مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • العبودية —‏ البلوى تستمر
    استيقظ!‏ ٢٠٠٢ | حزيران (‏يونيو)‏ ٢٢
    • العبودية —‏ البلوى تستمر

      هل ولّى زمن العبودية؟‏ معظم الاشخاص يودّون ذلك.‏ فالكلمة بحد ذاتها تنقل الى الذهن صورا مروِّعة للوحشية والظلم.‏ لكن هذه الصور،‏ برأي كثيرين،‏ مجرد صور من الماضي.‏ فالبعض يتخيلون مثلا سفن العبيد في القرون المنصرمة:‏ مراكب خشبية تصدر صريرا تكتظ مخازنها بأعداد هائلة من البشر الخائفين المحشورين في اوضاع مزرية.‏

      صحيح ان سفن العبيد هذه لم تعد تجوب البحار وأن الاتفاقيات الدولية حظرت هذا الشكل من العبودية،‏ لكن زمن العبودية لم يولِّ مطلقا.‏ فالاتحاد الدولي ضد العبودية،‏ وهو جمعية لحقوق الانسان،‏ يذكر ان ٢٠٠ مليون شخص لا يزالون يعانون شكلا من اشكال العبودية.‏ وهم يعملون في اوضاع قد تكون اسوأ من الاوضاع التي قاساها العبيد في القرون الماضية.‏ وفي الواقع،‏ يستنتج بعض المحلِّلين انه «لم يسبق ان شهدت اية فترة في تاريخ الجنس البشري مثل هذا العدد من الناس الذين يرزحون تحت العبودية».‏

      وقصص هؤلاء العبيد العصريين تفطر القلوب.‏ تأملوا في قصة كانجيa الذي لم يتعدَّ العاشرة من عمره.‏ انه يرعى القطعان كل يوم لأسياد قساة يضربونه على الدوام.‏ يوضح قائلا:‏ «اذا توفّقت،‏ وجدت قطعة خبز يابسة،‏ وإلّا قضيت اليوم كله دون طعام».‏ ويضيف:‏ «لم انل قط اجرة مقابل عملي لأني عبد ومُلك لهم.‏ .‏ .‏ .‏ الاولاد الذين في سني يلعبون مع اولاد آخرين،‏ وأنا افضّل الموت على ان احيا هذه الحياة التعيسة».‏

      مثل كانجي،‏ غالبا ما يكون العبيد اليوم اولادا او نساء.‏ وهم يُجبَرون على العمل بكد في صنع السجّاد،‏ بناء الطرقات،‏ قطع قصب السكر،‏ حتى في البغاء.‏ وقد يُباعون بثمن لا يتعدى ١٠ دولارات اميركية.‏ وبعض الوالدين يسعون بأنفسهم لبيع اولادهم بغية إيفاء ديون يصعب تسديدها.‏

      هل تجدون هذه التقارير مروِّعة؟‏ لستم الوحيدين.‏ فقد علّق الكاتب كڤن بايلز في كتابه اناس للاستهلاك (‏بالانكليزية)‏:‏ «العبودية تثير الاشمئزاز.‏ فهي لا تسلب المرء جهوده فحسب،‏ بل تسلبه حياته كلها».‏ نظرا الى الوحشية التي يعامل بها الانسان اخاه الانسان،‏ اي سبب لدينا يجعلنا نعتقد ان بلوى العبودية ستنتهي يوما؟‏ لهذا السؤال علاقة بكم شخصيا اكثر مما يمكنكم تصوره للوهلة الاولى.‏

      فكما سنرى،‏ لا يوجد شكل واحد من العبودية فقط،‏ بل اشكال كثيرة يؤثر بعض منها في كل شخص على وجه الارض.‏ لذلك نحتاج جميعنا ان نعرف هل سيتمتع الجنس البشري يوما بالحرية الحقيقية.‏ لكن اولا،‏ دعونا نتأمل في مقتطفات من تاريخ تجارة العبيد.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a ليس اسمه الحقيقي.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣]‏

      لطالما كان النساء والاولاد الفقراء ضحايا الاتّجار بالعبيد

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Top photo: UN PHOTO 148000/Jean Pierre Laffont

      U.‎S.‎ National Archives photo

  • الكفاح الطويل ضد العبودية
    استيقظ!‏ ٢٠٠٢ | حزيران (‏يونيو)‏ ٢٢
    • الكفاح الطويل ضد العبودية

      ‏«هذا ما يعنيه ان يكون المرء عبدا:‏ ان تُساء معاملته ويتحمل،‏ ان يُعامَل بعنف ويُجبَر على معاناة المظالم».‏ —‏ يوريپيديز،‏ كاتب مسرحي يوناني من القرن الخامس ق‌م.‏

      للعبودية تاريخ طويل وغالبا بغيض.‏ فمن ايام الحضارتين الباكرتين في مصر وبلاد ما بين النهرين،‏ تستعبد الامم القوية جيرانها الاضعف.‏ وهكذا بدأت تُكتب حكاية من اتعس حكايات المظالم البشرية.‏

      خلال الالف الثاني ق‌م،‏ استعبدت مصر امةً بكاملها عدّت على الارجح عدة ملايين من الاشخاص.‏ (‏خروج ١:‏١٣،‏ ١٤؛‏ ١٢:‏٣٧‏)‏ وعندما حكمت اليونان منطقة البحر المتوسط،‏ كان لدى عائلات يونانية كثيرة عبد واحد على الاقل —‏ تماما كما انه في بعض البلدان اليوم يمكن ان تملك العائلة سيارة.‏ وقد برّر الفيلسوف اليوناني أرسطو هذه العادة بالادّعاء ان البشرية مقسّمة الى طبقتين:‏ الاسياد والعبيد،‏ وأن الاسياد لديهم حق طبيعي بإصدار الاوامر،‏ اما العبيد فهم مخلوقون ليطيعوا.‏

      وعزَّز الرومان العبودية حتى اكثر من اليونان.‏ ففي ايام الرسول بولس،‏ شكّل العبيد نصف سكان مدينة روما تقريبا —‏ اي مئات آلاف الاشخاص.‏ ويبدو ان الامبراطورية الرومانية كانت بحاجة الى نصف مليون عبد كل سنة لبناء الانصاب التذكارية،‏ العمل في المناجم،‏ زراعة الحقول،‏ والخدمة في ڤيلّات الاثرياء الضخمة.‏a وبما ان الذين أُسروا في الحرب استُخدموا عموما كعبيد،‏ فلا بد ان تعطُّش روما الى اقتناء المزيد من العبيد حثَّ الامبراطورية على الاستمرار في شن الحروب.‏

      بعد سقوط الامبراطورية الرومانية فقدت العبودية زخمها،‏ الا انها بقيت موجودة.‏ فبحسب كتاب الأحكام (‏١٠٨٦ ب‌م،‏ بالانكليزية)‏،‏ كان العبيد في انكلترا خلال القرون الوسطى يشكّلون ١٠ في المئة من القوة العاملة.‏ وبقيت الفتوحات سبيلا لاقتناء العبيد.‏ والجدير بالملاحظة ان الكلمة الانكليزية slave التي تُنقل الى عبد تأتي من الكلمة slav «سلاڤ»،‏ اذ ان الشعوب السلاڤية شكلت جزءا كبيرا من العبيد في اوروپا خلال اوائل القرون الوسطى.‏

      لكن منذ ايام المسيح،‏ لم تعانِ قارة اهوال تجارة العبيد مثلما عانتها افريقيا.‏ حتى قبل زمن المسيح،‏ تاجر المصريون القدماء بالعبيد الاثيوپيين.‏ وطوال ٢٥٠‏,١ سنة تقريبا،‏ نُقل ما يُقدَّر بـ‍ ١٨ مليون افريقي الى اوروپا والشرق الاوسط لتلبية الحاجة الى العبيد في هاتين المنطقتين.‏ ومع استعمار الاميركتين الذي بدأ في القرن الـ‍ ١٦،‏ فُتح سوق عبيد جديد،‏ وسرعان ما صارت تجارة العبيد عبر المحيط الاطلسي من اكثر الاعمال التجارية درّا للارباح في العالم.‏ يذكر المؤرخون ان عدد العبيد الذين نُقلوا من افريقيا تعدى الـ‍ ١٢ مليون عبد بين سنة ١٦٥٠ و ١٨٥٠.‏b وبيع كثيرون في اسواق العبيد.‏

      الكفاح ضد العبودية

      على مر القرون،‏ كافح الاشخاص والامم على السواء للتحرر من العبودية.‏ ففي القرن الاول قبل المسيح،‏ قاد سپارتاكوس جيشا من ٠٠٠‏,٧٠ عبد روماني في نضال عقيم لنيل الحرية.‏ اما ثورة العبيد في هايتي،‏ منذ قرنين تقريبا،‏ فقد حالفها النجاح وأدّت الى تأسيس حكومة مستقلة سنة ١٨٠٤.‏

      طبعا،‏ دامت العبودية في الولايات المتحدة فترة اطول بكثير.‏ وقد ناضل بعض العبيد بعزم ليحرّروا انفسهم وأحباءهم.‏ وحارب اشخاص احرار العبودية بإخلاص بتأييد إلغائها او بمساعدة العبيد الهاربين.‏ رغم ذلك،‏ لم يكن حتى اواخر القرن الـ‍ ١٩ ان حُظرت العبودية اخيرا في كل البلد.‏ ولكن ماذا عن اليوم؟‏

      هل كان الكفاح دون جدوى؟‏

      يذكر الاعلان العالمي لحقوق الانسان:‏ «لا يجوز استرقاق احد او استعباده،‏ ويحظَّر الرِّق والاتّجار بالرقيق بجميع صورهما».‏ لا شك ان هذا الهدف المعلن عنه بحماس سنة ١٩٤٨ هو هدف سامٍ.‏ وقد كرَّس كثيرون من الاشخاص المخلصين وقتهم،‏ طاقتهم،‏ ومواردهم لتحقيق هذا الهدف.‏ لكن النجاح ليس سهل المنال.‏

      فكما تُظهر المقالة السابقة،‏ لا يزال ملايين الاشخاص يكدحون دون مقابل في اوضاع مروّعة،‏ وكثيرون منهم بيعوا او اشتُروا ضد ارادتهم.‏ ورغم الجهود الصادقة للقضاء على العبودية —‏ والتوقيع على اتفاقيات دولية لحظرها —‏ تبقى الحرية الحقيقية للجميع هدفا صعب التحقيق.‏ فقد جعل الاقتصاد العالمي الموحَّد تجارة العبيد السرية تدر ربحا اكبر.‏ ويبدو ان العبودية تحكم قبضتها على بعض الفئات من البشر.‏ فهل الحالة ميؤوس منها؟‏ لنرَ ذلك.‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a يذكر احد المراجع القديمة ان بعض الرومان الاثرياء جدا ربما امتلكوا ٠٠٠‏,٢٠ عبد.‏

      b ادّعى بعض المبشرين العديمي الضمير ان اللّٰه يوافق على هذا الاتّجار القاسي بالنفوس البشرية.‏ ونتيجة لذلك،‏ لا يزال كثيرون يعتقدون خطأ ان الكتاب المقدس يبرّر مثل هذه الوحشية.‏ انظروا من فضلكم «‏وجهة نظر الكتاب المقدس:‏ هل وافق اللّٰه على تجارة العبيد؟‏‏»،‏ في عدد ٨ ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٠٠١ من استيقظ!‏‏.‏

      ‏[الصور في الصفحتين ٤،‏ ٥]‏

      اولئك الذين اتت بهم سفن العبيد من افريقيا (‏الى الاعلى)‏ كانوا في ما مضى يُباعون عموما في اسواق العبيد الاميركية

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Godo-Foto

      Archivo General de las Indias

  • حين تولّي العبودية!‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٢ | حزيران (‏يونيو)‏ ٢٢
    • حين تولّي العبودية!‏

      الحرية!‏ قليلة هي الكلمات التي تنعش القلب مثلما تنعشه هذه الكلمة.‏ فالناس كافحوا وعانوا،‏ عاشوا وماتوا،‏ في سبيل الحرية.‏ لكن للاسف،‏ بذل كثيرون كل هذه الجهود دون ان يشهدوا اي تقدم حقيقي في السعي نحو هدفهم.‏ فهل من رجاء للتحرر من العبودية —‏ رجاء لا ينتهي بالتثبط وخيبة الامل؟‏ نعم،‏ ان هذا الرجاء موجود.‏

      فقد اوحي الى الرسول بولس ان يكتب عن وعد اللّٰه:‏ «تُحرَّر الخليقة نفسها أيضا من الاستعباد للفساد وتنال الحرية المجيدة لأولاد اللّٰه».‏ (‏روما ٨:‏٢١‏)‏ لكن كيف يمكن ان نكون على يقين ان اللّٰه سيجلب حقا مثل هذه «الحرية المجيدة»؟‏ احدى الطرائق هي فحص تعاملات اللّٰه مع الجنس البشري عبر التاريخ.‏

      يقول الكتاب المقدس:‏ «حيث روح يهوه،‏ فهناك حرية».‏ (‏٢ كورنثوس ٣:‏١٧‏)‏ نعم،‏ ان روح اللّٰه،‏ او قوته الفعالة،‏ شديد القدرة.‏ واللّٰه يستخدم روحه منذ فترة طويلة لمنح الحرية بطرائق عديدة.‏ وكيف ذلك؟‏ ينبغي ان نتذكر ان هنالك اشكالا عديدة من العبودية.‏ وقد سبق ان ناقشنا احد أردإ اشكالها،‏ حين يستعبد القوي الضعيف بالقوة والعنف.‏ ولكن تأملوا في بعض الاشكال الاخرى للعبودية.‏

      يمكن ان يجعل الناس من انفسهم عبيدا لمختلف انواع الادمان التي يصعب جدا الهروب منها.‏ كما يمكن ان يُستعبد الناس للاكاذيب والخداع،‏ فيقعون في شرك العيش مقيّدين بأغلال التعاليم الباطلة.‏ وهنالك شكل خبيث من العبودية يبتلي كل واحد منا —‏ سواء ادركنا ذلك ام لا —‏ وتأثيراته مميتة.‏ لكن ينبغي التشديد انه بالرغم من مناقشة مختلف اشكال العبودية مجتمعة في هذه المقالات،‏ فنحن لسنا مطلقا بصدد المساواة بينها.‏ فهي تختلف اختلافا كبيرا.‏ ولكن لديها جميعا قاسم مشترك مهم.‏ ففي نهاية المطاف،‏ سيعمل اله الحرية على ازالة عبء كل شكل من اشكال العبودية هذه عن كاهل الجنس البشري.‏

      الادمان والعبودية

      لاحظوا كيف توصف المقامرة القسرية في كتاب عندما ينفد الحظ (‏بالانكليزية)‏:‏ «هي اضطراب متسم برغبة جامحة في المقامرة تتملك المرء ويتعذر ضبطها.‏ وهذه الرغبة تستمر وتزداد حدتها وتصبح اكثر الحاحا .‏ .‏ .‏ حتى تطغى في النهاية على كل ما له معنى في الحياة،‏ فتقوضه وتدمره في اغلب الاحيان».‏ لا احد يعلم كم هو عدد الاشخاص الذين صاروا عبيدا للمقامرة.‏ ففي مجرد بلد واحد،‏ الولايات المتحدة،‏ يقدّر عددهم بستة ملايين شخص تقريبا.‏

      ويمكن ان يكون للادمان على الكحول نفس التأثير المدمر،‏ هذا إن لم يكن اكبر.‏ وقد يكون في معظم الاماكن اكثر انتشارا.‏ ففي احد البلدان الكبرى،‏ يعاني نصف الراشدين الذكور من الكحولية بدرجات متفاوتة.‏ يوضح ريكاردو،‏ الذي صار كحوليا منذ ٢٠ سنة،‏ ما يعنيه هذا النوع من الادمان:‏ «منذ اللحظة التي تستيقظون فيها يتوق جسدكم الى الكحول —‏ لتهدئة اعصابكم،‏ لنسيان همومكم،‏ او لمجرد اعطائكم ما يكفي من الثقة بالنفس لتواجهوا الحياة.‏ وبالرغم من ان هاجس الشرب يتملككم،‏ تحاولون اقناع نفسكم والآخرين ان تصرفكم طبيعي».‏

      والكحول ليس المادة الوحيدة المسبِّبة للادمان التي تستعبد الناس.‏ فحول العالم،‏ ملايين عديدة يسيئون استعمال المخدِّرات غير المشروعة.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ يتعاطى حوالي ١‏,١ بليون شخص التبغ —‏ الذي يحتوي على احد اكثر المخدِّرات المسبِّبة للادمان.‏ وكثيرون يرغبون كثيرا في الاقلاع عن التدخين لكنهم يشعرون انهم مستعبدون.‏ فهل برهن يهوه انه محرر فعال للناس من اشكال العبودية القوية هذه؟‏a

      تأملوا في مثال ريكاردو.‏ يقول:‏ «منذ عشر سنوات ادركتُ ان الكحول يسيطر على حياتي».‏ ويضيف:‏ «كان يضعضع زواجي،‏ عملي،‏ وعائلتي،‏ وعلمت اني لن احل مشاكلي اذا لم اتحرر من قبضته.‏ وتعلمت من درسي للكتاب المقدس ان الفقر —‏ الحرفي والروحي —‏ يبتلي الذي يسرف في شرب الكحول.‏ (‏امثال ٢٣:‏٢٠،‏ ٢١‏)‏ اردت ان تكون علاقتي باللّٰه جيدة،‏ وبواسطة صلواتي المخلصة التي طلبت فيها المساعدة الالهية استطعت ان اكون صادقا مع نفسي.‏ والرجل الذي درس معي الكتاب المقدس برهن انه صديق لا يقدَّر بثمن.‏ فعندما واجهت انتكاسة،‏ لم يقطع الامل مني،‏ لكنه اظهر لي بصبر وثبات المسلك الذي يرسمه اللّٰه للمسيحيين الحقيقيين».‏

      واليوم يشعر ريكاردو انه تحرر من عبوديته السابقة —‏ بشكل نسبي على الاقل.‏ وهو يعترف بصراحة انه عانى في البداية انتكاسات من وقت الى آخر.‏ يقول:‏ «رغم هذه الانتكاسات،‏ فإن رغبتي في خدمة يهوه بإخلاص،‏ بالاضافة الى دعم زوجتي والرفقاء المسيحيين الآخرين،‏ ساعدتني ان اسيطر على الوضع.‏ وأنا اتطلع بشوق الى الوقت الذي وعد به اللّٰه حين ‹لن يقول احد انا مرضت›،‏ وتصبح الكحولية من الماضي.‏ وحتى يحين ذلك الوقت،‏ سأستمر في نضالي اليومي لأقرّب جسدي ‹ذبيحة حية مقدسة مقبولة عند اللّٰه›».‏ —‏ اشعياء ٣٣:‏٢٤؛‏ روما ١٢:‏١‏.‏

      حول العالم،‏ اختبر آلاف الافراد شخصيا مساعدة اللّٰه في سعيهم للتحرُّر من شتّى انواع الادمان.‏ لا شك انهم لعبوا دورا كبيرا في وقوعهم في شرك الاستعباد،‏ ربما بالاستسلام لمختلف الضغوط والمغريات.‏ ولكنهم وجدوا رغم ذلك ان يهوه هو محرّر صبور جدا.‏ فيهوه يرغب في مساعدة وتقوية كل مَن يريد خدمته.‏

      ‏«الحق يحرركم»‏

      ماذا لو استُعبد المرء للاكاذيب والخداع؟‏ يؤكد لنا يسوع ان التحرّر منها ممكن.‏ قال:‏ «إن ثبتم في كلمتي،‏ تكونون حقا تلاميذي،‏ وتعرفون الحق،‏ والحق يحرركم».‏ (‏يوحنا ٨:‏٣١،‏ ٣٢‏)‏ في الزمن الذي تكلم فيه يسوع،‏ كان كثيرون من المستمعين اليه مستعبدين لمجموعة من المبادئ والقوانين الصارمة الناجمة عن تقاليد الفريسيين.‏ قال يسوع عن القادة الدينيين في ايامه:‏ «يربطون أحمالا ثقيلة ويضعونها على أكتاف الناس،‏ ولا يريدون هم أن يحركوها بإصبعهم».‏ (‏متى ٢٣:‏٤‏)‏ إلّا ان تعاليم يسوع حررت الناس من هذه العبودية.‏ فقد شهّر الاكاذيب الدينية،‏ وأظهر ايضا مصدرها.‏ (‏يوحنا ٨:‏٤٤‏)‏ واستبدل الاكاذيب بالحق،‏ كاشفا بوضوح مطالب اللّٰه المعقولة من الجنس البشري.‏ —‏ متى ١١:‏٢٨-‏٣٠‏.‏

      مثل تلاميذ المسيح،‏ آلاف الناس اليوم يجدون انه بمساعدة اللّٰه يمكنهم ان يتحرروا من الاكاذيب الدينية والتقاليد الباطلة التي استُعبدوا لها.‏ فبعد ان يتعلموا الحق المنعش من الكتاب المقدس،‏ يتحررون من سيطرة الخوف من الموتى،‏ ويتحررون من الرعب الناجم عن فكرة العذاب الابدي في هاوية نارية.‏ كما يتحررون من عبء دفع مال مكتسب بعرق الجبين مقابل الخدمات الدينية التي ينجزها رجال الدين،‏ الذين يدّعون انهم يمثلون المسيح —‏ وهو مَن قال:‏ «مجانا أخذتم فمجانا أعطوا».‏ (‏متى ١٠:‏٨‏)‏ علاوة على ذلك،‏ هنالك حرية اعظم بكثير على وشك ان تتحقق.‏

      اخبث اشكال العبودية

      لاحظوا كيف يصف يسوع شكلا خبيثا من العبودية،‏ ذُكر سابقا،‏ ويؤثر في كل رجل،‏ امرأة،‏ وولد على الارض.‏ «الحق الحق أقول لكم:‏ كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية».‏ (‏يوحنا ٨:‏٣٤‏)‏ مَن يمكنه الادعاء انه لا يخطئ؟‏ حتى الرسول بولس اعترف:‏ «لست أفعل الصلاح الذي أريد،‏ بل الرديء الذي لا أريده فإياه أمارس».‏ (‏روما ٧:‏١٩‏)‏ ورغم انه ما من احد يستطيع تحرير نفسه من اغلال الخطية،‏ فإن وضعنا ليس ميؤوسا منه.‏

      أكد يسوع لتلاميذه:‏ «إن حرركم الابن،‏ تكونون بالحقيقة أحرارا».‏ (‏يوحنا ٨:‏٣٦‏)‏ وتحقيق هذا الوعد لا يعني سوى الحرية من اكثر اشكال العبودية ايذاء.‏ ولكي نفهم كيف يمكننا التخلص منه،‏ ينبغي اولا ان ندرك كيف استُعبدنا في البداية.‏

      يُظهر الكتاب المقدس ان اللّٰه خلق الانسان حرّا ادبيا،‏ دون اي نزعة الى ارتكاب الخطية.‏ لكنّ ابنا روحيا للّٰه غير منظور رغب بأنانية في التسلّط على الجنس البشري،‏ دون الاكتراث بما سيعانيه البشر.‏ ولتحقيق هذا الهدف أبعد هذا الملاك المتمرد،‏ الذي دُعي لاحقا الشيطان ابليس،‏ والدينا الاولين آدم وحواء عن اللّٰه.‏ وبعدما تعمد آدم عدم اطاعة ارشادات اللّٰه المحددة،‏ لم يصبح هو نفسه خاطئا فحسب،‏ بل نقل النقص والموت لكل ذريته.‏ (‏روما ٥:‏١٢‏)‏ في النهاية،‏ اصبح الشيطان ‹حاكم العالم›،‏ و‹ملكت الخطية مع الموت على الجنس البشري›.‏ —‏ يوحنا ١٢:‏٣١؛‏ روما ٥:‏٢١؛‏ كشف ١٢:‏٩‏.‏

      فكيف يمكننا التحرُّر؟‏ بالصيرورة تلامذة ليسوع يمكننا ان نستفيد من موت المسيح الفدائي،‏ الذي له سلطان ان ‹يبيد من في وسعه أن يسبب الموت،‏ أي إبليس› وأن «يعتق جميع الذين كانوا مدة حياتهم خاضعين للعبودية خوفا من الموت».‏ (‏عبرانيين ٢:‏١٤،‏ ١٥‏)‏ تخيلوا!‏ الحرية من عبودية الخطية والموت!‏ ألا تروقكم هذه الحرية؟‏

      ولكن ماذا عن شكل العبودية الذي ناقشناه في مستهل المقالة؟‏ هل ستكون هنالك يوما نهاية لاستعباد الناس رغما عنهم؟‏

      اساس اكيد للرجاء

      طبعا،‏ يمكن ان نثق ان مثل هذا الشكل الكريه من العبودية سيُبطل.‏ ولماذا؟‏ حسنا،‏ تأملوا في ما يلي:‏ كان يهوه اللّٰه مسؤولا مباشرة عن اعظم مسيرة للحرية في كل تاريخ الجنس البشري.‏ وربما كنتم مطلعين على القصة.‏

      استعبدت مصر امة اسرائيل،‏ وأجبرتها على القيام بالاعمال اليدوية الشاقة وعاملتها بوحشية.‏ فصرخ الاسرائيليون الى اللّٰه من اجل المساعدة،‏ وهو،‏ برحمته العظيمة،‏ سمعهم واتخذ اجراءات.‏ فاستخدم موسى وهارون كناطقين بلسانه،‏ وطلب من فرعون مصر ان يطلق الاسرائيليين من الاسر.‏ لكن هذا الحاكم المتفاخر رفض مرارا وتكرارا،‏ حتى بعد ان جلب يهوه سلسلة من الاوبئة المدمرة على الارض.‏ لكن في النهاية،‏ اضطر فرعون الى الخضوع للّٰه.‏ وتحرّر الاسرائيليون اخيرا!‏ —‏ خروج ١٢:‏٢٩-‏٣٢‏.‏

      انها رواية مثيرة،‏ أليس كذلك؟‏ لكنكم قد تتساءلون،‏ لماذا لا ينجز اللّٰه عملا مماثلا في ايامنا.‏ لماذا لا يتدخل في شؤون  الجنس البشري وينهي العبودية؟‏ تذكروا ان يهوه ليس ‹حاكم العالم› —‏ بل الشيطان.‏ فبسبب التحديات التي أُثيرت في عدن في ما مضى،‏ سمح يهوه لعدوه الشرير ان يحكم لفترة محدودة من الوقت.‏ وليست العبودية،‏ الظلم،‏ والوحشية سوى سمات مميِّزة لحكم الشيطان.‏ وتحت هذا التأثير،‏ صنع الحكم البشري سجلا تعيسا.‏ وقد لخّص الكتاب المقدس هذا السجل بكلمات موجزة جدا:‏ «يتسلط انسان على انسان لضرر نفسه».‏ —‏ جامعة ٨:‏٩‏.‏

      لكن الى متى؟‏ يوضح الكتاب المقدس اننا نعيش في «الايام الاخيرة»،‏ الوقت الذي يتفشى فيه الطمع والانانية.‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١،‏ ٢‏)‏ وهذا يعني ان ملكوت اللّٰه الذي علّم يسوع ان نصلي من اجل اتيانه،‏ سيؤسس قريبا مجتمعا بارا ستحظّر فيه العبودية.‏ (‏متى ٦:‏٩،‏ ١٠‏)‏ وسيباشر يسوع المسيح،‏ ملك اللّٰه المعيّن،‏ بمحو كل اثر للعبودية حتى يُباد آخر عدو،‏ الموت.‏ —‏ ١ كورنثوس ١٥:‏٢٥،‏ ٢٦‏.‏

      عندما يبزغ اخيرا فجر ذلك اليوم،‏ سيرى الناس الامناء ان تحرير شعب اللّٰه من العبودية في مصر لم يكن سوى لمحة مسبقة عن هذا التحرير الاعظم بكثير.‏ نعم،‏ مع مرور الوقت،‏ «الخليقة نفسها ايضا ستُعتق من عبودية الفساد».‏ وسيتمكن الجميع اخيرا من التمتع ‹بحرية مجد اولاد اللّٰه›.‏ —‏ روما ٨:‏٢١‏.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a في القرن الاول،‏ كانت الشراهة تسود في المآ‌دب الرومانية.‏ لذلك حُذّر المسيحيون من ان يستعبدهم الطعام او ما شابهه.‏ —‏ روما ٦:‏١٦؛‏ ١ كورنثوس ٦:‏١٢،‏ ١٣؛‏ تيطس ٢:‏٣‏.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      في الولايات المتحدة فقط،‏ ما يقدَّر بستة ملايين شخص هم مستعبدون للمقامرة

      ‏[الصورتان في الصفحة ٧]‏

      مئات الملايين هم مستعبدون للمخدِّرات،‏ الكحول،‏ والتبغ

      ‏[الصور في الصفحتين ٨،‏ ٩]‏

      مثل ريكاردو،‏ اختبر آلاف الاشخاص مساعدة اللّٰه على التحرر من الادمان

      ‏[الصورتان في الصفحة ١٠]‏

      كما تحرر الاسرائيليون القدماء من العبودية،‏ سيتمتع عباد اللّٰه الحقيقيون قريبا بتحرر اعظم بكثير

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة