مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • لغة ترونها!‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٨ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٨
    • لغة ترونها!‏

      كيف تعلمتم لغتكم الام؟‏ ربما بسماعكم اعضاء العائلة وأصدقاء والديكم يتكلمونها حين كنتم اطفالا.‏ فمعظم الناس يكتسبون اللغة بواسطة حاسة السمع ثم يستعملونها كلاميا.‏ وعند صياغة المفاهيم والافكار،‏ يقوم الناس غير الصُّمّ بالتمرُّن تلقائيا على الكلمات والجمل المحكية في ذهنهم قبل ان يتفوهوا بها.‏ لكن حين يولد الطفل اصمَّ،‏ هل يمكن ان يصوغ الذهن الافكار بطريقة اخرى؟‏ وهل هنالك لغة يمكن ان تنقل الافكار،‏ سواء كانت مجرَّدة او محسوسة،‏ من دماغ الى آخر دون الحاجة الى اصدار ايّ صوت؟‏

      تُرى ولكن لا يُسمع لها صوت

      ان احدى عجائب العقل البشري هي قدرتنا على استعمال اللغة وتكييفها.‏ لكن حين يتعذر على الشخص ان يسمع،‏ يُضطر عادة الى تعلُّم اللغة عن طريق النظر،‏ لا السمع.‏ ومن المفرح ان رغبة النفس البشرية في الاتصال شديدة جدا،‏ بحيث تمكِّننا من التغلب على ايّ عائق ظاهري.‏ وأدَّت هذه الحاجة عند الصُّمّ الى تطويرهم العديد من لغات الاشارات في كل انحاء العالم.‏ وأسفر اختلاط الصُّمّ بعضهم ببعض،‏ سواء وُلدوا في عائلات كل افرادها صُمّ او احتكّوا بعضهم ببعض في مدارس خصوصية او في المجتمع،‏ عن نشوء لغة معقَّدة تُفهم من خلال العينَين —‏ لغة الاشارات.‏a

      اكتسب كارل،‏ من الولايات المتحدة،‏ هذه اللغة من والديه الاصمَّين.‏b فمع انه وُلد اصمَّ،‏ تمكَّن في عمر غضّ من استعمال لغة الاشارات الاميركية لتسمية الاشياء،‏ تأليف الجُمل،‏ والتعبير عن الافكار المجرَّدة.‏ ومعظم الاولاد الصُّمّ الذين والدوهم صُمّ يمكنهم ان يصنعوا اشاراتهم الاولى وهم بعمر ١٠ الى ١٢ شهرا.‏ ويوضح كتاب رحلة الى عالم الصُّمّ (‏بالانكليزية)‏:‏ «يدرك اللغويون الآن ان قدرة المرء على اكتساب لغة بشكل طبيعي ونقلها الى اولاده هي قدرة راسخة في الدماغ.‏ ولا يهم سواء ظهرت هذه القدرة في شكل لغة محكية او لغة اشارات».‏

      وُلدت سفييتا في روسيا،‏ وكانت الجيل الرابع من عائلة من الصُّمّ.‏ وقد تعلَّمت وأخيها الاصمّ لغة الاشارات الروسية.‏ وبحلول الوقت الذي دخلت فيه روضة اطفال مخصصة للاولاد الصُّمّ،‏ حين كانت بعمر ثلاث سنوات،‏ كانت مهاراتها في لغة الاشارات التي اكتسبتها بشكل طبيعي متطورة جدا.‏ تعترف سفييتا:‏ «لم يكن الاولاد الآخرون يعرفون لغة الاشارات،‏ فكانوا يتعلمونها مني».‏ فأولاد كثيرون والدوهم ليسوا صُمًّا ولا يعرفون لغة الاشارات.‏ وغالبا ما يتعلَّم الاولاد الصُّمّ الاصغر لغة الاشارات في المدرسة من الاولاد الصُّمّ الاكبر سنا،‏ مما يسهِّل عليهم الاتصال.‏

      واليوم يتعلَّم المزيد من الوالدين الذين ليسوا صُمًّا ان يتحادثوا مع اولادهم بلغة الاشارات.‏ ونتيجة لذلك،‏ يتمكن اولادهم الصُّمّ من الاتصال بفعالية قبل ان يدخلوا المدرسة.‏ وهذه كانت حال آندرو،‏ في كندا،‏ الذي وُلد لأبوَين ليسا اصمَّين.‏ فقد تعلَّما لغة الاشارات وخاطباه بها في عمر غضّ،‏ مما اعطاه اساسا لغويا يمكنه ان يبني عليه في السنوات اللاحقة.‏ والآن يمكن لكل افراد العائلة التكلم واحدهم مع الآخر في كل المواضيع بلغة الاشارات.‏

      يمكن للصُّمّ ان يصوغوا الافكار،‏ سواء كانت مجرَّدة او محسوسة،‏ دون ان يضطروا الى التفكير في لغة محكية.‏ فكما ان كلًّا منا يصوغ الافكار بلغته الخاصة،‏ كذلك فإن كثيرين من الصُّمّ يفكِّرون من خلال لغة الاشارات خاصتهم.‏

      لغات مختلفة

      في كل انحاء العالم،‏ قام الصُّمّ إما بابتداع لغة اشارات خاصة بهم او اتخذوا بعض اوجه لغات الاشارات الاخرى.‏ فبعض مفردات لغة الاشارات الاميركية المستعملة اليوم اتى من لغة الاشارات الفرنسية المستعملة منذ ١٨٠ سنة.‏ وقد دُمجت هذه المفردات في المفردات التي كانت مستعملة اصلا في الولايات المتحدة،‏ مما انتج ما يُعرف اليوم باسم لغة الاشارات الاميركية.‏ وتتطور لغات الاشارات على مر السنوات،‏ وهي تتعدَّل باستمرار مع كل جيل جديد.‏

      لا تتبع لغات الاشارات عادة اللغات المحكية من حيث توزيعها الجغرافي والاجتماعي.‏ ففي پورتو ريكو،‏ مثلا،‏ تُستعمل لغة الاشارات الاميركية على نحو متزايد،‏ مع ان اللغة المحكية هي الاسپانية.‏ ورغم ان الانكليزية هي اللغة المحكية في الولايات المتحدة وإنكلترا على السواء،‏ تُستعمل في انكلترا لغة الاشارات البريطانية،‏ التي تختلف كثيرا عن لغة الاشارات الاميركية.‏ وتختلف ايضا لغة الاشارات المكسيكية عن العديد من لغات الاشارات في اميركا اللاتينية.‏

      حين يدرس المرء لغة اشارات،‏ تدهشه تعقيداتها الدقيقة وغنى تعابيرها.‏ فيمكن التعبير عن معظم المواضيع والافكار بلغة الاشارات.‏ ومن المفرح ان هنالك نزعة متزايدة الى انتاج المطبوعات على كاسيتات ڤيديو من اجل الصُّمّ،‏ باستعمال لغة الاشارات التي تعلموها منذ طفولتهم،‏ وذلك بهدف إخبار القصص،‏ تلاوة الشعر،‏ عرض الروايات التاريخية،‏ وتعليم حقائق الكتاب المقدس.‏ وفي بلدان عديدة يزداد عدد الاشخاص الذين يتعلمون لغة الاشارات.‏

      قراءة ما لم يُسمع قط

      حين يقرأ الاشخاص الذين ليسوا صُمًّا،‏ غالبا ما يستعينون بذاكرتهم السمعية اذ يتذكرون نغمة الكلمات.‏ ولذلك فإن سبب فهمهم لجزء كبير ممَّا يقرأونه هو انهم سمعوه من قبل.‏ وفي معظم اللغات لا تصوِّر الكلمات المكتوبة الافكار التي تعبِّر عنها،‏ ولا تشبهها.‏ فأشخاص عديدون يتعلمون هذا النظام الاعتباطي،‏ اي الشِّفرة المكتوبة،‏ بربطه بنغمات اللغة المحكية ليفهموا ما يقرأونه.‏ لكن حاولوا ان تتخيلوا انكم لم تسمعوا قط ايَّ صوت او كلمة او لغة في حياتكم.‏ فمن الصعب ان تتعلموا شفرة مكتوبة اعتباطيا للغة لا يمكنكم ان تسمعوها،‏ وقد يسبِّب ذلك لكم الاحباط.‏ فلا عجب ان تكون قراءة لغة كهذه تحديا للصُّمّ،‏ وخصوصا لمَن فقدوا سمعهم كاملا في سنٍّ باكرة او للذين وُلدوا صُمًّا.‏

      لقد وجدت مراكز تعليمية عديدة للاولاد الصُّمّ حول العالم ان هنالك فائدة من تعليم الاولاد لغة الاشارات في طور نموهم اللغوي الباكر.‏ (‏انظروا الاطارين في الصفحتين ٢٠ و ٢٢.‏)‏ فقد وُجد ان تعليم الاولاد الصُّمّ احدى لغات الاشارات منذ صغرهم وتطوير اساس لغوي عندهم يمهِّد السبيل لدرجة اكبر من النجاح اكاديميا واجتماعيا،‏ وأيضا لتعلُّمهم لغة مكتوبة في وقت لاحق.‏

      ذكرت لجنة تعليم الصُّمّ المنبثقة من منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة:‏ «لم يعد مقبولا اهمال لغة الاشارات،‏ او عدم الاشتراك بفعَّالية في تطورها في البرامج الثقافية المخصصة للصُّمّ».‏ ولكن من الجدير بالذكر انه مهما كان اختيار الوالدَين بالنسبة الى ثقافة ولدهما الاصمّ،‏ فإن مساهمة الوالدَين كليهما في نمو ولدهما هي ذات اهمية فائقة.‏ —‏ انظروا مقالة «لكي اتحدث الى ابني،‏ تعلمت لغة اخرى»،‏ في استيقظ!‏ عدد ٨ تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ١٩٩٦.‏

      فهم عالم الصُّمّ

      حين يصبح الاولاد الصُّمّ راشدين صُمًّا،‏ غالبا ما يعترفون ان اكثر ما كانوا يرغبون فيه من والديهم هو الاتصال.‏ فحين كانت ام جاك المسنة تحتضر،‏ حاول هذا الرجل الاصمّ ان يكلِّمها.‏ فجاهدت لتقول له شيئا لكنها لم تتمكن من كتابته له،‏ ولم تكن تعرف لغة الاشارات.‏ ثم دخلت في غيبوبة وماتت.‏ لطالما راودت جاك ذكرى تلك اللحظات الاخيرة المؤلمة.‏ وقد دفعه هذا الحادث الى نصح والدي الاولاد الصُّمّ:‏ «اذا اردتم اتصالا سلسا بولدكم الاصمّ وتبادل الافكار،‏ والمشاعر،‏ والمحبة معه بطريقة مفهومة،‏ فاستعملوا لغة الاشارات.‏ .‏ .‏ .‏ لقد فات الاوان بالنسبة اليّ.‏ فهل فات الاوان بالنسبة اليكم؟‏».‏

      لطالما أُسيء فهم الصُّمّ.‏ فقد يعتقد البعض ان الصُّمّ لا يعرفون شيئا تقريبا لأنهم لا يسمعون.‏ ووالدو الاولاد الصُّمّ يفرطون في حماية اولادهم او يخافون من السماح لهم بالاحتكاك بالعالم الخارجي.‏ وفي بعض الحضارات غالبا ما يوصف الصُّمّ خطأً بأنهم «بُكم» او «خُرس»،‏ مع انهم عادة لا يعانون اعاقة كلامية.‏ فكل ما في الامر انهم لا يسمعون.‏ ويعتبر البعض لغة الاشارات لغة بدائية او ادنى من اللغة المحكية.‏ فلا عجب ان يشعر بعض الصُّمّ بأنهم مظلومون او بأنه يُساء فهمهم،‏ بسبب جهل كهذا.‏

      حين كان جوزف ولدا صغيرا في الولايات المتحدة في ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كان يذهب الى مدرسة خاصة بالصُّمّ حيث كان استعمال لغة الاشارات محظورا.‏ وغالبا ما كان يجري تأنيبه ورفقاء صفِّه حين كانوا يستعملون الاشارات،‏ حتى حين لم يكونوا يفهمون ما يقوله الاساتذة.‏ فكم كانوا يتوقون الى التفاهم مع الآخرين!‏ وفي البلدان حيث التعليم المخصص للصُّمّ محدود،‏ ينال الصُّمّ القليل من التعليم الدراسي.‏ مثلا،‏ قال مراسل لـ‍ استيقظ!‏ في افريقيا الغربية:‏ «بالنسبة الى العديدين من الصُّمّ في افريقيا،‏ تكون الحياة صعبة وبائسة.‏ وبين كل ذوي الاعاقة،‏ ربما يكون الصُّمّ هم المنبوذين اكثر والمفهومين اقل».‏

      كل شخص منا بحاجة الى ان يُفهم.‏ ولكن من المؤسف انه حين يرى الناس شخصا اصمَّ،‏ لا يرون فيه إلّا شخصا «معاقا».‏ فيمكن ان تعمي الاعاقات التي نتخيلها عند الشخص الاصمّ اذهاننا عن قدراته الحقيقية.‏ فالعديد من الصُّمّ،‏ على سبيل التباين،‏ يرون في انفسهم اشخاصا «قادرين على الانجاز».‏ فهم قادرون ان يتحادثوا في ما بينهم بكل طلاقة،‏ ان ينمّوا احترامهم للذات،‏ وأن يحرزوا النجاح اكاديميا،‏ واجتماعيا،‏ وروحيا.‏ لكن من المحزن ان سوء المعاملة التي تألم منها العديد من الصُّمّ قد جعلت البعض يفقدون الثقة بالاشخاص الذين ليسوا صُمًّا.‏ ولكن حين يُبدي هؤلاء اهتماما مخلصا بفهم ثقافة الصُّمّ،‏ ولغة الاشارات التي تعلموها منذ صغرهم،‏ ويرون القدرات الحقيقية عند الصُّمّ،‏ حينئذ يستفيد الجميع.‏

      اذا اردتم تعلُّم لغة اشارات،‏ فتذكروا ان اللغات تمثِّل طريقة تفكيرنا وتحليلنا للافكار.‏ ولذلك ينبغي ان تتعلَّموا التفكير بلغة الاشارات،‏ اذا اردتم ان تتقنوها.‏ ولهذا السبب لن تتمكنوا من اجادة لغة الاشارات بمجرد تعلُّم الاشارات من قاموس.‏ فلمَ لا تتعلمون من اشخاص يستعملون لغة الاشارات في حياتهم اليومية —‏ الصُّمّ؟‏ فإذا تعلمتم لغة ثانية من اشخاص يتكلمونها منذ صغرهم،‏ فستتمكنون من التفكير وتحليل الافكار بطريقة مختلفة ولكن بسيطة وخالية من التكلُّف.‏

      في كل انحاء العالم،‏ يوسِّع الصُّمّ آفاقهم باستعمال لغات الاشارات الغنية.‏ فتعالوا واكتشفوا لغتهم.‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a ان التعبيرين «اصم» و «ليس اصم» في هاتين المقالتين لا يستعملان فقط للاشارة الى الاشخاص الذين يعانون او لا يعانون مشاكل في السمع،‏ بل ايضا للاشارة الى الثقافات المختلفة واختبارات الحياة للمجموعتين.‏

      b يُقدَّر ان هنالك مليون شخص اصمّ عندهم «لغة وثقافة متميزتان» في الولايات المتحدة وحدها.‏ وأغلبية هؤلاء وُلدوا صُمًّا.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ هنالك ما يقدَّر بـ‍ ٢٠ مليون شخص سمعهم ضعيف،‏ لكن باستطاعتهم الاتصال بواسطة لغتهم الام المحكية.‏ —‏ رحلة الى عالم الصُّمّ،‏ بقلم هارلن لاين،‏ روبرت هوفمايستر،‏ وبن باهان.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٢٠]‏

      ‏«نيويورك تقرِّر تعليم الصُّمّ لغة الاشارات قبل الانكليزية»‏

      ظهر هذا العنوان في ذا نيويورك تايمز (‏بالانكليزية)‏ عدد ٥ آذار (‏مارس)‏ ١٩٩٨.‏ وكتبت فليشا ر.‏ لي:‏ «في ما يوصف بأنه تغيير جذري في تعليم الصُّمّ،‏ ستجري اعادة النظر في نظام التعليم في المدرسة الحكومية الوحيدة في المدينة المخصصة لتعليم الصُّمّ،‏ بحيث يعلِّم كل الاساتذة بشكل اساسي بلغة الاشارات المؤلفة من اشارات وإيماءات».‏ وتمضي موضحة ان العديد من الاختصاصيين في التربية «يقولون ان الابحاث تظهر ان لغة الصُّمّ الاساسية هي لغة مرئية،‏ وليست كلامية،‏ وأن المدارس التي تستعمل طريقتهم المفضَّلة،‏ المسماة لغة الاشارات الاميركية،‏ تنجح في تعليم التلاميذ اكثر من المدارس الاخرى.‏

      «ويقول الخبراء انه ينبغي معاملة التلاميذ الصُّمّ على اساس انهم تلاميذ يتكلَّمون لغتين،‏ وليس على اساس انهم تلاميذ معاقون».‏

      وقال الپروفسور هارلان لاين،‏ من جامعة نورث إيسترن،‏ في بوسطن:‏ «اظن ان [مدرسة نيويورك] هي في طليعة التحرك».‏ وقال لـ‍ استيقظ!‏ ان الهدف الاساسي قد صار تعليم الانكليزية كلغة ثانوية،‏ لغة للمطالعة.‏

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٢١]‏

      انها لغة!‏

      يعتقد خطأً بعض الاشخاص الذين ليسوا صُمًّا ان لغة الاشارات هي شكل معقد من التمثيل الإيمائي،‏ حتى انها وُصفت بأنها لغة تصويرية.‏ ولكن مع انه يجري استعمال الوجه،‏ الجسم،‏ اليدين والحيِّز المحيط بها على نحو فعَّال في لغة الاشارات،‏ قلّما تشبه معظم الاشارات الافكار التي تنقلها.‏ فلنَقْل فكرة «صنع» بلغة الاشارات الاميركية،‏ مثلا،‏ تُضمُّ القبضتان،‏ وتوضع الواحدة فوق الاخرى ثم تُفتلان.‏ ومع ان هذه الحركة شائعة،‏ فهي لا تنقل الفكرة بالنسبة الى الشخص الذي لا يفهم لغة الاشارات.‏ أما في لغة الاشارات الروسية،‏ فالاشارة التي تعني «يحتاج» تُصنع بجعل ابهام كل يد يلامس الاصبع الثالثة وتحريك اليدين بحركة دائرية متوازية.‏ (‏انظروا الصورتين في هذه الصفحة.‏)‏ وهكذا من غير الممكن صنع تصوير للعديد من المفاهيم المجرَّدة.‏ وتشذ عن هذه القاعدة الاشارات التي تمثل الامور المحسوسة والتي تكون وصفية،‏ مثل الاشارة التي تمثِّل «بيت» او «طفل».‏ —‏ انظروا الصورتين في هذه الصفحة.‏

        وهنالك مقياس آخر يُطبَّق على اللغة،‏ وهو استعمال تركيب للجمل يقبله المجتمع الذي يستعملها.‏ وهذه الميزة واضحة في لغات الاشارات.‏ مثلا،‏ في لغة الاشارات الاميركية،‏ يُذكر عادة الموضوع اولا في الجملة،‏ ثم يتبعه تعليق عليه.‏ وتنسيق الحوادث زمنيا هو وجه اساسي للعديد من لغات الاشارات.‏

      والعديد من تعابير الوجه يساعد ايضا على الدلالة على طبيعة الجملة:‏ استفهامية،‏ شرطية،‏ بيانية،‏ او فيها امر.‏ وما ساهم في تطور هذا الوجه والكثير من الاوجه الفريدة الاخرى هو كون لغة الاشارات لغة مرئية.‏

      ‏[الصور]‏

      ‏«يصنع» بلغة الاشارات الاميركية

      ‏«يحتاج» بلغة الاشارات الروسية

      ‏«بيت» بلغة الاشارات الاميركية

      ‏«طفل» بلغة الاشارات الاميركية

      ‏[الاطار في الصفحة ٢٢]‏

      لغات حقيقية

      «خلافا للافكار الخاطئة الشائعة،‏ ليست لغات الاشارات تمثيلا ايمائيا،‏ او اختراعات المدرِّسين،‏ او شفرات للغات المحكية التي يتكلمها الناس في المجتمع.‏ فهي تنشأ حيث يوجد عدد من الصُّمّ،‏ وكل لغة منها هي لغة متكاملة ومتميِّزة،‏ تستعمل الاساليب النحوية نفسها الموجودة في اللغات المحكية حول العالم».‏

      في نيكاراڠوا،‏ «ركَّزت المدارس على تدريب الاولاد [الصُّمّ] على تعلُّم قراءة الشفاه وعلى النُّطق.‏ وكما هي الحال في كل مرَّة يُجرَّب ذلك،‏ كانت النتائج زهيدة القيمة.‏ لكنَّ ذلك لم يشكِّل ايّ فرق لدى الاولاد الصُّمّ.‏ فقد اخترعوا نظامهم الخاص من الاشارات وكانوا يستعملونه في الملاعب وباصات المدارس .‏ .‏ .‏ وسرعان ما تحوَّل هذا النظام الى ما يُعرف اليوم بـ‍ لينڠواخي دي سيڠنوس نيكاراڠوينسه».‏ والآن قام جيل جديد من الاولاد الصُّمّ بتطوير لغة يمكن التعبير بها بأكثر طلاقة صارت تُعرف بـ‍ ايديوما دي سيڠنوس نيكاراڠوينسه.‏ —‏ غريزة اللغة (‏بالانكليزية)‏،‏ بقلم ستيڤن پينكر.‏

      ‏[الصور في الصفحة ٢٣]‏

      هذه هي احدى الطرائق لقول:‏ «بعد ان ذهب الى الدكان،‏ ذهب الى العمل»،‏ بلغة الاشارات الاميركية

      ١ دكان

      ٢ هو

      ٣ يذهب الى

      ٤ ينتهي

      ٥ يذهب الى

      ٦ العمل

  • الاصغاء بعينيكم
    استيقظ!‏ ١٩٩٨ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٨
    • الاصغاء بعينيكم

      ما هو مفتاح النجاح من اجل اتصال فعَّال بشخص اصمّ؟‏ الاتصال البصري الواضح والملائم.‏ فهذا امر اساسي حين يتكلَّم الصُّمّ.‏ وفي الواقع،‏ اذا كان شخصان يتحاوران بلغة الاشارات،‏ يُعتبر إبعاد النظر وبالتالي قطع الاتصال البصري تصرفا فظا.‏ وكيف تنبِّهون شخصا اصمَّ ليستمع اليكم؟‏ بدلا من مناداته باسمه،‏ من الملائم اكثر ان تربِّتوا برقة على كتفه او ذراعه،‏ او ان تلوِّحوا بيدكم في محيط مجال نظره،‏ او ان تشيروا الى شخص آخر ان ينبِّهه،‏ اذا كنتم بعيدين.‏ ووفقا للظروف،‏ يمكنكم ان تضربوا الارض برجلكم او ان تطفئوا النور ثم تضيئوه من جديد.‏ وهذه الوسائل وغيرها من الطرائق الملائمة لجذب الانتباه هي جزء من طريقة حياة الصُّمّ.‏

      رباط اللغة الموحِّد

      حين يلتقي البعض شخصا اصمَّ،‏ يستنتجون خطأً ان قراءة الشفاه عملية سهلة.‏ لكنَّ اشخاصا صُمًّا عديدين يجدونها وسيلة اتصال مقيِّدة جدا.‏ طبعا،‏ هنالك حالات تشذّ عن القاعدة،‏ فبعض الصُّمّ ماهرون جدا في قراءة الشفاه،‏ لكن من اللطف عادة عدم الافتراض ان الشخص الذي امامكم يمكنه ان يقرأ شفاهكم بسهولة.‏ فربما تكون محادثتكم اكثر فعَّالية ان استخدمتم مترجما او كتبتم ما تريدون قوله على ورقة.‏

      ولكن اذا كنتم تلتقون اشخاصا صمًّا باستمرار،‏ أفلا يكون دليل اعتبار لهم ان تتعلموا القليل من لغة اشارات؟‏ فكم يمكن ان يُنشئ ذلك رباطا رائعا،‏ وخصوصا بين الذين يوحِّدهم ايمان مشترك!‏ ويشبه الامر تعلُّم اساسيات لغة ثانية في مجتمع توجد فيه لغتان.‏ لطالما كان شهود يهوه مهتمين بجعل المعلومات عن يهوه اللّٰه في متناول الجميع.‏ وحين ندرك ان الصُّمّ لا يمكنهم ان يتعلموا الاستماع بشكل طبيعي،‏ كم يكون افضل ان نتكيَّف معهم باستعمال احدى لغات الاشارات!‏ —‏ ١ كورنثوس ٩:‏٢٠-‏٢٢‏.‏

      يقول انطونينو انه حين بدأ بحضور الاجتماعات المسيحية في ايطاليا،‏ «لم يكن هنالك [في البداية] تبادل حقيقي للتشجيع في المحادثات مع الاخوة غير الصُّمّ.‏ فلأننا لم نكن قادرين على فهم واحدنا الآخر،‏ كنت اشعر بالعزلة الشديدة».‏ وتجاوب افراد عديدون في الجماعة بتعلُّم لغة الاشارات الايطالية.‏ وبدأ المهتمون الصُّمّ بدرس الكتاب المقدس،‏ وصارت اجتماعات تُعقد بلغة الاشارات الايطالية.‏ فتشجَّع انطونينو وهو يرغب الآن «في اخبار كل [اصدقائه] الصُّمّ عن اجتماعاتنا والمحبة الحارة بين شعب يهوه».‏

      في كل انحاء العالم،‏ يشكِّل شهود يهوه جماعات تستعمل لغة الاشارات،‏ حيث يمكن ان يتمتع الصُّمّ بالمعاشرة الحميمة والحبية واحدهم مع الآخر.‏ ففي اسپانيا توجد فِرق بلغة الاشارات من اجل الصُّمّ منذ اكثر من ٢٠ سنة.‏ وفي الولايات المتحدة،‏ هنالك الآن ١٩ جماعة نشيطة للصُّمّ و ٤٧ فريقا اصغر.‏

      ويتمكَّن الاشخاص الصُّمّ ايضا من الخدمة كخدام كامل الوقت (‏فاتحين)‏،‏ وخدام مساعدين،‏ وشيوخ،‏ وهم ايضا يلقون الخطابات في المحافل،‏ يعلِّمون في مدارس خدمة الفتح،‏ ويأخذون القيادة بطرائق اخرى عديدة.‏ وفي جو كهذا،‏ لا توجد عوائق،‏ انما فقط فرص ليسبِّح كل شخص يهوه بقدراته.‏

      ان رغبتنا الموروثة في الرِّفقة والتحادث تعبِّر عن نفسها من خلال الحضارات واللغات العديدة حول العالم.‏ فبدلا من اعتبار الصُّمّ اشخاصا تنقصهم البراعات او القدرات،‏ كم يكون من الافضل ان نرى الانجازات،‏ والقدرات،‏ والميزات التي تجعلنا كلنا بشرا!‏ وباحترامنا الآخرين،‏ وبرغبتنا في التكيُّف،‏ نساهم كلنا في وجود عائلة بشرية منوَّعة لكن موحَّدة.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة