مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • نشل السلع من المتاجر —‏ اثارة بريئة ام جريمة خطيرة؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٥ | حزيران (‏يونيو)‏ ٢٢
    • نشل السلع من المتاجر —‏ اثارة بريئة ام جريمة خطيرة؟‏

      تخيّل هذا المشهد.‏ ينفتح باب متجر كبير فتدخل مراهقتان متأنقتان على آخر طراز،‏ وتتوجهان عبر احد الممرات الى قسم مستحضرات التجميل.‏ فيتبعهما احد رجال الامن،‏ لكنه يبقى على بعد ١٠ امتار منهما.‏ ومن هناك يراقب الفتاتين وهما تستعرضان اصابع احمر الشفاه والماسكرا،‏ فيما يقف هو وقفة تحذير واضعا ذراعيه وراء ظهره.‏

      ترمق الفتاتان الحارس بطرف اعينهما فيما يستمر هو في مراقبتهما،‏ فتتأجج داخلهما مشاعر الاثارة.‏ ثم تتوجه احداهما الى رف طلاء الاظافر وتختار قنينتين.‏ وتبدو على وجهها امارات التردد وهي تتظاهر بأنها تقارن درجتين متقاربتين من اللون الاحمر.‏ فتعيد القنينة الاولى الى مكانها لتمسك بأخرى لونها اغمق بقليل.‏

      وما ان يشيح رجل الامن بنظره بعيدا عنهما في الاتجاه المعاكس حتى تدسّ الفتاتان اصابع احمر الشفاه وقناني طلاء الاظافر في حقيبتيهما.‏ فتغلي قلوبهما من الداخل من شدة التوتر رغم محافظتهما على مظهر هادئ.‏ وإذ تلازمان مكانهما دقائق اضافية،‏ تتفحص احداهما نماذج الالوان الخاصة بطلاء الاظافر فيما تهتم الاخرى بأقلام كحل الحواجب.‏

      تتبادل الفتاتان النظرات والايماءات وتتوجهان الى الجزء الامامي من المتجر.‏ فيتنحى حارس الامن جانبا،‏ فتبتسمان له.‏ ثم تتوقفان قرب اكسسوارات الهواتف الخلوية المعروضة قبالة امين الصندوق مباشرة وتتأملان في السلع المعروضة.‏ فتتهامسان بشأن بيوت الهواتف الخلوية،‏ وتتوجهان نحو باب الخروج.‏

      ومع كل خطوة تخطوانها،‏ تتأجج مشاعرهما ويتفاقم التوتر الذي يختلط فيه الخوف بالاثارة.‏ وما ان تجتازان عتبة باب المتجر حتى تنتابهما رغبة عارمة في الصراخ،‏ لكنهما تكبتان مشاعرهما وتلزمان الصمت.‏ وتصطبغ خدودهما بلون احمر يعجز اي احمر خدود عن مضاهاته.‏ بعد قليل،‏ تهدأ عاصفة الاثارة التي تجيش في داخلهما وتتنفسان الصعداء.‏ فتبتعدان بخطى سريعة وهما لا تتمالكان انفسهما عن القهقهة،‏ ولا تخطر لهما إلّا فكرة واحدة لا غير:‏ ‹لقد نجونا بفعلتنا!‏›.‏

      صحيح ان هذا السيناريو هو من نسج الخيال،‏ لكنه مأخوذ للاسف من صميم الحياة.‏ ففي الولايات المتحدة وحدها،‏ تتعرض المتاجر لنشل السلع ملايين المرات كل يوم.‏ وهذه الآفة مشكلة عالمية.‏ وهي تسبب،‏ كما سنرى،‏ اضرارا فادحة.‏ لكن معظم نشالي السلع من المتاجر قلما يكترثون بالضرر الذي يسببونه.‏ حتى ان كثيرين ينشلون السلع رغم انهم يستطيعون دفع ثمنها.‏ فلماذا يحدث ذلك؟‏

  • لماذا ينشل الناس السلع من المتاجر؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٥ | حزيران (‏يونيو)‏ ٢٢
    • لماذا ينشل الناس السلع من المتاجر؟‏

      ‏«لا اعتبر الامر سرقة،‏ بل اعادة توزيع ضرورية جدا للموارد الاقتصادية».‏ —‏ كاهن من كنيسة انكلترا.‏

      يخبرنا الفولكلور الانكليزي ان البطل الاسطوري روبن هود كان يسرق الاغنياء ويوزِّع على الفقراء.‏ وعلى غرار روبن هود الذي اعتبر السرقة مبررة،‏ يرى رجل الدين المقتبس منه اعلاه ان الفقر سبب شرعي يبيح السرقة.‏ وهو يقول عن الذين ينشلون السلع من المتاجر:‏ «اتعاطف معهم كل التعاطف،‏ وأرى في الحقيقة انهم معذورون تماما».‏ ويقترح ان تفتح المتاجر الكبيرة ابوابها يوما واحدا في السنة امام الفقراء ليأخذوا ما يحلو لهم دون ان يدفعوا.‏

      لكنّ الفقر ليس دائما الدافع وراء النشل من المتاجر.‏ ففي اليابان ألقى رجال الشرطة القبض على اثنين من زملائهم وهما متلبِّسان بالسرقة.‏ وفي الولايات المتحدة،‏ ضُبط عضو في مجلس ادارة احدى التعاونيات الغذائية اللانفعية وهو يسرق من التعاونية.‏ وغالبا ما يعمد مراهقون جيوبهم ملأى بالمال الى نشل اشياء لا يحتاجون اليها.‏ فما الذي يدفع هؤلاء الى ارتكاب هذه الجرائم؟‏

      لذة السرقة

      الاثارة،‏ الخوف،‏ القوة.‏ على غرار الفتاتين المذكورتين في المقالة السابقة،‏ يشعر البعض بلذة عارمة حين يسرقون،‏ فينمو لديهم نهم لا يشبع لهذه الاحاسيس يجعلهم يعيدون الكرَّة مرة بعد اخرى.‏ تقول احدى النساء بعدما سرقت للمرة الاولى:‏ «شعرت بلذة كبيرة.‏ لقد نجوت بفعلتي وكان الامر مثيرا للغاية!‏».‏ وبعدما سرقت مرات عديدة،‏ علّقت واصفة مشاعرها:‏ «كنت اخجل من نفسي.‏ ولكن في الوقت نفسه،‏ كانت تتملّكني نشوة عارمة.‏ كما كنت اشعر بحيوية لا توصف.‏ وكلما سرقت ونجوت بفعلتي،‏ احسست بقوة كبيرة في داخلي».‏

      ويقول شاب يُدعى هكتور انه،‏ بعدما توقف عن النشل من المتاجر،‏ بقي طوال اشهر يشعر برغبة جامحة في السرقة.‏a «بقيَتْ هذه الرغبة تلاحقني،‏ فبتّ كالمدمنين.‏ وكنت كلما مررت امام واجهة متجر ورأيت مثلا جهاز راديو،‏ اناجي نفسي قائلا:‏ ‹ما اسهل نشل هذا الجهاز!‏ لو انني استطيع فعل ذلك،‏ لكنت نجحت دون ان يضبطني احد›».‏

      ان بعض الذين ينشلون من المتاجر بدافع الشعور باللذة لا يحتاجون الى السلع التي يسرقونها.‏ تذكر احدى الصحف الهندية:‏ «يقول الاختصاصيون في علم النفس ان الاثارة الناجمة عن ارتكاب المحظور هي ما تدفع هؤلاء الناس.‏ .‏ .‏ .‏ حتى ان بعضهم يعيدون ما سرقوه الى مكانه».‏

      اسباب اخرى

      يعاني ملايين الناس من الكآ‌بة.‏ وفي بعض الاحيان،‏ ينفِّس هؤلاء عن كآ‌بتهم باتباع المسلك السيِّئ،‏ فيقومون مثلا بنشل السلع من المتاجر.‏

      فثمة فتاة في الـ‍ ١٤ من العمر ترعرعت في كنف عائلة ميسورة الحال.‏ رغم ذلك،‏ كانت مشاعر اليأس تخيّم على هذه المراهقة مثل «غمامة سوداء».‏ قالت:‏ «لم استطع التخلص من هذا الشعور».‏ فبدأت تتعاطى المخدِّرات وتتناول المشروبات الكحولية.‏ وذات يوم ضُبطَت وهي تنشل من احد المتاجر.‏ وفي وقت لاحق،‏ حاولت الانتحار مرتين.‏

      لذلك اذا ابتدأ حدث حسن السلوك بالنشل من المتاجر،‏ يحسن بوالديه ان يأخذا بعين الاعتبار احتمال اصابة ولدهما باضطراب نفسي.‏ قال ريتشارد ماكنزي،‏ طبيب متخصص في صحة المراهقين:‏ «اعتقد انه ينبغي اعتبار اي تصرف غير طبيعي يقوم به ولدك دليلا على اصابته بالكآ‌بة الى ان يثبت العكس».‏

      ويقوم بعض الاحداث بنشل السلع من المتاجر بسبب ضغط النظير،‏ فتكون فعلتهم هذه،‏ مثلا،‏ ثمن انتمائهم الى شلة اصدقائهم.‏ وقد يلجأ آخرون الى النشل ليبعدوا عنهم الضجر.‏ اما نشالو المتاجر المحترفون فيعتمدون السرقة وسيلة لتأمين رزقهم.‏ ومهما كان السبب،‏ تُنشل يوميا من المتاجر بضائع تساوي ملايين الدولارات.‏ ولا بد ان يدفع احد الثمن.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a جرى تغيير بعض الاسماء في سلسلة المقالات هذه.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٥]‏

      هَوَس السرقة

      تقول ماريا:‏ «عانيت من مشكلة النشل منذ كنت مراهقة.‏ وصارت رغبتي في النشل تتفاقم حتى بتّ اسرق كل يوم سلعا بقيمة ٥٠٠ دولار اميركي تقريبا.‏

      «انا لا احب ان اسرق،‏ لكن هنالك قوة داخلية تدفعني الى ذلك.‏ اريد فعلا ان اتغير».‏ ولأن هنالك شيئا اقوى منها يدفعها الى السرقة،‏ تعتقد ماريا انها تعاني مشكلة هَوَس السرقة kleptomania.‏

      ويشير تعبير «هَوَس السرقة» الى «عادة مرضية تتم بها السرقة بدون .‏ .‏ .‏ طمع في مكسب مادي».‏ وهذه العادة لا تُدرَج بين مشاكل الادمان المألوفة،‏ بل يبدو انها تنبع من مشاكل عاطفية عميقة الجذور.‏

      ورغم ان البعض يظنون خطأ ان كل من اعتاد السرقة يعاني هَوَس السرقة،‏ يقول الاطباء ان الحالات الفعلية لهذا المرض نادرة.‏ وبحسب جمعية الطب النفسي الاميركية،‏ فإن اقل من ٥ في المئة من الذين ينشلون من المتاجر يعانون هذا الاضطراب.‏ لذلك من الحكمة التروِّي قبل اعتبار الذين ينشلون من المتاجر مصابين بهَوَس السرقة.‏ فربما تكون هنالك اسباب اخرى تدفع الشخص الى السرقة.‏

  • نشل السلع من المتاجر —‏ من يدفع الثمن؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٥ | حزيران (‏يونيو)‏ ٢٢
    • نشل السلع من المتاجر —‏ من يدفع الثمن؟‏

      في اليابان ضبط صاحب احد المتاجر فتى متلبسا بالسرقة،‏ فاستدعى رجال الشرطة.‏ وحين وصلوا،‏ حاول الفتى الهرب فلاحقوه.‏ وفيما كان الفتى يجتاز سكة حديد،‏ صدمه قطار فمات.‏

      اثارت هذه الحادثة ضجة كبيرة في المنطقة جعلت البعض يلومون صاحب المتجر على استدعائه الشرطة.‏ فأقفل الرجل متجره حتى هدأت العاصفة.‏ وحين استأنف عمله اكتسح النشالون متجره من جديد.‏ لكنّ المحنة التي واجهها جعلته يخاف مكافحة النشالين.‏ فصار متجره مضغة سائغة لهم.‏ ولم يمضِ وقت طويل حتى اقفل ابواب متجره نهائيا.‏

      صحيح ان هذه المأساة لا تتكرر دائما،‏ لكنها تعكس حقيقة مهمة:‏ ان النشل يسبب اضرارا فادحة بطرائق عديدة ولأناس كثيرين.‏ فلنتأمل في الكلفة العالية التي يسببها هذا الجرم.‏

      المتاجر تدفع الثمن

      في كل انحاء العالم،‏ يكلّف نشل المتاجر اصحابها بلايين الدولارات سنويا.‏ ويقدّر البعض ان الخسائر الناجمة عن هذا الجرم في الولايات المتحدة وحدها تتعدى الـ‍ ٤٠ بليون دولار.‏ فكم مؤسسة تجارية يمكنها ان تتحمل عبئها من هذا المبلغ؟‏ ان تجارا عديدين يعجزون عن مواجهة هذه المشكلة.‏ فحين يكتسح النشالون رفوف متاجرهم،‏ قد يذهب جنى عمرهم ادراج الرياح.‏

      يقول لوك،‏ صاحب متجر في مدينة نيويورك:‏ «بالاضافة الى المنافسة،‏ صار النشل مصدرا آخر يسبب لنا القلق.‏ وأنا لا اعلم كم يمكن ان نصمد بعد».‏ فهو لا يستطيع ان يتحمل كلفة جهاز مراقبة الكتروني.‏ وهو يقول عن النشالين:‏ «قد يكون النشال اي زبون من زبائني،‏ حتى افضلهم».‏

      يعتقد بعض النشالين ان امثال لوك لا يواجهون مشكلة خطيرة حقا،‏ اذ يقولون:‏ «ان هذه المتاجر تجني مبالغ كبيرة من المال.‏ وما اسرقه منها تافه مقارنة بالارباح التي يجنونها».‏ لكن هل ارباح البيع بالمفرق كبيرة حقا؟‏

      يضيف بعض التجار ٣٠،‏ ٤٠،‏ او ٥٠ في المئة الى سعر الكلفة.‏ لكن هذه النسبة ليست الربح الصافي.‏ فهي تشمل بدل الايجار،‏ الضرائب،‏ اجور الموظفين والخدمات التي تحق لهم،‏ صيانة البناء،‏ تصليح الاجهزة،‏ بواليص التأمين،‏ الكهرباء،‏ المياه،‏ الوقود،‏ فاتورة الهاتف،‏ وأجهزة المراقبة.‏ وبعد حسم جميع هذه النفقات،‏ لا يبقى من الربح سوى ٢ او ٣ في المئة.‏ لذلك حين يسرق احد ما من المتجر،‏ يخسر التاجر فعليا جزءا من رزقه.‏

      ماذا عن السرقات الصغيرة

      تخيل ولدا صغيرا يتمشى مع امه في المتجر.‏ وإذا به يتركها ويتوجه وحده الى رف الحلويات.‏ فيفتح احدى العلب ويدسّ في جيبه لوحا من الشوكولاتة.‏ فهل يُلحق هذا النوع من النشل الضرر بالتاجر؟‏

      يرد في كراسة الحدّ من الجريمة —‏ داخل الشركة وخارجها (‏بالانكليزية)‏ الصادرة عن «ادارة مؤسسة الاعمال الصغيرة» في الولايات المتحدة:‏ «لا تبدو سرقة الاشياء الرخيصة جرما خطيرا للص الذي ينشل قلما من هنا او آلة حاسبة من هناك.‏ لكن بالنسبة الى المؤسسات التجارية الصغيرة التي تكافح من اجل البقاء،‏ فإن هذا النوع من النشل من شأنه ان يقضي عليها».‏ ولأن هامش الربح صغير جدا،‏ ينبغي ان يبيع التاجر كل يوم كمية اضافية من ٩٠٠ لوح شوكولاتة او ٣٨٠ علبة حساء من اجل تغطية خسارة سنوية قدرها ٠٠٠‏,١ دولار من جراء النشل.‏ وهكذا يكون الضرر الذي يلحق بتجارته فادحا اذا عمد العديد من الاولاد الصغار الى سرقة ألواح شوكولاتة وما شابهها.‏ وهنا تكمن المشكلة.‏

      فعشرات ملايين الاشخاص،‏ كبارا وصغارا،‏ فقراء وأغنياء،‏ من كل العروق والخلفيات،‏ ينشلون من المتاجر.‏ وبأية نتيجة؟‏ يخبر المجلس الوطني الاميركي لمنع الجريمة ان ثلث المؤسسات التجارية تقريبا في الولايات المتحدة تضطر الى اقفال ابوابها نهائيا بسبب السرقة.‏ ولا شك ان المؤسسات التجارية في البلدان الاخرى ايضا تواجه الخطر نفسه.‏

      الزبون يدفع الثمن

      حين يسرق الناس من المتاجر،‏ ترتفع اسعار السلع.‏ لذلك يتكبد المستهلك في بعض المناطق نحو ٣٠٠ دولار اميركي كل سنة بسبب ارتفاع الاسعار الناجم عن النشل.‏ ويعني ذلك انك اذا كنت تكسب ٦٠ دولارا اميركيا في اليوم،‏ يذهب اجر اسبوع من عملك ادراج الرياح كل سنة لتغطية كلفة ما يسرقه الآخرون.‏ فهل يمكنك ان تتحمل هذا العبء؟‏ ان خسارة دخل اسبوع بهذه الطريقة تشكل كارثة لمتقاعد لا يملك سوى معاشه،‏ او لأم متوحدة تكافح لإعالة عائلتها.‏ لكنّ الامر لا ينتهي عند هذا الحد.‏

      فحين يفلس احد المحلات التجارية القريبة من بيتك ويقفل ابوابه نهائيا،‏ يمكن ان تتأثر المنطقة بكاملها في الجوار.‏ يخبر احد التقارير ان ثمة صيدلية في حي اميركي اقفلت ابوابها نهائيا بسبب النشل،‏ فاضطر مسنون ومقعدون عديدون الى قطع مسافة تتعدى الكيلومترين ليصلوا الى صيدلية اخرى.‏ قال احد المسؤولين في المنطقة:‏ «هل يمكنك ان تتخيل صعوبة التنقل لمَن هو سجين كرسي متحرك؟‏».‏

      الوالدون يدفعون الثمن باهظا

      بروس رجل يتحلى بمبادئ اخلاقية عالية ويعلم اولاده ان يكونوا مستقيمين.‏ لكن ذات يوم ضُبطت ابنته وهي تنشل من احد المتاجر.‏ يقول:‏ «تملَّكني حزن شديد.‏ تخيل نفسك تتلقى مكالمة هاتفية تخبرك بأن ابنتك ضُبطت متلبِّسة بالسرقة.‏ لقد قضينا سنوات نربيها لتكون فتاة صالحة،‏ وها نحن نتلقى هذا الخبر!‏ لم نفكر قط انها ستتمرد بهذه الطريقة».‏

      بعد هذا الحادث،‏ وقع بروس فريسة القلق على ابنته ومصيرها.‏ فضلا عن ذلك،‏ تنحّى عن مسؤوليته كمتطوع في مجال التعليم الديني.‏ وعبّر قائلا:‏ «كيف لي ان انظر الى الحضور وأنا على المنبر؟‏ كيف يمكنني ان اعلمهم بضمير صالح عن تربية الاولاد؟‏ لم اعد اشعر انني استحق هذه المسؤولية».‏ أفما كان حريًّا بابنته ان تفكِّر اكثر في ما سيؤول عليه حال ابيها ان هي سرقت؟‏

      النشالون يدفعون الثمن

      في ما مضى كان اصحاب المتاجر،‏ اذا ما ضبطوا احدا يسرق،‏ يوجهون اليه انذارا ويطلقون سراحه.‏ اما اليوم فيمكن ان يتصل التاجر بالشرطة لتوقيف السارق حتى من المرة الاولى.‏ عندئذ يدرك السارقون العواقب الخطيرة للجرم الذي ارتكبوه.‏ وهذا ما اكتشفته شابة تدعى ناتالي.‏

      قالت ناتالي:‏ «كنت كلما سرقت ازدادت ثقتي بنفسي.‏ وتصورت انه حتى لو تم توقيفي،‏ فلن تكلفني نفقات المحامي والمحكمة اكثر من المبلغ الذي كنت سأدفعه لشراء جميع الثياب الباهظة الثمن التي سرقتُها».‏ لكن ناتالي كانت على خطإ.‏

      فقد ضُبطت وهي تسرق فستانا،‏ واقتيدت الى مركز الشرطة مكبَّلة اليدين.‏ وهناك أُخذت بصماتها وزُجَّت في زنزانة مع مجرمات اخريات،‏ حيث امضت ساعات طويلة تنتظر ريثما تدبّر ابواها امر اخراجها بكفالة.‏

      تقول ناتالي لكل من يفكر في السرقة:‏ «اِقبل نصيحتي،‏ واشترِ ذلك الفستان او بنطلون الجينز؛‏ فالامر لا يستحق كل هذه المعاناة».‏ اما اذا كنت مصمما على السرقة،‏ فهي تقول لك:‏ «ستندم على ذلك مدى حياتك».‏

      وأحد اسباب الندم هو السجل الاجرامي الذي يتأتى عن الجريمة.‏ فقد يجد النشالون الذين حُكم عليهم ان جرمهم بكل اسف لن يطويه النسيان،‏ بل سيلاحقهم كظلهم.‏ ففي بعض البلدان،‏ يُضطر النشال الى التصريح بجرمه قبل الدخول الى الجامعة.‏ وقد يُحرم من ممارسة مهن معينة مثل الطب،‏ طب الاسنان،‏ او الهندسة.‏ كما ان شركات عديدة قد تتردد كثيرا في قبوله موظفا عندها.‏ وقد تنشأ هذه المشاكل حتى بعدما ينهي عقوبته ويتوقف عن السرقة.‏

      من جهة اخرى،‏ يمكن ان يكون النشل مكلفا حتى لو لم يُحكم على الجاني.‏ وقد لمس صحة هذا الامر هكتور المذكور سابقا في سلسلة المقالات هذه.‏ يقول:‏ «لطالما نجوت بفعلتي.‏ لم أُضبط مرة متلبِّسا».‏ رغم ذلك كان عليه ان يدفع الثمن.‏ يقول متأملا في تجربته الخاصة:‏ «ثمة امر ينبغي ان يفهمه الاحداث:‏ اننا نحصد ما نزرع.‏ حتى لو لم تعتقلك الشرطة،‏ فسيلازمك عبء الذنب في ما فعلته طوال حياتك».‏

      ان نشل السلع من المتاجر ليس جرما بسيطا بلا ضحايا،‏ والسلع التي تُنشل ليست دون ثمن.‏ لذلك يحسن بكل من هو متورط في السرقة بأن يتوقف عنها نهائيا.‏ لكن كيف يمكن ان يجد النشال القوة ليتوقف نهائيا عن السرقة؟‏ وهل تُستأصل هذه الجريمة يوما؟‏

  • التوقف عن النشل من المتاجر
    استيقظ!‏ ٢٠٠٥ | حزيران (‏يونيو)‏ ٢٢
    • التوقف عن النشل من المتاجر

      ‏«ليست السرقة مشكلتك انت وحدك،‏ بل هي مشكلة كامل المجتمع.‏ والكل يستفيد بوضع حدّ للسرقة».‏—‏ «دليل كل بائع بالمفرَّق الى الحدّ من الخسارة»،‏ (‏بالانكليزية)‏.‏

      ان نشل المتاجر،‏ مثل غيره من الممارسات السيئة،‏ يمكن ان يؤثر في تفكير الشخص ويدفعه الى تبرير ذاته.‏ لذلك،‏ مثلما يقوم البستاني باستئصال الاعشاب الضارة من جذورها،‏ على الذين يرغبون في التوقف عن نشل السلع من المتاجر ان يستأصلوا التفكير السيِّئ من جذوره.‏ فالكتاب المقدس ينصحهم في روما ١٢:‏٢ ان ‹يغيّروا اذهانهم›.‏ وفي ١ بطرس ١:‏١٤‏،‏ يحثهم قائلا:‏ «كفوا عن مشاكلة الشهوات التي كانت لكم سابقا».‏ والنقاط الخمس التالية يمكن ان تساعد النشال ان يغير طريقة تفكيره بشأن السرقة.‏a

      سبل تساعد على تقويم التفكير

      ▪ اولا،‏ يُعتبر نشل المتاجر خرقا للقانون.‏ حتى لو كانت السرقة شيئا مألوفا في المجتمع الذي يعيش فيه السارق،‏ ونجا بأفعاله،‏ فهو في مطلق الاحوال ينتهك القانون.‏ —‏ روما ١٣:‏١‏.‏

      وماذا يحدث حين ينتهك كثيرون القانون؟‏ عندئذ «تجمد الشريعة»،‏ كما يقول الكتاب المقدس.‏ (‏حبقوق ١:‏٣،‏ ٤‏)‏ وبمعنى آخر،‏ يفقد القانون قوته الرادعة التي تعمل على حفظ النظام،‏ فتعمّ الفوضى.‏ فكلما حدثت سرقة،‏ ضعفت اساسات المجتمع الذي يحرص على تطبيق القوانين.‏ وحين يحدث ذلك،‏ يعاني الجميع.‏

      ▪ ثانيا،‏ يؤدي نشل المتاجر الى انعدام الثقة.‏ وعدم الاستقامة هذا يزعزع العلاقات البشرية،‏ مما يصعّب على الناس ان يتفاهموا او يكونوا منصفين في الحكم واحدهم على الآخر.‏ —‏ امثال ١٦:‏٢٨‏.‏

      قالت صاحبة متجر ثياب بعدما اوصلها اللصوص الى الافلاس:‏ «غلطتي الكبرى هي انني اثق كثيرا بالآخرين».‏ لقد كانت تثق بأن زبائنها وموظفيها لن يسرقوها ابدا.‏ لكنها تشعر الآن ان ثقتها لم تكن في محلها.‏

      ان الكاذب تتشوه صورته هو وحده امام من كذب عليه،‏ اما الذي ينشل من المتاجر فيتسبَّب بإلقاء الشبهات على كل من يدخل الى المخزن بعده.‏ فيصبح الناس الصادقون والنزهاء موضع اتهام.‏ فهل يحق لأحد ان يفعل ذلك؟‏

      ▪ ثالثا،‏ يمكن ان تؤدي ممارسة النشل الى جرائم اخطر.‏ فمع الوقت،‏ قد يتجرأ النشالون على القيام بمجازفات اكبر.‏ —‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١٣‏.‏

      القضاء التام على النشل من المتاجر

      ▪ رابعا،‏ وهو الاهم،‏ ان الذي يمارس النشل يعصي على اللّٰه الكلي القدرة.‏ فكلمته تأمر السارق ‹ألّا يسرق في ما بعد›،‏ وتحذر من الدينونة التي ستنزل بالذين يقاومون اللّٰه.‏ (‏افسس ٤:‏٢٨؛‏ مزمور ٣٧:‏٩،‏ ١٧،‏ ٢٠‏)‏ لكنّ السارقين الذين يغيّرون مسلكهم يمنحهم يهوه الغفران.‏ فيستطيعون بالتالي ايجاد السلام مع اللّٰه.‏ —‏ امثال ١:‏٣٣‏.‏

      ▪ خامسا،‏ مثل كل الجرائم،‏ سيصبح النشل من المتاجر قريبا امرا من الماضي.‏ فعندما يبسط ملكوت اللّٰه حكمه على الارض بكاملها كما يعد الكتاب المقدس،‏ سيعامل الناس بعضهم بعضا بنزاهة وصدق.‏ وهكذا،‏ ستزول العواقب الوخيمة للنشل نهائيا.‏ —‏ امثال ٢:‏٢١،‏ ٢٢؛‏ ميخا ٤:‏٤‏.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a رغم ان الذي ينشل السلع من المتاجر يُشار اليه بصيغة المذكر،‏ فالمبادئ المذكورة هنا تنطبق على كل النشالين،‏ ذكورا كانوا ام اناثا.‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١٠]‏

      تدابير لضبط السرقة بكلفة بسيطة

      قد لا تتحمل بعض المؤسسات التجارية الصغيرة الكلفة الباهظة لأجهزة المراقبة.‏ لكن ذلك لا يعني ان لا حول ولا قوة لهم في مواجهة النشالين.‏ فغالبا ما تتمكن هذه المؤسسات من حماية سلعها باتخاذ بعض الاجراءات البسيطة.‏

      في مطبوعة وضعها التحريان مايكل برو وديريك براون،‏ يجري التشديد على اهمية مراقبة الزبائن:‏ «راقب الجميع.‏ .‏ .‏ .‏ فأنت وموظفو المبيعات لديك تشكلون خط الدفاع الرئيسي».‏ وهما يقترحان مخاطبة شخص مشتبه فيه بالاسلوب التالي:‏ «هل وجدت ما تبحث عنه؟‏ من فضلك،‏ اتركه عند امين الصندوق لتدفع ثمنه قبل ان تذهب»،‏ او «هل اوضّب لك الغرض؟‏»،‏ او «هل مقاس الكنزة يناسبك؟‏»،‏ او «هل آتيك بسلة؟‏».‏ يقول التحريان:‏ «بهذه الطريقة،‏ يعرف الزبائن الحقيقيون،‏ واللصوص ايضا،‏ انكم تلاحظون ما يجري حولكم وأن امر الزبائن يهمكم».‏

      وعن اهمية الترتيب،‏ يقولان:‏ «أبقِ الرفوف مليئة بالسلع ومرتبة.‏ والانتباه الدائم للسلع المعروضة يجعلك مطَّلعا باستمرار على البضاعة الموجودة.‏ وكلما كانت المعروضات مرتبة،‏ سهُل عليك ان تعرف اذا سُرق منها شيء او أُزيح من مكانه».‏ —‏ دليل كل بائع بالمفرَّق الى الحدّ من الخسارة.‏

      ويقدّم التحري راسل بنتلِف الاقتراح التالي:‏ «ان الممرات الخالية من العوائق والرفوف الملآنة تسهِّل على الموظفين مراقبة تحركات الزبائن.‏ فبالسير عبر ممر شوهد فيه احد المشبوهين،‏ يمكن ان يحدّد الموظف السلعة الناقصة عن الرفوف ثم يتظاهر بأنه يتحقق من مخزون البضائع،‏ ويرى محتويات سلة او عربة الزبون.‏ .‏ .‏ .‏ بهذه الطريقة سيدرك النشالون انهم تحت الانظار،‏ في حين لن يخطر على بال الزبائن الصادقين البتة ان الموظف يراقبهم».‏ وعن تصميم الممرات،‏ يقول:‏ «ينبغي ان يكون الممر مصمما بشكل يتيح [لصاحب المتجر] وللموظفين مراقبة الزبائن».‏ —‏ ‏«حصِّن مؤسستك من الجريمة:‏ ٣٠١ طريقة لحماية مكتبك،‏ متجرك،‏ او شركتك،‏ بكلفة بسيطة او دون كلفة»،‏ (‏بالانكليزية)‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة