مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • كيف غيَّر التلفزيون العالم
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | ايار (‏مايو)‏ ٢٢
    • كيف غيَّر التلفزيون العالم

      في الصيف الماضي،‏ حوَّل التلفزيون العالم الى ميدان عالمي للالعاب الرياضية.‏ ففي روما،‏ ايطاليا،‏ كانت الطرقات مهجورة.‏ فنحو ٢٥ مليون ايطالي كانوا يشاهدون مباريات كرة القدم لكأس العالم.‏ وفي بونس إيريس،‏ الارجنتين،‏ كانت الطرقات ايضا موحشة،‏ وللسبب نفسه.‏ وفي الكمرون،‏ افريقيا الغربية،‏ كان الضوء الازرق الضارب الى الرمادي نفسه يومض على نحو مخيف في النوافذ فيما يهتف الملايين بنغمة واحدة.‏ وفي لبنان الذي مزَّقته الحرب،‏ ثبَّت الجنود اجهزة التلفزيون على دباباتهم المعطَّلة ليشاهدوا.‏ وعندما بلغت المباراة الدورية ذروتها،‏ فإن ما يقدَّر بخمس عدد سكان الارض كانوا يشاهدون،‏ منجذبين الى الصندوق كالفراش الى اللهب،‏ ووجوههم ينيرها وهجه الشاحب.‏

      لم يكن هذا الحدث التلفزيوني العظيم فريدا.‏ ففي سنة ١٩٨٥ شاهد ثلث عدد سكان الارض تقريبا —‏ نحو ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٦٠٠‏,١ شخص —‏ حفلة الروك الموسيقية التي تدعى Live Aid‏.‏ فأقمار اصطناعية كثيرة وجهت البرنامج الى نحو ١٥٠ بلدا،‏ اذ امتدت من ايسلندا الى غانا.‏

      التلفزيون —‏ هذا الصندوق الموجود في كل مكان كان في قلب ثورة حادَّة.‏ فتطورت التكنولوجيا من شاشات صغيرة وامضة لعشرينات وثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ الى شاشات متطورة لليوم،‏ بلون زاهٍ وبوضوح،‏ داعمة في الوقت نفسه الازدهار العالمي.‏ وفي سنة ١٩٥٠ كان هنالك اقل من خمسة ملايين جهاز تلفزيوني في العالم.‏ واليوم،‏ هنالك نحو ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٧٥٠.‏

      والاحداث كمباريات كرة القدم لكأس العالم إنما توضح قدرة التلفزيون على توحيد الكرة الارضية في شبكة واحدة للمعلومات.‏ فالتلفزيون غيَّر الطريقة التي بها يتعلَّم الناس عن العالم حولهم.‏ لقد ساعد في نشر الاخبار والافكار،‏ حتى الثقافة والقيم،‏ من بلد الى آخر،‏ اذ تجاوز دون جهد الحدود السياسية والجغرافية التي صدَّت ذات يوم تيارات كهذه.‏ فالتلفزيون غيَّر العالم.‏ والبعض يقولون انه يمكن ان يغيِّركم.‏

      يُعتبر جوهان ڠوتنبرڠ على نحو واسع انه احدث تغييرا اساسيا في الاتصالات الجماهيرية عندما صدر اول كتاب مقدس من مطبعته في سنة ١٤٥٥.‏ والآن يمكن لرسالة واحدة ان تصل فجأة الى جمهور اكبر بكثير في فترة من الوقت اقصر،‏ بكلفة مخفَّضة جدا.‏ فرأت الحكومات سريعا قوة الطباعة وحاولت السيطرة عليها بقوانين الترخيص.‏ ولكن وسائل الاعلام المطبوعة وصلت الى جماهير اكبر اكثر من اي وقت مضى.‏ وفي اوائل القرن الـ‍ ١٩،‏ لاحظ المؤرخ ألكسيس دو توكڤيل ان الصحف لديها قوة فوق العادة لتغرس الفكرة نفسها في ٠٠٠‏,١٠ من الاذهان في يوم واحد.‏

      والآن تأملوا في التلفزيون.‏ انه قادر على غرس الفكرة نفسها في مئات الملايين من الاذهان —‏ كلها في اللحظة نفسها!‏ وبخلاف الصفحة المطبوعة،‏ انه لا يتطلب من مشاهديه ان يكونوا مثقفين في فن القراءة المعقَّد،‏ ولا يطلب منهم ان يكوِّنوا صورهم وانطباعاتهم الفكرية الخاصة.‏ فهو ينقل رسائله بالصور والصوت وكل المغريات التي يمكن ان تنتجها.‏

      لم يستلزم الامر وقتا طويلا ليرى السياسيون امكانية التلفزيون الهائلة.‏ ففي الولايات المتحدة،‏ استخدم دوايت.‏ د.‏ آيزنهاور التلفزيون بدهاء في حملته الرئاسية سنة ١٩٥٢.‏ وبحسب كتاب Tube of Plenty—The Evolution of American Television‏،‏ فاز آيزنهاور بالانتخابات لانه اثبت انه المرشَّح «الذي يمكن تقديمه بأكثر سهولة على نحو جذاب» في وسائل الاعلام.‏ ويظهر الكتاب ان التلفزيون يمكن ان يكون قد لعب دورا اكبر ايضا في انتصار جون ف.‏ كنيدي على ريتشارد م.‏ نكسون في انتخابات سنة ١٩٦٠.‏ وعندما تحاور المرشحان في التلفزيون،‏ احرز كنيدي عند المشاهدين اصواتا اكثر من نكسون.‏ ولكنَّ الجماهير الذين سمعوا الحوار نفسه بواسطة الراديو شعروا بأنه كان متعادلا.‏ ولمَ هذا الفرق؟‏ بدا نكسون ضعيفا وشاحب اللون،‏ في حين كان كنيدي نشيطا ومشرق الوجه،‏ تنبعث منه الثقة والحيوية.‏ وبعد الانتخابات،‏ قال كنيدي عن التلفزيون:‏ «لم نكن لنحصل على فرصة لولا هذه الاداة.‏»‏

      واستمرت «هذه الاداة» في جعل قوتها تبدو عالمية.‏ فابتدأ البعض يدعونها القوة العظمى الثالثة.‏ ومكَّنت تكنولوجيا الاقمار الاصطناعية المذيعين من توجيه اشاراتهم عبر الحدود القومية وحتى المحيطات.‏ واستخدم القادة العالميون التلفزيون كساحة لكسب الدعم الدولي وتشهير منافسيهم.‏ واستخدمته بعض الحكومات لنقل الدعاية الى البلدان العدوّة.‏ وتماما كما حاولت بعض الحكومات ان تسيطر على اختراع ڠوتنبرڠ حالما ادركت قوته،‏ سيطرت حكومات كثيرة باحكام على التلفزيون.‏ وفي سنة ١٩٨٦ كان النصف تقريبا من كل الامم يذيعون برامج بتوجيه من الحكومة فقط.‏

      ولكنَّ،‏ التكنولوجيا جعلت السيطرة على التلفزيون اصعب فأصعب.‏ فالاقمار الاصطناعية اليوم تنقل اشارات يمكن ان تُلتقط حتى في البيوت التي لديها هوائيات antennas ذات عاكس مقعَّر صغيرة نسبيا لتلقِّي البث.‏ وكاميرات وكسيتات الڤيديو الصغيرة والسهلة الحمل،‏ الى جانب الكثير من المصوِّرين الفوتوڠرافيين الهواة،‏ انتجت فيضا لا يمكن ايقافه غالبا من التسجيلات البصرية تقريبا لكل حادث ذي اهمية اخبارية.‏

      واحدى هيئات الاخبار في الولايات المتحدة،‏ شبكة الاخبار الكبلية لاذاعة تِرْنِر،‏ تجمع تقارير اخبارية من ٨٠ بلدا تقريبا وتنقلها الى كل العالم.‏ وتغطيتها العالمية والمتواصلة للاحداث يمكن ان تحوِّل كل حادث الى مسألة دولية على الفور تقريبا.‏

      وعلى نحو متزايد،‏ يتغيَّر التلفزيون من جهاز لتسجيل الاحداث العالمية الى جهاز لتشكيل الاحداث العالمية.‏ فقد لعب التلفزيون دورا رئيسيا في سلسلة الثورات التي هزَّت اوروپا الشرقية في سنة ١٩٨٩.‏ فالحشود في پراڠ،‏ تشيكوسلوڤاكيا،‏ صرخوا في الشوارع،‏ مطالبين بـ‍ «النقل الحي» على التلفزيون.‏ وفي حين ان الثوار سفكوا ذات مرة دما لحماية بناء حكومي،‏ قلعة،‏ او معقل للشرطة،‏ فإن ثوار سنة ١٩٨٩ قاتلوا في الدرجة الاولى لنيل إِذْن بالدخول الى محطات التلفزيون.‏ وفي الواقع،‏ ان نظام الحكم الجديد في رومانيا ابتدأ بحكم البلد من محطة التلفزيون!‏ لذلك،‏ فإن دعوة التلفزيون القوة العظمى الثالثة ربما لا تكون امرا يصعب تصديقه على الاطلاق.‏

      ولكن التلفزيون يفعل اكثر من التأثير في الميدان السياسي.‏ فهو الآن يغيِّر ايضا ثقافة العالم وقيمه.‏ فالولايات المتحدة غالبا ما تُتَّهم بـ‍ ‹الامپريالية الثقافية،‏› اي،‏ بإجبار العالم على قبول ثقافتها من خلال وسيلة التلفزيون الاعلامية.‏ وبما ان الولايات المتحدة كانت البلد الاول الذي يكوِّم مخزونا من البرامج التجارية المربحة،‏ في اواخر اربعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ وفي خمسينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ تمكَّن المنتجون الاميركيون من بيع برامج لدول اخرى بجزء مما يكلِّفها لانتاج برامجها الخاصة.‏

      وفي اواخر ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كانت كينيا تستورد حتى ٦٠ في المئة من برامجها التلفزيونية؛‏ اوستراليا،‏ ٤٦ في المئة؛‏ إكوادور،‏ ٧٠ في المئة؛‏ واسپانيا،‏ ٣٥ في المئة.‏ ومعظم هذه الواردات اتت من الولايات المتحدة.‏ واحد البرامج الاميركية،‏ بيت صغير في القفر،‏ جرى بثّه في ١١٠ بلدان.‏ والبرنامج دالاس ظهر في ٩٦ بلدا.‏ فتشكّى البعض ان الصِّبغة المحلية تزول من التلفزيون حول العالم،‏ ان الاستهلاكية والمادية الاميركية تنتشر.‏

      ودول كثيرة هي في اضطراب بسبب ‹الامپريالية الثقافية.‏› ففي نيجيريا،‏ تشكّى المذيعون من ان ادخال البرامج الاجنبية يفسد الثقافة القومية؛‏ ويقلقهم ان المشاهدين النيجيريين يبدون على علم بالولايات المتحدة وبريطانيا اكثر من نيجيريا.‏ ويشعر الاوروپيون على نحو مماثل.‏ وفي جلسة اخيرة للكونڠرس في الولايات المتحدة،‏ قال احد رجال الاعلام روبرت ماكسويل بغضب:‏ «ما من دولة يجب ان تجيز إخضاع ثقافتها من قِبَل دولة اجنبية.‏» وبناء على ذلك،‏ ابتدأت بعض الدول بفرض حدود على عدد البرامج غير المحلية التي يمكن ان تبثَّها المحطات.‏

      ويمكن ان تسيء ‹الامپريالية الثقافية› الى اكثر من الثقافات.‏ فيمكن ايضا ان تؤذي الكوكب الارضي.‏ فاستهلاكية الحصول على ذلك كله الآن للمجتمع الغربي قامت بدور في افساد الهواء،‏ تسميم الماء،‏ التخريب العام للارض.‏ كما عبَّر عن ذلك احد الكتّاب لـ‍ The Independent‏،‏ صحيفة لندنية:‏ «جلب التلفزيون للعالم املا باهرا بالحرية المادية —‏ بالازدهار الغربي —‏ التي هي وهمية،‏ لان بلوغها ممكن إنما على حساب الاساءة الى البيئة الطبيعية التي لا يمكن اصلاحها.‏»‏

      فمن الواضح ان التلفزيون يغيِّر العالم اليوم،‏ وليس دائما الى الافضل.‏ ولكن لديه ايضا تأثيرات خصوصية اكثر بكثير في الافراد.‏ فهل انتم معرَّضون لذلك؟‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٤]‏

      يمكن ان تضع الصحف فكرة في عشرة آلاف من الاذهان في يوم واحد

      ‏[النبذة في الصفحة ٥]‏

      يمكن ان يضع التلفزيون فكرة في مئات الملايين من الاذهان في اللحظة نفسها

  • هل غيَّركم التلفزيون؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | ايار (‏مايو)‏ ٢٢
    • هل غيَّركم التلفزيون؟‏

      ‏«نافذة الى العالم.‏» هكذا جرى وصف التلفزيون.‏ وفي كتاب Tube of Plenty—The Evolution of American Television‏،‏ يلاحظ المؤلف اريك بارنو انه بحلول اوائل ستينات الـ‍ ١٩٠٠ «صار [التلفزيون] لمعظم الناس نافذتهم الى العالم.‏ والمشهد الذي قدَّمه بدا انه العالم.‏ لقد وثقوا بصحته وكماله.‏»‏

      ولكن مجرد نافذة لا يمكنها ان تختار المشهد الذي تقدِّمه لكم؛‏ لا يمكنها ان تحدِّد الاضاءة او زاوية المشهد؛‏ ولا يمكنها ان تغيِّر المشهد فجأة لمجرد الاستحواذ على اهتمامكم.‏ والتلفزيون يمكنه ذلك.‏ ومثل هذه العوامل تكيِّف على نحو مؤثر مشاعركم واستنتاجاتكم في ما يتعلق بما تنظرون اليه،‏ مع انها توجَّه من قِبَل الاشخاص الذين ينتجون البرامج التلفزيونية.‏ وحتى معظم نشرات الاخبار والافلام الوثائقية المحايدة خاضعة لمثل هذا التأثير،‏ مهما كان ذلك غير متعمّد.‏a

      مغوٍ بارع

      لكن،‏ في اغلب الاحيان،‏ يحاول دون تحفُّظ الاشخاص الذين يوجهون التلفزيون ان يؤثروا في المشاهدين.‏ ففي الاعلان،‏ مثلا،‏ لديهم فعليا مطلق الحرية لاستعمال كل حيلة مغوية في تصرفهم لكي يُميلوكم الى الشراء.‏ اللون.‏ الموسيقى.‏ الناس الجملاء.‏ الاثارة الجنسية.‏ المشاهد الرائعة.‏ ومجموعة ادوارهم واسعة،‏ ويستعملونها على نحو بارع.‏

      وثمة مدير سابق للاعلان كتب عن سنواته الـ‍ ١٥ في هذا الحقل:‏ «تعلمت انه من الممكن ان تتكلموا من خلال وسائل الاعلام [كالتلفزيون] مباشرة الى عقول الناس وبعدئذ،‏ كساحر غيبي،‏ ان تتركوا صورا في الداخل يمكن ان تجعل الناس يفعلون امرا ربما لم يفكروا قط في فعله لولا ذلك.‏»‏

      اما ان التلفزيون لديه مثل هذه السيطرة الهائلة على الناس فكان واضحا في خمسينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ فاحدى شركات احمر الشفاه التي كانت تكسب ٠٠٠‏,٥٠ دولار اميركي في السنة ابتدأت بنشر اعلان في تلفزيون الولايات المتحدة.‏ وفي سنتين،‏ ارتفعت فجأة المبيعات الى ٠٠٠‏,٥٠٠‏,٤ دولار اميركي في السنة!‏ وغُمر فجأة احد البنوك بـ‍ ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٥ دولار اميركي في الودائع بعد اعلان خدماته في برنامج تلفزيوني تُعجب به النساء.‏

      واليوم،‏ يشاهد الاميركيون العاديون اكثر من ٠٠٠‏,٣٢ اعلان تجاري كل سنة.‏ فالاعلانات التجارية تثير العواطف بصورة مغوية.‏ وكما كتب مارك كريسپن ميلر في موضوعة في صندوق —‏ ثقافة التلفزيون:‏ «صحيح اننا نتأثر بما نشاهده.‏ والاعلانات التجارية التي تتخلل الحياة اليومية تؤثر فينا باستمرار.‏» وهذا التأثير،‏ يضيف،‏ «خَطِر جدا لانه غالبا ما يصعب تمييزه،‏ وهكذا فانه لا يفشل حتى نعلم كيف ندركه.‏»‏

      ولكنَّ التلفزيون يبيع اكثر من احمر الشفاه،‏ وجهات النظر السياسية،‏ والثقافة.‏ فهو يبيع ايضا الآداب —‏ او الافتقار اليها.‏

      التلفزيون والآداب

      اناس قليلون يدهشهم ان يعرفوا ان السلوك الجنسي يجري تصويره على نحو متكرر اكثر فاكثر في التلفزيون الاميركي.‏ وثمة دراسة نُشرت سنة ١٩٨٩ في Journalism Quarterly وجدت انه في ٦٦ ساعة من الفترة المسائية للشبكة التلفزيونية،‏ كان هنالك جملة ٧٢٢ حالة من السلوك الجنسي مشارا اليها،‏ مذكورة شفهيا،‏ او مصوَّرة فعليا.‏ وتراوحت النماذج بين اللمس الشهواني والاتصال الجنسي،‏ العادة السرية،‏ مضاجعة النظير،‏ وسفاح القربى.‏ وكان المعدل ٩٤‏,١٠ حالات كل ساعة!‏

      والولايات المتحدة ليست فريدة في هذا الصدد.‏ فأفلام التلفزيون الفرنسي تصور السادية الجنسية الصريحة.‏ واعمال التعرّي تَظهر في التلفزيون الايطالي.‏ ويُبرز التلفزيون الاسپاني في وقت متأخر من الليل العنف والافلام الشهوانية.‏ وتمضي القائمة دون توقف.‏

      والعنف هو نوع آخر من سوء الاخلاق للتلفزيون.‏ ففي الولايات المتحدة،‏ ثمة ناقد تلفزيوني لمجلة تايم مدح مؤخرا «الفكاهة المروِّعة» في مجموعة من برامج الرعب.‏ وابرزت السلسلة مشاهد قطع الرأس،‏ التشويه،‏ والاماتة على الخازوق،‏ والاستحواذ الشيطاني.‏ وطبعا،‏ ان الكثير من العنف التلفزيوني هو اقل فظاعة —‏ ويكون مسلما به بسهولة اكثر.‏ وعندما ظهر مؤخرا التلفزيون الغربي في قرية نائية في كوت ديڤوار،‏ افريقيا الغربية،‏ ثمة عجوز متحيِّر لم يستطع إلاّ ان يسأل:‏ «لماذا يطعن،‏ يطلق النار ويلكم البِيض دائما واحدهم الآخر؟‏»‏

      طبعا،‏ الجواب هو ان منتجي ومموِّلي التلفزيون يريدون ان يقدِّموا للمشاهدين ما يرغب المشاهدون في رؤيته.‏ فالعنف يجذب المشاهدين.‏ والجنس يفعل ذلك ايضا.‏ لذلك يقدِّم التلفزيون اجزاء وافرة منهما كليهما —‏ ولكن ليس اكثر مما ينبغي واسرع مما ينبغي،‏ وإلاّ فإن المشاهدين سيشمئزون.‏ وكما عبَّرت عن ذلك دونا ماكروهان في الوقت الرئيسي،‏ وقتنا:‏ «معظم البرامج البارزة تتمادى قدر ما تستطيع في اللغة البذيئة،‏ الجنس،‏ العنف،‏ او موضوع البحث؛‏ ثم،‏ اذ تصل الى حدّ معين،‏ تتجاوزه.‏ وبعد ذلك،‏ يكون عامة الشعب مستعدين لحدّ جديد.‏»‏

      مثلا،‏ كان موضوع مضاجعة النظير يُعتبر في ما مضى فوق «حدّ» الذوق السليم للتلفزيون.‏ ولكن ما ان اعتاد المشاهدون ذلك حتى صاروا مستعدين لقبول المزيد.‏ وأكد صحافي فرنسي:‏ «ما من منتج يجرؤ في وقت ما على عرض مضاجعة النظير كانحراف اليوم .‏ .‏ .‏ وبالاحرى فإن المجتمع وتعصُّبه هما الشاذّان.‏» وفي التلفزيون الكبلي الاميركي،‏ قدَّم ‹مسلسل لمضاجعة النظير› عرضه الاول في ١١ مدينة في سنة ١٩٩٠.‏ وابرز البرنامج مشاهد لذكور في السرير معا.‏ اخبر منتجُ البرنامج مجلةَ نيوزويك ان مثل هذه المشاهد صمَّمها مضاجعو النظير كي «تزيل احساس الجمهور بحيث يدرك الناس اننا كأي شخص آخر.‏»‏

      الخيال بالتباين مع الواقع

      لاحظ الذين قاموا بالدراسة التي أُخبر عنها في Journalism Quarterly انه نظرا الى ان التلفزيون تقريبا لا يظهر ابدا عواقب الجنس المحرم،‏ فإن «الوابل المستمر للتخيلات الجنسية المدغدغة» الذي له يعادل حملة من المعلومات الخاطئة.‏ واشاروا الى دراسة اخرى تستنتج ان المسلسلات التلفزيونية تزوِّد هذه الرسالة قبل كل شيء:‏ الجنس هو للرفقاء غير المتزوجين،‏ ولا احد يصاب منه بمرض.‏

      هل هذا هو العالم كما تعرفونه؟‏ جنس قبل الزواج دون حبل المراهقات او امراض منتقلة جنسيا؟‏ مضاجعة النظير ومضاجعة الجنسين دون الخوف من الاصابة بالأيدز؟‏ عنف واذية عمدية يتركان الابطال منتصرين والاوغاد مذلولين —‏ لكن غالبا غير مجروحين على السواء بصورة غريبة؟‏ فالتلفزيون يخلق عالما تكون فيه الاعمال خالية على نحو مفرح من العواقب.‏ وقوانين الضمير،‏ الآداب،‏ وضبط النفس استُبدلت بقانون الارضاء الفوري.‏

      فمن الواضح ان التلفزيون ليس «نافذة الى العالم» —‏ على الاقل ليس الى العالم الحقيقي.‏ وفي الواقع،‏ يُدعى كتاب حديث عن التلفزيون The Unreality Industry (‏الصناعة غير الواقعية)‏.‏ ويدَّعي مؤلفوه ان التلفزيون «صار احدى القوى العظمى في حياتنا.‏ والعاقبة هي ان التلفزيون لا يحدِّد فقط ما هو الواقع،‏ بل على نحو مهم ومزعج اكثر بكثير،‏ يزيل التلفزيون الفرق نفسه،‏ الخيط نفسه،‏ بين الواقع والخيال.‏»‏

      قد تبدو هذه الكلمات منبِّها لاولئك الذين يعتقدون انهم ذوو مناعة من تأثير التلفزيون.‏ ‹لا اصدق كل شيء اراه،‏› يحتج البعض.‏ ومن المسلم به اننا قد نميل الى عدم الثقة بالتلفزيون.‏ ولكنّ الخبراء يحذِّرون ان نوع الشكوكية التلقائي هذا ربما لا يحمينا من الطرق الماكرة التي بها يلعب التلفزيون بعواطفنا.‏ وكما عبَّر عن ذلك احد الكتّاب:‏ «ان احدى طرائق التلفزيون الاكثر خداعا هي ان لا يجعلنا ابدا نعرف كم يؤثر في آلياتنا النفسية.‏»‏

      وسيلة للتأثير

      بحسب كتاب دائرة المعارف البريطانية للسنة ١٩٩٠،‏ يصرف الاميركيون،‏ كمعدل،‏ سبع ساعات ودقيقتين في مشاهدة التلفزيون كل يوم.‏ واحد التقديرات الاكثر اعتدالا يحدِّد الرقم بنحو ساعتين في اليوم،‏ ولكنّ ذلك لا يزال يبلغ سبع سنوات من مشاهدة التلفزيون مدى العمر!‏ فكيف يمكن لجرعات كبيرة كهذه من التلفزيون ان تفشل في التأثير في الناس؟‏

      ولا يبدو مدهشا عندما نقرأ عن اناس لديهم مشكلة التمييز بين التلفزيون والواقع.‏ فثمة دراسة نُشرت في الصحيفة البريطانية وسائل الاعلام،‏ الثقافة والمجتمع وجدت ان التلفزيون يحث فعلا بعض الناس على تأسيس «صورة بديلة للعالم الحقيقي،‏» اذ يجعلهم يميلون الى الاعتقاد ان رغباتهم المتعلقة بالواقع تشكل الواقع نفسه.‏ والدراسات الاخرى،‏ كتلك التي جمعتها «المؤسسة القومية للصحة العقلية» للولايات المتحدة،‏ يبدو انها تؤيد نتائج البحث هذه.‏

      وبتأثير التلفزيون في المفهوم العام للواقع،‏ كيف يمكن ان يفشل في التأثير في حياة واعمال الناس نفسها؟‏ وكما تكتب دونا ماكروهان في الوقت الرئيسي،‏ وقتنا:‏ «عندما ينتهك برنامج تلفزيوني من المرتبة العليا المحرَّمات او حدود اللغة،‏ نشعر بحرية اكثر لننتهكها نحن انفسنا.‏ وبطريقة مماثلة،‏ فاننا نتأثر عندما .‏ .‏ .‏ يكون الاتصال الجنسي غير الشرعي هو القاعدة،‏ او يشير الشخص الذي يظهر رجوليته الى استعمال رفاله.‏ وفي كل حالة،‏ يعمل التلفزيون —‏ على اساس عمل مؤجل —‏ كمرآة لما يمكن ان نقتنع بأن نكون عليه،‏ وبالتالي ما يمكن ان نصير عموما.‏»‏

      وبالتأكيد،‏ فإن نشوء عصر التلفزيون شاهد نشوءا مماثلا في الفساد الادبي والعنف.‏ صدفة؟‏ ليس الامر كذلك.‏ فاحدى الدراسات اظهرت ان نسبة الجريمة والعنف في ثلاثة بلدان ازدادت فقط بعد ان جرى ادخال التلفزيون الى كل من هذه البلدان.‏ وحيثما أُدخل التلفزيون في وقت ابكر،‏ ارتفعت نسبة الجريمة في وقت ابكر.‏

      وعلى نحو مدهش،‏ لا يُعتبر التلفزيون تماما تسلية مريحة كما يعتقد كثيرون.‏ وجدت دراسات أُجريت على ٢٠٠‏,١ شخص طوال فترة ١٣ سنة انه من كل التسليات،‏ من المرجح اقلّ ان تريح مشاهدة التلفزيون الناس.‏ وعوضا عن ذلك،‏ انه يميل الى ترك المشاهدين عديمي النشاط وايضا متوترين وغير قادرين على التركيز.‏ وفترات المشاهدة الطويلة بشكل خصوصي تركت الناس في حالات نفسية اسوأ مما كانوا عندما ابتدأوا بالمشاهدة.‏ والقراءة،‏ على سبيل التباين،‏ تركت الناس في حالة استرخاء اكثر،‏ في حالات نفسية افضل،‏ وقادرين بطريقة افضل على التركيز!‏

      ولكن،‏ بصرف النظر عن كم يمكن ان تكون بنّاءة قراءة كتاب مفيد،‏ فالتلفزيون،‏ هذا السارق الداهية للوقت،‏ يمكن بسهولة ان يضع الكتب في المكان الثاني في حياة الناس.‏ وعندما أُدخل اولا التلفزيون الى مدينة نيويورك،‏ اخبرت بسرعة المكاتب العامة عن انخفاض في التوزيع.‏ وطبعا،‏ لا يعني ذلك ان الجنس البشري على وشك التوقف عن القراءة.‏ ولكن،‏ يُقال ان الناس اليوم يقرأون بصبر اقل،‏ ان انتباههم يخف بسرعة إن لم تنهَل عليهم صور بصرية زاهية.‏ وربما لا تثبت الاحصاءات والدراسات صحة مثل هذه التخوُّفات الغامضة.‏ ومع ذلك،‏ ماذا نخسر من حيث العمق والتدريب الشخصيين اذا اعتمدنا على الاشباع الدائم للرغبة بالتدفق المستمر لتسلية التلفزيون التي تصمم،‏ في كل لحظة عابرة،‏ لتستحوذ حتى على اقصر فترة من الانتباه؟‏

      اولاد الصندوق

      لكنّ موضوع التلفزيون يصير ملحًّا حقا في ما يتعلق بالاولاد.‏ وعموما،‏ مهما كان ما يفعله التلفزيون للراشدين،‏ يمكن ان يفعله بالتأكيد للاولاد —‏ إنما اكثر ايضا.‏ وعلى اية حال،‏ من المرجح اكثر ان يصدق الاولاد عالم الخيال الذي يرونه في التلفزيون.‏ اشارت الصحيفة الالمانية Rheinischer Merkur/Christ und Welt الى دراسة اخيرة وجدت ان الاولاد غالبا ما يكونون «غير قادرين على تمييز الحياة الحقيقية مما يرونه على الشاشة.‏ ويحوِّلون ما يرونه في العالم غير الحقيقي الى العالم الحقيقي.‏»‏

      وايَّد اكثر من ٠٠٠‏,٣ دراسة علمية خلال عقود من البحث الاستنتاجَ ان عنف التلفزيون له تأثيرات سلبية في الاولاد والمراهقين.‏ والمنظمات المشهورة مثل «الاكاديمية الاميركية لطب الاطفال،‏» «المؤسسة الدولية للصحة العقلية،‏» و «الجمعية الطبية الاميركية» توافق كلها على ان عنف التلفزيون ينتج تصرفا عدوانيا وغير اجتماعي في الاولاد.‏

      واكتشفت الدراسات نتائج مزعجة اخرى.‏ مثلا،‏ ترتبط بدانة الطفولة بمشاهدة التلفزيون المفرطة.‏ ومن الواضح ان هنالك سببين.‏ (‏١)‏ تحل ساعات عدم النشاط امام الصندوق محل ساعات اللعب المفعمة بالنشاط.‏ (‏٢)‏ تقوم اعلانات التلفزيون التجارية بعمل ماهر في اغراء الاولاد بالمأكولات الدهنية ذات النوعية الرديئة التي لديها قيمة غذائية زهيدة.‏ واشار بحث آخر الى ان الاولاد الذين يشاهدون مقدارا مفرطا من التلفزيون لا يُجيدون في المدرسة.‏ وفي حين ان الاستنتاج يثير الجدل اكثر،‏ اخبرت مؤخرا مجلة تايم ان الكثير من الاطباء النفسانيين والمعلمين يلومون التلفزيون على الانخفاض الواسع في مهارات القراءة والعمل المدرسي للاولاد.‏

      ومرة اخرى يكون الوقت عاملا حاسما.‏ عندما يتخرج الولد الاميركي العادي من المدرسة الثانوية،‏ يكون قد صرف ٠٠٠‏,١٧ ساعة امام التلفزيون بالمقارنة مع ٠٠٠‏,١١ ساعة في المدرسة.‏ وبالنسبة الى الكثير من الاولاد،‏ يشكل التلفزيون نشاط وقت فراغهم الرئيسي إن لم يكن نشاطهم الرئيسي.‏ ويذكر الكتاب محادثات PTA القومية مع الآباء:‏ كيفية الحصول على افضل ثقافة لولدكم ان النصف من كل تلاميذ الصف الخامس الابتدائي (‏بعمر عشر سنوات)‏ يصرفون اربع دقائق يوميا في القراءة في البيت،‏ ولكن ١٣٠ دقيقة في مشاهدة التلفزيون.‏

      وفي التحليل الاخير،‏ هنالك على الارجح قليلون جدا يجادلون بجدية ان التلفزيون لا يقدِّم اخطارا حقيقية كبيرة للاولاد والراشدين على حد سواء.‏ ولكن ماذا يعني ذلك؟‏ هل يجب ان يمنع الآباء مشاهدة التلفزيون في البيت؟‏ هل يجب ان يحمي الناس عموما انفسهم من تأثيره برميه خارجا او وضعه في العلية؟‏

      ‏[الحاشية]‏

      a انظروا «هل يمكنكم حقا ان تصدِّقوا الاخبار؟‏» في عدد ٢٢ آب ١٩٩٠ من استيقظ!‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٧]‏

      ‏«لماذا يطعن،‏ يطلق النار ويلكم البِيض دائما واحدهم الآخر؟‏»‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٩]‏

      أطفئوا التلفزيون،‏ افتحوا الكتب

  • سيطروا على التلفزيون قبل ان يسيطر عليكم
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | ايار (‏مايو)‏ ٢٢
    • سيطروا على التلفزيون قبل ان يسيطر عليكم

      لدى التلفزيون امكانية مذهلة.‏ عندما كانت صناعة التلفزيون الاميركية تقنع الدول النامية ان تتبنى التلفزيون،‏ قدَّمت تصوُّرات لمثوى كمال التلفزيون.‏ فتحولت بلدان بكاملها الى غرف تدريس،‏ وحتى المناطق النائية عدّلت اجهزتها لتلتقط برامج تثقيفية حول مواضيع حيوية مثل الاساليب التقنية للزراعة،‏ حفظ التربة،‏ والتخطيط العائلي.‏ وتمكن الاولاد من تعلم الفيزياء والكيمياء والاستفادة من التبادل الثقافي الواسع.‏

      طبعا،‏ زالت مثل هذه التصوُّرات الى حد بعيد في الواقع الذي تلا للتلفزيون التجاري —‏ ولكن ليس كاملا.‏ وحتى نيوتن مينو،‏ رئيس لجنة الاتصالات الفدرالية الذي لقَّب التلفزيون بأنه «ارض قاحلة واسعة،‏» اعترف في الخطاب نفسه لسنة ١٩٦١ بأن التلفزيون لديه انجازات عظيمة وتسليات سارّة مفخرة له.‏

      وبالتأكيد يصح ذلك اليوم ايضا.‏ فنشرات الاخبار التلفزيونية تبقينا على علم بالاحداث العالمية.‏ والبرامج الطبيعية التلفزيونية تعطينا نظرة خاطفة الى اشياء لا يمكن ان نراها ابدا بطريقة اخرى:‏ رشاقة الحركات الدقيقة للطائر الطنان المعروض بحركة بطيئة،‏ اذ يبدو انه يسبح في الهواء؛‏ او الرقصة الغريبة لحوض زهور في تصوير بفارق زمني،‏ اذ تبرز خارج التربة بعرض زاه للَّون.‏ ثم هنالك الاحداث الثقافية،‏ كرقص الباليه،‏ السيمفونيات،‏ والمسرحيات الموسيقية.‏ وهنالك مسرحيات،‏ افلام سينمائية،‏ وبرامج اخرى —‏ بعضها عميق ويمنح بصيرة،‏ والاخرى مجرد تسلية مفيدة.‏

      وهنالك برامج تثقيفية للاولاد.‏ تخبر «المؤسسة القومية للصحة العقلية» انه كما يمكن للاولاد ان يتعلموا العداء من عنف التلفزيون،‏ يمكنهم ايضا ان يتعلموا الكينونة محبين للغير،‏ وديين،‏ وذوي ضبط نفس من الامثلة الجيدة في التلفزيون.‏ والبرامج عن كيفية التجاوب في حالات الطوارئ انقذت ايضا حياة الاولاد.‏ لذلك،‏ يكتب ڤنس پاكرد في اولادنا المعرضون للخطر:‏ «الآباء المشمئزون او المنزعجون الذين يضعون اجهزة تلفزيونهم في العلية ينفعلون على الارجح على نحو مفرط،‏ إلاّ اذا كانوا يعانون من حالة عدم السيطرة على اولادهم.‏»‏

      تولّي السيطرة

      على نحو واضح،‏ سواء كنا نتكلم عن الراشدين او الاولاد،‏ ان المفتاح هو مجرد تلك السيطرة.‏ فهل نسيطر على التلفزيون،‏ او هل يسيطر التلفزيون علينا؟‏ وكما يقترح الاستاذ پاكرد،‏ بالنسبة الى البعض تكون الطريقة الوحيدة للسيطرة على التلفزيون هي التخلص منه.‏ ولكنَّ آخرين كثيرين وجدوا طرائق للسيطرة على التلفزيون فيما لا يزالون يستعملون فوائده.‏ وما يلي هو بعض الاقتراحات.‏

      ✔ لمدة اسبوع او اثنين،‏ احفظوا سجلا دقيقا بمشاهدة عائلتكم للتلفزيون.‏ اجمعوا الساعات في نهاية الفترة واسألوا نفسكم ما اذا كان يستحق التلفزيون الوقت الذي اتخذه.‏

      ✔ شاهدوا برامج التلفزيون —‏ لا مجرد التلفزيون.‏ افحصوا قائمات التلفزيون لتروا ما اذا كان هنالك اي شيء يستحق المشاهدة.‏

      ✔ أبقوا واحفظوا اوقاتا معينة للمحادثة العائلية والكينونة معا.‏

      ✔ يحذر بعض الخبراء من السماح للاولاد او المراهقين بامتلاك جهاز للتلفزيون في غرفتهم الخاصة.‏ فقد يجد الوالدون انه من الصعب مراقبة ما يشاهده ولدهم.‏

      ✔ يمكن لـ‍ VCR (‏جهاز تسجيل كسيتات الڤيديو)‏،‏ اذا استطعتم شراءه بسهولة،‏ ان يكون مساعدا.‏ وباستئجار شرط ڤيديو جيدة او بتسجيل برامج خاصة ومشاهدتها عندما يكون مناسبا،‏ يمكنكم ان تستعملوا الـ‍ VCR لتسيطروا على ما يكون موجودا في تلفزيونكم —‏ وعندما يكون تلفزيونكم دائرا.‏ ولكن،‏ هنالك كلمة تحذير.‏ فبدون السيطرة،‏ لا يمكن للـ‍ VCR إلاّ ان يزيد الوقت المصروف امام التلفزيون او يفتح الطريق لشرط ڤيديو فاسدة ادبيا.‏

      من هو معلِّمكم؟‏

      ان الكائن البشري هو آلة تعلُّم فعلية.‏ فحواسنا تمتص دائما المعلومات،‏ اذ ترسل الى دماغنا فيضا من اكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٠٠ جزء من المعطيات كل ثانية.‏ ويمكننا الى حد ما ان نؤثر في محتوى هذا الفيض اذ نقرر ما سنغذي به حواسنا.‏ وكما توضح على نحو حيوي قصة التلفزيون،‏ فإن العقل والروح البشريين يمكن ان يتلوثا بما نشاهده بسهولة كما يمكن ان يتلوث الجسم بما نأكله او نشربه.‏

      كيف سنتعلم عن العالم حولنا؟‏ اية مصادر للمعلومات سنختار؟‏ من او ماذا سيكون معلِّمنا؟‏ تقدم كلمات يسوع المسيح فكرة متزنة تتعلق بهذا الامر:‏ «ليس التلميذ افضل من معلِّمه.‏ بل كل من صار كاملا يكون مثل معلِّمه.‏» (‏لوقا ٦:‏٤٠‏)‏ فإذا قضينا وقتا كثيرا جدا مع التلفزيون بصفته معلِّمنا،‏ يمكن ان نبتدئ بالاقتداء به —‏ بتبني القيم والمقاييس التي يمثِّلها.‏ وكما تعبِّر عن ذلك امثال ١٣:‏٢٠‏:‏ «المساير الحكماء يصير حكيما ورفيق الجهال يُضر.‏»‏

      وحتى عندما لا يجلب التلفزيون شخصيات تافهة او فاسدة ادبيا الى بيوتنا،‏ لا يزال يفقد شيئا مهما.‏ فلا شيء مما يظهر على التلفزيون يبتدئ حتى بمعالجة حاجة مشتركة لكل كائن بشري:‏ الحاجة الروحية.‏ فيمكن ان يكون التلفزيون مفيدا جدا باظهار الفوضى المحزنة التي يوجد فيها العالم،‏ لكنه ماذا يفعل ليخبرنا لماذا يبدو الانسان غير قادر على حكم نفسه؟‏ ويمكن ان يكون مفيدا باظهاره لنا جمال الخليقة،‏ لكنه ماذا يفعل ليقرِّبنا الى خالقنا؟‏ قد يأخذنا الى اربع زوايا الارض،‏ ولكن هل يمكن ان يخبرنا عما اذا كان الانسان سيعيش هناك يوما ما في سلام؟‏

      ما من «نافذة الى العالم» هي كاملة بدون الاجابة عن مثل هذه الاسئلة الروحية الحيوية.‏ وهذا بالتدقيق ما يجعل الكتاب المقدس قيِّما جدا.‏ فهو يقدِّم «نافذة الى العالم» من وجهة نظر خالقنا.‏ وقد صُمِّم لمساعدتنا على فهم قصدنا في الحياة ومنحنا رجاء راسخا للمستقبل.‏ والاجوبة المانحة الاكتفاء عن الاسئلة المقلقة اكثر المتعلقة بالحياة متوافرة بسهولة.‏ فهي منتظرة هناك لتُقرأ في صفحات الكتاب المقدس الجذابة على الدوام.‏

      ولكن إن لم نسيطر على التلفزيون،‏ فأين سنجد الوقت؟‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة