِيَّيْنِ ٱلْأَوَّلَيْنِ، آدَمَ وَحَوَّاءَ. وَكَمَا أَنَّ ٱلْخَالِقَ كَامِلٌ، كَانَ سَلَفَانَا هذَانِ كَامِلَيْنِ أَيْضًا. غَيْرَ أَنَّهُ أَعْطَاهُمَا وَصِيَّةً مُحَدَّدَةً وَحَذَّرَهُمَا أَنَّ عَدَمَ إِطَاعَتِهَا يُؤَدِّي إِلَى عُقُوبَةِ ٱلْمَوْتِ. (تك ٢:١٧) رَغْمَ ذلِكَ، ٱخْتَارَا أَنْ ‹يَفْسُدَا› بِٱنْتِهَاكِهِمَا مَطْلَبَ ٱللّٰهِ ٱلْمَعْقُولَ، مَا عَنَى أَنَّهُمَا رَفَضَاهُ كَمُشْتَرِعٍ وَمُتَسَلِّطٍ عَلَيْهِمَا. — تث ٣٢:٤، ٥.
٦ (أ) أَيُّ وَضْعٍ جَعَلَ ٱلْمُتَحَدِّرِينَ مِنْ آدَمَ عُرْضَةً لِلْمَوْتِ، وَهَلْ تَغَيَّرَ هذَا ٱلْوَضْعُ بَعْدَ إِعْطَاءِ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ؟ (ب) بِمَ يُمْكِنُ تَشْبِيهُ ٱلْخَطِيَّةِ؟
٦ لَمْ يُنْجِبْ آدَمُ أَوْلَادًا إِلَّا بَعْدَمَا صَارَ خَاطِئًا، لِذَا أَوْرَثَهُمْ جَمِيعًا ٱلْخَطِيَّةَ وَآثَارَهَا. طَبْعًا، لَمْ يَنْتَهِكْ هؤُلَاءِ ٱلْوَصِيَّةَ ٱلَّتِي أَعْطَاهَا ٱللّٰهُ لِآدَمَ كَمَا فَعَلَ هُوَ، لِذلِكَ لَمْ تُحْسَبْ عَلَيْهِمْ هذِهِ ٱلْخَطِيَّةُ. كَمَا أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ قَدْ أُعْطِيَتْ لَهُمْ أَيَّةُ شَرَائِعَ لِكَيْ يُحْسَبُوا خُطَاةً إِذَا ٱنْتَهَكُوهَا. (تك ٢:١٧) مَعَ ذلِكَ، وَرِثُوا ٱلْخَطِيَّةَ مِنْ آدَمَ. وَهكَذَا، مَلَكَتِ ٱلْخَطِيَّةُ وَٱلْمَوْتُ إِلَى أَنْ أَعْطَى ٱللّٰهُ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ مَجْمُوعَةَ ٱلشَّرَائِعِ ٱلَّتِي أَظْهَرَتْ بِوُضُوحٍ أَنَّهُمْ خُطَاةٌ. (اِقْرَأْ روما ٥:١٣، ١٤.) وَيُمْكِنُ تَشْبِيهُ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلْمَوْرُوثَةِ بِٱلْأَمْرَاضِ ٱلْوِرَاثِيَّةِ كَٱلنَّاعُورِ وَٱلتَّالَاسِيمْيَا. فَلَعَلَّكَ قَرَأْتَ أَنَّ أَلِكْسيس، ٱبْنَ ٱلْقَيْصَرِ ٱلرُّوسِيِّ نقولا ٱلثَّانِي وَأَلِكْسندرا، وَرِثَ دَاءَ ٱلنَّاعُورِ. صَحِيحٌ أَنَّهُ فِي عَائِلَةٍ كَهذِهِ لَا يُعَانِي جَمِيعُ ٱلْأَوْلَادِ مِنْ تِلْكَ ٱلْأَمْرَاضِ، إِلَّا أَنَّهُمْ قَدْ يَحْمِلُونَهَا. لكِنَّ هذَا ٱلْأَمْرَ لَا يَنْطَبِقُ عَلَى ٱلْخَطِيَّةِ إِذْ لَا مَفَرَّ مِنْهَا. فَهِيَ تُصِيبُ ٱلْجَمِيعَ وَعَاقِبَتُهَا مُمِيتَةٌ لَا مَحَالَةَ. فَهَلْ مِنْ وَسِيلَةٍ لِلْخُرُوجِ مِنْ هذَا ٱلْمَأْزِقِ؟
مَا زَوَّدَهُ ٱللّٰهُ بِوَاسِطَةِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ
٧، ٨ كَيْفَ أَدَّى مَسْلَكَا شَخْصَيْنِ كَامِلَيْنِ إِلَى نَتِيجَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ؟
٧ بِدَافِعِ ٱلْمَحَبَّةِ، صَنَعَ يَهْوَهُ تَدْبِيرًا كَيْ يُعْتَقَ ٱلْبَشَرُ مِنَ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلْمَوْرُوثَةِ. وَشَرَحَ بُولُسُ أَنَّ ذلِكَ مُتَاحٌ بِوَاسِطَةِ رَجُلٍ كَامِلٍ آخَرَ هُوَ آدَمُ ٱلثَّانِي. (١ كو ١٥:٤٥) وَقَدْ أَدَّى مَسْلَكَا هذَيْنِ ٱلرَّجُلَيْنِ ٱلْكَامِلَيْنِ إِلَى نَتِيجَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ. كَيْفَ ذلِكَ؟ — اِقْرَأْ روما ٥:١٥، ١٦.
٨ كَتَبَ بُولُسُ: «أَمْرُ ٱلْعَطِيَّةِ لَيْسَ كَأَمْرِ ٱلزَّلَّةِ». فَآدَمُ كَانَ مُذْنِبًا بِهذِهِ ٱلزَّلَّةِ، لِذلِكَ نَالَ عُقُوبَةً مُنْصِفَةً: اَلْمَوْتُ. إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَلْقَ وَحْدَهُ هذَا ٱلْمَصِيرَ. نَقْرَأُ: «بِزَلَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ كَثِيرُونَ». فَقَدْ تَطَلَّبَ عَدْلُ ٱللّٰهِ أَنْ يُطَبَّقَ ٱلْحُكْمُ نَفْسُهُ عَلَى كُلِّ ذُرِّيَّةِ آدَمَ ٱلنَّاقِصَةِ بِمَنْ فِيهَا نَحْنُ. مَعَ ذلِكَ، نَحْنُ نَتَعَزَّى بِٱلْمَعْرِفَةِ أَنَّ ٱلْإِنْسَانَ ٱلْكَامِلَ يَسُوعَ فِي وُسْعِهِ أَنْ يَعْكِسَ ٱلنَّتِيجَةَ. كَيْفَ؟ نَجِدُ ٱلْجَوَابَ فِي كَلِمَاتِ بُولُسَ عَنْ «تَبْرِيرِ شَتَّى ٱلنَّاسِ لِلْحَيَاةِ». — رو ٥:١٨.
٩ مَاذَا يَعْنِي تَبْرِيرُ ٱللّٰهِ لِلْمَرْءِ ٱلَّذِي تَحَدَّثَ عَنْهُ بُولُسُ فِي رُومَا ٥:١٦، ١٨؟
٩ وَمَا هُوَ مَعْنَى كَلِمَةِ «تَبْرِيرٍ» بِٱللُّغَةِ ٱلْيُونَانِيَّةِ؟ كَتَبَ ٱلْمُتَرْجِمُ ٱلْمُقْتَبَسُ مِنْهُ آنِفًا: ‹إِنَّ هذَا ٱلتَّعْبِيرَ لَيْسَ مُصْطَلَحًا قَانُونِيًّا مَحْضًا لكِنَّهُ يَحْمِلُ ضِمْنِيًّا هذَا ٱلْمَدْلُولَ. فَهُوَ يُشِيرُ إِلَى تَغْيِيرٍ فِي نَظْرَةِ ٱللّٰهِ إِلَى ٱلشَّخْصِ وَلَيْسَ إِلَى تَغْيِيرٍ دَاخِلِيٍّ فِيهِ . . . إِنَّهُ يَسْتَحْضِرُ إِلَى ٱلذِّهْنِ صُورَةَ مَحْكَمَةٍ ٱللّٰهُ فِيهَا ٱلْقَاضِي، وَقَدْ تَوَصَّلَ إِلَى قَرَارٍ لِصَالِحِ شَخْصٍ مُتَّهَمٍ بِٱلْإِثْمِ: تَبْرِئَتُهُ مِنَ ٱلتُّهْمَةِ›.
١٠ مَاذَا فَعَلَ يَسُوعُ لِيُتِيحَ ٱلتَّبْرِيرَ لِلْبَشَرِ؟
١٠ وَعَلَى أَيِّ أَسَاسٍ يُمْكِنُ ‹لِدَيَّانِ كُلِّ ٱلْأَرْضِ› ٱلْبَارِّ أَنْ يُبَرِّئَ ٱلْأَثَمَةَ؟ (تك ١٨:٢٥) لَقَدْ أَرْسَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ إِلَى ٱلْأَرْضِ عُرْبُونًا لِمَحَبَّتِهِ. وَيَسُوعُ فَعَلَ مَشِيئَةَ أَبِيهِ كَامِلًا رَغْمَ مَا تَعَرَّضَ لَهُ مِنْ تَجَارِبَ، سُخْرِيَةٍ شَدِيدَةٍ، وَإِسَاءَةِ مُعَامَلَةٍ. كَمَا أَنَّهُ حَافَظَ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِ إِلَى حَدِّ ٱلْمَوْتِ عَلَى خَشَبَةِ ٱلْآلَامِ. (عب ٢:١٠) وَبِبَذْلِ حَيَاتِهِ ٱلْبَشَرِيَّةِ ٱلْكَامِلَةِ، قَدَّمَ فِدْيَةً تُحَرِّرُ ذُرِّيَّةَ آدَمَ مِنَ ٱلْخَطِيَّةِ وَٱلْمَوْتِ. — مت ٢٠:٢٨؛ رو ٥:٦-٨.
١١ عَلَى أَيَّةِ مُعَادَلَةٍ تَرْتَكِزُ ٱلْفِدْيَةُ؟
١١ فِي رِسَالَةٍ أُخْرَى، دَعَا بُولُسُ ٱلْفِدْيَةَ «فِدْيَةً مُعَادِلَةً». (١ تي ٢:٦) وَبِأَيِّ مَعْنًى كَانَتْ مُعَادِلَةً؟ جَلَبَ آدَمُ ٱلنَّقْصَ وَٱلْمَوْتَ لِبَلَايِينِ ٱلْبَشَرِ ٱلْمُتَحَدِّرِينَ مِنْهُ. بِٱلْمُقَابِلِ، كَانَ بِإِمْكَانِ ٱلْإِنْسَانِ ٱلْكَامِلِ يَسُوعَ أَنْ يَصِيرَ أَبًا لِبَلَايِينِ ٱلْأَشْخَاصِ ٱلْكَامِلِينَ.a لِذلِكَ، جَرَى ٱلِٱعْتِقَادُ أَنَّ حَيَاةَ يَسُوعَ مَعَ حَيَاةِ ٱلذُّرِّيَّةِ ٱلْكَامِلَةِ ٱلَّتِي كَانَتْ لَا تَزَالُ فِي صُلْبِهِ شَكَّلَتْ ذَبِيحَةً مُعَادِلَةً لِحَيَاةِ آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ ٱلنَّاقِصَةِ. لكِنَّ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ لَا يَقُولُ إِنَّ ذُرِّيَّةً مُحْتَمَلَةً لِيَسُوعَ شَكَّلَتْ جُزْءًا مِنَ ٱلْفِدْيَةِ. فَرُومَا ٥:١٥-١٩ تُبْرِزُ أَنَّ مَوْتَ «وَاحِدٍ» فَقَطْ زَوَّدَ ٱلتَّحْرِيرَ. نَعَمْ، إِنَّ حَيَاةَ يَسُوعَ ٱلْكَامِلَةَ تُعَادِلُ حَيَاةَ آدَمَ. لِهذَا ٱلسَّبَبِ، يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ ٱلتَّرْكِيزُ عَلَى يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ دُونَ سِوَاهُ. إِذًا، صَارَ بِإِمْكَانِ جَمِيعِ ٱلْبَشَرِ أَنْ يَنَالُوا هِبَةً وَحَيَاةً بِفَضْلِ «عَمَلِ تَبْرِيرٍ وَاحِدٍ» قَامَ بِهِ يَسُوعُ بِٱتِّبَاعِهِ مَسْلَكَ ٱلطَّاعَةِ وَٱلِٱسْتِقَامَةِ حَتَّى ٱلْمَوْتِ. (٢ كو ٥:١٤، ١٥؛ ١ بط ٣:١٨) وَكَيْفَ تَمَّ ذلِكَ؟
تَبْرِئَةٌ عَلَى أَسَاسِ ٱلْفِدْيَةِ
١٢، ١٣ لِمَ يَحْتَاجُ ٱلَّذِينَ يَتَبَرَّرُونَ إِلَى رَحْمَةِ ٱللّٰهِ وَمَحَبَّتِهِ؟
١٢ لَقَدْ قَبِلَ يَهْوَهُ ٱللّٰهُ ٱلذَّبِيحَةَ ٱلْفِدَائِيَّةَ ٱلَّتِي قَدَّمَهَا ٱبْنُهُ. (عب ٩:٢٤؛ ١٠:١٠، ١٢) لكِنَّ تَلَامِيذَ يَسُوعَ عَلَى ٱلْأَرْضِ، بِمَنْ فِيهِمْ رُسُلُهُ ٱلْأُمَنَاءُ، ظَلُّوا نَاقِصِينَ. فَمَعَ أَنَّهُمْ جَاهَدُوا لِكَيْ يَتَجَنَّبُوا ٱرْتِكَابَ ٱلْأَخْطَاءِ، لَمْ يَنْجَحُوا دَائِمًا. لِمَاذَا؟ لِأَنَّهُمْ وَرِثُوا ٱلْخَطِيَّةَ. (رو ٧:١٨-٢٠) إِلَّا أَنَّ ٱللّٰهَ فَعَلَ شَيْئًا حِيَالَ هذَا ٱلْوَضْعِ. فَهُوَ لَمْ يَقْبَلْ هذِهِ ‹ٱلْفِدْيَةَ ٱلْمُعَادِلَةَ› فَحَسْبُ، بَلْ كَانَ مُسْتَعِدًّا أَيْضًا أَنْ يُطَبِّقَ فَوَائِدَهَا عَلَى خُدَّامِهِ ٱلْبَشَرِ.
١٣ طَبْعًا، لَمْ يَكُنْ لَدَى ٱللّٰهِ ٱلْتِزَامٌ أَنْ يُطَبِّقَ فَوَائِدَ ٱلْفِدْيَةِ عَلَى ٱلرُّسُلِ وَغَيْرِهِمْ بِسَبَبِ أَعْمَالِهِمِ ٱلْحَسَنَةِ. لكِنَّهُ قَامَ بِذلِكَ بِدَافِعِ رَحْمَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ ٱلْعَظِيمَةِ. فَقَدِ ٱخْتَارَ أَنْ يُسْقِطَ عَنْهُمُ ٱلْعُقُوبَةَ، مُعْتَبِرًا إِيَّاهُمْ مُعْفَيْنَ مِنَ ٱلذَّنْبِ ٱلْمَوْرُوثِ. وَهذَا مَا أَوْضَحَهُ بُولُسُ قَائِلًا: «بِهٰذِهِ ٱلنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ بِوَاسِطَةِ ٱلْإِيمَانِ. وَهٰذَا لَيْسَ بِفَضْلِكُمْ، إِنَّهُ عَطِيَّةُ ٱللّٰهِ». — اف ٢:٨.
١٤، ١٥ أَيَّةُ مُكَافَأَةٍ كَانَتْ بِٱنْتِظَارِ ٱلَّذِينَ بَرَّرَهُمُ ٱللّٰهُ، وَلكِنْ مَاذَا كَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْتَمِرُّوا فِي فِعْلِهِ؟
١٤ تَأَمَّلْ كَمْ عَظِيمَةٌ هِيَ عَطِيَّةُ ٱلْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ أَنْ يَغْفِرَ خَطِيَّةَ ٱلْمَرْءِ ٱلْمَوْرُوثَةَ وَٱلذُّنُوبَ ٱلَّتِي ٱقْتَرَفَهَا. فَمَعَ أَنَّ ٱلْخَطَايَا ٱلَّتِي يَرْتَكِبُهَا ٱلْمَرْءُ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ مَسِيحِيًّا لَا يُمْكِنُ إِحْصَاؤُهَا، فَإِنَّ ٱللّٰهَ يَغْفِرُهَا عَلَى أَسَاسِ ٱلْفِدْيَةِ. كَتَبَ بُولُسُ: «اَلْعَطِيَّةُ مِنْ جَرَّاءِ زَلَّاتٍ كَثِيرَةٍ . . . أَدَّتْ إِلَى ٱلتَّبْرِيرِ». (رو ٥:١٦) وَلكِنْ كَانَ عَلَى ٱلرُّسُلِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ نَالُوا هذِهِ ٱلْعَطِيَّةَ ٱلْحُبِّيَّةَ (ٱلتَّبْرِيرَ) أَنْ يَسْتَمِرُّوا فِي عِبَادَةِ ٱلْإِلهِ ٱلْحَقِّ بِإِيمَانٍ. وَأَيَّةُ مُكَافَأَةٍ كَانَتْ بِٱنْتِظَارِهِمْ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ؟ يُجِيبُ بُولُسُ: «أُولٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَنَالُونَ وَفْرَةَ ٱلنِّعْمَةِ وَهِبَةَ ٱلْبِرِّ [سَوْفَ] يَحْيَوْنَ وَيَمْلِكُونَ بِوَاحِدٍ هُوَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ». نَعَمْ، إِنَّ عَطِيَّةَ ٱلتَّبْرِيرِ لَهَا تَأْثِيرٌ مُعَاكِسٌ لِزَلَّةِ آدَمَ إِذْ إِنَّهَا تُؤَدِّي إِلَى ٱلْحَيَاةِ. — رو ٥:١٧؛ اِقْرَأْ لوقا ٢٢:٢٨-٣٠.
١٥ فَٱلَّذِينَ يَنَالُونَ هذِهِ ٱلْعَطِيَّةَ يَصِيرُونَ أَبْنَاءً رُوحِيِّينَ لِلّٰهِ. وَبِصِفَتِهِمْ شُرَكَاءَ ٱلْمَسِيحِ فِي ٱلْمِيرَاثِ، لَدَيْهِمْ رَجَاءُ ٱلْقِيَامَةِ إِلَى ٱلسَّمَاءِ كَأَبْنَاءٍ رُوحَانِيِّينَ لِلّٰهِ ‹لِيَمْلِكُوا› مَعَ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. — اِقْرَأْ روما ٨:١٥-١٧، ٢٣.
مَحَبَّةُ ٱللّٰهِ ظَاهِرَةٌ لِآخَرِينَ
١٦ أَيَّةُ هِبَةٍ يُمْكِنُ لِذَوِي ٱلرَّجَاءِ ٱلْأَرْضِيِّ أَنْ يَحْظَوْا بِهَا ٱلْآنَ؟
١٦ بِٱلطَّبْعِ، لَيْسَ كُلُّ مَنْ يُمَارِسُونَ ٱلْإِيمَانَ وَيَخْدُمُونَ ٱللّٰهَ بِوَلَاءٍ يَتَوَقَّعُونَ أَنْ ‹يَمْلِكُوا› مَعَ ٱلْمَسِيحِ فِي ٱلسَّمَاءِ. فَٱلْعَدِيدُونَ لَدَيْهِمِ ٱلرَّجَاءُ عَيْنُهُ ٱلَّذِي ٱمْتَلَكَهُ خُدَّامُ ٱللّٰهِ فِي فَتْرَةِ مَا قَبْلَ ٱلْمَسِيحِيَّةِ، رَجَاءُ ٱلْحَيَاةِ إِلَى ٱلْأَبَدِ فِي أَرْضٍ فِرْدَوْسِيَّةٍ. فَهَلْ بِإِمْكَانِ هؤُلَاءِ أَنْ يَحْظَوُا ٱلْآنَ بِهِبَةِ ٱللّٰهِ ٱلْحُبِّيَّةِ وَيُعْتَبَرُوا أَبْرَارًا بِحَيْثُ يَنَالُونَ ٱلْحَيَاةَ عَلَى ٱلْأَرْضِ؟ نَعَمْ بِٱلتَّأْكِيدِ، وَذلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا كَتَبَهُ بُولُسُ إِلَى أَهْلِ رُومَا.
١٧، ١٨ (أ) كَيْفَ نَظَرَ ٱللّٰهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بِسَبَبِ إِيمَانِهِ؟ (ب) كَيْفَ أَمْكَنَ لِيَهْوَهَ أَنْ يَعْتَبِرَ إِبْرَاهِيمَ بَارًّا؟
١٧ نَاقَشَ بُولُسُ مِثَالًا بَارِزًا، مِثَالَ إِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي كَانَ رَجُلَ إِيمَانٍ عَاشَ قَبْلَمَا زَوَّدَ يَهْوَهُ إِسْرَائِيلَ بِمَجْمُوعَةِ شَرَائِعَ، وَأَيْضًا قَبْلَ وَقْتٍ طَوِيلٍ مِنْ فَتْحِ ٱلْمَسِيحِ ٱلْبَابَ إِلَى ٱلْحَيَاةِ ٱلسَّمَاوِيَّةِ. (عب ١٠:١٩، ٢٠) نَقْرَأُ: «لَيْسَ بِٱلشَّرِيعَةِ كَانَ ٱلْوَعْدُ لِإِبْرَاهِيمَ أَوْ لِنَسْلِهِ أَنْ يَرِثَ عَالَمًا، بَلْ بِٱلْبِرِّ ٱلَّذِي بِٱلْإِيمَانِ». (رو ٤:١٣؛ يع ٢:٢٣، ٢٤) فَقَدْ حَسِبَ يَهْوَهُ إِبْرَاهِيمَ ٱلْأَمِينَ شَخْصًا بَارًّا. — اِقْرَأْ روما ٤:٢٠-٢٢.
١٨ لَا يَعْنِي ذلِكَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَرْتَكِبْ أَيَّ خَطَإٍ فِيمَا كَانَ يَخْدُمُ يَهْوَهَ طَوَالَ عُقُودٍ. فَهُوَ لَمْ يَكُنْ بَارًّا بِهذَا ٱلْمَعْنَى. (رو ٣:١٠، ٢٣) لكِنَّ يَهْوَهَ، بِحِكْمَتِهِ ٱللَّامُتَنَاهِيَةِ، أَخَذَ فِي ٱلِٱعْتِبَارِ إِيمَانَهُ ٱلِٱسْتِثْنَائِيَّ وَٱلْأَعْمَالَ ٱلنَّاجِمَةَ عَنْهُ. فَإِبْرَاهِيمُ مَارَسَ ٱلْإِيمَانَ بِشَكْلٍ خَاصٍّ ‹بِٱلنَّسْلِ› ٱلْمَوْعُودِ بِهِ ٱلَّذِي سَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ. وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ هذَا ٱلنَّسْلَ هُوَ ٱلْمَسِيَّا أَوِ ٱلْمَسِيحُ. (تك ١٥:٦؛ ٢٢:١٥-١٨) وَهكَذَا، عَلَى أَسَاسِ «ٱلْفِدَاءِ ٱلَّذِي تَمَّ بِٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ» بِإِمْكَانِ ٱلْقَاضِي، ٱللّٰهِ، أَنْ يَغْفِرَ ٱلْخَطَايَا ٱلَّتِي ٱرْتُكِبَتْ فِي ٱلْمَاضِي. وَصَارَ فِي وُسْعِ إِبْرَاهِيمَ وَرِجَالِ ٱلْإِيمَانِ لِمَا قَبْلَ ٱلْمَسِيحِيَّةِ أَنْ يَنَالُوا ٱلْقِيَامَةَ. — اِقْرَأْ روما ٣:٢٤، ٢٥؛ مز ٣٢:١، ٢.
تَمَتَّعْ بِمَوْقِفٍ بَارٍّ مُنْذُ ٱلْآنَ
١٩ مَاذَا يُشَجِّعُ كَثِيرِينَ ٱلْيَوْمَ؟
١٩ يَتَشَجَّعُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ ٱلْيَوْمَ لِأَنَّ إِلهَ ٱلْمَحَبَّةِ حَسِبَ إِبْرَاهِيمَ بَارًّا. لكِنَّ يَهْوَهَ لَمْ يُبَرِّرْهُ كَمَا يُبَرِّرُ أُولئِكَ ٱلَّذِينَ يَمْسَحُهُمْ بِٱلرُّوحِ لِيَكُونُوا «شُرَكَاءَ ٱلْمَسِيحِ فِي ٱلْمِيرَاثِ». فَهؤُلَاءِ، ٱلَّذِينَ يُشَكِّلُونَ فَرِيقًا عَدَدُهُ مُحَدَّدٌ، ‹مَدْعُوُّونَ لِيَكُونُوا قِدِّيسِينَ› وَهُمْ مَقْبُولُونَ ‹كَأَبْنَاءِ ٱللّٰهِ›. (رو ١:٧؛ ٨:١٤، ١٧، ٣٣) بِٱلتَّبَايُنِ، صَارَ إِبْرَاهِيمُ «صَدِيقَ يَهْوَهَ» قَبْلَمَا قُدِّمَتْ ذَبِيحَةُ ٱلْفِدَاءِ. (يع ٢:٢٣؛ اش ٤١:٨) فَمَاذَا عَنِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ ٱلَّذِينَ يَرْجُونَ ٱلْحَيَاةَ فِي ٱلْفِرْدَوْسِ ٱلْأَرْضِيِّ ٱلْمُسْتَرَدِّ؟
٢٠ مَاذَا يَتَوَقَّعُ ٱللّٰهُ مِنَ ٱلَّذِينَ يَعْتَبِرُهُمْ أَبْرَارًا كإِبْرَاهِيمَ؟
٢٠ إِنَّ هؤُلَاءِ لَا يَنَالُونَ «هِبَةَ ٱلْبِرِّ» ٱلَّتِي يُتِيحُهَا «ٱلْفِدَاءُ ٱلَّذِي تَمَّ بِٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ» بِهَدَفِ ٱلْحَيَاةِ فِي ٱلسَّمَاءِ. (رو ٣:٢٤؛ ٥:١٥، ١٧) رَغْمَ ذلِكَ، فَهُمْ يُمَارِسُونَ إِيمَانًا رَاسِخًا بِٱللّٰهِ وَتَدَابِيرِهِ، وَيُعْرِبُونَ عَنْهُ بِٱلْأَعْمَالِ ٱلْحَسَنَةِ. وَأَحَدُ هذِهِ ٱلْأَعْمَالِ هُوَ ‹ٱلْكِرَازَةُ بِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ وَتَعْلِيمُ مَا يَخْتَصُّ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ›. (اع ٢٨:٣١) لِذَا، يَعْتَبِرُهُمْ يَهْوَهُ أَبْرَارًا تَمَامًا كَمَا ٱعْتَبَرَ إِبْرَاهِيمَ. وَٱلْهِبَةُ ٱلَّتِي يَنَالُهَا هؤُلَاءِ، أَيْ صَدَاقَةُ ٱللّٰهِ، تَخْتَلِفُ عَنِ ٱلْهِبَةِ ٱلَّتِي يَحْظَى بِهَا ٱلْمَمْسُوحُونَ. مَعَ ذلِكَ، إِنَّهَا بِٱلتَّأْكِيدِ هِبَةٌ يَقْبَلُونَهَا بِٱمْتِنَانٍ شَدِيدٍ.
٢١ كَيْفَ نَسْتَفِيدُ مِنْ مَحَبَّةِ يَهْوَهَ وَعَدْلِهِ؟
٢١ إِنَّ رَجَاءَ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ عَلَى ٱلْأَرْضِ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى أَيِّ حَاكِمٍ بَشَرِيٍّ، بَلْ عَلَى ٱلْقَصْدِ ٱلْحَكِيمِ لِلْمُتَسَلِّطِ ٱلْكَوْنِيِّ. فَيَهْوَهُ قَدِ ٱتَّخَذَ خُطُوَاتٍ تَدْرِيجِيَّةً لِتَحْقِيقِ قَصْدِهِ. وَهذِهِ ٱلْخُطُوَاتُ تَنْسَجِمُ تَمَامًا مَعَ مَقَايِيسِ ٱلْعَدْلِ ٱلْحَقِيقِيِّ. كَمَا أَنَّهَا تَعْكِسُ مَحَبَّةَ ٱللّٰهِ ٱلْعَظِيمَةَ. فَحَسَنًا قَالَ بُولُسُ: «أَمَّا ٱللّٰهُ فَبَيَّنَ لَنَا فَضْلَ مَحَبَّتِهِ بِأَنَّهُ إِذْ كُنَّا بَعْدُ خُطَاةً مَاتَ ٱلْمَسِيحُ عَنَّا». — رو ٥:٨.
[الحاشية]
a عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، يَرِدُ هذَا ٱلْمَفْهُومُ فِي بَصِيرَةٌ فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ، ٱلْمُجَلَّدِ ٢، ٱلصَّفْحَةِ ٧٣٦، ٱلْفِقْرَتَيْنِ ٤ وَ ٥ (بِٱلْإِنْكِلِيزِيَّةِ)؛ بُرْجُ ٱلْمُرَاقَبَةِ، عَدَدِ ١٥ آذَارَ (مَارِس) ٢٠٠٠، ٱلصَّفْحَةِ ٤، ٱلْفِقْرَةِ ٤.
-