-
لمحة عن سيراليون وغينياالكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
لمحة عن سيراليون وغينيا
اليابسة: يتميز هذان البلدان بالمستنقعات الساحلية، مراعي السافانا، الهضاب الزراعية، والجبال الداخلية الشاهقة. وينبع من غينيا ثلاثة من انهر افريقيا الغربية الرئيسية: نهر غامبيا، نهر السنغال، ونهر النيجر.
الشعب: تُعد قبيلتا المندي والتمن من اكبر قبائل سيراليون المحلية التي يبلغ عددها ثماني عشرة. ويعيش الكريوليون، المتحدرون من الرقيق الافارقة المحررين، بصورة رئيسية في مدينة فريتاون وضواحيها. اما غينيا، فتحوي اكثر من ٣٠ مجموعة عرقية. وتُعتبر قبائل السوسو والفولاني والماندينغو من اكبرها.a
الديانة: نحو ٦٠ في المئة من سكان سيراليون مسلمون، فيما تزعم الاغلبية الباقية انهم مسيحيون. ويدين حوالي ٩٠ في المئة من سكان غينيا بالاسلام. كما يمارس معظم الناس في البلدين ديانات افريقية تقليدية.
اللغة: لكل فئة إثنية لغتها. لكنّ الكريو هي اللغة المشتركة في سيراليون، وهي مزيج من الانكليزية واللغات الاوروبية والافريقية. اما اللغة الرسمية في غينيا فهي الفرنسية. ومن الجدير بالذكر ان ٦٠ في المئة تقريبا من سكان البلدين اميون.
سبل العيش: يعيش معظم السكان من الزراعة. ويشكّل الالماس المستخرج من الطمي حوالي نصف ايرادات الصادرات في سيراليون. فيما تملك غينيا احد اكبر احتياطيات البوكسيت في العالم.
الطعام: من الشائع ان تبلغ مسمعك العبارة: «لم آكل شيئا ما لم آكل الارزّ». وغالبا ما يتناول الناس الفوفو، وهو عبارة عن منيهوت مسلوق يُسحن حتى يشكّل عجينة متماسكة، ويقدَّم مع اللحم والبامية والصلصة الحامضة.
المناخ: حار ورطب على الساحل. وتنخفض درجات الحرارة على المرتفعات. اما في فصل الجفاف، فتهب لعدة ايام رياح صحراوية لافحة تُدعى حرْمتان، متسببة في انخفاض درجات الحرارة ومغطية المنطقة بالغبار.
a بعض القبائل لها اكثر من اسم.
سيراليون
غينيا
المساحة (بالكيلومترات المربعة)
٧٤٠,٧١
٨٥٧,٢٤٥
عدد السكان
٠٠٠,٠٩٢,٦
٠٠٠,٧٤٥,١١
عدد الناشرين سنة ٢٠١٣
٠٣٩,٢
٧٤٨
النسبة: ناشر واحد الى
٩٨٨,٢
٧٠٢,١٥
حضور الذِّكرى سنة ٢٠١٣
٢٩٧,٨
٦٠٩,٣
-
-
١٩١٥-١٩٤٧ التاريخ الباكر (الجزء ١)الكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
١٩١٥-١٩٤٧ التاريخ الباكر (الجزء ١)
بزوغ نور الحق
وصلت البشارة الى سيراليون عام ١٩١٥ عندما عاد بعض سكانها من انكلترا حاملين معهم مطبوعات مؤسسة على الكتاب المقدس. ولكن حوالي شهر تموز (يوليو) من تلك السنة، اتى اول شاهد معتمد الى فريتاون، واسمه ألفرد جوزيف. كان بعمر ٣١ سنة، وهو اصلا من غويانا بأميركا الجنوبية. اعتمد ألفرد في اوائل تلك السنة في باربادوس بجزر الهند الغربية، وجاء الى فريتاون ليعمل كمهندس قاطرات بموجب عقد عمل. واستقر في مجمَّع السكة الحديدية في بلدة كلاين التي تبعد نحو ٢,٣ كلم عن شجرة القابوق المشهورة في فريتاون. وعلى الفور راح يخبر زملاءه برسالة الكتاب المقدس.
في السنة التالية، انضم اليه زميل سابق في العمل من باربادوس اسمه ليونارد بلاكمان. وكانت ام ليونارد، إلفيرا هْيُووِت، مَن عرَّف ألفرد بالحق. مكث ليونارد في مسكن متاخم لمسكن ألفرد، فاجتمعا بانتظام لمناقشة الكتاب المقدس. كما وزَّعا المطبوعات على اصدقائهما وعلى آخرين ممن اهتموا برسالة الملكوت.
وجد هذان الشاهدان ان حقول فريتاون «قد ابيضَّت للحصاد». (يو ٤:٣٥) لذلك بعث ألفرد سنة ١٩٢٣ رسالة الى المركز الرئيسي العالمي في نيويورك يقول فيها: «كثيرون هنا مهتمون بالكتاب المقدس. فهلا ترسلون احدا لمساعدتهم ولدعم نموّ عمل الكرازة في سيراليون؟». فأتى الردُّ بالايجاب.
وليم «بايبل» براون وزوجته أنطونيا
روى ألفرد: «بعد عدة اشهر، تلقيت ذات سبت في وقت متأخر من الليل اتصالا هاتفيا لم اتوقعه.
«سأل المتصل: ‹هل انت مَن بعث رسالة الى جمعية برج المراقبة تطلب فيها كارزين؟›.
«فأجبت: ‹اجل انا هو›.
«عندئذ قال بنبرة قوية: ‹لقد ارسلوني انا›.
«كان المتصل وليم ر. براون. فهو وزوجته أنطونيا وابنتهما الصغيرة وصلوا الى البلد ذلك اليوم ونزلوا في فندق غينفورد.
«وفي الصباح التالي مباشرة، فيما كنا انا وليونارد نعقد درسنا الاسبوعي في الكتاب المقدس، ظهر عند المدخل رجل مهيب الطلعة هو وليم ر. براون. وقد اراد من شدة غيرته للحق ان يلقي محاضرة عامة في اليوم التالي. فاستأجرنا في الحال اكبر قاعة في فريتاون، قاعة ويلبرفورس التذكارية، ورتَّبنا ان تُلقى اولى المحاضرات العامة الاربع في امسية يوم الخميس التالي.
«انهمك فريقنا الصغير في الاعلان عن المحاضرات باستخدام الصحف وأوراق الدعوة وإخبار الناس شخصيا. صحيح اننا تساءلنا كيف سيتجاوب الناس مع الدعوة، ولكن لم يكن من داع الى القلق. فقد اكتظت القاعة بنحو ٥٠٠ شخص، بينهم رجال دين كثيرون من فريتاون. ففاض قلبنا فرحا لدى رؤية هذه الاعداد».
دام خطاب الاخ براون ساعة، واقتبس فيه آيات كثيرة من الكتاب المقدس، مستخدما آلة عرض الصور المنزلقة لإظهار الآيات على شاشة. كما اعلن تكرارا: «ليس براون مَن يقول، وإنما الكتاب المقدس يقول». فأدهش خطابه الحضور بحيث راحوا يصفقون بعد كل فكرة يذكرها. ولكن ما اثَّر فيهم لم يكن بلاغته وحماسته، بل البراهين القاطعة التي قدمها من الاسفار المقدسة. صرَّح طالب في اللاهوت كان حاضرا: «السيد براون يعرف كتابه المقدس حق المعرفة!».
١٩٣٠
احدثت محاضرات الاخ براون ضجة كبيرة في المدينة، ما جعل الناس يتقاطرون لسماعها. فيوم الاحد التالي، غصّت ايضا القاعة بالحضور لسماع الخطاب «الى الهاوية ومنها! مَن هم هناك؟». والحقائق الدامغة التي قدمها تلك الليلة دفعت حتى مرتادي الكنائس المعروفين الى الاستقالة من كنائسهم.
اما المحاضرة الرابعة والاخيرة في السلسلة فكانت بعنوان «ملايين من الاحياء الآن لن يموتوا ابدا». وقد اجتذبت حشدا كبيرا من الناس بحيث قال لاحقا احد سكان فريتاون: «اضطرت الكنائس الى إلغاء قداس المساء، لأن كل رعاياها كانوا يحضرون محاضرة الاخ براون».
دعا الناس هذا الاخ الغيور «بايبل» براون لأنه استخدم الكتاب المقدس دائما، مشيرا الى انه المرجع النهائي والحاسم. وصار معروفا بهذا اللقب في كل افريقيا الغربية. وهو نفسه استخدم هذا الاسم بكل اعتزاز حتى نهاية مسلكه الارضي.
-
-
١٩١٥-١٩٤٧ التاريخ الباكر (الجزء ٢)الكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
١٩١٥-١٩٤٧ التاريخ الباكر (الجزء ٢)
مواجهة المجالدين
عندما رأى رجال الدين في فريتاون ان رعيتهم تستمتع بمحاضرات الاخ براون، امتلأوا غيرة وغيظا. ذكرت برج المراقبة عدد ١٥ كانون الاول (ديسمبر) ١٩٢٣: «بدأ الكهنة يهاجمون الحق عن طريق الصحافة، والاخ براون يردُّ عليهم دائما. والصحف تنشر قول الفريقين». وفي النهاية، لزم رجال الدين الصمت. فقد انكشفت بوضوح حججهم الباطلة. وهكذا انتشرت حقائق الاسفار المقدسة في انحاء كثيرة، فاندفع العديد من قراء الصحف الى طلب مطبوعات الكتاب المقدس. صحيح ان رجال الدين خططوا لإسكات شعب اللّٰه، لكنَّ يهوه «ردَّ عليهم» اعمالَهم الشريرة. — مز ٩٤:٢١-٢٣.
عندئذ هبّت للدفاع عن رجال الدين مجموعة من شبيبة الكنيسة تُعرف باسم «المجالدون». فأعلنوا انهم سيعقدون سلسلة من الاجتماعات العامة للقضاء على «الرَّصلية»، حسبما سمّوا رسالة الملكوت. فتحدَّاهم الاخ براون علانية في الصحيفة اليومية ودعاهم الى اجراء سلسلة من المناظرات. لكنهم رفضوا التحدي، وأنَّبوا رئيس التحرير الذي نشر هذه الدعوة. كما انهم منعوا الاخ براون من حضور اجتماعاتهم، لذلك حضرها ألفرد جوزيف عوضا عنه.
عُقدت الاجتماعات في مُصَلَّى باكستون التذكاري، كنيسة منهجية في فريتاون يجلّها الناس. ذكر ألفرد: «اثناء فترة الاسئلة والاجوبة، سألت عن قانون الايمان الانغليكاني وعقيدة الثالوث وعدة تعاليم اخرى غير مؤسسة على الاسفار المقدسة. وبعد ذلك لم يعد عريف الجلسة يأذن لي ان اطرح اية اسئلة اضافية».
وكان بين المجالدين تلك الليلة شاب يُدعى ملبورن غاربر حضر سابقا خطابات «بايبل» براون. وهو في الواقع طالب اللاهوت الشاب الذي صرَّح: «السيد براون يعرف كتابه المقدس حق المعرفة!». فبعد ان تفحص مليًّا ما سمعه اقتنع انه وجد الحق. لذلك طلب درسا في الكتاب المقدس من الاخ براون. فدعاه براون الى حضور درس برج المراقبة الاسبوعي في منزله. وأحرز غاربر تقدما روحيا سريعا رغم ان عائلته تبرَّأت منه. وبعد وقت قصير اعتمد هو وآخرون غيره.
ان جهود الشيطان لإيقاف عمل الكرازة في بدايته باءت كلها بالفشل. وكما قال رئيس بلدية فريتاون للمجالدين: «إن كان هذا عمل انسان فسوف يُبطل، ولكن إن كان عمل اللّٰه فلن تتمكنوا من ايقافه». — اع ٥:٣٨، ٣٩.
دين آل براون
في اوائل ايار (مايو) ١٩٢٣، أرسل الاخ براون برقية الى مكتب فرع لندن يطلب فيها المزيد من المطبوعات. فوصلت سريعا شحنة من ٠٠٠,٥ كتاب، ثم تلتها شحنات اخرى. وفي هذه الاثناء، واصل براون عقد اجتماعات عامة جذبت آلاف المهتمين الى الحق.
وفي اواخر تلك السنة، اخبرت مجلة برج المراقبة: «يزداد العمل [في سيراليون] بسرعة كبيرة بحيث ان الاخ براون يطلب ان يُرسَل مساعِد له. وكلود براون الذي عاش في وينِّيبيغ، وهو اصلا من جزر الهند الغربية، في طريقه الى هناك».
كان كلود براون كارزا بالبشارة ممتحنا وموثوقا به. فخلال الحرب العالمية الاولى احتمل المعاملة القاسية في السجون الكندية والانكليزية بسبب محافظته على الحياد المسيحي. وخدم في سيراليون اربع سنوات مشجِّعا ومشدِّدا الاخوة والاخوات هناك.
قالت الاخت بولين كول: «قبل ان اعتمد عام ١٩٢٥، اجرى لي الاخ كلود فحصا دقيقا.
«فسألني: ‹هل تفهمين يا اخت بولين ما تتعلمينه من دروس في الاسفار المقدسة؟ فنحن لا نريد ان تنجرفي بعيدا عن الحق لأنك لم تفهمي تعاليم الكتاب المقدس›.
«اجبت: ‹راجعت يا اخ كلود ما تعلمته مرات عديدة. وأنا واثقة من قراري›».
بولين كول
وقد خدمت بولين يهوه اكثر من ٦٠ سنة، معظمها كفاتحة خصوصية، حتى نهاية مسلكها الارضي عام ١٩٨٨.
ادرك وليم «بايبل» براون ايضا اهمية مساعدة الآخرين على تنمية عادات روحية جيدة. روى ألفرد جوزيف: «اعتاد الاخ براون ان يسألني حين يلتقيني في وقت باكر من النهار: ‹ما هي آية الكتاب المقدس لهذا اليوم؟›. فإذا ما عرفت الجواب، شدَّد لي على ضرورة معرفة الآية كل يوم من كتاب المن اليومي. [يُدعى اليوم فاحصين الاسفار المقدسة يوميا.] لذا كنت في الصباح التالي اقرأ الآية اليومية فور نهوضي من النوم كي لا يفاجئني بسؤاله عنها. في البداية لم اقدِّر كاملا التدريب الثمين الذي تلقيته منه، لكنني لاحقا ادركت مدى اهميته».
أسفر كل هذا التدريب عن نتائج رائعة. فخلال العام ١٩٢٣، تأسست جماعة في فريتاون واعتمد ١٤ شخصا. وكان جورج براون احد هؤلاء الاخوة الجدد. وهكذا اصبح في الجماعة ثلاث عائلات تحمل الاسم الاخير «براون». والنشاط الغيور لهذه العائلات الثلاث جعل كثيرين من سكان فريتاون يدعون تلاميذ الكتاب المقدس دين «آل براون».
-
-
١٩١٥-١٩٤٧ التاريخ الباكر (الجزء ٣)الكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
١٩١٥-١٩٤٧ التاريخ الباكر (الجزء ٣)
الكرازة في الاقاليم والبلدان المجاورة
اتقدت جماعة فريتاون غيرة للحق، فأصبحت «اكثر انشغالا بالكلمة». (اع ١٨:٥) روى ألفرد جوزيف: «غالبا ما كنت اربط صندوقا كرتونيا يحتوي مطبوعات مؤسسة على الكتاب المقدس الى دراجتي النارية الكبيرة من طراز نورتون. ثم استقلها واصطحب معي الاخ توماس او سيلفستر غرانت ونتوجه الى الارياف والبلدات الصغيرة الواقعة حول فريتاون من اجل جمع المؤيِّدين، كما دعونا تجوالنا هذا».
حتى عام ١٩٢٧، اقتصر نطاق الكرازة في معظم الاحيان على فريتاون وضواحيها، في منطقة دُعيت ذا كولوني (المستعمرة). ولكن ابتداء من سنة ١٩٢٨، اخذت الجماعة تستأجر باصا كل سنة قبل بدء موسم الامطار لتذهب الى الاقاليم. والذين لم يسعهم الذهاب، ساهموا في تمويل الرحلات التي اخذ القيادة فيها ملبورن غاربر. وقد كرزت هذه الفرق في البلدات والقرى شرقا الى كايلاهون وجنوبا الى المناطق القريبة من الحدود الليبيرية. وكانوا في اول احد من كل شهر يعودون اليها لتنمية الاهتمام الذي وجدوه.
نحو هذا الوقت، زار الاخ براون جزر الهند الغربية وعاد الى سيراليون مُحضرا سيارة معه. وكانت تلك من اوائل السيارات التي دخلت البلد. وقد زُوِّدت بجهاز صوت قوي مصمَّم للشهادة العلنية. فراح الاخ براون يركنها في باحة عامة ويشغِّل موسيقى حماسية لجذب الناس، ثم يلقي خطابا قصيرا او يُسمِع الموجودين محاضرة مسجَّلة ويدعوهم الى الحصول على مطبوعات الكتاب المقدس. وكانت هذه «السيارة الناطقة»، كما دُعيت آنذاك، ظاهرة مثيرة تهافت الناس للاستماع اليها.
الشهادة بجرأة
بعدئذ حوَّل الاخ براون اهتمامه الى مقاطعة لم يطأها الشهود قط، وهي بلدان افريقيا الغربية الاخرى التي تتكلم الانكليزية. فباشر في اواخر العشرينات بسلسلة رحلات كرازية الى غامبيا وغانا وليبيريا ونيجيريا. ووجد اشخاصا مهتمين في كل منها، لكنّ نيجيريا تميزت عن غيرها. لذلك انتقل هو وعائلته عام ١٩٣٠ من فريتاون الى لاغوس. ومن هناك استمر يشرف على عمل الملكوت في افريقيا الغربية.
يخدم يهوه الآن اكثر من ٠٠٠,٥٠٠ شاهد في افريقيا الغربية
عام ١٩٥٠، اجبرته صحته الرديئة ان يعود الى جامايكا، إلا انه ترك وراءه إرثا رائعا. فعلى مرّ ٢٧ سنة، رأى هو وزوجته عدد الشهود يزداد في افريقيا الغربية من ٢ الى اكثر من ٠٠٠,١١. لقد شاهدا حرفيا اتمام نبوة اشعيا: «الصغير يصير ألفا، والحقير امة قوية». (اش ٦٠:٢٢) واليوم، بعد اكثر من ٦٠ سنة، تخدم يهوه في افريقيا الغربية «امة قوية» يزيد عددها على ٠٠٠,٥٠٠ شاهد.
الثبات تحت الحظر
عندما خيَّم شبح الحرب العالمية الثانية على افريقيا، اتخذ شعب يهوه في سيراليون موقف الحياد المسيحي. (مي ٤:٣؛ يو ١٨:٣٦) فاعتبرت السلطات البريطانية خطأ انهم يسعون الى الاطاحة بالنظام. لذا راقبت نشاطاتهم وحظرت مطبوعاتهم. وقد صادر رسميو الجمارك في فريتاون احدى شحنات المطبوعات وأحرقوها. حتى ان الشرطة اعتقلت بعض الاخوة لامتلاكهم مطبوعات محظورة، لكنها اطلقت سراحهم سريعا.a
بالرغم من الحظر، واصل الشهود عملهم الكرازي. اوضحت بولين كول: «تزوَّدنا دائما بنسخ برج المراقبة من اخ عمل مضيفا على متن سفينة رست بانتظام في فريتاون. فرُحنا نطبعها على الآلة الكاتبة لإنتاج نسخ اضافية نستخدمها في الاجتماعات. كما طبعنا كراريس تتناول مواضيع مختلفة من الكتاب المقدس ووزعناها على الناس. واستمر الاخوة يلقون الخطابات العامة ويشغِّلون تسجيلات محاضرات للاخ رذرفورد بثت على الراديو، وخصوصا في القرى النائية».
من الواضح ان هذه الجهود حظيت ببركة يهوه. ذكر جيمس جاريت الذي خدم فترة طويلة كشيخ وفاتح خصوصي: «كنت اعمل اثناء الحرب في قطع الحجارة حين قبلت من اخت مسنة كراس اللاجئون. فعنوانه اثار اهتمامي لأن لاجئين كثيرين نزلوا في فريتاون. وحين قرأته تلك الليلة ادركت على الفور اني وجدت الحق. لذلك بحثت عن الاخت في الصباح التالي حتى وجدتها. فأخذت منها نسخا اضافية لإخوتي الثلاثة. واعتنقنا نحن الاربعة الحق».
عندما وضعت الحرب اوزارها عام ١٩٤٥، كان عدد الناشرين في جماعة فريتاون ٣٢ شخصا. وقد حافظ هؤلاء على استقامتهم ونشاطهم الروحي، وكانوا مستعدين وتواقين الى المضي قدما.
حملة اجتماعات عامة
في ٢٩ آب (اغسطس) ١٩٤٥، ناقشت جماعة فريتاون في اجتماع الخدمة الاسبوعي موضوع القيام بحملة جديدة كان قد أُعلن عنها في عدد كانون الاول (ديسمبر) ١٩٤٤ من المخبر (تُدعى الآن خدمتنا للملكوت). تضمنت الحملة ان تعلن كل جماعة عن سلسلة من اربعة اجتماعات عامة وأن تعقدها في «كل مدينة وبلدة وقرية» تقع ضمن مقاطعتها. وفي كل اجتماع يقدِّم اخ (لا يقل عمره عن ١٨ سنة) اظهر كفاءة في مدرسة الخدمة الثيوقراطية خطابا مدته ساعة. وبعد عقد الاجتماعات الاربعة، ينظِّم الاخوة فرقا لدرس الكتاب المقدس بهدف مساعدة المهتمين في كل من تلك المناطق.
فكيف تفاعل الناشرون مع هذا الارشاد الجديد؟ تُظهر الملاحظات المأخوذة من اجتماع الخدمة لجماعة فريتاون التعليقات التالية:
العريف: «برأيكم، هل نستطيع ان نقوم بهذه الحملة الجديدة؟».
الاخ الاول: «لا ينبغي ان نتوقع ان تلقى النجاح نفسه الذي لقيته في اميركا. فالناس هنا مختلفون».
الاخ الثاني: «اوافقه الرأي».
الاخ الثالث: «لمَ لا نجرِّبها؟».
الاخ الرابع: «ولكن ستواجهنا صعوبات».
الاخ الخامس: «رغم ذلك يجب ان نتبع ارشاد هيئة يهوه».
الاخ السادس: «لكن الظروف في هذا البلد معاكسة تماما».
الاخت الاولى: «مع ذلك فإن تعليمات المخبر واضحة. فلنجرِّبها».
وهذا ما فعلوه. فمن ساحل فريتاون الى بو في الجنوب الشرقي وإلى كابالا في الهضبة الشمالية، عقد الاخوة الاجتماعات في المدارس والاسواق والبيوت الخاصة. وهذا العمل اجَّج الغيرة في الجماعة، ‹فظلت كلمة يهوه تنمو وتنتشر›. — اع ١٢:٢٤.
لكن الناشرين كانوا بحاجة الى التدريب الثيوقراطي. وهذا بالفعل ما زوَّده يهوه.
a رُفع الحظر سنة ١٩٤٨.
-
-
١٩٤٥-١٩٩٠ ‹ردُّ كثيرين الى البر› — دا ١٢:٣. (الجزء ١)الكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
١٩٤٥-١٩٩٠ ‹ردُّ كثيرين الى البر› — دا ١٢:٣. (الجزء ١)
وصول مرسلي جلعاد
في حزيران (يونيو) ١٩٤٧، وصل الى فريتاون ثلاثة متخرجين من مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس هم: تشارلز فيتزْباتريك، جورج ريتشاردسون، وهيوبرت جْرِشام. وهؤلاء الاخوة هم اوائل المرسلين العديدين الذين كانوا سيأتون لاحقا.
رأى المرسلون ان الناشرين المحليين تواقون الى الكرازة ولكن تنقصهم المهارة في التلمذة والتعليم. (مت ٢٨:٢٠) لذلك شرعوا يعلِّمونهم كيف يلاحقون الاهتمام الذي يجدونه وكيف يديرون دروس الكتاب المقدس. وأطلعوهم على آخر الارشادات المتعلقة باجتماعات الجماعة والتنظيم الثيوقراطي. كما عقدوا اجتماعا عاما في قاعة ويلبرفورس التذكارية. وما فرَّح المرسلين ان ٤٥٠ شخصا حضروا الاجتماع. ولاحقا خصَّصوا يوما كل اسبوع لتوزيع المجلات. فشجَّع هذا التدريب الجماعة ووضع الاساس لمزيد من الزيادات في المستقبل.
وفي هذه الاثناء، بذل المرسلون وسعهم للتكيف مع المناخ. يذكر تقرير من الفرع يعود الى عام ١٩٤٨: «الطقس في سيراليون رديء جدا. ففصل الامطار يدوم ستة اشهر في السنة، وينهمر المطر خلاله دون توقف. وأحيانا يهطل المطر دون انقطاع طوال اسبوعين متتاليين. اما خلال فصل الجفاف، فتشتدّ الحرارة وترتفع الرطوبة كثيرا». ان الاوروبيين الاوائل الذين قدموا الى سيراليون سمّوها مقبرة الانسان الابيض. فالملاريا والحمى الصفراء والامراض المدارية الاخرى متفشية جدا فيها. فراح المرسلون يمرضون الواحد تلو الآخر، ما اضطرهم الى مغادرة البلد.
طبعا حزن الناشرون المحليون لذهاب المرسلين، إلا ان عزيمتهم لم تضعف. فبين عامَي ١٩٤٧ و ١٩٥٢، ازداد عدد الناشرين من ٣٨ الى ٧٣. وفي بلدة واترلو القريبة من فريتاون، ساهم نشاط الفاتحين المجتهدين في تأسيس جماعة جديدة هناك. وظهر ايضا فريقان جديدان لدرس الكتاب المقدس في اثنتين من ضواحي فريتاون، كيسي ووِلينغتون. فتبيَّن ان عمل الملكوت قابل للتوسع في سيراليون. ولكن كان يلزم الحافز الصائب.
زيارة مشجِّعة
في تشرين الثاني (نوفمبر) ١٩٥٢، وطئ اميركي ممشوق القامة في اوائل ثلاثيناته رصيف ميناء فريتاون ودخل المدينة الصاخبة. كان هذا الزائر مِلتون ج. هنشل من المركز الرئيسي العالمي. روى قائلا: «ادهشتني جدا رؤية مدينة حديثة انظف من مدن كثيرة في العالم . . . فقد اجتزنا الطرقات المعبدة، المتاجر الناشطة، السيارات الحديثة الطراز، وأفواج الناس اللامتناهية».
ذهب الاخ هنشل الى بيت المرسلين في فريتاون سيرا على قدميه، وكان يفصل البيت عن شجرة القابوق الشهيرة مُجمّعان من المباني. فأخبر الاخوة المجتمعين هناك ان سيراليون ستلقى المزيد من المساعدة. ويوم الاحد التالي، ألقى على ٢٥٣ شخصا احتشدوا في قاعة ويلبرفورس التذكارية سلسلة من الاعلانات المبهجة مفادها: سيُفتتح في سيراليون مكتب فرع خاص بها، سيُعيَّن لها ناظر دائرة، وستُعقد فيها المحافل الدائرية؛ كما ستُشكَّل جماعة جديدة في كيسي، وسيُصبّ الاهتمام على توسيع عمل الكرازة في الاقاليم. فغمر الفرح الحضور لدى سماعهم هذه الاعلانات.
روى الاخ هنشل: «استمر الاخوة يقولون كوشيه، وهي كلمة تعبِّر كثيرا عن المشاعر ومعناها ‹حسن جدا›. فقد ارتفعت معنوياتهم. وغادروا القاعة في عتمة الليل في مجموعات . . . البعض منهم ينشدون الترانيم».
بعدئذ عُيِّن المرسل وليم نوشي الذي وصل حديثا الى سيراليون ناظرا على مكتب الفرع الجديد. وكان هذا الاخ يعمل في السابق موزِّعا لورق اللعب وزهر النَّرد في نوادي القمار في الولايات المتحدة. ولكن حين صار مسيحيا، تخلى عن عمله وتمسك بالمبادئ البارة، صفة اكسبته محبة واحترام الناشرين في سيراليون.
-
-
ارادوا ان يشاهدوهالكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
ارادوا ان يشاهدوه
عام ١٩٥٦، عرض الاخوة في فريتاون فيلم مجتمع العالم الجديد وهو يعمل. اخبروا قائلين:
«استأجرنا اكبر قاعة في فريتاون ووزَّعنا ٠٠٠,١ ورقة دعوة. ورحنا نتساءل: ‹كم شخصا سيأتي يا ترى؟›. قبل نصف ساعة من بدء الفيلم لم يحضر سوى ٢٥ شخصا. ولكن في الدقائق الـ ١٥ التالية جاء ١٠٠ غيرهم. ولم يمض وقت طويل حتى امتلأت المقاعد الـ ٥٠٠ كلها. كما رضي مئة آخرون ان يحضروا الفيلم واقفين. واحتشد ٥٠٠ شخص آخر في الخارج، اذ لم يتمكنوا من الدخول. فسألناهم إن كان في وسعهم الانتظار حتى العرض الثاني. فردّوا بالايجاب. وهذا ما حصل رغم انهمار المطر».
وعلى مر السنين، شاهد هذا الفيلم الرائع وغيره ما يزيد على ٠٠٠,٨٠ شخص من كل انحاء سيراليون.
-
-
١٩٤٥-١٩٩٠ ‹ردُّ كثيرين الى البر› — دا ١٢:٣. (الجزء ٢)الكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
١٩٤٥-١٩٩٠ ‹ردُّ كثيرين الى البر› — دا ١٢:٣. (الجزء ٢)
اكرام الزواج كعطية من اللّٰه
بعدما استقر وليم نوشي في تعيينه، لاحظ ان بعض الناشرين لم يلتزموا بمقياس يهوه للزواج. فقد تزوج البعض زواجا عرفيا وعاشوا في علاقة زوجية دون ان يسجلوا زواجهم لدى السلطات المدنية. واتبع آخرون عادة محلية تقضي بتأجيل عقد القران حتى تحبل المرأة، لكي يضمنوا انهم سينجبون الاولاد.
لهذا السبب، ارسل مكتب الفرع في ايار (مايو) ١٩٥٣ رسالة الى كل الجماعات، شارحا فيها بوضوح مقياس الكتاب المقدس بخصوص الزواج. (تك ٢:٢٤؛ رو ١٣:١؛ عب ١٣:٤) فمُنح المتزوجون مهلة لتسجيل زواجهم، وإلا عزلوا من الجماعة. — ١ كو ٥:١١، ١٣.
أفرح هذا التمحيص معظم الناشرين. الا ان البعض رأوا فيه قيودا غير ضرورية. ففي جماعتين، ترك اكثر من نصف الناشرين هيئة يهوه. اما الذين بقوا امناء، فزادوا من نشاطهم. وكان ذلك دليلا واضحا على بركة يهوه عليهم.
وبعد جهد جهيد، حصل الاخوة على اعتراف يمكِّنهم من استعمال قاعة ملكوت فريتاون مكانا رسميا لعقد الزيجات. وفي ٣ ايلول (سبتمبر) ١٩٥٤، عقد فيها الاخوة مراسم الزواج لأول مرة. وفوَّضت الحكومة لاحقا الى اخوة اكفاء عقد الزيجات في ٧ اقاليم في شتى ارجاء البلد. فتسنى للمزيد من المهتمين ان يسجلوا زواجهم ويبلغوا المؤهلات ليصبحوا ناشرين للبشارة.
زواج يُعقد في قاعة ملكوت
كما كان لمهتمين عديدين اكثر من زوجة، لكنهم اتخذوا خطوات ليعيشوا بانسجام مع مقاييس اللّٰه. يروي سامويل كوبر، الذي يقطن الآن في بونته: «بدأت احضر الاجتماعات مع زوجتيّ سنة ١٩٥٧، ولم يمضِ وقت طويل حتى انخرطت في مدرسة الخدمة الثيوقراطية. وذات يوم، عيِّن لي خطاب عن موضوع الزواج المسيحي. وفيما قمت بالبحث استعدادا للخطاب، ادركت ان عليّ ان اصرف زوجتي الصغرى. ولكن حين اخبرت اقربائي بذلك، قاوموني كلهم. كما انها كانت قد انجبت لي طفلة، في حين ان زوجتي الاولى عاقر. لكني كنت قد اتخذت قراري ان التصق بمبادئ الاسفار المقدسة. ويا للعجب، فعندما عادت زوجتي الثانية الى اهلها، بدأت زوجتي الاولى تنجب الاولاد! والآن لدي خمسة اولاد من زوجتي التي كانت عاقرا ذات مرة».
صرف اونوريه كامانو، مهتم آخر يعيش في الجهة المقابلة من الحدود في غينيا، زوجتيه الاصغر سنا. وكم قدرت زوجته الاولى موقفه هذا! فدفعها ذلك ان تأخذ الحق بجدية. وصحيح ان احدى زوجتيه الاخريين شعرت بخيبة الامل حين صُرفت، الا انها قدرت الاعتبار السامي الذي اظهره لمقاييس الكتاب المقدس. فطلبت درسا في الكتاب المقدس، ونذرت لاحقا حياتها ليهوه.
يُعرف شهود يهوه باحترامهم للزواج
واليوم، يُعرف شهود يهوه في كل انحاء سيراليون وغينيا باحترامهم للزواج. فأمانتهم لرفقاء زواجهم تزيِّن تعاليم اللّٰه وتجلب له التسبيح بصفته مؤسس ترتيب الزواج. — مت ١٩:٤-٦؛ تي ٢:١٠.
انشقاق في فريتاون
وصل سنة ١٩٥٦ الى فريتاون خريجان آخران من مدرسة جلعاد، تشارلز وريفا تشابل. وفي طريقهما الى بيت المرسلين، حبسا انفاسهما عند رؤية لافتة كبيرة تعلن عن محاضرة مؤسسة على الكتاب المقدس في قاعة ويلبرفورس التذكارية. يخبر تشارلز: «كان الخطيب المُعلن عنه س. ن. د. جونز، يمثِّل ‹اكليسيا [جماعة] شهود يهوه›».
قاد جونز، الذي ادعى انه ممسوح، فريقا كان قد انشق عن الجماعة في فريتاون قبل عدة سنين. وادعى فريقه هذا انهم شهود «حقيقيون» ليهوه، فيما اطلقوا على المرسلين وعلى الذين بقوا اولياء لممثلي الهيئة القابا مثل «الدجالين» و «رعاة البقر الآتين من جلعاد».
وساء الوضع حين فُصل جونز وبعض مؤيديه. يقول تشابل: «صدم هذا الاعلان بعض الاخوة الذين فضّلوا ان يكونوا متساهلين مع المنشقين. وقد عبرت حفنة منهم عن عدم رضاهم علانية. واستمروا هم وآخرون في معاشرة المتمردين، وحاولوا ان يعيقوا الاجتماعات وترتيبات خدمة الحقل. وجلس هؤلاء المتنمِّرون بجانب بعضهم البعض في الاجتماعات في منطقة دعيت صف المنشقين. وترك اغلبهم الحق في آخر المطاف. الا ان بعضهم استعادوا اتزانهم الروحي وأصبحوا ناشرين غيورين».
ان اتصاف الاغلبية بالولاء ترك الباب مفتوحا لتدفّق روح اللّٰه. فعندما زار ناظر الاقليم هاري ارنوت فريتاون في السنة التي تلت، ذكر في تقريره: «لعدة سنوات لم تشهد سيراليون مثل هذه الزيادة المعتبرة. فهنالك سبب وجيه لتوقع نمو اضافي في المستقبل».
تعليم الكيسيّين
بُعيد زيارة الاخ هاري ارنوت، تسلَّم تشارلز تشابل رسالة من احد الاخوة في دولة ليبيريا المجاورة. فقد اراد ذلك الاخ ان يفتح العمل الكرازي بين ابناء قبيلته في سيراليون. فهو من قبيلة الكيسي، التي تقطن في التلال والوديان الخصيبة في المنطقة الممتدة عبر سيراليون، ليبيريا، وغينيا. وبدا ان الكثير من الناطقين بالكيسي رغبوا في فهم الكتاب المقدس.
وبما ان معظم الكيسيين لم يعرفوا القراءة والكتابة، نُظّمت صفوف لمحو الامية في كويندو لتعليمهم حقائق الكتاب المقدس الاساسية. وجذبت هذه الصفوف مئات التلاميذ. يتذكر تشابل: «ما لبث ان ضم الفريق ٥ ناشرين جدد، ثم ١٠، ثم ١٥، ثم ٢٠، فتوافد الناس سريعا على الحق لدرجة انني شككت في كونهم ناشرين حقيقيين. الا اني كنت مخطئا. فأغلبهم لم يكونوا امناء فحسب، بل غيورين ايضا».
وسرعان ما نشر اولئك الناشرون الجدد الحماسيون البشارة الى ما بعد كويندو، وصولا الى دولة غينيا المجاورة في نهاية المطاف. وفي رحلاتهم الطويلة التي استغرقت ساعات وساعات عبر الاراضي المتموجة، كرزوا في المزارع والقرى. يقول أليازار أُوُودْأُوي، الذي خدم ناظر دائرة في ذلك الوقت: «لم نكن نسمع صوت اي محرك سيارة لأسابيع، بل وأحيانا لشهور».
وفيما نثر الاخوة والاخوات الكيسيون بذار الملكوت وسقَوْها، جعلها اللّٰه تنمو. (١ كو ٣:٧) فعندما سمع شاب اعمى الحق، حفظ عن ظهر قلب كراس «بشارة الملكوت هذه» المؤلف من ٣٢ صفحة. فكان باستطاعته لاحقا ان يتذكر ايا من الفقرات فيما يكرز ويعقد دروسا في الكتاب المقدس بنفسه، مما اثار دهشة السامعين. كما قامت امرأة صماء بتغييرات جذرية حين قبلت الحق، حتى ان زوجة اخيها الاصغر بدأت تحضر الاجتماعات، قاطعة نحو عشرة كيلومترات سيرا على الاقدام.
سار العمل بين الكيسيين على قدم وساق. فتأسست جماعة ثانية تلتها اخرى. وانخرط نحو ٣٠ ناشرا في خدمة الفتح. كما ان زعيم بلدة كويندو اهتم بالحق ووهب قطعة ارض لبناء قاعة ملكوت. وبعدما حضر اكثر من ٥٠٠ شخص محفلا دائريا عُقد بكايلاهون، تأسست ايضا جماعة هناك. وبعد وقت قصير، صار نصف الشهود في سيراليون من الكيسي، رغم ان هذه القبيلة تشكل اقل من ٢ في المئة من نسبة السكان.
الا ان هذا التقدم لم يسرّ الجميع، وخاصة القادة الدينيين الكيسيين. وإذ امتلئوا غيرة، صمموا على التخلص من هذا «الخطر» الذي هدّد سلطتهم. لكن السؤال كان كيف ومتى يوجهون ضربتهم؟
-
-
١٩٤٥-١٩٩٠ ‹ردُّ كثيرين الى البر› — دا ١٢:٣. (الجزء ٣)الكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
١٩٤٥-١٩٩٠ ‹ردُّ كثيرين الى البر› — دا ١٢:٣. (الجزء ٣)
مواجهة البورو
حصل الهجوم الاول في قرية قرب كويندو حيث كان عدد من الرجال يدرسون الكتاب المقدس ويحضرون الاجتماعات بانتظام. وكمعظم الذكور الكيسيين، انتمى هؤلاء الرجال الى جمعية البورو السرية المعروفة بانغماسها في ممارسة الارواحية. يوضح جيمس مِنسا، مرسل من جلعاد خدم ايضا في سيراليون: «عندما رفض تلاميذ الكتاب المقدس ان يشتركوا في الشعائر الشيطانية، استشاط زعيم البورو غضبا. فضرب هو ومناصروه الرجال، سرقوا ممتلكاتهم، احرقوا بيوتهم، قيَّدوهم، وتركوهم في الدغل ليموتوا جوعا. وكان الزعيم الاعلى مَن حرَّض اعضاء البورو على هذا الهجوم. ولكن رغم هذه المعاملة التعسفية، حافظ تلاميذ الكتاب المقدس على موقفهم».
أبلغ الاخوة في كويندو الشرطة بالامر، فاعتقلت زعيم البورو وأصدقاءه والزعيم الاعلى. وأُحيل هؤلاء جميعا الى المحاكمة حيث أُنِّبوا بقساوة، وحُرم الزعيم الاعلى من منصبه قرابة سنة. فانتشر خبر هذا الانتصار القانوني في كل الارجاء، ما شجَّع المزيد من الجدد على البدء بحضور الاجتماعات. ولاحقا تغير موقف الزعيم الاعلى وأصبح مهتما بالحق. وعندما عقد الشهود محفلا دائريا في المنطقة استضاف بعض المندوبين، حتى انه تبرع ببقرة كبيرة ايضا.
حاول قادة آخرون من البورو ان يشنّوا شكلا مختلفا من الهجوم. فبدهاء ‹اختلقوا المتاعب بمرسوم›. (مز ٩٤:٢٠) فقد قدَّم سياسيوهم في البرلمان مشروع قرار يحظر عمل شهود يهوه. ولكن على حد قول تشارلز تشابل: «هبَّ الزعيم الاعلى للدفاع عنا وأخبر المجلس انه يدرس معنا منذ سنتين. وذكر ان هيئتنا لا تمت الى السياسية بأي صلة وأنها تعلِّم الناس وتهذِّب اخلاقهم. ثم اعلن انه يأمل ان يصير من شهود يهوه يوما ما. وعندما ايَّده عضو آخر في البرلمان كان قد درس هو الآخر معنا، رفض المجلس مشروع القرار».
قالوا له بسخرية: «ليطعمك اللّٰه!»
واجه الذين تركوا الجمعيات السرية مقاومة شديدة من عائلاتهم ايضا. وهذا ما حدث مع مراهق من كويندو اسمه جوناثان سيلو. فأجداده لأربعة اجيال متعاقبة كانوا من كهنة الجوجو، وكان هو ينال التدريب ليقوم بالعمل نفسه. لكنه حين بدأ يدرس الكتاب المقدس تخلى عن ممارسة الشعائر والذبائح ذات الصلة بالارواحية. فقاومته عائلته بشراسة بحيث اخرجته من المدرسة ورفضت إطعامه حين يذهب الى الاجتماعات المسيحية. فكانت تقول له بسخرية: «ليطعمك اللّٰه!». رغم ذلك بقي جوناثان على موقفه. وهو لم يجع قط. كما انه تعلم القراءة والكتابة. ولاحقا انخرط في الفتح العادي، وسرَّه كثيرا ان يرى امه تعتنق الحق.
النمو في ارجاء اخرى من البلد
بحلول عام ١٩٦٠، كانت قد تشكلت جماعات وفرق منعزلة في بو، بورت لوكو، فريتاون، كويندو، كيسي، لونسار، ماغبوراكا، ماكيني، مويامبا، واترلو، وحتى اقصى الشمال في كابالا. وارتفع عدد الناشرين بسرعة في تلك السنة من ١٨٢ شخصا الى ٢٨٢. فأتى فاتحون خصوصيون كثيرون من غانا ونيجيريا ليقووا الجماعات النامية.
انتمى معظم الشهود الجدد الى قبيلتين: الكريول الذين سكنوا في فريتاون وضواحيها، والكيسي الذين سكنوا في الاقليم الشرقي. ولكن مع استمرار انتشار البشارة، ابتدأ اشخاص من قبائل اخرى يتجاوبون ايضا مع الحق. وشملت هذه القبائل التمن، الكورانكو، والليمبا في الشمال، وكذلك المندي في الجنوب، بالاضافة الى جماعات اثنية اخرى.
عام ١٩٦١، دشَّنت جماعة فريتاون الشرقية قاعة ملكوت. ثم دشَّنت جماعة كويندو ايضا قاعة ملكوت مبنية بالطوب تحوي ٣٠٠ مقعد، وكان بالامكان مضاعفة حجمها لتصير قاعة محافل. وبعد فترة قصيرة، حضر ٤٠ شيخا مدرسة خدمة الملكوت التي عُقدت للمرة الاولى في سيراليون. وتُوِّجت تلك السنة المميزة بانخراط الاخوة في حملة ناجحة لعرض الكتاب المقدس — ترجمة العالم الجديد على الناس.
مدرسة خدمة الملكوت في سيراليون عام ١٩٦١. وليم نوشي (منتصف الصف الخلفي)، تشارلز تشابل (الصف الثاني، الثاني من اليمين)، ريفا تشابل (الصف الامامي، الثالثة من اليمين)
لقد اظهرت هذه التطورات بوضوح ان يهوه يبارك شعبه. وأخيرا في ٢٨ تموز (يوليو) ١٩٦٢، سُجِّلت رسميا في سيراليون جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم، وهي مؤسسة شرعية يستخدمها شهود يهوه في بلدان كثيرة.
افتتاح العمل في غينيا
لنحوِّل انتباهنا الآن الى غينيا المجاورة (دُعيت سابقا غينيا الفرنسية). فقبل سنة ١٩٥٨، شهد اخوة قلائل لبعض الناس هناك اثناء مرورهم بالبلد، إلا ان سلطات الاستعمار الفرنسية قاومت عملنا. ولكن في عام ١٩٥٨، فُتح باب كبير للبشارة حين اعلنت غينيا رفضها للحكم الفرنسي وأصبحت جمهورية مستقلة.
ففي اواخر تلك السنة اتى مانويل ديوغو، اخ من داهومي (الآن بينين) يتكلم الفرنسية، للعمل في منجم للبوكسيت في بلدة فْرِيا التي تقع على بعد ٨٠ كلم تقريبا شمال العاصمة كوناكري. وكان في اوائل ثلاثيناته ويرغب بشدة ان يكرز في هذه المقاطعة غير المخدومة. فبعث برسالة الى فرع فرنسا طالبا ان يمدَّه بالمطبوعات والعون من فاتحين خصوصيين. واختتم رسالته قائلا: «اصلِّي ان يبارك يهوه العمل لأنه يوجد عدد كبير من المهتمين هنا».
فردَّ عليه فرع فرنسا برسالة مشجِّعة وحثَّه ان يبقى في غينيا اطول فترة ممكنة. ورتَّب الفرع ايضا ان يزوره فاتح خصوصي ليدرِّبه على الخدمة. فتقوَّى مانويل بالتشجيع واستمر يكرز بغيرة في فْرِيا حتى موته سنة ١٩٦٨.
عندما قام ناظر الاقليم ويلفرد غوتش بزيارة كوناكري عام ١٩٦٠، وجد اخوين افريقيين آخرين يكرزان هناك. فأوصى ان يهتم فرع سيراليون بغينيا بدلا من فرع فرنسا. وأصبح هذا التحول ساري المفعول في ١ آذار (مارس) ١٩٦١. وبعد شهر واحد، تشكلت في كوناكري اول جماعة في غينيا.
النور الروحي ينفذ الى الغابة المطيرة
اخذت البشارة تنتشر ايضا في جنوب غينيا عندما عاد من ليبيريا رجل من قبيلة الكيسي اسمه فالا غوندو، قاصدا قريته الام فوديدو التي تقع على بعد ١٣ كلم غربي غيكيدو. وقد جلب معه كتاب من الفردوس المفقود الى الفردوس المردود. صحيح ان فالا لم يكن يعرف القراءة، إلا انه استطاع شرح صور الكتاب لرجال قبيلته. ذكر قائلا: «فتح هذا الكتاب باب المناقشة في مواضيع كثيرة. وقد دعاه الناس كتاب آدم وحواء».
بعدما عاد فالا الى ليبيريا اعتمد وأصبح في النهاية فاتحا خصوصيا. وكان يذهب مرتين في الشهر الى فوديدو ليدرس الكتاب المقدس مع فريق من نحو ٣٠ شخصا. وسرعان ما انضم اليه فاتح خصوصي آخر من قبيلة الكيسي من ليبيريا يُدعى بوربور سيسي. فأسَّسا معا فريقا آخر في غيكيدو. ولاحقا اصبح هذان الفريقان جماعتين.
فيما ازداد اكثر فأكثر عدد الشهود الكيسيين، لاحظ الزعماء المحليون سلوكهم الحسن. فقد كانوا مجتهدين في العمل، مستقيمين، ومسالمين. لذلك عندما طلب الاخوة اذنا ببناء قاعة ملكوت في فوديدو، اعطاهم الزعماء على الفور ارضا مساحتها ٣ هكتارات. وفي اوائل سنة ١٩٦٤، انتهى العمل فيها. وكانت اول قاعة ملكوت في غينيا.
الاضطرابات في كوناكري
في هذه الاثناء، كانت النيران هاجعة تحت الرماد في كوناكري. والاضطراب السياسي الذي نشأ جعل الرسميين الحكوميين يشتبهون في الاجانب. لذلك رفضت السلطات ان تعطي اربعة من مرسلي جلعاد تأشيرات دائمة ورحَّلتهم من البلد. كما قبضت الشرطة على اثنين من الاخوة الغانيين بتهم باطلة وسجنتهما حوالي شهرين.
وبعيد اطلاق سراحهما، اعادت الشرطة اعتقال واحد منهما هو ايمانُويل أووَاسُو–أنسا وزجَّته في زنزانة قذرة ومريعة. كتب ايمانُويل من هناك: «انا بصحة روحية جيدة، لكن الحمى تلازمني. مع ذلك لا ازال استطيع الكرازة. ففي الشهر الماضي، قضيت ٦٧ ساعة في خدمة الحقل. وبدأ اثنان من تلاميذ الكتاب المقدس يكرزان معي». وقد اعتنق احد تلاميذه الحق. وبعد خمسة اشهر، أُطلق سراح الاخ أووَاسُو–أنسا ورُحِّل الى سيراليون. فلم يبق في كوناكري سوى ناشر واحد.
حين خفَّت حدة التوتر السياسي عام ١٩٦٩، أتى بعض الفاتحين الخصوصيين الى كوناكري. وبعد ان حصلوا على رخصة من السلطات، بنوا قاعة ملكوت ووضعوا لافتة تشير اليها. فشرع على الفور نحو ٣٠ شخصا مهتما يحضرون الاجتماعات بانتظام.
كرز الاخوة بحذر في البداية بسبب خطر الاعتقال. ولكن فيما تعززت ثقتهم، بذلوا المزيد من الجهد. فخلال سنة ١٩٧٣، وزَّعت تلك الجماعة الصغيرة ٠٠٠,٦ نشرة. ولاحقا بدأ الناشرون يعرضون على الناس المجلات في المكاتب والمراكز التجارية. ومع الوقت، بدأ الرسميون الحكوميون والناس يفهمون عملنا ويقدِّرونه. وفي ١٥ كانون الاول (ديسمبر) ١٩٩٣، تُوِّجت هذه الجهود المتواصلة والصبورة بتسجيل جمعية شهود يهوه المسيحية في غينيا رسميا.
-
-
الجمعيات السريةالكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
الجمعيات السرية
تنتشر الجمعيات السرية في كل انحاء افريقيا الغربية، ويأتي اعضاؤها من مختلف القبائل والثقافات واللغات. توجِّه هذه الجمعيات نشاطات اعضائها الاجتماعية والثقافية والسياسية. لكنّ دورها الرئيسي هو ديني. على سبيل المثال، يذكر احد المراجع (1986 ,Initiation) ان جمعية البورو تسعى ان «تسيطر على الارواح وتضمن ان يكون تدخلها في شؤون الرجال مفيدا». والبورو (للرجال) والساندي (للنساء) هما من اكبر الجمعيات السرية.a
يتعلم الاعضاء الجدد في البورو اسرار عالم الارواح وقوى السحر، ويشطبون اجسادهم لإحداث ندوب شعائرية فيها. والاعضاء الجدد في الساندي يتعلمن ايضا شعائر عالم الارواح ويخضعن عادة للختان او جدع اعضائهن التناسلية، رغم ان هذه الممارسة توقفت في بعض المناطق.
وثمة جمعيات سرية اخرى تفرض قواعد محددة تتعلق بالسلوك الجنسي، وتحاول معالجة الجنون وأمراض اخرى بواسطة الممارسات الارواحية. حتى ان احدى الجمعيات ادَّعت اثناء الحرب الاهلية في سيراليون ان اعضاءها منيعون ضد الرصاص. إلا انهم كانوا مخطئين.
فضلا عن ذلك، لا يُسمح لأفراد الجمعية ان يُفشوا اية معلومات او شعائر لغير المنتمين اليها. والشخص الذي لا يراعي القوانين والاصول المتبعة يعرِّض نفسه للموت.
-
-
«ستموت في غضون سنة»الكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
«ستموت في غضون سنة»
زاكِيُوس مارتن
تاريخ الولادة: ١٨٨٠
تاريخ المعمودية: ١٩٤٢
لمحة عن حياته: انخرط في عمل الفتح بعمر ٧٢ سنة.
لم يدرس احد الكتاب المقدس مع زاكِيُوس. فبعدما قرأ كتابَي الخلاص و قيثارة اللّٰه عرف انه وجد الحق.
وذات احد من عام ١٩٤١، انطلق زاكِيُوس في الصباح الباكر من بيته ليحضر لأول مرة اجتماعا للشهود. وسار مسافة ٨ كلم في طريق جبلي شديد الانحدار ليصل الى مكان الاجتماع. وإذ لم يعرف موعد انعقاده، وصل ابكر بعدة ساعات. فجلس ينتظر مجيء الاخوة. وبعد حضور الاجتماعات ثلاثة آحاد في قاعة الملكوت، ابلغ الكنيسة الانغليكانية المحلية ان تزيل اسمه من قائمة اعضائها.
فعنَّفه احد اصدقائه الاحماء الذي يتردد على تلك الكنيسة، قائلا: «ايها العجوز، ستموت في غضون سنة اذا بقيت تنزل وتصعد هذه الكيلومترات الثمانية لتذهب الى قاعة اولئك الناس». واستمر يراقب زاكِيُوس يصعد وينزل الجبل مرتين في الاسبوع لمدة خمس سنوات. ثم سقط هو ميتا! وبعد خمس وعشرين سنة من موته كان زاكِيُوس لا يزال يتمتع بصحة جيدة.
خدم زاكِيُوس يهوه بأمانة حتى موته عن عمر ٩٧ سنة.
-
-
دعوه «بايبل» براونالكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
دعوه «بايبل» براون
وليم ر. براون
تاريخ الولادة: ١٨٧٩
تاريخ المعمودية: ١٩٠٨
لمحة عن حياته: اخذ القيادة في عمل الكرازة الباكر في افريقيا الغربية.
فيما كان وليم يعمل في قناة باناما عام ١٩٠٧، صادف واحدا من تلاميذ الكتاب المقدس (كما دُعي شهود يهوه آنذاك) اسمه آيْزِيا ريتشاردز وهو يلقي محاضرة في زاوية احد الشوارع. وقد بنى ريتشاردز خطابه على رسم بياني استخدمه الاخوة لإيضاح مقاصد اللّٰه دُعي «خريطة الدهور». فقبِل وليم الحق على الفور وعاد الى جامايكا ليخبر به امه وأخته. فأصبحتا لاحقا من تلاميذ الكتاب المقدس.
خدم الاخ براون فترة من الوقت في مدينة باناما، حيث التقى إيفاندر ج. كاوارد، ممثلا جائلا لتلاميذ الكتاب المقدس يزور باناما في جولة لإلقاء محاضرات. وكان خطيبا يتكلم بحيوية واقتناع شديد، فتهافت الناس لسماعه. وحين رأى غيرة وليم للحق، طلب منه ان يرافقه في جولة كرازية الى ترينيداد.
وفي السنوات العشر التالية، طاف وليم في كل انحاء جزر الهند الغربية يؤسس فرقا صغيرة ويقوِّيها. وفي عام ١٩٢٠، تزوَّج من اخت امينة اسمها أنطونيا. وبعد يومين من زفافهما، ابحرا الى جزيرة مونتسيرّات الصغيرة في جزر لِيوَرْد حاملَين معهما «رواية الخلق المصوَّرة»، وهي مزيج من فيلم وعرض للصور المنزلقة مؤسس على الكتاب المقدس يتألف من اربعة اجزاء. وكرزا ايضا في جزر باربادوس ودومينيكا وغرينادا. لقد امضيا شهر عسل ممتعا في خدمة يهوه.
بعد سنتين بعث وليم رسالة الى جوزيف ف. رذرفورد، الذي اشرف على عمل شعب يهوه آنذاك. قال في الرسالة: «بمساعدة يهوه قدّمت الشهادة في معظم الجزر الكاريبية وتلمذت كثيرين فيها. فهل اعيد الكرَّة؟». فأتى الجواب بعد ايام: «اذهب مع زوجتك وابنتك الى سيراليون في افريقيا الغربية».
طوال السنوات الـ ٢٧ التي خدم فيها الاخ براون مع عائلته في افريقيا الغربية، لم يحب اطلاقا ان يعمل في مكتب، بل فضَّل الذهاب الى الخدمة. وبسبب تشديده الدائم على اهمية الكتاب المقدس، راح الناس يدعونه «بايبل» براون.
عام ١٩٥٠، عاد وليم براون بعمر ٧١ سنة مع زوجته الى جامايكا ليخدما هناك كفاتحين. وبقي في هذا العمل حتى نهاية مسلكه الارضي عام ١٩٦٧. احب وليم خدمة الفتح كثيرا. فقد شعر انها من اثمن الامتيازات التي يمكن ان يحظى بها الانسان.
-