مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الاجهاد —‏ هل يوشك ان يصيبكم؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٥ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٨
    • الاجهاد —‏ هل يوشك ان يصيبكم؟‏

      بواسطة مراسل استيقظ!‏ في اليابان

      ‏«النادلات في السويد،‏ المعلِّمون في اليابان،‏ عمال البريد في اميركا،‏ سائقو الباصات في اوروپا وعمال خط التجميع في كل مكان تبدو عليهم جميعا امارات الضغط من جراء العمل بشكل متزايد.‏» ‏—‏ ماينيتشي دايلي نيوز.‏

      كان نوبُواكي منهَكا.‏ لقد عمل ليلا ونهارا واستخدم ١٣٠ موظفا خلال اربعة اشهر.‏ انه مدير المبيعات في فرع جديد لسلسلة من محلات السوپرماركت المهمة في اليابان،‏ وبسبب ضغط العمل استخدم اناسا لم يبلغوا المستوى الذي توقعه.‏ فكانوا يتشاجرون ويتذمرون من وضعهم.‏ وفوق كل ذلك،‏ فرّ احد المستخدَمين مع احدى المستخدَمات.‏ وكان نوبُواكي يصاب بصداع كل يوم.‏ وما لبث ان وجد نفسه عاجزا عن الذهاب الى العمل،‏ وفي الايام التي كان يجبر نفسه فيها على الذهاب،‏ كان يعود الى البيت في الحال.‏ لقد صار مجهَدا،‏ واستُنفدت طاقته كعود الكبريت الذي احترق كله حتى انطفأت اخيرا ناره.‏

      وربات البيوت اللواتي لا يشغلن وظيفة ما يختبرن ايضا الاجهاد.‏ فبعد سنتين من البقاء في البيت مع اولادها الثلاثة،‏ عيل صبر سارة معهم.‏ قالت:‏ «شعرت كما لو اني اعمل وأعمل وأعمل،‏ لكنَّ ذلك كان كهوَّة لا قرار لها.‏» وعندما تقوم الام بعمل دنيوي وتربي الاولاد ايضا،‏ يتزايد احتمال الاجهاد.‏ بِتي،‏ امرأة في اربعيناتها،‏ وجدت انها توازن بين الامومة والمهنة،‏ محاولةً ان تتمم هذين الدورَين الى حد الكمال.‏ وحاولت ان ترضي الجميع —‏ زوجها،‏ اولادها،‏ مستخدِمها،‏ وزملاءها.‏ وكان ضغط دمها مرتفعا،‏ وأتفه حادثة تغضبها.‏ لقد كانت تعاني الاجهاد.‏

      ويصيب الاجهاد ايضا اشخاصا من غير المحتمَل ان يصابوا به.‏ كان شينتْسو،‏ خادم مسيحي كفؤ،‏ شخصا مفعما بالنشاط والاهداف السامية.‏ وقد ذهب ليساعد في منطقة حيث الحاجة اعظم الى معلِّمين مسيحيين.‏ لكن بعد اشهر قليلة،‏ اخذ يشعر بالانهاك،‏ وصار يحبس نفسه في غرفة نومه طوال اليوم.‏ وكان يشعر كما لو انه في نفق لا ينتهي.‏ وكان يلاقي صعوبة في اتخاذ القرارات،‏ حتى في ما يتعلق بما سيأكله عند الغداء.‏ ولم يكن يشعر برغبة في فعل ايّ شيء.‏ لقد كان مجهَدا تماما.‏

      ما هو الاجهاد؟‏

      فما هو الاجهاد اذًا؟‏ ابتدأ هربرت فرويدِنْبرڠر وباحثون آخرون يستعملون التعبير الانكليزي المقابل burnout في اواسط سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ وصار التعبير يصف «حالة من الانهاك الناتج من التورط مع الناس في اوضاع مرهقة عاطفيا.‏» وأيضا «الانهاك الجسدي او العاطفي،‏ وخصوصا نتيجةً لضغط طويل الامد او لعيش مسرف.‏» (‏قاموس التراث الاميركي‏)‏ ولكن هنالك اختلافات بسيطة في تعريف هذا التعبير وفقا للباحث.‏

      مع انه لا يوجد تعريف طبي دقيق لهذا الاجهاد،‏ يُعرف ضحاياه من اعراض كالتعب،‏ فقدان الحماس،‏ الشعور بالعجز،‏ اليأس،‏ والفتور.‏ ومَن يقع ضحية يشعر بأنه مرهق للغاية ويغضب لأتفه الاسباب.‏ ولا شيء يحثه على القيام بأمر ما.‏ فكل شيء يبدو انه يسحق النفس،‏ وقد يلجُّ في طلب العون من كل مَن يلتقيه.‏ وكل الجهود المبذولة في مكان العمل وفي البيت قد تبدو غير مجدية.‏ فيغلب شعور باليأس.‏ فإذا كانت هذه الاعراض تعتريكم بالاضافة الى الفتور،‏ عدم التمتع بأيّ شيء،‏ فأنتم في اغلب الظن تختبرون الاجهاد.‏

      ويمكن ان يؤثر الاجهاد في العمل والحياة العائلية.‏ ويجب ان تتجنبوه.‏ ولكن كيف؟‏ لمعرفة الجواب،‏ دعونا نرى اولا مَن هم عرضة للاجهاد ولماذا.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٤]‏

      اعراض الاجهاد

      ‏«يُشار بإجهاد العمل الى حالة نفسية موهِنة يسبِّبها الضغط المتراكم من جراء العمل،‏ مما يؤدي الى:‏

      ١-‏ طاقات مستنزَفة

      ٢-‏ مقاومة ضعيفة للمرض

      ٣-‏ استياء وتشاؤم متزايدَين

      ٤-‏ تغيُّب وتقصير متزايدَين في العمل

      ‏«ان هذه الحالة موهِنة لأنها قادرة على إضعاف،‏ وحتى سحق،‏ الافراد الذين هم لولاها اصحاء،‏ نشاطى،‏ وأكفاء.‏ وسببها الرئيسي هو الضغط المتراكم الذي يستمر يوما بعد يوم،‏ شهرا بعد شهر،‏ سنة بعد سنة.‏» —‏ الرابط بين العمل والضغط:‏ كيفية التغلب على اجهاد العمل،‏ تأليف روبرت ل.‏ ڤنِنْڠا وجيمس پ.‏ سپرادْلي.‏

  • الاجهاد —‏ مَن هو في خطر ولماذا؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٥ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٨
    • الاجهاد —‏ مَن هو في خطر ولماذا؟‏

      تخيلوا نفسكم موظفا في مكتب وعندكم عائلة —‏ وربما انتم كذلك.‏ اوراق العمل متكدسة على مكتبكم.‏ وجرس الهاتف لا يتوقف عن الرنين من الزُّبُن الذين يستحيل تقريبا تلبية طلباتهم.‏ والمشرف عليكم غير راضٍ عنكم لأنكم لا تنجزون حصتكم المتوقعة من العمل.‏ وقد اساء ابنكم التصرف في المدرسة.‏ ويريد المعلِّم ان يراكم حالا.‏ وكل التماساتكم للمساعدة من رفيق زواجكم تُلاقى باللامبالاة.‏ وعندما يَظهر ان زمام الامر يفلت من يدكم،‏ يصير الضغط ضِيقا خانقا،‏ مما يمهد السبيل للاجهاد.‏

      هل يسبِّب العمل المفرط الاجهاد؟‏ قالت آن مَڠي-‏كوپر،‏ باحثة في مجال الدماغ،‏ ان الاجهاد هو «نتيجة حياة لا توازن فيها،‏ عادةً في دوامة من كثرة العمل وقلة اللهو.‏» لكنَّ كثرة العمل ليست العامل الوحيد؛‏ فتحت الضغط والظروف عينها،‏ يصاب البعض بالاجهاد في حين لا يصاب به آخرون.‏

      الضحايا المحتمَلون للاجهاد

      كما ان هنالك اناسا يُحتمل اكثر ان يصابوا بمرض ما،‏ هنالك ايضا انواع من الناس معرَّضون اكثر للاصابة بالاجهاد.‏ «اذا كنت ستعاني الاجهاد،‏» يقول اليوت ارونسن،‏ پروفسور في علم النفس الاجتماعي في جامعة كاليفورنيا،‏ «يجب اولا ان تكون حماسيا.‏» لذلك فإن الاشخاص المعرَّضين للاجهاد هم الذين تتأجج فيهم اهداف ومُثُل سامية.‏ ويقال ان الذين يعانون الاجهاد هم في اغلب الاحيان افضل المستخدَمين في الشركة.‏

      في كتاب متلازمة الاجهاد،‏ كتب الپروفسور فومِياكي إيناووكا من معهد التمريض التابع للصليب الاحمر الياباني موجِزا سمات شخصيةِ الضحايا المحتمَلين للاجهاد:‏ «ان ذوي الاستعداد الطبيعي للاصابة بالاجهاد هم الذين لديهم نزعة قوية ليكونوا متعاطفين،‏ انسانيين،‏ مرهفين،‏ متفانين،‏ ومثاليين.‏ ويفضِّلون العمل مع الناس لا مع الآلات.‏»‏

      عندما طُلب من احد الاختصاصيين ان يطوِّر فحصا يبيِّن الذين يُحتمل ان يصابوا بالاجهاد لئلا يجري استخدامهم،‏ قال ان الفحص يجب ان يُستعمل عوضا عن ذلك كمقياس لاستخدام مثل هؤلاء.‏ «ما يلزم الشركات فعله،‏» كما قال،‏ «هو ايجاد اشخاص لديهم من الاهتمام ما يكفي ليصابوا بالاجهاد .‏ .‏ .‏ ثم تطوير برامج لمحاربة الاجهاد.‏»‏

      والاشخاص المعرَّضون خصوصا للاجهاد هم الذين ينهمكون في خدمات انسانية،‏ كالمشرفين الاجتماعيين،‏ الاطباء،‏ الممرِّضين،‏ والمعلِّمين.‏ فهم يحاولون باهتمام شديد مساعدة الناس،‏ باذلين التضحيات لتحسين حياة الآخرين،‏ وقد يصابون بالاجهاد عندما يدركون انهم لا يحققون الاهداف التي رسموها لأنفسهم —‏ والتي تكون احيانا اهدافا يتعذر احرازها.‏ ويمكن ان تصاب ايضا بالاجهاد الامهات المهتمات بصغارهن،‏ وذلك للسبب نفسه.‏

      لماذا يصاب الناس بالاجهاد

      كشف استطلاع أُجري بين الممرِّضين والممرِّضات عن ثلاثة عوامل تؤدي الى الاجهاد.‏ اول عامل جرت ملاحظته هو كمية المشقات اليومية التي تسبِّب الاحباط.‏ مثلا،‏ اضطرت اكثرية الممرِّضين والممرِّضات الى تحمُّل مسؤوليات ثقيلة،‏ معالجة الصعوبات في التعامل مع المرضى،‏ التكيُّف مع تجهيزات جديدة،‏ مواجهة النفقات المتزايدة،‏ وتحمُّل نمط حياة غير منتظم.‏ يقول كتاب متلازمة الاجهاد:‏ «هذه المشقات اليومية تشكِّل اعظم عامل مؤثِّر يؤدي الى اصابتهم بالاجهاد.‏» وعندما تبقى المشاكل غير محلولة،‏ يتفاقم الاحباط وينتج منه الاجهاد.‏

      والعامل الثاني الذي جرت ملاحظته هو عدم توافر الدعم،‏ عدم وجود شخص يمكن الوثوق به.‏ وهكذا فإن الام التي تعزل نفسها عن الامهات الاخريات يُحتمل اكثر ان تصاب بالاجهاد.‏ وقد وجد الاستطلاع المذكور آنفا ان الممرِّضين العزّاب هم عرضة للاجهاد اكثر من المتزوجين.‏ ومع ذلك فإن كون المرء متزوجا قد يزيد المشقات اليومية ما لم يكن هنالك اتصال صريح بين الزوج والزوجة.‏ وحتى عندما يكون الجميع في البيت،‏ قد يجد احدهم نفسه وحيدا لأن العائلة غارقة في مشاهدة التلفزيون.‏

      والعامل الثالث هو مشاعر العجز التي تنتاب المرء.‏ مثلا،‏ يُحتمل ان يختبر الممرِّضون مشاعر العجز اكثر من الاطباء لأنه ربما لا قدرة للممرِّضين على تغيير الامور.‏ والذين يشغلون المراكز الادارية الوسطى قد يصابون بالاجهاد عندما يشعرون بأن قصارى جهودهم المبذولة لا تجدي نفعا.‏ وكما قال احد مديري الموارد البشرية،‏ سبب الاجهاد هو «التثبط عندما يحاول المرء ان يساهم مساهمة فعَّالة ولا يصغي احد اليه.‏»‏

      ان المشاعر البشرية بالعجز تنبت في تربة من مواقف عدم التقدير فتثمر اجهادا.‏ فتصاب الزوجات بالاجهاد عندما لا يُظهر ازواجهن التقدير لمقدار العمل المرتبط بالتدبير المنزلي والاعتناء بالاولاد.‏ والمديرون الذين يشغلون المراكز الادارية الوسطى يصابون بالاجهاد عندما يتجاهل رب العمل عملا احسنوا فعله ويوبخهم على اخطاء صغيرة.‏ «النقطة الجوهرية هي اننا جميعا نحتاج الى ان يُقدِّر الآخرون جهودنا،‏» كما تقول مجلة الوالدون،‏ «وإذا كنا نعمل في مكان لا تكافَأ فيه جهودنا —‏ سواء أكان ذلك في بيتنا ام في مكتبنا —‏ فعندئذ يُحتمل اكثر ان نصاب بالاجهاد.‏»‏

      من المثير للاهتمام انه في حين يختبر الممرِّضون والممرِّضات معدلات عالية من الاجهاد،‏ يعاني اطباء التوليد اجهادا بمعدل اقل بكثير.‏ فعموما،‏ يشتمل عمل طبيب التوليد على مساعدة حياة جديدة على دخول العالم.‏ ويشكرهم الآباء والامهات على عملهم.‏ وعندما يقدَّر الناس،‏ يشعرون بأنهم نافعون ويكون ذلك حافزا لهم.‏

      حالما يعلم المرء مَن يملك استعدادا طبيعيا لأن يصاب بالاجهاد ولماذا،‏ تصير من السهل معالجة المشكلة.‏ ويمكن ان تساعد المقالة التالية ضحايا الاجهاد على امتلاك نظرة متزنة الى الحياة.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٦]‏

      الاجهاد هو دوامة من كثرة العمل وقلة اللهو

  • الاجهاد —‏ كيف يمكنكم التغلب عليه؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٥ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٨
    • الاجهاد —‏ كيف يمكنكم التغلب عليه؟‏

      كثيرون ممَّن يثقِل كاهلهم الضغط الناتج من الهموم والمشقات اليومية يحاولون ان يتناولوا مشروبات كحولية ليتخلصوا من احباطاتهم.‏ والمشروبات الكحولية،‏ اكثر المواد المسبِّبة للادمان التي يساء استعمالها اليوم،‏ يستخدمها كثيرون في محاولة للهروب من الواقع القاسي.‏ ويتكل آخرون على عقاقير شائعة موصوفة طبيا لمعالجة الهموم.‏ ويلجأ آخرون ايضا الى المخدِّرات المعدِّلة للمزاج كالماريجوانا،‏ المتامفيتامينات،‏ والكوكائين.‏ ومن المعروف انه حتى الاولاد الصغار يستعملون المخدِّرات للهروب من وقائع الحياة.‏ ويقال ان ٩٥ في المئة من الاحداث الاميركيين سيكونون قد استعملوا مادة غير مشروعة او اكثر قبل تخرُّجهم من المدرسة الثانوية.‏

      وهنالك ايضا مَن يحاولون الهروب من الضغط اليومي بالقصف واللهو مع اصدقائهم او بالاختباء وراء قناع من الابتهاج وهم يشعرون بالكآ‌بة في قرارة نفسهم.‏ او قد يبحثون عن عطفِ وحنانِ شخص من الجنس الآخر لدوافع غير لائقة.‏ لكنَّ استعمال وسائل التلهية والتخفيف عن النفس لمعالجة الضغط لا يعمل إلا على زيادة الاحباط.‏ فعندما يحاول الناس تخفيف الضغط عليهم بالمشروبات الكحولية او بالمواد الاخرى المعدِّلة للمزاج،‏ بدلا من تجديد طاقتهم،‏ يُسرعون بعملية الاجهاد.‏ فماذا يمكنكم فعله عندما تشعرون بأن الطاقة والاندفاع في داخلكم يخمدان شيئا فشيئا؟‏

      السبيل الى الشفاء

      لا توصي استيقظ!‏ بعلاجات او ادوية معيَّنة.‏ لكنها تعرض عدة اقتراحات مساعدة مؤسسة على مبادئ الكتاب المقدس لإعانتكم على تجديد النشاط الخامد فيكم.‏ يوصي الدكتور يوتاكا اونو،‏ مدير في كلية الطب في جامعة كيو،‏ بثلاثة امور للتغلب على الاجهاد.‏ ويوضح ان هذه الامور الثلاثة هي «التحكم،‏ الاتصال،‏ والمعرفة.‏»‏

      فلكي تتغلبوا على مشاعر العجز،‏ يجب ان تتمكنوا من الشعور بأنكم تتحكمون في مشاعركم وسلوككم.‏ فعندما يهيمن الاحباط كل يوم على انفعالاتكم ويسحق قدرتكم على حل المشاكل،‏ يصير من السهل الاعتقاد ان الامور خارجة عن نطاق سيطرتكم.‏ لكن لا تقفوا مكتوفي الايدي وتسترسلوا في التفكير في الامور المزعجة.‏ حاولوا حلَّ المشكلة خطوة بعد خطوة.‏ (‏انظروا الاطار في الصفحة ٩.‏)‏ لا تؤجلوا.‏ فبمجرد شروعكم في القيام بأعمال ايجابية،‏ تبتدئون تشعرون بأنكم افضل حالا وبأنكم تمسكون بزمام الامور.‏

      حاولوا ان تخففوا الامور المسخطة التي تولِّد مشاعر انهزامية.‏ مثلا،‏ يميل البعض الى الانزعاج من امور لا اهمية لها في الحياة.‏ فيصرُّون على اتِّباع طريقة معيَّنة في فعل الامور ويسخطون عندما لا يطاوعهم الآخرون،‏ او قد يتثبطون عندما يفشلون هم انفسهم.‏ قال رجل حكيم قديما:‏ «لا تكن بارا كثيرا ولا تكن حكيما بزيادة.‏ لماذا تخرب نفسك.‏» (‏جامعة ٧:‏١٦‏)‏ فالتشبث بالمقاييس الاسمى من اللازم والشعور على الدوام بأنكم لا تبلغون المستوى الذي تتطلبه يمهدان السبيل بالتأكيد الى الاجهاد.‏

      وهنالك نصيحة مساعِدة اضافية من الكتاب المقدس،‏ وهي ‹السلوك (‏باحتشام)‏ مع الهك.‏› (‏ميخا ٦:‏٨‏)‏ والاحتشام يعني ادراك المرء حدوده او اجراء «تقييم غير مبالَغ فيه لقدراته.‏» وقد يعني ذلك رفض قبول المطالب غير المعقولة في مكان العمل.‏

      والذين يعرفون حدودهم يرحبون بالمساعدة.‏ قالت مديرة اختبرت الاجهاد ان السبيل الى تجنبه هو طلب المساعدة.‏ ولكن،‏ كما تقول،‏ «يخشى اناس كثيرون طلب المساعدة لأنه قد يُنظر اليهم كأشخاص فاشلين في عملهم.‏» فسواء كان العمل منزليا،‏ مدرسيا،‏ او دنيويا —‏ ايّ شيء يهدِّدكم بالاجهاد —‏ فوِّضوا العمل حيث تستطيعون.‏ وستفاجأون عندما ترون كيف تُنجَز الامور دون ان تديروا كل شيء بطريقة مباشرة.‏ —‏ قارنوا خروج ١٨:‏١٣-‏٢٧‏.‏

      وقد يلزمكم بعض الراحة.‏ ويمكن لإذن في التغيب ان يصنع العجائب لضحية اجهاد محتمَلة.‏ ولكن اذا كانت ظروفكم لا تسمح لكم بذلك،‏ «فإذا كنتم تعرفون كيف تتسلَّون،‏ فذلك يصنع فرقا،‏» كما تقول الباحثة آن مَڠي-‏كوپر.‏ فالتوقف عن العمل فترةً قصيرة لتغيير النمط الرتيب قد يزيد انتاجيتكم،‏ حافزا ذهنكم على التفكير المبدع.‏ وما نصح به الملك سليمان منذ سنين طويلة لا يزال صحيحا:‏ «حفنة راحة خير من حفنتَي تعب وقبض الريح.‏» —‏ جامعة ٤:‏٦‏.‏

      حلقة داعمة لتعزيز الاتصال

      والامر الثاني الذي ذكره الدكتور اونو هو الاتصال.‏ ومن المثير للاهتمام ان رجال الاطفاء نادرا ما يختبرون هذا الاجهاد.‏ وسبب ذلك،‏ بالاضافة الى انهم يُعتبرون ابطالا،‏ هو انهم متحدون في رباط متين من الصداقة الحميمة.‏ فما دام الفرد منهم محاطا بفريق داعم يتكل عليه،‏ يمكنه ان يستمد العون منهم.‏ ولكن اين تجدون الدعم المقوِّي اليوم؟‏ يذكر كتاب متلازمة الاجهاد،‏ واصفا الطرائق التي يتغلب بواسطتها الاطباء على الاجهاد:‏ «بالنسبة الى الاطباء،‏ عائلاتهم،‏ وخصوصا رفقاء زواجهم،‏ هم الدعم العاطفي الاكثر فعَّالية وواقعية.‏» والجميع يحتاجون الى مَن يأتمنونه على مشاعرهم الخاصة.‏ وفي ما يتعلق بالاتصال،‏ يزوِّد الكتاب المقدس نصيحة عملية.‏ فهو يشجع المتزوجين على المحافظة على علاقات رومنسية واحدهم بالآخر ويوصي الجميع بحيازة اصدقاء يقدِّمون اقتراحات سديدة وعملية.‏ —‏ امثال ٥:‏١٨،‏ ١٩؛‏ ١١:‏١٤‏.‏

      تقول الولايات المتحدة الاميركية اليوم:‏ «يجب ان نبني جهازنا الداعم الخاص المؤلف من اصدقاء احماء وعائلة.‏» ثم تضيف:‏ «ويجب ايضا ان نشعر بحرية استعمال وسائل الدعم التي توفرها مراكزنا الدينية وخدمات مراكز الصحة العقلية.‏» وبشأن كيفية استعمال وسائل الدعم الدينية للمساعدة،‏ كتب يعقوب اخو يسوع من امه:‏ «أمريض احد بينكم فليدعُ شيوخ (‏الجماعة)‏ فيصلّوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب.‏» (‏يعقوب ٥:‏١٤‏)‏ فيمكن للمسيحيين الذين يعانون المشاكل ان يجدوا الانتعاش بالتحدث الى شيوخ جماعات شهود يهوه.‏ ومع ان الشيوخ ليسوا اختصاصيين في معالجة الاجهاد،‏ فالدعم الروحي الذي يقدمونه لا يقدَّر بثمن.‏

      وفي حين ان جهازا داعما بشريا قد يجدِّد نشاطنا ليوم آخر،‏ ربما لا يكون كافيا دائما.‏ وقد اشار مارتن ا.‏ پ.‏ سلِڠمان في مقدمة كتابه،‏ الشعور بالعجز،‏ الى ان الفردية المطلَق لها العنان والتي تُرى في الغرب هي احد اسباب زيادة الكآ‌بة اليوم،‏ وعبَّر عن الحاجة الى ايجاد معنى للحياة.‏ ثم اظهر ان «احد الشروط الضرورية لإيجاد المعنى هو التعلُّق بشيء اعظم منكم.‏» ومع ان كثيرين اليوم لا يحملون علاقتهم باللّٰه محمل الجد،‏ فالاتصال بالخالق —‏ الذي هو بالتأكيد «اعظم منكم» —‏ يمكن ان يساعدكم على التغلب على مشاعر العجز.‏

      والملك داود الذي واجه ازمات كثيرة شجَّع رعاياه قائلا:‏ «توكلوا [على اللّٰه] في كل حين يا قوم اسكبوا قدامه قلوبكم.‏ اللّٰه ملجأ لنا.‏» (‏مزمور ٦٢:‏٨‏)‏ واللّٰه مستعد ليصغي،‏ حتى الى ‹أنَّاتنا التي لا يُنطَق بها.‏› (‏رومية ٨:‏٢٦‏)‏ والتضرُّع الجِدِّي اليه يقود الى السلام الذي «يحفظ قلوبكم وأفكاركم» من الاجهاد.‏ —‏ فيلبي ٤:‏٦،‏ ٧‏.‏

      تغيير موقفكم

      وأخيرا،‏ قد يلزم تغيير نظرتكم الى الحالة.‏ والمعرفة،‏ او الادراك،‏ هي الامر الاخير الذي يقترحه الدكتور اونو كطريقة للتغلب على الاجهاد.‏ فعندما نكون تحت وطأة ضغط شديد،‏ نميل الى تقييم كل شيء بطريقة سلبية فنوقع انفسنا في شرك وجهات النظر المتشائمة.‏ ولكن يجب ان نكون واقعيين.‏ حلِّلوا ما اذا كان هنالك فعلا اساس لتفكير سلبي كهذا او لا.‏ هل ستكون النتيجة سيئة كما تخشون؟‏ حاولوا النظر الى الامور من زاوية مختلفة.‏

      تقول مجلة الوالدون:‏ «يمكنكم ان تبتدئوا بالافتراض انه اذا كنتم مصابين بالاجهاد،‏ فالسبب على الارجح هو لأنكم ‹جياد› لا لأنكم ‹اردياء.‏›» تذكروا:‏ ان الاشخاص المعرَّضين للاجهاد هم من النوع الذي يهتم بأمر الآخرين ولديه مقاييس سامية.‏ وأكثر ما يفيد ضحية الاجهاد هو كلمة تقدير.‏ فإذا عبَّر الزوج والاولاد عن التقدير لكل العمل الذي تقوم به الام في ادارة البيت وأظهروا لها هذا التقدير،‏ فذلك سيجعل الامر مختلفا الى حد بعيد بالنسبة اليها.‏ وإذا كان مدير في المراكز الادارية الوسطى يعاني الاجهاد في العمل،‏ يمكن لتعليق متسم بالتقدير وتربيت على الكتف ان يحسِّن وجهة نظره.‏

      يُظهر الكتاب المقدس كم تستحق المرأة الفاضلة المديح:‏ «يقوم اولادها ويطوِّبونها.‏ زوجها ايضا فيمدحها.‏ بنات كثيرات عملن فضلا أما انتِ ففقتِ عليهن جميعا.‏» (‏امثال ٣١:‏١٠،‏ ٢٨،‏ ٢٩‏)‏ نعم،‏ «الكلام الحسن شهد عسل حلو للنفس وشفاء للعظام.‏» —‏ امثال ١٦:‏٢٤‏.‏

      تحسنت كثيرا حالة شينتْسو الصحية،‏ الشيخ المسيحي المذكور في المقالة الاولى،‏ بعد اصابته بالاجهاد.‏ ومع انه حصل على مساعدة متخصصة،‏ فأكثر ما ساعد شينتْسو هو صلواته ليهوه.‏ واتفق ان التقى،‏ بعد ان صلَّى صلوات جِدِّية طلبا للمساعدة،‏ بالشيخ الذي كان قد درس معه كلمة اللّٰه.‏ فدعمه هذا الشيخ مع شيوخ رفقاء آخرين ايضا بالاصغاء اليه وهو يروي همومه.‏ ومن عدد سابق من المجلة التي تقرأونها الآن،‏ قرأت له زوجته مقالات حول التغلُّب على الانفعالات السلبية.‏ (‏٨ تشرين الاول ١٩٩٢)‏ فصار يدرك تدريجيا انه كان يحاول فعل كل شيء وحده.‏ وابتدأت تتغير طريقة نظرته الى ما كان يجري حوله.‏ ومع انه كان يشعر في البداية بأنه في نفق لا ينتهي من اليأس،‏ لاح له بصيص نور في الطرف الآخر،‏ وصار هذا البصيص يكبر شيئا فشيئا الى ان خرج اخيرا من نفقه.‏

      وكشينتْسو،‏ يمكنكم انتم ايضا ان تتغلبوا على الاجهاد وتواجهوا الحياة من جديد.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٩]‏

      اثنتا عشرة طريقة لتجنُّب الاجهاد

      ان المعلومات التالية مؤسسة على مجرد القليل من الاقتراحات التي قدَّمتها اختصاصية سريرية في التمريض في مجال الصحة العقلية.‏

      ١-‏ تحكَّموا في افكاركم،‏ مشاعركم،‏ وسلوككم —‏ الصلاة هي عون كبير.‏

      ٢-‏ عندما تبتدئون بالقلق،‏ اعمدوا الى تغيير افكاركم بالتفكير النافع والموجَّه.‏

      ٣-‏ عندما تضطربون،‏ تنشقوا نفَسا عميقا وتعمَّدوا الاسترخاء.‏

      ٤-‏ حاولوا ان تروا الامور من وجهة نظر الشخص الآخر لكي تفهموا كيف يتطور الضغط.‏

      ٥-‏ ركزوا على ما تقدِّرونه في الآخرين وامدحوهم.‏ عبِّروا عن الثناء المستحق لا التملُّقي.‏

      ٦-‏ حدِّدوا التفكير السلبي الهدام واكبتوه.‏

      ٧-‏ تعلَّموا ان تقولوا لا عندما تحتم طاقتكم وبرنامجكم عليكم ذلك.‏

      ٨-‏ قوموا ببعض التمارين البدنية كل يوم —‏ المشي السريع جيد.‏

      ٩-‏ عاملوا الآخرين باحترام،‏ حاثِّين اياهم على اظهار افضل ما لديهم.‏

      ١٠-‏ حافظوا على روح الفكاهة وعلى موقف متفائل.‏

      ١١-‏ اتركوا مشاكل العمل في مكان عملكم.‏

      ١٢-‏ افعلوا اليوم ما يجب فعله —‏ لا تؤجلوا.‏

      ‏(‏اقتباس معدَّل من «معالجة المشاعر،‏ هزم الاجهاد،‏» بواسطة روث دايلي ڠراينْجر،‏ المجلة الاميركية للتمريض،‏ كانون الثاني ١٩٩٢.‏)‏

      ‏[الصورة في الصفحتين ٨ و ٩]‏

      غالبا ما يصيب الاجهاد الشخص المتَّقد نشاطا بلا هوادة

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة