-
هل تزاول قوى الشر عملها؟برج المراقبة ٢٠٠٢ | ١٥ تشرين الاول (اكتوبر)
-
-
هل تزاول قوى الشر عملها؟
«العالم غارق في دوامة من التشويش، ويبدو كما لو ان قوى خفية تسعى جاهدة الى سدّ جميع مخارج الطوارئ». — جان كلود سوليري، صحافي.
‹ان مشاعر العجز التي تنتاب المرء تولّد احساسا بأن قوة شريرة عظيمة تمارس تأثيرها›. — جوزيف بارتون، مؤرخ.
ان الرعب العظيم الذي اوقعته في القلوب الهجمات الارهابية في ١١ ايلول (سبتمبر) ٢٠٠١ جعل كثيرين ينظرون الى الامور نظرة جدية. ذكر مايكل پراوس في صحيفة فايننشل تايمز الصادرة في انكلترا: «ما من حيوان يتصرف او يستطيع التصرف بهذه الطريقة الوحشية». وورد تعليق في افتتاحية لصحيفة نيويورك تايمز يقول انه فضلا عن التخطيط الذي تطلّبه الاعتداء، «يجب التأمل في البغض الشديد الذي ادى اليه، والذي لا يقل عنه اهمية. انه بغض يفوق أعراف الحرب، لا يعرف حدودا، ولا يلتزم بأي اتفاق».
ثمة اشخاص ذوو معتقدات شتى امعنوا النظر في امكانية وجود قوة مؤذية تزاول عملها. ذكر رجل اعمال من ساراييڤو شهد اهوال البغض العرقي في البوسنة: «بعد سنة من الحرب البوسنية أعتقد ان الشيطان هو مَن يمسك بزمام الامور. انه لَجنون مطبق».
وعندما سُئل المؤرخ جان ديلومو عما اذا كان يؤمن بوجود ابليس، اجاب: «كيف يمكنني انكار قوة الشر في حين ارى ما يحدث وما سبق ان حدث منذ ولادتي: الحرب العالمية الثانية التي تجاوز عدد ضحاياها الـ ٤٠ مليونا؛ اوشڤيتس ومعسكرات الموت؛ الابادة الجماعية في كمبوديا؛ نظام الحكم الاستبدادي الدموي لشاوشسكو؛ التعذيب الذي تعتمده الحكومات في اماكن كثيرة حول العالم. ولائحة الاهوال لا تنتهي. . . . لذلك اعتقد اننا مبررون في دعوة هذه الاعمال ‹شيطانية›، لا لأن مَن يدفع اليها هو ابليس بقرنين وقدمين منفلقتين، بل ابليس يرمز الى سطوة وقوة الشر الذي يتحكم في العالم».
ومثل جان ديلومو، هنالك كثيرون ممن يصفون ‹بالشيطانية› الامور المروِّعة التي تحدث اليوم في المجتمع البشري، انطلاقا من الصعيد العائلي ووصولا الى الصعيد الدولي. ولكن ماذا يعني ذلك؟ هل يجب نسب هذه الاهوال الى قوى الشر المجرَّدة، ام ان هنالك قوى حاقدة ذات شخصية تزاول عملها، دافعة البشر الى ارتكاب جرائم شنيعة تتجاوز المستوى المعتاد للشر البشري؟ وهل تعمل هذه القوى تحت توجيه رئيس الشر — الشيطان ابليس؟
[مصدر الصورة في الصفحة ٣]
otohp drauG tsaoC .S.U :nerdlihC
-
-
الشيطان — خرافة ام واقع مشؤوم؟برج المراقبة ٢٠٠٢ | ١٥ تشرين الاول (اكتوبر)
-
-
الشيطان — خرافة ام واقع مشؤوم؟
اثار اصل الشر اهتمام المفكرين منذ الازمنة الغابرة. يذكر قاموس للكتاب المقدس، لواضعه جيمس هايستنڠز (بالانكليزية): «عند بداية الوعي البشري، وجد الانسان نفسه في مواجهة مع قوى لم يستطِع السيطرة عليها، قوى مارست تأثيرا مؤذيا او هدّاما». ويقول الكتاب نفسه ايضا: «سعى البشر الاولون فطريا الى معرفة الاسباب، وفسَّروا قوى الطبيعة وتجلِّياتها الاخرى على انها منبثقة من كائنات عاقلة».
يعتقد المؤرخون ان الايمان بآلهة شيطانية وأرواح شريرة يعود اصله الى التاريخ الباكر لبلاد ما بين النهرين. فقد آمن البابليون القدماء بأن العالم السفلي او «ارض اللاعودة» يحكمه اله يُدعى نرجل، اله عنيف يُعرَف بـ «الكائن الذي يحرق». كما خافوا الشياطين وحاولوا استرضاءهم بواسطة تعاويذ سحرية. وفي الاساطير المصرية، كان سيت اله الشر، وقد «صُوِّر في شكل وحش غريب له خرطوم دقيق متقوِّس، اذنان منتصبتان مربعتا الشكل، وذيل صلب على شكل مذراة». — دائرة معارف لاروس لعلم الاساطير (بالانكليزية).
كان لليونانيين والرومان آلهة خيِّرة وآلهة حاقدة، غير انه لم يكن لديهم اله شرير مهيمن. وعلَّم فلاسفتهم بوجود مبدأين متعارضَين. لقد اعتقد امپيدوكليس ان هذين المبدأين هما الحُب وعدم الانسجام. وبالنسبة الى أفلاطون، كان احدهما يؤدي الى الخير والآخر الى الشر. وكما يذكر جورج مينوا في كتابه ابليس (بالفرنسية): «ان الديانة الوثنية التقليدية [اليونانية-الرومانية] لم تعترف بوجود ابليس».
في ايران علَّمت الزرادشتية ان الاله الاسمى أهورا مَزدا، او أورمازد، خلق أنڠرامينيو، او اهرمان، الذي اختار فعل الشر، فأصبح بذلك الروح المدمِّرة او المهلِك.
وفي اليهودية، صُوِّر الشيطان بطريقة واضحة على انه خصم اللّٰه الذي ابتدع الخطية. ولكن بعد قرون عديدة، اصبحت هذه الصورة ملطخة بأفكار وثنية. تذكر دائرة المعارف اليهودية (بالانكليزية): «حدث تغيير هائل . . . خلال القرون الاخيرة لما قبل الميلاد. ففي هذه الحقبة، اتخذ الدين [اليهودي] . . . خصائص كثيرة من مذهب الثُّنائية الذي يقول ان اللّٰه وقوى الخير والحق يواجهون المقاومة في السماء وعلى الارض من قوى الشر والخداع الجبارة. ويبدو ان ذلك حدث بتأثير من الدين الفارسي». وتذكر دائرة المعارف اليهودية المختصرة (بالانكليزية): «كانت الحماية من [الشياطين] ممكنة بإطاعة الوصايا واستخدام الاحراز».
الارتداد في اللاهوت المسيحي
مثلما تبنّت اليهودية مفاهيم غير مؤسسة على الكتاب المقدس بشأن الشيطان والابالسة، كذلك طوّر المسيحيون المرتدّون افكارا تخالف تعاليم الاسفار المقدسة. يذكر قاموس انكور للكتاب المقدس (بالانكليزية): «ان احد الافكار اللاهوتية القديمة الاكثر تطرفا هو ان اللّٰه افتدى شعبه بدفع ثمن تحريرهم الى الشيطان». لقد اقترح ايريناوس (القرن الثاني للميلاد) هذه الفكرة. ثم طوَّرها اكثر اوريجانس (القرن الثالث للميلاد) الذي ادّعى ان «ابليس قد اكتسب حقا شرعيا على البشر»، واعتبر «موت المسيح . . . فدية دُفِعت الى ابليس». — تاريخ العقيدة (بالانكليزية)، لواضعه ادولف هارناك.
وبحسب دائرة المعارف الكاثوليكية (بالانكليزية)، «لعبت [فكرة دفع الفدية الى ابليس] دورا بارزا في تاريخ اللاهوت طوال الف سنة تقريبا»، وبقيت جزءا من العقيدة الكنسية. وثمة آباء آخرون للكنيسة، بينهم اوغسطين (القرنان الرابع والخامس للميلاد)، تبنّوا الفكرة ان الفدية دُفِعت الى الشيطان. ولكن بحلول القرن الـ ١٢ للميلاد، استنتج اخيرا اللاهوتيان الكاثوليكيان أنسِلْم وأبيلار ان ذبيحة المسيح لم تقدَّم للشيطان بل للّٰه.
خرافات القرون الوسطى
رغم تكتّم معظم مجامع الكنيسة الكاثوليكية حول موضوع الشيطان، اصدر مجمع لاتران الرابع سنة ١٢١٥ بم ما تدعوه دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة (بالانكليزية) «اعلان رسمي للإيمان». يذكر القانون ١: «خلق اللّٰه ابليس والشياطين الآخرين صالحين بطبيعتهم، لكن افعالهم الخاصة جعلتهم اشرارا». ويضيف ان هؤلاء يسعون جاهدين الى اغواء الجنس البشري. لقد استحوذت هذه الفكرة الاخيرة على اشخاص كثيرين خلال القرون الوسطى. فكان الشيطان وراء كل ما بدا غير مألوف، كالمرض الذي لا تعليل له، الموت المفاجئ، او المحاصيل الرديئة. وفي سنة ١٢٣٣ بم، اصدر البابا ڠريڠوريوس التاسع عدة مراسيم ضد الهراطقة، بينها مرسوم ضد اللوسيفيريّين الذين يُزعم انهم عباد لإبليس.
والاعتقاد بأن ابليس والشياطين يمكن ان يستحوذوا على الناس سرعان ما أنشأ احساسا جماعيا بالاضطهاد — خوفا هستيريا من الشعوذة والسحر. ومن القرن الـ ١٣ حتى القرن الـ ١٧، اجتاح الخوف من الساحرات اوروپا ووصل الى اميركا الشمالية مع المستعمرين الاوروپيين. حتى ان المُصلِحَين الپروتستانتيَّين مارتن لوثر وجون كالڤن وافقا على مطاردة الساحرات. وفي اوروپا، كانت الساحرات تحاكَم بواسطة محاكم التفتيش والمحاكم الدنيوية على السواء بسبب مجرد اشاعات او اتهامات ماكرة. وعموما، استُخدم التعذيب لانتزاع الاعتراف بـ «الذنب».
ان الذين وُجدوا مذنبين كان يمكن ان يُحكَم عليهم بالموت إما شنقا، كما في انكلترا واسكتلندا، او حرقا. وعن عدد الضحايا، تذكر دائرة معارف الكتاب العالمي (بالانكليزية): «وفقا لبعض المؤرخين، اعدمت الكنيسة المسيحية ما بين سنة ١٤٨٤ و ١٧٨٢ حوالي ٠٠٠,٣٠٠ امرأة بتهمة ممارسة السحر». فإذا كان الشيطان وراء هذه المأساة التي شهدتها القرون الوسطى، فمَن الذين استخدمهم كأدوات له — الضحايا ام مضطهديهم الدينيين المتعصبين؟
الاتجاه السائد اليوم
شهد القرن الـ ١٨ بزوغ الفكر العقلاني المعروف بالتنوير. تذكر دائرة المعارف البريطانية (بالانكليزية): «ان فلسفة ولاهوت التنوير سعَيا الى ازالة صورة ابليس من الفكر المسيحي باعتبارها ثمرة خيال الاساطير التي سادت في القرون الوسطى». لكن الكنيسة الكاثوليكية الرومانية ابدت ردّ فعل معاكسا وأعادت تأكيد ايمانها بوجود الشيطان ابليس في المجمع الڤاتيكاني الاول (١٨٦٩-١٨٧٠)، كما كرّرت بتحفُّظ ذكر هذا المعتقد في المجمع الڤاتيكاني الثاني (١٩٦٢-١٩٦٥).
وهكذا بصورة رسمية، كما تذكر دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة (بالانكليزية)، «تلتزم الكنيسة بالايمان بوجود ملائكة وشياطين». ولكن بحسب تِيو، وهو قاموس فرنسي للكثلكة، «يرفض كثيرون من المسيحيين اليوم عزو الشر في العالم الى ابليس». وفي السنوات الاخيرة، يأخذ اللاهوتيون الكاثوليك حذرهم في هذا الموضوع متأرجحين بين العقيدة الكاثوليكية الرسمية والفكر الحديث. تقول دائرة المعارف البريطانية: «يميل اللاهوت المسيحي الليبرالي الى الاعتبار ان لغة الكتاب المقدس المتعلقة بالشيطان هي ‹تصويرية› لا يجب فهمها حرفيا — هي محاولة خرافية للتعبير عن واقع ونطاق الشر في الكون». وبالنسبة الى الپروتستانت، يذكر المرجع نفسه: «ان الپروتستانتية الليبرالية العصرية تميل الى انكار ضرورة الايمان بوجود ابليس ككائن له شخصية». ولكن هل ينبغي ان يعتبر المسيحيون الحقيقيون ما يقوله الكتاب المقدس عن الشيطان لغة «تصويرية»؟
ما تعلِّمه الاسفار المقدسة
لم تقدِّم الفلسفة واللاهوت البشريان تفسيرا لأصل الشر افضل من ذاك الذي يقدِّمه الكتاب المقدس. وما تقوله الاسفار المقدسة عن الشيطان اساسي لفهم اصل الشر والالم البشري، وأيضا لمعرفة ما يجعل اسوأ عنف يمكن تصوره يزداد سوءا كل سنة.
قد يسأل البعض: ‹اذا كان اللّٰه خالقا صالحا ومُحبًّا، فكيف استطاع خلق كائن روحاني شرير كالشيطان؟›. يؤكد الكتاب المقدس ان كل اعمال يهوه اللّٰه كاملة وأن كل مخلوقاته الذكية مُنِحت ارادة حرّة. (تثنية ٣٠:١٩؛ ٣٢:٤؛ يشوع ٢٤:١٥؛ ١ ملوك ١٨:٢١) اذًا، لا بد ان الشخص الروحاني الذي اصبح الشيطان خُلِق كاملا واختار عمدا الانحراف عن طريق الحق والبر. — يوحنا ٨:٤٤؛ يعقوب ١:١٤، ١٥.
ان مسلك تمرد الشيطان يشبه بطرائق عديدة مسلك «ملك صور»، الذي وُصِف شعريا بأنه «كامل الجمال» و ‹كامل في طرقه من يوم خُلق حتى وُجد فيه اثم›. (حزقيال ٢٨:١١-١٩) لم يشكك الشيطان في تفوُّق يهوه او في كونه الخالق. وطبعا لا يمكنه ذلك اذ ان اللّٰه خلقه. لكن الشيطان تحدّى طريقة ممارسة يهوه لسلطانه. ففي جنة عدن لمّح الشيطان الى ان اللّٰه يحرم الزوجين البشريَّين الاولَين من شيء لهما الحق فيه ويتوقف خيرهما عليه. (تكوين ٣:١-٥) ونجح في جعل آدم وحواء يتمردان على سلطان يهوه البار، جالبا عليهما وعلى المتحدرين منهما الخطية والموت. (تكوين ٣:٦-١٩؛ روما ٥:١٢) وهكذا، يظهِر الكتاب المقدس ان الشيطان هو المسبب الرئيسي لألم البشر.
قبل الطوفان، انضم ملائكة آخرون الى الشيطان في تمرده. فقد تجسّدوا في اجسام بشرية لإشباع رغبتهم في اللذة الجنسية مع بنات الناس. (تكوين ٦:١-٤) وعند مجيء الطوفان، عاد هؤلاء الملائكة الشاذّون الى الحيز الروحي، ولكنهم لم يستعيدوا «مركزهم الاصلي» مع اللّٰه في السماء. (يهوذا ٦) فقد أُحدِروا الى حالة من الظلام الروحي الكثيف. (١ بطرس ٣:١٩، ٢٠؛ ٢ بطرس ٢:٤) وأصبحوا شياطين لا يخدمون في ما بعد تحت سلطان يهوه بل يخضعون للشيطان. وفي حين لا يستطيع الشياطين ان يتجسدوا ثانية، فلا يزال بإمكانهم ممارسة سلطة كبيرة على عقول وحياة البشر، ولا شك انهم مسؤولون عن الكثير من العنف الذي نشهده اليوم. — متى ١٢:٤٣-٤٥؛ لوقا ٨:٢٧-٣٣.
نهاية حكم الشيطان قريبة
من الواضح ان القوى الشريرة تزاول عملها في العالم اليوم. كتب الرسول يوحنا: «اما العالم كله فهو تحت سلطة الشرير». — ١ يوحنا ٥:١٩.
لكن اتمام نبوة الكتاب المقدس يظهِر ان ابليس يجعل ويلات الارض تتفاقم اذ يعرف انه لم يبقَ لديه إلا ‹زمان قصير› يسبب فيه الخراب قبل سجنه. (كشف ١٢:٧-١٢؛ ٢٠:١-٣) ان نهاية حكم الشيطان ستسم بداية عالم جديد بار حيث الدموع، الموت، والوجع ‹لا تكون في ما بعد›. وحينئذ ‹ستكون مشيئة اللّٰه كما في السماء كذلك على الارض›. — كشف ٢١:١-٤؛ متى ٦:١٠.
[الصورتان في الصفحة ٤]
آمن البابليون بإله عنيف يدعى نرجل (اقصى اليمين)؛ آمن أفلاطون (الى اليمين) بوجود مبدأين متعارضَين
[مصدر الصورة]
eceerG ,snehtA ,muesuM lacigoloeahcrA lanoitaN :otalP ;siraP ,ervuoL ud eésuM :rednilyC
[الصور في الصفحة ٥]
علّم ايريناوس، اوريجانس، وأوغسطين ان الفدية دُفِعَت الى ابليس
[مصدر الصورة]
nemoW suomaF dna neM taerG koob eht morF :enitsuguA ;serutciP revluC :negirO
[الصورة في الصفحة ٦]
ادّى الخوف من الساحرات الى اعدام مئات الآلاف
[مصدر الصورة]
ethcihcseG rehcstued laasredliB koob eht morF
-
-
‹لنقاوم ابليس›برج المراقبة ٢٠٠٢ | ١٥ تشرين الاول (اكتوبر)
-
-
‹لنقاوم ابليس›
«قاوموا ابليس فيهرب منكم». — يعقوب ٤:٧.
١ ماذا يمكن القول عن العالم الحاضر، ولماذا يجب ان يتيقظ الممسوحون وعشراؤهم؟
«اللّٰه اختفى، لكنَّ ابليس باقٍ». تنطبق كلمات المؤلف الفرنسي أندريه مالرو هذه على العالم الذي نعيش فيه. وذلك لأن اعمال الناس تعكس اعمال ابليس الخادعة اكثر من مشيئة اللّٰه. فالشيطان يضلِّل البشر «بكل قوة وبآيات وعلامات خارقة كاذبة وبكل خداع اثيم للهالكين». (٢ تسالونيكي ٢:٩، ١٠) لكنه في هذه «الايام الاخيرة» يركِّز جهوده على خدام اللّٰه المنتذرين، اذ يشنّ حربا على المسيحيين الممسوحين «الذين يحفظون وصايا اللّٰه وعندهم عمل الشهادة ليسوع». (٢ تيموثاوس ٣:١؛ كشف ١٢:٩، ١٧) لذلك يجب ان يبقى هؤلاء الشهود وعشراؤهم ذوو الرجاء الارضي متيقظين.
٢ كيف اغوى الشيطان حواء، وأية مخاوف عبَّر عنها الرسول بولس؟
٢ ان الشيطان مخادع الى اقصى درجة. فباستخدام حيّة للتمويه، خدع حواء لتعتقد ان الاستقلال عن اللّٰه يجلب لها سعادة اكبر. (تكوين ٣:١-٦) وبعد اربعة آلاف سنة تقريبا، عبَّر الرسول بولس عن مخاوفه ان يقع المسيحيون الممسوحون في كورنثوس ضحية حِيَل الشيطان. كتب قائلا: «اخاف انه، كما اغوت الحية حواء بمكرها، هكذا تفسد عقولكم بطريقة ما عن الاخلاص والعفاف اللذين يحقّان للمسيح». (٢ كورنثوس ١١:٣) فالشيطان يفسد عقول الناس ويشوِّش تفكيرهم. وكما اغوى حواء، بإمكانه ان يجعل المسيحيين يحلِّلون بطريقة خاطئة ويتصوّرون ان سعادتهم تعتمد على شيء لا يرضى عنه يهوه وابنه.
٣ اية حماية من ابليس يزوِّدها يهوه؟
٣ يمكن تشبيه الشيطان بصيّاد ينصب الفخاخ لإيقاع العصافير غير الحذرة. وللإفلات من فخاخ الشيطان، يجب ان ‹نسكن في ستر العلي›، مكان حماية مجازي يزوّده يهوه للذين يعترفون بواسطة افعالهم بسلطانه الكوني. (مزمور ٩١:١-٣) فنحن بحاجة الى الحماية التي يزوِّدها اللّٰه بواسطة كلمته، روحه، وهيئته ‹لكي نقدر ان نثبت ضد مكايد ابليس›. (افسس ٦:١١) ان الكلمة اليونانية المترجمة «مكايد» يمكن ترجمتها ايضا «اعمال ماكرة» او «حِيَل». ولا شك ان ابليس يستخدم الكثير من الحِيَل والاعمال الماكرة في محاولة لإيقاع خدام يهوه في شرك.
الفخاخ التي نصبها الشيطان للمسيحيين الاولين
٤ كيف كان العالم الذي عاش فيه المسيحيون الاولون؟
٤ عاش مسيحيو القرنَين الاول والثاني حين كانت الامبراطورية الرومانية في اوج مجدها. فقد اتاح السلام الروماني (پاكس رومانا) ازدهار التجارة، مما ادى الى الكثير من وقت الفراغ لدى الطبقة الحاكمة. كما حرص الحكام على توفير التسلية لعامة الشعب لئلا يثوروا عليهم. وفي بعض الفترات، كانت ايام العُطَل العامة اكثر من ايام العمل. وقد استخدم القادة الاموال العامة لإطعام الشعب وإبقاء اذهانهم مشغولة.
٥، ٦ (أ) لماذا لم يكن لائقا بالمسيحيين ان يرتادوا المسارح والمدرَّجات الرومانية؟ (ب) اية حيلة استخدمها الشيطان، وكيف كان بإمكان المسيحيين ان يتجنبوها؟
٥ وهل شكَّل هذا الوضع خطرا على المسيحيين الاولين؟ من التحذيرات التي دوَّنها الكتّاب في حقبة ما بعد الرسل الاولين، مثل ترتليانوس، نعرف ان معظم نشاطات التسلية آنذاك كانت ملآنة بالمخاطر الروحية والادبية التي تهدِّد المسيحيين الحقيقيين. فقد كانت معظم الاعياد العامة والالعاب تُقام إكراما لآلهة وثنية. (٢ كورنثوس ٦:١٤-١٨) وفي المسارح، حتى الكثير من العروض الكلاسيكية احتوت على الفساد الادبي الفاضح او العنف وسفك الدماء. وبمرور الوقت، لم يعد الجمهور يفضِّل الكلاسيكيات. فاستُبدلَت هذه بالعروض الايمائية الفاسقة. يقول المؤرخ جيروم كاركوپينو في كتابه الحياة اليومية في روما القديمة (بالانكليزية): «كان يُسمَح للممثلات في هذه العروض بالتعري التام . . . كان الدم يُسفَك بغزارة. . . . تضمنت [العروض الايمائية] انحرافات جنسية شدَّت جماهير العاصمة. فلم يشمئزوا من هذه العروض لأن المجازر المروّعة في المدرَّجات كانت منذ وقت طويل قد جعلتهم مخدَّري الاحاسيس ومنحرفي الغرائز». — متى ٥:٢٧، ٢٨.
٦ ففي المدرَّجات، كان مجالدان يتصارعان حتى موت احدهما او يصارع مجالد وحشا حتى يقتله او يُقتَل. وكان المجرمون المحكوم عليهم، وفي وقت لاحق مسيحيون كثيرون، يُلقَون للوحوش الضارية. حتى في تلك الازمنة الباكرة، كانت حيلة الشيطان ان يجعل اشمئزاز الناس من الفساد الادبي والعنف يتلاشى الى ان يعتبروا امورا كهذه طبيعية ويتوقوا الى مشاهدتها. وكانت الطريقة الوحيدة لتجنب هذا الفخ الابتعاد عن المسارح والمدرَّجات. — ١ كورنثوس ١٥:٣٢، ٣٣.
٧، ٨ (أ) لماذا لم يكن من الحكمة ان يذهب المسيحي الى سباق المركبات؟ (ب) كيف تمكن الشيطان من استخدام الحمّامات الرومانية للإيقاع بالمسيحيين في الفخ؟
٧ كان سباق المركبات في الحَلَبات المستطيلة الفسيحة سباقا مثيرا جدا دون شك. لكنه لم يكن امرا مقبولا لدى المسيحيين لأن الجماهير غالبا ما لجأت الى العنف. ذكر كاتب عاش في القرن الثالث ان بعض المشاهدين كانوا يتشاجرون، ويقول كاركوپينو انه «كانت هنالك اماكن مخصَّصة ليعمل فيها المنجِّمون والبغايا» في اروقة مباني الحَلَبات. فمن الواضح ان الحَلَبات الرومانية لم تكن مكانا للمسيحيين. — ١ كورنثوس ٦:٩، ١٠.
٨ وماذا عن الحمّامات الرومانية الشهيرة؟ طبعا، لا يوجد خطأ في الاستحمام من اجل المحافظة على النظافة. لكنَّ الكثير من الحمّامات الرومانية كانت تسهيلات ضخمة تتضمن غرف تدليك، قاعات رياضة، غرف مقامرة، وأماكن للأكل والشرب. ورغم انه كانت هنالك اوقات مخصَّصة من حيث المبدأ ليستخدم الرجال والنساء الحمّامات على حِدة، غالبا ما كان يُسمح بالاستحمام المختلط بين الجنسين. كتب إقليمس الاسكندري: «كانت الحمّامات مختلَطة بين الرجال والنساء؛ وهناك كانوا يتعرَّون وينغمسون في الفسق». وهكذا، تمكن الشيطان بكل سهولة من استخدام مؤسسة شرعية كفخ للإيقاع بالمسيحيين. لكنَّ الحكماء لم يرتادوا اماكن كهذه.
٩ اية اشراك كان على المسيحيين الاولين تجنبها؟
٩ راجت المقامرة كتسلية بين الناس عندما كانت الامبراطورية الرومانية في اوج ازدهارها. وكان بإمكان المسيحيين الاولين تجنب المراهنة على سباق المركبات بعدم الذهاب الى الحَلَبات. كما جرت المقامرة غير الشرعية على نطاق صغير في غرف سرية في النُّزُل والحانات. فكان اللاعبون يراهنون على العدد المفرد او المزدوج للحصى او عظام اصابع الحيوانات التي يمسك بها لاعب آخر. وقد اضافت المقامرة الاثارة الى حياة الناس لأنها أتاحت لهم الفرصة لربح المال دون بذل الجهد. (افسس ٥:٥) وإضافة الى ذلك، غالبا ما كانت النادلات في الحانات بغايا، مما زاد خطر ارتكاب الفساد الادبي الجنسي. هذه كانت بعض الاشراك التي نصبها الشيطان للمسيحيين الذين عاشوا في مدن الامبراطورية الرومانية. فهل الوضع مختلف اليوم؟
اشراك الشيطان اليوم
١٠ كيف تشبه الحالة اليوم الاوضاع التي سادت الامبراطورية الرومانية؟
١٠ عموما، لم تتغير حِيَل الشيطان على مرّ القرون. ولئلا ‹يتغلب الشيطان على› المسيحيين في مدينة كورنثوس الفاسدة، اعطاهم الرسول بولس مشورة قوية، قائلا: «نحن لا نجهل مخططات [الشيطان]». (٢ كورنثوس ٢:١١) في بلدان متطورة كثيرة، يسود اليوم وضع مماثل للوضع الذي ساد الامبراطورية الرومانية في اوجها. فكثيرون لديهم وقت فراغ اكثر من قبل. وألعاب اليانصيب التي ترعاها الحكومات تمنح حتى الفقراء بصيص امل. ويتوفر بأسعار زهيدة الكثير من اشكال التسلية التي تشغل عقول الناس. والمدرَّجات الرياضية تغصّ بالناس الذين يتهافت بعضهم على المقامرة ويلجأ البعض الآخر احيانا الى العنف. وكثيرا ما يلجأ اللاعبون ايضا الى العنف. ويسمع الناس الموسيقى المنحطة، وتحتل العروض الفاسقة خشبات المسارح وشاشات السينما والتلفزيون. وفي بعض البلدان، من الشائع الاستحمام المختلط في الحمّامات البخارية والمنتجعات، هذا اذا لم نذكر العري على بعض الشواطئ. فتماما كما في القرون الاولى للمسيحية، يحاول الشيطان ان يغري خدام اللّٰه بواسطة نشاطات التسلية العالمية.
١١ اي شركين قد تجلبهما الرغبة في الاسترخاء والراحة؟
١١ في عالم حيث يتفشى الاجهاد، من الطبيعي ان نشعر بالحاجة الى الاسترخاء والتسلية. ولكن كما احتوت الحمّامات الرومانية على نواحٍ قد تشكِّل خطرا على المسيحيين الاولين، يتبيّن ان بعض التسهيلات والمنتجعات المخصصة لقضاء العطل ما هي إلا فخّ يستخدمه الشيطان لإيقاع المسيحيين اليوم في شركَي الفساد الادبي والإفراط في شرب الكحول. كتب بولس الى المسيحيين في كورنثوس: «لا تضلوا. المعاشرات الرديئة تفسد العادات النافعة. اصحوا بمقتضى البر ولا تمارسوا الخطية، فالبعض لا معرفة لهم باللّٰه». — ١ كورنثوس ١٥:٣٣، ٣٤.
١٢ اية حيلتَين يستخدمهما الشيطان لإيقاع خدام يهوه اليوم في شرك؟
١٢ نحن نعرف كيف استخدم الشيطان المكر لإفساد تفكير حواء. (٢ كورنثوس ١١:٣) واليوم ايضا، يستخدم الشيطان شركا مماثلا. فهو يجعل المسيحيين يظنون انهم يتمكنون من جذب البعض الى الحق المسيحي اذا تمادَوا قدر ما يستطيعون لكي يُظهِروا ان شهود يهوه هم كالآخرين. لكنهم في بعض الاحيان يتمادَون اكثر من اللازم، فيحصل العكس. (حجي ٢:١٢-١٤) والحيلة الاخرى التي يستخدمها الشيطان هي جعل المسيحيين المنتذرين، الصغار والكبار، يتجرأون على العيش حياة مزدوجة و ‹إحزان روح اللّٰه القدس›. (افسس ٤:٣٠) وقد سقط البعض في هذا الفخ بواسطة اساءة استخدام الإنترنت.
١٣ ايّ شرك مموَّه هو احد اعمال ابليس الماكرة، وأية مشورة في الامثال هي ملائمة؟
١٣ والشرك الآخر الذي يستخدمه الشيطان هو علوم الغيب المموَّهة. ما من مسيحي حقيقي يعبث عمدا بعبادة الشيطان او الارواحية، الا ان البعض يكونون دون قصد لامبالين بشأن الافلام، المسلسلات التلفزيونية، العاب الڤيديو، حتى الكتب والمجلات المصوّرة المخصصة للاولاد التي تُبرِز العنف او القوى الخارقة للطبيعة. لذلك يجب تجنب ايّ شيء يتضمن حتى اثرا صغيرا من علوم الغيب. يقول المثل الحكيم: «شوك وفخوخ في طريق الملتوي. مَن يحفظ نفسه يبتعد عنها». (امثال ٢٢:٥) وبما ان الشيطان هو «اله نظام الاشياء هذا»، فإن كل ما هو رائج جدا قد يكون فخا من فخاخه. — ٢ كورنثوس ٤:٤؛ ١ يوحنا ٢:١٥، ١٦.
يسوع قاوم ابليس
١٤ كيف قاوم يسوع تجربة ابليس الاولى؟
١٤ رسم يسوع مثالا رائعا عندما قاوم ابليس وجعله يهرب. فقد جرَّبه الشيطان بعدما اعتمد وصام ٤٠ يوما. (متى ٤:١-١١) استغل الشيطان في التجربة الاولى الجوع الطبيعي الذي شعر به يسوع بعد الصوم. فطلب منه ان يصنع اول عجيبة له لإشباع حاجة جسدية. لكنَّ يسوع اقتبس الآية في التثنية ٨:٣ ورفض استغلال قدراته بأنانية وقدَّر قيمة الطعام الروحي اكثر من الطعام الجسدي.
١٥ (أ) اية رغبة طبيعية استخدمها الشيطان لتجربة يسوع؟ (ب) ما هو احد اعمال ابليس الماكرة الرئيسية ضد خدام اللّٰه اليوم، ولكن كيف يمكننا مقاومته؟
١٥ الجدير بالملاحظة في هذه التجربة هو ان ابليس لم يسعَ الى جعل يسوع يرتكب خطية جنسية. فقد بدا ان الجوع الذي يثير توقا شديدا الى الطعام هو الرغبة الجسدية الاقوى التي يمكن استخدامها لتجربة يسوع في هذه المناسبة. فما هي الاغراءات التي يستخدمها ابليس لإغواء شعب اللّٰه اليوم؟ انها عديدة ومتنوعة، لكنه يستخدم الاغراءات الجنسية كإحدى الاعمال الماكرة الرئيسية في محاولته لكسر استقامة شعب يهوه. وبالتمثل بيسوع، يمكننا مقاومة ابليس وإغراءاته. فكما احبط يسوع محاولات الشيطان بتذكر الآيات الملائمة، يمكننا تذكر آيات مثل تكوين ٣٩:٩ و ١ كورنثوس ٦:١٨ عندما نتعرض للتجربة.
١٦ (أ) ما هي تجربة الشيطان الثانية ليسوع؟ (ب) كيف يمكن ان يحاول الشيطان إغراءنا لنجرِّب يهوه؟
١٦ بعدئذ، تحدّى ابليس يسوع ان يطرح نفسه من على سور الهيكل ويجرِّب قدرة اللّٰه على حمايته بواسطة ملائكته. فاقتبس يسوع التثنية ٦:١٦ ورفض ان يجرِّب اباه. لا يجرِّبنا الشيطان بالطلب منا ان نطرح انفسنا من على شرفة هيكل، لكنه يغرينا لنجرِّب يهوه. فهل نُغرى لنرى الى ايّ مدى يمكننا الاقتداء بالصرعات العالمية في لباسنا وهندامنا دون ان ننال مشورة من احد؟ وهل نُغرى في مجال التسلية المشكوك فيها؟ ان قيامنا بهذه الامور هو بمثابة تجربة يهوه. فإذا كانت لدينا ميول كهذه، فلن يهرب الشيطان منا. بل سيحوم حولنا دائما، محاولا باستمرار ان يغرينا لنتَّخذ موقفنا الى جانبه.
١٧ (أ) ما هي تجربة ابليس الثالثة ليسوع؟ (ب) كيف يمكن ان تنطبق يعقوب ٤:٧ في حالتنا؟
١٧ عندما عرض الشيطان على يسوع كل ممالك العالم لقاء عمل عبادة واحد، قاومه يسوع مرة اخرى مقتبسا من الاسفار المقدسة ومتَّخذا موقفه بثبات الى جانب عبادة ابيه المطلقة. (تثنية ٥:٩، عج؛ ٦:١٣؛ ١٠:٢٠) لن يقدِّم الشيطان ممالك العالم لنا، لكنه يغرينا باستمرار بالبريق المادي الذي يوهم الشخص بأنه سيعيش في مأمن. فهل نتجاوب كيسوع ونقدِّم تعبدنا المطلق ليهوه؟ اذا فعلنا ذلك، فسيحصل لنا ما حصل ليسوع. تقول رواية متى: «ثم تركه ابليس». (متى ٤:١١) فسيتركنا الشيطان اذا اتَّخذنا موقفا ثابتا ضده بتذكر مبادئ الكتاب المقدس الملائمة وتطبيقها. كتب التلميذ يعقوب: «قاوموا إبليس فيهرب منكم». (يعقوب ٤:٧) كتب احد المسيحيين الى مكتب فرع شهود يهوه في فرنسا: «الشيطان ماكر جدا. فرغم نواياي الحسنة، أستصعب كثيرا السيطرة على مشاعري ورغباتي. ولكن، بالشجاعة والصبر، والاهم بمساعدة يهوه، اتمكن من المحافظة على استقامتي والتمسك بالحق».
مجهَّزون كاملا لمقاومة ابليس
١٨ ايّ سلاح روحي يجهِّزنا لمقاومة ابليس؟
١٨ يزوِّدنا يهوه بسلاح روحي كامل لكي نقدر ان ‹نثبت ضد مكايد ابليس›. (افسس ٦:١١-١٨) فبمحبتنا للحق سنتمنطق عند الاحقاء، او نستعد، للقيام بالنشاط المسيحي. وتصميمنا ان نتمسك بمقياس يهوه للبر سيكون كدرع يحمي قلوبنا. وإذا كنا متَّخذين التأهب للبشارة حذاء لأقدامنا، تأخذنا اقدامنا دائما الى العمل الكرازي، وهذا ما سيقوينا ويحمينا روحيا. وسيكون ايماننا القوي كترس كبير يقينا من «قذائف الشرير المشتعلة»، اعماله الماكرة وإغراءاته. وسيكون رجاؤنا الراسخ بإتمام وعود يهوه كخوذة تحمي مقدراتنا التفكيرية وتمنحنا سلام العقل. (فيلبي ٤:٧) وإذا صرنا مهرة في استخدام كلمة اللّٰه، تكون كسيف يمكننا استخدامه لتحرير الناس من العبودية الروحية للشيطان. ويمكننا ايضا استخدامه للدفاع عن انفسنا، تماما كما استخدمه يسوع عندما تعرّض للتجربة.
١٩ ماذا يلزم فعله اضافة الى ‹مقاومة ابليس›؟
١٩ بالمحافظة على «سلاح اللّٰه الكامل» هذا والمداومة على الصلاة باستمرار، يمكننا الثقة بأن يهوه سيحمينا عندما يهاجمنا الشيطان. (يوحنا ١٧:١٥؛ ١ كورنثوس ١٠:١٣) لكنَّ يعقوب اظهر انه لا يكفي ان ‹نقاوم ابليس›. فيجب ايضا ان نفعل امرا اهم: ان ‹نخضع للّٰه›، الذي يهتم بنا. (يعقوب ٤:٧، ٨) والمقالة التالية ستعالج كيف يمكننا فعل ذلك.
-
-
يهوه يهتم بكبرج المراقبة ٢٠٠٢ | ١٥ تشرين الاول (اكتوبر)
-
-
١ كيف يكون يهوه والشيطان نقيضَين تماما؟
يهوه والشيطان هما نقيضان تماما. وكل مَن ينجذب الى يهوه لا يسعه إلا ان ينفر من ابليس. يشير احد المراجع المعروفة الى هذا التباين. فعن تصرفات الشيطان المذكورة في سفر ايوب في الكتاب المقدس، تقول دائرة المعارف البريطانية (١٩٧٠): ‹مهمة الشيطان هي ان يجول في الارض ليجد اعمالا او اشخاصا يتشكى عليهم؛ لذلك فإن مهمته هي نقيض مهمة «عينَي الرب» اللتين تجولان في كل الارض لتشجيع كل الصالحين (٢ أخبار الايام ١٦:٩). والشيطان يشكّ ويزدري بصلاح البشر غير الاناني ويُسمَح له بامتحان هذا الصلاح تحت مراقبة اللّٰه وسلطته وضمن الحدود التي يرسمها اللّٰه›. نعم، ما اشد هذا التباين بينهما! — ايوب ١:٦-١٢؛ ٢:١-٧.
٢، ٣ (أ) كيف يتلاءم معنى كلمة «ابليس» مع ما حصل لأيوب؟ (ب) كيف يُظهِر الكتاب المقدس ان الشيطان لا يزال يتَّهم خدام يهوه على الارض؟
٢ ان الكلمة اليونانية المترجمة «ابليس» تعني «متَّهِم كاذب»، «مفترٍ». ويكشف سفر ايوب ان الشيطان اتَّهم خادم يهوه الامين ايوب بأنه يخدم اللّٰه بدافع المصلحة الشخصية، قائلا: «هل مجانا يتقي ايوب اللّٰه». (ايوب ١:٩) وتُظهِر الرواية في هذا السفر انه رغم كل التجارب والمحن، اقترب ايوب اكثر الى يهوه. (ايوب ١٠:٩، ١٢؛ ١٢:٩، ١٠؛ ١٩:٢٥؛ ٢٧:٥؛ ٢٨:٢٨) فبعد محنته، قال للّٰه: «بسمع الاذن قد سمعت عنك والآن رأتك عيني». — ايوب ٤٢:٥.
٣ وهل توقف الشيطان عن اتِّهام خدام اللّٰه الامناء بعد ايوب؟ كلا. يُظهِر سفر الكشف انه في وقت النهاية هذا، لا يزال الشيطان يتَّهم اخوة المسيح الممسوحين وعشراءهم الامناء ايضا. (٢ تيموثاوس ٣:١٢؛ كشف ١٢:١٠، ١٧) لذلك هنالك حاجة ماسة ان نخضع نحن المسيحيين الحقيقيين جميعا ليهوه، الهنا الذي يهتم بنا، خادمينه بدافع المحبة العميقة ومبرهنين بذلك ان الشيطان كاذب في اتِّهاماته. وبفعلنا ذلك، نفرّح قلب يهوه. — امثال ٢٧:١١.
يهوه يبحث عن طرائق ليساعدنا
٤، ٥ (أ) بالتباين مع الشيطان، عمّ يبحث يهوه؟ (ب) ماذا يجب ان نفعل اذا اردنا ان ننال رضى يهوه؟
٤ يجول ابليس في الارض، طالبا ان يتَّهم ويلتهم احدا. (ايوب ١:٧، ٩؛ ١ بطرس ٥:٨) بالتباين، يبحث يهوه عن طرائق يساعد بها الذين هم في حاجة الى قوته.
-