مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الهجوم السوڤياتي على الدين
    استيقظ!‏ ٢٠٠١ | نيسان (‏ابريل)‏ ٢٢
    • الهجوم السوڤياتي على الدين

      سنة ١٩٢٢،‏ تشكَّل اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوڤياتية.‏ ومن بين جمهورياته الاربع الاولى كانت روسيا الاكبر مساحة والاكثر اهمية.‏ ثم توسع بعد ذلك ليشمل في نهاية المطاف ١٥ جمهورية ويحتل سدس مساحة الارض تقريبا.‏ لكن في سنة ١٩٩١،‏ انحل الاتحاد السوڤياتي فجأة.‏a وقد كان اول دولة تحاول فعليا ان تستأصل الايمان باللّٰه من عقول شعبها.‏

      تأثر ڤلاديمير لينين،‏ اول رئيس للاتحاد السوڤياتي،‏ بتعاليم كارل ماركس الذي وصف المسيحية بأنها اداة ظلم.‏ لقد دعى ماركس الدين «أفيون الشعوب»،‏ وأعلن لينين لاحقا:‏ «كل مفهوم ديني،‏ كل فكرة تتعلق بأي اله،‏ .‏ .‏ .‏ انما هي امور تثير الاشمئزاز الى حد يفوق الوصف».‏

      وعندما مات البطريَرك الارثوذكسي الروسي تييخُن سنة ١٩٢٥،‏ لم يُسمح للكنيسة بأن تنتخب بطريَركا آخر.‏ وأدى الهجوم على الدين بعد ذلك الى تدمير معظم الكنائس او تحويلها الى اماكن غير دينية.‏ وحُكم على الكهنة بالاشغال الشاقة في المعسكرات،‏ حيث مات العديد منهم.‏ توضح دائرة المعارف البريطانية:‏ «تحت حكم جوزيف ستالين في اواخر عشرينات وثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ عانت الكنيسة اضطهادا دمويا حصد آلاف الضحايا.‏ وبحلول سنة ١٩٣٩،‏ لم يتمكن سوى ثلاثة او اربعة اساقفة ارثوذكس من القيام بمهامهم رسميا وكانت ١٠٠ كنيسة فقط مفتوحة».‏

      لكنَّ تغييرا مذهلا حدث بين ليلة وضحاها.‏

      الحرب العالمية الثانية والدين

      سنة ١٩٣٩،‏ قامت المانيا النازية التي كانت آنذاك حليفة للاتحاد السوڤياتي باجتياح پولندا،‏ فاندلعت الحرب العالمية الثانية.‏ وفي غضون سنة استولى الاتحاد السوڤياتي على آخر اربع جمهوريات من جمهورياته الـ‍ ١٥ —‏ لاتڤيا،‏ ليتوانيا،‏ أستونيا،‏ ومولداڤيا.‏ لكن في حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٤١،‏ شنت المانيا هجوما ضاريا على الاتحاد السوڤياتي،‏ آخذة ستالين على حين غرة.‏ وبحلول نهاية السنة،‏ كانت القوات الالمانية قد بلغت ضواحي موسكو،‏ وبدا سقوط الاتحاد السوڤياتي وشيكا.‏

      فسعى ستالين يائسا الى التعبئة العامة لخوض حرب دعاها الروس الحرب الوطنية الكبرى.‏ وأدرك ستالين الحاجة الى صنع تنازلات للكنيسة لربح دعم الشعب من اجل المجهود الحربي،‏ اذ كان ملايين الاشخاص لا يزالون متدينين.‏ فماذا كانت نتيجة الانقلاب المذهل في سياسة ستالين المتعلقة بالدين؟‏

      بمساعدة الكنيسة،‏ جرت تعبئة الشعب الروسي للمجهود الحربي،‏ وبحلول سنة ١٩٤٥ حقق الاتحاد السوڤياتي انتصارا ساحقا على القوات الالمانية.‏ وبعدما توقف الهجوم السوڤياتي مؤقتا على الدين،‏ ازداد عدد الكنائس الارثوذكسية وبلغ ٠٠٠‏,٢٥ كنيسة،‏ كما صار عدد الكهنة ٠٠٠‏,٣٣ كاهن.‏

      استئناف الهجوم

      لكن في الحقيقة،‏ لم يتغيّر هدف الرؤساء السوڤيات بشأن استئصال مفهوم اللّٰه من عقول شعبهم.‏ توضح دائرة المعارف البريطانية:‏ «شنّ رئيس الوزراء نيكيتا خروتشيف حملة جديدة ضد الدين من سنة ١٩٥٩ الى سنة ١٩٦٤،‏ فخفَّض عدد الكنائس المفتوحة الى اقل من ٠٠٠‏,١٠ كنيسة.‏ ثم انتُخب البطريَرك پيمن سنة ١٩٧١ بعد موت البطريَرك ألكسيس،‏ وبقي مستقبل الكنيسة غامضا رغم انها كانت تحظى بولاء الملايين».‏b

      سنناقش لاحقا كيف نجحت الكنيسة الارثوذكسية الروسية في النجاة من الهجوم السوڤياتي المستأنَف.‏ لكن كيف تمكنت اديان اخرى في الاتحاد السوڤياتي من النجاة؟‏ وأيٌّ من هذه الاديان صار الهدف الرئيسي للهجوم،‏ ولماذا؟‏ سنناقش هذين السؤالين في المقالة التالية.‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a البلدان الـ‍ ١٥ المستقلة التي كانت سابقا جمهوريات سوڤياتية هي:‏ اذربَيجان،‏ ارمينيا،‏ أستونيا،‏ اوزبكستان،‏ اوكرانيا،‏ تُركمانستان،‏ جورجيا،‏ روسيا،‏ روسيا البيضاء،‏ طاجكستان،‏ قازاخستان،‏ قيرغيزستان،‏ لاتڤيا،‏ ليتوانيا،‏ ومولداڤيا.‏

      b ألكسيس الاول هو البطريَرك الارثوذكسي الروسي من سنة ١٩٤٥ الى سنة ١٩٧٠،‏ وألكسيس الثاني من سنة ١٩٩٠ حتى اليوم.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣]‏

      اعتبر لينين ان ‹كل فكرة تتعلق باللّٰه تثير الاشمئزاز الى حد يفوق الوصف›‏

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Musée d’Histoire Contemporaine—BDIC

  • هدفٌ للهجوم السوڤياتي
    استيقظ!‏ ٢٠٠١ | نيسان (‏ابريل)‏ ٢٢
    • هدفٌ للهجوم السوڤياتي

      رغم التنازلات التي قام بها الاتحاد السوڤياتي للكنيسة الارثوذكسية الروسية في سبيل ربح الحرب العالمية الثانية،‏ ظل يضيّق الخناق على نشاطاتها.‏ فكما ورد في كتاب السيف والترس (‏بالانكليزية)‏ الموضوع سنة ١٩٩٩ والذي يتحدث عن تاريخ الـ‍ KGB (‏لجنة امن الدولة السوڤياتية)‏:‏ «كان اعضاء الـ‍ KGB قلقين خصوصا بشأن النشاطات ‏‹المدمِّرة› التي يقوم بها المسيحيون غير الخاضعين مباشرة لسلطتهم».‏ فأية فرق دينية كانت هذه؟‏

      كانت الكنيسة الكاثوليكية اليونانية في اوكرانيا،‏ المعروفة اليوم بالكنيسة الكاثوليكية الاوكرانية،‏ اكبر تلك الفرق الدينية.‏ فقد كانت تضم نحو ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٤ عضو.‏ يذكر كتاب السيف والترس ان «ثمانية من الاساقفة العشرة،‏ بالاضافة الى آلاف عديدة من الكهنة والمؤمنين،‏ ماتوا بسبب ايمانهم في معسكرات الاشغال الشاقة في سيبيريا».‏ وكانت الكنائس الپروتستانتية غير المسجلة،‏ التي لم تكن ايضا خاضعة مباشرة لسيطرة الدولة،‏ اهدافا اخرى للـ‍ KGB.‏ وفي اواخر خمسينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ قدّرت الـ‍ KGB ان هذه الفرق الپروتستانتية تضم ما مجموعه ٠٠٠‏,١٠٠ عضو.‏

      اعتبرت الـ‍ KGB شهود يهوه فرقة من الفرق الپروتستانتية،‏ وقدرت عددهم في سنة ١٩٦٨ بحوالي ٠٠٠‏,٢٠ في الاتحاد السوڤياتي.‏ وحتى بداية الحرب العالمية الثانية سنة ١٩٣٩ لم يلفت الشهود الانظار لأن عددهم كان قليلا.‏ لكنَّ الوضع تغيّر بشكل جذري عندما ظهر آلاف الشهود فجأة في الاتحاد السوڤياتي.‏ فكيف حدث ذلك؟‏

      زيادة مفاجئة

      ذكر والتر كولارس في كتابه الدين في الاتحاد السوڤياتي (‏بالانكليزية)‏ الصادر سنة ١٩٦١ عاملَين سبَّبا هذا الازدياد المفاجئ.‏ اولا،‏ يقول ان «الاراضي التي ضمها الاتحاد السوڤياتي بين سنتي ١٩٣٩ و ١٩٤٠» —‏ لاتڤيا،‏ ليتوانيا،‏ أستونيا،‏ ومولداڤيا —‏ وُجد فيها العديد من «فرق شهود يهوه الناشطة».‏ بالاضافة الى ذلك،‏ ضم الاتحاد السوڤياتي ايضا اجزاء من شرق پولندا وتشيكوسلوڤاكيا،‏ فصارت جزءا من اوكرانيا،‏ وكان فيها اكثر من الف شاهد.‏ وهكذا بدا كما لو ان كل هؤلاء الشهود نُقلوا بين ليلة وضحاها الى الاتحاد السوڤياتي.‏

      والمصدر الآخر للزيادة «غير القابل للتصديق»،‏ كما كتب كولارس،‏ كان «معسكرات الاعتقال الالمانية».‏ فقد سجن النازيون آلاف الشهود لرفضهم دعم هتلر وحربه العدوانية.‏ وأوضح كولارس ان السجناء الروس في هذه المعسكرات «أُعجبوا بشجاعة وثبات ‹الشهود› ولهذا السبب على الارجح وجدوا لاهوتهم جذابا».‏ ونتيجة ذلك،‏ عاد شباب روس كثيرون من هذه المعسكرات الى الاتحاد السوڤياتي بإيمان جديد بيهوه اللّٰه ومقاصده الرائعة للارض.‏ —‏ مزمور ٣٧:‏٢٩؛‏ كشف ٢١:‏٣،‏ ٤‏.‏

      بسبب هذين العاملين،‏ صار هنالك آلاف الشهود في الاتحاد السوڤياتي.‏ فبحلول اوائل سنة ١٩٤٦ كانوا على الاقل ٦٠٠‏,١ شاهد،‏ لكن مع نهاية العقد صاروا اكثر من ٠٠٠‏,٨ شاهد.‏ وقد توجس اعضاء الـ‍ KGB شرا من هذا النمو الذي يلحظونه اذ انهم كانوا،‏ كما ذُكر سابقا،‏ قلقين خصوصا بشأن «النشاطات ‹المدمِّرة› التي يقوم بها المسيحيون غير الخاضعين مباشرة لسلطتهم».‏

      بداية الهجمات

      رغم عدد الشهود القليل نسبيا في الاتحاد السوڤياتي،‏ سرعان ما شنت السلطات السوڤياتية هجوما على نشاطهم الكرازي الغيور.‏ في أستونيا،‏ بدأ الهجوم في آب (‏اغسطس)‏ ١٩٤٨ فاعتُقل الاشخاص الخمسة الذين كانوا يرأسون العمل وزُّج بهم في السجن.‏ و «سرعان ما صار واضحا ان الـ‍ KGB تريد اعتقال الجميع»،‏ كما ذكر الشاهد الأستوني لمبت توم.‏ وشمل ذلك كل الشهود الموجودين في الاتحاد السوڤياتي.‏

      صوَّر السوڤيات الشهود كأسوإ المجرمين وكتهديد خطير للدولة السوڤياتية الإلحادية.‏ لذلك طورد الشهود في كل مكان،‏ اعتُقلوا،‏ وسُجنوا.‏ ذكر كتاب السيف والترس:‏ «ربما كان هاجس اتباع يهوه الذي سيطر على المسؤولين في الـ‍ KGB اكبر مَثل لافتقارهم الى حس تمييز الامور الاكثر اهمية،‏ حتى عندما يعالجون اكثر المعارضات تفاهة».‏

      وقد كان الهجوم المحكم الذي شُنَّ على الشهود في نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٥١ برهانا قاطعا على هذا الهاجس.‏ ومنذ سنتين فقط،‏ اي سنة ١٩٩٩،‏ ذكر الپروفسور سيرڠيي إيڤانْيَنكو،‏ وهو عالم روسي له مكانته،‏ في كتابه شعب لا تفارقهم كتبهم المقدسة (‏بالروسية)‏،‏ انه في اوائل نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٥١ «اكثر من ٠٠٠‏,٥ عائلة من شهود يهوه من الجمهوريات السوڤياتية:‏ اوكرانيا،‏ بيلوروسيا،‏ مولداڤيا،‏ والبلطيق،‏ أُرسلوا الى ‹مستوطنات دائمة› في سيبيريا،‏ وفي اقصى شرقيها،‏ وفي قازاخستان».‏

      حادثة جديرة بالتذكر

      هل يمكنكم تصوُّر الجهد الذي بُذل في ذلك الهجوم؟‏ ففي يوم واحد،‏ تم اعتقال آلاف العائلات من الشهود في هذه المنطقة الواسعة.‏ تخيلوا فكرة تنظيم مئات،‏ اذا لم يكن آلاف الاشخاص،‏ اولا من اجل معرفة مَن هم من شهود يهوه،‏ ثم الهجوم بشكل فجائي تحت جنح الليل على بيوتهم جميعا في نفس الوقت.‏ وقد تلا ذلك نقل الناس في عربات ومركبات اخرى الى محطات السكك الحديدية،‏ ووضعهم في عربات الشحن.‏

      فكروا ايضا في معاناة الضحايا.‏ هل يمكنكم ان تتصوروا نفسكم مجبَرين على السفر آلاف الكيلومترات —‏ طوال ثلاثة اسابيع او اكثر —‏ في عربات شحن مكتظة وغير صحية إذ لا يوجد فيها حمام،‏ بل دلو عوضا عنه؟‏ وحاولوا ان تتخيلوا نفسكم مرميين في مجاهل سيبيريا،‏ عالمين ان عليكم ان تكافحوا كثيرا لتستمروا في العيش في تلك البيئة القاسية.‏

      يوافق هذا الشهر الذكرى الخمسين لنفي شهود يهوه في نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٥١.‏ ولإخبار قصة ولائهم رغم عقود من الاضطهاد،‏ صُوِّرت اختبارات الذين نجوا على اشرطة ڤيديو.‏ وتظهر هذه الاختبارات ان محاولات منع الناس من عبادة اللّٰه تبوء في النهاية بالفشل —‏ تماما كما كانت الحال مع المسيحيين في القرن الاول.‏

      ما حققه النفي

      سرعان ما عرف السوڤيات ان منع الشهود من عبادة يهوه سيكون اصعب بكثير مما ظنوا.‏ فقد رنم الشهود فيما كانوا يؤخذون قسرا الى المنفى تسابيح ليهوه،‏ رغم ممانعة معتقِليهم،‏ وعلَّقوا لافتات على عربات السكك الحديدية التي كانت تقلهم كُتب عليها:‏ «شهود يهوه على متن القطار».‏ اوضح احد الشهود:‏ «على طول الطريق كنا نلتقي عند محطات السكك الحديدية قُطرا اخرى تنقل المنفيين،‏ وكنا نرى اللافتات المعلَّقة على عربات السكك الحديدية».‏ فيا للتشجيع الذي كان ذلك يزوِّده!‏

      وعوض ان يتثبط المنفيون عكسوا روح رسل يسوع.‏ فالكتاب المقدس يقول انه بعدما جُلد الرسل وأُمروا بالتوقف عن الكرازة،‏ «كانوا لا ينفكون .‏ .‏ .‏ يعلّمون ويبشرون بالمسيح».‏ (‏اعمال ٥:‏٤٠-‏٤٢‏)‏ فعلا،‏ كما قال كولارس عن نفيهم،‏ «لم يكن هذا نهاية ‹الشهود› في روسيا،‏ بل مجرد البداية لفصل جديد في نشاطات هدايتهم.‏ فقد حاولوا ان ينشروا ايمانهم حتى عندما توقفوا في المحطات في طريقهم الى المنفى».‏

      عندما وصل الشهود الى اماكنهم المختلفة وتُركوا هناك،‏ اكتسبوا صيتا حسنا لكونهم عمّالا مطيعين ومجتهدين جدا.‏ لكن في الوقت نفسه،‏ وعلى غرار رسل المسيح،‏ قالوا فعليا لمضطهديهم:‏ ‹لا نقدر أن نكف عن التكلم عن اللّٰه›.‏ (‏اعمال ٤:‏٢٠‏)‏ واستمع كثيرون الى ما علَّمه الشهود وانضموا اليهم في خدمة اللّٰه.‏

      والنتيجة كانت تماما كما اوضح كولارس:‏ «بنفيهم لم تتمكن الحكومة السوڤياتية من فعل شيء افضل لنشر ايمانهم.‏ فمن قراهم المنعزلة [في الجمهوريات السوڤياتية الغربية] أُحضر ‹الشهود› الى عالم اوسع رغم انه لم يكن الا العالم الرهيب لمعسكرات الاعتقال وعمل الرِّقّ».‏

      جهود لمحاربة النمو

      على مر الوقت،‏ اعتمد السوڤيات طرائق مختلفة لمحاربة شهود يهوه.‏ فإثر فشل الاضطهاد الوحشي في اعطاء النتائج المرغوب فيها،‏ بدأت حملة من الدعاية المغرضة مخطط لها جيدا.‏ وجُرِّبت وسائل كثيرة منها الكتب،‏ الافلام،‏ والبرامج الاذاعية،‏ اضافة الى اندساس عملاء مدربين جيدا من الـ‍ KGB في الجماعات.‏

      وقد بيَّنت مقالة نُشرت في عدد آب (‏اغسطس)‏ ١٩٨٢ من ريدرز دايجست،‏ الطبعة الكندية،‏ ان نشر حقائق مشوَّهة عن الشهود على صعيد واسع جعل اشخاصا كثيرين ينظرون اليهم نظرة خاطئة،‏ وصاروا يخافون منهم ويرتابون بشأنهم.‏ قال كاتب المقالة ڤلاديمير بوكوڤسكي،‏ وهو روسي سُمح له بالهجرة الى انكلترا سنة ١٩٧٦:‏ «في احدى الامسيات في لندن،‏ صادف ان لاحظت لافتة على احد المباني كُتب عليها:‏ شهود يهوه .‏ .‏ .‏ لم اتمكن من قراءة المزيد،‏ فقد صُعقت الى درجة الذعر».‏

      اوضح ڤلاديمير سبب خوفه غير المبرَّر:‏ «هؤلاء هم اعضاء البدعة الذين كانت السلطات في بلدنا تستعملهم ‹كبعبع› لكي تخيف الاطفال .‏ .‏ .‏ ففي الاتحاد السوڤياتي،‏ لا يمكن ان تلتقوا ‹شهودا› من لحم ودم إلّا في السجون او معسكرات الاعتقال.‏ اما هنا فقد وجدت نفسي امام مبنى،‏ امام لافتة.‏ فهل يمكن لأي شخص ان يدخل ويتناول معهم فنجان شاي؟‏».‏ وللتشديد على سبب ذعره،‏ ختم ڤلاديمير:‏ «يُلاحَق ‹الشهود› في بلدنا بضراوة كما تلاحَق عصابات المافيا في هذا البلد،‏ واللغز الذي يحيط بهم هو نفسه».‏

      لكنَّ الشهود ثابروا وازدادوا عددا رغم الاضطهاد الوحشي والدعاية المغرضة.‏ والكتب السوڤياتية مثل كتاب الحقائق عن شهود يهوه الذي طُبع منه ٠٠٠‏,١٠٠ نسخة بالروسية سنة ١٩٧٨،‏ اشارت الى الحاجة الى زيادة الدعايات ضد الشهود.‏ نصح الكاتب ڤ.‏ ڤ.‏ كونيك الذي وصف كيف كان الشهود يتابعون كرازتهم رغم القيود القاسية:‏ «ينبغي ان يتعلم الباحثون في الدين السوڤيات طرائق اكثر فعالية لمحاربة تعاليم شهود يهوه».‏

      لمَ استهدفهم الهجوم؟‏

      بكل بساطة،‏ كان شهود يهوه الهدف الرئيسي للهجوم السوڤياتي لأنهم اقتدوا بأتباع يسوع الاولين.‏ ففي القرن الاول،‏ أُمر الرسل ‹الّا يعلِّموا باسم يسوع بعد›.‏ رغم ذلك احتج مضطهدوهم لاحقا:‏ «ها إنكم قد ملأتم أورشليم بتعليمكم».‏ ولم ينكر الرسل انهم كانوا يبشرون رغم انهم أُمروا الّا يفعلوا ذلك،‏ لكنهم اجابوا باحترام:‏ «ينبغي أن يطاع اللّٰه حاكما لا الناس».‏ —‏ اعمال ٥:‏٢٧-‏٢٩‏.‏

      واليوم ايضا يأخذ شهود يهوه على محمل الجد وصية يسوع لأتباعه ‹ان يكرزوا للشعب ويشهدوا كاملا›.‏ (‏اعمال ١٠:‏٤٢‏)‏ اوضح موريس هِندُس في كتابه ورطة الكرملين البشرية (‏بالانكليزية)‏ ان «الغيرة المتقدة للبشارة» التي اظهرها الشهود هي التي جعلت منهم «عبئا خصوصيا على موسكو ووضعتهم في تصادم مستمر مع الشرطة السوڤياتية».‏ وأضاف:‏ «لا يوجد ما يوقفهم.‏ وإذ يجري قمعهم في مكان يبرزون في آخر».‏

      كتب المؤرخ الروسي سيرڠيي إيڤانْيَنكو:‏ «على حد علمي،‏ كانت منظمة شهود يهوه المنظمة الدينية الوحيدة في الاتحاد السوڤياتي التي ازدادت في العدد رغم الحظر والاضطهاد».‏ ودون شك واصلت اديان اخرى ايضا نشاطها،‏ بما فيها الكنيسة الارثوذكسية الروسية التي هي الابرز بينها.‏ وستجدون انه من المثير ان تعرفوا كيف نجت الكنيسة والشهود على السواء من الهجوم السوڤياتي.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦]‏

      ‏‹‏عانوا اقسى انواع الاضطهاد›‏

      ذكرت دائرة معارف موجزة عن روسيا (‏بالانكليزية)‏ الصادرة سنة ١٩٦٤ ان شهود يهوه كانوا «نشاطى جدا في عمل الهداية» وهم «المجموعة الدينية التي عانت اقسى انواع الاضطهاد في الاتحاد السوڤياتي».‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٧]‏

      واحد من آلاف —‏ فيودور كالين يصف نفي عائلته

      كانت عائلتنا تعيش في قرية ڤيلشانيتسا غربي اوكرانيا.‏ فجر يوم ٨ نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٥١،‏ داهم رجال الشرطة بيتنا مع كلابهم،‏ ايقظونا من النوم،‏ وقالوا لنا اننا سنُرسَل الى سيبيريا بموجب مرسوم صادر عن الحكومة في موسكو.‏ وذكروا أن بقاءنا مشروط بتوقيع وثيقة نصرِّح فيها اننا لم نعد من شهود يهوه.‏ لكن عائلتنا المؤلفة من سبعة اعضاء،‏ بمن فيهم والداي،‏ كانت مصمِّمة ان تبقى من شهود يهوه.‏ كان عمري آنذاك ١٩ سنة.‏

      قال احد رجال الشرطة:‏ «خذوا معكم فاصولياء،‏ ذرة،‏ طحينا،‏ مخللات،‏ وملفوفا لكي تطعموا الاولاد».‏ وسُمح لنا ايضا ان نذبح بعض الدجاج وخنزيرا وأن نأخذ لحمها معنا.‏ ثم جُلبت عربتان تجرهما الاحصنة،‏ وُضعت عليهما كل الاغراض وأُخذت الى بلدة خريپلن.‏ وهناك حُشر حوالي ٤٠ او ٥٠ منا في عربة شحن للسكك الحديدية،‏ وأُغلق الباب.‏

      كان يوجد في عربة الشحن بضعة الواح خشبية،‏ غير كافية لنا جميعا،‏ لننام عليها،‏ وموقد مع بعض الفحم والخشب.‏ فطبخنا على الموقد،‏ مستعملين اوعية الطبخ التي جلبناها معنا.‏ لم يكن هنالك حمام،‏ فاستعملنا دلوا.‏ ولاحقا صنعنا فتحة في ارض العربة،‏ ثبتنا فيها الدلو،‏ وعلقنا اغطية حواليها لتأمين بعض العزلة.‏

      عجت العربة بنا وهي تقطع ببطء آلاف الكيلومترات متجهة نحو مكان مجهول.‏ شعرنا في البداية بالكآ‌بة نوعا ما.‏ لكن عندما بدأنا نرنم ترانيم الملكوت كلنا معا —‏ بحماس شديد بحيث لم نتمكن من التكلم لاحقا —‏ غمرنا الفرح.‏ كان القائد يفتح الباب ويأمرنا بالسكوت،‏ لكننا لم نكن نكفّ حتى ننتهي من الترنيم.‏ وعندما كنا نتوقف في المحطات على طول الطريق،‏ كان كثيرون يعرفون ان شهود يهوه في طريقهم الى المنفى.‏ وأخيرا بعد ١٧ او ١٨ يوما في تلك العربة،‏ أُنزلنا في سيبيريا قرب بحيرة بيكال.‏

      ‏[الصورة]‏

      انا واقف في الصف الخلفي،‏ الى اليمين

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٨]‏

      هرمجدون —‏ فيلم دعائي سوڤياتي

      انتج السوڤيات فيلم هرمجدون بهدف تشويه سمعة شهود يهوه.‏ صوَّر الفيلم قصة مختلَقة عن علاقة غرامية بين شاب في الجيش السوڤياتي وفتاة أُغريت بالانضمام الى صفوف الشهود.‏ وفي نهاية الفيلم،‏ ماتت الشقيقة الصغرى للفتاة في حادث سببه ناظر من شهود يهوه،‏ صُوِّر كجاسوس يعمل لحساب اميركا.‏

      علَّقت الصحيفة الأوكرانية الراية الحمراء الصادرة في تاريخ ١٤ ايار (‏مايو)‏ ١٩٦٣ على الفيلم الذي حرك مشاعر الجماهير،‏ فقالت:‏ «بهذه الطريقة تكون الدعاية الإلحادية فعَّالة ومقنعة،‏ ويمكن ان تُستخدم في قرى اخرى من البلد حيث تُعرض ايضا افلام من هذا النوع».‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٦]‏

      نُقل الآلاف في عربات شحن السكك الحديدية الى سيبيريا

  • كيف نجا الدين
    استيقظ!‏ ٢٠٠١ | نيسان (‏ابريل)‏ ٢٢
    • كيف نجا الدين

      بحلول الوقت الذي اجتاحت فيه المانيا النازية روسيا في حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٤١،‏ كان السوڤيات قد ابادوا تقريبا الكنيسة الارثوذكسية الروسية.‏ لكن بعد الاجتياح النازي،‏ ابتدأ السوڤيات يغيِّرون موقفهم من الدين.‏ فماذا حثهم على ذلك؟‏

      اوضح ريتشارد اوڤِري،‏ پروفسور في التاريخ المعاصر في كينڠز كولدج في لندن،‏ في كتابه الحرب الروسية —‏ دم على الثلج (‏بالانكليزية)‏:‏ «في اليوم نفسه الذي تم فيه الاجتياح الالماني ناشد رأس الكنيسة،‏ المِتروپوليت سرجيوس،‏ المؤمنين ان يعملوا ما في وسعهم لإحراز النصر.‏ ونشر ما لا يقل عن ثلاث وعشرين رسالة في السنتين التاليتين،‏ داعيا رعاياه الى القتال من اجل الدولة الملحدة التي كانوا يعيشون فيها».‏ وهكذا كما تابع اوڤِري،‏ ‹سمح ستالين للدين بأن ينشط مجددا›.‏

      سنة ١٩٤٣،‏ وافق ستالين اخيرا على الاعتراف بالكنيسة الارثوذكسية فعيَّن سرجيوس بطريَركا جديدا لها.‏ ذكر اوڤِري:‏ «تجاوب المسؤولون في الكنيسة بجمع المال من المؤمنين لتمويل فرقة المدرَّعات السوڤياتية.‏ وحض الكهنة والاساقفة جماعاتهم على التقيد بالايمان،‏ الايمان باللّٰه وبستالين».‏

      وفي وصف لهذه الحقبة من التاريخ الروسي،‏ كتب العالِم الديني الروسي سيرڠيي إيڤانْيَنكو:‏ ‹ان المطبوعة الرسمية التي تصدرها الكنيسة الارثوذكسية الروسية،‏ مجلة بطريَركية موسكو،‏ مدحت ستالين ووصفته بأنه أعظم قائد ومعلّم في كل الاوقات والامم،‏ مرسَل من اللّٰه ليخلص الامة من الاضطهاد،‏ اصحاب الاراضي،‏ والرأسماليين.‏ ودعت المؤمنين الى بذل آخر قطرة من دمهم في الدفاع عن الاتحاد السوڤياتي ضد اعدائه،‏ وإعطاء كل ما لديهم لبناء الشيوعية›.‏

      ‏«قدَّرتهما الـ‍ KGB كثيرا»‏

      حتى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية سنة ١٩٤٥،‏ بقيت الكنيسة الارثوذكسية مفيدة للشيوعيين.‏ وكيف ذلك؟‏ هذا ما اظهره كتاب الاتحاد السوڤياتي:‏ السنون الخمسون (‏بالانكليزية)‏،‏ لمحرِّره هاريسون سولزبوري.‏ نقرأ:‏ «مع انتهاء الحرب،‏ كان على قادة الكنيسة ان يوافقوا على متطلبات سياسة ستالين الخارجية التي تقتضيها الحرب الباردة».‏

      ويصف الكتاب الحديث السيف والترس كيف خدم قادة الكنيسة المصالح السوڤياتية.‏ فيوضح ان البطريَرك ألكسيس الاول الذي خلف سرجيوس بطريَركا سنة ١٩٤٥،‏ «انضم الى مجلس السلام الدولي،‏ منظمة الجبهة السوڤياتية التي تأسست سنة ١٩٤٩».‏ ويذكر الكتاب ايضا انه هو والمِتروپوليت نيكولاي «قدَّرتهما الـ‍ KGB [لجنة امن الدولة السوڤياتية] كثيرا كعميلين لهما نفوذ».‏

      وعلى نحو لافت للنظر،‏ اعلن البطريَرك ألكسيس الاول سنة ١٩٥٥:‏ «تدعم الكنيسة الارثوذكسية الروسية السياسة الخارجية المسالمة كليا التي تتبعها حكومتنا،‏ ليس لأن الكنيسة تفتقر الى الحرية كما يُزعم،‏ بل لأن السياسة السوڤياتية هي صالحة،‏ وتنسجم مع المبادئ المسيحية التي تكرز بها الكنيسة».‏

      وفي عدد ٢٢ كانون الثاني (‏يناير)‏ ٢٠٠٠ من صحيفة ذا ڠارديان الصادرة في لندن،‏ انكلترا،‏ اقتُبس قول الكاهن الارثوذكسي المنشق ڠيورڠيي إدِلشتاين:‏ «كان يتم اختيار كل الاساقفة باعتناء بحيث يتعاونون مع الحكومة السوڤياتية.‏ كلهم كانوا عملاء للـ‍ KGB.‏ ومن المعروف جيدا ان الـ‍ KGB استخدمت البطريَرك ألكسيس تحت الاسم المستعار دروزدوف.‏ واليوم،‏ انهم يحافظون على السياسة عينها التي كانوا يتبعونها منذ ٢٠ او ٣٠ سنة».‏

      طوع يد الدولة السوڤياتية

      ذكر عدد ١٤ ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٥٩ من مجلة لايف (‏بالانكليزية)‏ عن العلاقة بين الكنيسة الارثوذكسية والسوڤيات قائلا:‏ «قام ستالين ببعض التنازلات للدين،‏ وعاملته الكنيسة كقيصر.‏ وقد ضمنت وزارة حكومية خصوصية تعاون الكنيسة الارثوذكسية،‏ واستخدم الشيوعيون الكنيسة منذ ذلك الحين كأداة للدولة السوڤياتية».‏

      وأكد ماثيو سپينكا،‏ الضليع في شؤون الكنيسة الروسية،‏ وجود علاقة لصيقة بين الكنيسة والدولة في كتابه الصادر سنة ١٩٥٦،‏ الكنيسة في روسيا السوڤياتية (‏بالانكليزية)‏.‏ كتب:‏ «لقد تعمَّد البطريَرك الحالي ألكسيس ان يجعل من كنيسته اداة في يد الحكومة».‏ وفعلا،‏ نجت الكنيسة الارثوذكسية بالصيرورة طوع يد الدولة.‏ لكن،‏ قد تسألون:‏ ‹هل يستحق الامر الشجب الى هذا الحد›.‏ حسنا،‏ تأملوا كيف ينظر اللّٰه والمسيح الى المسألة.‏

      قال يسوع المسيح لتلاميذه الحقيقيين:‏ «لستم جزءا من العالم،‏ بل أنا اخترتكم من العالم».‏ وتسأل كلمة اللّٰه بوضوح:‏ «أيتها الزواني،‏ أما تعرفن أن صداقة العالم عداوة للّٰه؟‏».‏ (‏يوحنا ١٥:‏١٩؛‏ يعقوب ٤:‏٤‏)‏ فكما يصف الكتاب المقدس،‏ جعلت الكنيسة نفسها عاهرة دينية «ارتكب ملوك الارض معها العهارة».‏ وأظهرت انها جزء مما دعاه الكتاب المقدس «بابل العظيمة،‏ أم العاهرات وأرجاس الأرض».‏ —‏ كشف ١٧:‏١-‏٦‏.‏

      كيف نجا الشهود

      في المقابل،‏ اظهر يسوع المسيح كيف سيُعرف اتباعه الحقيقيون:‏ «بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي،‏ إن كان لكم محبة بعضا لبعض».‏ (‏يوحنا ١٣:‏٣٥‏)‏ وهذه المحبة كانت عاملا اساسيا في نجاة الشهود في الاتحاد السوڤياتي السابق،‏ كما يظهر التقرير التالي الوارد في كتاب السيف والترس.‏ «يمنح اتباع يهوه المساعدة على انواعها للاشخاص الملتصقين بدينهم الموجودين في معسكرات [الاعتقال] او في المنفى الداخلي،‏ معطين اياهم المال والطعام واللباس».‏

      وقد شمل «الطعام» المقدَّم لمَن هم في معسكرات الاعتقال الطعام الروحي —‏ كتبا مقدسة ومطبوعات مؤسسة على الكتاب المقدس.‏ فالكتاب المقدس يحتوي على ‹اقوال من اللّٰه› قال يسوع اننا نحتاج اليها لندعم حياتنا الروحية.‏ (‏متى ٤:‏٤‏)‏ والذين هرّبوا المطبوعات الى داخل المعسكرات عرضوا نفسهم لخطر كبير،‏ اذ كانت تُنزل اشد العقوبات بالذين يُكتَشفون متلبِّسين.‏

      سُجنت امرأة لاتڤية تدعى هلِن تْسِلْمِنْيا في معسكر پُتْما الجنائي في روسيا من سنة ١٩٦٢ الى سنة ١٩٦٦.‏ وقد وضعت كتابا بعنوان نساء في السجون السوڤياتية (‏بالانكليزية)‏ اوضحت فيه:‏ «الكثير من شهود يهوه تلقَّوا عشر سنوات من العمل الشاق لمجرد امتلاكهم اعدادا قليلة من مجلة برج المراقبة في شققهم.‏ وبما ان الناس يُلقى القبض عليهم لحيازتهم هذه الكتابات،‏ فإن قلق الادارة وسخطها بشأن وجود هذه المطبوعات في المعسكر هو امر مفهوم».‏

      ممَّا لا شك فيه ان مخاطرة المرء بحريته وأمانه في سبيل تزويد المساعدة الروحية كانت برهانا على المحبة المسيحية!‏ لكن في حين كان ذلك عاملا مهما في نجاة الشهود،‏ كان هنالك عامل اقوى ايضا.‏ ذكرت هلِن تْسِلْمِنْيا:‏ «لم يقدر احد ان يفهم كيف ان هذه الارض ذات الاسلاك الشائكة والاتصال البشري المحدود كان يمكن اختراقها بواسطة مطبوعات محظورة».‏ لقد بدا ذلك مستحيلا،‏ لأن كل من دخل الى السجن كان يُفتَّش تفتيشا شاملا.‏ كتبت هلِن:‏ «بدا كما لو ان الملائكة كانت تأتي ليلا وترميها».‏

      وعد اللّٰه بأنه لن يترك شعبه او يهملهم.‏ لذلك يعترف شهود يهوه في الاتحاد السوڤياتي السابق كما اعترف المرنم الملهم في الكتاب المقدس:‏ «هوذا اللّٰه معين لي».‏ (‏مزمور ٥٤:‏٤؛‏ يشوع ١:‏٥‏)‏ وبالفعل كان عونه مهما لنجاة الشهود في الاتحاد السوڤياتي السابق!‏

      كيف تغيرت الظروف

      في ٢٧ آذار (‏مارس)‏ ١٩٩١،‏ اعتُرف شرعيا بهيئة شهود يهوه في الاتحاد السوڤياتي بتوقيع وثيقة شرعية تشمل الاعلان التالي:‏ «ان قصد الهيئة الدينية هو القيام بالعمل الديني لإعلان اسم يهوه اللّٰه وتدابيره الحبية للجنس البشري من خلال ملكوته السماوي بواسطة يسوع المسيح».‏

      وشملت الطرائق المدرَجة في الوثيقة للقيام بالعمل الديني:‏ الكرازة العلنية وزيارة بيوت الناس،‏ تعليم حقائق الكتاب المقدس للراغبين في الاصغاء،‏ ادارة دروس مجانية في الكتاب المقدس باستعمال المطبوعات المساعِدة على درس الكتاب المقدس،‏ وتوزيع الكتب المقدسة.‏

      بعد توقيع تلك الوثيقة،‏ اي منذ اكثر من عشر سنوات،‏ انحل الاتحاد السوڤياتي وتغيَّر وضع الدين فعليا في الجمهوريات الـ‍ ١٥ التي كانت سابقا تؤلف الاتحاد السوڤياتي.‏ فماذا يمكن القول عن مستقبل الدين هناك وفي باقي العالم؟‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١١]‏

      تعاون الكنيسة مع السوڤيات

      كتب ادموند ستيڤنز في كتابه الصادر عام ١٩٤٥ روسيا ليست لغزا (‏بالانكليزية)‏:‏ «حرصت الكنيسة كثيرا ألا تعض اليد التي تطعمها.‏ فقد أدركت تماما ان الدولة تنتظر منها دعم النظام كاملا والعمل ضمن حدود معينة مقابل ما اغدقته عليها».‏

      وتابع ستيڤنز موضحا:‏ «طوال قرون اعتادت الكنيسة الارثوذكسية ان تكون الارثوذكسية دين الدولة الرسمي.‏ لذلك تبنت بسهولة دورها الجديد،‏ التعاون اللصيق مع الحكومة السوڤياتية».‏

      وقد اجرى معهد كستون بحثا شاملا عن التعاون السابق بين السوڤيات وألكسيس الثاني،‏ بطريَرك الكنيسة الارثوذكسية الروسية الحالي.‏ وكانت خاتمة التقرير:‏ «لم يكن تعاون ألكسيس شيئا استثنائيا،‏ فتقريبا كل رؤساء الاديان المعترف بها رسميا —‏ بمن فيهم الكاثوليك،‏ المعمدانيون،‏ المجيئيون،‏ المسلمون،‏ والبوذيون —‏ استخدمتهم الـ‍ KGB وكلاء لها.‏ وبالفعل،‏ ان التقرير السنوي الذي يصف استخدام ألكسيس يشمل العديد من الوكلاء الآخرين ايضا،‏ بعضهم في الكنيسة اللوثرية الأستونية».‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١٢]‏

      بلوغ مَن في المعسكرات

      قضى الصحافي اللاتڤي ڤيكتورز كالنينڠش معظم سنوات عقوبته العشر (‏١٩٦٢-‏١٩٧٢)‏ في معسكر للاشغال الشاقة في موردوڤيا،‏ الواقعة على بعد حوالي ٤٠٠ كيلومتر جنوب شرق موسكو.‏ وقد اجرى كاتب لمجلة استيقظ!‏ مقابلة معه في آذار (‏مارس)‏ ١٩٧٩،‏ وطرح عليه السؤال التالي:‏ «هل يعرف الشهود المحتجزون الامور المتعلقة بهيئة شهود يهوه هنا في الولايات المتحدة او بلدان اخرى؟‏».‏

      اجاب كالنينڠش:‏ «نعم،‏ وذلك من خلال المطبوعات التي يتسلمونها.‏.‏ .‏ .‏ حتى انهم اروني مجلاتهم.‏ لم اعرف قط اين كانت تُخبأ المطبوعات،‏ فقد كان المخبأ يتغير من حين الى آخر.‏ لكن الكل كانوا يعلمون ان المطبوعات موجودة في المعسكر.‏.‏ .‏ .‏ وكان الحرَّاس وشهود يهوه مثل توم وجيري،‏ فالشهود كانوا يحاولون تخبئة المطبوعات والحرَّاس يحاولون ايجادها!‏».‏

      وسُئل كالنينڠش ايضا:‏ «هل حاول شهود يهوه ان يتحدثوا اليك عن معتقداتهم؟‏».‏ فأجاب:‏ «طبعا!‏ وصرنا نعرف معتقداتهم جيدا.‏ فنحن نعرف كل شيء عن هرمجدون.‏ .‏ .‏ كما انهم تحدثوا كثيرا عن زوال المرض».‏

      ‏[الصورة]‏

      الشهود في معسكرات موردوڤيا اخبروا بشجاعة بحقائق الكتاب المقدس

      ‏[الصورة في الصفحة ٩]‏

      سنة ١٩٥١،‏ نُقلت عائلة ڤوڤتشوك الى إركوتْسْك في سيبيريا،‏ وهي تحافظ حتى اليوم على ولائها المسيحي

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠]‏

      بسبب دعم الكنيسة اثناء الحرب العالمية الثانية،‏ سمح ستالين للدين بأن ينشط مؤقتا

      ‏[مصدر الصورة]‏

      U.‎S.‎ Army photo

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠]‏

      قال البطريَرك ألكسيس الاول (‏١٩٤٥-‏١٩٧٠)‏:‏ ‹تنسجم السياسة السوڤياتية مع المبادئ المسيحية التي تكرز بها الكنيسة›‏

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Central State Archive regarding the film/photo/phono documents of Saint-Petersburg

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة