مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • سرٌّ مكتوم
    استيقظ!‏ ٢٠٠٠ | آذار (‏مارس)‏ ٨
    • سرٌّ مكتوم

      ‏«لا يجوز استرقاق احد او استعباده،‏ ويحظّر الرِّق والاتّجار بالرقيق بجميع صورهما».‏ الاعلان العالمي لحقوق الانسان.‏

      في المرة التالية التي تضيفون فيها السكّر الى قهوتكم،‏ فكّروا في پريڤو من هايتي،‏ الذي وُعد بوظيفة جيدة في بلد كاريبي آخر.‏ لكنه عوضا عن ذلك بيع بثمانية دولارات.‏

      پريڤو هو واحد من آلاف المستعبَدين من هذا البلد الذين يُجبَرون على قطع قصب السكّر طوال ستة او سبعة اشهر مقابل اجر ضئيل او لا شيء من المال.‏ ويُحتجز هؤلاء اسرى في اماكن مكتظة وقذرة.‏ وبعد ان تؤخذ منهم امتعتهم الشخصية،‏ يسلَّمون مناجل ضخمة.‏ وعليهم ان يعملوا ليحصلوا على الطعام.‏ اما إذا حاولوا الهرب،‏ فقد يُشبَعون ضربا.‏

      تأملوا ايضا في حالة لِن-‏لِن،‏ فتاة من جنوب شرق آسيا.‏ كان عمرها ١٣ سنة حين ماتت امها.‏ فاشتراها مكتب توظيف من ابيها مقابل ٤٨٠ دولارا اميركيا،‏ ووُعدت بوظيفة جيدة.‏ واعتُبر المال الذي دُفع ثمنها «سلفة على اجرها» —‏ طريقة مضمونة لإبقائها تحت رحمة مالكيها الجدد الى الابد.‏ وبدلا من توظيف لِن-‏لِن في عمل محترم،‏ أُخذت الى بيت دعارة حيث يدفع الزبائن لصاحب المكان ٤ دولارات مقابل كل ساعة معها.‏ فصارت لِن-‏لِن كالسجينة،‏ لأنها لا تستطيع الرحيل قبل تسديد الدَّين.‏ ويشمل ذلك ما دفعه صاحب بيت الدعارة ليحصل عليها وكذلك الفائدة والنفقات.‏ وإذا رفضت لِن-‏لِن الاذعان لإرادة رب عملها،‏ فقد تُضرَب او تُعذَّب.‏ والاسوأ هو انها قد تُقتل اذا حاولت الفرار.‏

      الحرية للجميع؟‏

      يعتقد معظم الناس ان زمن العبودية انتهى.‏ وفي الواقع،‏ بعد الاتفاقيات والاعلانات والمراسيم الكثيرة،‏ أُعلن رسميا إلغاء العبودية في معظم البلدان.‏ والاشمئزاز من العبودية يعبَّر عنه بقوة في كل مكان.‏ وتحظر القوانين المحلية العبودية،‏ وهنالك وثائق دولية تجاهر بإلغائها،‏ وخصوصا المادة ٤ من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر سنة ١٩٤٨،‏ والوارد نصها اعلاه.‏

      لكنَّ العبودية لا تزال موجودة وتزدهر ايضا،‏ مع ان البعض يعتبرها سرًّا مكتوما.‏ فمن پنوم پنه الى پاريس،‏ ومن مَمباي الى برازيليا،‏ يُجبَر ملايين من رفقائنا البشر —‏ رجالا ونساء وأولادا —‏ على العيش والعمل كعبيد او في ظروف استعبادية.‏ يذكر الاتحاد الدولي ضد العبودية،‏ منظمة مقرّها لندن هي من اقدم المنظمات في العالم التي ترصد اعمال التسخير،‏ ان عدد المستعبَدين يبلغ مئات الملايين.‏ نعم،‏ ربما لم يسبق ان شهد العالم هذا العدد الضخم من العبيد!‏

      مما لا شك فيه ان ما شاع من صور العبودية،‏ كالتقييد بالاغلال والضرب بالسياط والبيع بالمزاد العلني،‏ لم يعد مألوفا اليوم.‏ لكنَّ اشكال العبودية المعاصرة المعروفة تشمل التسخير،‏ التزويج بالاكراه،‏ إسار الدَّين،‏ تشغيل الاولاد،‏ وخصوصا البغاء.‏ وقد يكون العبيد والإماء سراريّ،‏ فرسانا في سباقات الجِمال،‏ عمالا في قطع قصب السكّر او نسج السجادات او شقّ الطرقات.‏ صحيح ان الاغلبية الساحقة لا تُباع في مزاد علني،‏ لكنَّ هؤلاء ليسوا احسن حالا من عبيد ايام زمان.‏ حتى ان حياتهم في بعض الحالات محزنة اكثر.‏

      فمَن يصيرون عبيدا؟‏ كيف يُستعبَدون؟‏ ماذا يُفعَل لمساعدتهم؟‏ وهل الإلغاء الشامل للعبودية وارد في المدى المنظور؟‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٤]‏

      ما هي العبودية العصرية؟‏

      حتى الامم المتحدة،‏ بعد سنين من المساعي،‏ يتعذَّر عليها الاجابة عن هذا السؤال.‏ وأحد التعريفات صاغته «الاتفاقية الخاصة بالرق» سنة ١٩٢٦،‏ وقد جاء فيها:‏ «الرق هو حالة او وضع ايّ شخص تمارَس عليه السلطات الناجمة عن حق الملكية،‏ كلها او بعضها».‏ لكنَّ الكلمة تُؤوَّل بأكثر من ذلك.‏ فبالنسبة الى الصحافية باربرا كروسَت،‏ «العبودية كلمة تطبَّق على العمال الذين يتقاضون اجورا زهيدة في مصانع الالبسة في الخارج،‏ وفي المؤسسات التي تشغّل عمالها في ظروف سيئة في المدن الاميركية.‏ وتُستعمل كلمة العبودية لشجب تجارة الجنس والاشغال الشاقة».‏

      ويعتقد مايك دوتْريدج،‏ مدير الاتحاد الدولي ضد العبودية،‏ انه «بما ان العبودية تتخذ اشكالا جديدة كما يبدو —‏ او بما ان الكلمة صارت تطبَّق على اوضاع اضافية ايضا —‏ يُحتمل ان يخفف ذلك من وقعها في النفوس او حتى ان يجرِّدها من معناها».‏ ويرى ان «العبودية تتميز بعنصر الملكية او السيطرة على حياة الغير».‏ وتشمل الاكراه وتقييد الحركة،‏ بحيث «يُحرم الشخص حرية الرحيل،‏ اي تغيير رب عمله».‏

      ويذكر أ.‏ م.‏ روزِنْتال،‏ الذي يكتب في ذا نيويورك تايمز (‏بالانكليزية)‏:‏ «العبيد يعيشون حياة العبيد:‏ ظلم،‏ كد،‏ اغتصاب،‏ جوع،‏ تعذيب،‏ وأوضاع مزرية للغاية».‏ ويضيف:‏ «بخمسين دولارا يُشترى العبد،‏ لذلك لا يهتم [مالكوه] كم يعيش قبل ان تلقى جثته في النهر».‏

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Ricardo Funari

  • مَن هم المستعبَدون اليوم؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٠ | آذار (‏مارس)‏ ٨
    • مَن هم المستعبَدون اليوم؟‏

      تأملوا فقط في الارقام.‏ فالتقديرات تذكر ان ما بين ٢٠٠ و ٢٥٠ مليون ولد دون الـ‍ ١٥ من العمر يقضون معظم ساعات يقظتهم وهم يعملون.‏ وربع مليون ولد،‏ بينهم صغار بعمر سبع سنوات فقط،‏ أُخذوا الى ساحات القتال خلال السنتَين ١٩٩٥ و ١٩٩٦ فقط،‏ وصار بعضهم من عبيد الحرب.‏ ويُقدَّر عدد النساء والاولاد الذين يباعون كعبيد كل سنة بأكثر من مليون.‏

      لكنَّ الارقام الجامدة لا يمكن ان تكشف مدى اليأس الذي يشعر به هؤلاء.‏ مثلا،‏ في بلد شمالي افريقي،‏ التقت الكاتبة ألينور بيركيت شابة تدعى فاطمة تمكنت من الفرار من سيدها القاسي.‏ ولكن بعد التحدث اليها،‏ ادركت بيركيت ان فاطمة «ستبقى في قرارة نفسها أمَة الى الابد».‏ وهل يمكن ان تحلم فاطمة بمستقبل افضل؟‏ تقول بيركيت انها «لا تستطيع ان تخطط لأبعد من الغد».‏ و «المستقبل هو احد المفاهيم المجرَّدة الكثيرة التي تفتقر اليها».‏

      نعم،‏ ملايين من رفقائنا البشر هم في هذه اللحظة مستعبَدون لا امل لهم بالتحرر.‏ فلماذا وكيف يصير كل هؤلاء عبيدا؟‏ وما هي اشكال العبودية التي يُستعبدون بها؟‏

      تجار الرقيق الابيض

      ثمة كراسة سياحية منتشرة في الولايات المتحدة تذكر بصراحة فاضحة:‏ «رحلات جنس سياحية الى تايلند.‏ فتيات حقيقيات.‏ جنس حقيقي —‏ بأرخص الاسعار.‏ .‏ .‏ .‏ هل تعلم ان بإمكانك شراء عذراء بـ‍ ٢٠٠ دولار فقط؟‏».‏ لكنَّ الكراسة لم تقل ان هؤلاء «العذارى» خُطفن على الارجح او بُعن بالقوة للعمل في بيوت الدعارة،‏ حيث يبلغ عدد زبائنهن ١٠ الى ٢٠ زبونا في اليوم كمعدل.‏ وهن يُضرَبن إذا لم يقدّمن خدماتهن الجنسية.‏ وحين اندلع حريق في بيت دعارة في جزيرة پوكيت،‏ وهي منتجع يقع جنوبي تايلند،‏ احترقت خمس بغايا ومتن.‏ ولماذا؟‏ لأن مالكيهن كانوا قد أوثقوهن بقيود الى اسرَّتهن كي لا يهربن.‏

      ومن اين تأتي هؤلاء الشابات؟‏ تذكر التقارير ان هذا القطاع من تجارة الجنس تغذّيه ملايين الفتيات والنساء حول العالم اللواتي خُطفن وبُعن ليصرن بغايا او اجبرن على ذلك.‏ وتزدهر تجارة الجنس العالمية بسبب اجتماع العوامل التالية:‏ الفقر في البلدان النامية،‏ الثراء في البلدان الغنية،‏ والقوانين التي تتغاضى عن التجارة العالمية غير المشروعة وتهريب الاشخاص الى بلدان اخرى مقابل تشغيلهم.‏

      وتقدِّر المنظمات النسائية في جنوب شرق آسيا ان ٣٠ مليون امرأة بُعن حول العالم من منتصف السبعينات حتى اوائل التسعينات من القرن العشرين.‏ فتجار الرقيق الابيض يجوبون محطات القطار والقرى الفقيرة وشوارع المدن بحثا عن فتيات ونساء يسهل خدعهن.‏ وعادةً تكون الضحايا غير مثقَّفات،‏ يتيمات،‏ مرميَّات في الشوارع،‏ او فقيرات.‏ فيُخدَعن بوعود تأمين عمل لهن ويُنقلن الى خارج الحدود،‏ ثم يُبَعن الى بيوت الدعارة.‏

      منذ تفكك الكتلة الشيوعية سنة ١٩٩١،‏ نشأت فئة جديدة من الفتيات والنساء المعدمات.‏ ونتيجة لغياب القوانين الرادعة والخصخصة وازدياد التفاوت بين الطبقات الاجتماعية،‏ زادت الجريمة والفقر والبطالة.‏ وصارت نساء وفتيات كثيرات من روسيا وأوروپا الشرقية مصدر دخل لتجارة البغاء العالمية المنظمة.‏ قالت أنيتا ڠرادين،‏ مفوّضة العدل الاوروپية السابقة:‏ «ان الاتجار بالكائنات البشرية ينطوي على اخطار اقل من الاتجار بالمخدِّرات».‏

      طفولة ضائعة

      في احد المصانع الصغيرة للسجادات في آسيا،‏ يعمل اولاد في الخامسة من عمرهم من الساعة الرابعة صباحا حتى الساعة الحادية عشرة ليلا دون ايّ اجر.‏ وفي حالات كثيرة يواجه عمال اولاد كهؤلاء مخاطر صحية كبيرة:‏ آلات غير آمنة،‏ ساعات طويلة في اماكن خفيفة الاضاءة وسيئة التهوية،‏ والتعرض لمواد كيميائية خطرة تُستعمل في الصناعة.‏a

      ولماذا يُشغَّل الاولاد خصوصا؟‏ لأن اليد العاملة الفتيَّة رخيصة،‏ ولأن الاولاد بطبيعتهم طيِّعون ويسهل تأديبهم ويخافون من الاشتكاء.‏ ويرى ارباب العمل العديمو الضمير في اجسامهم الصغيرة وأصابعهم النحيلة ادوات ماهرة للقيام ببعض الاعمال،‏ كنسج السجادات.‏ وغالبا ما يُشغَّل هؤلاء الاولاد فيما يقبع والدوهم في البيت بلا عمل.‏

      وما يزيد الطين بلة هو ان الاولاد العاملين في البيوت معرّضون خصوصا للاساءة الجنسية والجسدية.‏ وهنالك اولاد كثيرون يُخطفون ويُحتجَزون في مخيمات نائية،‏ ويقيَّدون في الليل لئلا يهربوا.‏ اما في النهار فقد يُجبَرون على العمل في شق الطرقات وقلع الحجارة.‏

      والتزويج بالاكراه طريقة اخرى تضيع بها الطفولة.‏ يصف الاتحاد الدولي ضد العبودية حالة نموذجية:‏ «يقال لفتاة عمرها ١٢ سنة ان عائلتها دبَّرت امر زواجها بعريس عمره ٦٠ سنة.‏ ظاهريا لها الحق في الرفض،‏ لكنها في الواقع عاجزة عن ممارسة هذا الحق،‏ وتجهل ان بإمكانها الرفض».‏

      عبيد رهن ديونهم

      مئات الآلاف من العمال يقعون اسرى مستخدِميهم ومراكز عملهم بسبب قروض أُعطيت لهم او لوالديهم.‏ وهذا النوع من تشغيل العمال المرتهنين بالديون يحصل عادةً في المناطق الزراعية خصوصا،‏ حيث يعمل الاشخاص كخدم في شتى المسؤوليات او كمزارعين.‏ وفي بعض الحالات،‏ تنتقل الديون من جيل الى آخر،‏ مما يضمن بقاء اعضاء العائلة في إسار،‏ او عبودية،‏ مستمر.‏ وفي حالات اخرى،‏ يحوِّل ارباب العمل هؤلاء المديونين الى رب عمل جديد.‏ وفي حالات متطرفة،‏ لا يكسب العمال المرتهنون بالديون ايّ اجر مقابل العمل الذي يقومون به.‏ او قد يبقون عالقين بسبب سُلَف صغيرة نسبيا على اجورهم تتكرَّر الى ما لا نهاية،‏ فيصيرون كالاسرى عند رب عملهم.‏

      العبودية الشعائرية

      بِنْتي،‏ فتاة عمرها ١٢ سنة من افريقيا الغربية،‏ هي واحدة من آلاف الفتيات اللواتي يخدمن بصفة تروكوسي،‏ التي تعني بلغة إيوي «إماء الآلهة».‏ فقد أُجبرت على العيش حياة العبيد تكفيرا عن جريمة لم ترتكبها:‏ اغتصاب ادى الى ولادتها!‏ في الوقت الحاضر تنحصر مسؤولياتها في الاعمال المنزلية في بيت كاهن فَتَشي محلي.‏ ولكن مستقبلا،‏ ستزداد واجبات بِنْتي لتشمل تأمين الخدمات الجنسية للكاهن،‏ اذ انه يملكها.‏ وبعد ذلك،‏ حين تفقد حيوية الشباب،‏ تحل اخرى محلها،‏ لأن الكاهن سيجد فتيات جذابات اخريات ليخدمنه بصفة تروكوسي.‏

      هنالك آلاف الفتيات،‏ مثل بِنْتي،‏ اللواتي يقعن ضحية العبودية الشعائرية،‏ اذ تقدّمهن عائلاتهن للعمل كإماء تكفيرا عن عمل يُعتبر خطية او انتهاكا لشريعة مقدسة.‏ وفي انحاء عديدة من العالم،‏ تُجبَر الفتيات او النساء على إتمام الواجبات الدينية وتأمين الخدمات الجنسية للكهنة او لغيرهم بحجة انهن متزوجات بإله.‏ وفي حالات كثيرة تقدِّم النساء خدمات اخرى دون اجر.‏ ولا يحق لهن ان يغيِّرن مكان اقامتهن او عملهن،‏ وغالبا ما يبقين مستعبَدات سنين كثيرة.‏

      العبودية التقليدية

      مع ان معظم البلدان تدّعي انها ألغت العبودية قانونيا،‏ فقد عادت العبودية مؤخرا لتظهر في شكلها التقليدي في بعض المناطق.‏ ويحصل ذلك عادةً في المناطق التي يمزّقها نزاع اهلي او صراع مسلح.‏ يخبر الاتحاد الدولي ضد العبودية:‏ «في مناطق الصراع يتعطَّل حكم القانون»،‏ وهكذا «يتمكن الجنود او الميليشيا المسلحة من إجبار الناس على العمل عندهم بلا اجر .‏ .‏ .‏ دون خوف من العقاب؛‏ وترد تقارير عن ممارسات كهذه بشكل رئيسي في المناطق التي تسيطر عليها جماعات مسلحة لم تحصل على اعتراف دولي».‏ ولكن وفقا لنفس المنظمة،‏ «وردت ايضا تقارير حديثة عن جنود حكوميين يجبرون المدنيين على العمل كعبيد،‏ وذلك خارج اطار القانون.‏ كما ذكرت تقارير ان الجنود والميليشيات يتعاطون تجارة العبيد،‏ فيبيعون مَن يلقون القبض عليهم ليعملوا عند آخرين».‏

      من المحزن ان لعنة العبودية لا تزال تلاحق البشرية بأشكال ومظاهر كثيرة.‏ فكروا لحظة في عدد هؤلاء المستعبَدين —‏ ملايين الاشخاص الذين يعانون ظلم العبودية حول الارض.‏ ثم فكروا في واحد او اثنين من العبيد والإماء العصريين الذين قرأتم قصتهم في هذه الصفحات،‏ مثل لِن-‏لِن او بِنْتي.‏ فهل تودون ان تروا نهاية للعبودية العصرية؟‏ وهل يصير إلغاء العبودية حقيقة؟‏ يجب ان تُصنع تغييرات جذرية قبل ان يحدث ذلك.‏ فاقرأوا عنها من فضلكم في المقالة التالية.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a انظروا «‏تشغيل الاولاد —‏ نهايته قريبة!‏‏» في عدد ٢٢ ايار (‏مايو)‏ ١٩٩٩ من استيقظ!‏.‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٦]‏

      العمل على إيجاد حلول

      ثمة وكالات رسمية مختلفة،‏ مثل صندوق رعاية الطفولة التابع للامم المتحدة (‏اليونيسف)‏ ومنظمة العمل الدولية،‏ تدأب على وضع وتطبيق استراتيجيات للقضاء على العبودية العصرية.‏ وهنالك ايضا عدد من المنظمات غير الحكومية،‏ مثل الاتحاد الدولي ضد العبودية ومراقبة حقوق الانسان،‏ التي تبذل جهدا لزيادة التوعية العامة بوجود عبودية عصرية ولتحرير ضحاياها.‏ ويسعى بعض هذه المنظمات الى استحداث بطاقات خاصة تؤكد ان السلع التي تحمل هذه البطاقات لم يصنعها عبيد او اولاد.‏ وتدعو وكالات اخرى الى اصدار قوانين في بلدان المنشإ التي تنطلق منها «رحلات الجنس السياحية»،‏ تسمح بإخضاع الاشخاص الذين يمارسون الجنس مع الاولاد للمحاكمة حين يعودون الى اوطانهم.‏ حتى ان بعض الناشطين في مجال حقوق الانسان يدفعون مبالغ ضخمة لأسياد وتجار الرقيق لكي يعتقوا اكبر عدد ممكن من العبيد.‏ لكنَّ ذلك يثير جدلا واسعا،‏ لأن امورا كهذه قد تخلق سوقا مربحة للاتجار بالعبيد،‏ فتزيد اسعارهم.‏

  • العبودية العصرية —‏ نهايتها قريبة!‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٠ | آذار (‏مارس)‏ ٨
    • العبودية العصرية —‏ نهايتها قريبة!‏

      ‏«حرية الفرد جزء لا يتجزأ من الحرية العامة.‏ فلا يمكن ان تُمَس الاولى دون ان تتأذى الثانية».‏ —‏ ڤيكتور شولشر،‏ صحافي وسياسي فرنسي،‏ ١٨٤٨.‏

      ‏«ما هذا الجانب المظلم في الانسان الذي يدفعه دائما الى احتقار رفقائه البشر وإذلالهم والحط من قدرهم؟‏ .‏ .‏ .‏ كيف تبقى جريمة كهذه ضد البشرية دون عقاب،‏ حتى بعد ان رُفعت راية حقوق الانسان؟‏».‏

      ان الجواب عن هذين السؤالين اللذين طرحهما محرِّرو يونسكو كوريير (‏بالانكليزية)‏ معقد.‏ فالجشع هو الدافع الى استخدام اليد العاملة الرخيصة التي يؤمنها الاولاد،‏ وهو يقف وراء ظاهرة إسار الدَّين.‏ والفقر وانعدام التعليم مسؤولان عن بيع الفتيات للبغاء وتزويجهن بالاكراه.‏ وتساهم العقائد الدينية والمفاهيم الثقافية في العبودية الشعائرية.‏ وبالنسبة الى الرجال الذين يقصدون بانكوك او مانيلا بحثا عن فتيان او فتيات صغار لا يحملون ڤيروس الأيدز،‏ فالدافع هو انحراف جنسي وفساد ادبي فاضحان.‏ كل ذلك جزء من عالم صار الناس فيه «محبين لأنفسهم،‏ محبين للمال،‏ .‏ .‏ .‏ بلا حنو،‏ .‏ .‏ .‏ بلا ضبط نفس،‏ شرسين»،‏ بحسب كلمات الرسول بولس،‏ احد دارسي القانون الذي عاش في القرن الاول.‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١-‏٥‏)‏ انه جزء من عالم حيث «الاعوج لا يمكن ان يقوَّم والنقص لا يمكن ان يُجبر»،‏ على حد تعبير رجل دولة قديم يدعى سليمان.‏ —‏ جامعة ١:‏١٥‏.‏

      تغيير العقلية

      هل يعني ذلك انه ما من سبيل الى وضع حد نهائي للعبودية،‏ سواء بأشكالها التقليدية او الاحدث؟‏ كلا!‏

      يذكر مكتب المفوَّضة السامية لحقوق الانسان التابع للامم المتحدة ان العبودية هي «حالة عقلية»،‏ مضيفا:‏ «ان إلغاء العبودية لا يمحو ما تتركه من آثار.‏ فهي تبقى عالقة بالعقول —‏ عند الضحايا والمتحدرين منهم وكذلك عند ورثة ممارسيها —‏ حتى بعد وقت طويل من اختفائها ظاهريا».‏

      اذًا احدى الطرائق لإلغاء العبودية هي إحداث تغيير في التفكير —‏ تغيير في المواقف —‏ على نطاق عالمي.‏ ويشمل ذلك تغييرا في التربية،‏ اي تعليم الناس ان يحبوا بعضهم بعضا ويحترموا كرامة الغير.‏ ويعني مساعدة الناس على نزع الجشع من قلوبهم والتزام المقاييس الادبية السامية.‏ فمَن يقدر ان يمنح هذا التعليم؟‏ يقول مكتب المفوّضة السامية لحقوق الانسان انه «على كل شخص ان يساهم في إحلال نظام عالمي لا يسمح بالاستغلال غير الانساني».‏

      تأملوا في برنامج تعليمي يقوم به مجتمع شهود يهوه المسيحي حول العالم.‏ لقد نجح هذا البرنامج في تعليم ذوي القلوب المستقيمة ألا يسمحوا بالاستغلال غير الانساني او يتغاضوا عنه.‏ وبواسطته تعلّم ملايين الاشخاص في اكثر من ٢٣٠ بلدا ان يعاملوا كل رفقائهم البشر بكرامة.‏ وما سبب نجاح هذا البرنامج؟‏

      انه مؤسس على الكتاب المقدس،‏ كتاب اوحى به خالق الانسان.‏ انه كتاب يرفّع كرامة البشر.‏ والناس الذين يدرسون الكتاب المقدس بواسطة البرنامج التعليمي الذي يزوّده شهود يهوه يتعلمون ان خالقنا،‏ يهوه،‏ هو اله كرامة.‏ (‏١ أخبار الايام ١٦:‏٢٧‏،‏ ع‌ج‏)‏ وهو يكرم كل خليقته بمن فيها الرجال والنساء على السواء،‏ مهما كانت عروقهم وخلفياتهم الاجتماعية وظروفهم الاقتصادية.‏ —‏ انظروا الاطار «حرية وكرامة البشر —‏ من ايّ مصدر؟‏».‏

      المساواة واحترام كرامة الغير

      يعلّم الكتاب المقدس ان اللّٰه «صنع من إنسان واحد كل أمة من الناس،‏ ليسكنوا على كل سطح الأرض».‏ (‏اعمال ١٧:‏٢٦‏)‏ وهكذا لا يمكن لأحد ان يدّعي انه متفوق على ايّ من رفقائه البشر او انه يملك الحق في ظلم الآخرين او استغلالهم.‏ ومحبُّو المعرفة يتوصلون الى ادراك هذه الحقيقة:‏ ان «اللّٰه ليس محابيا،‏ بل في كل أمة،‏ من يخافه ويعمل البر يكون مقبولا عنده».‏ (‏اعمال ١٠:‏٣٤،‏ ٣٥‏)‏ وهم يعرفون ان محبة اللّٰه تشمل الجميع،‏ لأن امتياز امتلاك علاقة حميمة به هو في متناول جميع الناس.‏ وفي الواقع،‏ «اللّٰه أحب العالم كثيرا حتى إنه بذل الابن،‏ مولوده الوحيد،‏ لكي لا يهلك كل من يمارس الإيمان به،‏ بل تكون له حياة أبدية».‏ —‏ يوحنا ٣:‏١٦‏.‏

      هذا التعليم المؤسس على الكتاب المقدس له اثر عميق في الشخصيات.‏ فبواسطته يمكن ان تصير قلوب الناس وأذهانهم «جديدة كليا».‏ (‏افسس ٤:‏٢٢-‏٢٤‏،‏ الترجمة الانكليزية الحديثة‏)‏ وهو يدفعهم الى معاملة رفقائهم البشر بكرامة واحترام،‏ لأنهم مصممون على «صنع الصلاح الى الجميع».‏ (‏غلاطية ٦:‏١٠‏)‏ فلا يمكن لأحد ان يكون مسيحيا حقيقيا ويشارك في الاستغلال غير الانساني والظلم لأيّ من رفقائه البشر.‏ ويسر شهود يهوه ان يكونوا مجتمعا مسيحيا كالجماعة المسيحية في القرن الاول،‏ التي فيها ‹لم يكن هنالك يهودي ولا يوناني،‏ ولم يكن هنالك عبد ولا حر.‏ لأن الجميع كانوا واحدا في اتحاد بالمسيح يسوع›.‏ —‏ غلاطية ٣:‏٢٨‏.‏

      تغيير حكومي

      لكن وضع حدّ نهائي لكل اشكال العبودية يستلزم تغييرا جذريا في المجتمع البشري.‏ تقول منظمة العمل الدولية ان انهاء استغلال الانسان يستلزم «تغيير الجو العام الذي يسمح [بهذه الممارسات] ويتغاضى عنها».‏ وبين الامور الاخرى التي تقترحها هذه الوكالة اتخاذ اجراءات دولية،‏ التعاون الدولي،‏ والالتزام من جانب المجتمع الدولي.‏

      يتطلب ذلك منطقيا قوة قادرة على فرض سيطرتها على كوكبنا بأسره،‏ قوة قادرة على ضمان الحرية للجميع.‏ وقد قال بطرس بطرس غالي،‏ الامين العام السابق للامم المتحدة،‏ ان المشاكل الحقيقية التي تبتلي كوكبنا يجب ان تُحَلّ «على مستوى عالمي».‏ ولكن ليس الجميع على ثقة من ان هذا سيحدث.‏ فالماضي يُظهر ان انانية اناس كثيرين في مراكز السلطة وتركيزهم على مصالحهم وأهدافهم الخاصة يحُولان دون تحقيق هذا التعاون الدولي.‏

      لكنَّ الكتاب المقدس —‏ الكتاب نفسه الذي يعلّم الملايين احترام كرامة رفقائهم البشر —‏ يُظهر ان قصد اللّٰه هو تأسيس حكومة عالمية كهذه.‏ وستجدون في الكتاب المقدس وعودا كثيرة بعالم جديد بار.‏ (‏اشعياء ٦٥:‏١٧؛‏ ٢ بطرس ٣:‏١٣‏)‏ فاللّٰه مزمع ان يزيل من الارض كل مَن لا يحبون اللّٰه وقريبهم.‏ وقد كشف اللّٰه قصده:‏ تأسيس حكومة عالمية تسود على الجنس البشري لتحكم الارض بالبر.‏ وأمرنا يسوع ان نصلّي طالبين هذه الحكومة في ما يُعرف عموما بالصلاة الربانية،‏ او «الأبانا».‏ —‏ متى ٦:‏٩،‏ ١٠‏.‏

      في ظل هذه الحكومة سيزول استغلال البشر وكل اشكال العبودية،‏ لأن المسيح الملك سيحكم «بالحق والبر».‏ (‏اشعياء ٩:‏٧‏)‏ وفي ظل حكمه العادل سيعتَق المظلومون،‏ لأن الكتاب المقدس يقول:‏ «ينجِّي الفقير المستغيث والمسكين اذ لا معين له.‏ يشفق على المسكين والبائس ويخلّص انفس الفقراء.‏ من الظلم والخطف يفدي انفسهم».‏ —‏ مزمور ٧٢:‏١٢-‏١٤‏.‏

      اذا كنتم تتوقون الى رؤية نهاية العبودية —‏ بكل اشكالها —‏ ندعوكم الى تعلم المزيد عن قصد اللّٰه ان يؤسس هذه الحكومة العالمية التي ستجلب الحرية.‏ ويسر شهود يهوه في منطقتكم ان يساعدوكم على ذلك.‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١١]‏

      حرية وكرامة البشر —‏ من ايّ مصدر؟‏

      جميعنا وُلدنا برغبة وحاجة متأصلتَين الى الكرامة والحرية.‏ وقد ردد كوفي انان،‏ الامين العام للامم المتحدة،‏ مشاعر تنتاب كل الناس حين سأل:‏ «مَن ينكر اننا نريد جميعا العيش حياة خالية من الخوف والتعذيب والتمييز؟‏ .‏ .‏ .‏ متى سمعتم صوتا حرا يطالب بوضع حد للحرية؟‏ ومتى سمعتم عبدا يؤيد العبودية؟‏».‏

      ليست هذه الافكار بجديدة.‏ فالفيلسوف الروماني سَنيكا،‏ الذي عاش في القرن الاول،‏ رفض الفكرة القائلة ان البعض يولدون ليكونوا عبيدا،‏ وكتب في الرسائل الى لوقيليوس:‏ «من فضلك اعرف ان الانسان الذي تقول عنه انه عبدك وُلد من الزرع نفسه،‏ وتمتد فوقه السماء الكريمة نفسها،‏ ويتنفس مثلك،‏ ويحيا مثلك،‏ ويموت مثلك!‏».‏

      وقال الإمام علي،‏ الخليفة الرابع بعد محمد،‏ ان البشر كلهم «نظير .‏ .‏ .‏ في الخلق».‏ وذكر سَعدي الشيرازي،‏ شاعر فارسي من القرن الـ‍ ١٣،‏ ان ‹اولاد آدم بعضهم اعضاء بعض،‏ وهم في خلقهم من جوهر واحد.‏ وعندما تؤلم الدنيا عضوا،‏ لا تعرف الاعضاء الاخرى الراحة›.‏

      ان السجل التاريخي الموحى به إلهيا،‏ كما هو موجود في الكتاب المقدس،‏ يشدد على كرامة كل انسان.‏ مثلا،‏ تذكر التكوين ١:‏٢٧ في وصف خلق الانسان:‏ «خلق اللّٰه الانسان على صورته.‏ على صورة اللّٰه خلقه.‏ ذكرا وأنثى خلقهم».‏ وخالقنا هو اله حرية.‏ قال الرسول بولس:‏ «حيث روح يهوه،‏ فهناك حرية».‏ (‏٢ كورنثوس ٣:‏١٧‏)‏ ويهوه،‏ بخلقه الانسان على صورته وشبهه،‏ منح البشر اعتبارا وكرامة واحتراما للذات.‏ وبتحرير خليقته من «الاستعباد للفساد»،‏ سيحرص ايضا ان يتمتع الناس بهذه الحرية والكرامة الى الابد.‏ —‏ روما ٨:‏٢١‏.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٩]‏

      الكرامة والحرية حق لكل شخص

      ‏[الصور في الصفحة ١٠]‏

      يشدد تعليم الكتاب المقدس على احترام كرامة البشر ويمنح املا بعالم مستقبلي جديد

      درس في الكتاب المقدس مع عائلة في بينين

      روعة شلالات النيل الازرق هذه في إثيوپيا تعطي لمحة مسبقة عن الفردوس المسترد

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة