مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ‏«آه يا يهوه،‏ أَبقِ فتاتي امينة!‏»‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٣ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٢
    • الاضطهاد في المدرسة

      خلال ذلك الوقت،‏ استمرت الضغوط تزداد في مدرسة الإعداد الجامعي التي كنت احضرها.‏ فكلما اتى المعلِّم الى الصف،‏ كان على جميع التلاميذ الـ‍ ٥٨ ان يقفوا بأذرع ممدودة ويقولوا،‏ «هايل هتلر.‏» وعندما يأتي الكاهن من اجل التعليم الديني،‏ كان يدخل ويقول،‏ «هايل هتلر —‏ مبارك الآتي باسم الرب.‏» ويجيب الصف،‏ «هايل هتلر —‏ آمين!‏»‏

      كنت ارفض ان اقول،‏ «هايل هتلر،‏» فوصل الخبر الى مدير المدرسة.‏ فكُتبَت رسالة تحذيرية تذكر:‏ «هنالك تلميذ لا يخضع لقوانين المدرسة،‏ وإذا لم يحدث ايّ تغيير ضمن فترة اسبوع،‏ فسيضطر ذلك التلميذ الى مغادرة المدرسة.‏» وذُكر في اسفلها ان هذه الرسالة يجب ان اقرأها على اكثر من ٢٠ صفا.‏

      وأتى اليوم الذي فيه دعيتُ امام صفي لأعلن قراري.‏ ومنحني المدير خمس دقائق اضافية إما لأقدم التحية او لآخذ اوراقي المدرسية وأغادر.‏ وبدت هذه الدقائق الخمس وكأنها الأبدية.‏ فضعُفت ساقاي،‏ عجَّ رأسي بالافكار،‏ وخفق قلبي بقوة.‏ والصمت المُطْبِق لكامل الصف قطعته عبارة «هايل هتلر» مُدوِّية،‏ ثم ك‍رَّرها كامل الصف ثلاث مرات.‏ فركضتُ الى مقعدي،‏ اخذت اوراقي،‏ وخرجت راكضة.‏

      يوم الاثنين التالي،‏ سُمح لي بالذهاب الى مدرسة اخرى.‏ وقال المدير انه يمكنني ان احضر بشرط ألا اخبر احدا عن سبب طردي من المدرسة الاولى.‏ وعاداني رفقاء صفي،‏ اذ صاروا يدعونني لصة،‏ ولدا جانحا،‏ ويقولون ان ذلك كان سبب طردي.‏ فلم يكن بإمكاني ان اشرح لهم السبب الحقيقي.‏

      قيل لي ان اجلس في مؤخرة الصف.‏ والفتاة التي كانت بجانبي ادركت اني لم اكن اقدِّم التحية.‏ فاعتقدَت اني من المقاومة الفرنسية.‏ فكان عليَّ ان اوضح لها فقط لماذا كنت ارفض ان اقدِّم تحية هتلر:‏ «استنادا الى اعمال ٤:‏١٢‏،‏ ‹ليس بأحد غيره الخلاص.‏ لأنْ ليس اسم آخر تحت السماء قد أُعطي بين الناس به ينبغي ان نخلص.‏› فالمسيح وحده مخلِّصنا.‏ وبما ان ‹هايل› تمثِّل الحصول على الخلاص بواسطة شخص،‏ فأنا لا يمكنني ان انسب هذا الخلاص الى ايّ انسان،‏ حتى الى هتلر.‏» وبدأت هذه الفتاة وأمها تدرسان الكتاب المقدس مع شهود يهوه وصارتا شاهدتين!‏

  • ‏«آه يا يهوه،‏ أَبقِ فتاتي امينة!‏»‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٣ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٢
    • عندما علم مدير مدرستي انني كنت اشرح معتقداتي لواحدة من رفقاء صفي،‏ أُوقفتُ،‏ حوكمتُ،‏ وحكم القاضي بإرسالي الى «مدرسة اصلاحية.‏» وذكر الحكم قائلا ‹انها تربت وفق تعاليم جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الأمم،‏ التي تعاليمها ممنوعة حسب القانون،‏ وستصير شخصية فاسدة وخطرا على الآخرين.‏› كان ذلك تجربة مريعة لي،‏ في الـ‍ ١٢ من العمر الآن،‏ في تلك المحكمة الموحية بالرهبة!‏ ولكن لسبب مساعدة صديق متعاطف يعمل في الادارة،‏ لم يجرِ تنفيذ الحكم عليَّ فورا.‏

      بعد شهر تقريبا اختير صفي للذهاب الى مخيَّم تدريب الشبيبة الهتلرية لمدة اسبوعين.‏ ولم اكلِّم امي قط بشأن ذلك.‏ فلم أُرد ان تضطر الى تحمُّل اية مسؤولية ناتجة من قرار عدم الذهاب الذي اتخذته.‏ وقبل ان يأتي يوم الانطلاق،‏ حذَّرني مدير المدرسة:‏ «ان لم تكوني يوم الاثنين في محطة سكة الحديد او في مكتبي،‏ فسأجعل الشرطة تتعقَّبك!‏»‏

      وهكذا في صباح يوم الاثنين مررت بمحطة سكة الحديد في طريقي الى المدرسة.‏ وكان كل رفقاء صفي ينادونني كي اذهب معهم،‏ لكن كنت مصممة على الذهاب الى مكتب المدير.‏ كنت قد تأخرت في الوصول الى هناك،‏ فاعتقد اني رحلت مع الآخرين في القطار.‏ وكان حنقا عندما رآني.‏ فأخذني الى غرفة صفه وجعل كامل الصف يدفع الثمن لأربع ساعات.‏ مثلا،‏ كان يستدعي كل ولد الى مقدمة الصف،‏ وبدلا من تسليمهم مفكِّرتهم،‏ كان يصفعهم بها على وجههم.‏ وكان يشير اليَّ ويقول:‏ «هي المسؤولة!‏» لقد حاول حمل الأولاد الـ‍ ٤٥،‏ في العاشرة فقط من عمرهم،‏ على معاداتي.‏ لكن عند نهاية الصف اتوا يهنِّئونني لأنني بقيت ارفض انشاد الاناشيد العسكرية.‏

      وجرى تعييني لاحقا لأفرز الورق،‏ العلب،‏ والعظام.‏ فرفضت فعل ذلك لأن العلب كانت تُستعمل لأغراض عسكرية.‏ فضُربتُ وتُركتُ فاقدة الوعي.‏ ثم ساعدني رفقاء صفي على الوقوف على قدميَّ.‏

      عندما عدتُ الى المدرسة،‏ فاجأتني رؤية جميع الصفوف واقفين في الساحة حول سارية علم،‏ وكانوا نحو ٨٠٠ ولد.‏ فوُضعتُ في الوسط.‏ وقُدِّم وصف طويل للحرية وعاقبة الخونة،‏ وتبع ذلك ثلاث صيحات زيڠ هايل!‏ (‏النصر والخلاص)‏.‏ وأُنشد النشيد الوطني وأنا واقفة جامدة ومرتعدة.‏ فدعمني يهوه؛‏ وحافظت على استقامتي.‏ وفي وقت لاحق،‏ عند دخول شقتنا،‏ وجدت ملابسي موضوعة على السرير مع رسالة تقول:‏ «يجب على سيمون آرنولد ان تحضر هي بنفسها الى محطة سكة الحديد غدا صباحا.‏»‏

      الى المدرسة الاصلاحية

      في صباح اليوم التالي،‏ كنا امي وأنا في محطة سكة الحديد.‏ فاحتجزتني سيدتان.‏ وفي القطار كرَّرت امي مشورتها بشأن سلوكي.‏ «كوني دائما مهذَّبة،‏ لطيفة،‏ ووديعة،‏ حتى عندما تقاسين الظلم.‏ لا تكوني معاندة ابدا.‏ لا تتكلمي ابدا بازدراء او تجاوبي بوقاحة.‏ تذكَّري ان الثبات لا علاقة له بالعناد.‏ وسيكون ذلك تعليمك المدرسي للحياة المستقبلية.‏ انها ارادة يهوه ان نكابد المحن من اجل خيرنا المستقبلي.‏ وأنت مستعدة جيدا لذلك.‏ فأنت تعرفين كيف تخيطين،‏ تطبخين،‏ تغسلين،‏ وتقومين بعمل البستنة.‏ انت سيدة شابة الآن.‏»‏

      في ذلك المساء،‏ في كرْم خارج فندقنا،‏ ركعنا امي وأنا،‏ رنَّمنا ترنيمة ملكوت عن رجاء القيامة،‏ وقلنا صلاة.‏ وبصوت ثابت،‏ تضرَّعت امي من اجلي:‏ «آه يا يهوه،‏ أَبقِ فتاتي امينة!‏» وللمرة الأخيرة،‏ وضعتني امي في الفراش،‏ غطَّتني جيدا،‏ وقبَّلتني.‏

      جرت الامور بسرعة في اليوم التالي عندما وصلنا الى بيت الاصلاحية،‏ دون ان تسنح لي فرصة لتوديع امي.‏ أرتني فتاة سريرا ذا فراش محشو نخالة قمح.‏ وأخذوا حذائي،‏ اذ كان علينا ان نمشي حوافي حتى اول تشرين الثاني.‏ كان اول غداء صعب الابتلاع.‏ وجرى اعطائي ستة ازواج من الجوارب لأرتقها؛‏ وإلا فلن احصل على ايّ طعام.‏ ولأول مرة،‏ بدأت ابكي.‏ وبلَّلتْ دموعي تلك الجوارب.‏ وبكيت طوال الليل تقريبا.‏

      في صباح اليوم التالي استيقظت في الساعة ٣٠:‏٥ صباحا.‏ وكان سريري مبقَّعا بالدم —‏ كانت دوراتي الشهرية قد بدأت قبل ذلك بوقت قصير.‏ فذهبت وأنا ارتجف الى اول معلمة اصادفها،‏ الآنسة مَسِنجر.‏ فاستدعت فتاة اظهرت لي كيف اغسل ملاءتي بالماء البارد.‏ كانت الأرض الحجرية باردة،‏ والأوجاع تشتد اكثر.‏ فبدأت ابكي من جديد.‏ عندئذ قالت الآنسة مَسِنجر بابتسامة ساخرة:‏ «قولي ليهوه الهك انه يجب ان يغسل هو ملاءتك!‏» كان ذلك تماما ما كنت بحاجة الى سماعه.‏ فكفكفتُ دموعي،‏ ولم يتمكنوا قط من حملي على البكاء ثانية.‏

      كان علينا ان نستيقظ في الساعة ٣٠:‏٥ من كل صباح لننظِّف البيت قبل الفطور —‏ طاس حساء في الساعة ٠٠:‏٨ صباحا.‏ وكانت المدرسة تُعقد في البيت لـ‍ ٣٧ ولدا،‏ من ٦ الى ١٤ سنة من العمر.‏ وبعد الظهر كنا نقوم بالغسل،‏ الخياطة،‏ والبستنة،‏ اذ لم يكن هنالك رجال ليقوموا بالعمل الشاق.‏ وفي شتاء ١٩٤٤/‏١٩٤٥،‏ كان عليَّ ان انشر مع فتاة اخرى اشجارا يبلغ قطرها حتى القدمَين (‏٦٠ سم)‏ باستعمال منشار يُشَدُّ من الطرفين.‏ ومُنع الأولاد من التكلم واحدهم الى الآخر ولم يُسمح لهم بأن يكونوا وحدهم،‏ ولا حتى للذهاب الى الحمام.‏ وكنا نستحم مرتين في السنة،‏ ونغسل شعرنا مرة في السنة.‏ وكان العقاب حرمان الطعام او الضرب.‏

      كان يجب ان انظِّف غرفة الآنسة مَسِنجر.‏ وطلبَت ان انزل تحت السرير كل يوم لأنظِّف النوابض.‏ وكان عندي كتاب مقدس صغير هرَّبته الى البيت،‏ فتمكَّنتُ من حشره في النوابض.‏ ومن ذلك الحين فصاعدا،‏ صار في مقدوري ان اقرأ اجزاء من الكتاب المقدس كل يوم.‏ ولا عجب انني دُعيتُ ابطأ ولد كان عندهم!‏

      كانت الفتيات الپروتستنتيات يذهبن الى كنيستهن يوم الأحد،‏ والفتيات الكاثوليكيات الثلاث الى كنيستهن،‏ أما انا فكان يجب ان اطبخ للـ‍ ٣٧ ولدا اجمعين.‏ وكنت قصيرة جدا حتى اني كنت اضطر الى الوقوف على مقعد وأُمسك الملعقة بكلتا اليدين لأحرِّك الحساء.‏ ولمعلِّماتنا الأربع،‏ كان يجب ان اطبخ اللحم،‏ اخبز الكعك،‏ وأحضِّر الخضر.‏ وبعد ظهر يوم الأحد،‏ كان علينا ان نطرِّز المناديل.‏ فلم يكن هنالك وقت للَّعب.‏

      بعد بضعة اشهر،‏ اخبرتني الآنسة مَسِنجر بابتهاج واضح ان امي العزيزة أُوقفت وهي في معسكر اعتقال.‏

      في السنة ١٩٤٥ وضعت الحرب اوزارها.‏ وانهارت معسكرات الاعتقال واندلقت محتوياتها المعذَّبة على الأرض،‏ جاعلة الآلاف يهيمون على وجوههم بحثا عن اية بقايا لعائلة ربما لا تزال موجودة.‏

      اجتماع مؤثِّر للشمل

      على الأقل كانت امي تعرف اين انا،‏ لكن عندما اتت لتأخذني،‏ لم اعرفها.‏ ولا عجب،‏ نظرا الى ما عانته!‏ فعندما أُوقفت امي،‏ أُرسلت الى المعسكر عينه الذي أُرسل اليه ابي،‏ شيرْمك،‏ إلا انها وُضعت في معسكر النساء.‏ ورفضت رتق بدلات الجنود فوُضعت في سجن انفرادي طوال اشهر في غرفة محصَّنة تحت الأرض.‏ ثم،‏ لجعلها تُصاب بالعدوى،‏ نُقلت لتعيش مع نساء مصابات بالزهري (‏السفلس)‏.‏ وفيما كانت تُنقل الى رڤنْسْبروك،‏ جعلها سعال ضعيفة جدا.‏ وفي ذلك الوقت هرب الألمان،‏ والسجناء الذين كانوا في طريقهم الى رڤنْسْبروك صاروا احرارا فجأة،‏ ومن بينهم امي.‏ فتوجَّهتْ الى كونْسْتانس،‏ حيث كنتُ،‏ لكنَّ انفجارا من اثر غارة جوية جرح وجهها وأدماه.‏

      عندما أُدخلتُ الى حيث كانت موجودة،‏ كانت متغيِّرة جدا —‏ هزيلة بسبب الجوع،‏ مريضة بشكل واضح،‏ وجهها مكدَّم ودامٍ،‏ صوتها يكاد لا يُسمع.‏ وكان قد جرى تدريبي ان انحني امام الزوَّار وأُريهم كل عملي —‏ المطرَّزات،‏ الخياطة —‏ لأن بعض السيدات كنَّ يأتين الى البيت للحصول على خادمة.‏ وهكذا عاملتُ امي المسكينة!‏ وفقط عندما اخذتني الى قاضٍ لتحصل على الحق الشرعي في اخذي الى البيت ادركتُ انها امي!‏ وفجأة انفجرت الدموع التي ابقيتها في داخلي طوال الشهور الـ‍ ٢٢ الماضية.‏

      وفيما كنا نغادر كان قول المديرة،‏ الآنسة لادرلي،‏ مثل زيت ملطِّف بالنسبة الى امي.‏ فقد قالت:‏ «أردُّ اليك ابنتكِ بالموقف العقلي نفسه الذي اتت به.‏» فكانت استقامتي لا تزال سليمة.‏

  • ‏«آه يا يهوه،‏ أَبقِ فتاتي امينة!‏»‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٣ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٢
    • كنت اذهب الى المدرسة وأشارك رفقاء صفي الكاثوليك في قراءتي اليومية للكتاب المقدس.‏ فسبَّب ذلك اضطرابا الى حد بعيد في المدرسة.‏ وغالبا ما كان الأولاد يلحقون بي في الشارع ويدعونني «يهودية منتِنة!‏» كان ذلك في السنة ١٩٣٧.‏ فجعل هذا الوضع ابي يتحقق مما كنت اتعلَّمه.‏ وحصل لنفسه على كتاب الخليقة الذي اصدره شهود يهوه.‏ فقرأه وأصبح هو نفسه شاهدا!‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة