مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • اسئلة تحتاج الى اجابة
    استيقظ!‏ ١٩٩٠ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٨
    • اسئلة تحتاج الى اجابة

      في وقت ما من حياتكم،‏ ربما سألتم:‏ ‹اذا كان اللّٰه موجودا فلماذا سمح بالكثير جدا من الالم؟‏ ولماذا سمح به لوقت طويل كهذا طوال التاريخ البشري كله؟‏ هل سينتهي الالم يوما ما؟‏›‏

      بسبب عدم حصولهم على اجوبة مقنعة عن مثل هذه الاسئلة،‏ يصير كثيرون متكدِّرين،‏ حتى ان البعض يتحولون عن الايمان باللّٰه او يلومونه على بلاياهم.‏

      مثلا،‏ ثمة رجل نجا من «المَحْرقة،‏» قتْل النازيين للملايين في الحرب العالمية الثانية،‏ كان مرّ النفس جدا حتى انه قال:‏ «لو استطعتم لَعْق قلبي لسمَّمكم.‏» وثمة رجل آخر تألم نتيجة الاضطهاد العرقي،‏ الذي سبَّب موت الاصدقاء وأعضاء العائلة في الحرب العالمية الاولى،‏ سأل بمرارة:‏ «اين كان اللّٰه حين كنا بحاجة اليه؟‏»‏

      وهكذا،‏ يتحيَّر اناس كثيرون.‏ ومن وجهة نظرهم،‏ يبدو انه متناقض ان يسمح اله الصلاح والمحبة للامور السيئة بأن تحدث لوقت طويل كهذا.‏

      ما فعله الناس

      حقا،‏ ان الناس قد ارتكبوا شرورا فظيعة ضد الآخرين على مرّ القرون —‏ في الواقع،‏ طوال آلاف السنين.‏ وعِظَم وهول كل ذلك يذهل الخيال.‏

      واذ تقدَّمت المدنيَّة على ما يُعتقد،‏ ابتكر البشر المزيد من الادوات البشعة لتدمير او تشويه الآخرين:‏ المدفعيَّة،‏ المدافع الرشاشة،‏ الطائرات الحربية،‏ الدبابات،‏ الصواريخ،‏ قاذفات اللهب،‏ الاسلحة الكيميائية والنووية.‏ ونتيجة لذلك،‏ في هذا القرن وحده،‏ قتلت حروب الامم نحو مئة مليون شخص!‏ ومئات الملايين ايضا جُرحوا او تألموا بطرائق اخرى.‏ وقيمة الملْكيَّة المدمَّرة،‏ كالبيوت والممتلكات،‏ تفوق الحد.‏

      فكِّروا في الكثير جدا من الأسى،‏ الكرب،‏ والدموع التي سببتها الحرب!‏ فالناس الابرياء هم الذين في اغلب الاحيان يتألمون:‏ الرجال والنساء الكبار السن،‏ الاولاد،‏ الاطفال.‏ وفي اغلب الاحيان،‏ لم يحاسَب الكثير ممن سببوا الشرور.‏

      وعلى نطاق عالمي،‏ يستمر الالم حتى هذه اللحظة.‏ فكل يوم يُقتل الناس او من ناحية اخرى يقعون ضحية الجريمة.‏ ويُجرحون او يموتون في الحوادث،‏ بما في ذلك ‹عوامل الطبيعة› كالعواصف،‏ الفيضانات،‏ والزلازل.‏ وهم يتألمون بالظلم،‏ التحامل،‏ الفقر،‏ الجوع،‏ او المرض،‏ او بطرائق عديدة اخرى.‏

      فكيف يمكن لاله صالح ان يخلق شيئا —‏ جنسا بشريا —‏ يتألم على نحو رهيب جدا،‏ مرارا كثيرة،‏ قرنا بعد آخر؟‏

      معضلة في الجسم البشري

      تنعكس هذه المعضلة حتى في الجسم البشري.‏ فالعلماء والآخرون الذين اجروا دراسة عليه يوافقون ان الجسم البشري مصنوع على نحو عجيب وبديع.‏

      تأملوا في مجرد القليل من ميزاته الرائعة:‏ العين البشرية المدهشة،‏ التي لا يمكن لاية آلة تصوير ان تماثلها؛‏ الدماغ المذهل،‏ الذي يجعل الكومپيوتر الاكثر تقدما يبدو غير عملي؛‏ الطريقة التي بها تتعاون اعضاء الجسم المعقدة دون جهدنا الواعي؛‏ اعجوبة الولادة،‏ انتاج طفل فاتن —‏ نسخة عن والديه —‏ في مجرد تسعة اشهر.‏ ويستنتج اناس كثيرون ان هذا التصميم المتقن،‏ الجسم البشري،‏ يجب ان يكون قد خلقه مصمم بارع —‏ الخالق،‏ الاله القادر على كل شيء.‏

      ولكنْ،‏ من المحزن ان هذا الجسم الرائع نفسه ينحط.‏ فعلى مر الوقت يلمّ به المرض،‏ الشيخوخة،‏ والموت.‏ وأخيرا ينحل الى تراب.‏ كم يكون ذلك مؤسفا!‏ فتماما عندما ينبغي ان يستفيد الشخص من عقود من الخبرة ويصير اكثر حكمة ينهار الجسم.‏ ويا له من تباين محزن،‏ في نهايته،‏ مع الصحة،‏ الحيوية،‏ والجمال التي كان الجسم يملك الامكانية لها في بدايته!‏

      فلماذا يصنع خالق محب شيئا بديعا كجسم الانسان،‏ ولكن لينال نهاية محزنة جدا؟‏ لماذا يخلق آليَّة تبدأ بطريقة حسنة جدا،‏ بامكانية كبيرة جدا،‏ ولكن لتصل الى نهاية سيئة جدا؟‏

      كيف يشرح البعض ذلك

      قال البعض ان الشر والالم هما وسيلتا اللّٰه لتحسين شخصيتنا من خلال الشدَّة.‏ وأكَّد احد رجال الدين المنهجيين:‏ «ان ما يلقاه الصالحون من الطالحين هو جزء من خطة اللّٰه للخلاص.‏» وعنى انه لبناء الشخصية وللخلاص لا بد ان يتألم الناس الصالحون من اعمال الناس الاردياء كجزء من خطة اللّٰه.‏

      ولكنْ هل يحاول اب بشري محب ان يحسِّن شخصية اولاده بالتخطيط لتركهم يقعون ضحية مجرم وحشي؟‏ خذوا بعين الاعتبار ايضا ان احداثا كثيرين يُقتلون في الحوادث او يُذبحون او يموتون في الحرب.‏ فلا تكون لهؤلاء الضحايا الاحداث فرصة اضافية لتحسين شخصيتهم لانهم موتى.‏ ولذلك فإن فكرة السماح بالالم من اجل تحسين الشخصية غير معقولة.‏

      لا يريد ايّ اب بشري عاقل ومحب ان يصيب الالم والمأساة احباءه.‏ وفي الواقع،‏ ان الاب الذي يخطط ان يتألم احباؤه لاجل ‹بناء الشخصية› يُعتبر غير كفء،‏ وحتى غير متزن عقليا.‏

      اذًا،‏ هل يمكن القول على نحو معقول ان اللّٰه،‏ الاب المحب الاسمى،‏ خالق الكون الكلي الحكمة،‏ رتب الالم عمدا كجزء من ‹خطته للخلاص›؟‏ يُلصق ذلك به صفة قاسية وبشعة جدا،‏ صفة نجدها كلنا غير مقبولة حتى في البشر الادنياء.‏

      ايجاد الاجوبة

      اين يمكننا ان نلتفت من اجل اجوبة عن الاسئلة حول سماح اللّٰه بالالم والشر؟‏ بما ان الاسئلة تشمل اللّٰه،‏ من المعقول ان نرى ما يزوِّده هو نفسه كأجوبة.‏

      وكيف نجد اجوبته؟‏ بالذهاب الى المصدر الذي يقول اللّٰه انه ألَّفه كمرشد للبشر —‏ الكتاب المقدس،‏ الاسفار المقدسة.‏ وبصرف النظر عما قد يفكِّر الشخص في هذا المصدر،‏ انه يستحق الفحص لانه،‏ كما قال الرسول بولس:‏ «كل الكتاب هو موحى به من اللّٰه ونافع .‏ .‏ .‏ للتقويم.‏» (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١٦‏)‏ وكتب ايضا:‏ «اذ تسلَّمتم منا كلمة خبر من اللّٰه قبلتموها لا ككلمة اناس بل كما هي بالحقيقة ككلمة اللّٰه.‏»‏a —‏ ١ تسالونيكي ٢:‏١٣‏.‏

      وايجاد الاجوبة عن الاسئلة المتعلقة بسماح اللّٰه بالشر هو اكثر من مجرد تمرين فكري.‏ فالاجوبة مهمة لفهمنا ما يحدث الآن على المسرح العالمي،‏ ما سيحدث في المستقبل القريب،‏ وكيف يتأثر كل واحد منا.‏

      نحن مدينون لانفسنا بأن نجعل الكتاب المقدس،‏ رسالة اللّٰه للعائلة البشرية،‏ يتكلم هو نفسه.‏ فماذا يقول عن كيفية ابتداء الالم وسبب سماح اللّٰه به؟‏

      ان المفتاح لفهم الجواب له علاقة بكيفية صنعنا عقليا وعاطفيا.‏ ويظهر الكتاب المقدس ان الخالق غرس في بنيتنا كبشر هذه الصفة المهمة:‏ الرغبة في الحرية.‏ فدعونا نتأمل باختصار في ما تشمله الارادة الحرَّة للبشر وكيف يتعلق ذلك بسماح اللّٰه بالالم.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a من اجل مناقشة الدليل على ان الكتاب المقدس موحى به إلهيا،‏ انظروا الكتاب الكتاب المقدس —‏ كلمة اللّٰه أم الانسان؟‏،‏ اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك.‏

  • العطية الرائعة للارادة الحرَّة
    استيقظ!‏ ١٩٩٠ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٨
    • العطية الرائعة للارادة الحرَّة

      هل تقدِّرون امتلاك الحرية لتختاروا كيف ستنظمون حياتكم،‏ ماذا ستفعلون وتقولون؟‏ او هل تريدون ان يملي شخص ما عليكم ماذا يجب ان تكون كل كلمة وعمل لكم،‏ في كل دقيقة من كل يوم،‏ ما دمتم احياء؟‏

      ما من شخص طبيعي يريد ان تخرج حياته عن سيطرته وأن يضبطها كليا شخص آخر.‏ والاضطرار الى العيش بهذه الطريقة يكون ظالما ومثبطا.‏ فنحن نريد الحرية.‏

      ولكن لماذا نملك رغبة كهذه في الحرية؟‏ ان فهم سبب تقديرنا حرية اختيارنا هو المفتاح لنفهم كيفية نشوء الشر والالم.‏ وسيساعدنا ذلك ايضا لنفهم سبب انتظار اللّٰه حتى الآن قبل العمل لانهاء الشر والالم.‏

      كيف صُنعنا

      عندما خلق اللّٰه البشر كانت بين العطايا الرائعة الكثيرة التي اعطاهم اياها الارادة الحرَّة.‏ ويخبرنا الكتاب المقدس ان اللّٰه خلق الانسان على ‹صورته وشبهه،‏› واحدى الصفات التي يملكها اللّٰه هي حرية الاختيار.‏ (‏تكوين ١:‏٢٦؛‏ تثنية ٧:‏٦‏)‏ وهكذا،‏ عندما خلق البشر،‏ اعطاهم هذه الصفة البديعة نفسها —‏ عطية الارادة الحرَّة.‏

      لهذا السبب نفضِّل الحرية بدلا من الاستعباد من قبل حكام ظالمين.‏ ولهذا السبب يزداد الاستياء من الحكم القاسي والمستبد حتى انه غالبا ما يثور الناس لنيل الحرية.‏

      ان الرغبة في الحرية ليست صدفة.‏ والكتاب المقدس يعطي السبب الاساسي.‏ فهو يعلن:‏ «حيث روح الرب هناك حرية.‏» (‏٢ كورنثوس ٣:‏١٧‏)‏ لذلك فإن الرغبة في الحرية هي جزء من طبيعتنا لان اللّٰه خلقنا على هذا النحو.‏ وذلك هو امر يريد ان نحصل عليه لانه هو نفسه اله الحرية.‏ —‏ ٢ كورنثوس ٣:‏١٧‏.‏

      وأعطانا اللّٰه ايضا القدرات العقلية،‏ كقوى الادراك،‏ التفكير،‏ والتمييز،‏ التي تعمل بانسجام مع الارادة الحرَّة.‏ وهذه تمكِّننا من التفكير،‏ وزن الامور،‏ اتخاذ القرارات،‏ وتمييز الصواب من الخطإ.‏ (‏عبرانيين ٥:‏١٤‏)‏ فنحن لم نُخلَق لنكون مخلوقات آلية عديمة العقل لا ارادة ذاتية لها؛‏ ولا خُلقنا لنعمل بصورة رئيسية بالغريزة،‏ كما هي الحيوانات.‏

      ومع الارادة الحرَّة أُعطي ابوانا الاولان كل ما يمكن لايّ امرئ ان يرغب فيه على نحو معقول:‏ لقد وُضعا في فردوس شبيه بمتنزَّه؛‏ كانت لديهما وفرة مادية؛‏ وكان لديهما عقلان وجسمان كاملان لا يشيخان او يمرضان ويموتان؛‏ وكانا سيحصلان على اولاد لديهم ايضا مستقبل سعيد؛‏ والسكان المنتشرون كانوا سيحصلون على العمل المانح الاكتفاء لتحويل كامل الارض الى فردوس.‏ —‏ تكوين ١:‏٢٦-‏٣٠؛‏ ٢:‏١٥‏.‏

      وفي ما يتعلق بما اجراه اللّٰه يقول الكتاب المقدس:‏ «رأى اللّٰه كل ما عمله فإذا هو حسن جدا.‏»‏ (‏تكوين ١:‏٣١‏)‏ ويقول الكتاب المقدس ايضا عن الخالق:‏ «‏الكامل صنيعه.‏» (‏تثنية ٣٢:‏٤‏)‏ نعم،‏ لقد اعطى العائلة البشرية بداية كاملة.‏ ولم يكن ممكنا ان تكون افضل.‏

      حرية لها حدود

      ولكنْ،‏ هل ستكون العطية الرائعة للارادة الحرَّة دون حدود؟‏ حسنا،‏ هل ترغبون في قيادة السيارة في حركة مرور كثيفة ان لم تكن هنالك قوانين لحركة المرور،‏ حيث تكونون احرارا لتقودوا في ايّ ممر،‏ في ايّ اتجاه،‏ بأية سرعة؟‏ طبعا،‏ تكون نتائج مثل هذه الحرية غير المحدودة في حركة المرور مفجعة.‏

      والامر نفسه هو في العلاقات البشرية.‏ فالحرية غير المحدودة بالنسبة الى البعض تعني عدم الحرية بالنسبة الى آخرين.‏ والحرية غير المقيَّدة يمكن ان تؤدي الى الفوضى،‏ التي تؤذي حرية كل شخص.‏ فلا بد ان تكون هنالك حدود.‏ ولذلك فإن عطية اللّٰه للحرية لا تعني انه قصد ان يتصرف البشر بأية طريقة دون اعتبار لخير الآخرين.‏

      تقول كلمة اللّٰه في هذا الصدد:‏ «كأحرار وليس كالذين الحرية عندهم سترة للشر.‏» (‏١ بطرس ٢:‏١٦‏)‏ اذاً،‏ يريد اللّٰه ان تكون ارادتنا الحرَّة مضبوطة من اجل المصلحة العامة.‏ فهو لم يقصد ان يحصل البشر على حرية كلية،‏ بل حرية نسبية،‏ خاضعة لحكم القانون.‏

      قوانين مَن؟‏

      قوانين مَن جرى تصميمنا لنطيع؟‏ قوانين مَن تعمل على نحو افضل من اجلنا؟‏ يقول جزء آخر من الآية في ١ بطرس ٢:‏١٦ المذكورة آنفا:‏ «كعبيد اللّٰه.‏» وهذا لا يعني عبودية ظالمة بل،‏ بالاحرى،‏ أننا خُلقنا لنكون في خضوع لقوانين اللّٰه.‏ ونكون اكثر سعادة اذا بقينا خاضعين لها.‏

      وقوانين اللّٰه،‏ اكثر من اية مجموعة قوانين يمكن ان يبتكرها البشر،‏ تزوِّد الارشاد الافضل لكل شخص.‏ وكما تعلن اشعياء ٤٨:‏١٧‏:‏ «انا الرب إلهك معلِّمك لتنتفع وأمشّيك في طريق تسلك فيه.‏» ولكن،‏ في الوقت نفسه،‏ تسمح قوانين اللّٰه بمجال واسع للحرية ضمن حدودها.‏ وهذا يسمح بالكثير من الاختيار الشخصي والتنوُّع،‏ جاعلا العائلة البشرية ممتعة اكثر،‏ وفي الواقع،‏ رائعة اكثر.‏

      والبشر يخضعون ايضا لقوانين اللّٰه الطبيعية.‏ مثلا،‏ اذا تجاهلنا قانون الجاذبية وقفزنا من مكان عال نُجرح او نُقتل.‏ واذا بقينا تحت الماء دون جهاز خصوصي للتنفس نموت في دقائق.‏ واذا تجاهلنا قوانيننا الداخلية للجسم وتوقفنا عن اكل الطعام او شرب الماء نموت ايضا.‏

      ولذلك فإن ابوينا الاولين،‏ وكل مَن تحدروا منهما،‏ خُلقوا بالحاجة الى اطاعة قوانين اللّٰه الادبية او الاجتماعية بالاضافة الى قوانينه الطبيعية.‏ والطاعة لقوانين اللّٰه لم تكن لتصير مرهقة.‏ وعوضا عن ذلك،‏ كانت ستعمل لخيرهم وذاك الذي لكامل العائلة البشرية القادمة.‏ فلو بقي ابوانا الاولان ضمن حدود قوانين اللّٰه لكان الجميع بخير.‏

      ماذا حدث مما افسد تلك البداية الحسنة؟‏ ولماذا،‏ عوضا عن ذلك،‏ صار الشر والالم متفشِّيَين؟‏ لماذا سمح اللّٰه بهما كل هذا الوقت الطويل؟‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      العطية الرائعة للارادة الحرَّة تميِّزنا عن المخلوقات الآلية العديمة العقل وعن الحيوانات التي تعمل بصورة رئيسية بالغريزة.‏

  • لماذا سمح اللّٰه بالألم
    استيقظ!‏ ١٩٩٠ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٨
    • لماذا سمح اللّٰه بالألم

      ‏«ليس لانسان يمشي ان يهدي خطواته.‏ أدِّبني يا رب.‏» —‏ ارميا ١٠:‏٢٣،‏ ٢٤‏.‏

      كُتبت هذه الكلمات بعد آلاف السنين من خلق البشر.‏ فقد ادرك ارميا انه حتى يومه كان التاريخ البشري مأساة بالمقارنة مع البداية الجيدة التي اعطاها اللّٰه لابوينا الاولين.‏

      وملاحظة ارميا عزَّزها سجل لاكثر من ٥٠٠‏,٢ سنة اضافية من التاريخ منذ زمنه.‏ والمأساة البشرية صارت اسوأ.‏ فما الخطأ الذي جرى؟‏

      اساءة استعمال الارادة الحرَّة

      غاب عن ذهن ابوينا الاولين الواقع انهما لم يُخلَقا ليزدهرا بعيدا عن اللّٰه وشرائعه.‏ فقرَّرا ان يستقلا عن اللّٰه،‏ اذ اعتقدا ان ذلك سيحسِّن حياتهما.‏ ولكنّ ذلك كان اساءة استعمال لحريتهما.‏ لقد تجاوزا حدود الارادة الحرَّة التي رسمها اللّٰه.‏ —‏ تكوين،‏ الاصحاح ٣‏.‏

      ولماذا لم يهلك اللّٰه آدم وحواء ويبدأ من جديد بزوجين بشريين آخرين؟‏ لان سلطانه الكوني وطريقة حكمه وُضعا موضع شك.‏ وكونُه الاله القادر على كل شيء وخالق كل المخلوقات يعطيه الحق في حكمهم.‏ وبما انه الكلي الحكمة،‏ فإن حكمه هو الافضل لكل المخلوقات.‏ ولكنّ حكم اللّٰه جرى تحدّيه الآن.‏

      فهل كان يمكن للبشر ان يفعلوا حسنا اكثر من ان يكونوا تحت حكم اللّٰه؟‏ عرف الخالق بالتأكيد الجواب عن هذا السؤال.‏ والطريقة الاكيدة ليعرفه البشر كانت ان يسمح لهم بالحرية غير المحدودة التي يرغبون فيها.‏ ولذلك فإن احد الاسباب،‏ بين اخرى،‏ التي من اجلها سمح اللّٰه بالشر والالم هو ان يُظهر دون شك ما اذا كان يمكن للحكم البشري المستقل عنه ان ينجح.‏a

      جلب آدم وحواء الالم على انفسهما وذريتهما.‏ و ‹حصدا ما زرعاه.‏› (‏غلاطية ٦:‏٧‏)‏ «لقد تصرفوا بشكل مخرب من تلقاء انفسهم؛‏ انهم ليسوا اولاد [اللّٰه]،‏ والعيب هو عيبهم.‏» —‏ تثنية ٣٢:‏٥‏،‏ ع‌ج.‏

      لقد جرى تحذير ابوينا الاولين من ان الاستقلال عن حكم اللّٰه سيؤدي الى موتهما.‏ (‏تكوين ٢:‏١٧‏)‏ وبرهن ذلك انه حق.‏ فبتركهما اللّٰه تركا مصدر صحتهما وحياتهما.‏ وبدأا بالانحطاط الى ان ادركهما الموت.‏ —‏ تكوين ٣:‏١٩‏.‏

      وبعد ذلك سمح اللّٰه بوقت كاف لكي تُظهر العائلة البشرية كاملا ما اذا كان ايّ نظام سياسي،‏ اجتماعي،‏ او اقتصادي ابتكرته مستقلا عن حكمه سيبرهن انه يمنح الاكتفاء على نحو تام.‏ فهل يبشر ايّ من هذه الانظمة بعالم سعيد سلمي خال من الجريمة او الحرب؟‏ وهل ينتج ايّ منها ازدهارا ماديا للجميع؟‏ هل يقهر ايّ منها المرض،‏ الشيخوخة،‏ والموت؟‏ لقد صُمِّم حكم اللّٰه لانجاز كل هذه الامور.‏ —‏ تكوين ١:‏٢٦-‏٣١‏.‏

      ما يعلِّمه مرور الوقت

      اوضح التاريخ سريعا صحة رومية ٥:‏١٢‏:‏ «اجتاز الموت الى جميع الناس.‏» وهذا العدد يشرح انه «بانسان واحد دخلت الخطية الى العالم وبالخطية الموت.‏» فعندما تمرَّد ابوانا الاولان على حكم اللّٰه صار فيهما عيب،‏ صارا ناقصين.‏ وهذا العيب كان كل ما تمكَّنا من اعطائه لذريتهما.‏ ونتيجة لذلك،‏ وُلدنا كلنا بعيب،‏ عرضة للمرض والموت.‏

      وكشف مرور الوقت ايضا كيف يتصرف الناس المثقلون بالخطية على نحو رهيب احدهم تجاه الآخر.‏ فكانت هنالك حروب وحشية اكثر من ان تعدّ،‏ ضغائن عرقية ودينية،‏ محاكم تفتيش،‏ جرائم مروِّعة من كل الانواع،‏ وأعمال انانية وجشع.‏ وفضلا عن ذلك،‏ اوقع الفقر والجوع ملايين لا تعدّ من الناس ضحية.‏

      وخلال آلاف السنين الماضية جرَّب الجنس البشري كل نوع يمكن تصوره من الحكومات.‏ ومع ذلك فشلت الواحدة بعد الاخرى في اشباع حاجات الانسان.‏ ورُفضت مؤخرا الحكومات الشيوعية في بلدان كثيرة.‏ وفي الدول الديموقراطية هنالك انتشار للجريمة،‏ الفقر،‏ عدم الاستقرار الاقتصادي،‏ والفساد.‏ حقا،‏ اثبتت كل اشكال الحكومات البشرية انها ناقصة.‏

      وعلاوة على ذلك،‏ سمح اللّٰه بالوقت لكي يبلغ البشر ذروتهم في الانجاز العلمي والمادي.‏ ولكن هل هو تقدم حقيقي عندما يجري استبدال القوس والسهم بالصواريخ النووية؟‏ عندما يتمكن الناس من السفر الى الفضاء ولكن لا يمكنهم العيش معا بسلام على الارض؟‏ عندما يخاف ملايين الناس من الخروج ليلا بسبب الجريمة؟‏

      ان ما يظهره اختبار الزمن هو انه لا يمكن للبشر ان ‹يهدوا خطواتهم› بنجاح،‏ تماما كما لا يمكن لهم ان يعيشوا دون طعام،‏ ماء،‏ وهواء.‏ فقد صُمِّمنا لنعتمد على ارشاد صانعنا،‏ كما خلقنا بالتأكيد لنعتمد على الطعام،‏ الماء،‏ والهواء.‏ —‏ متى ٤:‏٤‏.‏

      وبالسماح بالشر والالم اظهر اللّٰه مرَّة والى الابد النتائج المحزنة لاساءة استعمال الارادة الحرَّة.‏ ان هذه عطية ثمينة حتى ان اللّٰه عوض ان ينزع الارادة الحرَّة من البشر سمح لهم بأن يروا ما تعنيه اساءة استعمالها.‏

      وفي ما يتعلق بالارادة الحرَّة تقول المطبوعة «بيان مبادئ اليهودية المحافظة»:‏ «دون الامكانية الحقيقية لصنع الناس الاختيار الخاطئ عندما يواجههم الخير والشر تكون فكرة الاختيار بكاملها دون مغزى.‏ .‏ .‏ .‏ ان الكثير من الم العالم ينتج مباشرة من اساءة استعمالنا للارادة الحرَّة الموهوبة لنا.‏»‏

      دون شك كان ارميا على صواب عندما قال:‏ «ليس لانسان يمشي ان يهدي خطواته.‏» وسليمان ايضا كان على صواب عندما قال:‏ «يتسلط انسان على انسان لضرر نفسه.‏» —‏ جامعة ٨:‏٩‏.‏

      يوضح ذلك بقوة عدم قدرة الانسان على استئصال الالم.‏ وحتى سليمان،‏ بكل حكمته،‏ غناه،‏ وقوته لم يتمكن من معالجة البؤس الذي نجم عن الحكم البشري.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة