مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • روسيا
    الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ٢٠٠٨
    • ‏«لن يحررك الهك يهوه من هنا»‏

      يتذكر پْيُوتر كريڤوكولسكي صيف سنة ١٩٤٥ ويقول:‏ «بعد ان حوكم الاخوة،‏ أُرسلوا الى مختلف المعسكرات.‏ وفي المعسكر الذي كنت فيه،‏ اعرب الكثير من السجناء عن اهتمام مخلص بالحق.‏ وكان احدهم رجل دين ادرك بسرعة ان ما سمعه هو الحق واتخذ موقفه الى جانب يهوه.‏

      ‏«لكن الاحوال كانت قاسية الى حد بعيد.‏ فذات مرة سُجنت في زنزانة صغيرة جدا بالكاد استطعت الوقوف فيها.‏ وقد دُعيَت بيت البقّ لأنها كانت ملآنة بكميات كبيرة من بقّ الفراش كان بإمكانها على الارجح ان تمتص دم الشخص بكامله.‏ فقال لي المفتش وهو واقف امام الزنزانة:‏ ‹لن يحررك الهك يهوه من هنا›.‏ كانت حصتي اليومية من الطعام ٣٠٠ غرام من الخبز وكوب ماء.‏ ولم يكن هنالك هواء،‏ لذا كنت استند الى الباب الصغير وأحاول تنشق الهواء عبر شق رفيع جدا.‏ كما شعرت ان البقّ يمتص دمي.‏ خلال ايامي العشرة في بيت البقّ،‏ طلبت مرارا من يهوه ان يعطيني القوة على الاحتمال.‏ (‏ارميا ١٥:‏١٥‏)‏ وعندما فُتحت الابواب في نهاية هذه الفترة أُغمي علي،‏ وحين استيقظت وجدت نفسي في زنزانة اخرى.‏

      ‏«وفي ما بعد،‏ حكمت عليّ محكمة تابعة لمعسكر العمل الالزامي بالسجن عشر سنوات في معسكر جزائي خاضع لحراسة مشددة،‏ وذلك بتهمة ‹تهييج النفوس ونشر دعاية مناهضة للسلطة السوفياتية›.‏ في ذلك المعسكر كان من المستحيل ارسال او تسلم اي بريد.‏ كما ان السجناء كانوا عموما من مرتكبي الجرائم العنيفة،‏ كالقتل.‏ وقد قيل لي انه إن لم انكر ايماني،‏ فسيفعل بي هؤلاء الاشخاص كل ما يُطلب منهم.‏ كنت ازن ٣٦ كيلوغراما فقط وبالكاد استطعت المشي.‏ ولكن حتى هناك تمكنت من ايجاد اشخاص مخلصين،‏ قلوبهم مهيأة لقبول الحق.‏

      ‏«وذات مرة،‏ عندما كنت مستلقيا بين الجنبات اصلي،‏ اقترب الي رجل كبير السن وسألني قائلا:‏ ‹ما الذي اتى بك الى هذا الجحيم؟‏›.‏ وما إن سمع انني واحد من شهود يهوه حتى جلس وضمني اليه وقبلني.‏ ثم قال:‏ ‹يا بُني،‏ لطالما رغبت في درس الكتاب المقدس!‏ فهل تعلمني من فضلك؟‏›.‏ لم تسعني الدنيا من شدة الفرح.‏ وعلى الفور سحبت قصاصات قديمة من الاناجيل كنت قد خطتها على ثيابي الرثة.‏ فاغرورقت عيناه بالدموع.‏ وفي تلك الامسية دارت بيننا محادثة طويلة اخبرني فيها انه يعمل في قاعة الطعام التابعة للمعسكر وأنه سيهتم بإطعامي.‏ وهكذا اصبحنا صديقين.‏ وقد نما هو روحيا في حين استعدت انا عافيتي.‏ وكنت متأكدا ان يهوه دبر ذلك.‏ بعد بضعة اشهر أُطلق سراحه،‏ اما انا فنُقلت الى معسكر آخر في اقليم غوركي.‏

      ‏«كانت الاحوال هناك افضل بكثير.‏ ولكن الاهم هو انني فرحت بعقد دروس في الكتاب المقدس مع اربعة سجناء.‏ وفي سنة ١٩٥٢ وجد المسؤولون عن المعسكر بعض المطبوعات في حوزتنا.‏ وخلال استجوابي قبل المحاكمة،‏ وُضعتُ في صندوق محكم الاغلاق بحيث لا يمكن ان يتسرب الهواء اليه.‏ وكلما ابتدأت بالاختناق كانوا يفتحون الصندوق لأتنشق القليل من الهواء ثم يغلقونه.‏ فقد ارادوا ان انكر ايماني.‏ وجرت إدانتنا جميعا.‏ وعندما قُرئ على مسامعنا الحكم،‏ لم يهلع احد من تلاميذي الذين يدرسون الكتاب المقدس،‏ الامر الذي اسعدني كثيرا.‏ وقد حُكم على هؤلاء الاربعة بالسجن ٢٥ سنة في المعسكرات.‏ اما انا فكانت عقوبتي اقسى،‏ ولكنها عُدِّلت وأصبحت ٢٥ سنة اضافية في معسكر خاضع لحراسة مشددة و ١٠ سنوات في المنفى.‏ بعد مغادرتنا الغرفة توقفنا وشكرنا يهوه على دعمه ايانا.‏ فتعجّب الحراس متسائلين عن سبب سعادتنا.‏ ثم فُرّقنا وأُرسلنا الى معسكرات مختلفة.‏ وقد أُرسلت انا الى معسكر خاضع لحراسة مشددة في ڤوركوتا».‏

      الحياد المسيحي انقذ حياتهم

      كانت الحياة في المعسكرات قاسية جدا.‏ وانتحر كثيرون من السجناء غير الشهود.‏ يذكر إيڤان كريلوڤ:‏ «بعد اطلاق سراحي من المعسكر الخاضع لحراسة مشددة،‏ قصدتُ عدة مناجم فحم أُجبر فيها اخوتنا وأخواتنا على القيام بأشغال شاقة.‏ ونجحتُ في الاتصال بهم،‏ وكان كل مَن يتمكن من نسخ بعض مجلاتنا باليد يمرِّر النسخ الى الآخرين.‏ لقد كرز الشهود في كل المعسكرات،‏ وكثيرون اظهروا اهتماما.‏ فاعتمد بعضهم في نهر ڤوركوتا بعد اطلاق سراحهم.‏

      ‏«كان ايماننا بيهوه وملكوته يُمتحن بشكل دائم.‏ وحدث سنة ١٩٤٨ ان بعض السجناء في احد المعسكرات في ڤوركوتا اعلنوا العصيان.‏ وكان المتمردون قد قالوا للسجناء الآخرين ان العصيان سيحقق اكبر نجاح ممكن اذا نظموا انفسهم ضمن مجموعات،‏ بحسب القومية او الدين مثلا.‏ وفي ذلك الوقت كان يوجد في المعسكر ١٥ شاهدا مسجونا.‏ فقلنا للمتمردين ان شهود يهوه مسيحيون وإنه لا يمكننا المشاركة في امور كهذه.‏ كما أوضحنا لهم ان المسيحيين الاولين لم يشاركوا في اي عصيان على الرومان.‏ طبعا،‏ فوجئ كثيرون بموقفنا،‏ ومع ذلك لم نَعدِل عنه مطلقا».‏

      ادى العصيان الى نتائج مأساوية.‏ فقد تمكن الجنود المسلحون من سحق المقاومة،‏ واقتادوا المتمردين الى ثكنة اخرى.‏ وبعد ذلك رشّوا الثكنة بالوقود وأشعلوا فيها النار.‏ فمات معظم مَن في الداخل.‏ اما الاخوة فلم يمسَّهم الجنود بسوء.‏

      ويمضي إيڤان قائلا:‏ «في كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٤٨،‏ التقيت في معسكر واحد بثمانية اخوة حُكم عليهم بالسجن ٢٥ سنة.‏ وكان الشتاء قارسا جدا،‏ والعمل في المناجم صعبا.‏ ومع ذلك كنت ارى عيون هؤلاء الاخوة تشع ثقة ورجاء اكيدا.‏ ونظرتهم الايجابية قوَّت حتى السجناء الذين ما كانوا من شهود يهوه».‏

      النفي الى سيبيريا

      رغم المقاومة الوحشية من قِبل السلطات،‏ استمر الشهود يكرزون ببشارة ملكوت يهوه بغيرة.‏ وهذا اثار حنق الحكومة المركزية في موسكو وأغاظ كثيرا المخابرات السوفياتية.‏ وقد جاء في مذكرة مؤرخة في ١٩ شباط (‏فبراير)‏ ١٩٥١ ارسلتها المخابرات السوفياتية الى ستالين:‏ ‏«بهدف قمع اية انشطة اضافية معادية للسوفيات تقوم بها حركة اتباع يهوه السرية،‏ ترى وزارة امن الدولة [ما عُرف لاحقا بالمخابرات السوفياتية KGB] انه لا بد من نفي مَن يُعرف انهم من اتباع يهوه مع عائلاتهم الى اقليمَي إركوتْسْك وتومْسْك».‏ وكانت المخابرات السوفياتية تعرف مَن كانوا شهودا،‏ فطلبت من ستالين الإذن بنفي ٥٧٦‏,٨ شخصا من ست جمهوريات سوفياتية الى سيبيريا.‏ وقد سُمح لها بذلك.‏

      تذكر ماڠدالينا بيلوشيتسْكايا:‏ «عند الساعة الثانية من صباح يوم الاحد،‏ في ٨ نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٥١،‏ استيقظنا على صوتِ قرْعٍ قوي للباب.‏ فقفزت امي من فراشها وهرعت الى الباب وفتحته،‏ وإذا بضابط يقف امامنا ويقول بشكل رسمي:‏ ‹تقرَّر نفيكم الى سيبيريا لإيمانكم باللّٰه.‏ وسأعطيكم مهلة ساعتين لتوضّبوا اغراضكم.‏ يمكنكم اخذ اي شيء في البيت.‏ ولكن لا يُسمح بأخذ الحبوب والدقيق،‏ وكذلك الاثاث والامتعة الخشبية وآلات الخياطة.‏ كما لا يُسمح بأخذ شيء من خارج البيت.‏ اجلبوا معكم اغطية الاسرّة والملابس والحقائب واخرجوا›.‏

      ‏«كنا قد قرأنا في مطبوعاتنا انه يوجد عمل كثير لإنجازه شرق البلاد.‏ ففهمنا عندئذ ان الوقت قد حان لذلك.‏

      ‏«لم يرفع ايٌّ منا صوته بالبكاء.‏ ففاجأ ذلك الضابط الذي قال:‏ ‹دمعة واحدة صغيرة لم تذرفها عيونكم›.‏ فقلنا اننا نتوقع حدوث ذلك منذ سنة ١٩٤٨.‏ ثم طلبنا الإذن بأن نأخذ معنا واحدة على الاقل من دجاجاتنا الحية،‏ لكنه رفض.‏ ووزّع الضباط على انفسهم ما لدينا من حيوانات داجنة،‏ وتقاسموا الدجاجات امام اعيننا.‏ فأخذ واحد خمس دجاجات،‏ وواحد ستًّا،‏ وآخر ثلاثًا او اربعًا.‏ وحين لم يبقَ في القن سوى دجاجتين،‏ امر الضابط بذبحهما وإعطائهما لنا.‏

      ‏«كانت ابنتي البالغة من العمر ثمانية اشهر نائمة في مهد خشبي.‏ فسألْنا الضابط هل يمكن ان نأخذه معنا.‏ فأمر بأن يُفكَّك المهد وأن نُعطى فقط الجزء الذي توضع الطفلة فيه.‏

      ‏«سرعان ما عرف جيراننا اننا سنُنفى.‏ فجلب احدهم كيسا صغيرا فيه قطع من الخبز المحمص ورماه الى داخل العربة التي كانت تقلّنا.‏ لكن الجندي الذي يحرسنا رأى ما جرى،‏ فرمى الكيس الى الخارج.‏ كنا ستة اشخاص:‏ انا،‏ امي،‏ اخويَّ،‏ زوجي،‏ وابنتنا البالغة من العمر ثمانية اشهر.‏ وعندما صرنا خارج القرية دُفعنا بسرعة الى داخل سيارة ذهبت بنا الى المركز الاقليمي،‏ حيث مُلئت ملفاتنا.‏ وبعد ذلك أُخذنا بالشاحنة الى محطة السكة الحديدية.‏

      ‏«كان يوم الاحد مشمسا وجميلا.‏ وكانت المحطة تعج بالناس بين منفيين ومتفرجين.‏ وقد توقفت شاحنتنا تماما عند عربة قطار كان اخوتنا فيها.‏ عندما امتلأ القطار،‏ تحقق الجنود من وجود الجميع بقراءة اسماء العائلات،‏ وكان في عربتنا ٥٢ شخصا.‏ وقبل الانطلاق،‏ انهمرت الدموع من اعين الاشخاص الذين جاءوا ليودّعونا،‏ حتى ان بعضهم صار يشهق وهو يبكي.‏ وقد دُهشنا لرؤية هؤلاء الناس لأننا لم نكن نعرف بعضا منهم.‏ ولكنهم كانوا يعرفون اننا من شهود يهوه وأننا نُنفى الى سيبيريا.‏ بعدئذ اطلق المحرك البخاري صفيره المدوي.‏ فبدأ اخوتنا يرنمون باللغة الاوكرانية:‏ ‹لتكن محبة المسيح معكم.‏ المجدَ نعطي ليسوع المسيح.‏ سنلتقي ثانيةً في ملكوته›.‏ كان لمعظمنا ملء الثقة والرجاء ان يهوه لن يتركنا.‏ وقد رنّمنا عدة ابيات من الترنيمة.‏ فبات الوضع مؤثرا جدا حتى ان بعض الجنود بدأوا يبكون.‏ وبعد ذلك انطلق القطار».‏

      ‏«عكس ما كان متوقعا»‏

      اورد الدكتور ن.‏ س.‏ ڠورْديينْكو —‏ بروفسور في جامعة هيرْزِن في سانت بيترسبرغ —‏ في كتابه ما حققه المضطهِدون،‏ قائلا:‏ «اتت النتائج عكس ما كان متوقعا.‏ فقد ارادوا إضعاف هيئة شهود يهوه في الاتحاد السوفياتي،‏ لكنهم في الحقيقة زادوا من قوتها.‏ ففي المستوطنات الجديدة التي لم يسبق ان سمع احد فيها بهذا الدين،‏ نقل شهود يهوه ‹عدوى› ايمانهم وولائهم الديني الى السكان المحليين».‏

      تكيف شهود كثيرون مع ظروفهم الجديدة بشكل سريع.‏ فتشكلت جماعات صغيرة وعُيّنت المقاطعة التابعة لكل منها.‏ يقول نيكولاي كاليبابا:‏ «كنا في سيبيريا نكرز من بيت الى بيت،‏ او بتعبير ادق،‏ من بيت الى بيت يفصل بينهما بيتان او ثلاثة.‏ لكن الامر ينطوي على مخاطرة.‏ فماذا كنا نفعل؟‏ عند البدء بالكلام،‏ كنا نطرح هذا السؤال على الناس:‏ ‹هل تبيعون دجاجا او ماعزا او بقرا؟‏›،‏ ثم نحوّل المحادثة تدريجيا الى موضوع الملكوت.‏ وعقب الزيارة الاولى،‏ كنا نحاول القيام بزيارة مكررة بعد شهر تقريبا.‏ بعد فترة علمت المخابرات السوفياتية بالامر،‏ وسرعان ما نُشرت في الصحيفة مقالة تحذر السكان المحليين من التكلم الى شهود يهوه.‏ وقد ذكرت المقالة ان الشهود يذهبون من بيت الى بيت ويقولون للناس انهم يريدون ماعزا وبقرا ودجاجا.‏ لكننا في الحقيقة كنا نبحث عن خراف».‏

      ويروي ڠاڤريل ليڤي:‏ «حاول الاخوة الاشتراك في الخدمة مع ان المخابرات السوفياتية كانت تراقبهم عن كثب.‏ وقد تبنى الشعب السوفياتي هذا الموقف:‏ عليك استدعاء الشرطة فورا اذا اشتبهت ان احدا يحاول التحدث اليك في موضوع ديني.‏ ورغم ذلك استمررنا في الكرازة،‏ مع اننا لم نشهد اية نتائج ملموسة في البداية.‏ لكن بمرور الوقت بدأ الحق يغيّر بعض السكان المحليين،‏ بينهم رجل روسي كان يشرب الخمر بكثرة.‏ فعندما تعرّف بالحق،‏ جعل حياته تنسجم مع مبادئ الكتاب المقدس وصار شاهدا نشيطا.‏ وفي وقت لاحق استدعاه ضابط في المخابرات السوفياتية وقال له:‏ ‹مع مَن تقضي وقتك؟‏ فهؤلاء الشهود جميعهم اوكرانيون›.‏

      ‏«فأجاب الاخ:‏ ‹عندما كنت سكيرا مرميا في الشارع،‏ لم تكترثوا بأمري بتاتا.‏ اما الآن فبعدما صرت انسانا سويّا ومواطنا صالحا،‏ ارتأيتم ان هذا غير جيد.‏ كثيرون من الاوكرانيين يغادرون سيبيريا،‏ لكنهم يتركون وراءهم سكانا محليين يعلّمهم اللّٰه كيف يجب ان يعيشوا›».‏

      بعد سنوات قليلة،‏ بعث ضابط من إركوتْسْك برسالة الى موسكو جاء فيها:‏ «قال العديد من العمال المحليين انه يجب ارسال جميع [شهود يهوه] هؤلاء الى منطقة في الشمال لكي ينقطع كل اتصال بينهم وبين الناس ويعاد تأهيلهم».‏ فلا المسؤولون في سيبيريا ولا المسؤولون في موسكو عرفوا كيف يُسكتون شهود يهوه.‏

      ‏«لَكُنَّا قتلناكم جميعا»‏

      في اوائل سنة ١٩٥٧،‏ نظمت السلطات حملة جديدة ضد شهود يهوه.‏ فكان الاخوة يلاحَقون وبيوتهم تُفتَّش.‏ يذكر ڤيكتور ڠوتشميت:‏ «عندما رجعت ذات يوم الى بيتي من الخدمة،‏ وجدتُ كل ما في الغرفة مقلوبا رأسا على عقب.‏ فكانت المخابرات السوفياتية تبحث عن مطبوعات.‏ وبعد اعتقالي استمروا يستجوبونني طوال شهرين.‏ وفي ذلك الوقت كانت ابنتي الصغرى يوليا في شهرها الـ‍ ١١،‏ وابنتي الكبرى في سنتها الثانية.‏

      ‏«خلال التحقيق سألني المفتش:‏ ‹هل انت الماني؟‏›.‏ وفي ذلك الوقت كانت كلمة ‹الماني› في نظر كثيرين مرادفة لكلمة ‹فاشيّ›.‏ فكان الالمان مكروهين.‏

      ‏«فقلت له:‏ ‹انا لست من الدعاة الى القومية،‏ ولكن اذا كنتَ تتحدث عن الالمان المسجونين في معسكرات الاعتقال على يد النازيين،‏ فأنا افتخر بهم.‏ كان اسمهم سابقا بيبلفورشر،‏ اما الآن فاسمهم شهود يهوه.‏ وبكل اعتزاز اقول لك ان لا احد من الشهود اطلق رصاصة من رشاش او قذيفة من مدفع.‏ حقا،‏ هؤلاء الالمان مدعاة للفخر!‏›.‏

      ‏«بقي المفتش صامتا،‏ فمضيتُ اقول:‏ ‹انا على ثقة بأنه لا احد من شهود يهوه اشترك في اي تمرد او عصيان.‏ صحيح انهم لا يتوقفون عن عبادة اللّٰه حتى عندما تكون نشاطاتهم محظورة،‏ لكنهم في الوقت نفسه يعترفون بالسلطات الشرعية ويطيعونها ما دامت قوانينها لا تخالف الشرائع الاسمى التي وضعها خالقنا›.‏

      ‏«فجأة قاطعني المفتش وقال:‏ ‹لم نتحرَّ قط عن اية مجموعة بقدر ما تحرَّينا عن الشهود ونشاطاتهم.‏ ولو وُجد في السجلات اي شيء ضدكم،‏ حتى مجرد اذى بسيط ألحقتموه بشخص ما،‏ لَكُنَّا قتلناكم جميعا›.‏

      ‏«عندئذ قلت في نفسي:‏ ‹يتحلى اخوتنا في كل انحاء العالم بالشجاعة في خدمة يهوه،‏ وقد انقذ مثالهم حياتنا نحن الساكنين في الاتحاد السوفياتي.‏ ولعل خدمتنا للّٰه هنا تساعد بطريقة ما اخوتنا الموجودين في اماكن اخرى›.‏ فقوّت هذه الفكرة تصميمي على الثبات في طرق يهوه».‏

      الشهود في اكثر من ٥٠ معسكرا

      ظل موقف شهود يهوه الحيادي وخدمتهم الغيورة في الاتحاد السوفياتي يثيران حنق الحكومة.‏ (‏مر ١٣:‏١٠؛‏ يو ١٧:‏١٦‏)‏ وغالبا ما ادى ذلك الى الحكم على الاخوة ظلما بالسجن فترات طويلة.‏

      خلال المحافل الـ‍ ١٩٩ التي عُقدت حول العالم من حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٥٦ الى شباط (‏فبراير)‏ ١٩٥٧،‏ وافق ٩٣٦‏,٤٦٢ مندوبا بالاجماع على عريضة أُرسلت نسخ منها الى مجلس وزراء الاتحاد السوفياتي في موسكو.‏ وبعض ما جاء فيها:‏ «هناك اشخاص من شهود يهوه مسجونون في اكثر من ٥٠ معسكرا في المناطق الممتدة من روسيا الاوروبية الى المحيط القطبي الشمالي مرورا بسيبيريا،‏ وحتى في جزيرة نوڤايا زَمليا القطبية .‏ .‏ .‏ ويقال عن شهود يهوه في اميركا والبلدان الغربية الاخرى انهم شيوعيون،‏ اما في البلدان الخاضعة للحكم الشيوعي فيقال انهم امبرياليون .‏ .‏ .‏ لقد اتهمتهم الحكومات الشيوعية بأنهم ‹جواسيس امبرياليون› واقتادتهم الى المحاكم وحكمت عليهم بالسجن فترات تصل الى ٢٠ سنة.‏ لكن هؤلاء لم يشاركوا قط في اي نشاط هدّام».‏ والمؤسف ان العريضة لم تنجح في تحسين وضع شهود يهوه في الاتحاد السوفياتي.‏

      كذلك لاقت عائلات شهود يهوه في روسيا صعوبة بالغة في تربية اولادها.‏ قال فلاديمير سوسْنين من موسكو،‏ وهو والد ربى ثلاثة بنين في تلك الفترة:‏ «كان الذهاب الى مدرسة سوفياتية امرا إلزاميا.‏ وقد ضغط المعلمون والتلاميذ الآخرون على اولادنا لكي ينضموا الى منظمات خاصة بالاولاد تروّج للفكر الشيوعي.‏ اردنا ان يتلقى صغارنا علومهم الضرورية،‏ وكنا نساعدهم في دروسهم.‏ ولكن لم يكن سهلا علينا نحن الوالدين ان ننمي محبة يهوه في قلوبهم.‏ فقد كانت المدارس مشحونة بالافكار التي تهدف الى تعزيز الاشتراكية والشيوعية.‏ لذلك وجب علينا ان نتحلى بالصبر والمثابرة الى اقصى الحدود».‏

      متَّهَمان بقطع اذن ابنتهما

      ربى سيميون وداريا كوسْتيلْييڤ ثلاثة اولاد في سيبيريا.‏ يروي سيميون:‏ «كان شهود يهوه يُعتبرون في ذلك الوقت فئة متعصبة.‏ وفي سنة ١٩٦١،‏ بدأت ابنتنا الثانية ألا سنتها الدراسية الاولى.‏ وفيما كانت ذات يوم تلعب مع اولاد آخرين،‏ جرحها احدهم في اذنها عن غير قصد.‏ فسألتها المعلمة في اليوم التالي عما حدث،‏ لكن ألا لزمت الصمت لأنها لم ترد ان تشي بالفاعل.‏ وكانت المعلمة تعرف ان والدَيها من شهود يهوه،‏ فاستنتجت انهما يضربانها ليجبراها على العيش وفق مبادئ الكتاب المقدس.‏ بعد ذلك ابلغت المدرسة المسألة الى مكتب المدعي العام.‏ وصارت الشركة التي اعمل فيها متورطة في الموضوع.‏ وقد استمرت التحقيقات نحو سنة،‏ وفي النهاية استُدعينا للمثول امام المحكمة في تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٦٢.‏

      ‏«طوال الاسبوعين اللذين سبقا المحاكمة،‏ عُلقت لافتة على مبنى قصر الثقافة كُتب عليها:‏ ‹محاكمة المنتمين الى بدعة اتباع يهوه الخطرة تبدأ قريبا›.‏ وخلال المحاكمة اتُّهمنا انا وزوجتي بتربية اولادنا بحسب الكتاب المقدس.‏ كما اتُّهمنا بأننا متوحشان.‏ فقد زعمت المحكمة اننا كنا نجبر ابنتنا على الصلاة وأننا قطعنا اذنها بحرف دلو!‏ وكانت ألا الشاهدة الوحيدة في القضية،‏ لكنها أُرسلت الى ميتم في كيرنسك،‏ مدينة تبعد مسافة ٧٠٠ كيلومتر تقريبا عن شمال إركوتْسْك حيث نعيش.‏

      ‏«كانت القاعة تغص بأعضاء احدى المنظمات الشبابية الناشطين.‏ وعندما رُفعت الجلسة للتداول،‏ اثار الجمع ضجة كبيرة.‏ فقد وجّهوا الينا التهديدات والشتائم،‏ وطالب احدهم ان نخلع ملابسنا ‹السوفياتية›.‏ وكان الجميع يصيحون مطالبين بإعدامنا،‏ حتى ان واحدا اراد ان يقتلنا حالا حيثما نحن.‏ ولكن رغم احتدام غضب الجمع،‏ لم يبرح القضاة مكانهم.‏ واستمر التداول ساعة من الوقت.‏ وعندما اندفع الجمع نحونا،‏ وقفت اخت وزوجها غير المؤمن بيننا وبينهم وتوسلا اليهم ألا يؤذونا.‏ وقد تمكّنَا من اختطافنا من ايديهم وهما يحاولان ان يشرحا لهم ان كل التهم الموجهة الينا باطلة.‏

      ‏«وأخيرا حضر القاضي مع مستشارَي محكمة الشعب وقرأ علينا الحكم الذي حرمنا من الحقوق الابوية.‏ ثم وُضعتُ تحت الحراسة وأُرسلت الى احد معسكرات العمل الالزامي الاصلاحية مدة سنتين.‏ كما أُرسلَت ابنتنا الكبرى الى ميتم بعدما قيل لها ان ابويها ينتميان الى بدعة خطرة ويؤثران سلبا في تربيتها.‏

      ‏«اما ابننا فتُرك مع داريا لأنه كان في الثالثة فقط من العمر.‏ وبعدما انتهت فترة عقوبتي،‏ عدت الى المنزل.‏ وكما في السابق،‏ اقتصرت كرازتنا على الخدمة غير الرسمية».‏

      ‏«فخوران جدا بأولادنا»‏

      ‏«غادرت ألا الميتم حين بلغت الـ‍ ١٣ من عمرها،‏ وعادت الى البيت لتعيش معنا.‏ وكم ابتهجنا حين نذرت نفسها ليهوه واعتمدت سنة ١٩٦٩!‏ في تلك الفترة تقريبا،‏ كانت سلسلة من المحاضرات حول الدين تُلقى في قصر الثقافة في مدينتنا.‏ فقررنا الذهاب لنستمع الى ما سيقولونه هذه المرة.‏ وكالعادة،‏ كانت معظم المناقشات تدور حول شهود يهوه.‏ وقد حمل احد المحاضرين عددا من برج المراقبة وقال:‏ ‹هذه المجلة مؤذية وخطيرة،‏ وهي تقوّض وحدة دولتنا›.‏ ثم اعطى هذا المثال:‏ ‹يجبر اعضاء هذه البدعة اولادهم على قراءة مجلات كهذه وعلى الصلاة ايضا.‏ وفي احدى العائلات رفضت فتاة صغيرة قراءة المجلة،‏ فقطع ابوها اذنها›.‏ ففاجأ هذا الكلام ألا،‏ التي كانت جالسة هناك تستمع الى المحاضرة بأذنين سليمتين.‏ لكنها لم تقل شيئا،‏ لأنها خشيت ان يبعدوها عن والديها من جديد.‏

      ‏«عندما بلغ ابننا بوريس الـ‍ ١٣ من العمر،‏ نذر نفسه ليهوه واعتمد.‏ وفي احدى المرات كان يكرز في الشوارع مع شهود في مثل سنه،‏ رغم ان نشاطاتنا كانت لا تزال محظورة في ذلك الوقت.‏ ولم يكن معهم كتاب مقدس ولا اية مطبوعات مؤسسة على الكتاب المقدس.‏ وفجأة اقتربت منهم سيارة وأخذتهم جميعا الى مركز الميليشيا.‏ وبعد استجوابهم وتفتيشهم،‏ لم يجد رجال الميليشيا سوى ورقة كُتبت عليها بعض الآيات من الكتاب المقدس.‏ فسُمح لهم بالعودة الى منازلهم.‏ وعندما وصل بوريس الى البيت،‏ اخبرَنا بكل فخر كيف اضطُهد هو والاخوة الآخرون من اجل اسم يهوه.‏ فشعرنا اننا فخوران جدا بأولادنا لأن يهوه دعمهم وقت الامتحان.‏ بعد ذلك استدعتنا المخابرات السوفياتية انا وداريا عدة مرات.‏ وقال احد الضباط:‏ ‹يستحق هؤلاء الاولاد ان نرسلهم الى مستعمرة جزائية للاحداث.‏ ولكن من المؤسف انهم لم يبلغوا الـ‍ ١٤ بعد›.‏ ثم دفعنا غرامة جزاء نشاطات ابني التبشيرية.‏

  • روسيا
    الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ٢٠٠٨
    • اعتبار الكتاب المقدس معاديا للسوفيات

      في بعض الاحيان كان الاخوة يحاكَمون لمجرد امتلاكهم كتابا مقدسا.‏ تقول نادييجْدا ڤيشنياك:‏ «مع اننا انا وزوجي لم نكن بعد من شهود يهوه،‏ كان الحق قد مسَّ قلبنا في الصميم.‏ وفي احدى المرات،‏ اتت الشرطة الى مركز عملي واعتقلتني وأنا بلباس العمل.‏ كما اعتُقل زوجي پْيُوتر في مكان عمله.‏ وقبل ذلك كانت الشرطة قد فتشت بيتنا،‏ فوجدت كتابا مقدسا وكراس بعد هرمجدون —‏ عالم اللّٰه الجديد.‏ لم يخيَّل الى زوجي انهم سيعتقلونني لأني كنت حاملا في شهري السابع.‏

      ‏«وُجهت الينا تهمة العمل ضد السلطات السوفياتية.‏ فكان ردنا اننا نؤمن بالكتاب المقدس الذي له سلطة اعلى من السلطات السوفياتية.‏

      ‏«قلت لهم:‏ ‹الكتاب المقدس هو كلمة اللّٰه،‏ ولهذا السبب نريد ان نحيا بحسب مبادئه›.‏

      ‏«وعندما حان وقت محاكمتنا،‏ كان من المتوقع ان ألد بعد اسبوعين فقط.‏ وقد سمح القاضي لي بفترات استراحة بين جلسات الاستماع لكي امشي خارجا انما برفقة جندي مسلح.‏ وذات مرة،‏ سألني الجندي عما فعلته.‏ فأُتيحت لي فرصة رائعة لأشهد له.‏

      ‏«اعلن القاضي ان الكتاب المقدس والمطبوعة اللذين صودرا منا هما ‹معاديان للسوفيات›.‏ ففرحتُ لأننا لم نُتهم انا وزوجي فقط بمعاداة السوفيات،‏ بل ايضا مطبوعاتنا وحتى الكتاب المقدس!‏ ثم سُئلنا كيف تعرّفنا الى شهود يهوه.‏ فأجبنا اننا تعرّفنا اليهم في احد معسكرات العمل الالزامي في ڤوركوتا.‏ حينئذ،‏ صاح القاضي بغضب:‏ ‹انظروا ماذا يحدث في معسكراتنا!‏›.‏ وبعد ذلك حُكم علينا بقضاء عشر سنوات في معسكرات العمل الالزامي الاصلاحية.‏

      ‏«أُرسل پْيُوتر الى معسكر في موردڤينا بوسط روسيا،‏ ووُضعت انا في سجن انفرادي.‏ وفي آذار (‏مارس)‏ ١٩٥٨ وَلدتُ ابنا.‏ وفي تلك الاوقات الصعبة،‏ كان يهوه خير صديق ومعين لي.‏ بعد ذلك،‏ اخذت امي ابننا وتولت رعايته.‏ اما انا فنُقلت الى كيميروڤو في سيبيريا،‏ حيث وُضعت في احد معسكرات العمل الالزامي.‏

      ‏«بعد ثماني سنوات أُطلق سراحي قبل انتهاء مدة عقوبتي.‏ ولا ازال اتذكر المسؤولة في الثكنة وهي تصرّح بصوت عالٍ انني لم اتفوه قط بأية ملاحظات ‹معادية للسوفيات› وأن مطبوعاتنا تتناول مواضيع دينية فقط.‏ وفي سنة ١٩٦٦ اعتمدتُ بعدما استعدتُ حريتي».‏

      كانت للكتاب المقدس والمطبوعات المؤسسة عليه قيمة كبيرة في السجون والمعسكرات.‏ وفي سنة ١٩٥٨،‏ كان الاخوة يعقدون الاجتماعات بانتظام في احد معسكرات موردڤينا.‏ وحين يعقد فريق منهم درس برج المراقبة،‏ كان عدة اخوة يعيَّنون ليقفوا حراسا بحيث تكون المسافة بينهم كافية ليسمع الواحد صوت الآخر،‏ وذلك لكيلا يباغتهم المسؤولون عن المعسكر.‏ فإذا اتى مسؤول،‏ يقول الاخ الاقرب «قادم» للحارس الواقف بعده،‏ وهكذا دواليك الى ان يسمع الفريق المجتمِع الكلمة.‏ عندئذ يتفرق الجميع وتُخفى المجلة.‏ ولكن غالبا ما كان المسؤولون يأتون من حيث لا يدري الاخوة.‏

      ففي احدى المرات ظهر المسؤولون على حين غفلة من الاخوة،‏ فقرر بوريس كريلتسوڤ ان يفعل شيئا يلهي به المسؤولين وينقذ المجلة.‏ فأمسك بكتاب وركض به الى خارج الثكنة.‏ فطارده المسؤولون وقتا طويلا،‏ ولكن عندما ادركوه وجدوا ان الكتاب الذي في يده هو احد كتب لينين.‏ ومع ان الاخ وُضع في السجن الانفرادي سبعة ايام،‏ كان مسرورا بأن المجلة لم تقع في يدهم.‏

      بذور الحق تُزرع في موسكو

      بدأت الكرازة ببشارة الملكوت في موسكو مع مجموعة صغيرة.‏ وكان بوريس كريلتسوڤ بين اوائل الاشخاص القليلين الذين كرزوا بغيرة في تلك العاصمة.‏ يروي قائلا:‏ «كنت اعمل كمشرف على العمال في مشاريع انشائية.‏ وقد حاولت مع مجموعة من الاخوة والاخوات ان اكرز بطريقة غير رسمية.‏ وعندما علمت المخابرات السوفياتية بما افعله،‏ فتشت شقتي في نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٥٧ ووجدت فيها مطبوعات مؤسسة على الكتاب المقدس.‏ فجرى اعتقالي على الفور.‏ وخلال الاستجواب،‏ قال لي المفتش ان شهود يهوه هم اخطر الناس في الدولة.‏ ثم اضاف:‏ اذا اطلقتُ سراحك،‏ فكثيرون من المواطنين السوفياتيين سينضمون اليكم.‏ لذلك نحن نعتبركم خطرا كبيرا على دولتنا.‏

      ‏—‏ يعلّمنا الكتاب المقدس ان نكون مواطنين طائعين للقانون.‏ وهو يأمرنا ايضا ان نطلب اولا الملكوت وبر اللّٰه.‏ لذا لم يحاول المسيحيون الحقيقيون قط الاستيلاء على السلطة في اي بلد.‏

      ‏—‏ من اين حصلت على المطبوعات التي وجدناها خلال التفتيش؟‏

      ‏—‏ ما المشكلة في هذه المطبوعات؟‏ فهي تناقش نبوات الكتاب المقدس ولا تتناول اية مواضيع سياسية.‏

      ‏—‏ هذا صحيح،‏ ولكنها تصدر في الخارج.‏

      ‏«انتهى بي الامر الى سجن خاضع لحراسة مشددة في مدينة فلاديمير.‏ ومع اني فُتشت تفتيشا دقيقا،‏ استطعت ان أُدخل الى المعسكر اربعة اعداد من مجلة برج المراقبة منسوخة على ورق رقيق،‏ امر لم اكن اتوقعه البتة.‏ لقد كان واضحا ان يهوه ساعدني.‏ وفي زنزانتي قمت بإعادة نسخ كافة الاعداد الاربعة،‏ اذ عرفت انه يوجد هنا شهود بقوا محرومين من الطعام الروحي طوال سبع سنين.‏ ثم مرَّرتُ هذه المجلات اليهم عن طريق اخت مسؤولة عن مسح الادراج.‏

      ‏«ولكن تبين في النهاية ان احد الاشخاص الذين يعاشرون الاخوة هو مخبر،‏ فأبلغ آمري السجن بأن احدا يمرّر الى بعض المساجين مطبوعات مؤسسة على الكتاب المقدس.‏ وعلى الفور اخذوا يفتشون كل شخص ويضعون ايديهم على كل المطبوعات.‏ ولم يمضِ وقت طويل حتى وصلوا الي ووجدوا المطبوعات في فراشي.‏ وكان عقابي قضاء ٨٥ يوما في السجن الانفرادي.‏ مع ذلك استمر يهوه يعتني بنا كما من قبل».‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة