مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • وبأ الاولاد الذين يختبرون الاجهاد
    استيقظ!‏ ١٩٩٣ | تموز (‏يوليو)‏ ٢٢
    • وبأ الاولاد الذين يختبرون الاجهاد

      ‏«راندي!‏»‏ صرخت ريتا،‏ مذعورة مما رأته عن بُعد فيما كانت تقترب من منزلها.‏ فهناك كان ابنها راندي،‏ متدلِّيا جزئيا من نافذة غرفة النوم للطابق العلوي،‏ على ارتفاع ٢٥ قدما ‏(‏٨ م)‏ من الباحة الاسمنتية.‏ سمع لاري،‏ داخل المنزل،‏ صراخ زوجته الهستيري فهرع الى العمل.‏ وإذ صعد الدرج بسرعة بالغة،‏ وثب الى غرفة النوم وأمسك بـ‍ راندي،‏ مدخلا اياه سالما.‏ احتاج والدا راندي الى اجوبة سريعة.‏ «لماذا فعلتَ ذلك؟‏ لماذا؟‏»‏ سألاه غير مصدِّقَين.‏ «كان يمكن ان تتأذَّى؛‏ كان يمكن ان تُقتل!‏» «اردتُ ان اموت،‏» اجاب راندي دون مبالاة.‏ كان راندي بعمر خمس سنوات فقط.‏

      من كل الظواهر الخارجية،‏ كان راندي صبيّا طبيعيا يتمتع بالصحة.‏ وما من احد شك انه داخليا اراد ان يموت.‏ لكنَّ الارشاد النفسي اللاحق كشف ان راندي ولد يختبر اجهادا شديدا.‏

      مثل راندي،‏ إن عددا لا يُحصى من الاولاد اليوم هم ضحايا اضطراب هائل.‏ واذ لا يستطيع البعض ان يجدوا طرائق سليمة لمعالجة ضيقهم،‏ يحاولون عبثا ان يكبتوا قلقهم.‏ لكنَّ الاجهاد المكبوت يجد في آخر الامر مَخرَجا.‏ بالنسبة الى البعض،‏ يؤدي القلق الذي لا يمكن تسويته بالتحادث الى مرض جسدي او تصرف منحرف.‏ وبالنسبة الى آخرين،‏ يتحول الاجهاد الى الداخل بأعمال مهلِكة للذات،‏ بما في ذلك جروح يوقعها المرء بنفسه،‏ اضطرابات في الاكل،‏ اساءة استعمال المواد التي تسبب الادمان،‏ وحتى الانتحار.‏ يعلِّق الاولاد في ازمة:‏ «ان الكثير من هذه المشاكل —‏ وخصوصا الانتحار —‏ كان يُعتبر في الماضي مجالا يقتصر على الراشدين والمراهقين الاكبر سنا.‏ والآن يبدو انه يتغلغل في الصغار جدا.‏»‏

      ‏‹كيف يمكن ان يحدث ذلك؟‏› يسأل راشدون مندهشون.‏ ‹أليست الطفولة وقت اللُّعَب واللَّعِب،‏ وقت الضحك واللهو؟‏› بالنسبة الى اولاد كثيرين يكون الجواب لا.‏ يدَّعي الدكتور جوليوس سيڠَل:‏ «ان كون الطفولة وقتا للمُتَع التامة هو امر خيالي يختلقه الراشدون.‏» وهذا الواقع المحزن يؤكِّده الاختصاصي في معالجة الاولاد جوزيف لوپو:‏ «مارست مهنتي طوال خمس وعشرين سنة.‏ واليوم ارى ما يبلغ اربعة اضعاف من المرضى المكتئبين الاولاد والمراهقين.‏»‏

      فما الذي يسبِّب مثل هذا الاجهاد الذي لم يسبق له مثيل في الاولاد؟‏ ما هي علامات التحذير؟‏ وكيف يمكن مساعدة الاولاد الذين يختبرون الاجهاد؟‏ ان هذه الاسئلة ستُعالَج في المقالات التالية.‏

  • اشخاص صغار،‏ حالات اجهاد كبيرة
    استيقظ!‏ ١٩٩٣ | تموز (‏يوليو)‏ ٢٢
    • اشخاص صغار،‏ حالات اجهاد كبيرة

      ‏«احزان الاولاد صغيرة بالتأكيد،‏ لكنَّ الولد هو كذلك.‏» —‏ پيرسي بيش شَلي.‏

      انظروا الى صورة القُبَّعة الرسمية في الاسفل.‏ من الوهلة الاولى،‏ تبدو القُبَّعة اطول من عرض الكفاف.‏ لكنَّ الارتفاع والعرض،‏ في الواقع،‏ متساويان.‏ فيمكن بسهولة ان يحصل خطأ في تقدير الأبعاد.‏

      وبالسهولة نفسها تماما،‏ يُخطئ الراشدون في تقدير أبعاد اجهاد الولد.‏ ‹ان مشاكل الاولاد تافهة جدا،‏› يفكر البعض.‏ لكنَّ هذا التفكير خدَّاع.‏ «فالراشدون لا يجب ان يحكموا في المشاكل بحسب حجمها،‏» يحذِّر كتاب اجهاد الاولاد!‏،‏ «بل بحسب حجم الالم الذي تنتجه.‏»‏

      في حالات كثيرة يكون مقدار ألم الولد اعظم مما يدرك الراشدون.‏ وذلك اكَّدته دراسة طُلب فيها من الوالدين ان يقدِّروا حالة اولادهم العاطفية.‏ فأجاب جميعهم تقريبا ان اولادهم «سعداء جدا.‏» ولكن،‏ عندما سُئلوا منفردين عن والديهم،‏ وَصَف معظم الاولاد انفسهم بأنهم «غير سعداء» وحتى «تعساء.‏» فالاولاد يواجهون مخاوف يقلِّل الوالدون الى حد كبير من شأنها.‏

      وفي دراسة اخرى،‏ اجراها الدكتور كاوورو ياماموتو،‏ طُلب من فريق من الاولاد ان يقدِّروا درجة ٢٠ حادثة في الحياة بحسب مقياسٍ للاجهاد مؤلف من سبع درجات.‏ وبعد ذلك قدَّر فريق من الراشدين درجة هذه الحوادث نفسها وفقا للطريقة التي بها شعروا بأن الولد سيقدِّر درجتها.‏ فأخطأ الراشدون في تقدير ١٦ مادة من الـ‍ ٢٠!‏ «كلنا نعتقد اننا نعرف اولادنا،‏» يستنتج الدكتور ياماموتو،‏ «لكننا حقا غالبا ما لا نرى او نسمع،‏ ولا نفهم،‏ ما يزعجهم حقا.‏»‏

      لا بد ان يتعلم الوالدون ان ينظروا الى اختبارات الحياة من وجهة نظر جديدة:‏ من خلال عينَيْ ولد.‏ (‏انظروا الاطار.‏)‏ وذلك اساسي وخصوصا اليوم.‏ فالكتاب المقدس انبأ مسبقا انه «في الايام الاخيرة ستكون هنالك ازمنة اجهادٍ كبير خطرة .‏ .‏ .‏ صعبة المعالجة وصعبة الاحتمال.‏» (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١‏،‏ الكتاب المقدس الموسَّع‏)‏ والاولاد ليست لديهم مناعة من اجهاد كهذا؛‏ ففي اغلب الاحيان،‏ يكونون ضحاياه الرئيسيين.‏ وفيما تكون بعض حالات اجهاد الاولاد مجرد حالات «شبابية،‏» تكون حالات اخرى غير عادية تماما وتستحق انتباها خصوصيا.‏ —‏ ٢ تيموثاوس ٢:‏٢٢‏.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٥]‏

      من خلال عينَي ولد

      موت والد = الشعور بالذنب.‏ اذ يتذكَّر افكار الغضب المؤقتة نحو الوالد،‏ يمكن ان يُضمر الولد شعورا مكتوما بالمسؤولية.‏

      الطلاق = التخلِّي.‏ يقول منطق الولد انه اذا كان بإمكان الوالدَين ان يتوقفا عن محبة احدهما الآخر،‏ يمكن ايضا ان يتوقَّفا عن محبته.‏

      الكحولية = التوتر.‏ تكتب كلوديا بلاك:‏ «المحيط اليومي من الخوف،‏ التخلِّي،‏ الانكار،‏ التقلُّب،‏ والعنف الحقيقي او المحتمَل الذي يعزِّزه المنزل الكحولي ليس محيطا عمليا وصحيا.‏»‏

      شجار الوالدَين = الخوف.‏ كشفت دراسة لـ‍ ٢٤ تلميذا ان شجار الوالدَين مُجهِد جدا بحيث ان نوبات التقيُّؤ،‏ عرَّة الوجه العصبية،‏ فقدان الشعر،‏ خسارة الوزن او زيادته،‏ وحتى القرحة كانت نتائج ذلك.‏

      الانجاز بشكل افضل من المتوقَّع = التثبط.‏ «حيثما يتوجه الاولاد،‏» تكتب ماري سوزَن ميلر،‏ «يبدو انهم يركضون من اجل حياتهم في سباقات نظَّمها لهم الراشدون.‏» فإذ يُضغط عليه ليكون الافضل في المدرسة،‏ في البيت،‏ وحتى في اللَّعِب،‏ فإن الولد لا يربح ابدا،‏ والسباق لا ينتهي ابدا.‏

      المولود الجديد = الخسارة.‏ اذ يلزمه الآن ان يقاسم غيرَه الانتباهَ والمودَّةَ الابويَّين،‏ يمكن ان يشعر الولد بأنه خسر والدا بدلا من انه كسب شقيقا.‏

      المدرسة = قلق الانفصال.‏ بالنسبة الى آمي،‏ كان ترك امها والذهاب الى المدرسة كمعاناة ألم الموت كل يوم.‏

      الاخطاء = الذلّ.‏ بتصوُّرهم المتقلقل للذات،‏ «يغلب على [الاولاد] اعتبار بعض الامور مشاكل خطيرة اكثر بكثير مما هي عليه فعلا،‏» تقول الدكتورة آن إپستاين.‏ وقد وجدت ان الذلّ كان احد الدوافع الاكثر شيوعا لانتحار الاولاد.‏

      الاعاقات = التثبط.‏ الى جانب سخرية النظراء العديمي الرأفة،‏ قد يلزم الولد المعاق جسديا او عقليا ان يحتمل عدم صبر المعلِّمين وأعضاء العائلة الذين يعبِّرون عن خيبة املهم بشأن ما هو فوق مقدرته.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٤]‏

      قُبَّعة رسمية عتيقة الطراز

  • الوالدون المسيئون —‏ مسبِّبو الاجهاد الى ابعد حد
    استيقظ!‏ ١٩٩٣ | تموز (‏يوليو)‏ ٢٢
    • الوالدون المسيئون —‏ مسبِّبو الاجهاد الى ابعد حد

      ‏«بسبب حيازة [الاولاد] اطارا مرجعيا صغيرا خارج العائلة،‏ تصير الامور التي يتعلَّمونها في البيت عن انفسهم والآخرين حقائق عامة مطبوعة عميقا في عقولهم.‏» —‏ الدكتورة سوزَن فورورد.‏

      يمكن للخزَّاف ان يأخذ كتلة لا شكل لها من الطين،‏ يضيف الماء بكميات مناسبة،‏ ويصوغها في شكل اناء جميل.‏ وبطريقة مماثلة،‏ يصوغ الوالدون نظرة الولد الى نفسه والى العالم على السواء.‏ وبالمحبة،‏ الارشاد،‏ والتأديب،‏ ينمو الولد ليصير راشدا متَّزنا.‏

      لكنَّ الانطباعات في عقل الولد وقلبه غالبا ما يصوغها والدون مسيئون.‏ فالاساءة العاطفية،‏ الجسدية،‏ والجنسية تخلق نماذج تفكير مشوَّهة تصير متأسِّسة بشكل راسخ ويصعب صوغها ثانية.‏

      الاساءة العاطفية

      يمكن للكلمات ان تضرب بشكل اقوى من اللَّكمات.‏ «لا اذكر يوما لم تقل لي [امي] فيه انها تتمنى لو انني لم اولد قط،‏» يقول جايسون.‏ وتعبِّر كارِن:‏ «كان يجري دائما جعلي افهم انني رديئة او غير جيدة كفاية.‏»‏

      يصدق الاولاد عادة ما يُقال ضدهم.‏ فإذا قيل لصبي باستمرار انه احمق،‏ فعندئذ يمكن اخيرا ان يشعر بأنه احمق.‏ واذا قلتم لفتاة انها عديمة القيمة،‏ فقد تصدق ذلك تماما.‏ فالاولاد لديهم نظرة محدودة وفي الغالب لا يمكنهم ان يميزوا ما هو صحيح مما هو مبالغ فيه الى حد الاساءة او خاطئ.‏

      الاساءة الجسدية

      يتذكر جو اباه المسيء جسديا:‏ «كان يبتدئ بلكمي حتى يدفعني الى الحائط.‏ وكان يواصل ضربي بعنف شديد بحيث افقد الوعي .‏ .‏ .‏ والجزء المريع اكثر في ذلك هو انه لم يكن يُعرف على الاطلاق ما يثير انفجاراته!‏»‏

      كان ابو جايك يضربه بصورة منتظمة.‏ وفي احدى المرات التي ضُرب فيها،‏ عندما كان جايك بعمر مجرد ست سنوات،‏ انكسرت ذراعه.‏ «لم اكن اجعله او اجعل اخواتي او امي يرونني ابكي،‏» يتذكر جايك.‏ «كان ذلك المفخرة الوحيدة التي بقيت لي.‏»‏

      يذكر كتاب اقوياء في الاماكن المحطَّمة ان الاساءة الجسدية في الطفولة تشبه «التعرُّض لحادث سيارة كل يوم،‏ كل اسبوع او كل شهر.‏» ومثل هذه الاساءة تعلِّم الولد ان العالم غير آمن وأنه لا يمكن الوثوق بأحد.‏ وفضلا عن ذلك،‏ ان العنف يولِّد في الغالب العنف.‏ «إن لم تجرِ حماية الاولاد من المسيئين اليهم،‏» تحذِّر مجلة تايم،‏ «فعندئذ سيلزم يوما ما حماية الشعب من الاولاد.‏»‏

      الاساءة الجنسية

      بحسب احد التقديرات،‏ بحلول الوقت الذي فيه يصيرون في الـ‍ ١٨ من العمر،‏ يكون ١ من كل ٣ فتيات و ١ من كل ٧ فتيان قد أُجبر على الخضوع لاختبار جنسي.‏ ومعظم هؤلاء الاولاد يتألمون بصمت.‏ و«كالجنود المفقودين في القتال،‏» يذكر كتاب الاولاد في ازمة،‏ «يبقون مفقودين طوال سنوات في دغل خاص من الخوف والشعور بالذنب.‏»‏

      ‏«كم كرهت ابي بسبب اساءته اليَّ وكم شعرت بالذنب بسبب كرهي له،‏» تقول لويز.‏ «شعرت بخجل كبير لأن الولد يُفترض ان يحب والدَيه وأنا لم اكن كذلك دائما.‏» ان مثل هذه المشاعر المشوِّشة يمكن فهمها عندما يتحول الحامي الرئيسي للولد الى مرتكب الجرم.‏ تسأل بڤرلي إنجِل في الحق في البراءة:‏ «كيف يمكننا ان نعترف بأن والدنا،‏ الشخص الذي يُفترض ان يحبنا ويعتني بنا،‏ يمكن ان يكون عديم الاهتمام بنا الى هذا الحد؟‏»‏

      والاساءة الجنسية يمكن ان تشوِّه نظرة الولد بكاملها الى الحياة.‏ «كل راشد جرى التحرُّش به كولد يحمل من طفولته او طفولتها مشاعر غالبة بأنه عاجز على نحو ميؤوس منه،‏ عديم القيمة،‏ وفي الحقيقة سيئ،‏» تكتب الدكتورة سوزَن فورورد.‏

      انها لا تزول

      ‏«ليس فقط جسد الولد هو الذي يُساء اليه او يُستخَف به،‏» تكتب الباحثة ليندا ت.‏ سانفورد.‏ «فالعائلات المضطربة تسيء الى عقل الولد.‏» فعندما يُساء الى الولد،‏ إما عاطفيا،‏ جسديا،‏ او جنسيا،‏ يمكن ان يكبر هو او هي شاعرا بأنه غير محبوب وعديم القيمة.‏

      كان جايسون،‏ المذكور سابقا،‏ يعاني من مثل هذا النقص في احترام الذات كراشد بحيث أُعلن انه شخص يجازف في الانتحار.‏ فإذ وضع نفسه بلا ضرورة في حالات تهدِّد الحياة،‏ قيَّم حياته كما كانت امه قد علَّمته:‏ ‹ما كان يجب قط ان تولد.‏›‏

      واذ يفكر في تأثيرات الاساءة اليه جسديا كولد،‏ يقول جو:‏ «انها لا تزول لمجرد انكم تركتم المنزل او تزوَّجتم.‏ فأنا دائما خائف من شيء ما،‏ وأكره نفسي بسبب ذلك.‏» فالتوتر في الأُسَر المسيئة جسديا يجعل اولادا كثيرين يكبرون بتوقُّعات سلبية ودفاعات متشدِّدة تسجن عوضا عن ان تحمي.‏

      وبالنسبة الى كاني،‏ خلق سفاح القربى صورة ذاتية مشوَّهة ترسَّخت في سن البلوغ:‏ «لا ازال افكر في كثير من الاوقات ان الناس يمكن ان ينظروا الى داخلي مباشرة ويروا كم انا مثيرة للاشمئزاز.‏»‏

      ان كل اشكال الاساءة تعلِّم دروسا سامة يمكن ان تصير راسخة عميقا بحلول سن البلوغ.‏ صحيح ان ما يجري تعلُّمه يمكن محوه.‏ فعدد لا يُحصى من الناجين الذين تعافَوا من الاساءة في الطفولة يشهدون على هذا الواقع.‏ ولكن كم يكون افضل لو يدرك الوالدون انهم،‏ من وقت ولادة ولدهم،‏ يحدِّدون الكثير من مفهومه لنفسه وللعالم.‏ فالخير الجسدي والعاطفي للولد هو الى حد كبير في ايدي الوالدين.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      يمكن للكلمات ان تضرب بشكل اقوى من اللَّكمات

  • تمييز علامات الاجهاد في ولدكم
    استيقظ!‏ ١٩٩٣ | تموز (‏يوليو)‏ ٢٢
    • تمييز علامات الاجهاد في ولدكم

      ‏«نادرا ما تكون مشاعر الاجهاد بلا سبب ظاهر:‏ انها عادةً ردود فعل لحوادث او ظروف خاصة.‏» —‏ الدكتورة ليليان ج.‏ كاتز.‏

      اذ يقود طائرة في ليلة قاتمة كثيرة الضباب،‏ كيف يمكن للطيَّار ان يرى المكان الذي يتجه اليه؟‏ انه يعتمد على الاشارات من الاقلاع الى الهبوط.‏ فأكثر بكثير من مئة اداة تحتل اللوحات في مقصورة القيادة لطائرة كبيرة،‏ تنقل كلٌّ منها المعلومات الرئيسية وتنذر الطيَّار بالمشاكل المحتمَلة.‏

      والنموّ في عالمنا الملآن من الاجهاد يشبه الطيران في عاصفة.‏ فكيف يمكن ان يعزِّز الوالدون طيرانا هادئا من الطفولة الى الرشد؟‏ بما ان اولادا كثيرين لا يتكلمون عن اجهادهم،‏ فلا بد ان يتعلَّم الوالدون تمييز العلامات.‏

      الجسم «يتكلم»‏

      يُبلِغ الجسم في اغلب الاحيان عن اجهاد الولد.‏ فردود الفعل النفسية الجسدية،‏ بما في ذلك المشاكل في المعدة،‏ الصداع،‏ التعب،‏ الاضطرابات في النوم،‏ والمشاكل في التخلُّص من فضلات الجسم،‏ يمكن ان تكون علامات ان شيئا ما خاطئ.‏a

      كان فقدان سَمع شارون ذروة فترة من الوحدة الشديدة.‏ وعندما ذهبت آمي الى المدرسة،‏ حرَّض مَعَصَ معدتها الخوفُ من انفصالها عن امها.‏ ونتج الإمساك عند جون من التوتر من جراء مشاهدة القتال العنيف بين والدَيه.‏

      وكان للتحرُّش الجنسي عواقب جسدية في آشلي البالغة من العمر عشر سنوات.‏ تذكر:‏ «اتذكر انني لم اذهب الى المدرسة طوال اسبوع [بعد الاغتصاب] لانني كنت مريضة.‏» ويوضح كتاب عندما يجري التحرُّش بولدكم:‏ «ان عبء اختبار التحرُّش يمكن ان يُجهد الولد حتى يصير سقيما.‏» وبين العلامات الجسدية المحتمَلة لرضٍّ كهذا هي أضرار في اعضاء الجسم،‏ ألم اثناء التخلُّص من فضلات الجسم،‏ آلام متكررة في المعدة،‏ صداع،‏ وآلام في العظام والعضلات ليس لها ايّ سبب ظاهر.‏

      عندما يبدو المرض نفسيا جسديا،‏ يجب ان يأخذ الوالدان العلامة بجدية.‏ «لا يهم ما اذا كان الولد يتظاهر ام لا،‏» تقول الدكتورة ألِس هونيڠ.‏ «المهم هو المشكلة الضمنية.‏»‏

      الاعمال تتكلَّم بصوت اعلى من الكلمات

      ان التغيير المفاجئ في التصرف يكون في الغالب نداءً للمساعدة.‏ يذكر كتاب التعبير عن الاسى بالكلمات:‏ «عندما يبتدئ تلميذ جيد بالحصول على علامات رسوب،‏ يستحق ذلك الانتباه،‏ ويصح الامر نفسه عندما يتحول ولد كان سابقا مثيرا للمتاعب الى ملاك.‏»‏

      ان نمط الكذب المفاجئ لـ‍ تيمي البالغ من العمر سبع سنوات ابتدأ عندما صارت امه منهمكة كليا في عملها.‏ والتصرف الفظّ المفاجئ لـ‍ أدام البالغ من العمر ست سنوات كان اساسه مشاعرَ القصور في المدرسة.‏ وعودة كارل البالغ من العمر سبع سنوات الى سَلَس البول الليلي اظهرت توقه الشديد الى التقبُّل الابوي،‏ الذي بدا الآن انه تحوَّل الى اخته الاصغر سنا.‏

      وسلوك اهلاك الذات مُقلِق بشكل خاص.‏ فالحوادث المتكررة لـ‍ سارة البالغة من العمر اثنتي عشرة سنة لم يكن ممكنا ان تُنسَب الى مجرد عمل اخرق.‏ فمنذ طلاق والدَيها،‏ كان إيذاء نفسها الطريقة التي استعملَتْها لاشعوريا في محاولة لاسترداد عاطفة ابيها المفقودة.‏ وسواء كان ذلك بسيطا كالجروح الثانوية الموقَعة ذاتيا او خطيرا كمحاولة الانتحار،‏ فإن العدوان المتحوِّل الى الداخل من خلال سلوك اهلاك الذات هو علامة اجهاد شديد.‏

      التكلم من القلب

      ‏«من فضلة القلب يتكلم الفم،‏» قال يسوع المسيح.‏ (‏متى ١٢:‏٣٤‏)‏ فالقلب الذي تسوده المشاعر السلبية يكشفه عادة ما يقوله الولد.‏

      ‏«ان الاولاد الذين يأتون الى البيت قائلين ‹لا احد يحبني› يخبرونكم حقا انهم لا يحبون انفسهم،‏» تقول الدكتورة لورين ستِرن.‏ ويمكن ان يصحّ الامر نفسه في التباهي.‏ فعلى الرغم من التعبير حسب الظاهر عن نقيض النقص في احترام الذات،‏ يمكن ان يكون التفاخر بإنجازات حقيقية او خيالية محاولةً للتغلب على مشاعر القصور العميقة.‏

      صحيح ان كل الاولاد يمرضون،‏ يسيئون التصرف احيانا،‏ ويختبرون دوريا عدم الرضى عن انفسهم.‏ ولكن عندما تشكِّل مثل هذه المشاكل نمطا ولا يكون سبب مباشر واضحا،‏ يجب ان يفكر الوالدون مليا في معنى العلامات.‏

      بعد فحص انماط التصرف الطفولي لستة مراهقين أقدَموا على هجوم عنيف للغاية،‏ ذكرت ماري سوزَن ميلر:‏ «كل العلامات كانت هناك.‏ فالصبيان كانوا يعربون عنها في انماط حياتهم طوال سنوات،‏ ولكن ما من احد اظهر ايّ انتباه.‏ فالراشدون رأوا،‏ ولكنهم لم يُبالوا.‏»‏

      والآن اكثر من ايّ وقت مضى،‏ لا بد ان يكون الوالدون متيقظين لتمييز علامات اجهاد الطفولة واتخاذ اجراء بشأنها.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a بخلاف وسواس المرض،‏ الذي يشمل وعكات خيالية،‏ ان المرض النفسي الجسدي حقيقي.‏ لكنَّ سببه عاطفي بدلا من جسدي.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٨]‏

      الاجهاد في الرحم؟‏

      حتى الجنين يمكن ان يكتشف الاجهاد،‏ الخوف،‏ والقلق الذي تنقله امه من خلال التغييرات الكيميائية في الدم الجاري.‏ «ان الجنين الذي ينمو يشعر بكل توتُّر تشعر به المرأة الحامل،‏» تكتب ليندا بِرد فرانڠكي في النشوء والوالدان مطلَّقان.‏ «فمع ان الجهازَين العصبيَّين للجنين والمرأة ليسا متَّصلَين مباشرة،‏ هنالك علاقة بين الاثنين تسير باتجاه واحد لا يمكن ان تُقطع.‏» وهذا يمكن ان يوضح لماذا يعاني،‏ بحسب مجلة تايم،‏ ما يقدَّر بـ‍ ٣٠ في المئة من الاطفال الذين يبلغ عمرهم ١٨ شهرا وأصغر مشاكل تتعلق بالاجهاد تتراوح بين الانسحاب العاطفي وعُصاب القلق.‏ وتختتم فرانڠكي:‏ «ان الاطفال الذين يولدون لنساء غير سعيدات وحزينات غالبا ما يكونون هم انفسهم غير سعداء وحزانى.‏»‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٩]‏

      عندما يحاول الولد ان ينتحر

      «ماذا يحدث اذا نمتُ طوال مئة سنة؟‏» سألت لِتي اباها.‏ فظنَّ انه سؤال طفولي.‏ لكنَّ لِتي لم تكن تهزل.‏ فبعد عدة ايام أُدخلت الى المستشفى بسبب ابتلاعها زجاجة كاملة من الحبوب المنوِّمة.‏

      ماذا يجب ان تفعلوا اذا فكَّر ولدكم في الانتحار او حاول فعلا ان ينتحر؟‏ «اطلبوا مساعدة سريعة من اختصاصي،‏» يحث كتاب الكآ‌بة —‏ ما يجب ان تعرفه العائلات.‏ «فمعالجة حالات انتحار محتمَلة ليست عمل غير المحترفين،‏ ولا حتى اولئك الذين يهتمون الى حد كبير بالشخص المكتئب.‏ فقد تعتقدون انكم اقنعتم عضو عائلتكم بعدم الانتحار في حين ان كل ما يفعله او تفعله هو ملازمة الصمت وإبقاء كل المشاعر في الداخل الى ان تنفجر بنتائج مروِّعة.‏»‏

      وبالمعالجة الصحيحة،‏ يكون هنالك امل في الولد الذي يحاول ان ينتحر.‏ «معظم الاشخاص الذين يحاولون الانتحار لا يريدون في الحقيقة ان يقتلوا انفسهم،‏» يذكر الكتاب المقتبس منه آنفا.‏ «انهم يريدون فقط ان يوقفوا الأذى.‏ ومحاولاتهم هي صرخة من اجل المساعدة.‏» وفي الجماعة المسيحية،‏ يمكن للوالدين الحيارى في معالجة الميول الانتحارية ان ينالوا الدعم الحبّي والنصيحة الجيدة المؤسسة على الاسفار المقدسة من الشيوخ.‏

  • ساعدوا اولادكم للتغلب على الاجهاد
    استيقظ!‏ ١٩٩٣ | تموز (‏يوليو)‏ ٢٢
    • ساعدوا اولادكم للتغلب على الاجهاد

      ‏«كثيرون من الاولاد لا يجدون احدا في المنزل —‏ جسديا او عاطفيا —‏ عندما يحتاجون الى التكلم.‏» —‏ الكآ‌بة —‏ ما يجب ان تعرفه العائلات.‏

      دُعيت العائلة بحق مختبرا عاطفيا.‏ فهي مركز ابحاث فيه يختبر الولد معتقداته،‏ يلاحظ النتائج،‏ ويبتدئ بالتوصل الى استنتاجات معينة بشأن الحياة.‏ فكيف يمكن ان يضمن الوالدون ان اولادهم يُجرون اختبارا اساسيا كهذا في محيط سليم بدلا من مُجهِد؟‏

      أَصغوا

      ان كتاب الولد في ازمة يحث الوالدين:‏ «أَبقوا الحوار مفتوحا.‏» فبصفته حبل الانقاذ بين الوالد والولد،‏ يكون الحوار اساسيا وخصوصا عندما يكون هنالك نوع معيَّن لحادث رضِّي في العائلة.‏ لا تفترضوا ابدا ان الولد بسبب صمته،‏ لا يختبر رد فعل مضادا او انه يتكيَّف.‏ فربما كان يحبس مشاعر القلق والألم بصمت،‏ كما فعلت فتاة بعمر سبع سنوات زاد وزنها ٣٠ پاوندا (‏١٥ كلڠ)‏ في الاشهر الستة التي تلت انفصال والدَيها.‏

      والكلمة «حوار» تشير الى حديث يشمل متكلِّمَين او اكثر.‏ لذلك،‏ لا يجب ان يقوم الوالد بكل المحادثة.‏ طلب ريك وسو المشورة عندما طوَّر ابنهما البالغ من العمر ست سنوات تصرُّفا فظًّا في البيت تعذَّر ضبطه.‏ وبعد الاجتماع بالعائلة كلها،‏ لاحظ المُشير شيئا.‏ قال:‏ «كان الوالدان يحلِّلان كل شيء من ناحية عقلية،‏ بإيضاحات طويلة وفي الغالب تتجاوز الحدّ.‏» وتابع:‏ «بالاضافة الى ذلك،‏ كان يغلب على الوالدَين احتكار المحادثة،‏ وأمكنني ان ارى صيرورة الاولاد عديمي الصبر.‏» من المفيد ان ندَع الولد يعبِّر عن نفسه.‏ (‏قارنوا ايوب ٣٢:‏٢٠‏.‏)‏ فإذا لم يستطع ان يوضح بالمحادثة مشاكله عندما تنشأ،‏ فقد يعبِّر عنها بالعمل لاحقا.‏ —‏ قارنوا امثال ١٨:‏١‏.‏

      والحوار مهم عندما يكون التأديب لازما.‏ فكيف يشعر الولد بشأن التقويم؟‏ هل يفهم سبب منحه؟‏ بدلا من القول للولد كيف يجب ان يشعر،‏ اكتشفوا ما في قلبه.‏ حاجّوه منطقيا بحيث يمكن ان ينقاد الى الاستنتاج الصحيح.‏ «قدِّموا الطعام للفكر،‏» تكتب إلاين فانتل شيمبِرڠ،‏ «ولكن دَعوا ولدكم يمضغه.‏»‏

      اعترفوا بالمشاعر

      يقاطع بعض الوالدين الحوار بعبارات مثل:‏ «توقَّف عن البكاء.‏» «لا يجب ان تشعر بهذه الطريقة.‏» «ان ذلك ليس سيئا الى هذا الحدّ.‏» فمن الافضل بكثير ان تعترفوا بمشاعر الولد.‏ «ارى ان شيئا ما يجعلك حزينا.‏» «تبدو حقا منزعجا.‏» «اعرف انك دون شك خائب الامل.‏» فذلك يُبقي الحوار جاريا.‏

      وكتاب كيف تتكلمون لكي يُصغي الاولاد وتُصغون لكي يتكلم الاولاد يقدِّم ملاحظة فعَّالة من هذا القبيل:‏ «كلما حاولتم اكثر ان تطردوا مشاعر عدم السعادة التي للولد،‏ التصق بها اكثر.‏ وكلما تمكنتم اكثر من قبول المشاعر السلبية برحابة،‏ سَهُل اكثر على الاولاد ان يتخلَّصوا منها.‏ اظن انه يجوز القول انكم اذا اردتم حيازة عائلة سعيدة،‏ فمن الافضل ان تكونوا مستعدين للسماح بالتعبير عن الكثير من عدم السعادة.‏» —‏ قارنوا جامعة ٧:‏٣‏.‏

      تعاطفوا

      ‏«بما ان معظم الراشدين ينظرون الى عالم الولد من اطارهم المرجعي الخاص،‏» تكتب ماري سوزَن ميلر،‏ «فمن الصعب ان يتخيلوا اية حياة مُجهِدة غير حياتهم.‏»‏

      نعم،‏ ينسى الوالدون بسهولة الآلام وحالات القلق التي اختبروها هم انفسهم فيما كانوا يكبرون.‏ لذلك،‏ غالبا ما يقلِّلون من شأن ما يشعر به اولادهم من اجهاد.‏ فيلزم ان يتذكر الوالدون ما كانت عليه مواجهة موت حيوان مدلَّل،‏ موت صديق،‏ الانتقال الى منطقة جديدة.‏ ويجب ان يتذكروا مخاوف طفولتهم،‏ وحتى غير المنطقية منها.‏ فالتذكر هو مفتاح التعاطف.‏

      ارسموا المثال الصائب

      ان كيفية معالجة ولدكم الاجهاد تعتمد الى حد كبير على كيفية معالجتكم انتم له كوالد.‏ فهل تحاولون ان تخفِّفوا من الاجهاد باللجوء الى العنف؟‏ عندئذ لا تُفاجأوا عندما يعبِّر ولدكم عن قلقه بطريقة مماثلة.‏ هل تتألمون بصمت عندما تتضايقون بشدة؟‏ اذًا،‏ كيف يمكن ان تطلبوا ان يكون ولدكم صريحا وواثقا؟‏ هل تُخفى مشاعر الاجهاد في أُسرتكم الى حد كبير بحيث يجري انكارها بدلا من الاعتراف بها والعمل على تبديدها؟‏ عندئذ لا ترتاعوا من التأثير السيئ الجسدي والعاطفي الذي يمكن ان يكون لذلك في ولدكم،‏ لأن اية محاولة لدفن القلق انما تزيد طبيعيا من خطورة التعبير عنه.‏

      تقدِّم تربية الاولاد في عالم ملآن من الاجهاد تحديات خصوصية للوالدين.‏ ودرس الكتاب المقدس قد ساعد كثيرين على مواجهة هذه التحديات.‏ وهذا ما نتوقَّعه،‏ لأن مؤلف الكتاب المقدس هو ايضا منشئ الحياة العائلية.‏ «حكمة اللّٰه تتبرهن صحتها من نتائجها،‏» قال يسوع المسيح.‏ (‏متى ١١:‏١٩‏،‏ الكتاب المقدس الانكليزي الجديد‏)‏ فبوضع مبادئ الكتاب المقدس موضع العمل،‏ سيجد الوالدون ان الاسفار المقدسة ‹نافعة للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر.‏› —‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١٦‏.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠]‏

      الاتصال المفيد يخفِّف من الاجهاد

      ‏[الصورة في الصفحة ١١]‏

      الصبي يُوقع الحليب،‏ الاخ يسخر منه،‏ ولكنَّ الأب يؤاسيه بتفهُّم

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة