مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الانتحار —‏ بلوى الاحداث
    استيقظ!‏ ١٩٩٨ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٨
    • الانتحار —‏ بلوى الاحداث

      وكأن الحرب،‏ الجريمة،‏ والاعمال الوحشية لم تكن كافية لتدمير احداثنا حتى يظهر التدمير الذاتي في شكل انتحار الاحداث.‏ وتتلف اساءة استعمال الكحول والمخدِّرات عقول وأجسام الاحداث،‏ مسببة موت كثيرين منهم.‏ وصارت مألوفة اكثر فأكثر رؤية النقش على ضريح ضحية المخدِّرات:‏ مات من جرعة مفرطة من المخدِّرات،‏ عمدا او عرَضا.‏

      قال التقرير الاسبوعي للنسبة المَرَضية ومعدل الوفيات (‏بالانكليزية)‏،‏ عدد ٢٨ نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٩٥،‏ ان «الانتحار هو السبب الرئيسي الثالث المؤدي الى موت المراهقين الذين تتراوح اعمارهم بين ١٥ و ١٩ سنة في الولايات المتحدة».‏ ويكتب الطبيب ج.‏ ج.‏ مان في عقد العقل (‏بالانكليزية)‏:‏ «ينتحر اكثر من ٠٠٠‏,٣٠ [سنة ١٩٩٥ كان العدد ٢٨٤‏,٣١] اميركي كل سنة.‏ والمؤسف ان الاحداث هم عادة الضحية .‏ .‏ .‏ وعشرة اضعاف هؤلاء الـ‍ ٠٠٠‏,٣٠ يحاولون الانتحار ولكنهم ينجون.‏ .‏ .‏ .‏ وتحديد هوية المرضى الذين قد يحاولون الانتحار هو تحدًّ رئيسي لأن الاطباء السريريين لا يستطيعون بسهولة التمييز بين المرضى الذين يعانون اكتئابا قويا يدفعهم الى محاولة الانتحار والذين لن يقوموا بمحاولة كهذه».‏

      علَّق سايمن سوبو،‏ رئيس قسم الطب النفسي في مستشفى نيو ملفورد في كونكتيكت،‏ الولايات المتحدة الاميركية:‏ «جرت في هذا الربيع [١٩٩٥] محاولات انتحار اكثر مما شهدتُ خلال الـ‍ ١٣ سنة التي قضيتُها هنا».‏ وفي الولايات المتحدة،‏ يحاول آلاف الاحداث الانتحار كل سنة.‏ وكل محاولة هي صرخة تعطش الى المساعدة والاهتمام.‏ فمن سيكون هناك لتزويد الدعم قبل فوات الاوان؟‏

      مشكلة عالمية

      ان الحالة لا تختلف كثيرا في انحاء اخرى كثيرة من العالم.‏ ففي الهند،‏ كما تقول الهند اليوم (‏بالانكليزية)‏،‏ انتحر حوالي ٠٠٠‏,٣٠ حدث خلال سنة ١٩٩٠.‏ وفي اسپانيا،‏ اسرائيل،‏ تايلند،‏ سويسرا،‏ فرنسا،‏ فنلندا،‏ كندا،‏ نيوزيلندا،‏ وهولندا تزايد معدل الانتحار بين الاحداث.‏ يقول تقرير سنة ١٩٩٦ لصندوق رعاية الطفولة التابع للامم المتحدة (‏اليونيسيف)‏ ان اعلى معدلات الانتحار هي في روسيا،‏ سلوڤينيا،‏ فنلندا،‏ لاتڤيا،‏ ليتوانيا،‏ ونيوزيلندا.‏

      وفي أوستراليا ايضا يوجد احد اعلى معدلات انتحار الاحداث في العالم.‏ ففي هذا البلد،‏ وفقا لتقرير في صحيفة كانبيرا تايمز (‏بالانكليزية)‏،‏ ٢٥ في المئة من كل ميتات الاحداث الذكور و ١٧ في المئة من ميتات الاحداث الاناث في سنة ١٩٩٥ كانت انتحارا.‏ ومعدل عمليات الانتحار «الناجحة» للفتيان الاوستراليين يفوق بخمسة اضعاف تقريبا ذاك الذي للفتيات.‏ ويوجد معدل مماثل في غالبية البلدان.‏

      هل يعني ذلك انه من المرجَّح ان يحاول الفتيان الانتحار اكثر من الفتيات؟‏ ليس بالضرورة.‏ فالبيانات الموجودة لا تظهر فارقا بين الجنسين في ما يتعلق بمحاولات الانتحار.‏ ورغم ذلك،‏ «فإن عدد الذكور الذين ينتحرون يفوق عدد الاناث بحوالي اربعة اضعاف في البلدان الصناعية،‏ وفقا لآخر الارقام من منظمة الصحة العالمية».‏ —‏ تقدُّم الامم (‏بالانكليزية)‏،‏ اصدار اليونيسف.‏

      ولكن حتى هذه الاحصائيات المريعة قد لا تخبر عن مدى ضخامة المشكلة.‏ فالاحصائيات عن انتحار الاحداث،‏ الموضوعة في قالب من العبارات السريرية والتحليلية،‏ تسهُل قراءتها بشكل مدهش.‏ ولكن ما لا يُرى او يُدرك وراء كل احصائية جامدة،‏ هو العائلات المفكَّكة،‏ الغم،‏ البؤس،‏ الالم،‏ واليأس التي يعانيها الاشخاص فيما يبحثون عن الاسباب التي ادَّت الى موت احبائهم.‏

      فهل يمكن تفادي مآ‌سٍ كانتحار الاحداث؟‏ لقد حُدِّدت بعض العوامل الرئيسية التي قد تكون مساعدة على تجنب هذه الحالة المؤسفة.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٥]‏

      دوافع الانتحار

      هنالك نظريات كثيرة حول دوافع الانتحار.‏ «ان الانتحار هو نتيجة رد فعل الشخص تجاه مشكلة شديدة الوطأة عليه،‏ كالانعزال الاجتماعي،‏ موت احد احبائه (‏وخصوصا رفيق زواج)‏،‏ قضاء طفولة في عائلة محطَّمة،‏ المرض الجسدي الخطير،‏ التقدم في السن،‏ البطالة،‏ المشاكل الاقتصادية،‏ وإساءة استعمال المخدِّرات».‏ —‏ دائرة معارف الطب للجمعية الطبية الاميركية (‏بالانكليزية)‏.‏

      وفقا لعالِم الاجتماع اميل دوركايم،‏ هنالك اربعة انواع انتحار اساسية:‏

      ١-‏ الانتحار الانطوائي —‏ «يُعتقد انه ناجم عن نقص في اندماج المرء في المجتمع.‏ وبصورة عامة،‏ يُترك ضحايا الانتحار الانطوائي وحدهم،‏ فلا علاقة لهم بمجتمعهم ولا يعتمدون عليه».‏ انهم اشخاص متوحِّدون.‏

      ٢-‏ الانتحار من اجل الآخرين —‏ «يندمج المرء في مجموعة بشكل وثيق الى حد انه لا يجد مانعا ابدا من التضحية بنفسه».‏ ومن هؤلاء مثلا،‏ الطيارون الفدائيون اليابانيون في الحرب العالمية الثانية والمتطرفون الدينيون الذين يفجِّرون انفسهم فيما يقتلون اعداءهم.‏ والاشخاص الذين يضحّون بأنفسهم ليلفتوا الانتباه الى قضية ما هم امثلة اخرى يمكن ذكرها.‏

      ٣-‏ الانتحار اللامعياري —‏ «ان ضحية الانتحار اللامعياري غير قادرة على معالجة ازمة ما بطريقة عقلانية فتختار الانتحار كحلّ للمشكلة.‏ ويحدث [هذا] عندما تتغير علاقة المرء المعتادة بالمجتمع بطريقة فجائية تسبِّب صدمة».‏

      ٤-‏ الانتحار الحتمي —‏ «يُعتقد انه ناجم عن قوانين المجتمع الصارمة التي تقيِّد بشكل رئيسي حرية الفرد».‏ وضحايا كهؤلاء «يشعرون بأن لا مستقبل لهم».‏ —‏ انتحار المراهق:‏ تقييم وتدخُّل،‏ بقلم آلن ل.‏ بيرمن ودايڤيد أ.‏ جوبز (‏بالانكليزية)‏.‏

  • عندما يزول الامل والمحبة
    استيقظ!‏ ١٩٩٨ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٨
    • عندما يزول الامل والمحبة

      كتبت فتاة كندية في الـ‍ ١٧ من العمر عن الاسباب التي تدفعها الى الانتحار.‏ وذكرت منها:‏ ‹الشعور بالوحدة والخوف على مستقبلي؛‏ الشعور بأنني ادنى كثيرا من زملائي في العمل؛‏ الحرب النووية؛‏ طبقة الأوزون؛‏ انا قبيحة فعلا،‏ ولذلك لن احظى ابدا بزوج وسأبقى وحيدة؛‏ لا اعتقد انه يوجد شيء بعد يستحق ان اعيش من اجله،‏ فلمَ الانتظار ريثما اكتشف ذلك؛‏ سيريح موتي الآخرين من عبئي؛‏ ولن يسيء احد اليَّ بعد اليوم›.‏

      هل يمكن ان تكون هذه بعض الاسباب التي توضح لماذا يقتل الاحداث انفسهم؟‏ ففي كندا،‏ «يشكِّل الانتحار الآن،‏ الى جانب حوادث السير،‏ السبب الاكثر شيوعا لموت الاحداث».‏ —‏ ذا ڠلوب اند مايل (‏بالانكليزية)‏.‏

      يقول الپروفسور ريِّس حسان،‏ من جامعة فليندرز في جنوب أوستراليا،‏ في بحثه «الحيوات المقصَّرة:‏ النزعات الى انتحار الاحداث»:‏ «هنالك اسباب اجتماعية عديدة لها صلة بالموضوع ويبدو ان لها تأثيرا كبيرا في ازدياد انتحار المراهقين.‏ وهذه الاسباب هي:‏ معدل البطالة العالي عند الاحداث؛‏ التغييرات في العائلة الاوسترالية؛‏ ازدياد استعمال المخدِّرات وإساءة استعمالها؛‏ ازدياد عنف الاحداث؛‏ الصحة العقلية؛‏ وازدياد الفجوة بين ‹الحرية النظرية› والاستقلال الذاتي عن طريق الاختبار».‏ ويضيف البحث ان نتائج عدة استطلاعات اسفرت عن نظرة تشاؤمية الى المستقبل وأشارت الى ان «نسبة كبيرة من الاحداث ينظرون الى مستقبلهم ومستقبل العالم بخوف وذعر.‏ انهم يتصوَّرون عالما تكتسحه الحرب النووية ويدمره التلوُّث والتدهور البيئي،‏ مجتمعا فقد طابعه البشري حيث تخرج التكنولوجيا عن نطاق السيطرة وتتفاقم مشكلة البطالة».‏

      وأظهر استطلاع للرأي اجراه معهد ڠالوپ،‏ شمل احداثا تتراوح اعمارهم بين الـ‍ ١٦ والـ‍ ٢٤،‏ ان الاسباب الاضافية للانتحار هي الفجوة التي تتسع بين الاغنياء والفقراء،‏ ازدياد اعداد العائلات ذات الوالد الواحد،‏ ازدياد استعمال الاسلحة النارية،‏ الاساءة الى الاولاد،‏ و«عدم ايمان بالمستقبل» شامل.‏

      تذكر نيوزويك (‏بالانكليزية)‏ انه في الولايات المتحدة «قد يكون وجود الاسلحة النارية العامل الاهم [في انتحار الاحداث].‏ فعندما اجرت دراسة مقارنة بين ضحايا انتحار المراهقين الذين لا يعانون ظاهريا ايّ اضطراب عقلي والاولاد الذين لم ينتحروا،‏ وجدت فارقا واحدا فقط:‏ وجود مسدس محشو في المنزل.‏ لذلك من الخطإ الادِّعاء ان حيازة المسدسات لا تساهم في قتل الناس».‏ والمسدسات المحشوة موجودة في ملايين البيوت!‏

      ان الخوف والمجتمع غير المبالي سببان من شأنهما ان يدفعا بسرعة الاحداث غير المحصَّنين الى شفير الانتحار.‏ تأملوا في ما يلي:‏ ان معدل الجرائم العنيفة المرتكبة ضد احداث تتراوح اعمارهم بين الـ‍ ١٢ والـ‍ ١٩ هو اكثر من ضعف عدد الجرائم المرتكبة ضد المجتمع عموما.‏ ووجدت الدراسات ان «الفتيات الحدثات اللواتي تتراوح اعمارهن بين الـ‍ ١٤ والـ‍ ٢٤ هنَّ على الارجح مَن يتعرَّضن للاعتداء»،‏ كما ذكرت مجلة ماكلينز (‏بالانكليزية)‏.‏ «غالبا ما يجري الاعتداء على النساء وقتلهن على يد اشخاص يدَّعون انهم يحبونهن».‏ والنتيجة؟‏ ان هذه المخاوف وغيرها «تفتت الثقة والشعور بالامن عند هؤلاء الفتيات».‏ وفي احدى الدراسات،‏ صرَّحت ثلث الفتيات تقريبا اللواتي بقين احياء بعد تعرضهن للاغتصاب اثناء مقابلة معهن انهن فكرن في الانتحار.‏

      ويعرض تقرير من نيوزيلندا بُعدا آخر لانتحار الاحداث قائلا:‏ «ان القيم العالمية المنتشرة التي تقرن نجاح الشخص بثروته،‏ مظهره الخارجي،‏ وسلطته تجعل احداثا كثيرين يشعرون بعدم القيمة وبأنهم منبوذون لدى المجتمع».‏ وتضيف ذي فيوتشوريست (‏بالانكليزية)‏ ما يلي:‏ «يحب [الاحداث] كثيرا الاشباع الفوري للرغبات،‏ إذ يريدون الحصول على كل شيء وبسرعة.‏ وبرامجهم التلفزيونية المفضلة هي المسلسلات.‏ فهم يرغبون ان يكون عالمهم مليئا بأشخاص جذابين كالموجودين في المسلسلات،‏ يرتدون احدث الازياء،‏ ويملكون الكثير من المال والنفوذ دون الاضطرار الى العمل بكد».‏ ويبدو ان ضخامة حجم هذه التوقعات غير الواقعية،‏ والتي لا يمكن ان تتحقق،‏ هي مصدر يأس وقد تؤدي الى الانتحار.‏

      صفة منقذة للحياة؟‏

      كتب شكسپير:‏ «المحبة تعزِّي كشروق الشمس بعد المطر».‏ ويقول الكتاب المقدس:‏ «المحبة لا تسقط ابدا».‏ (‏١ كورنثوس ١٣:‏٨‏)‏ وفي هذه الصفة يكمن الحل لمشكلة الاحداث الذين يميلون الى الانتحار —‏ توقهم الى المحبة والاتصال.‏ تقول دائرة معارف الطب للجمعية الطبية الاميركية (‏بالانكليزية)‏:‏ «يشعر الاشخاص الميالون الى الانتحار عادة بالوحدة القاتلة،‏ وفرصة التحدث الى شخص يصغي بتعاطف وتفهم تكفي احيانا لتفادي العمل الناجم عن اليأس».‏

      غالبا ما يحتاج الاحداث بشدة الى المحبة وإلى الشعور بالانتماء.‏ وإشباع هذه الحاجة يزداد صعوبة مع كل يوم يمر في عالم مدمِّر خالٍ من المحبة —‏ عالم لا يأخذ آراءهم بعين الاعتبار.‏ ويمكن ان يكون رفض الوالدين للمراهقين بسبب انهيار العائلة والطلاق عاملا مساهما في انتحارهم.‏ ولهذا الرفض عدة اوجه.‏

      تأملوا في حالة والدين قلَّما يكونون في البيت مع اولادهم.‏ فقد يكون الاب والام غارقَين تماما في عملهما او منقادَين لنوع من الاستجمام لا يشمل الاولاد.‏ فالرسالة غير المباشرة الموجَّهة الى الاولاد تعني بوضوح الرفض.‏ يذكر الصحافي والباحث المشهور هيو ماكاي ان «الوالدين يصيرون انانيين اكثر فأكثر.‏ فهم يضعون انفسهم في المقام الاول ليحموا انماط حياتهم.‏ .‏ .‏ .‏ وبصريح العبارة صار الاولاد يُعتبرون عتيقي الطراز.‏ .‏ .‏ .‏ فالحياة قاسية والناس ينغمسون في اهتماماتهم الشخصية».‏

      وهكذا،‏ في بعض المجتمعات،‏ قد لا يرغب الرجال بسبب نعرة الرجولة ان يُنظر اليهم كمعتنين بالآخرين.‏ وتعبِّر الصحافية كايت ليڠ عن هذا الامر بطريقة ملائمة حين تقول:‏ «الرجال الذين يميلون الى الخدمة العامة يفضِّلون عموما مهمَّات تتعلق بإنقاذ الحياة او اطفاء الحرائق على الاعمال التي تشمل الاعتناء بالآخرين .‏ .‏ .‏ فهم يفضِّلون البطولة القوية الصامتة الناتجة عن محاربة قوى خارجية على الوظائف التي تشمل الاعتناء بالناس والتفاعل معهم».‏ وطبعا،‏ ان احدى الوظائف المتعلقة بالاعتناء بالناس اليوم هي الكينونة والدا.‏ فعدم اداء هذه الوظيفة بفعالية يعادل رفض الولد.‏ ونتيجة لذلك،‏ قد يطوِّر ابنكم او ابنتكم نظرة سلبية الى الذات ومهارات اجتماعية ضعيفة.‏ تذكر ذي اديوكايشن دايجسْت (‏بالانكليزية)‏:‏ «ان الاولاد الذين لا يملكون نظرة ايجابية الى انفسهم لا يملكون اساسا لاتخاذ القرارات من اجل افضل مصالحهم».‏

      يمكن ان ينتج فقدان الامل

      يؤمن الباحثون ان فقدان الامل هو المساهم الاكبر في الانتحار.‏ علَّقت ڠايل مايسون،‏ التي كتبت عن انتحار الاحداث في أوستراليا:‏ «يُعتبر ان لفقدان الامل علاقة بالافكار الانتحارية اكثر من الاكتئاب.‏ ويُعرَّف فقدان الامل في بعض الحالات بأنه احد اعراض الاكتئاب.‏ .‏ .‏ .‏ ويتَّخذ عموما شكل شعور عام باليأس والقنوط في ما يتعلق بمستقبل الاحداث،‏ وخصوصا مستقبلهم الاقتصادي:‏ وبدرجة اخف،‏ شعور بفقدان الامل في ما يتعلق بالوضع العام».‏

      ولا يرى الاحداث في الزعماء المدنيين امثلة جيدة للنزاهة يقتدون بها ليرفعوا مستواهم الاخلاقي والادبي.‏ فيصبح موقفهم بالتالي:‏ «لماذا اهتم بالكينونة نزيها؟‏».‏ تعلِّق هارپر ماڠازين (‏بالانكليزية)‏ على قدرة الاحداث على اكتشاف الرياء فتقول:‏ «ان الاحداث،‏ بقدرتهم على اشتمام رائحة الرياء،‏ هم في الواقع خبراء بالقراءة —‏ ولكن ليس بقراءة الكتب.‏ فما يقرأونه بدقة متناهية هو العلامات الاجتماعية الصادرة عن العالم حيث يجب ان يعملوا من اجل لقمة العيش».‏ وإلام تشير تلك العلامات بوضوح؟‏ تعلِّق الكاتبة ستيفاني دوريك:‏ «لم يسبق ان توفرت لنا المعلومات عن كيفية العيش كما تتوفر اليوم.‏ ولم يسبق ان كنا اغنياء ومثقَّفين كما نحن عليه الآن.‏ ومع ذلك يعم اليأس كل مكان».‏ وقلَّما نجد امثلة يُقتدى بها بين ذوي المقامات الرفيعة في المجتمع السياسي والديني.‏ وتطرح دوريك بضعة اسئلة تدخل في صلب الموضوع:‏ «كيف لنا ان نكتسب الحكمة،‏ المرونة،‏ والمعنى من العذاب الذي لا معنى له؟‏ وكيف ننمّي المحبة في مناخ من الانانية،‏ السلوك الفظ،‏ والجشع؟‏».‏

      ستجدون الاجوبة عن هذه الاسئلة في مقالتنا التالية،‏ وقد تدهشكم.‏

  • عندما يعود الامل والمحبة
    استيقظ!‏ ١٩٩٨ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٨
    • عندما يعود الامل والمحبة

      يدرك الوالدون،‏ الاساتذة،‏ وغيرهم من الذين يتعاملون مع المراهقين انه لا هم ولا الاحداث ولا احد يستطيع تغيير العالم.‏ فهنالك تأثيرات كالامواج العاتية لا يقدر ان يتصدَّى لها احد.‏ ومع ذلك،‏ هنالك الكثير من الامور التي نستطيع ان نقوم بها للمساهمة في جعل الاحداث اكثر سعادة،‏ صحة،‏ وتكيفا مع محيطهم.‏

      وإذ تكون الوقاية خيرا من العلاج،‏ يجب ان يفكر الوالدون جيدا كيف سيؤثر نمط حياتهم وأولوياتهم في مواقف وسلوك اولادهم.‏ فتزويد جو بيتي تسوده المحبة والاهتمام يمنح الامن الذي يشكِّل افضل وقاية ضد سلوك التدمير الذاتي.‏ وإحدى حاجات الاحداث الفائقة الاهمية هي وجود شخص يصغي اليهم.‏ فإذا لم يصغ الوالدون،‏ فقد يقوم بذلك اشخاص يملكون صفات غير مرغوب فيها.‏

      وماذا يعني ذلك بالنسبة الى الوالدين اليوم؟‏ وفِّروا الوقت لأولادكم عندما يحتاجون اليه،‏ اي في حداثتهم.‏ وهذا ليس سهلا بالنسبة الى عائلات كثيرة.‏ فهي تناضل لتسدّ حاجاتها الاساسية ولا يجد الوالدون امامهم خيارا آخر إلّا ان يعملا كلاهما.‏ والذين رغبوا في صنع التضحيات من اجل قضاء وقت اكثر مع اولادهم ونجحوا في ذلك،‏ حصدوا مكافأة رؤية ابنائهم وبناتهم يحرزون نجاحا اكبر في حياتهم.‏ ولكن،‏ كما ذُكر سابقا،‏ بالرغم من اقصى الجهود التي يبذلها الوالدون،‏ يمكن ان تنشأ مشاكل خطيرة مع اولادهم.‏

      اصدقاء وراشدون آخرون يمكنهم المساعدة

      ان الحروب،‏ الاغتصاب،‏ والاساءة الى الاولاد تتطلب من جهة الراشدين الذين يهتمون فعلا بالاحداث جهودا جبارة لمعالجة الضرر.‏ والاحداث الذين تأذوا باختبارات سلبية كهذه قد لا يتجاوبون جيدا مع الجهود المبذولة لمساعدتهم.‏ وذلك يعني تخصيص وقت اكثر وجهد اكبر.‏ طبعا،‏ ان التقليل من شأنهم او رفضهم لا يعرب عن حكمة او محبة.‏ فهل نستطيع ان نفحص طاقتنا العاطفية ونبذل ما في وسعنا لإظهار اللطف والمحبة اللازمين لمَن هم في خطر؟‏

      يحتاج الوالدون والاصدقاء وحتى الاشقاء ان يكونوا متيقظين،‏ وخصوصا لملاحظة اية ميول عند الاحداث قد تدل على حالة عاطفية ضعيفة وربما غير متزنة.‏ (‏انظروا الاطار «مطلوب مساعدة اختصاصيين»،‏ في الصفحة ٨.‏)‏ فإذا كانت العلامات موجودة،‏ فكونوا مسرعين في الاصغاء.‏ وإذا كان ممكنا،‏ فحاولوا ان تجعلوا الاحداث يعبِّرون عما يجيش في صدرهم من خلال اسئلة لطيفة لتؤكدوا لهم صداقتكم الحقيقية.‏ ويمكن ان يدعم اصدقاء وأقرباء موثوق بهم الوالدين في معالجة الحالات الصعبة؛‏ ولكن،‏ طبعا،‏ يجب ان يحذروا من اخذ دور الوالدين.‏ وغالبا ما تكون ميول الاحداث الانتحارية طلبا يائسا للاهتمام —‏ الاهتمام الابوي.‏

      وإحدى افضل الهدايا التي يستطيع ان يقدمها ايّ انسان للاحداث هي الرجاء الاكيد بمستقبل سعيد،‏ وهو حافز يدفعهم الى البقاء احياء.‏ وقد توصَّل احداث كثيرون الى ادراك صحة وعود الكتاب المقدس بنظام عالمي افضل آت قريبا.‏

      منقَذون من انتحار محتمل

      تقول شابة من اليابان تأملت مرارا في الانتحار:‏ «كم مرة تقت الى اتخاذ هذه الخطوة.‏ فعندما كنت طفلة صغيرة،‏ اساء إليَّ جنسيا شخص وثقتُ به.‏ .‏ .‏ .‏ وفي الماضي،‏ كتبت ملاحظات كثيرة قائلة:‏ ‹اريد ان اموت›،‏ الى حد اني لم اعد اذكر عددها.‏ وبعد ذلك صرت واحدة من شهود يهوه،‏ وأنا اخدم الآن كمبشِّرة كامل الوقت،‏ ولكن لا يزال هذا الدافع يراودني من وقت الى آخر.‏ .‏ .‏ .‏ لكنَّ يهوه يسمح لي بالبقاء حية،‏ ويبدو انه يقول لي بلطف ‹ابقي حية›».‏

      وتوضح فتاة من روسيا في الـ‍ ١٥ من العمر:‏ «عندما كنت بعمر ثماني سنوات،‏ ابتدأت اشعر بأن لا احد يحتاج إليّ.‏ ولم يكن لدى والديَّ الوقت ليتحدَّثا إليّ،‏ فحاولت ان احل انا بنفسي مشاكلي.‏ فصرت منعزلة.‏ وكنت اتشاجر باستمرار مع اقربائي.‏ ثم خطرت فكرة الانتحار على بالي.‏ كم كنت سعيدة انني التقيت شهود يهوه!‏».‏

      ومن أوستراليا،‏ تأتي هذه التعليقات المشجِّعة من كاتي،‏ وهي الآن في اوائل ثلاثيناتها،‏ التي تظهر ان اليأس يمكن ان يتحول الى امل:‏ «كنت دائما احلم بطرائق متعددة لإنهاء حياتي وفي النهاية حاولت الانتحار.‏ كنت اريد الهرب من هذا العالم المليء بالاذى،‏ الغضب،‏ والفراغ.‏ وصار صعبا عليّ بسبب الاكتئاب ان اتخلص من ‹خيوط العنكبوت› التي كانت تأسرني.‏ لذلك بدا الانتحار الحل في ذلك الوقت.‏

      ‏«عندما سمعت للمرة الاولى عن امكانية تحوُّل الارض الى فردوس،‏ في ظلّ حياة يسودها السلام والسعادة للجميع،‏ تقتُ فعلا اليها.‏ لكنها بدت مجرد حلم مستحيل.‏ غير انني بدأت تدريجيا افهم نظرة يهوه الى الحياة وكم ثمين هو كل فرد منا في عينيه.‏ وبدأت اثق بأن هنالك املا في المستقبل.‏ وأخيرا وجدت منفذا من ‹خيوط العنكبوت› تلك.‏ ولكنَّ الخروج منها كان صعبا.‏ فأحيانا كان الاكتئاب يسيطر عليّ،‏ وكنت اشعر بالضياع الشديد.‏ لكنَّ جَعْل يهوه اللّٰه محور حياتي اتاح لي ان اقترب كثيرا منه وأن اشعر بالامان.‏ اشكر يهوه على كل ما فعله لأجلي».‏

      لا موت احداث بعد الآن

      من خلال درس الكتاب المقدس،‏ يمكن ان يدرك الحدث ان هنالك شيئا افضل للتطلُّع اليه —‏ ما يدعوه الرسول المسيحي بولس «الحياة الحقيقية».‏ لقد نصح الحدث تيموثاوس:‏ «أوصِ الاغنياء .‏ .‏ .‏ ان لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى بل على اللّٰه الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع.‏ وأن يصنعوا صلاحا وأن يكونوا اغنياء في اعمال صالحة .‏ .‏ .‏ مدَّخرين لأنفسهم اساسا حسنا للمستقبل لكي يمسكوا بالحياة الابدية [«الحقيقية»،‏ ترجمة تفسيرية‏]».‏ —‏ ١ تيموثاوس ٦:‏١٧-‏١٩‏.‏

      يعني نصح بولس،‏ في الواقع،‏ اننا يجب ان نختلط بالآخرين،‏ مساعدينهم على حيازة رجاء قوي بالمستقبل.‏ و «الحياة الحقيقية» هي ما وعد يهوه بأنه سيكون في عالمه الجديد حيث ننتظر «سموات جديدة وأرضا جديدة».‏ —‏ ٢ بطرس ٣:‏١٣‏.‏

      لقد توصل احداث كثيرون كانوا سابقا في خطر الى الادراك ان اساءة استعمال المخدِّرات وأنماط الحياة الفاسدة ادبيا ليست سوى طريق طويلة ومتعرجة نهايتها الموت،‏ وأن الانتحار ليس سوى الطريق المختصرة.‏ وصاروا يدركون ان هذا العالم،‏ بحروبه،‏ حقده،‏ سلوكه المؤذي،‏ وطرقه الخالية من المحبة سيولِّي قريبا.‏ وتعلَّموا ان لا جدوى من اصلاح نظام هذا العالم.‏ ولهم ملء الثقة بأن ملكوت اللّٰه هو الرجاء الحقيقي الوحيد،‏ لأنه سيفتح الطريق امامنا الى عالم جديد حيث لن يموت ابدا —‏ او يرغب ايضا في الموت —‏ لا الاحداث ولا الجنس البشري الطائع.‏ —‏ رؤيا ٢١:‏١-‏٤‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة