مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • المكان الذي تحتله النشاطات الرياضية
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | آب (‏اغسطس)‏ ٢٢
    • المكان الذي تحتله النشاطات الرياضية

      يجري وصف الخالق العظيم في الكتاب المقدس بصفته ‹الاله السعيد،‏› وهو يريد ان تكون خلائقه سعيدة.‏ (‏١ تيموثاوس ١:‏١١‏،‏ ع‌ج‏)‏ لذلك لا يجب ان يكون مدهشا انه خلق البشر بالقدرة على التمتع باللعب.‏ وهكذا تخبر دائرة المعارف البريطانية:‏ «ان تاريخ النشاطات والألعاب الرياضية هو جزء من تاريخ الانسان.‏»‏

      يقال ان ظهور الكرة كان العامل الاهم في تاريخ الألعاب الرياضية.‏ «الملاحظة ان الحيوانات تتمتع بالوثب مع اللُّعَب،‏» تقول دائرة المعارف المقتبس منها آنفا،‏ «تقترح انه ربما لم يكن هنالك وقت .‏ .‏ .‏ لم يجرِ فيه الركض وراء او رمي بديل للكرة.‏»‏

      وعلى نحو مثير للاهتمام،‏ استُعملت ايضا اداة منذ زمن طويل لضرب الكرة.‏ «كانت هنالك بالتأكيد ألعاب تستعمل مِضربا مارسها الفرس،‏ اليونان،‏ والهنود الاميركيون،‏» تذكر دائرة المعارف البريطانية.‏ «الپولو،‏ كلمة من اصل تيبتي،‏ كانت على نحو واضح معروفة جيدا في شكل ما لدى الفرس في زمن داريوس الاول (‏حكم ٥٢٢-‏٤٨٦ ق‌م)‏.‏ والغولف،‏ على الرغم من ادعاء اسكتلندا انها ابتكرت شكلها العصري،‏ كان لديها اسلاف محترمون في الازمنة الرومانية وفي بلدان اوروپية كثيرة.‏»‏

      التشديد الباكر على الألعاب الرياضية

      قبل مئات السنين من اتمام كتابة الاسفار العبرانية (‏«العهد القديم»)‏،‏ كانت النشاطات الرياضية المنظَّمة شائعة.‏ مثلا،‏ كانت الألعاب الرياضية تُعقد كل اربع سنوات في أولِمپيا القديمة،‏ اليونان.‏ تخبر دائرة المعارف البريطانية:‏ «هنالك سجلات عن الابطال في أولِمپيا من ٧٧٦ ق‌م الى ٢١٧ ب‌م،‏» او لألف سنة تقريبا!‏ والألعاب الأولمپية كانت مهمة جدا في الحياة اليونانية بحيث جرى قياس الوقت بها،‏ اذ ان كل جزء من الوقت المؤلف من اربع سنوات بين الألعاب الرياضية دُعي أولمپيادا.‏ وهكذا،‏ بحسب الطريقة الباكرة لحساب الوقت،‏ وُلد يسوع المسيح خلال الأولمپياد الـ‍ ١٩٤.‏

      لا تقول الاسفار العبرانية شيئا عن الألعاب الرياضية المنظَّمة،‏ على الرغم من ان احد الانبياء يتكلم عن ‹اسواق [أورشليم كونها] تمتلئ من الصبيان والبنات لاعبين.‏› (‏زكريا ٨:‏٥‏)‏ وقبل ولادة يسوع بأكثر من مئة سنة أُدخلت المباريات الرياضية اليونانية الى اسرائيل.‏ فأُنشئ الجمنازيوم في أورشليم،‏ وأهمل بعض الكهنة ايضا واجباتهم لكي ينهمكوا في الألعاب الرياضية.‏ —‏ ٢ المكابيين ٤:‏١٢-‏١٥ .‏

      وأوغسطس قيصر،‏ الامبراطور الروماني في الوقت الذي وُلد فيه يسوع،‏ كان مولعا بالألعاب الرياضية،‏ فصارت الألعاب الرياضية شائعة في روما.‏ ولكنّ المباريات التي اثارت حقا المواطنين الرومانيين قاطبة كانت تلك التي شملت القتال،‏ كالملاكمة والمصارعة.‏ وغالبا ما انحطت هذه «النشاطات الرياضية» الى مباريات عنف وإراقة دم فيها كان يجري تحريض الرجال واحدهم ضد الآخر او ضد الحيوانات في قتال حتى الموت.‏

      النشاطات الرياضية في «العهد الجديد»‏

      ولكنّ اساءة استعمال رهيبة كهذه للنشاطات الرياضية لم تعنِ ان القيام بها امر خاطئ.‏ فلا نقرأ ابدا في الاسفار المقدسة ان يسوع او اتباعه يدينون الألعاب الرياضية او القيام بها.‏ وبدلا من ذلك،‏ غالبا ما استعمل الرسل نواحي بارزة منها لايضاح نقاط تعليمية.‏

      مثلا،‏ من الواضح ان الرسول بولس تذكَّر سباقات الجري المقدمة في الألعاب الأولمپية عندما شجع المسيحيين:‏ «ألستم تعلمون ان الذين يركضون في الميدان جميعهم يركضون ولكنّ واحدا يأخذ الجعالة.‏ هكذا اركضوا لكي تنالوا.‏» واضاف:‏ «كل من يجاهد يضبط نفسه في كل شيء.‏ اما اولئك فلكي يأخذوا إكليلا يفنى واما نحن فإكليلا لا يفنى.‏» —‏ ١ كورنثوس ٩:‏٢٤،‏ ٢٥‏.‏

      وفي مناسبة اخرى،‏ قال بولس ان المسيحي يجب ان يركض بتصميم ان يربح جائزة الحياة.‏ «أسعى نحو الغرض لاجل جعالة دعوة اللّٰه العليا،‏» كتب.‏ (‏فيلبي ٣:‏١٤‏)‏ وفضلا عن ذلك،‏ عندما اوضح الحاجة الى الالتصاق بقوانين الحياة الادبية،‏ ذكَّر بولس تيموثاوس:‏ «إن كان احد يجاهد (‏حتى في الألعاب الرياضية)‏ لا يكلَّل إن لم يجاهد قانونيا.‏» (‏٢ تيموثاوس ٢:‏٥‏)‏ وكتب الرسول بطرس ان الرعاة المسيحيين الذين يتمِّمون مسؤولياتهم ‹سينالون إكليل المجد الذي لا يبلى.‏› —‏ ١ بطرس ٥:‏٤‏.‏

      لا شك ان تيموثاوس الحدث كان منهمكا في رعاية المسيحيين الاحداث الذين تمتَّعوا بالنشاطات الرياضية.‏ لذلك كتب اليه بولس ان «الرياضة الجسدية [كجِمْنازيّ] نافعة لقليل،‏» معترفا بالتالي ان التمارين الجمنازية التي مارسها اليونان بشدة لها بعض الفوائد.‏ «ولكن،‏» اضاف بولس بسرعة،‏ «التقوى نافعة لكل شيء اذ لها موعد الحياة الحاضرة والعتيدة.‏» —‏ ١ تيموثاوس ٤:‏٨‏؛‏ انظروا ترجمة الملكوت ما بين السطور للاسفار اليونانية.‏

      المكان الملائم للتمرين

      وهكذا تشير الاسفار المقدسة ان التمرين الجسدي يمكن ان يحتل مكانا ملائما في الحياة.‏ ولكن هنالك حاجة الى الاتزان،‏ الى التعقل.‏ «ليكن (‏تعقلكم)‏ معروفا عند جميع الناس،‏» كتب بولس.‏ (‏فيلبي ٤:‏٥‏)‏ ولكن كم يكون صعبا ان نبلغ هذا الاتزان!‏

      بالغ اليونان الباكرون في التشديد على الألعاب الرياضية،‏ وقدَّم الرومان انواعا آذت المساهمين بالاضافة الى اولئك الذين تمتَّعوا بالمشاهد الدموية.‏ ومن ناحية اخرى،‏ قمع البعض باسم الدين الألعاب الرياضية وحظّروها ايضا.‏ علَّقت دائرة المعارف البريطانية الجديدة:‏ «المواقف الپيوريتانية للقرن الـ‍ ١٧ قلَّلت من مقدار اللهو في اوروپا واميركا.‏»‏

      واختبرت النشاطات الرياضية مؤخرا ولادة جديدة ربما لم يماثلها شيء قط في التاريخ.‏ «بعد حالة الجو،‏» تقول دائرة معارف الكتاب العالمي،‏ «يتكلم الناس على الارجح عن النشاطات الرياضية اكثر مما يتكلمون عن اي موضوع آخر.‏» حتى ان النشاطات الرياضية تُدعى «مخدِّر الجماهير.‏»‏

      فما هي بعض المشاكل التي خلقتها مثل هذه الحماسة للنشاطات الرياضية؟‏ هل تعانون انتم او عائلتكم اية تأثيرات مضادة نتيجة لذلك؟‏ كيف يمكنكم ان تبقوا النشاطات الرياضية في مكانها الملائم؟‏

  • المشاكل في النشاطات الرياضية اليوم
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | آب (‏اغسطس)‏ ٢٢
    • المشاكل في النشاطات الرياضية اليوم

      اعتاد الناس ان يحتجوا ان النشاطات الرياضية هي ذات قيمة لانها تبني الشخصية.‏ وادَّعوا ان الألعاب الرياضية تعزِّز التقدير للعمل الشاق،‏ الروح الرياضية،‏ والتمتع باللعب.‏ ولكن بالنسبة الى كثيرين اليوم،‏ تبدو حجج كهذه فارغة وحتى ريائية.‏

      ان التشديد على الفوز هو على نحو خصوصي مشكلة.‏ ومجلة سڤنتين تدعو ذلك:‏ «الجانب المظلم اكثر للنشاطات الرياضية.‏» ولماذا؟‏ السبب،‏ اذ نقتبس من المجلة،‏ ان «الفوز يُبطل الاهتمامات بشأن الاستقامة،‏ الدراسة،‏ الصحة،‏ السعادة،‏ ونواحي الحياة الاخرى الاكثر اهمية.‏ الفوز يصير كل شيء.‏»‏

      ان اختبار كاثي اورمزبي،‏ نجمة سباقات المضمار والميدان الخاصة بالكليات في الولايات المتحدة،‏ استُخدم ليوضح العواقب المحزنة للمبالغة في التشديد على الانجاز الرياضي.‏ ففي ٤ حزيران ١٩٨٦،‏ بعد اسابيع قليلة من تسجيلها الرقم القياسي للنساء الخاص بالكليات القومية في سباق الجري لمسافة ٠٠٠‏,١٠ متر،‏ انحرفت كاثي بعيدا عن الطريق فيما كانت تشترك في مباريات البطولة لـ‍ NCAA (‏الاتحاد الرياضي للكليات القومية)‏،‏ ركضت الى جسر قريب،‏ وقفزت في محاولة انتحار.‏ لقد نجت،‏ ولكنها شُلَّت من الخصر الى اسفل.‏

      لاحظ سكوت پنڠِلي،‏ عالم نفساني يعالج اللاعبين الرياضيين،‏ ان كاثي ليست فريدة.‏ فبعد محاولة كاثي الانتحار،‏ اخبر پنڠِلي:‏ «تلقيت مكالمات هاتفية تقول،‏ ‹اشعر بالطريقة نفسها.‏›» واللاعبة الرياضية الاخرى،‏ ماري وازِتِر من جامعة جورجتاون،‏ التي سجلت الرقم القياسي في فريق قومي من العمر نفسه لسباق نصف ماراثون،‏ حاولت ايضا الانتحار بالقفز من على جسر وشُلَّت مدى الحياة.‏

      ان الضغط للفوز،‏ للعيش وفق التوقعات،‏ يمكن ان يكون هائلا،‏ وعواقب الفشل يمكن ان تكون مدمِّرة.‏ دوني مور،‏ قاذف لامع في فريق «كاليفورنيا آينجلز،‏» كان في ضربة واحدة سيتمكن من جعل فريقه يشترك في السلسلة العالمية لألعاب البايسبول سنة ١٩٨٦.‏ ولكن ضارب الكرة في فريق بوسطن حقَّق ضربة خوَّلته تسجيل جرية كاملة،‏ وتابع فريق بوسطن ليفوز باللعبة وبطولة النوادي الاميركية.‏ ودوني،‏ الذي استنادا الى اصدقائه استحوذ فشله عليه،‏ اطلق النار وقتل نفسه.‏

      التنافس الشديد

      والمشكلة في النشاطات الرياضية اليوم ذات العلاقة هي التنافس الشديد.‏ وليس مبالغة القول ان المتنافسين قد يتحولون،‏ في الواقع،‏ الى وحوش.‏ عندما كان بطلَ ملاكمة من الوزن الثقيل،‏ قال لاري هومز انه يجب ان يتغيَّر عندما يدخل الى الحلبة.‏ «يجب ان اترك الصلاح خارجا،‏» أوضح،‏ «وأُدخل كل الرديء،‏ كمن له جانبان للشخصية جانب جيد وآخر رديء.‏» ويطوِّر اللاعبون الرياضيون دافعا استحواذيا في محاولة لمنع الآخرين ذوي المقدرة المتساوية من الانتصار عليهم.‏

      ‏«لا بد ان تكون لديكم روح التنافس الشديد هذه في داخلكم،‏» قال ذات مرة مدرِّب سابق لكرة القدم الاميركية،‏ «وليس هنالك شيء يشعل هذه الروح كالكره.‏» وحتى رئيس الولايات المتحدة السابق رونالد ريڠن اخبر ذات مرة كما يقال فريق كرة القدم الاميركية لاحدى الكليات:‏ «يمكنكم ان تشعروا بنوع جيد من الكره نحو خصمكم.‏ انه نوع جيد من الكره لانه رمزي فقط في اللباس الرياضي.‏» ولكن هل يكون جيدا حقا ان ننمي الكره نحو الخصم؟‏

      بوب كوزي،‏ لاعب كرة سلة من النجوم المشهورين السابقين لفريق «بوسطن سِلْتيكس،‏» اخبر ذات مرة عن تعيينه لمنع ديك بارْنِت،‏ لاعب يسجِّل نقاطا عالية لفريق «لوس انجلوس لِيْكِرْس،‏» من تسجيل اصابات.‏ «جلست في غرفتي من الصباح الى المساء،‏» قال كوزي.‏ «وكل ما فعلته كان التفكير في بارنِت،‏ متأمِّلا من جهة في الطريقة التي سأنافسه بها ومنمِّيا من جهة اخرى الكره نحوه.‏ عندما تقدمت الى الملعب،‏ كنت منفعلا جدا الى حد انه لو قال لي بارنِت ‹يومك سعيد› كنت سأرفسه على الارجح في اسنانه.‏»‏

      والواقع هو ان اللاعبين غالبا ما يحاولون عمدا جعل خصمهم عاجزا،‏ وتجري مكافأتهم على فعلهم ذلك.‏ قال آيرا بركاو،‏ محرر رياضي في صحيفة،‏ ان لاعب كرة القدم الاميركية الذي يتمكن من ضرب لاعب خصم بعنف حتى لا يتمكن من متابعة اللعب تجري «معانقته ومصافحته [من قبل زملائه في الفريق] لان العمل جرى القيام به جيدا.‏ واذا سدَّد ما يكفي من تلك الضربات المؤذية،‏ .‏ .‏ .‏ تجري مكافأته في نهاية الموسم إما براتب متزايد او،‏ للاعبين الثانويين،‏ باستخدام اضافي.‏ لذلك يفتخر اللاعبون بألقابهم كما لو انه علِّقت على صدرهم أوسمة،‏ مثل جو ڠرين المتوحش،‏ جاك تايتوم (‏السفّاك)‏،‏» وهلم جرا.‏ —‏ ذا نيويورك تايمز،‏ ١٢ كانون الاول ١٩٨٩.‏

      روى فرِد هِرون،‏ لاعب دفاع في فريق «سانت لويس» لكرة القدم الاميركية،‏:‏ «قال لنا المدرِّبون ان لاعب الجزء الخلفي [لفريق كليڤلند براونز] لديه رقبة ضعيفة.‏ واقترحوا انه،‏ اذا حصلتُ على فرصة،‏ يجب ان احاول وضعه خارج اللعبة.‏ لذلك اخترقت الخط خلال اللعبة،‏ اجتزت الوسط ولاعب الوسط،‏ وهناك كان واقفا.‏ حاولت ان اخلع رأسه بذراعي،‏ ففقد السيطرة على الكرة.‏ كان زملائي في الفريق يمدحونني.‏ ولكنني شاهدت لاعب الجزء الخلفي على الارض بألم واضح.‏ وفجأة فكرت في نفسي،‏ ‹هل تحولت الى نوع حيوان معيَّن؟‏ هذه لعبة،‏ ولكنني احاول ان اجعل الشخص عاجزا.‏›» ولكن،‏ لاحظ هِرون:‏ «كان الحشد يحتفون بي.‏»‏

      يرثي كثيرون الاصابات الناتجة عن التنافس الشديد بصفتها مشكلة رئيسية في النشاطات الرياضية اليوم.‏ ومن المؤسف ان الملايين من هذه الاصابات تشمل الاولاد الذين يجري ادخالهم في وقت مبكر من الحياة في لعب تنافسي على نحو شديد.‏ وبحسب «لجنة امن انتاج المستهلك للولايات المتحدة،‏» كل سنة تجري معالجة اربعة ملايين ولد في غرف الطوارئ بسبب اصابات النشاطات الرياضية وما يقدَّر بثمانية ملايين اضافيين تجري معالجتهم من قبل اطباء العائلة.‏

      ويتألم اولاد كثيرون الآن من اللعب المفرط عقب الاصابات،‏ الامر الذي نادرا ما كان يُرى في السنوات الابكر.‏ فعندما كان يلعب الاولاد من اجل اللهو فقط،‏ كانوا يذهبون الى البيت عندما يتأذون ولا يلعبون ثانية حتى يتوقف التقرّح او الالم.‏ ولكن،‏ في النشاطات الرياضية المنظَّمة والتنافسية على نحو شديد،‏ غالبا ما يستمر الاولاد في اللعب،‏ مؤذين اجزاء الجسم المتقرِّحة او المتألمة قبلا.‏ وبحسب رامي البايسبول اللامع السابق روبن روبرتس،‏ فإن الراشدين هم السبب الرئيسي للمشكلة.‏ «انهم يضعون ضغطا كبيرا جدا —‏ نفسيا وجسديا —‏ على الاولاد قبل استعدادهم لذلك بزمن طويل.‏»‏

      المال والغش

      وثمة مشكلة اخرى في النشاطات الرياضية هي ان المال صار الاهتمام الغالب.‏ فالجشع عوضا عن الروح الرياضية واللعب القانوني يبدو الآن انه يسود النشاطات الرياضية.‏ «براءة النشاطات الرياضية،‏ يؤسفنا القول،‏ زالت كاملا خلال ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠،‏» يرثي محرر ذا دنڤر پوست جاي ماريوتي.‏ «انها تختال في التسعينات كقوة وحشية في حضارتنا،‏ عملاق على نحو لا يصدق،‏ صناعة بتريليونات الدولارات (‏وفي الواقع،‏ ١‏,٦٣ بليون [الف مليون] دولار،‏ الصناعة الثانية والعشرين الكبرى في اميركا)‏ بحيث توصف احيانا بشكل افضل انها تجارة مخادعة.‏»‏

      وفي السنة الماضية فإن ١٦٢ لاعب بايسبول للنوادي الرئيسية في الولايات المتحدة —‏ اكثر من ١ من كل ٥ منهم —‏ حصَّلوا اكثر من مليون دولار لكل واحد،‏ بذروة راتب زاد مقداره على ثلاثة ملايين دولار.‏ والآن،‏ بعد سنة،‏ سيُدفع لأكثر من ١٢٠ لاعبا اكثر من مليوني دولار لكل واحد،‏ بمن فيهم ٣٢ سيجمع كل واحد منهم اكثر من ثلاثة ملايين دولار،‏ وعلى الاقل سيكسب الفرد اكثر من خمسة ملايين دولار،‏ من ١٩٩٢ حتى ١٩٩٥ كل سنة!‏ وطلب المال والرواتب العالية يصير شائعا في النشاطات الرياضية الاخرى ايضا.‏

      وحتى في النشاطات الرياضية للكليات،‏ يكون التشديد في اغلب الاحيان على المال.‏ وتجري مكافأة مدرِّبي الفرق الرابحة بسخاء،‏ اذ يكسبون ما يبلغ مليون دولار في السنة في الرواتب ورسوم التجيير.‏ والمدارس التي تكون فرقها لكرة القدم الاميركية مؤهلة لمباريات نهاية السنة للفرق المختارة بصفة خاصة في الولايات المتحدة تنال ملايين كثيرة من الدولارات —‏ ٥٥ مليونا في احدى السنوات الاخيرة.‏ «فرق كرة القدم الاميركية وكرة السلة يجب ان تكسب المال،‏» يوضح جون سلوتِر رئيس كلية،‏ «ويجب ان يفوزوا ليكسبوا المال.‏» ويؤدي ذلك الى حلقة مفرغة حيث يصير الفوز هاجسا —‏ بعواقب وخيمة.‏

      وبما ان اعمال لاعبي الكرة المحترفين تعتمد على الفوز،‏ فغالبا ما يفعلون اي شيء تقريبا ليفوزوا.‏ «لم تعد رياضة،‏» يقول نجم البايسبول السابق رستي ستاوب.‏ «انها تجارة فاسدة مادية.‏» فالغش منتشر.‏ «اذا كنتم لا تغشون،‏ فأنتم لا تحاولون ان تفوزوا،‏» يوضح لاعب المنطقة الخارجية للبايسبول تشيلي دايڤس.‏ «تفعلون ما تستطيعون اذا كان بامكانكم الافلات من العقوبة،‏» يقول لاعب المنطقة الداخلية لفريق «نيويورك مِتْ» هاورد جانسن.‏

      وهكذا يجري اضعاف الشخصية الادبية،‏ وهذه مشكلة كبيرة ايضا في النشاطات الرياضية للكليات.‏ «بعض المدرِّبين والمديرين الرياضيين يغشون،‏» يعترف هارولد ل.‏ إنرسن،‏ رئيس سابق لـ‍ «جامعة ولاية أوهايو،‏» «في حين يتجاهل الرؤساء والمؤتمنون ذلك عمدا.‏» وفي احدى السنوات الاخيرة،‏ جرت معاقبة ٢١ جامعة في الولايات المتحدة من قبل «الاتحاد الرياضي للكليات القومية» لسبب المخالفات،‏ ويجري التحقيق مع ٢٨ جامعة اخرى.‏

      فليس مدهشا ان تنهار قيم اللاعبين الاحداث،‏ التي هي مشكلة رئيسية اخرى في النشاطات الرياضية اليوم.‏ واستعمال المخدرات لتعزيز الانجاز الرياضي شائع،‏ ولكن الحصول على الثقافة لا يكون غالبا كذلك.‏ فثمة دراسة هامة تؤكد ان اللاعبين في حرم الجامعة الذين لديهم برامج رياضية رئيسية يصرفون وقتا في الاشتراك في رياضتهم خلال الفصل اكثر مما يصرفون في الدرس وحضور الصف.‏ ووجدت دراسة فدرالية ايضا ان اقل من ١ من كل ٥ لاعبين انما يتخرجون من ثلث الكليات والجامعات الاميركية التي لديها برامج رئيسية لكرة السلة للرجال.‏

      وحتى اللاعبون الرياضيون الطلاب القليلون الذين ينجحون اخيرا في النشاطات الرياضية الاحترافية ويكسبون رواتب جيدة غالبا ما يصيرون شخصيات بارزة مأساوية.‏ فهم غير قادرين على التصرف في مواردهم المالية ومواجهة الحياة بواقعية.‏ وتراڤِس وليمز الذي مات في شباط الماضي هذا فقيرا بلا بيت بعمر ٤٥ سنة هو مجرد مثال واحد.‏ ففي سنة ١٩٦٧،‏ فيما كان يلعب مع فريق «ڠرين باي پاكرز» لكرة القدم الاميركية،‏ سجل الرقم القياسي القائم حتى الآن في كرة القدم الاميركية للمحترفين في الولايات المتحدة،‏ اذ ركض رادّا ركلات البدء باللعب بمعدل ١‏,٤١ ياردة (‏٦‏,٣٧ م)‏.‏ وذكر ذات مرة انه عندما كان في الكلية «لم يكن يلزمه قط ان يذهب الى الصف.‏ إنما كان يذهب من اجل التدرّب والألعاب الرياضية.‏»‏

      المشاكل المتعلقة بالمُشاهد

      يصرف الناس اليوم من الوقت في مشاهدة النشاطات الرياضية اكثر بكثير من القيام بها،‏ مما انتج مشاكل مهمة.‏ اولا،‏ الذهاب الى الألعاب الرياضية غالبا ما يشمل التعرض للتصرف الفاحش وحتى العنيف من قبل المشاهدين الآخرين.‏ فالمعارك شائعة في الجو المشحون عاطفيا لبعض المباريات الرياضية،‏ ويصاب المئات والبعض يقتلون في اثناء الحضور.‏

      ولكنّ معظم مشاهدي اليوم لا يكونون حاضرين جسديا في المباريات الرياضية؛‏ فهم يشاهدونها على التلفزيون.‏ وفي الولايات المتحدة،‏ تخصِّص قناة للنشاطات الرياضية يدوم بثها ٢٤ ساعة وقتا للبرامج الرياضية اليومية اكثر مما تخصِّصه اية شبكات رئيسية لنشرات الاخبار اليومية!‏ ولكن هل مشاهدة النشاطات الرياضية في بيوتنا الخاصة خالية من المشاكل؟‏

      بالتأكيد لا.‏ «طوال سنوات كان زوجي يعرف كل فرد رياضي محترف،‏» توضح احدى النساء،‏ «وهو ليس حالة فريدة على الاطلاق.‏ قليلون هم رفقاؤه الذين لا يشاهدون النشاطات الرياضية على اساس قانوني.‏ والجريمة الكبرى التي تشمل هذا النشاط،‏» تقول هذه المرأة،‏ «هي التأثير الذي له في الاولاد.‏» وتضيف:‏ «امتعض من ان زوجي يستخدم وقته الشخصي لمشاهدة النشاطات الرياضية دون الاعتبار لي او للاولاد.‏»‏

      تشكٍّ فريد؟‏ كلا على الاطلاق.‏ ففي الأسر في اماكن كثيرة من العالم،‏ هنالك اعضاء عائلات يصرفون الكثير جدا من الوقت في مشاهدة النشاطات الرياضية مما يؤدي الى اهمال اعضاء الأسرة الآخرين.‏ وتشير ربة منزل برازيلية الى عاقبة خطيرة:‏ «المحبة والثقة بين الزوج والزوجة يمكن ان تضعفا تدريجيا،‏ مما يضع الزواج في خطر.‏»‏

      والمتحمسون للنشاطات الرياضية غالبا ما يكونون غير متزنين بطرائق اخرى ايضا.‏ فهم عادة يؤلِّهون اللاعبين،‏ الامر الذي يراه اللاعبون انفسهم انه مشكلة.‏ «عندما دخلت بلدتي،‏ وقف الناس هناك وحدَّقوا إليّ كما لو انهم يتوقعون البركات من البابا،‏» ذكر نجم كرة المضرب الالماني بورِس بِكِرْ.‏ «وعندما نظرت الى عيون المعجَبين بي .‏ .‏ .‏ اعتقدت انني انظر الى وحوش.‏ فعيونهم كانت ثابتة وليس فيها حياة.‏»‏

      لا شك في ذلك،‏ فالنشاطات الرياضية يمكن ان تكون قوة مغنطيسية تخلق الاثارة والولاء القوي.‏ والناس لا يُفتتنون بعمل اللاعبين الجماعي واعمال المهارة فحسب بل ايضا بعدم يقينية نتيجة اللعبة.‏ فهم يريدون ان يعرفوا من الذي سيفوز.‏ وعلاوة على ذلك،‏ تقدم النشاطات تلهية للملايين عما يمكن ان يكون بالنسبة اليهم حياة رتيبة.‏

      ولكنْ،‏ هل يمكن ان تجلب النشاطات الرياضية السعادة للناس؟‏ هل هنالك فوائد حقيقية يمكن ان تزوِّدها؟‏ وكيف يمكنكم تجنب المشاكل المتعلقة بها؟‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٩]‏

      دين النشاطات الرياضية

      احتج توم سينكلر فوكنر الكندي ان «الهوكي» على الجليد «هي اكثر من لعبة في كندا:‏ انها تعمل كدين بالنسبة الى كثيرين.‏» وهذا نموذج للموقف الذي يظهره متحمسون كثيرون للنشاطات الرياضية،‏ مهما كان المكان الذي يعيشون فيه.‏

      مثلا،‏ تُلقَّب النشاطات الرياضية في الولايات المتحدة بـ‍ «دين دنيوي مقبول.‏» والعالم النفساني للنشاطات الرياضية دايڤيد كوكس لاحظ ان «هنالك الكثير من الصلات بين النشاطات الرياضية وتعريف القاموس للدين.‏» فبعض «الناس يعاملون اللاعبين الرياضيين كما لو انهم آلهة او قديسون،‏» اضاف السيد كوكس.‏

      والمتعصبون للنشاطات الرياضية يصنعون تضحيات كبيرة،‏ مخصِّصين الوقت والمال لرياضتهم،‏ وفي الغالب على حساب عائلاتهم.‏ ويخصِّص المعجَبون ساعات لا تحصى لمشاهدة المباريات الرياضية على التلفزيون.‏ ويلبسون بفخر ألوان فريقهم ويعرضون علنا شعارات النشاطات الرياضية.‏ ويغنون اغاني باستمتاع حماسي وينشدون بصوت عالٍ اناشيد تثبت هويتهم كمؤيِّدين لرياضتهم.‏

      ويصلّي لاعبون رياضيون كثيرون ايضا من اجل بركة اللّٰه قبل اللعبة ويجثون على ركبتيهم من اجل صلاة شكر بعد تسجيل هدف.‏ ففي مباراة كأس العالم لسنة ١٩٨٦،‏ نسب نجم كرة قدم ارجنتيني هدفه الى يد اللّٰه.‏ وكبعض المتدينين،‏ لُقِّب المتعصبون للنشاطات الرياضية بـ‍ «المتزمِّتون الجازمون.‏» وادى هذا التعصب الى معارك دموية واحيانا مميتة بين المعجَبين المتنافسين.‏

      وعلى نحو مماثل للدين الباطل،‏ فإن «الدين الدنيوي» للنشاطات الرياضية يزوِّد «قديسين،‏» تقاليد،‏ ذخائر،‏ وشعائر لاتباعه المتعطشين ولكنه لا يمنح معنى حقيقيا او دائما لحياتهم.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      غالبا ما يجري جعل اللاعبين عاجزين

      ‏[الصورة في الصفحة ٨]‏

      مشاهدة النشاطات الرياضية على التلفزيون يمكن ان تسبب الخلاف العائلي

  • إبقاء النشاطات الرياضية في مكانها الملائم
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | آب (‏اغسطس)‏ ٢٢
    • إبقاء النشاطات الرياضية في مكانها الملائم

      عندما يقوم الناس بنشاطاتهم الرياضية المفضَّلة،‏ يشعرون بالابتهاج اذ تتجاوب اجسادهم وتنجز اعمال المهارة او الاحتمال.‏ فاللّٰه خلقنا لنتمتع بالنشاط الجسدي.‏ وربما يحصل المزيد من الناس ايضا على المتعة من جراء مشاهدة الآخرين يلعبون.‏ لذلك فان النشاطات الرياضية تكون كالامور الكثيرة الجيدة عندما تبقى في مكانها الملائم.‏

      وللايضاح:‏ عندما يذهب الناس الى الشاطئ ليتمتعوا بالشمس،‏ ماذا يحدث اذا تعرَّضوا كثيرا للشمس؟‏ يعانون حَرْق الشمس المؤلم الذي يفسد الوقت الطيب ويخلق ايضا مجازفات خطيرة.‏ والامر مماثل مع النشاطات الرياضية.‏ فالقليل جيد،‏ ولكنّ التعرض المفرط يمكن ان يكون مؤذيا.‏

      يمكن ان تكون النشاطات الرياضية استرخاء ولهوا ممتازين،‏ ولكن لا يجب ان تكون الهدف الوحيد.‏ انها لا تجلب الاكتفاء الحقيقي او السعادة الدائمة.‏ ومن المؤسف ان الامر احيانا يتطلب مأساة ليدرك الشخص ذلك.‏ «كل جوائزي وميدالياتي،‏ ليس لها اهمية،‏» اوضحت ماري وازِتِر،‏ اللاعبة الرياضية التي قفزت من على جسر وشُلَّت.‏

      ‏«تعلَّمت حقائق كثيرة عن الحياة،‏» اخبرت.‏ «احداها هي ان الاكتفاء الحقيقي لا يجري بلوغه بالطرائق التي يجاهد بها الكثير جدا من الناس من اجل الكمال والانجاز.‏ فالاكتفاء بالنسبة اليّ لم يأتِ من الصيرورة طالبة من الدرجة الاولى،‏ عدّاءة بطولة الولاية او صاحبة شخصية جذابة.‏»‏

      واذ ركَّز على الامور بخشونة الى حد ما،‏ ذكر العالم الاجتماعي جون ويتْوِرْث:‏ «في نهاية اللعبة،‏ كل ما تملكونه هو قائمة من الاحصاءات.‏ وكل ذلك يبدو بالاحرى عديم الجذور.‏ ولكنني افترض ان ذلك يطابق مجتمعنا.‏» فالاهمية غير الملائمة التي تُعلَّق على النشاطات الرياضية اليوم تبعد كل شيء عن المنظورية الصحيحة.‏

      بعد فوزه في سباق الجري لمسافة ٢٠٠ متر في الألعاب الأولمپية لسنة ١٩٦٤،‏ اوضح هنري كار:‏ «اذ ركبت عائدا الى القرى الأولمپية،‏ ألقيت نظرتي الحقيقية الاولى على الميدالية الذهبية.‏ .‏ .‏ .‏ وسألت نفسي فعلا:‏ ‹ما هذا!‏ طوال كل هذه السنوات كنت اعمل جاهدا،‏ ولكي انال هذه؟‏› كنت غضبانا،‏ في الوقت الذي يجب ان اكون فيه سعيدا.‏ لقد كانت خيبة امل حقيقية.‏» وشعر مارلِن ستارلينڠ على نحو مماثل بعد ان فاز ببطولة اتحاد الملاكمة العالمي للوزن المتوسط في سنة ١٩٨٧.‏ «لقب البطولة،‏» ذكر،‏ «لا يقارن بقولي الطفولي،‏ ‹احبك،‏ يا ابي.‏›»‏

      وهكذا ثمة درس حقيقي يمكن تعلّمه:‏ العمل المثمر،‏ العائلة،‏ وخصوصا العبادة للّٰه يجب ان تأخذ حقا الاولوية.‏ والكتاب المقدس صحيح عندما يقول:‏ «التدريب الجسدي [الذي تزوده النشاطات الرياضية] نافع لقليل.‏»‏ (‏١ تيموثاوس ٤:‏٨‏،‏ ع‌ج‏)‏ ويشير ذلك الى المكان الملائم للنشاطات الرياضية في حياتنا.‏ فيجب ان تكون في المكان الثانوي.‏ وبما ان النشاطات الرياضية يمكن ان تكون فاتنة جدا،‏ لا بد ان يكون الشخص يقظا دائما لكي لا يجري اهمال الامور الاكثر اهمية.‏

      لذلك،‏ على نحو حكيم،‏ كونوا حسّاسين اذا تشكَّى اعضاء العائلة من انكم تخصِّصون الكثير جدا من الوقت للتحدث عن النشاطات الرياضية،‏ مشاهدتها،‏ او القيام بها.‏ فاحدى النساء،‏ التي صنع زوجها تعديلات في اهتمامه بالنشاطات الرياضية،‏ ذكرت شاكرة:‏ «انه الآن يصرف المزيد من الوقت مع الاولاد ومعي.‏ واحيانا تشاهد عائلتنا لعبة رياضية على التلفزيون،‏ ولكن في معظم الامسيات نسير معا ونتحدث عن احداث اليوم.‏ وهذا مسرّ جدا ويساعدنا على البقاء سعداء.‏»‏

      نظرا الى المشاكل المحتملة،‏ لمَ لا تواجهون باستقامة السؤال:‏ هل يمكن انني اخصِّص وقتا للنشاطات الرياضية واهتماما بها اكثر مما يجب؟‏ ولكن،‏ هنالك نواح اخرى لمسألة إبقاء النشاطات الرياضية هذه في المكان الملائم.‏

      ماذا عن المنافسة؟‏

      لكي تكون الألعاب الرياضية نافعة بدلا من ان تكون مؤذية،‏ ثمة موقف ملائم من المنافسة هو مهم.‏ «المدرِّبون،‏ معلِّمو الجِمْناسْتيك،‏ الوالدون،‏ والاولاد انفسهم صاروا مصمِّمين جدا على الفوز حتى انهم ينسون ما هو هدف النشاطات الرياضية [للاحداث]،‏» رثى طبيب لفريق هوكي محترف.‏ فهدف النشاطات الرياضية،‏ قال،‏ يجب ان يكون «تطوير العمل الجماعي والتأديب،‏ بناء اللياقة البدنية،‏ والأهم من ذلك كله،‏ نيل المتعة.‏»‏

      ولكن،‏ من المحزن ان التشديد على الفوز أفسد المتعة بالنسبة الى كثيرين.‏ ذكر العالم النفساني للنشاطات الرياضية بروس اوڠِلڤي:‏ «قابلت ذات مرة المبتدئين [لاعبي السنة الاولى] في ١٠ مخيمات بايسبول للنوادي الرئيسية و ٨٧ في المئة منهم قالوا انهم يتمنون لو لم يشتركوا قط في البايسبول للنوادي الصغيرة لان ذلك يزيل المتعة مما هو لعبة مسلية.‏» وثمة مشكلة ذات علاقة هي ان التنافس الشديد يساهم في العدد المرتفع للاصابات.‏

      يزود الكتاب المقدس خطوطا ارشادية،‏ قائلا:‏ «لا نكن معجبين (‏محرضين بعضنا بعضا على المنافسة‏)‏ ونحسد بعضنا بعضا.‏» (‏غلاطية ٥:‏٢٦‏)‏ وبحسب المعاجم اليونانية الانكليزية،‏ فإن الكلمة اليونانية المنقولة هنا الى «محرضين .‏ .‏ .‏ على المنافسة» تعني «يسبب،‏» «يدعو الى قتال او خصام مع امرئ.‏» وهكذا فإن ترجمة اميركية لديها الترجمة:‏ «لا نتحدَّ بغرورنا واحدنا الآخر.‏» وتقدم حاشية ترجمة العالم الجديد البديل:‏ «مجبرين واحدنا الآخر على تصفية الحساب.‏»‏

      من الواضح،‏ اذًا،‏ ان التحريض على المنافسة ليس حكيما.‏ انه لا يخلق علاقات جيدة.‏ فإذا أُجبرتم على تصفية الحساب وهُزمتم،‏ وتباهى الفائز بالنتيجة،‏ يمكن ان يكون الاختبار مذلاّ.‏ فموقف المنافسة على نحو شديد هو عديم المحبة.‏ (‏متى ٢٢:‏٣٩‏)‏ وفي الوقت نفسه،‏ اذا بقيت المنافسة على مستوى ودي ولطيف،‏ يمكن ان تساهم في اهمية ومتعة اللعبة.‏

      وقد يرغب البعض في البحث عن طرائق للقيام بالنشاطات الرياضية على نحو يقلِّل من عنصر المنافسة.‏ «انا مؤمن راسخ بالرياضة من اجل الرياضة حتى عمر ١٣ او ١٤،‏» قال مدرِّب كرة قدم انكليزي.‏ واوصى بعدم حفظ سجلات للنتائج او لمرتبة الفِرَق —‏ «لا درجات،‏ لا مباريات نهائية.‏» نعم،‏ ان التشديد على الفوز يجب حقا ان يُقلَّل او يُزال كاملا.‏

      الموقف من اللاعبين الرياضيين

      إبقاء النشاطات الرياضية في مكانها الملائم يشمل ايضا موقفنا من اللاعبين الرياضيين الموهوبين والمشهورين.‏ وعلى نحو مفهوم،‏ فقد نُعجَب بمقدراتهم الرياضية واعمالهم البطولية المذهلة.‏ ولكن هل يجب ان يؤلَّهوا؟‏ غالبا ما تجري رؤية الاحداث يعرضون الاعلانات الكبيرة لمثل هؤلاء اللاعبين الرياضيين في غرفهم.‏ فهل انجازات مثل هؤلاء الاشخاص تجعلهم حقا يستحقون الاكرام؟‏ ربما تكون الحالة عكس ذلك تماما.‏

      ثمة لاعب جديد في فريق البطولة لـ‍ «نادي كرة القدم الاميركية القومية» كان ينظر في بادئ الامر باعجاب الى الكثير من زملائه في الفريق.‏ ولكنّ سلوكهم وموقفهم،‏ قال،‏ «ازالا كاملا كل المشاعر والاحترام الذي كان لي نحوهم.‏» وأوضح:‏ «مثلا،‏ يقولون:‏ ‹كانت لي علاقة جنسية مع خمس فتيات الاسبوع الماضي،‏ دون ان يشمل ذلك زوجتي.‏› فنظرت الى الشخص وفكرت في نفسي:‏ ‹هذا هو الشخص الذي كنت اؤلِّهه.‏›»‏

      حقا،‏ من غير الملائم ان نؤلِّه اي انسان،‏ ويصح ذلك خصوصا في اولئك الذين يتفوَّقون في نشاط يقول الكتاب المقدس ان له منفعة قليلة او محدودة.‏ ويجري حث خدام اللّٰه ان ‹يهربوا من عبادة الاوثان.‏› —‏ ١ كورنثوس ١٠:‏١٤‏.‏

      كيف تكون النشاطات الرياضية نافعة

      كما لاحظنا،‏ يقول الكتاب المقدس ان التدريب الجسدي،‏ كالذي نحصل عليه في النشاطات الرياضية،‏ «نافع لقليل.‏» (‏١ تيموثاوس ٤:‏٨‏)‏ فبأية طرائق يكون الامر كذلك؟‏ وكيف يمكن ان تنتفعوا من النشاطات الرياضية؟‏

      شدَّد الطبيب اليوناني للقرن الثاني جالينوس،‏ الطبيب الشخصي للامبراطور الروماني ماركوس اوريليوس،‏ على اهمية التمرين من اجل الصحة العامة.‏ وأوصى بألعاب الكرة،‏ لان هذه تمرِّن كل الجسم بطريقة طبيعية.‏ وألعاب الكرة ايضا ممتع عادة القيام بها،‏ لذلك يكون مرجحا ان يقوم الشخص بهذه الألعاب التي يتمتع بها اكثر مما ينهمك في اشكال التمرين الاخرى.‏

      ويجد كثيرون ان التمرين الناتج عن النشاطات الرياضية يمنحهم احساسا بالعافية.‏ فبعد تمرين او لعبة مثيرين،‏ يشعرون بالتجدد والانتعاش.‏ ولكنّ ذلك لا يجب ان يكون مدهشا،‏ كما يقول الدكتور دورِثي هارِس،‏ لان «التمرين هو افضل مهدئ طبيعي.‏»‏

      والتمرين الجسدي،‏ كالذي تزوده الألعاب الجمبازية،‏ العدو المتمهِّل،‏ والألعاب الرياضية،‏ يُعترف اليوم عموما انه مهم للصحة الجيدة.‏ «الناس السلماء جسديا ينجزون مهماتهم العادية بسهولة دون تعب ويملكون ايضا الطاقة لاهتمامات اخرى،‏» تذكر دائرة معارف الكتاب العالمي.‏ «ويمكن ايضا ان يكونوا قادرين على مقاومة تأثيرات الشيخوخة على نحو افضل من اولئك الذين هم غير سلماء جسديا.‏»‏

      ومع ذلك،‏ بصرف النظر عن الطريقة التي بها يمكن للنشاطات الرياضية ان تساعد المرء على الصيرورة سليما جسديا،‏ فإن الفائدة محدودة.‏ ولا يمكن إحباط الشيخوخة والموت بالجهود البشرية.‏ ولكن،‏ بعد قوله ان «التدريب الجسدي نافع لقليل،‏» يذكر الكتاب المقدس:‏ «أما التعبد التقوي فنافع لكل شيء،‏ اذ يقدم الوعد بالحياة الآن وتلك التي ستأتي.‏» —‏ ١ تيموثاوس ٤:‏٨‏،‏ ع‌ج.‏

      ان يهوه اللّٰه،‏ خالقنا،‏ وحده يمكنه ان يمنحنا الحياة.‏ لذلك،‏ لا شيء اكثر اهمية من «التعبد التقوي،‏» اي التوقير،‏ العبادة،‏ والخدمة للّٰه.‏ وهكذا فإن اولئك الذين يمارسون التعبد التقوي سيكون فعل مشيئة اللّٰه اولوية لهم.‏ وسيبذلون انفسهم في خدمة اللّٰه،‏ مستخدمين حداثتهم كما فعل يسوع المسيح،‏ مخبرين الآخرين عن الامور الصالحة المتعلقة باللّٰه وملكوته.‏

      نعم،‏ بوضع مصالح اللّٰه اولا،‏ يمكن ان يفوز البشر برضاه ويحصلوا على الحياة الى الابد في عالمه الجديد البار.‏ وهناك سيمنحهم الاله السعيد،‏ يهوه،‏ السعادة والاكتفاء الحقيقيين والدائمين.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة