-
نشل السلع من المتاجر — اثارة بريئة ام جريمة خطيرة؟استيقظ! ٢٠٠٥ | حزيران (يونيو) ٢٢
-
-
نشل السلع من المتاجر — اثارة بريئة ام جريمة خطيرة؟
تخيّل هذا المشهد. ينفتح باب متجر كبير فتدخل مراهقتان متأنقتان على آخر طراز، وتتوجهان عبر احد الممرات الى قسم مستحضرات التجميل. فيتبعهما احد رجال الامن، لكنه يبقى على بعد ١٠ امتار منهما. ومن هناك يراقب الفتاتين وهما تستعرضان اصابع احمر الشفاه والماسكرا، فيما يقف هو وقفة تحذير واضعا ذراعيه وراء ظهره.
ترمق الفتاتان الحارس بطرف اعينهما فيما يستمر هو في مراقبتهما، فتتأجج داخلهما مشاعر الاثارة. ثم تتوجه احداهما الى رف طلاء الاظافر وتختار قنينتين. وتبدو على وجهها امارات التردد وهي تتظاهر بأنها تقارن درجتين متقاربتين من اللون الاحمر. فتعيد القنينة الاولى الى مكانها لتمسك بأخرى لونها اغمق بقليل.
وما ان يشيح رجل الامن بنظره بعيدا عنهما في الاتجاه المعاكس حتى تدسّ الفتاتان اصابع احمر الشفاه وقناني طلاء الاظافر في حقيبتيهما. فتغلي قلوبهما من الداخل من شدة التوتر رغم محافظتهما على مظهر هادئ. وإذ تلازمان مكانهما دقائق اضافية، تتفحص احداهما نماذج الالوان الخاصة بطلاء الاظافر فيما تهتم الاخرى بأقلام كحل الحواجب.
تتبادل الفتاتان النظرات والايماءات وتتوجهان الى الجزء الامامي من المتجر. فيتنحى حارس الامن جانبا، فتبتسمان له. ثم تتوقفان قرب اكسسوارات الهواتف الخلوية المعروضة قبالة امين الصندوق مباشرة وتتأملان في السلع المعروضة. فتتهامسان بشأن بيوت الهواتف الخلوية، وتتوجهان نحو باب الخروج.
ومع كل خطوة تخطوانها، تتأجج مشاعرهما ويتفاقم التوتر الذي يختلط فيه الخوف بالاثارة. وما ان تجتازان عتبة باب المتجر حتى تنتابهما رغبة عارمة في الصراخ، لكنهما تكبتان مشاعرهما وتلزمان الصمت. وتصطبغ خدودهما بلون احمر يعجز اي احمر خدود عن مضاهاته. بعد قليل، تهدأ عاصفة الاثارة التي تجيش في داخلهما وتتنفسان الصعداء. فتبتعدان بخطى سريعة وهما لا تتمالكان انفسهما عن القهقهة، ولا تخطر لهما إلّا فكرة واحدة لا غير: ‹لقد نجونا بفعلتنا!›.
صحيح ان هذا السيناريو هو من نسج الخيال، لكنه مأخوذ للاسف من صميم الحياة. ففي الولايات المتحدة وحدها، تتعرض المتاجر لنشل السلع ملايين المرات كل يوم. وهذه الآفة مشكلة عالمية. وهي تسبب، كما سنرى، اضرارا فادحة. لكن معظم نشالي السلع من المتاجر قلما يكترثون بالضرر الذي يسببونه. حتى ان كثيرين ينشلون السلع رغم انهم يستطيعون دفع ثمنها. فلماذا يحدث ذلك؟
-
-
لماذا ينشل الناس السلع من المتاجر؟استيقظ! ٢٠٠٥ | حزيران (يونيو) ٢٢
-
-
لماذا ينشل الناس السلع من المتاجر؟
«لا اعتبر الامر سرقة، بل اعادة توزيع ضرورية جدا للموارد الاقتصادية». — كاهن من كنيسة انكلترا.
يخبرنا الفولكلور الانكليزي ان البطل الاسطوري روبن هود كان يسرق الاغنياء ويوزِّع على الفقراء. وعلى غرار روبن هود الذي اعتبر السرقة مبررة، يرى رجل الدين المقتبس منه اعلاه ان الفقر سبب شرعي يبيح السرقة. وهو يقول عن الذين ينشلون السلع من المتاجر: «اتعاطف معهم كل التعاطف، وأرى في الحقيقة انهم معذورون تماما». ويقترح ان تفتح المتاجر الكبيرة ابوابها يوما واحدا في السنة امام الفقراء ليأخذوا ما يحلو لهم دون ان يدفعوا.
لكنّ الفقر ليس دائما الدافع وراء النشل من المتاجر. ففي اليابان ألقى رجال الشرطة القبض على اثنين من زملائهم وهما متلبِّسان بالسرقة. وفي الولايات المتحدة، ضُبط عضو في مجلس ادارة احدى التعاونيات الغذائية اللانفعية وهو يسرق من التعاونية. وغالبا ما يعمد مراهقون جيوبهم ملأى بالمال الى نشل اشياء لا يحتاجون اليها. فما الذي يدفع هؤلاء الى ارتكاب هذه الجرائم؟
لذة السرقة
الاثارة، الخوف، القوة. على غرار الفتاتين المذكورتين في المقالة السابقة، يشعر البعض بلذة عارمة حين يسرقون، فينمو لديهم نهم لا يشبع لهذه الاحاسيس يجعلهم يعيدون الكرَّة مرة بعد اخرى. تقول احدى النساء بعدما سرقت للمرة الاولى: «شعرت بلذة كبيرة. لقد نجوت بفعلتي وكان الامر مثيرا للغاية!». وبعدما سرقت مرات عديدة، علّقت واصفة مشاعرها: «كنت اخجل من نفسي. ولكن في الوقت نفسه، كانت تتملّكني نشوة عارمة. كما كنت اشعر بحيوية لا توصف. وكلما سرقت ونجوت بفعلتي، احسست بقوة كبيرة في داخلي».
ويقول شاب يُدعى هكتور انه، بعدما توقف عن النشل من المتاجر، بقي طوال اشهر يشعر برغبة جامحة في السرقة.a «بقيَتْ هذه الرغبة تلاحقني، فبتّ كالمدمنين. وكنت كلما مررت امام واجهة متجر ورأيت مثلا جهاز راديو، اناجي نفسي قائلا: ‹ما اسهل نشل هذا الجهاز! لو انني استطيع فعل ذلك، لكنت نجحت دون ان يضبطني احد›».
ان بعض الذين ينشلون من المتاجر بدافع الشعور باللذة لا يحتاجون الى السلع التي يسرقونها. تذكر احدى الصحف الهندية: «يقول الاختصاصيون في علم النفس ان الاثارة الناجمة عن ارتكاب المحظور هي ما تدفع هؤلاء الناس. . . . حتى ان بعضهم يعيدون ما سرقوه الى مكانه».
اسباب اخرى
يعاني ملايين الناس من الكآبة. وفي بعض الاحيان، ينفِّس هؤلاء عن كآبتهم باتباع المسلك السيِّئ، فيقومون مثلا بنشل السلع من المتاجر.
فثمة فتاة في الـ ١٤ من العمر ترعرعت في كنف عائلة ميسورة الحال. رغم ذلك، كانت مشاعر اليأس تخيّم على هذه المراهقة مثل «غمامة سوداء». قالت: «لم استطع التخلص من هذا الشعور». فبدأت تتعاطى المخدِّرات وتتناول المشروبات الكحولية. وذات يوم ضُبطَت وهي تنشل من احد المتاجر. وفي وقت لاحق، حاولت الانتحار مرتين.
لذلك اذا ابتدأ حدث حسن السلوك بالنشل من المتاجر، يحسن بوالديه ان يأخذا بعين الاعتبار احتمال اصابة ولدهما باضطراب نفسي. قال ريتشارد ماكنزي، طبيب متخصص في صحة المراهقين: «اعتقد انه ينبغي اعتبار اي تصرف غير طبيعي يقوم به ولدك دليلا على اصابته بالكآبة الى ان يثبت العكس».
ويقوم بعض الاحداث بنشل السلع من المتاجر بسبب ضغط النظير، فتكون فعلتهم هذه، مثلا، ثمن انتمائهم الى شلة اصدقائهم. وقد يلجأ آخرون الى النشل ليبعدوا عنهم الضجر. اما نشالو المتاجر المحترفون فيعتمدون السرقة وسيلة لتأمين رزقهم. ومهما كان السبب، تُنشل يوميا من المتاجر بضائع تساوي ملايين الدولارات. ولا بد ان يدفع احد الثمن.
[الحاشية]
a جرى تغيير بعض الاسماء في سلسلة المقالات هذه.
[الاطار في الصفحة ٥]
هَوَس السرقة
تقول ماريا: «عانيت من مشكلة النشل منذ كنت مراهقة. وصارت رغبتي في النشل تتفاقم حتى بتّ اسرق كل يوم سلعا بقيمة ٥٠٠ دولار اميركي تقريبا.
«انا لا احب ان اسرق، لكن هنالك قوة داخلية تدفعني الى ذلك. اريد فعلا ان اتغير». ولأن هنالك شيئا اقوى منها يدفعها الى السرقة، تعتقد ماريا انها تعاني مشكلة هَوَس السرقة kleptomania.
ويشير تعبير «هَوَس السرقة» الى «عادة مرضية تتم بها السرقة بدون . . . طمع في مكسب مادي». وهذه العادة لا تُدرَج بين مشاكل الادمان المألوفة، بل يبدو انها تنبع من مشاكل عاطفية عميقة الجذور.
ورغم ان البعض يظنون خطأ ان كل من اعتاد السرقة يعاني هَوَس السرقة، يقول الاطباء ان الحالات الفعلية لهذا المرض نادرة. وبحسب جمعية الطب النفسي الاميركية، فإن اقل من ٥ في المئة من الذين ينشلون من المتاجر يعانون هذا الاضطراب. لذلك من الحكمة التروِّي قبل اعتبار الذين ينشلون من المتاجر مصابين بهَوَس السرقة. فربما تكون هنالك اسباب اخرى تدفع الشخص الى السرقة.
-
-
نشل السلع من المتاجر — من يدفع الثمن؟استيقظ! ٢٠٠٥ | حزيران (يونيو) ٢٢
-
-
نشل السلع من المتاجر — من يدفع الثمن؟
في اليابان ضبط صاحب احد المتاجر فتى متلبسا بالسرقة، فاستدعى رجال الشرطة. وحين وصلوا، حاول الفتى الهرب فلاحقوه. وفيما كان الفتى يجتاز سكة حديد، صدمه قطار فمات.
اثارت هذه الحادثة ضجة كبيرة في المنطقة جعلت البعض يلومون صاحب المتجر على استدعائه الشرطة. فأقفل الرجل متجره حتى هدأت العاصفة. وحين استأنف عمله اكتسح النشالون متجره من جديد. لكنّ المحنة التي واجهها جعلته يخاف مكافحة النشالين. فصار متجره مضغة سائغة لهم. ولم يمضِ وقت طويل حتى اقفل ابواب متجره نهائيا.
صحيح ان هذه المأساة لا تتكرر دائما، لكنها تعكس حقيقة مهمة: ان النشل يسبب اضرارا فادحة بطرائق عديدة ولأناس كثيرين. فلنتأمل في الكلفة العالية التي يسببها هذا الجرم.
المتاجر تدفع الثمن
في كل انحاء العالم، يكلّف نشل المتاجر اصحابها بلايين الدولارات سنويا. ويقدّر البعض ان الخسائر الناجمة عن هذا الجرم في الولايات المتحدة وحدها تتعدى الـ ٤٠ بليون دولار. فكم مؤسسة تجارية يمكنها ان تتحمل عبئها من هذا المبلغ؟ ان تجارا عديدين يعجزون عن مواجهة هذه المشكلة. فحين يكتسح النشالون رفوف متاجرهم، قد يذهب جنى عمرهم ادراج الرياح.
يقول لوك، صاحب متجر في مدينة نيويورك: «بالاضافة الى المنافسة، صار النشل مصدرا آخر يسبب لنا القلق. وأنا لا اعلم كم يمكن ان نصمد بعد». فهو لا يستطيع ان يتحمل كلفة جهاز مراقبة الكتروني. وهو يقول عن النشالين: «قد يكون النشال اي زبون من زبائني، حتى افضلهم».
يعتقد بعض النشالين ان امثال لوك لا يواجهون مشكلة خطيرة حقا، اذ يقولون: «ان هذه المتاجر تجني مبالغ كبيرة من المال. وما اسرقه منها تافه مقارنة بالارباح التي يجنونها». لكن هل ارباح البيع بالمفرق كبيرة حقا؟
يضيف بعض التجار ٣٠، ٤٠، او ٥٠ في المئة الى سعر الكلفة. لكن هذه النسبة ليست الربح الصافي. فهي تشمل بدل الايجار، الضرائب، اجور الموظفين والخدمات التي تحق لهم، صيانة البناء، تصليح الاجهزة، بواليص التأمين، الكهرباء، المياه، الوقود، فاتورة الهاتف، وأجهزة المراقبة. وبعد حسم جميع هذه النفقات، لا يبقى من الربح سوى ٢ او ٣ في المئة. لذلك حين يسرق احد ما من المتجر، يخسر التاجر فعليا جزءا من رزقه.
ماذا عن السرقات الصغيرة
تخيل ولدا صغيرا يتمشى مع امه في المتجر. وإذا به يتركها ويتوجه وحده الى رف الحلويات. فيفتح احدى العلب ويدسّ في جيبه لوحا من الشوكولاتة. فهل يُلحق هذا النوع من النشل الضرر بالتاجر؟
يرد في كراسة الحدّ من الجريمة — داخل الشركة وخارجها (بالانكليزية) الصادرة عن «ادارة مؤسسة الاعمال الصغيرة» في الولايات المتحدة: «لا تبدو سرقة الاشياء الرخيصة جرما خطيرا للص الذي ينشل قلما من هنا او آلة حاسبة من هناك. لكن بالنسبة الى المؤسسات التجارية الصغيرة التي تكافح من اجل البقاء، فإن هذا النوع من النشل من شأنه ان يقضي عليها». ولأن هامش الربح صغير جدا، ينبغي ان يبيع التاجر كل يوم كمية اضافية من ٩٠٠ لوح شوكولاتة او ٣٨٠ علبة حساء من اجل تغطية خسارة سنوية قدرها ٠٠٠,١ دولار من جراء النشل. وهكذا يكون الضرر الذي يلحق بتجارته فادحا اذا عمد العديد من الاولاد الصغار الى سرقة ألواح شوكولاتة وما شابهها. وهنا تكمن المشكلة.
فعشرات ملايين الاشخاص، كبارا وصغارا، فقراء وأغنياء، من كل العروق والخلفيات، ينشلون من المتاجر. وبأية نتيجة؟ يخبر المجلس الوطني الاميركي لمنع الجريمة ان ثلث المؤسسات التجارية تقريبا في الولايات المتحدة تضطر الى اقفال ابوابها نهائيا بسبب السرقة. ولا شك ان المؤسسات التجارية في البلدان الاخرى ايضا تواجه الخطر نفسه.
الزبون يدفع الثمن
حين يسرق الناس من المتاجر، ترتفع اسعار السلع. لذلك يتكبد المستهلك في بعض المناطق نحو ٣٠٠ دولار اميركي كل سنة بسبب ارتفاع الاسعار الناجم عن النشل. ويعني ذلك انك اذا كنت تكسب ٦٠ دولارا اميركيا في اليوم، يذهب اجر اسبوع من عملك ادراج الرياح كل سنة لتغطية كلفة ما يسرقه الآخرون. فهل يمكنك ان تتحمل هذا العبء؟ ان خسارة دخل اسبوع بهذه الطريقة تشكل كارثة لمتقاعد لا يملك سوى معاشه، او لأم متوحدة تكافح لإعالة عائلتها. لكنّ الامر لا ينتهي عند هذا الحد.
فحين يفلس احد المحلات التجارية القريبة من بيتك ويقفل ابوابه نهائيا، يمكن ان تتأثر المنطقة بكاملها في الجوار. يخبر احد التقارير ان ثمة صيدلية في حي اميركي اقفلت ابوابها نهائيا بسبب النشل، فاضطر مسنون ومقعدون عديدون الى قطع مسافة تتعدى الكيلومترين ليصلوا الى صيدلية اخرى. قال احد المسؤولين في المنطقة: «هل يمكنك ان تتخيل صعوبة التنقل لمَن هو سجين كرسي متحرك؟».
الوالدون يدفعون الثمن باهظا
بروس رجل يتحلى بمبادئ اخلاقية عالية ويعلم اولاده ان يكونوا مستقيمين. لكن ذات يوم ضُبطت ابنته وهي تنشل من احد المتاجر. يقول: «تملَّكني حزن شديد. تخيل نفسك تتلقى مكالمة هاتفية تخبرك بأن ابنتك ضُبطت متلبِّسة بالسرقة. لقد قضينا سنوات نربيها لتكون فتاة صالحة، وها نحن نتلقى هذا الخبر! لم نفكر قط انها ستتمرد بهذه الطريقة».
بعد هذا الحادث، وقع بروس فريسة القلق على ابنته ومصيرها. فضلا عن ذلك، تنحّى عن مسؤوليته كمتطوع في مجال التعليم الديني. وعبّر قائلا: «كيف لي ان انظر الى الحضور وأنا على المنبر؟ كيف يمكنني ان اعلمهم بضمير صالح عن تربية الاولاد؟ لم اعد اشعر انني استحق هذه المسؤولية». أفما كان حريًّا بابنته ان تفكِّر اكثر في ما سيؤول عليه حال ابيها ان هي سرقت؟
النشالون يدفعون الثمن
في ما مضى كان اصحاب المتاجر، اذا ما ضبطوا احدا يسرق، يوجهون اليه انذارا ويطلقون سراحه. اما اليوم فيمكن ان يتصل التاجر بالشرطة لتوقيف السارق حتى من المرة الاولى. عندئذ يدرك السارقون العواقب الخطيرة للجرم الذي ارتكبوه. وهذا ما اكتشفته شابة تدعى ناتالي.
قالت ناتالي: «كنت كلما سرقت ازدادت ثقتي بنفسي. وتصورت انه حتى لو تم توقيفي، فلن تكلفني نفقات المحامي والمحكمة اكثر من المبلغ الذي كنت سأدفعه لشراء جميع الثياب الباهظة الثمن التي سرقتُها». لكن ناتالي كانت على خطإ.
فقد ضُبطت وهي تسرق فستانا، واقتيدت الى مركز الشرطة مكبَّلة اليدين. وهناك أُخذت بصماتها وزُجَّت في زنزانة مع مجرمات اخريات، حيث امضت ساعات طويلة تنتظر ريثما تدبّر ابواها امر اخراجها بكفالة.
تقول ناتالي لكل من يفكر في السرقة: «اِقبل نصيحتي، واشترِ ذلك الفستان او بنطلون الجينز؛ فالامر لا يستحق كل هذه المعاناة». اما اذا كنت مصمما على السرقة، فهي تقول لك: «ستندم على ذلك مدى حياتك».
وأحد اسباب الندم هو السجل الاجرامي الذي يتأتى عن الجريمة. فقد يجد النشالون الذين حُكم عليهم ان جرمهم بكل اسف لن يطويه النسيان، بل سيلاحقهم كظلهم. ففي بعض البلدان، يُضطر النشال الى التصريح بجرمه قبل الدخول الى الجامعة. وقد يُحرم من ممارسة مهن معينة مثل الطب، طب الاسنان، او الهندسة. كما ان شركات عديدة قد تتردد كثيرا في قبوله موظفا عندها. وقد تنشأ هذه المشاكل حتى بعدما ينهي عقوبته ويتوقف عن السرقة.
من جهة اخرى، يمكن ان يكون النشل مكلفا حتى لو لم يُحكم على الجاني. وقد لمس صحة هذا الامر هكتور المذكور سابقا في سلسلة المقالات هذه. يقول: «لطالما نجوت بفعلتي. لم أُضبط مرة متلبِّسا». رغم ذلك كان عليه ان يدفع الثمن. يقول متأملا في تجربته الخاصة: «ثمة امر ينبغي ان يفهمه الاحداث: اننا نحصد ما نزرع. حتى لو لم تعتقلك الشرطة، فسيلازمك عبء الذنب في ما فعلته طوال حياتك».
ان نشل السلع من المتاجر ليس جرما بسيطا بلا ضحايا، والسلع التي تُنشل ليست دون ثمن. لذلك يحسن بكل من هو متورط في السرقة بأن يتوقف عنها نهائيا. لكن كيف يمكن ان يجد النشال القوة ليتوقف نهائيا عن السرقة؟ وهل تُستأصل هذه الجريمة يوما؟
-
-
التوقف عن النشل من المتاجراستيقظ! ٢٠٠٥ | حزيران (يونيو) ٢٢
-
-
التوقف عن النشل من المتاجر
«ليست السرقة مشكلتك انت وحدك، بل هي مشكلة كامل المجتمع. والكل يستفيد بوضع حدّ للسرقة».— «دليل كل بائع بالمفرَّق الى الحدّ من الخسارة»، (بالانكليزية).
ان نشل المتاجر، مثل غيره من الممارسات السيئة، يمكن ان يؤثر في تفكير الشخص ويدفعه الى تبرير ذاته. لذلك، مثلما يقوم البستاني باستئصال الاعشاب الضارة من جذورها، على الذين يرغبون في التوقف عن نشل السلع من المتاجر ان يستأصلوا التفكير السيِّئ من جذوره. فالكتاب المقدس ينصحهم في روما ١٢:٢ ان ‹يغيّروا اذهانهم›. وفي ١ بطرس ١:١٤، يحثهم قائلا: «كفوا عن مشاكلة الشهوات التي كانت لكم سابقا». والنقاط الخمس التالية يمكن ان تساعد النشال ان يغير طريقة تفكيره بشأن السرقة.a
سبل تساعد على تقويم التفكير
▪ اولا، يُعتبر نشل المتاجر خرقا للقانون. حتى لو كانت السرقة شيئا مألوفا في المجتمع الذي يعيش فيه السارق، ونجا بأفعاله، فهو في مطلق الاحوال ينتهك القانون. — روما ١٣:١.
وماذا يحدث حين ينتهك كثيرون القانون؟ عندئذ «تجمد الشريعة»، كما يقول الكتاب المقدس. (حبقوق ١:٣، ٤) وبمعنى آخر، يفقد القانون قوته الرادعة التي تعمل على حفظ النظام، فتعمّ الفوضى. فكلما حدثت سرقة، ضعفت اساسات المجتمع الذي يحرص على تطبيق القوانين. وحين يحدث ذلك، يعاني الجميع.
▪ ثانيا، يؤدي نشل المتاجر الى انعدام الثقة. وعدم الاستقامة هذا يزعزع العلاقات البشرية، مما يصعّب على الناس ان يتفاهموا او يكونوا منصفين في الحكم واحدهم على الآخر. — امثال ١٦:٢٨.
قالت صاحبة متجر ثياب بعدما اوصلها اللصوص الى الافلاس: «غلطتي الكبرى هي انني اثق كثيرا بالآخرين». لقد كانت تثق بأن زبائنها وموظفيها لن يسرقوها ابدا. لكنها تشعر الآن ان ثقتها لم تكن في محلها.
ان الكاذب تتشوه صورته هو وحده امام من كذب عليه، اما الذي ينشل من المتاجر فيتسبَّب بإلقاء الشبهات على كل من يدخل الى المخزن بعده. فيصبح الناس الصادقون والنزهاء موضع اتهام. فهل يحق لأحد ان يفعل ذلك؟
▪ ثالثا، يمكن ان تؤدي ممارسة النشل الى جرائم اخطر. فمع الوقت، قد يتجرأ النشالون على القيام بمجازفات اكبر. — ٢ تيموثاوس ٣:١٣.
القضاء التام على النشل من المتاجر
▪ رابعا، وهو الاهم، ان الذي يمارس النشل يعصي على اللّٰه الكلي القدرة. فكلمته تأمر السارق ‹ألّا يسرق في ما بعد›، وتحذر من الدينونة التي ستنزل بالذين يقاومون اللّٰه. (افسس ٤:٢٨؛ مزمور ٣٧:٩، ١٧، ٢٠) لكنّ السارقين الذين يغيّرون مسلكهم يمنحهم يهوه الغفران. فيستطيعون بالتالي ايجاد السلام مع اللّٰه. — امثال ١:٣٣.
▪ خامسا، مثل كل الجرائم، سيصبح النشل من المتاجر قريبا امرا من الماضي. فعندما يبسط ملكوت اللّٰه حكمه على الارض بكاملها كما يعد الكتاب المقدس، سيعامل الناس بعضهم بعضا بنزاهة وصدق. وهكذا، ستزول العواقب الوخيمة للنشل نهائيا. — امثال ٢:٢١، ٢٢؛ ميخا ٤:٤.
[الحاشية]
a رغم ان الذي ينشل السلع من المتاجر يُشار اليه بصيغة المذكر، فالمبادئ المذكورة هنا تنطبق على كل النشالين، ذكورا كانوا ام اناثا.
[الاطار/الصورة في الصفحة ١٠]
تدابير لضبط السرقة بكلفة بسيطة
قد لا تتحمل بعض المؤسسات التجارية الصغيرة الكلفة الباهظة لأجهزة المراقبة. لكن ذلك لا يعني ان لا حول ولا قوة لهم في مواجهة النشالين. فغالبا ما تتمكن هذه المؤسسات من حماية سلعها باتخاذ بعض الاجراءات البسيطة.
في مطبوعة وضعها التحريان مايكل برو وديريك براون، يجري التشديد على اهمية مراقبة الزبائن: «راقب الجميع. . . . فأنت وموظفو المبيعات لديك تشكلون خط الدفاع الرئيسي». وهما يقترحان مخاطبة شخص مشتبه فيه بالاسلوب التالي: «هل وجدت ما تبحث عنه؟ من فضلك، اتركه عند امين الصندوق لتدفع ثمنه قبل ان تذهب»، او «هل اوضّب لك الغرض؟»، او «هل مقاس الكنزة يناسبك؟»، او «هل آتيك بسلة؟». يقول التحريان: «بهذه الطريقة، يعرف الزبائن الحقيقيون، واللصوص ايضا، انكم تلاحظون ما يجري حولكم وأن امر الزبائن يهمكم».
وعن اهمية الترتيب، يقولان: «أبقِ الرفوف مليئة بالسلع ومرتبة. والانتباه الدائم للسلع المعروضة يجعلك مطَّلعا باستمرار على البضاعة الموجودة. وكلما كانت المعروضات مرتبة، سهُل عليك ان تعرف اذا سُرق منها شيء او أُزيح من مكانه». — دليل كل بائع بالمفرَّق الى الحدّ من الخسارة.
ويقدّم التحري راسل بنتلِف الاقتراح التالي: «ان الممرات الخالية من العوائق والرفوف الملآنة تسهِّل على الموظفين مراقبة تحركات الزبائن. فبالسير عبر ممر شوهد فيه احد المشبوهين، يمكن ان يحدّد الموظف السلعة الناقصة عن الرفوف ثم يتظاهر بأنه يتحقق من مخزون البضائع، ويرى محتويات سلة او عربة الزبون. . . . بهذه الطريقة سيدرك النشالون انهم تحت الانظار، في حين لن يخطر على بال الزبائن الصادقين البتة ان الموظف يراقبهم». وعن تصميم الممرات، يقول: «ينبغي ان يكون الممر مصمما بشكل يتيح [لصاحب المتجر] وللموظفين مراقبة الزبائن». — «حصِّن مؤسستك من الجريمة: ٣٠١ طريقة لحماية مكتبك، متجرك، او شركتك، بكلفة بسيطة او دون كلفة»، (بالانكليزية).
-