مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الخيال العلمي —‏ ارتفاع شعبيَّته
    استيقظ!‏ ١٩٩٥ | كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ٨
    • الخيال العلمي —‏ ارتفاع شعبيَّته

      شهدت سنة ١٩٨٢ حدثا كان الاول من نوعه في صناعة الافلام الاميركية.‏ فخلال موسم ١٩٨٢/‏١٩٨٣ لم يكن اشهر «ممثِّل» سينمائي بشرًا على الاطلاق.‏ وبحسب تاريخ السينما المصوَّر،‏ كان ذلك الممثِّل إي تي،‏ الشخصية الغريبة الشكل انما الظريفة الآتية من الفضاء الخارجي التي قامت بدور البطولة في فيلم إي تي:‏ القادم من خارج الارض ET: The Extraterrestrial!‏

      هذه الحالة اللافتة للنظر هي مجرد دليل واحد من الادلَّة على الشعبيَّة الهائلة التي حظيت بها قصص الخيال العلمي في السنوات الاخيرة.‏ فبعد ان كان الخيال العلمي يقتصر على المجلات الرخيصة ويعتبره الناس سلوى الوحيدين والحالمين،‏ صار جزءا بارزا من التسلية الشائعة.‏ ولكن ماذا يكمن وراء ارتفاع شعبيَّته المثير؟‏

      للاجابة عن هذا السؤال يجب ان نتأمل اولا في تاريخ الخيال العلمي.‏ فمنذ زمن سحيق يروي الناس قصصا غير حقيقية لإخافة الآخرين او التأثير فيهم او لمجرد التسلية.‏ ولكن خلال القرنين الـ‍ ١٧ والـ‍ ١٨ دخلت اوروپا عصر التقدم العلمي والمادي.‏ وابتدأ كثيرون يتحدَّون الافكار ومراجع الثقة التقليدية.‏ وفي هذا الجو ابتدأ البعض يتأملون في مدى تأثير التقدم العلمي في الجنس البشري في المستقبل.‏

      أما مَن ابتكر قصص الخيال العلمي بالتحديد فليس ذلك اكيدا.‏ ففي القرن السابع عشر كتب المؤلِّفان فرنسيس ڠودْوين وسيرانو دو بيرجيراك اعمالا خيالية عن السفر في الفضاء.‏ وفي سنة ١٨١٨ روَت ماري شَلي في كتابها فرنكنشتاين،‏ او پروميثيوس العصري قصة عالِم وقدرته على خلق الحياة ووصفت النتائج المريعة لذلك.‏

      استعمل بعض الكتَّاب هذا النوع من الخيال لإبراز عيوب المجتمع البشري.‏ وهكذا عندما كان جوناثان سويفت يسخر من المجتمع الانكليزي في القرن الـ‍ ١٨،‏ حاك تهكُّمه في سلسلة من الاسفار الخيالية.‏ والنتيجة كانت رحلات ڠاليڤر،‏ قصة رمزية ساخرة دُعيت «اول رائعة ادبية» في الخيال العلمي.‏

      ولكنَّ الفضل في اعطاء قصص الخيال العلمي شكلها العصري يُنسب عادةً الى الكاتبَين جول ڤرن وه‍.‏ ج.‏ وَلز.‏ ففي سنة ١٨٦٥ كتب ڤرن من الارض الى القمر —‏ واحدة من سلسلة رواياته الناجحة.‏ وفي سنة ١٨٩٥ ظهر كتاب ه‍.‏ ج.‏ وَلز آلة الزمان.‏

      الخيال يصير حقيقة

      مع مطلع القرن العشرين كان العلماء قد ابتدأوا يحقِّقون بعض احلام هؤلاء الكتَّاب الحالمين.‏ وبحسب كتاب العظماء،‏ قضى الفيزيائي الالماني هرمان اوبرت سنوات عديدة يحاول فيها ان يحقِّق حلم جول ڤرن برحلة فضائية بواسطة مركبة مأهولة.‏ وساعدت حسابات اوبرت على وضع الاساس العلمي للسفر في الفضاء.‏ لكنه لم يكن العالِم الوحيد الذي تأثر بقصص الخيال العلمي.‏ يقول كاتب قصص الخيال العلمي الشهير راي برادْبِري:‏ «ان ڤيرنهر ڤون براون وزملاءه في المانيا وكل شخص في هيوستون [مركز وكالة ناسا لتسيير المركبات الفضائية بعد اطلاقها] وكيپ كنيدي [مركز اطلاق المركبات] قرأوا كتابات ه‍.‏ ج.‏ وَلز وجول ڤرن عندما كانوا صغارا.‏ وقرَّروا ان يعملوا على تحقيق كل ذلك عندما يكبرون.‏»‏

      وفي الواقع،‏ كانت قصص الخيال العلمي نقطة الانطلاق للابتكار في مجالات كثيرة.‏ والمؤلف رينيه اوت يدَّعي انه قليلة هي «الاختراعات او الاكتشافات التي لم تتوقعها قصص الخيال العلمي مسبقا.‏» فالغواصات والرجال الآليون والصواريخ المأهولة كانت جميعها من المقوِّمات الشائعة لقصص الخيال العلمي قبل ان تصير حقيقية بزمن طويل.‏ وهكذا يؤكد كاتب قصص الخيال العلمي فريدريك پول ان «قراءة قصص الخيال العلمي هي توسيع لآفاق العقل.‏»‏

      طبعا،‏ لا تتناول كل قصص الخيال العلمي مواضيع علمية.‏ فبعض كتب وأفلام الخيال العلمي الاكثر شعبيَّة هي في الواقع جزء مما يدعوه البعض الوهم العلمي.‏ وغالبا ما تكون السمةُ المميِّزة في الخيال العلمي كونَ الافكار مقبولة علميا،‏ أما القصص الوهمية فلا تحدُّها سوى مخيِّلة مؤلفها.‏ حتى ان السحر والعيافة قد يشكلان جزءا منها.‏

      ولكن ما مدى دقة الآراء في قصص الخيال العلمي بشأن المستقبل؟‏ هل كل ما هو خيال علمي يستحق القراءة او المشاهدة؟‏ ستعالج المقالتان التاليتان هذين السؤالين.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣]‏

      رواية جول ڤرن «من الارض الى القمر» ساهمت كثيرا في اثارة الاهتمام بالسفر في الفضاء

  • نظرة الى الخيال العلمي اليوم
    استيقظ!‏ ١٩٩٥ | كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ٨
    • نظرة الى الخيال العلمي اليوم

      السيارات،‏ التلفونات،‏ اجهزة الكمپيوتر —‏ هل كان ممكنا ان يتنبأ احد باختراعها قبل اكثر من ١٣٠ سنة؟‏ هذا ما فعله كاتب قصص الخيال العلمي جول ڤرن!‏ فهذه الافكار العلمية الثاقبة والمذهلة وُجدت في مخطوطة اكتُشفت مؤخرا لرواية لجول ڤرن بعنوان پاريس في القرن العشرين.‏ وفي هذه الرواية التي لم تُنشر سابقا وصف ڤرن اداة غريبة تشبه بشكل مدهش آلة الفاكس العصرية!‏a

      ولكن حتى اذكى كتَّاب قصص الخيال العلمي يحتاجون الى الكثير الكثير لكي يُعتبروا انبياء حقيقيين.‏ مثلا،‏ صحيح ان قراءة رواية جول ڤرن رحلة الى قلب الارض ممتعة جدا،‏ لكنَّ العلماء يعرفون الآن ان القيام برحلة مماثلة امر مستحيل.‏ ولا يبدو انه من المحتمل ان يشهد عام ٢٠٠١ رحلات بمركبات مأهولة الى المشتري او الى كواكب اخرى،‏ كما ذكر البعض.‏

      ولم يتنبأ ايضا كتَّاب قصص الخيال العلمي بالتطورات العلمية المذهلة التي حدثت.‏ ففي مقالة ظهرت في مجلة الشهرية الاطلسية اعترف كاتب قصص الخيال العلمي توماس م.‏ دِش قائلا:‏ «انظروا كيف ان الخيال العلمي لم يتخيل عصر السيبرنيات [الكمپيوتر] .‏ .‏ .‏ تأثير الجُنة [مفعول الدفيئة]،‏ او اتلاف طبقة الاوزون او الأيدز.‏ انظروا الى عدم توازن القوى الجيوسياسي الجديد.‏ انظروا الى كل هذه الامور،‏ وبعد ذلك اسألوا نفسكم عمَّا اذا كان الخيال العلمي تحدَّث عنها مسبقا.‏ ولا كلمة تقريبا.‏»‏

      الخيال العلمي —‏ عمل تجاري ضخم

      طبعا،‏ ليس الخيال العلمي في نظر محبِّيه علما حقيقيا بل تسلية.‏ ومع ذلك هنالك اشخاص يشكُّون في قيمته في هذا المجال ايضا.‏ ابتدأ صيت الخيال العلمي يذيع كأدب تافه في اوائل هذا القرن بإصدار المجلات الرخيصة المتخصصة في الخيال العلمي.‏ وابتدأ بيع احدى هذه المجلات،‏ مجلة القصص المذهلة،‏ سنة ١٩٢٦.‏ ويُنسب الى مؤسسها،‏ هيوڠو ڠرنسْباك،‏ الفضل في اختراع كلمة تطورت وصارت تقابل عبارة «الخيال العلمي.‏» وشعر كثيرون بأن قصص المغامرات المثيرة هذه لها قيمة ادبية زهيدة،‏ هذا ان كانت لها اية قيمة.‏

      ابتدأ الخيال العلمي يُحمل محمل الجد على نحو متزايد بعد الحرب العالمية الثانية.‏ فالدور المثير للاهتمام الذي لعبه العلم في تلك الحرب رفع مكانة العلم عاليا.‏ وصارت توقعات كتَّاب قصص الخيال العلمي تبدو قابلة للتصديق اكثر.‏ وهكذا ابتدأت تنتشر المجلات المصوَّرة وغير المصوَّرة والكتب الورقية الغلاف التي تتناول موضوع الخيال العلمي.‏ وصارت كتب الخيال العلمي ذات الغلاف الورقي المقوَّى بين الكتب الاكثر مبيعا.‏ ولكنَّ الخيال العلمي،‏ في محاولته لتلبية حاجات السوق،‏ يضحِّي كثيرا بالنوعية الادبية الجيدة —‏ وبالدقة العلمية ايضا.‏ يقول كاتب قصص الخيال العلمي روبرت أ.‏ هاينْلاين متأسفا انه يُنشر الآن «كل ما هو سهل القراءة وحتى مُسلٍّ بعض الشيء،‏» بما في ذلك «عدد كبير من الروايات النظرية ذات المستوى الادنى.‏» وتضيف الكاتبة اورسولا ك.‏ لو ڠان انه حتى «المواد الرديئة» تُطبع.‏

      وعلى الرغم من هذا النقد،‏ بلغت شعبية الخيال العلمي حدًّا لم يسبق له مثيل اذ نال دعما قويا،‏ لا من العلماء،‏ بل من صناعة الافلام.‏

      الخيال العلمي على «الشاشة الكبيرة»‏

      كانت بداية افلام الخيال العلمي في سنة ١٩٠٢ عندما صنع جورج ميلياس الفيلم رحلة الى القمر.‏ وافتتن جيلٌ تالٍ من محبي السينما الشبان بـ‍ فلاش ڠوردن.‏ ولكن في سنة ١٩٦٨،‏ قبل سنة من وصول الانسان الى القمر،‏ نال الفيلم ٢٠٠١:‏ رحلة فضائية طويلة 2001: A Space Odyssey تقديرا فنيا وكان ناجحا من الناحية التجارية ايضا.‏ وأصبحت هوليوود الآن تخصص ميزانيات ضخمة لأفلام الخيال العلمي.‏

      بحلول اواخر السبعينات وأوائل الثمانينات،‏ بلغت مداخيل افلام مثل الغريب Alien‏،‏ حرب النجوم Star Wars‏،‏ بلايد رانر Blade Runner‏،‏ و إي تي:‏ القادم من خارج الارض نصف مبيعات كل شبابيك التذاكر في الولايات المتحدة.‏ طبعا،‏ كان احد انجح الافلام على الاطلاق من فئة الخيال العلمي،‏ جوراسيك پارك Jurassic Park‏.‏ ومع الفيلم ظهرت كميات هائلة من ٠٠٠‏,١ منتَج تقريبا عن جوراسيك پارك.‏ وليس مدهشا ان ينضم التلفزيون ايضا الى القافلة.‏ فالبرنامج الشهير ستار ترك Star Trek قاد الى انتاج عدد من البرامج المتعلقة بالفضاء الخارجي.‏

      ولكن يشعر كثيرون بأن بعض كتبة قصص الخيال العلمي،‏ ارضاءً لرغبات الناس،‏ يضحّون بالخصائص التي اعطت الخيال العلمي مقدارا من القيمة.‏ ويدَّعي المؤلِّف الالماني كارل ميخايَل آرمر ان ‹الخيال العلمي هو اليوم مجرد علامة تجارية رائجة بحيث لم يعد يتميَّز بمضمونه بل بالتقنيات التسويقية.‏› ويقول آخرون بأسف ان «النجوم» الحقيقيين في افلام الخيال العلمي اليوم ليسوا الاشخاص بل المؤثرات الخاصة.‏ حتى ان احد النقَّاد يقول ان الخيال العلمي «بغيض وتافه جدا في الكثير الكثير من عروضه.‏»‏

      مثلا،‏ ان الكثير جدا مما يسمى افلام الخيال العلمي لا يتعلق بالعلم او المستقبل على الاطلاق.‏ والمَشاهد المستقبلية تُستخدم احيانا فقط كخلفية للعنف الحي.‏ ويلاحظ الكاتب نورمان سپِنْراد انه في الكثير من قصص الخيال العلمي،‏ هنالك مَن «تُطلق عليه النار،‏ يُطعن،‏ يُبخَّر،‏ يصاب بأشعة لَيزر،‏ يُمزَّق جسمه،‏ يُفترَس،‏ او يُفجَّر.‏» وفي الكثير من الافلام يُصوَّر هذا العنف بتفاصيل مريعة!‏

      والسبب الآخر الذي يدعو الى القلق هو عنصر القوى الخارقة للطبيعة البارز في عدد من كتب وأفلام الوهم العلمي.‏ وفي حين ان بعض الاشخاص قد يعتبرون قصصا كهذه مجرد معارك مجازية بين الخير والشر،‏ يبدو ان بعض هذه الاعمال يتجاوز حدود المجاز ويروِّج الممارسات الأرواحية.‏

      الحاجة الى الاتزان

      طبعا،‏ لا يدين الكتاب المقدس التسلية الخيالية بحد ذاتها.‏ ففي مثل يوثام عن الاشجار،‏ تُصوَّر نباتات لا روح فيها تتحدث احداها الى الاخرى —‏ حتى انها تدبِّر مخططا.‏ (‏قضاة ٩:‏٧-‏١٥‏)‏ وبشكل مماثل،‏ استخدم النبي اشعياء اسلوبا خياليا حين صوَّر حكاما ماتوا منذ زمن طويل وهم يتحدثون في القبر.‏ (‏اشعياء ١٤:‏٩-‏١١‏)‏ حتى ان بعض امثال يسوع احتوى على عناصر لا يمكن ان تحدث حرفيا.‏ (‏لوقا ١٦:‏٢٣-‏٣١‏)‏ ولم يكن الهدف من هذه الاساليب الخيالية مجرد التسلية بل التعليم.‏

      قد يستخدم بعض الكتَّاب اليوم بشكل مقبول مشهدا مستقبليا بهدف التعليم او التسلية.‏ ولكن يجب على القراء،‏ الذين هم مسيحيون ولديهم ضمائر حية،‏ ان يتذكروا دائما ان الكتاب المقدس يدعونا الى تركيز الانتباه على ما هو طاهر ومفيد.‏ (‏فيلبي ٤:‏٨‏)‏ ويذكِّرنا ايضا بأن «العالم كله قد وُضع في الشرير.‏» (‏١ يوحنا ٥:‏١٩‏)‏ وبعض افلام وكتب الخيال العلمي هي وسيلة لنشر افكار وفلسفات لا تتوافق مع الكتاب المقدس،‏ كالتطوُّر وخلود النفس البشرية والتقمُّص.‏ ويحذِّرنا الكتاب المقدس من الوقوع ضحية ‹الفلسفة والغرور الباطل.‏› (‏كولوسي ٢:‏٨‏)‏ لذلك من الملائم ممارسة الحذر في الامور المتعلقة بالخيال العلمي كما هي الحال مع كل انواع التسلية.‏ فيجب ان نكون انتقائيين لما نقرأه او نشاهده.‏ —‏ افسس ٥:‏١٠‏.‏

      ان الكثير من الافلام الرائجة،‏ كما ذُكر سابقا،‏ يتميَّز بالعنف.‏ فهل يُسَرُّ يهوه باشتراكنا في تسلية يتتابع فيها سفك الدم غير المبرَّر،‏ وهو الذي قيل عنه:‏ ‹محبُّ (‏العنف)‏ تبغضه نفسه›؟‏ (‏مزمور ١١:‏٥‏)‏ وبما ان الاسفار المقدسة تدين الأرواحية،‏ يحسن بالمسيحيين ان يعربوا عن التمييز في ما يتعلق بالكتب او الافلام التي تُبرز اوجها كالسحر او العيافة.‏ (‏تثنية ١٨:‏١٠‏)‏ وأَدرِكوا ايضا انه في حين قد يتمكن الراشد من فصل الوهم عن الواقع بسهولة،‏ لا يستطيع كل الاولاد ذلك.‏ لذلك يحسن بالوالدين ان يراقبوا كيف يتأثر اولادهم بما يقرأونه او يشاهدونه.‏b

      قد يقرِّر البعض انهم يفضِّلون اشكالا اخرى من مواد القراءة او التسلية.‏ ولكن لا يلزم ان يدين هؤلاء غيرَهم في هذا الشأن او يثيروا قضية بسبب مسائل تتعلق بالتفضيل الشخصي.‏ —‏ رومية ١٤:‏٤‏.‏

      ومن ناحية اخرى،‏ يليق بالمسيحيين الذين يختارون التمتع من حين الى آخر بأنواع التسلية الخيالية المختلفة ان يتذكروا تحذير سليمان:‏ «لعمل كتب كثيرة لا نهاية والدرس الكثير تعب للجسد.‏» (‏جامعة ١٢:‏١٢‏)‏ من الواضح ان كثيرين في عالم اليوم يبالغون في تعلُّقهم بكتب وأفلام الخيال العلمي.‏ وقد انتشرت نوادي ومؤتمرات الخيال العلمي.‏ وبحسب مجلة تايم،‏ ان محبِّي ستار ترك في القارات الخمس وقفوا انفسهم لتعلُّم اللغة الخيالية كلِنْڠون التي برزت في افلام وبرامج ستار ترك التلفزيونية.‏ ان مسلكا متطرفا كهذا لا ينسجم مع مشورة الكتاب المقدس في ١ بطرس ١:‏١٣ بأن نبقى «صاحين [«متَّزنين،‏ حاشية ع‌ج‏].‏»‏

      حتى في احسن احواله لا يستطيع الخيال العلمي ان يُشبع فضول الانسان بشأن ما يخبئه المستقبل.‏ والذين يرغبون حقا في معرفة المستقبل عليهم ان يلتفتوا الى مصدر اكيد.‏ وهذا ما سنناقشه في مقالتنا التالية.‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a بكلمات ڤرن،‏ انها «تلڠراف فوتوڠرافي يسمح بإرسال صورة طبق الاصل لأية كتابة او امضاء او تصميم الى مسافات بعيدة جدا.‏» —‏ نيوزويك،‏ ١٠ تشرين الاول ١٩٩٤.‏

      b انظروا المقالة «ماذا يجب ان يقرأ ولدكم؟‏» في عدد ٢٢ آذار ١٩٧٨ من استيقظ!‏‏،‏ بالانكليزية.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      يجب ان يشرف الوالدون على تسلية اولادهم

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      يجب ان يكون المسيحيون انتقائيين في ما يتعلق بالخيال العلمي

  • ما يخبئه المستقبل حقا
    استيقظ!‏ ١٩٩٥ | كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ٨
    • ما يخبئه المستقبل حقا

      كثيرون من هواة الخيال العلمي لديهم حب الاستطلاع،‏ رغبة في رؤية تغيير في المجتمع البشري،‏ واهتمام كبير بالمستقبل.‏ والكتاب المقدس لديه الكثير ليقوله عن المستقبل،‏ ولكن بين نظرة الكتاب المقدس الى مصير الانسان وتخمينات كتَّاب قصص الخيال العلمي تشابه لا يكاد يُذكر،‏ هذا اذا وُجد تشابه.‏

      هنالك آراء مختلفة كثيرة جدا في ما سيكون عليه المستقبل في قصص الخيال العلمي.‏ ولكن هل تجعلون حياتكم منوطة بأيّ من هذه الآراء؟‏ على ايّ اساس يقوم اختياركم؟‏ ان هذه التصوُّرات لمجرى الحوادث لا يمكن ان تكون كلها صحيحة.‏ وفي الواقع،‏ بما ان كل ما فيها هو تخمين —‏ خيال —‏ فهل يمكنكم ان تقولوا جازمين ان واحدا منها هو الحق؟‏ احتمال غير وارد ان يكون ايّ منها كذلك.‏

      عدم التوصل الى شيء

      ان الكثير من التصوُّرات لمجرى الحوادث في قصص الخيال العلمي لا يتوصل الى شيء.‏ بأيّ معنى؟‏ بمعنى ان تلك التي تخبر كيف يمكن للعلم ان يمهِّد السبيل لوجود حضارة افضل هنا على الارض لا تتحقق.‏ والواقع هو ان حضارة اليوم بعيدة كل البعد عن ان تكون حضارة متحسِّنة.‏ يلاحظ الكاتب الالماني كارل ميخايَل آرمر:‏ «صرنا في حالة ضياع بشأن المستقبل.‏» ويشير الى «التهديدات العالمية بالموت من الاسلحة الذرية،‏ الكوارث البيئية،‏ الجوع،‏ الفقر،‏ ازمات الطاقة،‏ [و] الارهاب الذي تموِّله دول.‏»‏

      وبكلمات اخرى،‏ ان مستقبل الارض والعائلة البشرية الموصوف في الكثير من قصص الخيال العلمي ليس في طريقه الى الصيرورة حقيقة.‏ على العكس،‏ فالحالة البشرية،‏ نظرا الى تدهور الاوضاع على الارض،‏ تسير في الاتجاه المعاكس.‏ ورغم ايّ تقدم علمي او تقني،‏ يختبر المجتمع البشري في كل انحاء العالم المزيد والمزيد من الجرائم،‏ العنف،‏ الفقر،‏ البغض العرقي،‏ وتحطُّم العائلة.‏

      وساهمت بعض الجهود العلمية كثيرا في زيادة مشاكل الانسان.‏ تأملوا في امثلة قليلة:‏ التلوُّث الكيميائي لهوائنا ومياهنا وطعامنا؛‏ الكارثة في بوپال في الهند حيث ادى حادث في مصنع الى اطلاق غاز سام،‏ موديا بحياة ٠٠٠‏,٢ شخص مع اصابة نحو ٠٠٠‏,٢٠٠؛‏ انصهار قلب معمل نووي لتوليد الطاقة في تشرنوبيل في اوكرانيا،‏ مؤديا الى وفاة كثيرين وإلى ازدياد السرطان والمشاكل الصحية الاخرى في منطقة واسعة.‏

      استعمار الفضاء الخارجي؟‏

      ان عددا كبيرا من قصص الخيال العلمي المتعلقة بالمستقبل تعرض مَهربا من مآ‌سي الحياة وفشل المشاريع البشرية على الارض بوسيلة اخرى ايضا.‏ فهي تجعل هاويها يعيش تصوُّرات خيالية لمجرى الحوادث في الفضاء الخارجي.‏ ومن المواضيع الشائعة في هذا المجال هو استعانة البشر بمركبات فضائية تنطلق من مجرة الى مجرة لاستعمار كواكب اخرى وأجزاء اخرى من الكون.‏ ودفع ذلك البعض الى الاعتقاد كما اعتقد الشخص الذي كتب الى رئيس تحرير صحيفة في نيويورك:‏ «مستقبل الجنس البشري يكمن في استكشاف الفضاء.‏»‏

      صحيح ان استكشاف الفضاء يتواصل من خلال رحلات المكاكيك الفضائية في جوار الارض وإطلاق اجهزة لرصد الفضاء.‏ ولكن ماذا عن العيش في الفضاء الخارجي؟‏ مع انه يدور كلام عن ذهاب بشر في رحلة فضائية طويلة،‏ لا توجد في الوقت الحاضر خطط عمل جدية لاستعمار القمر او ايّ من الكواكب المجاورة —‏ فكم بالحري المجرات الاخرى؟‏ حقا،‏ ان استعمار الفضاء الخارجي بالجهود البشرية ليس خيارا واقعيا في المستقبل القريب.‏ والبرامج الفضائية الحالية لدول مختلفة تكلِّف الكثير حتى انه يجري تقليصها او التخلي عنها.‏

      والحقيقة هي ان مستقبل الجنس البشري،‏ مستقبلكم انتم،‏ لا يكمن في اية مغامرات فضائية يروِّجها بشر.‏ فمستقبلكم هو هنا على الارض.‏ وهذا المستقبل لن يحدِّده علماء ولا حكومات بشرية ولا كتَّاب سيناريو.‏ ولماذا نقول ذلك بثقة؟‏

      لأن المستقبل سيحدِّده خالق الارض،‏ يهوه اللّٰه.‏ ولا يمكن لأيّ تصوُّر لمجرى الحوادث في قصص الخيال العلمي ان يضاهي الوعود المعروضة في الكتاب المقدس.‏ ففي هذا الكتاب —‏ كلمة اللّٰه الموحى بها التي نقلها الى الجنس البشري —‏ يخبرنا عن مستقبل البشر.‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١٦،‏ ١٧؛‏ ٢ بطرس ١:‏٢٠،‏ ٢١‏)‏ فماذا يقول؟‏

      مستقبل العائلة البشرية

      توضح كلمة اللّٰه ان قصد الخالق هو القيام بإصلاح شامل للمجتمع البشري بواسطة حكومة جديدة تحت اشراف يسوع المسيح.‏ وفي الكتاب المقدس تُدعى تلك الحكومة السماوية ملكوت اللّٰه.‏ —‏ متى ٦:‏٩،‏ ١٠‏.‏

      وعن هذا الملكوت تعلن النبوة الملهمة في دانيال ٢:‏٤٤‏:‏ «في ايام هؤلاء الملوك [الموجودين اليوم] يقيم اله السموات مملكة لن تنقرض ابدا وملكها لا يُترك لشعب آخر وتسحق وتفني كل هذه الممالك [الحالية] وهي تثبت الى الابد.‏»‏

      وتحت وحي قوة اللّٰه القوية الفعَّالة كتب الرسول بطرس ايضا عن الحياة المستقبلية على الارض في ظل ملكوت اللّٰه.‏ قال:‏ «بحسب وعد [اللّٰه] ننتظر سموات جديدة [ملكوت اللّٰه السماوي] وأرضا جديدة ‏[مجتمعا بشريا جديدا في ظل ذلك الملكوت] يسكن فيها البر.‏» —‏ ٢ بطرس ٣:‏١٣‏.‏

      وكيف ستكون الحياة بالنسبة الى الذين ينالون امتياز العيش على الارض تحت حكم ملكوت اللّٰه السماوي؟‏ ان وعد الخالق هو التالي:‏ «سيمسح اللّٰه كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد لأن الامور الاولى قد مضت.‏ وقال الجالس على العرش ها انا اصنع كل شيء جديدا.‏ وقال لي اكتب فإن هذه الاقوال صادقة وأمينة.‏» —‏ رؤيا ٢١:‏٤،‏ ٥‏.‏

      انه لَمستقبل رائع ذاك الذي يعد به الخالق.‏ وهو مختلف تماما عن كل التصوُّرات الخيالية لكتَّاب قصص الخيال العلمي او العلماء،‏ التصوُّرات التي غالبا ما تتميَّز بمخلوقات وأماكن غريبة وغير واقعية.‏ أما المسيحيون الحقيقيون فيؤمنون بوعود اللّٰه الاكيدة بشأن المستقبل.‏ والأكثر من ذلك هو انهم مستعدون للمخاطرة بحياتهم بسببها.‏

      ولماذا يقومون بأمر كهذا دون ايّ تردُّد؟‏ لأنهم يعرفون من كلمة اللّٰه ان هذا «الرجاء لا يُخزي،‏» و ‹اللّٰه منزَّه عن الكذب.‏› وفي الواقع،‏ «لا يمكن ان اللّٰه يكذب.‏» (‏رومية ٥:‏٥؛‏ تيطس ١:‏٢؛‏ عبرانيين ٦:‏١٨‏)‏ وكما ذكر يشوع،‏ احد خدام اللّٰه،‏ منذ زمن طويل:‏ «لم تسقط كلمة واحدة من جميع الكلام الصالح الذي تكلَّم به الرب عنكم.‏ الكل صار لكم.‏ لم تسقط منه كلمة واحدة.‏» —‏ يشوع ٢٣:‏١٤‏.‏

      ان الكثير من قصص الخيال العلمي يعكس ايديولوجيات هذا النظام القديم الشرير.‏ كيف؟‏ كانت انطلاقة الخيال العلمي في فترة تدعى التنوير،‏ وفيها رفض اشخاص كثيرون السلطة التقليدية وآمنوا بقدرة الانسان على صنع مستقبله الخاص.‏ لقد كانوا على حق عندما لاموا الدين المنغمس بأمور الدنيا على الكثير من مشاكل المجتمع،‏ لكنهم رفضوا الحقيقة المتعلقة بوجود اللّٰه وقصده ايضا.‏ وخيَّبت املهم كثيرا الطريقة التي بها تجري الامور ولذلك سعوا الى ايجاد افكار اخرى.‏

      لكنَّ الافكار البشرية،‏ مهما كانت منطقية،‏ تبقى محدودة.‏ يقول خالقنا:‏ «كما علت السموات عن الارض هكذا علت طرقي عن طرقكم وأفكاري عن افكاركم.‏» —‏ اشعياء ٥٥:‏٩‏.‏

      الاكتشاف العلمي الحقيقي

      في عالم اللّٰه الجديد،‏ سيُروى جزئيا عطش البشر الطبيعي الى المعرفة بالبحث العلمي الاصيل.‏ ولن تكون هنالك حاجة الى تأليف تصوُّرات لمجرى الحوادث،‏ لأن الواقع سيخلب العقل ويثقِّفه بطريقة سليمة وصحيحة.‏

      وعندئذ سيفهم كثيرون كيف شعر العالِم الشهير اسحاق نيوتن عندما شبَّه نفسه بـ‍ «صبي يلعب على شاطئ البحر،‏ .‏ .‏ .‏ فيما يمتد محيط الحقيقة الكبير كله غير مكتشَف [امامه].‏» ولا شك ان اللّٰه،‏ في عالمه الجديد،‏ سيقود البشر الامناء الى اكتشافات مثيرة الواحد تلو الآخر.‏

      نعم،‏ ستكون الابحاث العلمية عندئذ قائمة كاملا على الحقيقة،‏ لأن يهوه «اله الحق.‏» وهو يدعونا الى التعلم من بيئة الانسان الارضية ومن عالم الحيوان ايضا.‏ (‏مزمور ٣١:‏٥؛‏ ايوب ١٢:‏٧-‏٩‏)‏ وبالتأكيد سيكون الجهد العلمي الصادق الموجَّه من اله الحق احد الاوجه الرائعة لنظام اللّٰه الجديد.‏ وعندئذ لن يُنسب الفضل في كل الاختراعات والاكتشافات والتحسينات الرائعة في حياة الانسان ومستويات معيشته الى ايّ بشر،‏ بل الى خالق الكون،‏ يهوه اللّٰه.‏

      في هذا العالم الجديد الذي يقترب بسرعة،‏ سيمجِّد كل البشر الطائعين اللّٰه بسبب عنايته وتوجيهه الحبِّيَّين.‏ وسيخدمونه بفرح عظيم وسيقولون له،‏ كما هو موصوف في الرؤيا ٤:‏١١‏:‏ «انت مستحق ايها الرب ان تأخذ المجد والكرامة والقدرة لأنك انت خلقت كل الاشياء وهي بإرادتك كائنة وخُلقت.‏»‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٩]‏

      مستقبل الجنس البشري انما هو على الارض

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة