-
لويس پاستور — ما كشفه عملهاستيقظ! ١٩٩٦ | كانون الاول (ديسمبر) ٨
-
-
الحياة اصلها حياة
منذ العصور القديمة، طُرحت اغرب الافكار لتفسير ظهور الحشرات، الديدان، او المخلوقات الاخرى في المادة المتحلِّلة. مثلا، افتخر كيميائي بلجيكي في القرن الـ ١٧ بأنه جعل الفئران تظهر بإقحام قميص متَّسخ في جرة من القمح!
وفي زمن پاستور، كان النقاش في المجتمع العلمي حادا. وكانت مواجهة مؤيِّدي التولُّد التلقائي تقدِّم تحدِّيا حقيقيا. لكنَّ پاستور كان واثقا بسبب ما وجده في ابحاثه حول التخمُّر. ولذلك شرع في اختبارات مصمَّمة لوضع حد لفكرة التولُّد التلقائي مرة وإلى الابد.
ان اختباره الذي استعمل فيه اوعية اعناقها معقوفة هو من اشهر اختباراته. فعندما تُترك مادة مغذية سائلة معرَّضة للهواء في وعاء اعلاه مفتوح، تتلوَّث بسرعة بالجراثيم. أما عندما توضع المادة المغذية السائلة عينها في وعاء ينتهي بعنق معقوف كعنق التمّ، فتبقى غير ملوَّثة. ولماذا الامر كذلك؟
كان تفسير پاستور لذلك بسيطا: عندما تمرّ البكتيريا التي في الهواء عبر العنق المعقوف، تترسَّب على سطح الزجاج، بحيث يكون الهواء قد تعقَّم لدى بلوغه السائل. فالجراثيم التي تنمو في وعاء مفتوح لا تنتجها تلقائيا المادة المغذية السائلة، بل ينقلها الهواء.
ولكي يُظهر پاستور اهمية الهواء في نقل الميكروبات، ذهب الى مير دو ڠلاس، نهر جليدي في جبال الألپ الفرنسية. وعلى ارتفاع ٠٠٠,٦ قدم، فتح اوعيته المختومة وعرَّضها للهواء. فلم يتلوَّث إلّا وعاء واحد من اصل ٢٠. ثم ذهب الى اسفل جبال جورا وكرَّر الاختبار عينه. فتلوَّثت ثمانية اوعية هنا حيث الارتفاع اقل بكثير. وبذلك برهن انه بسبب كون الهواء اكثر نقاوة في الامكنة الاكثر ارتفاعا، تكون امكانية التلوّث اقل.
برهن پاستور على نحو مقنع من خلال اختبارات كهذه ان الحياة لا تأتي إلّا من حياة موجودة قبلا. فهي لا تأتي ابدا الى الوجود تلقائيا، اي وحدها.
-
-
لويس پاستور — ما كشفه عملهاستيقظ! ١٩٩٦ | كانون الاول (ديسمبر) ٨
-
-
ان الجدل حول تولُّد الحياة التلقائي، الذي خاضه پاستور وخرج منه منتصرا، لم يكن مجرد مماحكة علمية. وكان اكثر من نقطة شيِّقة يناقشها بعض العلماء او المفكِّرين في ما بينهم. لقد كانت له اهمية اعظم — شمل ادلة متعلِّقة بوجود اللّٰه.
قال فرانسوا داڠونييه، فيلسوف فرنسي متخصِّص في العلوم: «اعتقدَ خصوم [پاستور] الماديون والملحدون على السواء انه يمكنهم ان يبرهنوا ان الكائنات الحية المؤلفة من خلية واحدة يمكن ان تأتي من جُزيئات متحلِّلة، مما سمح لهم باستبعاد اللّٰه كخالق. لكن، بالنسبة الى پاستور، لم يكن الانتقال من الميت الى الحيّ امرا ممكنا.»
والى اليوم لا تزال الادلة من الاختبارات، التاريخ، علم الاحياء، علم الآثار، وعلم الانسان، تُظهر ما برهنه پاستور — ان الحياة لا يمكن ان تأتي من مادة جامدة، بل من حياة موجودة قبلا. وتظهر الادلة ايضا بوضوح ان الحياة تتكاثر ‹كجنسها› كما تذكر رواية الكتاب المقدس في التكوين. فالذرية هي دائما من ‹الجنس،› او النوع، عينه للوالدين. — تكوين ١:١١، ١٢، ٢٠-٢٥.
فمن خلال عمله، قدَّم لويس پاستور، عن قصد او غير قصد، ادلّة وشهادة قوية تدحض نظرية التطوّر وتؤكد الضرورة المطلقة لوجود خالق سبَّب ظهور الحياة على الارض. وقد عكَس عمله ما اعترف به صاحب المزمور المتواضع: «اعلموا ان الرب هو اللّٰه. هو صنعنا [«لا نحن انفسنا،» عج].» — مزمور ١٠٠:٣.
-