-
١٩٤٥-١٩٩٠ ‹ردُّ كثيرين الى البر› — دا ١٢:٣. (الجزء ٣)الكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
بنوا قاعة ملكوت ووضعوا لافتة تشير اليها. فشرع على الفور نحو ٣٠ شخصا مهتما يحضرون الاجتماعات بانتظام.
كرز الاخوة بحذر في البداية بسبب خطر الاعتقال. ولكن فيما تعززت ثقتهم، بذلوا المزيد من الجهد. فخلال سنة ١٩٧٣، وزَّعت تلك الجماعة الصغيرة ٠٠٠,٦ نشرة. ولاحقا بدأ الناشرون يعرضون على الناس المجلات في المكاتب والمراكز التجارية. ومع الوقت، بدأ الرسميون الحكوميون والناس يفهمون عملنا ويقدِّرونه. وفي ١٥ كانون الاول (ديسمبر) ١٩٩٣، تُوِّجت هذه الجهود المتواصلة والصبورة بتسجيل جمعية شهود يهوه المسيحية في غينيا رسميا.
-
-
١٩٤٥-١٩٩٠ ‹ردُّ كثيرين الى البر› — دا ١٢:٣. (الجزء ٤)الكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
١٩٤٥-١٩٩٠ ‹ردُّ كثيرين الى البر› — دا ١٢:٣. (الجزء ٤)
مكافحة الامية
خلال زيارة مِلتون هنشل الثانية لسيراليون في اوائل سنة ١٩٦٣، تطرق الى مشكلة كان الفرع يعمل منذ مدة على حلِّها. فقد حثَّ الاخوة ان يكثفوا جهودهم لمحاربة الامية.
كانت بعض الجماعات تعقد صفوفا لتعليم القراءة والكتابة بالانكليزية. اما بعد زيارة الاخ هنشل، فابتدأ الاخوة يعلِّمون التلاميذ القراءة والكتابة بلغتهم الام. حتى ان بعض الجماعات عقدت صفوفا بلغتين او ثلاث لغات. وقد لاقت هذه الصفوف قبولا كبيرا بحيث ان ثلث الناشرين في البلد تسجلوا فيها.
وفي سنة ١٩٦٦، ألَّف الاخوة في ليبيريا كتابا مزيَّنا بالصور لتعليم مبادئ القراءة بلغة الكيسي. وعندما عرضوه على الرسميين الحكوميين في ليبيريا، اعجبهم كثيرا بحيث قرروا ان يطبعوه ويوزِّعوه مجانا. فوزِّع الكتاب في سيراليون وغينيا وليبيريا، وساعد مئات الناطقين بلغة الكيسي على تعلُّم القراءة والكتابة. ولاحقا ألَّف الاخوة المزيد من هذه الكتب او عدَّلوها من اجل فرق لغوية اخرى. وهكذا ساعدوا المزيد من الاشخاص على تعلُّم القراءة والكتابة.
كانت سِيا تحفظ سجلا بنشاطها الكرازي باستخدام خيطين، احدهما اسود والآخر احمر
لم تعلِّم هذه الصفوف الناس القراءة والكتابة فقط بل ساعدتهم ايضا على التقدم روحيا. خذ على سبيل المثال الناشرة غير المعتمدة سِيا نْغالا البالغة من العمر آنذاك ٥٠ سنة. فقد كانت تحفظ سجلا بنشاطها الكرازي باستخدام خيطين، احدهما اسود والآخر احمر. كيف؟ تجعل عقدة في الخيط الاسود بعد كل ساعة من الكرازة وعقدة في الخيط الاحمر بعد كل زيارة مكررة. ولكنها بعدما حضرت صفوف تعليم القراءة والكتابة اصبحت تستخدم طريقة افضل لحفظ سجل بخدمتها. كما انها تقدَّمت الى المعمودية وصارت فعالة اكثر في الكرازة والتعليم.
وحتى يومنا هذا لا تزال جماعات كثيرة في سيراليون وغينيا تعقد صفوفا لتعليم القراءة والكتابة. قال مسؤول رفيع المستوى في حكومة سيراليون للاخوة في مكتب الفرع: «الى جانب تعليم الكتاب المقدس، انتم تقومون بعمل يستحق المدح اذ تساعدون الناس في مجتمعنا على تعلُّم القراءة والكتابة».
«الحجارة» تصرخ
مع ازدياد عدد الذين تعلَّموا القراءة من مختلف الجماعات الاثنية، ازدادت الحاجة الى الترجمة. فلم يكن لدى معظم الناس في القبائل سوى القليل او حتى لا شيء من الكتب الدنيوية بلغتهم. فالمتعلِّمون في سيراليون كانوا يقرأون الانكليزية، اما الذين في غينيا فالفرنسية. فماذا فعل الاخوة لتزويد مطبوعات الكتاب المقدس بلغة الناس الام؟
عام ١٩٥٩، ترجم مرسلان من جلعاد نشرة وكراسا بلغة المندي، ولكن لم يُوزَّع منهما سوى عدد محدود من النسخ. وبعد عشر سنوات، ترجم الاخوة بلغة الكيسي الكراسين «بشارة الملكوت هذه» و رجاء العيش في عالم جديد بار. فوُزِّع منهما حوالي ٠٠٠,٣٠ نسخة، واستُعملا لإدارة دروس في الكتاب المقدس.
وعام ١٩٧٥، ابتدأ مكتب الفرع يصدر مقالات درس برج المراقبة بلغة الكيسي. فأبهج هذا التطور الناشرين الناطقين بهذه اللغة. كتب احدهم: «صنع يهوه من اجلنا اعجوبة عظيمة. فلا احد منا دخل المدرسة يوما. لذا، كنا كالحجارة عاجزين عن التكلم. اما الآن، بعدما اصبحت برج المراقبة بلغتنا، فيمكننا التكلم عن عظائم يهوه». (لو ١٩:٤٠) وقد تُرجمت ايضا عدة مطبوعات اخرى بلغة الكيسي.
واليوم لا يزال معظم الناس في سيراليون وغينيا يقرأون مطبوعاتنا بالانكليزية او الفرنسية، اللغتين اللتين تُعقد بهما اجتماعات الجماعة. ولكن في الآونة الاخيرة، ازداد كثيرا عدد المطبوعات الصادرة باللغات المحلية. وهي متوفرة الآن بالبولار، السوسو، الغْويرزي، الكريو، الكيسي، المانينكاكان، والمندي. فكراستا استمع الى اللّٰه لتحيا الى الابد و استمع الى اللّٰه متوفرتان بكل هذه اللغات. وهاتان الاداتان التعليميتان سهلتا الاستعمال وتساعدان الكثيرين ممن لا يُحسِنون القراءة ان يفهموا ويقدِّروا رسالة الكتاب المقدس الرائعة.
بناء مكتب فرع
منذ اوائل الستينات والاخوة في فريتاون يبحثون عن قطعة ارض لبناء مكتب فرع جديد عليها. وأخيرا عام ١٩٦٥، اشتروا واحدة في شارع ويلكنسون تطل على المحيط في اروع المناطق السكنية في المدينة.
اشتمل التصميم النهائي على قاعة ملكوت وبيت للمرسلين ومكاتب للعمل، كلها في مبنى واحد جميل. وأثناء عمل البناء، غالبا ما كان السائقون الذين يمرون في شارع ويلكنسون المزدحم يخففون سرعتهم الى حد التوقف تقريبا ليتمكنوا هم والركاب من امعان نظرهم في الموقع. وفي ١٩ آب (اغسطس) ١٩٦٧ دُشِّن المبنى بحضور نحو ٣٠٠ شخص، ضمّوا عددا من اعيان المدينة وإخوة قدماء عمَّدهم «بايبل» براون عام ١٩٢٣.
مكتب الفرع وبيت المرسلين في فريتاون (١٩٦٥-١٩٩٧)
غيَّر الفرع الجديد نظرة كثيرين الى عمل شهود يهوه، فأصبحوا يقدِّرونه تقديرا جزيلا. كما انه دحض ادعاء بعض النقاد الدينيين ان الشهود لن يدوموا في سيراليون. فهذا المبنى الجديد قدَّم دليلا واضحا على ان شهود يهوه باقون هنا.
المرسلون الغيورون يساهمون في النمو
فريق من الاخوة المنطلقين في خدمة الحقل يشقون طريقهم بين حقول الارز الموحلة
من اواسط السبعينات فصاعدا، قام المرسلون الذين تقاطروا من جلعاد بتعزيز العمل في سيراليون وغينيا. وبعض هؤلاء خدموا سابقا في بلدان افريقية اخرى، فتكيفوا بسرعة مع الظروف المحلية. اما الباقون فكانت افريقيا جديدة كليا عليهم. فكيف تأقلموا مع «مقبرة الانسان الابيض»؟ اليك تعليقات عدد منهم:
«كان الناس متواضعين وجائعين روحيا. فرؤية الحق يحسِّن حياتهم اسعدتني كثيرا». — هانيلوري ألتماير.
«شكَّل التأقلم مع المناخ والامراض المدارية تحديا بالنسبة الي. لكنّ فرح مساعدة ذوي القلوب المستقيمة على خدمة يهوه استحق الجهد». — شيريل فيرغوسون.
«تعلَّمت تنمية الصبر. فحين سألت ذات مرة احدى الاخوات متى يصل زوَّارها، اجابتني: ‹قد يأتون اليوم او غدا. وربما بعد غد›. ولا بد ان الدهشة ارتسمت على وجهي لأنها عادت فأكَّدت: ‹لكنهم سيأتون›». — كريستين جونز.
«سكنَّا اربعون مرسلا ومرسلة من شتى الخلفيات الاثنية والثقافية في بيت المرسلين في فريتاون. تشاركنا في مرحاضَين، مكان واحد للاستحمام بالدشّ، غسَّالة واحدة، ومطبخ واحد. ولم يتوفر لدينا سوى القليل من الطعام الرديء النوعية. كما كانت الكهرباء تنقطع عنا في اوقات غير معروفة وأحيانا لأيام. فضلا عن ذلك، أُصيب معظمنا بالملاريا وأمراض مدارية اخرى. صحيح ان هذا الوضع قد يُشعِر المرء بالاحباط، لكننا تعلَّمنا ان نعيش سوية، ونسامح، ونتحلى بروح الفكاهة في الظروف الصعبة. كما اننا وجدنا متعة كبيرة في الكرازة، وقويت بيننا روابط الصداقة». — روبرت وبولين لانديس.
بولين لانديس تعقد درسا في الكتاب المقدس
«كانت الايام التي قضيناها في سيراليون من اجمل ايام حياتنا. لا شيء نندم عليه او نتشكى منه. نحن فقط مشتاقان الى الخدمة هناك». — بنجامين ومونيكا مارتن.
«ذات يوم، بِتنا ليلتنا عند امرأة مهتمة. فقدَّمت لنا وجبة طعام منظرها غريب وقالت: ‹انها افعى، لقد انتزعت النابَين. تفضَّلا!›. فرفضنا بلباقة، لكنها اصرَّت ان نتناولها. صحيح ان هذه الاختبارات قد تثبط العزيمة، إلا اننا قدَّرنا كثيرا الكرم الذي اعرب عنه مضيفونا وأحببناهم من كل قلبنا». — فردريك وباربرا موريسي.
«خلال سنواتي الـ ٤٣ في الخدمة الارسالية، سكنت مع اكثر من ١٠٠ مرسل ومرسلة. وأعتبره امتيازا عظيما ان اعرف هذا العدد الكبير من الاشخاص الذين يسعون نحو الهدف نفسه رغم اختلاف شخصياتهم. وكم يفرحني ان اعمل مع اللّٰه وأرى الناس يعتنقون حق الكتاب المقدس!». — لينيت بيترز.
«كم يفرحني ان اعمل مع اللّٰه وأرى الناس يعتنقون حق الكتاب المقدس!»
منذ سنة ١٩٤٧، خدم ما مجموعه ١٥٤ مرسلا في سيراليون و ٨٨ مرسلا في غينيا. وأتى شهود كثيرون غيرهم ليخدموا حيث الحاجة اعظم الى كارزين. واليوم يوجد في سيراليون ٤٤ مرسلا وفي غينيا ٣١ مرسلا. وجهود هؤلاء الاخوة المتواصلة وتضحياتهم تمسّ قلوب كثيرين. يقول ألفرد غَن الذي يخدم منذ مدة طويلة كعضو في لجنة الفرع: «نحن نعزّهم كثيرا».
-
-
كانت بطاقة الشارة جواز سفرهمالكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
كانت بطاقة الشارة جواز سفرهم
«عام ١٩٨٧، حضر اكثر من ٠٠٠,١ مندوب محفل ‹السلام الالهي› الكوري في غيكيدو بغينيا. وبما ان موقع المحفل كان قرب الحدود مع سيراليون وليبيريا، قرر مندوبون كثيرون من هذين البلدين ان يأتوا كل يوم صباحا الى المحفل ويبيتوا في موطنهم. لكنهم افتقروا الى وثائق السفر المطلوبة. لذلك تفاوض الاخوة المسؤولون مع سلطات الحدود وتوصلوا الى اتفاق. فما كان على المندوبين سوى ابراز وثيقة واحدة فقط: بطاقة شارة المحفل. وهكذا حين كان خفر الحدود يرون البطاقات البرتقالية الزاهية، كانوا يومئون على الفور بأيديهم الى المندوبين كي يتابعوا سيرهم». — إفريت بيري، مرسل سابق.
تمتع الاخوة بالطعام المقدَّم في هذا المحفل
-
-
١٩٩١-٢٠٠١ «كور المشقة» — اش ٤٨:١٠ (الجزء ١)الكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
١٩٩١-٢٠٠١ «كور المشقة». — اش ٤٨:١٠ (الجزء ١)
الحرب الاهلية
خلال ثمانينيات القرن العشرين، اشعلت الازمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فتيل النزاع في شتى ارجاء افريقيا الغربية. وحين مزقت الحرب دولة ليبيريا المجاورة، هرب الكثيرون الى سيراليون. فرتب الفرع ان تُستخدم بعض البيوت وقاعات الملكوت لإيواء الاخوة النازحين والاعتناء بحاجاتهم.
ورغم ان تلك الاوقات كانت صعبة على النازحين، فقد تخللتها بعض اللحظات الطريفة. تروي مرسلة خدمت سنوات عديدة تدعى ايزولد لورنس: «ثمة صبي صغير ارسله ابوه ليسخِّن بعض الطعام على موقد أُعدّ في حديقة تقع خلف قاعة الملكوت وداخل ملكية الفرع. لكن الصبي رجع فارغ اليدين وأخبر اباه انه لن يكون لديهم طعام ذلك اليوم. وحين سأله ابوه عن السبب، اجابه الصبي بصوت تملأه الرهبة: ‹لقد انقذني يهوه اليوم من فم الاسد!›. ففي طريق عودته، صادف الولد كلبا ضخما يدعى لوبو. كان هذا الكلب للفرع، ولم يكن مؤذيا. ومع ذلك مات الصبي من الخوف. فما كان به الا ان مد يديه الممسكتين بالصحن قدر ما استطاع لكي يُبعِد عنه الكلب. اما لوبو فظنّه يقدِّم الطعام له، فقبله بكل سرور!».
في ٢٣ آذار (مارس) ١٩٩١، امتد الصراع المسلح من ليبيريا الى سيراليون عبر الحدود، مشعلا شرارة حرب اهلية دامت ١١ سنة. وثمة مجموعة متمردين دُعوا الجبهة الثورية المتحدة (RUF) تقدمت باطراد صوب كايلاهون وكويندو، فلاذ معظم السكان المحليين بالفرار الى غينيا. وكان بين اللاجئين نحو ١٢٠ اخا وأختا. وفي هذه الاثناء، تدفق غيرهم من اللاجئين الشهود من ليبيريا الى سيراليون قبل وصول المتمردين.
يروي بيلي كاوان، منسق لجنة الفرع في ذلك الوقت: «طوال عدة شهور توافدت على بيت ايل في فريتاون حشود من الاخوة المنهكين والهزيلين والجياع. وكان كثيرون منهم قد شهدوا وحشية مروعة، حتى انهم اضطروا الى أكل الاعشاب البرية لئلا يموتوا جوعا. فسارعنا الى تقديم الطعام واللباس لهم، واعتنينا حتى بأقاربهم والمهتمين الذين اتوا برفقتهم. وفتح الاخوة المحليون قلوبهم وبيوتهم لهؤلاء اللاجئين. وسرعان ما انشغل الاخوة اللاجئون بخدمة الحقل، داعمين بذلك الجماعات المحلية. وصحيح ان اغلبهم رحل في نهاية المطاف، الا انهم قوونا فيما كانوا معنا».
رزحت سيراليون تحت وطأة الحرب الاهلية ١١ عاما
تقديم التعزية والرجاء
ارسل مكتب الفرع الطعام، الدواء، مواد البناء، الادوات، والاواني الى الشهود في معسكرات اللاجئين في جنوب غينيا. وشملت هذه المعونات شحنة ملابس كبيرة من فرنسا. كتب والد مسيحي: «كان اولادي يرقصون، يغنون، ويسبحون يهوه. فقد حصلوا على ملابس جديدة ليرتدوها عند الذهاب الى الاجتماعات». وقال بعض الاخوة والاخوات انهم لم يتأنقوا بهذا الشكل من قبل!
لكن اللاجئين احتاجوا الى اكثر من المساعدة المادية. قال يسوع: «لا يحي الانسان بالخبز وحده، بل بكل كلمة تخرج من فم يهوه». (مت ٤:٤) لذلك ارسل مكتب الفرع المطبوعات المؤسسة على الكتاب المقدس، ورتَّب لعقد المحافل بانتظام. كما أُرسل فاتحون ونظار جائلون الى المنطقة.
وعندما قام ناظر الدائرة اندريه بات بزيارة كوندو في غينيا التقى مسؤولا في المخيم دعاه الى إلقاء خطاب من الكتاب المقدس على اللاجئين. فاستمع نحو ٥٠ شخصا الى خطابه بمحور «احتموا بيهوه» المؤسس على المزمور ١٨. وعندما انتهى من خطابه، انتصبت امرأة مسنة وقالت: «لقد اسعدتنا جدا. فالرزّ لا يحل مشاكلنا، لكن الكتاب المقدس يظهر لنا كيف نرجو اللّٰه. لذلك نحن نشكرك من صميم قلبنا لأنك حملت الينا التعزية والرجاء».
عندما عُيِّن المرسلان وليم وكلوديا سلوتر في غيكيدو بغينيا، وجدا الجماعة المؤلفة من اكثر من ١٠٠ لاجئ متقدة بالروح. (رو ١٢:١١) يروي وليم: «ابتغى العديد من الشبان الامتيازات الروحية. مثلا، إذا لم يتمكن احدهم من تقديم الخطاب المعيَّن له في مدرسة الخدمة الثيوقراطية، يتطوع على الفور ١٠ حتى ١٥ من الشبان ليحلوا محله. وكانت فرق كبيرة تنطلق في الخدمة كارزين بغيرة. وصار بعض هؤلاء الشبان الغيورين لاحقا فاتحين خصوصيين ونظارا جائلين».
عمل البناء في خضم الصراع
بعيد اندلاع الحرب الاهلية، اشترى الاخوة في فريتاون قطعة ارض مساحتها ٦,٠ هكتار تقع في ١٣٣ شارع ويلكنسون، ولا تبعد سوى بضع مئات من الامتار عن مكتب الفرع في نزلة الشارع. يخبر ألفرد غَن: «اردنا ان نشيِّد مباني جديدة لبيت ايل في الموقع، لكن شبح الحرب لاح في الافق. لذا، بما ان الاخ لويد باري من الهيئة الحاكمة كان يزورنا في ذلك الوقت، اخبرناه عمّا يساورنا من مخاوف. فأجاب: ‹اذا سمحنا للحروب بأن تعيقنا، فلن نخطو خطوة الى الامام›. وأعطتنا هذه الكلمات المحرِّكة زخما لنبدأ العمل».
فبدأ العمل في ايار (مايو) ١٩٩١. واشترك مئات الاخوة في هذا المشروع. وكان من بينهم اكثر من ٥٠ متطوعا اتوا من ١٢ بلدا، بالاضافة الى العديد من المتطوعين المعاونين من الجماعات المحلية. يخبر ناظر البناء توم بول: «اندهش المشاهدون عند رؤية جودة الطوب الخرساني (المصنوع من الباطون) الذي أُعدّ في موقع البناء. كما ان البناء بهيكله الفولاذي كان مختلفا جدا عن المباني المحلية. لكن اكثر ما اثار دهشتهم هو رؤية اخوة بيض اجانب يعملون في المشروع جنبا الى جنب مع الاخوة السود المحليين في وحدة وسعادة».
وفي ١٩ نيسان (ابريل) ١٩٩٧، اجتمع حشد سعيد متعدد الجنسيات من اجل تدشين مباني الفرع الجديدة. ولكن بعد شهر واحد فقط، هاجمت الجبهة الثورية المتحدة فريتاون، بعد صراع ضارٍ في الارياف دام خمس سنوات.
بناء الفرع في فريتاون، والفرع اليوم
معركة للسيطرة على فريتاون
ان آلاف المقاتلين من الجبهة الثورية المتحدة، بشعرهم اللزِج والعصابات الحمراء المربوطة على رؤوسهم، جابوا المدينة وعاثوا فيها سلبا ونهبا واغتصابا وقتلا. يتذكر ألفرد غَن: «كان الوضع متوترا للغاية. فتمّ اجلاء اغلب المرسلين الاجانب على الفور. وكنّا انا وكاثرين، بيلي وساندرا كاوان، وجيمي وجويس هولند آخر مَن غادروا.
«صلينا مع خدام بيت ايل المحليين الذين تطوعوا للبقاء، ثم اسرعنا الى نقطة الاجلاء. وفي الطريق، اعترضنا نحو ٢٠ من الجنود المتمردين السكارى بمظهرهم المتوحش. ولكن حين اعطيناهم مجلات ومالا، اخلوا سبيلنا. فتجمعنا مع اكثر من ٠٠٠,١ شخص آخر عند نقطة تفتيش محصَّنة يشرف عليها مشاة البحرية الاميركية المدججون بالاسلحة الثقيلة. ثم نقلتنا مروحية عسكرية من الشاطئ هناك الى سفينة حربية اميركية. وأخبرنا ضابط في السفينة لاحقا ان هذا كان اكبر اجلاء للمدنيين قامت به البحرية الاميركية منذ حرب فيتنام. وفي اليوم التالي، استقللنا طائرة مروحية الى كوناكري بغينيا. وهناك اسسنا مكتب فرع مؤقتا».
ألفرد وكاثرين غَن كانا من بين الذين رُحلوا
وترقب المرسلون بقلق بالغ الاخبار من فريتاون. وأخيرا وصلت رسالة جاء فيها: «في خضم هذه الاضطرابات، لا نزال نوزع اخبار الملكوت رقم ٣٥: ‹هل سيحب كل الناس يوما ما بعضهم بعضا؟›. والناس يتجاوبون تجاوبا رائعا، حتى ان بعض المتمردين بدأوا يدرسون معنا. فنحن عاقدو العزم على تكثيف نشاطنا الكرازي».
يتذكر جوناثان مبوما الذي كان يخدم ناظر دائرة: «لقد عقدنا ايضا يوم المحفل الخصوصي في فريتاون. وكان البرنامج الروحي مشجعا جدا حتى انني سافرت لعقده في بو وكينيما. وكم شكر الاخوة في تلك البلدات التي مزقتها الحرب يهوه على هذا الطعام الروحي الرائع!
«وفي اواخر سنة ١٩٩٧، عقدنا محفلا كوريا في المدرّج الوطني بفريتاون. وفي اليوم الختامي من البرنامج، اقتحم الجنود المتمردون المدرّج وأمرونا بإخلائه. فترجيناهم ان يسمحوا لنا بإكمال البرنامج. وبعد مناقشة مطولة، لانوا وعادوا ادراجهم. وقد حضر المحفل اكثر من ٠٠٠,١ شخص، واعتمد فيه ٢٧. وقام اخوة عديدون بالرحلة المحفوفة بالمخاطر الى بو ليستمعوا الى البرنامج مرة اخرى. فكم كانت هذه المحافل رائعة ومُبهِجة!».
-
-
١٩٩١-٢٠٠١ «كور المشقة» — اش ٤٨:١٠ (الجزء ٢)الكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
١٩٩١-٢٠٠١ «كور المشقة» — اش ٤٨:١٠ (الجزء ٢)
الهجوم على بيت ايل
في شباط (فبراير) ١٩٩٨، شرعت القوات الحكومية بالتعاون مع قوات «مجموعة مراقبة السوق المشتركة لدول غرب افريقيا»، او «الإيكوموج» (ECOMOG)، في هجوم شامل لاسترداد فريتاون من قبضة المتمردين. ومن المؤسف ان شظية طائشة اردت احد الاخوة قتيلا خلال تلك المعركة الضارية.
التجأ في ذلك الوقت نحو ١٥٠ ناشرا الى بيتَي المرسلين في كيسي وكوكيرِل. ويروي لادي ساندي، احد الحراس الليليين في بيت ايل: «كنا انا وفيليب توراي في الحراسة، ثم في وقت متأخر من الليل اتى الى بيت ايل متمردان مسلحان من الجبهة الثورية المتحدة وأمرانا ان نفتح باب الردهة الزجاجي على مصراعيه. وفيما هرعنا انا وفيليب الى موقع آمن، امطرا قفل الباب بوابل من الطلقات. لكن اللافت للنظر هو ان القفل صمد، كما انهما لم يفكرا في اطلاق النار على الالواح الزجاجية. فرجعا يجرّان اذيال الخيبة.
«الا انهما عادا بعد ليلتين، بصحبة نحو ٢٠ من رفقائهما، وكانوا قد اعدوا العدة لإلحاق الاذى. فأنذرنا سريعا عائلة بيت ايل وركضنا الى ملجإ أُعدّ مسبقا في القبو. كنا سبعة، واختبأنا في الظلام خلف برميلين كبيرين ونحن نرتجف خوفا. في هذه الاثناء، ذاب قفل الباب تحت وطأة النيران التي اطلقها المتمردون في طريقهم الى الداخل. وصرخ احدهم: ‹جِدوا شهود يهوه هؤلاء واذبحوهم›. فجثمنا في صمت سبع ساعات فيما خرَّبوا ونهبوا المبنى. ثم رحلوا في نهاية المطاف، بعد ان شفوا غليلهم بما فعلوه تلك الليلة.
«فأخذنا اغراضنا الشخصية وركضنا الى بيت المرسلين في كوكيرِل، الذي يقع في اعلى الشارع وكان سابقا بيت ايل. ولكن في الطريق، نهبتنا مجموعة اخرى من المتمردين. فوصلنا الى بيت المرسلين في حالة يرثى لها، لكننا كنا شاكرين لأننا ما زلنا على قيد الحياة. وبعد ان ارتحنا بضعة ايام، رجعنا الى بيت ايل لننظف الفوضى».
وبعد شهرين، احكمت قوات «الإيكوموج» سيطرتها على المدينة، فبدأ المرسلون يعودون من غينيا. لكنهم لم يعلموا ان بقاءهم لن يدوم طويلا.
«ابادة كل حي»
بعد ثمانية اشهر، اي في كانون الاول (ديسمبر) ١٩٩٨، كان مئات المندوبين يتمتعون بحضور المحفل الكوري «طريق اللّٰه للحياة» في المدرّج الوطني بفريتاون. وفجأة سمعوا دويًّا قويا، وتصاعدت اعمدة الدخان فوق التلال. فقد عادت قوات المتمردين من جديد.
وفي الايام التي تلت، تردّت الاوضاع في فريتاون. فاستأجرت لجنة الفرع طائرة صغيرة لإجلاء ١٢ مرسلا، ٨ اعضاء اجانب في عائلة بيت ايل، و ٥ متطوعين في عمل البناء الى كوناكري. وبعد ثلاثة ايام، اي في ٦ كانون الثاني (يناير) ١٩٩٩، شرعت قوات المتمردين في حملة قتل وحشية دُعيت عملية «ابادة كل حي». فبعنف مروع، أتوا على الاخضر واليابس في فريتاون، وارتكبوا مجزرة قُتل فيها نحو ٠٠٠,٦ مدني. كما انهم بتروا عشوائيا ايدي الناس وأرجلهم، خطفوا مئات الاطفال، ودمروا آلاف المباني.
ومن المحزن ان الاخ المحبوب جدا ادوارد توبي واجه ميتة وحشية. في تلك الاثناء، تم ايواء اكثر من ٢٠٠ ناشر مصاب إما في بيت ايل او في بيت المرسلين في كوكيرِل. واختبأ آخرون في بيوتهم. وكان الاخوة الذين التجأوا الى بيت المرسلين بكيسي، في الضاحية الشرقية من فريتاون، في حاجة ماسة الى العلاجات. لكن عبور المدينة كان في قمة الخطورة. فمَن يأخذ على عاتقه هذه المجازفة؟ لقد تطوع على الفور حارسا بيت ايل الليليان الجسوران: لادي ساندي وفيليب توراي.
يتذكر فيليب: «لقد عمت الفوضى المدينة. وأقام المقاتلون المتمردون العديد من حواجز التفتيش، حيث فعلوا بالناس ما شاءوا. وفُرض حظر صارم للتجول من الساعة الثالثة بعد الظهر حتى الساعة التاسعة صباحا. فقيّد هذا حركتنا. وأخيرا بعد يومين من بدء رحلتنا، وصلنا الى بيت المرسلين في كيسي لنجد انه قد نُهب وأُحرق.
«بحثنا في المنطقة المحيطة، فوجدنا الاخ اندرو كولكار، وكان مصابا اصابات بالغة في رأسه. فقد اوثقه المتمردون وأوسعوه ضربا بفأس. ومن المدهش انه نجا وتمكن من الافلات. فأسرعنا به الى المستشفى، حيث تعافى رويدا رويدا. وخدم هذا الاخ لاحقا كفاتح عادي».
(من اليمين الى اليسار) فيليب توراي، اندرو كولكار، ولادي ساندي
ونجا اخوة آخرون من الموت او الاذى، اذ عُرفوا بأنهم مسيحيون محايدون. يخبر احد الاخوة: «طلب منا المتمردون ان نربط مناديل بيضاء على رأسنا ونرقص في الشارع دعما لقضيتهم. وهددونا قائلين: ‹اذا رفضتم، فسنبتر ذراعكم او رجلكم او نقتلكم›. فتنحينا جانبا أنا وزوجتي مذعورَيْن، وصلينا بصمت طالبين مساعدة يهوه. وإذ ادرك ورطتنا جار شاب كان متعاونا مع المتمردين، قال لقائدهم: ‹انه «اخونا». وهو لا يشترك في السياسة، فسنرقص نحن بدلا عنه›. وإذ أرضى هذا الجواب القائد، مضى الى حال سبيله، وأسرعنا نحن الى البيت».
وبعد ان خيّم الهدوء على المدينة، استأنف الاخوة بحذر الاجتماعات وخدمة الحقل. وكانوا يضعون بطاقات شارة المحفل للتعريف بهويتهم عند حواجز التفتيش. كما برعوا في الابتداء بمحادثات مؤسسة على الكتاب المقدس اثناء الانتظار في الصفوف الطويلة عند هذه الحواجز.
وإذ اخذت كل الاشياء تشح في المدينة، ارسل فرع بريطانيا جوًّا ٢٠٠ صندوق من مواد الاغاثة. وسافر بيلي كاوان وألان جونز بالطائرة من كوناكري الى فريتاون ليمررا الشحنة عبر حواجز التفتيش العديدة. فوصلت اخيرا الى بيت ايل قبل ابتداء حظر التجول المسائي بالضبط. كما قام جيمس كوروما برحلات منتظمة الى كوناكري، حاملا مطبوعات وإمدادات هامة اخرى في طريق عودته. وكان للناشرين المنعزلين في بو وكينيما حصتهم من هذا الطعام الروحي.
مواد الاغاثة تصل الى فريتاون
في ٩ آب (اغسطس) ١٩٩٩، بدأ المرسلون يعودون من كوناكري الى فريتاون. وفي السنة التالية، دحرت حملة شنتها قوات مسلحة بريطانية المتمردين خارج فريتاون. لكن القتال استمر يقع بين الحين والآخر، الى ان أُعلنت نهاية الحرب في كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٢. وكحصيلة للنزاع الذي دارت رحاه ١١ سنة، مات ٠٠٠,٥٠ شخص، بُترت اطراف ٠٠٠,٢٠ شخص، دُمر ٠٠٠,٣٠٠ منزل، ونزح ٢,١ مليون شخص.
وكيف كانت حال هيئة يهوه؟ من الواضح ان يهوه حماها وباركها. فخلال النزاع، اعتمد نحو ٧٠٠ شخص. ورغم ان مئات الاخوة فروا من مناطق الحرب، زاد عدد الناشرين في سيراليون بنسبة ٥٠ في المئة. وشهدت غينيا زيادة في عدد الناشرين بلغت اكثر من ٣٠٠ في المئة! لكن الاهم هو ان شعب اللّٰه حافظوا على استقامتهم. ففي «كور المشقة»، اعربوا بثبات عن وحدة ومحبة مسيحية «وكانوا لا ينفكون . . . يعلمون ويبشرون». — اش ٤٨:١٠؛ اع ٥:٤٢.
-
-
من ولد مجنَّد الى فاتح عاديالكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
من ولد مجنَّد الى فاتح عادي
ارغمني المقاتلون المتمردون على الالتحاق بقواتهم حين كنت بعمر ١٦ سنة. وكانوا يعطونني المخدِّرات والكحول، فطالما حاربت تحت تأثير المخدِّرات. وقد خضت معارك كثيرة وارتكبت فظائع اندم عليها بشدة.
اتى ذات يوم شاهد مسن وكرز في ثكنتنا. فقد سعى الى مساعدتنا روحيا، في حين ان معظم الناس خافوا منا واحتقرونا. لذا عندما دعاني لحضور احد الاجتماعات، لبّيت دعوته. ولا اتذكر ما قيل في ذلك الاجتماع، الا ان الترحيب الودي الذي لقيته انطبع في ذهني.
ولكن حين احتدمت الحرب، فقدت الاتصال بالشهود. ولاحقا، أُصبت اصابة بالغة، فنُقلت الى منطقة تحت قبضة المتمردين حتى اتعافى. وقبل ان تضع الحرب اوزارها، هربت الى منطقة تحت سيطرة الحكومة وانخرطت في برنامج لنزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج في المجتمع.
كنت في امس الحاجة الى المساعدة الروحية. فحضرت اجتماعات للخمسينيين، لكن اعضاء الكنيسة نعتوني بالشيطان الذي في وسطهم. فأخذت ابحث عن شهود يهوه. وعندما وجدتهم، بدأت ادرس وأحضر الاجتماعات. وحين اعترفت بأعمالي الشريرة، قرأ عليّ الاخوة كلمات يسوع المعزية: «لا يحتاج الاصحاء الى طبيب، بل السقماء. . . . اني ما جئت لأدعو ابرارا، بل خطاة». — مت ٩:١٢، ١٣.
لقد مستني هذه الكلمات في الصميم. فسلمت خنجري للاخ الذي كان يدرس معي، وقلت له: «احتفظت بهذا السلاح لأحمي نفسي من الثأر. لكني لا اريده بعد اليوم، إذ صرت ادرك ان يهوه ويسوع يحبانني».
علَّمني الاخوة القراءة والكتابة. وبمرور الوقت اعتمدت وصرت فاتحا عاديا. وعندما اكرز اليوم لمتمردين سابقين، يعبِّرون عن احترامهم لي لأني طهَّرت حياتي. حتى انني درست مع معاون قائد الفرقة التي كنت فيها سابقا.
لقد انجبت ثلاثة ابناء عندما كنت مجنَّدا. وحين تعلمت الحق، رغبت في مساعدتهم روحيا. ومن دواعي سروري ان اثنين منهم تجاوبا. فأحد ابنائي ناشر غير معتمد، وابني الاكبر يخدم الآن فاتحا اضافيا.
-
-
٢٠٠٢-٢٠١٣ التطورات الاخيرة (الجزء ١)الكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
٢٠٠٢-٢٠١٣ التطورات الاخيرة (الجزء ١)
«شكرا لك يا يهوه!»
عندما استقر الوضع في سيراليون، عاد الاخوة والاخوات الى ما تبقى من بيوتهم. فتشكَّلت ثانية الجماعات التي تشتَّتت اثناء الحرب، وخصوصا في النواحي الشرقية من البلد التي مزَّقتها الحرب. اخبر الفاتحون الخصوصيون من احدى المناطق: «حضر الاجتماع الاول الذي عقدناه ١٦ شخصا والاجتماع الثاني ٣٦ والاجتماع الثالث ٥٦، ثم حضر الذكرى ٧٧ شخصا. فطرنا من الفرح!». وتأسست ايضا تسع جماعات جديدة، فصار عدد الجماعات الاجمالي ٢٤. وأتى من جلعاد عشرة مرسلين جدد، فأعطوا عمل الكرازة زخما قويا. ففي سنة ٢٠٠٤ بلغ عدد حضور الذكرى ٥٩٤,٧ شخصا، ما يزيد على خمسة اضعاف عدد الناشرين. وشهدت غينيا نموا مماثلا في هذه الحقبة.
ولمساعدة اللاجئين العائدين الى ديارهم على الاستقرار، خصصت الهيئة الحاكمة على الفور صندوقا لأعمال الاغاثة. (يع ٢:١٥، ١٦) فعملت فرق متنقلة من المتطوعين على بناء او ترميم ١٢ قاعة ملكوت، ورمَّمت ايضا قاعة محافل في كويندو. كما بنت ٤٢ مسكنا بسيطا من الطوب لإيواء العائلات التي دُمِّرت بيوتها. وقد شمل هذا العمل بناء بيت اخت ارملة في سبعيناتها. وفيما وقفت هذه الاخت قرب منزلها الجديد المسقوف بلوح من الحديد هتفت ودموع الفرح تنهمر من عينيها: «شكرا لك يا يهوه! شكرا لك يا يهوه! شكرا لكم ايها الاخوة!».
اضافة الى ذلك، شرع مكتب الفرع يبني قاعات جديدة بتمويل من برنامج بناء القاعات في البلدان ذات الموارد المحدودة. يروي سايدو جوانا، شيخ وفاتح في جماعة بو الغربية: «قالت لي احدى الاخوات: ‹اذا سمعتُ اننا سنحظى بقاعة جديدة، فسأصفِّق بيديَّ ورجليَّ›. وحين اعلنتُ ان قاعة جديدة ستُبنى لنا، قفزت الاخت من مقعدها وراحت تصفِّق وترقص. وهكذا ‹صفَّقت› بيديها ورجليها».
وفي عام ٢٠١٠، دشَّنت جماعة واترلو قاعة ملكوت جديدة بالامكان توسيعها الى قاعة محافل تسع ٨٠٠ مقعد. وكان في اليوم الذي اشترت فيه الجماعة ارض القاعة ان شاريا آخر عرض على صاحبة الارض سعرا اعلى. لكنها قالت: «افضِّل ان يُقام مركز للاجتماعات الدينية على ارضي من ان تُستخدم لأغراض تجارية».
وفي اطار برنامج بناء القاعات في البلدان ذات الموارد المحدودة، شُيِّدت ١٧ قاعة ملكوت في سيراليون و ٦ في غينيا. وأماكن العبادة هذه، البسيطة لكن اللائقة، تشجِّع المزيد من الناس على حضور الاجتماعات.
العثور على خراف يهوه الضائعة
اذ مُنح عمل البشارة زخما جديدا، نظَّم مكتب الفرع حملة مدتها شهران للكرازة في المقاطعات التي قلَّما تُخدَم. فوزَّع الناشرون نحو ٠٠٠,١٥ كتاب وتمتعوا باختبارات رائعة كثيرة. وراح بعض الناس يسألون الشهود إن كانوا سيؤسِّسون جماعات في اي من البلدات المحلية. ونتيجة لهذه الحملة تشكلت مع مرور الوقت جماعتان جديدتان. وفي احدى القرى النائية، عثر الاخوة على اختين مهجَّرتين انقطعتا عن الهيئة خلال الحرب. فرتَّبوا على الفور لعقد اجتماعات منتظمة في القرية، وبدأوا ايضا بعدد من دروس الكتاب المقدس.
عام ٢٠٠٩، سمع مكتب الفرع عن قرية في قلب غابة غينيا يدَّعي بعض سكانها انهم من شهود يهوه. فأرسل اخوةً للتحقق من الامر، وتبيَّن ان اخا مسنا كان قد عاد الى قريته الام هذه بعد ان تقاعد عن العمل، ودرس مع عدد من الرجال قبل وفاته. فآمن احد الرجال بيهوه وأخذ يخبر الآخرين بما تعلَّمه من الكتاب المقدس. كما عقد اجتماعات مستخدما مطبوعات الاخ الراحل. وبقي هذا الفريق يعبد يهوه ٢٠ سنة قبل ان يجدهم الشهود. فأرسل الفرع على الفور اخوة لتقديم المساعدة الروحية لهذا الفريق. وفي سنة ٢٠١٢، حضر ١٧٢ شخصا ذكرى موت المسيح في تلك القرية.
وفي الآونة الاخيرة، يزداد عدد الخراف الضائعة التي يُعثَر عليها. وهؤلاء هم اشخاص كانوا قد انجرفوا بعيدا او فُصلوا عن الجماعة. إلا ان كثيرين منهم كالابن الضال يغيِّرون مسلكهم ويعودون الى الحق. وشعب يهوه يرحِّب بهم بذراعين مفتوحتين. — لو ١٥:١١-٢٤.
مسلمون مخلصون يعتنقون الحق
عندما اخبر الرسول بولس الآخرين بالبشارة، صار «لشتى الناس كل شيء». (١ كو ٩:٢٢، ٢٣) وعلى غراره، يعدِّل خدام يهوه في سيراليون وغينيا محادثتهم لتلائم مختلف الناس. خُذ على سبيل المثال كيف يحاجّ الناشرون المسلمين المنفتحين، علما بأن المسلمين هم الفريق الديني الاكبر في البلدَين.
يوضح سايدو جوانا، وهو من خلفية مسلمة: «يؤمن المسلمون ان آدم خُلق من تراب لكنه عاش اولا في جنة في السماء. ولمساعدتهم على تصحيح فهمهم، اسألهم: ‹من اين يأتي التراب؟›.
«يجيبون: ‹من الارض›.
«فأتابع: ‹اذًا اين يجب ان يكون آدم قد خُلق؟›.
«يقولون: ‹على الارض›.
«ولإيضاح الفكرة اقرأ التكوين ١:٢٧، ٢٨، ثم اسأل: ‹هل تنجب الكائنات السماوية الاولاد؟›.
«فيجيبون: ‹كلا. فالملائكة ليسوا ذكورا ولا إناثا›.
«عندئذ اسأل: ‹عندما قال اللّٰه لآدم وحواء ان ينجبا الاولاد، اين لا بد انهما كانا؟›.
«يقولون: ‹على الارض›.
«اتابع وأسأل: ‹اذًا عندما يردّ اللّٰه الجنة للبشر، اين لا بد ان تكون الجنة؟›.
«فيجيبون: ‹هنا على الارض›».
ويختتم سايدو بالقول: «ان مثل هذه الحجج المؤسسة على الاسفار المقدسة تدفع كثيرين من المسلمين المخلصين الى الاصغاء الى رسالتنا وقبول مطبوعات الكتاب المقدس».
تأمل مثلا في مومو، صاحب متجر مسلم كان يرغب ان يصير إماما ذات يوم. فعندما حاجَّه المرسلون الشهود من الاسفار المقدسة، أُثير فضوله. فحضر جزءا من المحفل الدائري وأحبَّ ما سمعه. وبعد اربعة ايام، حضر هو زوجته راماتو وأولادهما الخمسة ذكرى موت يسوع. ثم شرع يدرس الكتاب المقدس بجدية. وبعد عدة دروس توقف عن بيع السجائر، مخبرًا زبائنه ان السجائر تضرُّ بالصحة وتغضِب اللّٰه. فضلا عن ذلك، ابتدأ يدرِّس زوجته وأولاده الكتاب المقدس في المتجر. وحين يأتي زبائنه خلال درسهم العائلي، كان يطلب منهم ان يجلسوا وينتظروا، موضحًا ان الدرس مهم جدا لعائلته. وقد اتت المقاومة الشرسة من عائلتيهما عندما سجَّل هو وراماتو زواجهما شرعيا. لكنهما لم يرتدعا بل قدَّما شهادة جريئة لأقربائهما، الذين صاروا في النهاية يحترمون سلوكهما الحسن. واعتمد مومو عام ٢٠٠٨، وراماتو عام ٢٠١١.
التمسك بمبدإ قداسة الدم
يلتصق شعب يهوه بشجاعة بمقاييس اللّٰه الادبية، بما فيها نظرته الى الدم. (اع ١٥:٢٩) وموقفهم هذا اكسبهم احترام عدد متزايد من الاختصاصيين الطبيين في سيراليون وغينيا.
اخوان يواسيان اختا في المستشفى
في سنة ١٩٧٨، وزَّع الاخوة في كل انحاء سيراليون كراس شهود يهوه ومسألة الدم للاطباء، الممرضين، مدراء المستشفيات، المحامين، والقضاة. ولم يمض وقت طويل بعدها حتى أُصيبت اخت بنزيف داخلي عند المخاض. لكن الاطباء رفضوا معالجتها بدون نقل دم. الا ان احدهم وافق ان يقدم المساعدة حين قرأ المعلومات الغنية والمنطقية في الكراس. فولدت الاخت صبيا سليما وتعافت تماما.
ونحو سنة ١٩٩١ قرأ د. باشيرو كوروما، جرَّاح في مستشفى كينيما، كراسة كيف يمكن للدم ان ينقذ حياتكم؟. فأعجبته معلوماتها، وابتدأ على الاثر يدرس الكتاب المقدس ويحضر الاجتماعات المسيحية. وعندما تعرض شاهد بعمر تسع سنوات لحادث ألحق الضرر بطحاله، رفض اطباؤه ان يجروا له عملية دون دم وقالوا لوالديه: «خذا ولدكما الى البيت ليموت هناك!». فطلب الوالدان مساعدة الدكتور كوروما الذي اجرى العملية بنجاح.
وسرعان ما اصبح الطبيب كوروما اخا، ودافع بغيرة عن المعالجة دون دم. فنبذه الاطباء الآخرون بسبب موقفه هذا، إلا ان مرضاه كانوا يُشفون دائما. ولاحقا بدأ بعض زملائه يطلبون مساعدته في العمليات الجراحية الصعبة.
وفي سنة ١٩٩٤، انشأ مكتب معلومات المستشفيات في الفرع بفريتاون لجانا للاتصال بالمستشفيات في سيراليون وغينيا. وهذه اللجان قدَّمت الدعم الحبي لكثيرين من الشهود المرضى وأقنعت عشرات الاختصاصيين الطبيين بمعالجة الشهود دون دم.
-
-
٢٠٠٢-٢٠١٣ التطورات الاخيرة (الجزء ٢)الكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
٢٠٠٢-٢٠١٣ التطورات الاخيرة (الجزء ٢)
مساعدة الصمّ
بحسب احد التقديرات، يتراوح عدد الصمّ في سيراليون بين ٠٠٠,٣ و ٠٠٠,٥ شخص، ويوجد المئات منهم في غينيا. ولكن بما ان يهوه «يشاء ان يخلص شتى الناس»، فكيف لهؤلاء ان «يسمعوا» البشارة؟ — ١ تي ٢:٤.
تروي المرسلة ميشيل واشنطن المتخرجة من جلعاد والتي اتت الى سيراليون عام ١٩٩٨ قائلة: «عُيِّنا انا وزوجي كيفن في جماعة يضمّ حضورها اربعة صمّ. وبما اني اعرف التواصل بلغة الاشارات الاميركية، اردت ان اساعدهم. فطلب مني مكتب الفرع ان اترجم للصمّ في الاجتماعات والمحافل، وأبلَغَ الجماعات المجاورة بهذا الترتيب. كما رتَّب ان تُعقد صفوف بلغة الاشارات لتعليم الناشرين المهتمين بمساعدة الصمّ. فبدأنا نبحث عن الصمّ في المجتمع وندرس معهم الكتاب المقدس. صحيح ان كثيرين من الناس لاحظوا الجهود التي نبذلها لمساعدة الصمّ ومدحونا عليها، إلا ان البعض لم يسرّهم عملنا. فثمة قس يؤدي خدمات دينية للصمّ اعلن اننا ‹انبياء دجَّالون›. وحذَّر الناس وعائلاتهم وأوصاهم بالابتعاد عنا. وقيل للبعض انهم سيُحرَمون من المساعدة المالية إن عاشرونا. فانقسم الصمّ على الفور الى فريقين: اولئك الذين لم يلتقونا وأيَّدوا القس، والذين التقونا ولم يؤيدوا القس. والمفرح ان بعضا من الفريق الثاني اتخذوا موقفهم الى جانب الحق وتقدموا حتى المعمودية».
من هؤلاء، على سبيل المثال، فِمي الذي وُلد اطرش ولا يستطيع التواصل إلا بالاشارات الاساسية. فقد كان يرتاب من الجميع — وخصوصا الذين يسمعون — ويفتقر الى الشعور بالسعادة والمحبة. ولكن بعدما بدأ يدرس الكتاب المقدس مع اخوة من فريق لغة الاشارات، شرع يحضر الاجتماعات المسيحية بانتظام وراح يتعلم بنفسه لغة الاشارات. وقد واصل تقدُّمه الروحي ثم اعتمد. وهو الآن يعلِّم الصمّ بفرح حق الكتاب المقدس.
(في اقصى اليمين) فِمي يرنِّم ترنيمة ملكوت
وفي تموز (يوليو) ٢٠١٠، اصبح فريق لغة الاشارات الاميركية في فريتاون جماعة. ويوجد ايضا فريقان بلغة الاشارات في مدينتَي بو وكوناكري.
فقراء لكن «اغنياء في الايمان»
يظهر الكتاب المقدس ان معظم مسيحيي القرن الاول كانوا فقراء ماديا. كتب التلميذ يعقوب: «أما اختار اللّٰه الفقراء في نظر العالم ليكونوا اغنياء في الايمان؟». (يع ٢:٥) بصورة مماثلة، يمنح الايمان بيهوه التعزية والرجاء للناشرين في سيراليون وغينيا.
وبدافع الايمان تقوم عائلات فقيرة كثيرة من الشهود في المناطق النائية بادِّخار المال طوال اشهر لحضور المحافل الكورية. وتقوم اخرى بزرع المحاصيل لتمويل رحلتها. وللوصول الى المحفل، تحشر مجموعات من ٢٠ الى ٣٠ مندوبا نفسها في شاحنات صغيرة، محتملةً الحر والغبار وارتجاجات الشاحنة مدة ٢٠ ساعة او اكثر. كما يقطع مندوبون آخرون مسافات طويلة سيرا على الاقدام. يقول احد الاخوة: «مشينا اول ٨٠ كلم ونحن نحمل مخزونا كبيرا من الموز. وفيما بعنا الموز على طول الطريق، خفَّ حِملنا وجمعنا ما يكفي من المال لنذهب المسافة المتبقية بالشاحنة».
السفر بالشاحنة الى محفل كوري
يدفع الايمان ايضا ناشرين كثيرين الى مقاومة اغراء الانتقال الى البلدان المزدهرة. يقول ايمانويل باتون، متخرِّج من مدرسة الكتاب المقدس للاخوة العزاب: «لنا ملء الثقة ان يهوه سيسدّ حاجاتنا. فلأننا نعيش في بلد حيث الحاجة ماسة الى كارزين بالملكوت، ندرك ان خدمتنا عزيزة جدا في عينيه». (مت ٦:٣٣) واليوم يخدم ايمانويل شيخا في الجماعة ويعمل دون كلل هو وزوجته يونيس على ترويج مصالح الملكوت. من ناحية اخرى، يختار رؤوس بعض العائلات ألا ينتقلوا للعمل في منطقة اخرى لكي يحموا وحدة وروحيات عائلاتهم. يقول تيموثي نيوما، الذي خدم كفاتح خصوصي وناظر دائرة بديل: «رفضت كل عمل يبعدني فترة طويلة عن عائلتي. كما اني وزوجتي، فلورنس، علَّمنا اولادنا في مدارس محلية بدل ان نرسلهم بعيدا ليربِّيهم الاقرباء».
ويعرب اخوة وأخوات آخرون عن الايمان بالمواظبة على النشاطات المسيحية رغم الصعوبات التي يواجهونها. يقول كيفن واشنطن المذكور آنفا: «كثيرون من الناشرين يكرزون ويتمِّمون مسؤولياتهم في الجماعة بانتظام في وجه مشاكل قد تُقعِدنا في البيت وتجعلنا مستائين. فالبعض مثلا مصابون بمرض مزمن وليس في وسعهم الحصول على العناية الطبية ولا على الادوية التي يمكن حيازتها بسهولة في مناطق اخرى. والبعض الآخر يبذلون جهودا كبيرة ليتعلموا القراءة والكتابة. لذلك اذا انتقدت يوما طريقة قيام احد الاخوة بتعيين ما، اسأل نفسي: ‹لو كنت اعمل بدوام كامل، اعاني مشاكل صحية جسيمة، اشكو من ضعف في البصر دون نظارات لتصحيحه، املك القليل من المطبوعات الثيوقراطية، وأعيش بدون كهرباء، أفلن اقوم بتعييني بالطريقة نفسها؟›».
فبهذه الطرق وبكثيرة غيرها، يمجِّد الاخوة والاخوات في سيراليون وغينيا يهوه. وعلى غرار اخوتهم المسيحيين في القرن الاول، يوصُّون بأنفسهم كخدام اللّٰه ‹باحتمال الكثير، بضيقات، باحتياجات، . . . كفقراء وهم يغنون كثيرين، كمَن لا شيء عندهم وهم يملكون كل شيء›. — ٢ كو ٦:٤، ١٠.
مواجهة المستقبل بثقة
قبل اكثر من ٩٠ سنة، اخبر ألفرد جوزيف وليونارد بلاكمان ان حقول سيراليون «قد ابيضَّت للحصاد». (يو ٤:٣٥) وبعد نحو ٣٥ سنة، كتب مانويل ديوغو من غينيا: «يوجد عدد كبير من المهتمين هنا». واليوم، خدام يهوه في البلدَين مقتنعون ان المزيد والمزيد بعد سيتجاوبون مع البشارة.
ففي سنة ٢٠١٢، بلغ حضور الذِّكرى في غينيا ٤٧٩,٣، اي ما يزيد على اربعة اضعاف ونصف عدد الناشرين في البلد. وقد حضرها في سيراليون ٨٥٤,٧ شخصا، اي نحو اربعة اضعاف عدد الناشرين البالغ ٠٣٠,٢. وكان بين الاخوة القدماء في ليلة الذكرى تلك، الفاتحة الخصوصية وينيفرد ريمي البالغة من العمر ٩٣ سنة. فهي وزوجها ليتشفيلد اتيا الى سيراليون عام ١٩٦٣. وما زالت تخدم فاتحة خصوصية بعد ٦٠ سنة من الخدمة كامل الوقت. تقول: «مَن كان يتخيل ان سيراليون ستصبح غنية جدا بإخوة وأخوات اقوياء روحيا. ورغم انني عجوز، لا ازال ارغب ان اساهم في هذه الزيادة المبهجة».a
يشاطر شهود يهوه في سيراليون وغينيا الاخت وينيفرد مشاعرها. فهم كالاشجار الشامخة المرويَّة جيدا مصمِّمون على مواصلة حمل الثمر لتسبيح يهوه. (مز ١:٣) وبدعمه سيستمرون في المناداة برجاء الحرية الحقيقي: «الحرية المجيدة لأولاد اللّٰه». — رو ٨:٢١.
لجنة الفرع، من اليمين الى اليسار: دلْروي وليَمسون، تامبا جوسايا، ألفرد غَن، وكولِن أتِك
a فارقت وينيفرد ريمي الحياة اثناء إعداد هذه الرواية.
-
-
يهوه انتشلني من بؤسيالكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
يهوه انتشلني من بؤسي
جاي كامبل
تاريخ الولادة: ١٩٦٦
تاريخ المعمودية: ١٩٨٦
لمحة عن حياتها: اقعدها شلل الاطفال منذ صغرها. رغم ذلك انخرطت في الفتح العادي.
نشأت مصابة بالشلل في القسم الاسفل من جسمي. وعشت في مجمَّع سكني في فريتاون مع امي وعدد من العائلات الفقيرة الاخرى. وبما اني كنت اخجل وأخاف من نظرة الغرباء اليّ، لم اتجرَّأ على الخروج من المجمَّع طوال ١٨ سنة إلا مرة واحدة فقط.
في الثامنة عشرة من عمري، زارتنا المرسلة بولين لانديس وعرضت ان تعلِّمني الكتاب المقدس. فأخبرتها انني لا اعرف القراءة والكتابة، فقالت انها مستعدة ان تعلِّمني اياهما ايضا. عندئذ قبلت عرضها.
فأدخل ما تعلَّمته من الكتاب المقدس البهجة الى قلبي. لذلك طلبت ذات يوم من بولين ان احضر اجتماعا في منزل يبعد عن مسكننا مجمَّعا واحدا، وقلت لها: «سأسير الى هناك مستعينة بالقطعتين الخشبيتين».
حين اتت بولين لتقلَّني الى الاجتماع، راح الجيران وأمي يراقبونني بقلق. فأمسكت القطعتين الخشبيتين بإحكام ووضعتهما امامي على الارض ثم حملت جسمي واندفعت الى الامام. وفيما كنت «اسير» لأجتاز باحة المجمَّع صرخ الجيران في وجه بولين قائلين: «انت تجبرينها. لقد حاولت في السابق ان تمشي لكنها فشلت».
فسألتني بولين بلطف: «هل تريدين ان تذهبي يا جاي؟».
اجبتها: «اجل، انه قراري».
فراح الجيران يراقبونني بصمت فيما اقتربت من البوابة. لكن حين خرجت من المجمَّع تهللوا فرحا.
استمتعت كثيرا بذلك الاجتماع. فقررت لاحقا ان اذهب الى قاعة الملكوت. لكنّ الذهاب الى القاعة تضمن ان «اسير» الى رأس الشارع، اركب سيارة اجرة، ومن ثم ان يحملني الاخوة صعودا في طريق شديد الانحدار. وغالبا ما وصلت مبلَّلة وملطَّخة بالوحل، فكان عليَّ ان ابدِّل ثيابي في القاعة. ولكن في ما بعد، ارسلت اليَّ اخت لطيفة من سويسرا كرسيا متحرِّكا ساعدني على التنقل بكرامة.
دفعتني قراءة اختبارات الشهود المعاقين ان ازيد من خدمتي ليهوه. فانخرطت عام ١٩٨٨ في الفتح العادي. وصلَّيت الى يهوه ان يساعدني على بلوغ هدفي: ان اساعد شخصا من عائلتي او في المقاطعة ليصير خادما ليهوه. فاستُجيبت صلواتي حين ساعدت اثنين من اولاد اختي على معرفة الحق وكذلك امرأة التقيتها اثناء الشهادة في الشارع.
واليوم لم تعد يداي تقويان على تسيير كرسيَّ المتحرك. لذا، انا اعتمد على الآخرين من اجل التنقل. كما اني اعاني اوجاعا مزمنة. لكني اجد ان تعليم الآخرين عن يهوه هو علاجي. فالفرح الذي استمده من هذا العمل يخفف ألمي ويريحني. فيهوه انتشلني من بؤسي، وأنا الآن احيا حياة لها معنى.
-
-
نجونا من المقاتلين المتمردينالكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
نجونا من المقاتلين المتمردين
اندرو بون
تاريخ الولادة: ١٩٦١
تاريخ المعمودية: ١٩٨٨
لمحة عن حياته: عند اندلاع الحرب عام ١٩٩١، كان فاتحا عاديا في بندمبو، بالاقليم الشرقي في سيراليون.
دخل المتمردون بلدتنا بعد ظهر احد الايام، مطلقين الاعيرة النارية في الهواء لمدة ساعتين تقريبا. وقد كانوا في غاية القذارة، شعرهم مهمل، وبدوا تحت تأثير المخدِّرات. وكان بينهم مراهقون بالكاد استطاعوا ان يحملوا اسلحتهم.
ثم بدأت المذابح في اليوم التالي. فبوحشية بالغة بُترت اطراف الناس او أُعدموا، اغتُصبت النساء، وعمّت الفوضى. في هذه الاثناء، احتمى ببيتنا الاخ امارا باباوو وعائلته وأربعة مهتمين. وجميعنا كنا مرعوبين.
سرعان ما أتى قائد للمتمردين وأمرنا ان نحضر الى التدريب العسكري في الصباح التالي. لكننا صممنا ان نحافظ على حيادنا، رغم ان الرفض عنى الموت. فصلينا طوال الليل تقريبا. وقمنا في الصباح الباكر، قرأنا الآية اليومية، وانتظرنا وصول المتمردين. إلا انهم لم يأتوا قط.
«انتم تقرأون الآية اليومية. إذًا لا بد انكم شهود ليهوه»
ثم اتى لاحقا ضابط من المتمردين برفقة اربعة من رجاله واستولوا على بيتي. لكنهم امرونا بالبقاء، فواظبنا على عقد الاجتماعات بانتظام ومناقشة الآية اليومية في البيت. فقال لنا بعض المقاتلين: «انتم تقرأون الآية اليومية. إذًا لا بد انكم شهود ليهوه». وقد احترمونا رغم انهم لم يظهروا اهتماما بالكتاب المقدس.
اتى ذات يوم ضابط عالي الرتبة لتفقد القوات المعسكرة في بيتي. فألقى التحية على الاخ باباوو وصافحه. وصاح مخاطبا جنوده: «ان هذا الرجل هو قائدي وقائدكم. اذا مسستم شعرة منه او من الذين معه، فستلقون بئس المصير. هل هذا واضح؟». فأجابوه: «نعم سيدي». ثم اعطانا هذا الضابط رسالة تأمر الجبهة الثورية المتحدة بعدم المساس بنا لأننا مواطنون مسالمون.
بعد عدة اشهر، بدأت فصائل المتمردين تتقاتل في ما بينها، فهربنا الى دولة ليبيريا المجاورة. وهناك تعرضت لنا مجموعة متمردة اخرى. فقلنا لهم: «نحن شهود ليهوه». فسألنا احد المقاتلين: «ماذا تقول يوحنا ٣:١٦؟». وعندما اقتبسنا له الآية، اخلى سبيلنا.
ثم التقينا لاحقا بقائد آخر للمتمردين أمرني انا والاخ باباوو ان نتبعه. فخفنا على حياتنا. لكن هذا المتمرد اخبرنا انه درس مع الشهود قبل الحرب. فأعطانا مالا وأخذ منا رسالة وأوصلها الى الاخوة في جماعة مجاورة. ولم يمضِ وقت طويل حتى جاء اثنان من الاخوة بالمؤن وأخذانا الى بر الامان.
-
-
رجل برج المراقبةالكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
رجل برج المراقبة
جيمس كوروما
تاريخ الولادة: ١٩٦٦
تاريخ المعمودية: ١٩٩٠
لمحة عن حياته: خدم ساعي بريد خلال الحرب الاهلية.
فيما اقتتل المتمردون والقوات الحكومية في فريتاون، تطوعت لحمل المراسلات من فريتاون الى مكتب الفرع المؤقت في كوناكري بغينيا.
عند موقف باصات المدينة، استقللت باصا مع مجموعة من الناس الآخرين. ودوت اصوات الطلقات النارية من بعيد، فدخل الخوف الى نفوسنا. وفيما انطلق الباص عبر طرقات المدينة، وقعنا بين اطلاق نار مكثف. فتراجع السائق وسلك طريقا آخر. بعيد ذلك، اوقفتنا مجموعة من المتمردين المسلحين وأمرونا ان ننزل من الباص. وبعد ان استجوبونا، اخلوا سبيلنا. ولاحقا اوقفتنا مجموعة اخرى من المقاتلين. ولكن لأن احد الركاب عرف قائدهم، سمحوا لنا هم ايضا بالمرور. وعند طرف المدينة، التقينا مجموعة ثالثة من المتمردين. فاستجوبونا وأمرونا ان نكمل طريقنا. وفيما اتجهنا شمالا، مررنا بالعديد والعديد من حواجز التفتيش حتى وصل باصنا اخيرا مغطى بالغبار الى كوناكري في المساء.
وفي الرحلات التي تلت، حملت صناديق المطبوعات، الادوات المكتبية، سجلات الفرع، ومواد الاغاثة. وغالبا ما سافرت بالسيارة او الحافلة. لكني استخدمت ايضا الحمّالين والزوارق لنقل المطبوعات عبر الغابات المطيرة والانهر.
فيما كنت احمل ذات مرة معدات من فريتاون الى كوناكري، اوقف المتمردون عند الحدود الحافلة التي استقللتها. فلاحظ احدهم امتعتي وبدأ يستجوبني مرتابا في امري. في تلك اللحظة، لمحت بين المتمردين رفيقا سابقا لي في المدرسة. كان المتمردون يدعونه «صلب الرقبة»، وكان المقاتل ذا الملامح الاكثر وحشية بينهم. فقلت للذي يستجوبني اني حضرت للقاء «صلب الرقبة»، وناديته. فتعرف «صلب الرقبة» عليّ فورا وركض للقائي. فتعانقنا وضحكنا. ثم بدأ يكلمني بجدية.
سألني: «هل تواجه اية صعوبات؟».
فأجبته: «اني اريد العبور الى غينيا».
فما كان منه عندئذ إلا ان امر المقاتلين ان يدعوا حافلتنا تعبر الحاجز بدون تفتيش.
ومن ذلك اليوم فصاعدا، كلما وصلت الى ذلك الحاجز، كان «صلب الرقبة» يأمر المقاتلين ان يدعوني امرّ. وأعطيت المقاتلين نسخا من مجلاتنا، وقد قدروها كثيرا. وسرعان ما بدأوا يدعونني رجل برج المراقبة.
-
-
شيء افضل من الألماسالكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
شيء افضل من الألماس
تامبا جوسايا
تاريخ الولادة: ١٩٤٨
تاريخ المعمودية: ١٩٧٢
لمحة عن حياته: عمل في مناجم الألماس قبل ان يتعرف الى الحق. وهو الآن عضو في لجنة فرع سيراليون.
عملت سنة ١٩٧٠ لدى شركة تعدين بريطانية في تونغو–فيلد، منطقة غنية بالألماس الى الشمال من كينيما. كما اني نقبت عن الألماس في وقت فراغي. وكلما وجدت احجارا خاصة بي، كنت ارتدي ثيابي وأذهب الى كينيما لبيعها وقضاء وقت طيب.
التقيت بشهود يهوه سنة ١٩٧٢ وبدأت ادرس الكتاب المقدس. وبعد خمسة اشهر، تأهّلت للمعمودية. ولكن لأني كنت قد استنزفت كل ايام عطلي، طلبت من زميل في العمل ان يسد محلي حتى اتمكن من حضور المحفل الكوري واعتمد. وقد وافق بشرط ان اعطيه راتبي لأسبوع. لكن المعمودية كانت اهم بالنسبة اليّ من المال، فقبلت عرضه عن طيب خاطر. وعندما عدت من المحفل، اخبرني ان بإمكاني الاحتفاظ براتبي لأني قمت بالخيار الصائب ان اخدم اللّٰه. وبعد ستة اشهر تركت عملي المربح لكي ادخر كنوزا في السماء بالخدمة فاتحا خصوصيا. — مت ٦:١٩، ٢٠.
وخلال السنوات الـ ١٨ التي تلت، خدمت فاتحا خصوصيا وناظر دائرة في ارجاء شتى من البلاد. وتزوجت كريستيانا، شريكة ولية وداعمة، ورزقنا بابنتنا لينيت.
كنت احلم في ما مضى بالعثور على الألماس الحرفي. إلا اني وجدت شيئا افضل، الغنى الروحي
خلال الحرب الاهلية في سيراليون، خدمنا انا وكريستيانا فاتحين في بو، التي تقع في موقع كبير آخر لتعدين الألماس. ووجدنا هناك العديد من «الألماس» الروحي، تلاميذ مسيحيين حقيقيين. وفي اربع سنوات، زادت جماعتنا بنسبة فاقت الـ ٦٠ في المئة. والآن هنالك ثلاث جماعات مزدهرة في بو.
دعيت لأكون عضوا في لجنة فرع سيراليون سنة ٢٠٠٢. فمكثنا انا وكريستيانا بالقرب من بيت ايل. وفيما تخدم كريستيانا فاتحة خصوصية، اذهب انا الى العمل كل يوم. ولينيت ايضا تعمل في بيت ايل في فريق ترجمة الكريو.
كنت احلم في ما مضى بالعثور على الألماس الحرفي. إلا اني وجدت شيئا افضل، الغنى الروحي. كما اني تمكنت من استخراج ١٨ «جوهرة» روحية، تلاميذ مسيحيين حقيقيين. فبركات يهوه عليّ هي بالفعل لا تعد ولا تحصى.
-
-
مصمِّم على خدمة يهوهالكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
مصمِّم على خدمة يهوه
فيليب تنغبِيه
تاريخ الولادة: ١٩٦٦
تاريخ المعمودية: ١٩٩٧
لمحة عن حياته: لاجئ ساعد في بناء خمس قاعات ملكوت.
عام ١٩٩١، هربنا انا وزوجتي ساتا لننجو بحياتنا عندما اجتاح الجنود المتمردون مسقط رأسنا كويندو بسيراليون. وسكنَّا في السنوات الثماني التالية في عدد من مخيمات اللاجئين. وهناك احتملنا الجوع والامراض والسلوك الفاسد لجيراننا في المخيمات.
كنا في كل مخيم نطلب من السلطات قطعة ارض لنبني عليها قاعة. فتلبي طلبنا احيانا وترفضه احيانا اخرى. رغم ذلك دبَّرنا دائما مكانا لنجتمع فيه. فكنا مصمِّمين على خدمة يهوه. وأخيرا بنينا اربع قاعات في المخيمات.
عندما انتهت الحرب لم نستطع العودة الى كويندو. فسنوات القتال حوَّلتها الى خراب. لذلك أُرسلنا الى مخيم آخر للاجئين قرب مدينة بو. وهناك بنينا قاعتنا الخامسة بتمويل من مكتب الفرع.
-
-
احببت سيراليونالكتاب السنوي لشهود يهوه ٢٠١٤
-
-
سيراليون وغينيا
احببت سيراليون
سيندي ماكنتاير
تاريخ الولادة: ١٩٦٠
تاريخ المعمودية: ١٩٧٤
لمحة عن حياتها: مرسلة منذ سنة ١٩٩٢. خدمت في غينيا والسنغال وتخدم في الوقت الحاضر في سيراليون.
احببت سيراليون بعد اسبوعين فقط من وصولي اليها. فأدهشني كيف يحمل الناس اوزانا ثقيلة على رؤوسهم في خفة وبراعة دون ان تقع. كما ان الاحياء هنا مفعمة بالحياة. فالاولاد يلعبون ويرقصون في الشوارع، مصفِّقين بأيديهم وخابطين الارض بأرجلهم على ايقاعات موسيقية فَرِحة. وكيفما تطلَّعتُ وجدت الالوان والحركة والموسيقى.
لكن اكثر ما تمتعت به هو الكرازة. فأهل سيراليون يُفرحهم ان يرحِّبوا بالغرباء. وهم يحترمون الكتاب المقدس ويصغون الى رسالته. وكثيرا ما يدعونني الى بيوتهم، وحين اغادر يرافقني بعضهم الى آخر الشارع. ان هذه الصفات الرائعة تساعدني ان اتغلب على المصاعب الثانوية هنا، كقلَّة الماء وانقطاع الكهرباء.
احيانا يسألني الناس إن كنت اشعر بالوحدة لأنني عزباء. لكن برنامجي في الواقع حافل بالمشاغل بحيث لا يوجد لديّ وقت فراغ لأشعر بالوحدة. فأنا احيا حياة ذات معنى حقيقي.
-