-
يهوه يزيِّن شعبه بالنوربرج المراقبة ٢٠٠٢ | ١ تموز (يوليو)
-
-
يهوه يزيِّن شعبه بالنور
«قومي استنيري لأنه قد جاء نورك ومجد الرب اشرق عليك». — اشعياء ٦٠:١.
١، ٢ (أ) ما هي حالة البشرية؟ (ب) مَن وراء الظلمة التي تلف البشرية؟
«ليته يوجد شخص مثل اشعيا او القديس بولس!». هذه العبارة ذكرها بأسف الرئيس الاميركي هاري ترومان في اربعينات القرن العشرين. فلماذا تفوّه بهذه الكلمات؟ لأنه شعر آنذاك ان العالم بحاجة الى قادة اخلاقيين على اعلى مستوى. فكان العالم قد اجتاز احلك فترة في القرن العشرين: الحرب العالمية الثانية. ورغم انها انتهت، لم يكن العالم في سلام. فقد بقيت الظلمة الحالكة. والآن، بعد ٥٧ سنة، لا يزال العالم في ظلمة. ولو كان الرئيس ترومان حيًّا الآن، لرأى دون شك انه لا تزال هنالك حاجة الى قادة اخلاقيين كإشعيا او الرسول بولس.
٢ سواء كان الرئيس ترومان عالما بذلك ام لا، فقد تحدث الرسول بولس عن الظلمة التي تجتاح البشرية وحذَّر منها في كتاباته. مثلا، حذَّر الرفقاء المؤمنين: «مصارعتنا ليست ضد دم ولحم، بل ضد الرئاسات، ضد السلاطين، ضد ولاة العالم على هذه الظلمة، ضد القوى الروحية الشريرة في الاماكن السماوية». (افسس ٦:١٢) وبهذه الكلمات، اظهر انه لا يعرف فقط ان الظلمة الروحية تلفّ العالم، بل يعرف ايضا المصدر الحقيقي — القوى الشيطانية الجبارة التي دعاها «ولاة العالم». فماذا عسى ان يفعل البشر وحدهم لتبديد هذه الظلمة اذا كانت الارواح القوية وراءها؟
٣ رغم الظلمة التي تلف البشرية، بماذا انبأ اشعيا للامناء؟
٣ تحدث اشعيا ايضا عن الظلمة التي تجتاح البشرية. (اشعياء ٨:٢٢؛ ٥٩:٩) ولكنه انبأ بالوحي عن ايامنا انه حتى في هذه الازمنة المظلمة، سيجعل يهوه مستقبل مَن يحبون النور مشرقا. فمع ان بولس وإشعيا ليسا معنا بشخصهما، عندنا كتاباتهما الملهمة لإرشادنا. ولكي نرى كم يجلب هذا الامر من بركة للذين يحبون يهوه، لنتأمل في كلمات اشعيا النبوية الموجودة في الاصحاح الـ ٦٠ من سفره.
امرأة نبوية تستنير
٤، ٥ (أ) ماذا يأمر يهوه المرأة ان تفعل، وبماذا يعِد؟ (ب) اية معلومات مثيرة يحتويها الاصحاح ٦٠ من اشعياء؟
٤ تُوجَّه الكلمات الافتتاحية من اشعياء ٦٠ الى امرأة في حالة حزينة جدا — قابعة في الظلام منطرحة على الارض. وفجأة، يخرق نورٌ العتمة، ويدعو يهوه قائلا: «قومي استنيري لأنه قد جاء نورك ومجد الرب اشرق عليك». (اشعياء ٦٠:١) فالوقت قد حان لتقف هذه المرأة وتعكس نور، او مجد، اللّٰه. ولماذا؟ نرى الجواب في العدد التالي: «ها هي الظلمة تغطي الارض والظلام الدامس الامم. اما عليكِ فيُشرِق الرب ومجده عليك يُرى». (اشعياء ٦٠:٢) وعندما تطيع المرأة ما يأمر به يهوه، يؤكَّد لها انها ستنال نتيجة رائعة. يقول يهوه: «تسير الامم في نورك والملوك في ضياء اشراقك». — اشعياء ٦٠:٣.
٥ ان الكلمات المثيرة في هذه الاعداد الثلاثة تشكل مقدِّمة وملخصا لما تحتويه بقية الاصحاح ٦٠ من سفر اشعياء. وهي تُنبئ بما سيحدث لهذه المرأة وكيف يمكن ان نسكن في نور يهوه رغم الظلمة التي تغطي البشرية. ولكن ماذا تعني الرموز في هذه الاعداد الافتتاحية الثلاثة؟
٦ مَن هي المرأة التي يتحدث عنها الاصحاح ٦٠ من سفر اشعياء، ومَن يمثِّلها على الارض؟
٦ ان المرأة في اشعياء ٦٠:١-٣ هي صهيون، هيئة يهوه السماوية من المخلوقات الروحانية. واليوم، تمثَّل صهيون على الارض بالباقين من «اسرائيل اللّٰه»، جماعة المسيحيين الممسوحين بالروح من كل الامم، الذين لديهم رجاء الحكم مع المسيح في السماء. (غلاطية ٦:١٦) وهذه الامة الروحية مؤلفة من ٠٠٠,١٤٤ عضو، ويركِّز الاتمام العصري لإشعياء الاصحاح ٦٠ على اعضاء هذه الامة العائشين على الارض خلال «الايام الاخيرة». (٢ تيموثاوس ٣:١؛ كشف ١٤:١) كما ان النبوة تتحدث كثيرا عن رفقاء هؤلاء المسيحيين الممسوحين، اي عن ‹الجمع الكثير› من ‹الخراف الاخر›. — كشف ٧:٩؛ يوحنا ١٠:١٦.
٧ كيف كانت حالة صهيون الروحية سنة ١٩١٨، وكيف أُنبئ بذلك؟
٧ وهل مرّت فترة كان فيها «اسرائيل اللّٰه» منطرحا في الظلام، كما ترمز الى ذلك حالة هذه المرأة؟ نعم، حدث ذلك منذ اكثر من ٨٠ سنة. فخلال الحرب العالمية الاولى، جاهد المسيحيون الممسوحون كثيرا ليبقوا عمل الشهادة جاريا. ولكن في سنة ١٩١٨، آخر سنة من الحرب، توقف تقريبا العمل الكرازي المنظم. وحُكم على جوزيف ف. رذرفورد، الذي كان يُشرف آنذاك على عمل الكرازة العالمي، وعلى مسيحيين آخرين لديهم مراكز اشراف بالسجن فترات طويلة بتهم باطلة. وفي الكشف، شُبِّه المسيحيون الممسوحون الذين كانوا عائشين آنذاك على الارض بشكل نبوي بجثتين مطروحتين «على الشارع الرئيسي للمدينة العظيمة التي تدعى بطريقة روحية سدوم ومصر». (كشف ١١:٨) لقد كانت فعلا فترة مظلمة لصهيون الروحية الممثَّلة بأولادها الممسوحين على الارض!
٨ ايّ تغيير مدهش حصل سنة ١٩١٩، وبأية نتيجة؟
٨ لكنَّ سنة ١٩١٩ شهدت تغييرا مدهشا. فقد اشرق يهوه على صهيون الروحية. فأعضاء اسرائيل اللّٰه، بعدما اجتازوا المحنة، وقفوا ليعكسوا نور اللّٰه، مستأنفين بشجاعة عمل المناداة بالبشارة. (متى ٥:١٤-١٦) وبفضل الغيرة المتجددة لهؤلاء المسيحيين، انجذب آخرون الى نور يهوه. في البداية، مُسح الجدد كأعضاء اضافيين في اسرائيل اللّٰه. وهم يُدعَون في اشعياء ٦٠:٣ ملوكا لأنهم سيكونون ورثة مع المسيح في ملكوت اللّٰه السماوي. (كشف ٢٠:٦) وفي وقت لاحق، ابتدأ جمع كثير من الخراف الاخر ينجذب الى نور يهوه. وهؤلاء هم «الامم» المذكورون في النبوة.
اولاد المرأة يعودون الى موطنهم
٩، ١٠ (أ) ايّ مشهد رائع تراه المرأة، وماذا يمثِّل ذلك؟ (ب) ايّ سبب كان لدى صهيون الروحية لتفرح؟
٩ والآن يبدأ يهوه بالتوسع في المعلومات الموجزة في اشعياء ٦٠:١-٣. فيأمر المرأة بشيء آخر. اصغوا الى ما يقوله: «ارفعي عينيك حواليك وانظري». فتفعل المرأة ذلك، ويا للمشهد الرائع الذي تراه! فأولادها عائدون الى موطنهم. وتمضي الآية قائلة: «قد اجتمعوا كلهم. جاءوا اليك. يأتي بنوك من بعيد وتُحمَل بناتك على الايدي». (اشعياء ٦٠:٤) ان المناداة العالمية بالملكوت التي ابتدأت سنة ١٩١٩ جذبت آلاف الجدد الى خدمة يهوه. وهؤلاء ايضا صاروا من ‹بني› صهيون الروحية و ‹بناتها›، اعضاء ممسوحين من اسرائيل اللّٰه. وهكذا زيَّن يهوه هيئته اذ اتى بالاعضاء الاخيرين للـ ٠٠٠,١٤٤ الى النور.
١٠ فهل يمكن ان تتخيل فرحة صهيون الروحية بوجود اولادها معها؟ يعطيها يهوه اسبابا اخرى لتفرح. نقرأ: «حينئذ تنظرين وتنيرين ويخفق قلبك ويتسع لأنه تتحول اليك ثروة البحر ويأتي اليك غنى الامم». (اشعياء ٦٠:٥) انسجاما مع هذه الكلمات النبوية، تتقاطر الى صهيون الروحية ابتداء من ثلاثينات القرن العشرين حشود من المسيحيين الذين لديهم رجاء ان يعيشوا على الارض الى الابد. وهم يخرجون من «بحر» البشرية المبتعد عن اللّٰه ويمثِّلون غنى الامم. انهم «مشتهى كل الامم». (حجي ٢:٧؛ اشعياء ٥٧:٢٠) لاحظ ايضا ان الذين يشكِّلون هذا ‹المشتهى› لا يشرعون في خدمة يهوه كلٌّ بطريقته الخاصة. فهم يزيدون صهيون الروحية زينة اذ يؤدون عبادتهم للّٰه مع اخوتهم الممسوحين، صائرين معهم «رعية واحدة» برئاسة «راعٍ واحد». — يوحنا ١٠:١٦.
التجار والرعاة يأتون الى صهيون الرمزية
١١، ١٢ صِفوا الجموع التي تُشاهد آتية الى صهيون الرمزية.
١١ نتيجة لهذا التجميع المنبإ به، تحدث زيادة كبيرة في عدد مسبحي يهوه. وهذا ما تنبئ به الكلمات التالية للنبوة. تخيَّل انك واقف مع المرأة النبوية على جبل صهيون. ماذا ترى اذا نظرت شرقا؟ «تغطيك كثرة الجِمال بُكْران مديان وعِيفة كلها تأتي من شبا. تحمل ذهبا ولُبانا وتبشِّر بتسابيح الرب». (اشعياء ٦٠:٦) تقود جموع التجار قوافل جِمالها على طول الطرقات المؤدية الى اورشليم. والجمال هي في العدد كالفيضان الذي يغطي الارض! ويحمل التجار هدايا ثمينة، «ذهبا ولُبانا». وهم يأتون الى نور اللّٰه لكي يسبحوه علنا، ‹ليبشِّروا بتسابيح الرب›.
١٢ ليس التجار وحدهم الآتين. فالرعاة ايضا يتقاطرون الى صهيون الرمزية. تمضي النبوة قائلة: «كل غنم قيدار تجتمع اليك. كباش نبايوت تخدمك». (اشعياء ٦٠:٧أ) فقبائل الرعيان تأتي الى المدينة المقدسة لتقديم اجود ما في قطيعهم ليهوه. حتى انهم يقدمون انفسهم لخدمة صهيون الرمزية! فكيف يستقبل يهوه هؤلاء الغرباء؟ يجيب اللّٰه نفسه قائلا: «تصعد مقبولة على مذبحي وأزيّن بيت جمالي». (اشعياء ٦٠:٧ب) فيهوه يتكرّم ويقبل تقدمات وخدمة هؤلاء الغرباء. فوجودهم يزيِّن هيكله.
١٣، ١٤ ماذا يُرى آتيا من الغرب؟
١٣ والآن أدِر رأسك وانظر الى الافق الغربي. فماذا ترى؟ في البعيد، هنالك ما يبدو وكأنه سحابة بيضاء على سطح البحر. ويطرح يهوه السؤال الذي يخطر ببالك: «من هؤلاء الطائرون كسحاب وكالحمام الى بيوتها». (اشعياء ٦٠:٨) ويجيب يهوه نفسه: «ان الجزائر تنتظرني وسفن ترشيش في الاول لتأتي ببنيك من بعيد وفضتهم وذهبهم معهم لاسم الرب الهك وقدوس اسرائيل لأنه قد مجَّدك». — اشعياء ٦٠:٩.
١٤ هل يمكنك ان تتخيل المشهد؟ ان هذه السحابة البيضاء تقترب اكثر وتبدو الآن وكأنها مجموعة نقاط الى اقصى الغرب. ثم تبدو كالطيور التي تنزلق على الامواج. ولكن اذ تقترب اكثر، ترى انها سفن ترفع اشرعتها كي تهب فيها الريح. وهذه السفن المبحرة نحو اورشليم تبدو لكثرتها كسرب من الحمام. لقد اتت هذه السفن بأقصى سرعتها من موانئ بعيدة حاملة على متنها اشخاصا مؤمنين الى اورشليم ليعبدوا يهوه.
هيئة يهوه تتوسع
١٥ (أ) اية زيادة تنبئ بها كلمات اشعياء ٦٠:٤-٩؟ (ب) اية روح يعرب عنها المسيحيون الحقيقيون؟
١٥ ما اوضح الصورة النبوية التي ترسمها الاعداد ٤ الى ٩ عن التوسع العالمي الذي يحدث منذ سنة ١٩١٩! فلماذا بارك يهوه هيئته السماوية بهذه الزيادة؟ لأن اسرائيل اللّٰه منذ سنة ١٩١٩ يطيع الامر ويعكس باستمرار نور يهوه. ولكن هل لاحظت ان الوافدين الجدد، بحسب العدد ٧، ‹يصعدون على مذبح اللّٰه›؟ المذبح هو حيث تقدّم الذبائح، وهذا الجزء من النبوة يذكِّرنا بأن خدمة يهوه تشمل تقديم الذبائح. كتب الرسول بولس: «أناشدكم . . . ان تقربوا اجسادكم ذبيحة حية مقدسة مقبولة عند اللّٰه، خدمة مقدسة بقوتكم العقلية». (روما ١٢:١) وانسجاما مع كلمات بولس، لا يكتفي المسيحيون الحقيقيون بحضور المناسبات الدينية مرة في الاسبوع، بل يخصِّصون وقتهم وطاقتهم ومواردهم لتعزيز العبادة النقية. أفلا يتزين بيت يهوه بوجود عبّاد اتقياء كهؤلاء؟! هذا ما قالته نبوة اشعيا. ويمكننا الثقة بأن هؤلاء العبّاد الغيورين هم ايضا زينة في عيني يهوه.
١٦ مَن ساهموا في عمل إعادة البناء قديما، ومَن يساهمون اليوم؟
١٦ يريد الوافدون الجدد ان يعملوا. تمضي النبوة قائلة: «بنو الغريب يبنون اسوارك وملوكهم يخدمونك». (اشعياء ٦٠:١٠) في الاتمام الاول لهذه الكلمات قديما عند العودة من السبي البابلي، ساعد ملوك وآخرون من الامم فعليا في إعادة بناء الهيكل ومدينة اورشليم. (عزرا ٣:٧؛ نحميا ٣:٢٦) وفي الاتمام العصري، يدعم الجمع الكثير البقية الممسوحة في نشر العبادة الحقة. وهم يساعدون على تشكيل الجماعات المسيحية، وهكذا يقوّون «اسوار» هيئة يهوه المشبهة بمدينة. كما انهم يشاركون في عمل بناء حرفي — بناء قاعات الملكوت وقاعات المحافل وفروع بيوت ايل. بكل هذه الطرائق يدعمون اخوتهم الممسوحين في الاعتناء بحاجات هيئة يهوه التي تتوسع.
١٧ ما هي احدى الطرائق التي يزيِّن بها يهوه شعبه؟
١٧ كم مشجِّعة هي الكلمات الاخيرة في اشعياء ٦٠:١٠! يقول يهوه: «بغضبي ضربتك وبرضواني رحمتك». نعم، ففي سنة ١٩١٨-١٩١٩، ادّب يهوه شعبه. لكنّ ذلك كان في الماضي. أما الآن فقد حان الوقت ليُظهِر يهوه رحمته لخدامه الممسوحين ورفقائهم من الخراف الاخر. والدليل على ذلك هو الزيادة الكبيرة التي يباركهم او ‹يزيِّنهم› بها.
١٨، ١٩ (أ) بماذا يعد يهوه في ما يتعلق بالجدد الذين يأتون الى هيئته؟ (ب) بماذا تخبرنا الاعداد الباقية من اشعياء الاصحاح ٦٠؟
١٨ فكل سنة، ينضم مئات الآلاف من ‹بني الغريب› الى هيئة يهوه، وسيبقى المجال مفتوحا امام كثيرين بعد. فيهوه يقول لصهيون الروحية: «تنفتح ابوابك دائما. نهارا وليلا لا تُغلَق. ليؤتى اليك بغنى الامم وتُقاد ملوكهم». (اشعياء ٦٠:١١) يحاول بعض المقاومين اغلاق هذه ‹الابواب›، لكننا نعرف ان محاولاتهم ستبوء بالفشل. فيهوه نفسه هو الذي يقول ان الابواب ستبقى مفتوحة. وهكذا ستستمر الزيادة.
١٩ في هذه الايام الاخيرة، هنالك طرائق اخرى يبارك، او يزيِّن، بها يهوه شعبه. والاعداد الباقية من اشعياء الاصحاح ٦٠ تكشف نبويا ما هي هذه الطرائق.
-
-
مجد يهوه يشرق على شعبهبرج المراقبة ٢٠٠٢ | ١ تموز (يوليو)
-
-
مجد يهوه يشرق على شعبه
«الرب يكون لك نورا ابديا». — اشعياء ٦٠:٢٠.
١ كيف يبارك يهوه شعبه الامين؟
«الرب راضٍ عن شعبه. يجمِّل [«يزيِّن»، الترجمة اليسوعية الجديدة] الودعاء بالخلاص». (مزمور ١٤٩:٤) هذا ما قاله صاحب المزمور قديما. ويشهد التاريخ لصحة كلماته. فعندما يكون شعب يهوه امناء، يعتني بهم، يجعلهم مزدهرين، ويحميهم. ففي الازمنة القديمة، منحهم النصر على اعدائهم. واليوم، يبقيهم اقوياء روحيا ويؤكِّد لهم الخلاص على اساس ذبيحة يسوع. (روما ٥:٩) وهو يفعل ذلك لأنهم زينة في عينيه.
٢ بمَ يثق شعب اللّٰه رغم انهم يواجهون المقاومة؟
٢ دون شك، ان الذين ‹يحيون بتعبد للّٰه› في عالم غارق في الظلمة، سيواجهون المقاومة. (٢ تيموثاوس ٣:١٢) إلا ان يهوه ليس بغافل عن المقاومين، وهو يحذِّرهم: «الامة والمملكة التي لا تخدمك تبيد وخرابا تخرب الامم». (اشعياء ٦٠:١٢) واليوم، تتَّخذ المقاومة اشكالا عديدة. ففي بعض البلدان، يسعى المقاومون الى إعاقة او حظر العبادة التي يؤديها المسيحيون المخلصون ليهوه. وفي بلدان اخرى، يقوم المتعصبون باعتداءات جسدية على عبّاد يهوه ويحرقون ممتلكاتهم. ولكن لنتذكر ان يهوه قد حسم نتيجة اية مقاومة لكي تُنجَز مشيئته. فالمقاومون سينهزمون. والذين يحاربون هيئته السماوية، التي يمثِّلها اولادها على الارض، لا يمكن ان ينتصروا. ألا تطمئن قلوبنا عند سماع هذه الكلمات المشجعة من الهنا العظيم يهوه؟
بركات تفوق التوقع
٣ كيف يجري ايضاح جمال عبّاد يهوه وإثمارهم؟
٣ في الواقع، يُغدِق يهوه على شعبه بركات تفوق توقعاتهم في الايام الاخيرة من نظام الاشياء هذا. فتدريجيا، يزيِّن مكان عبادته والذين يحملون اسمه داخل هذا المكان. فكما جاء في نبوة اشعيا، يقول يهوه لصهيون الرمزية: «مجد لبنان اليك يأتي السرو والسنديان والشربين معا لزينة مكان مقدسي وأمجد موضع رجلي». (اشعياء ٦٠:١٣) ان الجبال المغطاة بالغابات المزدهرة هي مشهد رائع. لذلك فإن الاشجار الوارفة هي رمز ملائم الى جمال عبّاد يهوه وإثمارهم. — اشعياء ٤١:١٩؛ ٥٥:١٣.
٤ إلامَ تشير عبارتا ‹المقدس› و «موضع رجلَي» يهوه، وكيف يتزيّنان؟
٤ وإلامَ تشير عبارتا ‹المقدس› و «موضع رجلَي» يهوه المذكورتان في اشعياء ٦٠:١٣؟ انهما تشيران الى الديار الارضية لهيكل يهوه الروحي العظيم، الذي هو ترتيب الاقتراب الى يهوه في العبادة بواسطة يسوع المسيح. (عبرانيين ٨:١-٥؛ ٩:٢-١٠، ٢٣) وقد ذكر يهوه ان قصده هو تمجيد هذا الهيكل الروحي بتجميع اناس من كل الامم لتقديم العبادة فيه. (حجي ٢:٧) وكان اشعيا نفسه قد رأى جموعا من كل الامم تجري الى جبل عبادة يهوه المرفّع. (اشعياء ٢:١-٤) وبعد مئات السنين، شاهد الرسول يوحنا في رؤيا ‹جمعا كثيرا لم يستطع احد ان يعده، من كل الامم والقبائل والشعوب والالسنة›. وكان هؤلاء واقفين «امام عرش اللّٰه . . . يؤدون له خدمة مقدسة نهارا وليلا في هيكله». (كشف ٧:٩، ١٥) وإذ تتم هذه النبوات في ايامنا، نرى بأمّ اعيننا كيف يتزيّن بيت يهوه.
٥ ايّ تحسن كبير يشهده اولاد صهيون الروحية؟
٥ ما اكبر التحسن الذي يعنيه ذلك لصهيون الروحية! يقول يهوه: «عوضا عن كونك مهجورة ومُبغَضة بلا عابر بك اجعلك فخرا ابديا فرح دور فدور». (اشعياء ٦٠:١٥) بحلول نهاية الحرب العالمية الاولى، مرّت «اسرائيل اللّٰه» فعلا بفترة خراب. (غلاطية ٦:١٦) وقد شعرت بأنها «مهجورة»، لأن اولادها على الارض لم يميِّزوا تماما ما هي مشيئة اللّٰه لهم. ثم في سنة ١٩١٩، اعاد يهوه احياء خدامه الممسوحين، ومذّاك يباركهم بازدهار روحي رائع. وعلاوة على ذلك، أليس الوعد في هذا العدد مبهجا؟ فيهوه يعتبر صهيون الروحية «فخرا». نعم، انها ستكون مفخرة لأولادها وليهوه نفسه، وستجلب «فرحا» غامرا. ولن يكون ذلك لفترة قصيرة. فالحظوة التي تتمتع بها صهيون الروحية، التي يمثِّلها اولادها الارضيون، ستدوم الى «دور فدور» ولن تزول ابدا.
٦ كيف يستفيد المسيحيون الحقيقيون من الموارد الآتية من الامم؟
٦ لنصغِ الآن الى وعد الهي آخر. يقول يهوه وهو يتحدث الى صهيون الرمزية: «ترضعين لبن الامم وترضعين ثدِيَّ ملوك وتعرفين اني انا الرب مخلصك ووليك عزيز يعقوب». (اشعياء ٦٠:١٦) فكيف تتغذى صهيون الرمزية ‹بلبن الامم› وترضع «ثدِيَّ الملوك»؟ يشير ذلك الى استفادة المسيحيين الممسوحين وعشرائهم ‹الخراف الاخر› من الموارد القيّمة الآتية من الامم من اجل تقدم العبادة النقية. (يوحنا ١٠:١٦) فالتبرعات المادية الطوعية تساهم في تقدم عمل الكرازة والتعليم العالمي العظيم. والاستعمال الحكيم للتكنولوجيا العصرية يسهِّل نشر الكتب المقدسة والمطبوعات المؤسسة عليها بمئات اللغات. فلم يسبق قط ان كان حق الكتاب المقدس متوفرا لهذا العدد الكبير من الناس كما هو اليوم. فالناس من بلدان كثيرة جدا يتعلمون ان يهوه، الذي حرَّر خدامه الممسوحين من الاسر الروحي، هو حقا المخلص.
تقدّم تنظيمي
٧ ايّ تحسن بارز يشهده اولاد صهيون الروحية؟
٧ ان يهوه يزيّن شعبه بطريقة اخرى. فهو يباركهم بالتقدم التنظيمي. نقرأ في اشعياء ٦٠:١٧: «عوضا عن النحاس آتي بالذهب وعوضا عن الحديد آتي بالفضة وعوضا عن الخشب بالنحاس وعوضا عن الحجارة بالحديد وأجعل وكلاءك سلاما وولاتك برًّا». يُعتَبر استبدال النحاس بالذهب تحسنا، ويصح الامر عينه في المواد الاخرى المذكورة هنا. وانسجاما مع ذلك، تشهد اسرائيل اللّٰه تحسينات تنظيمية مستمرة في هذه الايام الاخيرة. لنتأمل في بعض الامثلة.
٨-١٠ صِفوا بعض التحسينات التنظيمية التي تجري منذ سنة ١٩١٩.
٨ قبل سنة ١٩١٩، كانت جماعات شعب اللّٰه تُدار بواسطة شيوخ وشمامسة، ينتخبهم جميعهم ديموقراطيا افراد الجماعة. وابتداء من تلك السنة، صار «العبد الامين الفطين» يعيّن مدير خدمة في كل جماعة ليشرف على نشاطات خدمة الحقل. (متى ٢٤:٤٥-٤٧) ولكن في جماعات كثيرة، لم يكن هذا الترتيب فعّالا كثيرا لأن بعض الشيوخ المنتخبين لم يدعموا عمل التبشير كاملا. لهذا السبب، طُلب من الجماعات في سنة ١٩٣٢ ان تتوقف عن انتخاب الشيوخ والشمامسة وأن تنتخب بدلا من ذلك رجالا ليخدموا في لجنة خدمة مع مدير الخدمة. كان هذا تحسنا كبيرا، كالإتيان «بالنحاس» عوضا عن «الخشب»!
٩ في سنة ١٩٣٨، قرّرت الجماعات حول الارض بأن تقبل تحسينا آخر، ترتيبا منسجما اكثر مع الاسفار المقدسة. فقد وُضعت ادارة الجماعة على عاتق خادم فرقة يساعده خدام آخرون، معيَّنون جميعا بإشراف العبد الامين الفطين. فما من انتخابات في ما بعد. وهكذا صارت التعيينات في الجماعة تجري بطريقة ثيوقراطية. وكان ذلك كالإتيان «بالحديد» عوضا عن «الحجارة» او «بالذهب» عوضا عن «النحاس».
١٠ وتتابع التقدم مذّاك. مثلا، فُهم في سنة ١٩٧٢ ان وجود جماعات تُشرف عليها هيئة شيوخ متعاونة مؤلفة من اشخاص معيَّنين ثيوقراطيا، حيث لا يكون لشيخ سلطة اكثر من الباقين، ينسجم اكثر مع طريقة الاشراف في الجماعات المسيحية في القرن الاول. وعلاوة على ذلك، حصل منذ سنتين تغيير آخر. فقد جرى تعديل في ادارة بعض المؤسسات الشرعية، الامر الذي يمكِّن الهيئة الحاكمة من ان تركز اكثر على المصالح الروحية لشعب اللّٰه بدل الانشغال بمسائل قانونية روتينية.
١١ مَن هو وراء التغييرات التنظيمية بين شعب يهوه، وماذا انتجت هذه التغييرات؟
١١ فمَن هو وراء هذه التغييرات التقدمية؟ يهوه اللّٰه بالتأكيد. فهو مَن قال: «آتي بالذهب». وهو الذي يمضي قائلا: «أجعل وكلاءك سلاما وولاتك برًّا». نعم، ان يهوه هو المسؤول عن الاشراف على شعبه. وهذا التقدم التنظيمي المنبأ به هو دليل آخر على انه يزيِّن شعبه. ونتيجة لذلك يبارَك شهود يهوه بطرائق كثيرة. نقرأ في اشعياء ٦٠:١٨: «لا يُسمع بعد ظلم [«عنف»، عج] في ارضك ولا خراب او سحق في تخومك بل تُسَمّين اسوارك خلاصا وأبوابك تسبيحا». فما اجمل هذه الكلمات! ولكن كيف تمّت؟
١٢ كيف يسود السلام بين المسيحيين الحقيقيين؟
١٢ ان المسيحيين الحقيقيين ينظرون بإمعان الى يهوه من اجل الارشاد والتوجيه. والنتيجة هي كما ينبئ اشعيا: «كل بنيك تلاميذ الرب وسلام بنيك كثيرا». (اشعياء ٥٤:١٣) وعلاوة على ذلك، فإن روح يهوه يعمل في شعبه، والسلام هو ثمرة من ثمر هذا الروح. (غلاطية ٥:٢٢، ٢٣) والسلام الناتج بين شعب يهوه يجعلهم واحة منعشة في عالم عنيف. وحالتهم السلمية، الناتجة عن المحبة التي يملكها المسيحيون الحقيقيون بعضهم لبعض، هي عينة لنوع الحياة في العالم الجديد. (يوحنا ١٥:١٧؛ كولوسي ٣:١٤) فكم نحن فرحون لأننا نتمتع ونساهم في هذا السلام الذي يجلب التسبيح والإكرام للّٰه والذي هو جزء لا يتجزأ من فردوسنا الروحي! — اشعياء ١١:٩.
نور يهوه سيشرق دائما
١٣ لماذا يمكن ان نثق ان نور يهوه لن يتوقف ابدا عن الاشراق على شعبه؟
١٣ هل سيشرق نور يهوه دائما على شعبه؟ نعم! نقرأ في اشعياء ٦٠:١٩، ٢٠: «لا تكون لك بعد الشمس نورا في النهار ولا القمر ينير لك مضيئا بل الرب يكون لك نورا ابديا وإلهك زينتك. لا تغيب بعد شمسك وقمرك لا ينقص لأن الرب يكون لك نورا ابديا وتكمل ايام نوحك». فعندما كملت ايام «نَوْح» المسبيين الروحيين سنة ١٩١٩، ابتدأ يهوه يُشرق نوره عليهم. وهم لا يزالون يتمتعون برضى اللّٰه فيما يستمر نور يهوه يُشرق عليهم بعد اكثر من ٨٠ سنة. ولن يخبو ابدا. فيهوه لن ‹يغيب› عن عبّاده كما تغيب الشمس او «ينقص» كما ينقص القمر، بل سيظل يُشرِق نوره عليهم طوال الابدية. فكم يطمئننا ذلك نحن العائشين في الايام الاخيرة لهذا العالم الغارق في الظلمة!
١٤، ١٥ (أ) كيف ‹يتبرر› كل شعب اللّٰه؟ (ب) ايّ إتمام مهم لكلمات اشعياء ٦٠:٢١ يتطلع اليه الخراف الاخر؟
١٤ لنسمع الآن وعدا آخر من يهوه يتعلق بممثلي هيئته السماوية على الارض، اسرائيل اللّٰه. تقول اشعياء ٦٠:٢١: «شعبك كلهم ابرار. الى الابد يرثون الارض غصن غرسي عمل يدي لأتمجد». عندما رُدّ المسيحيون الممسوحون الى حالة نشاط سنة ١٩١٩، كانوا شعبا غير عادي. ففي عالم منغمس في الخطية، «تبرروا» على اساس ايمانهم الراسخ بذبيحة المسيح يسوع الفدائية. (روما ٣:٢٤؛ ٥:١) ثم، كالاسرائيليين الذين تحرروا من الاسر البابلي، ورثوا ‹ارضا› روحية، او حيز نشاط، حيث يتمتعون بفردوس روحي. (اشعياء ٦٦:٨، عج) والجمال الفردوسي لهذه الارض لن يذوي ابدا، لأن اسرائيل اللّٰه كأمة لن تخون الامانة كما فعلت اسرائيل القديمة. وإيمانهم، احتمالهم، وغيرتهم ستظل تكرم اسم اللّٰه.
١٥ لقد دخل كل افراد هذه الامة الروحية في عهد جديد وكُتبت شريعة اللّٰه على قلوبهم. وقد غفر يهوه خطاياهم على اساس ذبيحة يسوع الفدائية. (ارميا ٣١:٣١-٣٤) وهو يبررهم ‹كأبناء› ويعاملهم كأنهم كاملون. (روما ٨:١٥، ١٦، ٢٩، ٣٠) كما ان خطايا رفقائهم الخراف الاخر تُغفَر على اساس ذبيحة يسوع، وكإبراهيم، يتبررون كأصدقاء للّٰه بواسطة الايمان. فقد «غسلوا حللهم وبيضوها بدم الحمل». ويتطلع هؤلاء الخراف الاخر الرفقاء الى بركة مهمة اخرى. فبعد النجاة من «الضيق العظيم» او بعد القيامة من الاموات، سيشهدون إتماما حرفيا لكلمات اشعياء ٦٠:٢١، عندما تصير الارض بكاملها فردوسا. (كشف ٧:١٤؛ روما ٤:١-٣) عندئذ، يرث «الودعاء الارض ويتلذذون في كثرة السلامة». — مزمور ٣٧:١١، ٢٩.
الزيادة تستمر
١٦ ايّ وعد بارز قطعه يهوه، وكيف يتم؟
١٦ في آخر عدد من اشعياء ٦٠، نقرأ وعد يهوه الاخير في هذا الاصحاح. فهو يقول لصهيون الرمزية: «الصغير يصير الفا والحقير امة قوية. انا الرب في وقته اسرع به». (اشعياء ٦٠:٢٢) لقد وفى يهوه بوعده في ايامنا. فعندما رُدّ الممسوحون الى النشاط سنة ١٩١٩، كان عددهم قليلا — ‹صغيرا›. لكنَّ عددهم ازداد مع الإتيان بالمزيد من الاسرائيليين الروحيين. وبعد ذلك بدأ الخراف الاخر يتقاطرون اليهم بأعداد متزايدة. والحالة السلمية السائدة بين شعب اللّٰه، الفردوس الروحي الموجود في ‹ارضهم›، يجتذب الكثير الكثير من مستقيمي القلوب حتى ان «الحقير» صار فعلا «امة قوية». فهذه ‹الامة›، المؤلفة حاليا من اسرائيل اللّٰه وأكثر من ستة ملايين شخص منتذر من ‹بني الغريب›، تضم افرادا اكثر من سكان دول مستقلة عديدة في العالم. (اشعياء ٦٠:١٠) ويشارك كل مواطنيها في عكس نور يهوه، وهذا ما يجعلهم جميعا زينة في عينيه.
١٧ كيف اثَّرت فيكم مناقشة اشعياء الاصحاح ٦٠؟
١٧ كم تقوى ايماننا عندما تأملنا في النقاط البارزة من اشعياء الاصحاح ٦٠! فمن المشجع ان نرى ان يهوه سبق فعرف ان شعبه سيذهب الى السبي الروحي ثم يُستردّ. ومن المذهل ان نرى ان يهوه سبق فعرف عن الزيادة الكبيرة في اعداد العبّاد الحقيقيين في ايامنا. وعلاوة على ذلك، كم يشجِّعنا ان نتذكر ان يهوه لن يتركنا! وكم هو تأكيد حبي ان اسوار ‹المدينة› ستظل مفتوحة لتستقبل بالترحاب ‹الميالين بالصواب الى الحياة الابدية›! (اعمال ١٣:٤٨) ويهوه سيظل يُشرق نوره على شعبه، وهيئته السماوية ستظل مفخرة فيما يجعل اولادها نورهم يضيء بشكل اسطع فأسطع. (متى ٥:١٦) فلا شك انه قد ازداد الآن تصميمنا على البقاء الى جانب اسرائيل اللّٰه وعلى تقدير امتيازنا ان نعكس نور يهوه.
-