مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • مزيج مميت
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | شباط (‏فبراير)‏ ٨
    • مزيج مميت

      ‏«ازمة خطيرة،‏» اعلن رئيس الولايات المتحدة بوش.‏ «الحالة المروِّعة للامور،‏» ذكرت ذا ستار في جنوب افريقيا.‏ «وباء،‏» اخبرت أخبار الولايات المتحدة وانباء العالم.‏ «مصيبة على المجتمع،‏» قال مواطن معنيّ بالامر.‏

      هل يتكلَّمون عن ڤيروس الأيدز المريع؟‏ لا،‏ ولكن عن نوع آخر من الكارثة يطالب الآن في معظم البلدان بضحايا اكثر من الأيدز.‏ فما هو هذا؟‏ نتيجة مزيج مميت:‏ الشرب والقيادة.‏

      حول العالم،‏ يُقتل نحو ٠٠٠‏,٣٠٠ شخص في حوادث وسائل النقل كل سنة.‏ ومن الملايين المصابين،‏ فإن عشرات الآلاف يُشوَّهون مدى الحياة.‏ والكلفة المالية هي آلاف الملايين من الدولارات سنويا.‏ والحوادث المتعلقة بالكحول مسؤولة عن جزء كبير من ذلك.‏

      وفي العقد الذي انتهى في ١٩٩٠،‏ مات نحو ٠٠٠‏,١٠٠ شخص من الأيدز في الولايات المتحدة.‏ ولكن في السنوات العشر نفسها،‏ قُتل نحو ٠٠٠‏,٢٥٠ في حوادث وسائل النقل المتعلقة بالكحول.‏ والأيدز في اغلب الاحيان يؤثر مباشرة في المختلِط جنسيا وفي متعاطي المخدرات بالحقن الوريدي.‏ لكنّ السائق الذي يُضعفه الكحول يمكن ان يقتل ليس الذي يسيء استعماله فحسب بل المتفرج البريء ايضا.‏

      والمزيج من الشرب والقيادة غالبا ما يوقع النوع الاكثر عنفا من الموت بالضحايا غير المتوقِّعين،‏ ويمزق العائلات.‏ فهو يحرم الوالدين من اولادهم،‏ الاولاد من والديهم،‏ الازواج من رفقاء زواجهم.‏

      محاولات لمنع التيار

      يجري القيام بجهود كثيرة لمنع موجة الخراب العارمة هذه.‏ ففي الولايات المتحدة،‏ جرى اطلاق حملات توعية عامة من قبل منظمات شعبية مثل RID (‏اعزلوا السائقين السكارى)‏ و MADD (‏امهات ضد السائقين السكِّيرين)‏.‏ وهنالك برامج أوقفوا-‏DWI (‏القيادة في اثناء السكر)‏.‏ وتوجد منظمات مماثلة في بلدان اخرى.‏ وهذه تساعد الضحايا في حقوقهم وتعزز الاصلاحات القانونية.‏

      وتضاعف وكالات تنفيذ القانون الجهود لالقاء القبض على السائقين المضعَفين بالكحول،‏ اذ تستعمل اشياء كحواجز التدقيق في الصحو.‏ وجرى سن قوانين عديدة لجعل اولئك الذين يقدِّمون المشروبات الكحولية عرضة للمحاكمة.‏ ويجري ايضا استخدام لوحات الاعلانات لتذكير السائقين بالقوانين الموجودة.‏

      ضريبة الموت تستمر في الارتفاع

      على الرغم من كل هذه الجهود،‏ فان ضريبة الموت نتيجة القيادة في اثناء السكر في كل انحاء العالم تستمر في الارتفاع.‏ ففي البرازيل يُقتل شخص واحد كل ٢١ دقيقة —‏ ٠٠٠‏,٢٥ تقريبا كل سنة —‏ في الحوادث المتعلقة بالكحول.‏ وذلك نحو ٥٠ في المئة من كل فواجع السير هناك.‏ وفي انكلترا والمانيا،‏ يقال ان نحو الخُمْس من كل فواجع السير له علاقة بالكحول.‏ وفي المكسيك،‏ استنادا الى مصادر عديدة،‏ فإن ٨٠ في المئة من الـ‍ ٠٠٠‏,٥٠ فاجعة سير هي بسبب ‹الخطإ البشري،‏ الذي تسببه من حيث الاساس القيادة في اثناء السكر،‏› تخبر El Universal في مدينة مكسيكو.‏

      ويُقدَّر ان اكثر من ٢٥ في المئة من بلايا السير في جنوب افريقيا تشمل الكحول.‏ وفي الولايات المتحدة في السنة العادية،‏ تؤدي الحوادث المتعلقة بالكحول الى ٠٠٠‏,٦٥٠ اصابة تقريبا،‏ نحو ٠٠٠‏,٤٠ منها خطيرة؛‏ اكثر من ٠٠٠‏,٢٣ يُقتلون —‏ نحو نصف فواجع السير الاجمالية.‏

      وبدافع اليأس في محاولة لكبح السائق الذي يضعفه الكحول،‏ نُظِّمت «ندوة ضحايا الـ‍ DWI» في ولاية واشنطن،‏ الولايات المتحدة الاميركية.‏ وصارت جزءا من الاجراءات القضائية في الحكم على المتهمين بالقيادة وهم تحت تأثير المسكر.‏ ويُستخدم البرنامج الآن في اجزاء كثيرة من ذلك البلد.‏ وهدفه هو ان يجعل المسيئين وجها لوجه امام العواقب المأساوية لشربهم غير المسؤول.‏ وتحكم المحاكم على المسيئين المذنبين بأن يصغوا الى الضحايا واعضاء عائلتهم وتجعلهم يدركون الثمن الرهيب الذي دُفع.‏ ودعيت استيقظ!‏ لتلقي نظرة دقيقة الى عرض كهذا.‏

      ‏[مصدر الصورة في الصفحة ٤]‏

      Dominic D.‎ Massita,‎ Sr.‎/Accident Legal Photo Service of New York

  • الضحايا يواجهون المسيئين
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | شباط (‏فبراير)‏ ٨
    • الضحايا يواجهون المسيئين

      الوضع:‏ «ندوة ضحايا الـ‍ DWI» لاقليم جينيسي في ولاية نيويورك العليا.‏ المشهد:‏ ستة اشخاص،‏ يربطهم معا الحزن الذي يشتركون فيه ويحملون صور احبائهم،‏ يساهمون في محاولة مؤلمة للتأثير في المسيئين المتهمين بالقيادة في اثناء السكر.‏

      وما يلي مقتطفات من ملاحظاتهم،‏ اوجزتها استيقظ!‏

      الضحايا

      أب:‏ «هذا هو ابننا اريك.‏ كان ابنا مثاليا،‏ ممتلئا فكاهة،‏ ممتلئا ابتسامات.‏ انا الآن أب كئيب،‏ حزين بابن ميت بعمر ١٧ سنة.‏ في لحظة ذهبت احلامنا،‏ آمالنا بالمستقبل،‏ فحبيبنا —‏ قتله سائق سكران.‏

      ‏«أذهب مع زوجتي الى المقبرة.‏ ذلك هو الخيط الاخير الذي لدينا لنتمسك به.‏ ونقرأ كلمات اريك المنقوشة على لوحة الضريح؛‏ ‹سأفتقدكم من كل قلبي،‏ وأرجو ان لا نكون بعيدين جدا بعضنا عن بعض؛‏ واذا كنا كذلك،‏ فسأبكي لانني لم اكن اريد ان اقول وداعا.‏› ونحن لا نريد ان نقول وداعا ايضا.‏»‏

      ارملة شابة:‏ «هذه هي عائلتي.‏ ثمة رجل يبلغ ٢٢ سنة من العمر غادر حفلة زفاف مدَّعيا انه لم يكن يشعر بأنه سكران.‏ وفي شاحنته الصغيرة،‏ اذ سار بسرعة كبيرة في طريق مظلم غير مألوف،‏ اقترب من اشارة تحذيرية وتجاهلها،‏ ثم تابع دون ان يتوقف عند اشارة التوقف وصدمنا.‏ واللحظة التالية التي اتذكرها كانت الاستيقاظ بضغط مؤلم في صدري.‏ واذ جاهدت لافتح عينيَّ،‏ تمكنت من إلقاء نظرة الى زوجي ساقطا على عجلة القيادة.‏ سمعت طفلتي تبكي.‏ وأذكر انني سألت ‹ماذا حدث؟‏›‏

      ‏«لم يُجب احد.‏ فزوجي،‏ بيل،‏ البالغ ٣١ سنة من العمر،‏ ابني الاكبر،‏ بعمر ٦ سنوات،‏ وولداي التوأمان،‏ بعمر ٤ سنوات،‏ ماتوا.‏ وأملي الوحيد الباقي كان ابنتي الصغيرة البالغة تسعة اشهر من العمر،‏ التي أُدخلت الى المستشفى باصابة خطيرة في الرأس.‏

      ‏«وفيما كنت مستلقية في المستشفى في صباح الاربعاء الموحش،‏ الممطر،‏ دُفن زوجي والصبيان الثلاثة.‏ فكَّرت في التوابيت الاربعة،‏ اربعة اجسام متكسرة،‏ اربعة اشخاص لن اراهم،‏ اسمعهم،‏ او ألمسهم على الاطلاق ثانية.‏ فكيف كان يُفترض ان استمر؟‏

      ‏«أُرغمنا ابنتي الصغيرة وأنا على الابتداء بحياة جديدة.‏ فبعت بيتي،‏ اذ كنت غير قادرة على العيش مع الذكريات.‏ وأجد انه من الصعب التغلب على واقع ان زوجي وأولادي الثلاثة الوسماء هم في المقبرة.‏ فكل العناية،‏ القلق،‏ المحبة،‏ لم تكن كافية لحمايتهم.‏ والالم،‏ الخيبة،‏ والفراغ الذي اشعر به لا يمكن التعبير عنه بالكلام.‏ لقد عاشوا وقتا قصيرا جدا.‏

      ‏«الشخص الذي اخذ حياة عائلتي لم يكن مجرما قاسيا او مدمنا على الكحول او مسيئا على نحو تكراري —‏ مجرد شخص عادي خرج من اجل امسية اجتماعية.‏ انني ادفع هذا الثمن الرهيب لان شخصا ما اختار ان يشرب ويقود.‏ ارجو ان لا يحدث ذلك لكم ابدا او لشخص تحبونه.‏»‏

      أمّ:‏ «اسم ابنتي روندا لين.‏ كانت ستتخرج من المدرسة الثانوية في ٢١ حزيران.‏ وفي ١٠ حزيران كانت تأخذ الدرس الاخير في منهاج تعليم القيادة.‏ في ذلك اليوم اتخذ شخصان كانا يحتفلان ويشربان بكثرة قرارا متهورا ان يقودا سيارة.‏ وفي لحظة وجيزة،‏ جعلا ذلك اليوم الاخير من حياة روندا،‏ بالاضافة الى حياة استاذها لتعليم القيادة واثنين من رفقاء صفها.‏

      ‏«بعد ظهر ذلك اليوم تلقيت مكالمة هاتفية تقول ان روندا تورطت في حادث.‏ وكان تفكيري الوحيد انه يجب ان اكون معها.‏ وعندما وصلت الى المستشفى،‏ قيل لي ان لا ادخل لأرى روندا.‏ ولكن كان يجب ان اتأكد.‏ فجعلتهم ينتزعون الشرشف.‏ كان وجهها متورما جدا ومخموشا على نحو خطير.‏ بقيت احدِّق في عينيها الجميلتين وألمس يدها،‏ لكنني لم اتمكن من جعل جسمها المحطَّم في حالة افضل.‏ وكل ما تمكنت من فعله هو تمسيد شعرها الجميل.‏ فلم يكن هنالك تجاوب.‏ لقد ماتت.‏

      ‏«وكانت لديَّ المهمة المؤسفة ان اخبر اباها واخوتها بأنها ماتت.‏ والآن،‏ ليست ايامنا هي نفسها بسبب الفراغ الرهيب.‏ ليتنا نتمكن من معانقتها فقط،‏ إمساكها مرة اخرى.‏ فالحياة لا تكون هي نفسها ابدا.‏ وكل ما تبقَّى لنا هو الذكريات.‏»‏

      احد المسيئين

      شاب:‏ «قصتي تختلف عن تلك التي سمعتموها حتى الآن.‏ تبدأ قصتي منذ ٢٣ شهرا.‏ انني اذكرها كما لو كانت البارحة.‏ كانت صاحبتي تلعب البولنڠ في فريق رياضي ذلك المساء،‏ فقررت ان احصل على بعض المشروبات وأشاهد لعبها بالبولنڠ.‏ تناولت خمس او ست زجاجات من البيرة في الساعتين ونصف الساعة التالية.‏ وفكرت انني سأكون مسؤولا.‏ فانتظرت ساعة قبل ان اقود سيارتي الى البيت.‏

      ‏«بعد نحو ٣٠ دقيقة من مباشرة رحلتي الى البيت،‏ كانت هنالك سيارة اسعاف في الطريق،‏ وكان هناك رجل في وسط الطريق يوجِّه السير.‏ لم ارَ قط ذلك الرجل إلا بعد فوات الاوان.‏ حاولت ان احيد وأكبح سيارتي.‏ وحالما تكسَّر زجاجي الامامي،‏ قلت لنفسي:‏ ‹ليته يكون ايِّلا او كلبا!‏› ولكنني عرفت انه لم يكن كذلك.‏ فخرجت من السيارة وأقبلت اليه صارخا،‏ ‹هل انت على ما يرام؟‏ هل انت على ما يرام؟‏› فلم يجبني.‏ أذكر الوقوف فوقه،‏ ناظرا الى وجهه.‏ كان ذلك كله مخيفا جدا.‏

      ‏«اتت شرطة الولاية وطرحت عليَّ اسئلة.‏ ثم قالت:‏ ‹انت متعاون جدا،‏ لكنك تمشي بهزل وتتكلم بهزل.‏ هل كنت تشرب؟‏› فأخذوني الى ثكنة الشرطة وأخضعوني لفحص.‏ وكانت النتيجة ٠٨‏,.‏ [محتوى غير شرعي للكحول في الدم في معظم انحاء الولايات المتحدة].‏ لم اتمكن من التصديق ان ذلك حدث لي.‏ فقد كنت اعتقد ان لا شيء مثل هذا يمكن ان يحدث لي على الاطلاق.‏ ولكنني كنت اواجه الآن تهم قاتل مهمل جنائيا،‏ DWAI [القيادة فيما القدرة مضعَفة].‏

      ‏«كنت سأحصل بعد شهر واحد على شهادتي للتعليم.‏ فكِّروا في الطريقة التي بها ينظر المجتمع الى المعلِّمين.‏ انهم يتوقعون منهم ان يكونوا انقياء ادبيا.‏ وهذا ما كنت اعمل لاجله،‏ والآن كنت انظر الى خسارة ذلك كله.‏

      ‏«جُعلت تحت المراقبة سنة واحدة،‏ خسرت رخصتي للقيادة طوال ١٩ شهرا،‏ غرِّمت ٢٥٠ دولارا،‏ قضيت نهاية الاسبوع في السجن،‏ عملت ٦٠٠ ساعة في خدمة المجتمع،‏ ودرست منهاجا في المشورة المتعلقة بالكحول تسعة اسابيع.‏ واكثر من ذلك،‏ أذكر الليالي التي كنت استيقظ فيها مرتعشا،‏ وصورة وجه ذلك الرجل في ذهني.‏ كان عليَّ ان اعود وأواجه كل اصدقائي وعائلتي.‏ وبدا الامر كما لو انه صراع لأستمر في حياتي.‏ لم اكن متأكدا انها تستحق ذلك.‏ وكان عليَّ ان اعود الى تعليم التلامذة وأن انظر الى كل اولئك الاولاد.‏ ولم استطع إلا ان اتساءل كم واحدا منهم يعرف ما فعلت.‏ لقد كنت ممتلئا من الذنب والندم اللذين شعرت بهما نحو عائلة ذلك الرجل.‏

      ‏«وفي ليلة الحادث،‏ اضطررت الى القيام بأصعب امر على الاطلاق كان عليَّ ان اقوم به في حياتي —‏ أتصل هاتفيا بأمي وأخبرها،‏ ‹امي،‏ قتلت رجلا في حادث.‏ يلزمني سيارة للعودة الى البيت.‏› وعندما وصلتْ الى هناك،‏ عانقنا فقط احدنا الآخر وبكينا.‏ انني لا اتمنى لاسوإ عدوّ لي ان يختبر ما اختبرت.‏ فيا ايها الناس الذين تشربون وتقودون —‏ هذه مشكلة اريد ان اساعد فيها.‏ وعندما تنصرفون من هذا الاجتماع،‏ انصرفوا ذاكرين ايانا.‏ لا تنسونا ابدا.‏»‏

      اختتام الندوة

      اختتمت پاتريشا جونستون،‏ منسقة ندوة الضحايا هذه،‏ باختبارها المأساوي الخاص عن الاصطدام المميت لابيها المدمن على الكحول.‏ قالت:‏ «لو تمكنت من وضع الحزن الذي يسببه الكحول في قنينة وجعله ‹واحدة للطريق،‏› لما كانت هنالك قط حاجة الى برنامج آخر كهذا!‏»‏

      وأخيرا سأل رئيس الجلسة عما اذا كانت لدى ايّ شخص اسئلة.‏ فلم يُطرح ايّ سؤال.‏ ولكن كان هنالك كثيرون بعيون دامعة يقولون:‏ «لن تسمعوا ابدا انني اشرب وأقود ثانية.‏»‏

      الوقت وحده سيخبر اية نتائج ستكون لندوات كهذه في التأثير في السرعة التي بها يعود المسيئون المعتقلون الى الطريق ثانية ليقودوا عند الثمل.‏ ولكنّ ما يجعل المشكلة احدى النسب المرعبة هو العدد الضخم،‏ الملايين،‏ من اولئك الذين يذهبون الى الطريق مضعَفين بالكحول والذين لا يجري القبض عليهم.‏

      اظهرت التقارير الاخيرة من مكتب احصاءات العدل لوزارة العدل في الولايات المتحدة انه في احدى السنوات الاخيرة جرى اعتقال مليوني شخص تقريبا بسبب DUI (‏القيادة تحت تأثير الشرب)‏.‏ ولكنّ الاحصاءات اظهرت ايضا انه لكل DWI (‏قيادة في اثناء السكر)‏ جرى إلقاء القبض على صاحبها،‏ هنالك ٠٠٠‏,٢ اكثر ربما لا تُكتشف في المناطق الخالية من الدوريات،‏ أعداد تنتظر لإحداث البلايا.‏

      فما الذي خلق البيئة التي تعزِّز مثل هذا العمل المميت وغير المسؤول؟‏ لماذا الحرب ضد الشرب والقيادة تستمر في النشوب ولكن دون ان تنتصر؟‏ دعونا نتأمل في بعض الاجوبة.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      اعادة تمثيل اعمال مرتكب الجريمة الذي يواجه ندوة ضحايا

  • مَن الملوم؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | شباط (‏فبراير)‏ ٨
    • مَن الملوم؟‏

      ‏«السكر مقبول» لدى اناس كثيرين في المجتمع،‏ يقول جيم ڤاندروود من مجلس وادي موهوك حول ادمان الكحول في ولاية نيويورك.‏ ومن المؤسف ان قليلين جدا يمكنهم ان ينكروا بنجاح ان الشرب،‏ حتى الى حد الافراط،‏ هو جزء من بنية مجتمعهم.‏

      طوال سنوات تغاضت اغلبية المجتمعات عن الشرب القانوني،‏ وحتى المسرف.‏ وقد شجع ذلك الآخرين على الاقتداء بهذا الموقف المتساهل.‏ وكما يذكر ڤاندروود:‏ «انظروا الى الافلام السينمائية.‏ لقد مدحْنا دائما الناس الذين يستطيعون ان يجعلوكم تشربون حتى الثمل دون ان يسكروا ويخرجون ايضا ويسوقون بسرعة كبيرة لعرض شجاعتهم.‏ ويُنظر الى ذلك كنوع من الاشياء التي تبني الاحترام للذات.‏ فكيف تحاربون ذلك؟‏»‏

      وهكذا،‏ فيما يُلقى الذنب الرئيسي على اولئك الذين يرتكبون جرم التشويه بسبب الشرب والقيادة،‏ فإن المجتمعات المتساهلة المتسامحة بموقفها غير المتزن من الكحول تتحمل ايضا مقدارا من الذنب.‏

      ‏«الشرب ليس مقبولا فحسب بل يجري ترويجه بقوة،‏» يذكر جيم طومبسون المسؤول عن قمع الجريمة.‏ وأخبر استيقظ!‏:‏ «يجري تكييف الكثير من المباريات الرياضية وفق صناعة الكحول،‏ كصناعة البيرة.‏» ولاحظ انه خلال الكثير من المباريات الرياضية،‏ «تكون افضل الاعلانات على التلفزيون اعلانات البيرة،‏ بتأييد كل نجوم المجتمع الشهيرة لبيرتهم المفضلة.‏»‏

      وثمة برنامج تربوي فدرالي عُقد تحت توجيه كبير الاطباء السابق في الولايات المتحدة سي.‏ ايڤيريت كوپ قاطعته الجمعية القومية للمذيعين وجمعية المعلنين القوميين.‏ ولماذا؟‏ لانه عالج قضية القيادة تحت تأثير الكحول ومسألة استحقاق اللوم.‏ والدكتورة پاتريشا وولّر،‏ التي ترأست الندوة الثقافية للبرنامج التربوي،‏ ذكرت:‏ «الواقع هو اننا [المجتمع] خلقنا هذه المشكلة،‏ والناس صامتون كفاية ليستسلموا لكل الضغط الذي نضعه عليهم منذ اصبحوا كبارا كفاية ليلاحظوا ايّ شيء على التلفزيون.‏ ‹لكننا،‏› [يقول المجتمع] ‹غير مسؤولين.‏ هذه ليست مشكلتنا.‏›»‏

      المسيء الحدث اليوم —‏ الشرِّيب الذي يشكِّل مشكلة غدا

      بوسائل مختلفة،‏ كالتلفزيون،‏ الافلام السينمائية،‏ والاعلانات،‏ يجري اضفاء السحر على الشرب.‏ ويصل ذلك الى الذهن الفتي السريع التأثر مع الرسالة،‏ ‹يمكنكم ان تشربوا وتحيوا بعد ذلك بسعادة على الدوام.‏›‏

      ‏«الولد العادي يرى الكحول وهو يُستهلك ٠٠٠‏,٧٥ مرة في التلفزيون قبل ان يصير في السن الشرعي للشرب،‏» يذكر الدكتور ت.‏ رادكي من التضامن القومي حول عنف التلفزيون في الولايات المتحدة.‏ وأجرى الباحث البريطاني اندرز هانزن استطلاعا حول فترة التلفزيون المسائية في المملكة المتحدة فوجد ان ٧١ في المئة من كل البرامج الخيالية تشمل الشرب.‏ وكان هنالك،‏ كمعدل،‏ ٤‏,٣ مشاهد للشرب في الساعة مع «القليل جدا من صور استهلاك الكحول بنتائج اضافية معيَّنة،‏» كحوادث السيارات والقتل،‏ رثى هانزن.‏

      واذ كتب الى ذا واشنطن پوست،‏ عبَّر المعلِّق الصحفي كولمان مكارثي عن ذلك بهذه الطريقة:‏ «وراء مرح .‏ .‏ .‏ الرياضيين السابقين كباعة الحانات الملحِّين تكون الحملات الاعلانية والترويجية مصمَّمة لفتن الاولاد وترويج الفكرة لدى طلاب الكليات ان استهلاك الكحول،‏ والكثير منه،‏ ضروري للخير الاجتماعي.‏ خذوا ذلك من صبيان ‹مذاق اعظم بسكب اقل،‏› فان لم ترفعوا الكأس تكونون مخطئين.‏»‏

      وفي الاتحاد السوڤياتي،‏ ان الشرب والقيادة مشكلة قومية رئيسية.‏ ويشك بعض الرسميين هناك في امكانية تغيير عادات الشرب.‏ «ان ذلك في جذورنا الروسية،‏» قال احد الاشخاص.‏ وفيما قد يكون ذلك على هذا النحو،‏ ينظر اليه كثيرون كشكل من الاستجمام.‏ وهكذا،‏ فإن الصغار والسريعي التأثر يكبرون في بيئة من الشرب.‏

      ويوضح ج.‏ ڤاندروود ان الولايات المتحدة لديها «حضارة شرب فتية.‏ فالكحول يعادل لعبة الكرة اللينة،‏ البولنڠ،‏ سوپربول،‏ الساعات السعيدة.‏ اذا كان ذلك استجماما،‏ فهو كحول،‏ واذا كان كحولا،‏ فهو استجمام.‏» ويلاحظ:‏ «يمكن ان تنموا بعيدا عن هذه الحالة ان لم تثيروا ادمانكم نفسيا،‏ اجتماعيا،‏ او جسديا.‏» لكنه يحذر بعدئذٍ:‏ «احد الامور التي نعرفها من البحث،‏ والتي يُشهد بصحتها جيدا،‏ هو انكم اذا ابتدأتم بالشرب باسراف عندما تكونون بعمر ١٤،‏ ١٥،‏ او ١٦ سنة،‏ يمكن ان تطوِّروا الادمان في غضون سنة.‏ وفي اوائل العشرينات،‏ في غضون سنوات قليلة.‏»‏

      فهل من المدهش ان يكون السبب الرئيسي للموت بين البالغين ١٦ الى ٢٤ سنة في الولايات المتحدة حوادث السير المتعلقة بالكحول؟‏ ولا شك ان ذلك ايضا هو السبب الرئيسي للموت في بلدان اخرى كثيرة.‏ وهكذا تستنتج الدكتورة وولّر ان الوالدين ذوي الضمير الحي الذين يحاولون تربية اولادهم في جوّ بيت يشدُّ في اتجاه الصحو يتصدّى لهم مجتمع متساهل ‹يشدُّ في الاتجاه الآخر.‏›‏

      وهكذا فإن الشرِّيب الحدث اليوم يمكن ان يصير شرِّيبا مدمنا يشكِّل مشكلة غدا.‏ وغالبا ما يكون مقاوما للاصلاح،‏ مما يشكِّل تهديدا كبيرا للامن العام في الطرقات.‏ فأحد المسيئين على نحو تكراري البالغ ٣٤ سنة من العمر،‏ بعد ان اتمَّ برنامجا يتعلق بالكحول بأمر من الولاية،‏ ذهب الى حفلة شرب وقاد شاحنته الصغيرة في الاتجاه الخاطئ لطريق كنتاكي العام.‏ فصدم باصا ملآنا مراهقين وأودى بـ‍ ٢٧ شخصا —‏ ٢٤ فتى و ٣ راشدين —‏ الى الموت العنيف.‏ حقا،‏ جرى التحديد ان اكثر من ربع اولئك السائقين السكيرين المتهمين هم مسيئون سابقون.‏

      الكحول —‏ مخدر مشروع

      تلفت سلطات كثيرة انتباه العامة الى ان الكحول مخدر مشروع.‏ وهي تساوي الكحول بمخدرات اخرى تسبب الادمان.‏

      وفي بيان خصوصي للبيت الابيض،‏ اعلن رئيس الولايات المتحدة بوش ان القيادة في اثناء السكر «مؤذية كالكراك.‏ عشوائية كعنف العصابات.‏ وتقتل اولادا اكثر من الاثنين معا.‏» وشدَّد ايضا انه «يجب ان نعلِّم اولادنا ان الكحول هو مخدِّر.‏»‏

      ان لم تنظروا من قبل الى الكحول كمخدر،‏ فأنتم لستم وحدكم.‏ «اناس كثيرون لا يربطونه به،‏» يقول سي.‏ ڠراتزييانو،‏ مدير امن السير،‏ مضيفا:‏ «المحامون،‏ الاطباء،‏ القضاة.‏ يمكن ان يؤثر الكحول في كل واحد .‏ .‏ .‏ فيمكن الحصول عليه.‏ وهو سهل المنال!‏» ولانه شرعي في معظم البلدان،‏ يمكن شراؤه في انواع مختلفة من المتاجر.‏ وغالبا ما يكون هنالك القليل من المراقبة.‏

      وتقنيا،‏ ان الكحول طعام بسبب محتواه الحراري.‏ ولكن لا بد من تصنيفه ايضا كمخدر لانه يُضعف الجهاز العصبي المركزي للجسم.‏ وبجرعات كبيرة له تأثير تخديري في الجسم كتأثير الباربيتورات.‏ وبسبب «طبيعته المغيِّرة للمزاج،‏ فهو مخفِّف للاجهاد،‏» يقول ج.‏ ڤاندروود.‏ «انه يطلق كبتكم،‏ يغيِّر عملية تفكيركم.‏ فتشعرون بأنكم تستطيعون انجاز امر ما في حين انكم لا تستطيعون حقا.‏» وفي ذلك تكمن مشكلة الشرب والقيادة.‏ وكما يختتم:‏ «لديكم شخص ضعيف يتخذ حكما ضعيفا بشأن انجاز ضعيف.‏»‏

      وبعض الذين يتورطون في ظروف صعبة —‏ طلاق،‏ خسارة عمل،‏ مشاكل عائلية —‏ غالبا ما يلجأون الى الشرب المسرف في محاولة للتغلب على الضغط والاجهاد.‏ وفي هذه الحالة يسلكون «بطرائق غير عاقلة وغير مسؤولة،‏ بما فيها DWI،‏» تقول صحيفة الدراسات حول الكحول.‏

      ولكن،‏ لا يلزم ان يكون المرء سكرانا بالكحول لكي يتأثر انجازه.‏ فيمكن لجرعة واحدة او اثنتين فقط ان تُضعف حكم السائق وتجعله تهديدا لنفسه وللآخرين.‏

      مأساوية فعلا هي هذه المصيبة على المجتمع،‏ الذي سمَّم نفسه بالمزيج المميت للجشع التجاري والموقف المتساهل من مادة مشروعة ولكن ذات امكانية خطرة الى حد بعيد.‏ اذًا،‏ اية تعزية هنالك لاولئك الذين تفجعهم هذه المأساة؟‏ ايّ رجاء حقيقي يمكن ان يكون هنالك لايجاد علاج؟‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٠]‏

      المراهقون الذين هم شرِّيبون مسرفون يمكن ان يطوِّروا الادمان في سنة واحدة

      ‏[النبذة في الصفحة ١٠]‏

      ليس من الضروري ان يكون المرء سكرانا لكي يتأثر انجاز قيادته

      ‏[الصورة في الصفحة ٩]‏

      بوسائل مختلفة،‏ كالتلفزيون،‏ يجري اضفاء السحر على الشرب

  • اية تعزية للضحايا؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | شباط (‏فبراير)‏ ٨
    • اية تعزية للضحايا؟‏

      لاولئك الذين واجهوا خسارة مفاجئة لاحبائهم في الحوادث المتعلقة بالكحول،‏ ليس هنالك «وقت .‏ .‏ .‏ للقول ‹وداعا،‏› .‏ .‏ .‏ او ‹انني احبك،‏›» تذكر جانيس لورد،‏ مؤلفة حزن الناجي بعد اصطدام نتيجة القيادة في اثناء السكر.‏

      وكما رأينا،‏ لدى الناجين الكثير لمعالجته:‏ الصدمة،‏ الرعب،‏ الغضب،‏ واليأس.‏ فموت احبائنا بمثل هذه الطريقة يخلق احساسا بخسارة دائمة.‏ وقد يشعر الناجون بأن الجرح الذي عانوه لا يمكن ابدا ابطاله.‏

      اذ تدرك الألم الذي تسببه خسارة كهذه،‏ تعمل سلطات كثيرة من اجل قوانين وأحوال قد تخفض العدد المرتفع على نحو مريع للبلايا كل سنة.‏ مثلا،‏ اشار احد الرسميين الى ضعفات الشخصية في اولئك المذنبين بالشرب والقيادة واقترح ان تؤسَّس لهم مراكز خاصة حيث،‏ بالتعليم والعمل والمشورة المتعلقة بالمخدرات،‏ ‹يكون ممكنا دعمهم وتقويتهم› للتغلب على ضعفاتهم.‏

      ماذا يلزم حقا؟‏

      مهما كان ذلك مرغوبا فيه،‏ لا يمكن لأيّ انسان او وكالة بشرية ان تمحي الجرح الذي اصيب به الضحايا،‏ ولا يمكن للبشر ان يعيدوا الموتى.‏ فما يلزم لابطال كل الضرر هو اكثر بكثير مما يمكن للبشر ان يزوِّدوه.‏ وما يلزم حقا هو تدبير مختلف تماما في العالم،‏ تدبير لا يكون مؤسَّسا على مفاهيم ‹الاثارة بأية كلفة› الانانية والمدمرة لهذه الايام التي تأخذ حياة كثيرين جدا.‏

      وهل هنالك اساس سليم للرجاء بهذا النوع من العالم الافضل حيث تكون مآ‌سٍ كهذه امورا من الماضي؟‏ نعم،‏ هنالك اساس لذلك.‏ وفي الواقع،‏ هنالك رجاء اكيد بعالم جديد هنا على الارض تزول فيه هذه المآ‌سي،‏ عالم تعاد فيه الى الحياة ضحايا الحوادث ايضا.‏ ويا له من فرح لا يوصف عندما يتحد ثانية هؤلاء بأحبائهم!‏ وسيكون عالما جديدا حيث،‏ مع الوقت،‏ ستُمحى الى الابد الذكريات المحزنة للمآ‌سي الماضية.‏

      يوجد هذا الرجاء بعالم جديد في كلمة اللّٰه الموحى بها،‏ الكتاب المقدس،‏ الذي يذكر:‏ «يبلع [اللّٰه] الموت الى الابد ويمسح السيد الرب الدموع عن كل الوجوه.‏» (‏اشعياء ٢٥:‏٨‏)‏ ويشمل ذلك اعادة الموتى من المدفن.‏ وكما كتب الرسول بولس:‏ «لي رجاء باللّٰه .‏ .‏ .‏ انه سوف تكون قيامة للاموات الابرار والاثمة.‏» (‏اعمال ٢٤:‏١٥‏)‏ ويسوع ورسله أثبتوا ذلك باقامة الموتى.‏ —‏ لوقا ٧:‏١١-‏١٦؛‏ ٨:‏٤٠-‏٤٢،‏ ٤٩-‏٥٦؛‏ يوحنا ١١:‏١،‏ ١٤،‏ ٣٨-‏٤٥؛‏ اعمال ٩:‏٣٦-‏٤٢؛‏ ٢٠:‏٧-‏١٢‏.‏

      والحياة على الارض في عالم جديد،‏ بما في ذلك حياة الموتى المقامين من المدفن،‏ ستتوَّج على نحو جميل بالكمال البشري.‏ فقوة اللّٰه الشافية ستجعل عقول وأجسام كل العائشين آنذاك سليمة على نحو كامل:‏ «لا يقول ساكن انا مرضت.‏» «حينئذ تتفقح عيون العمي وآذان الصم تتفتح.‏ حينئذ يقفز الاعرج كالايل ويترنم لسان الاخرس.‏» —‏ اشعياء ٣٣:‏٢٤؛‏ ٣٥:‏٥،‏ ٦‏؛‏ انظروا ايضا متى ١٥:‏٣٠،‏ ٣١‏.‏

      ويصف الكتاب المقدس حالة الجنس البشري المستقبلية على الارض بذكره ان اللّٰه «سيمسح .‏ .‏ .‏ كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد لان الامور الاولى قد مضت.‏» (‏رؤيا ٢١:‏٤‏)‏ ومزوِّد الفوائد الرائعة والاحوال المفرحة الآتية يعلن:‏ «لا تذكر الاولى ولا تخطر على بال.‏ بل افرحوا وابتهجوا الى الابد في ما انا خالق.‏» —‏ اشعياء ٦٥:‏١٧،‏ ١٨‏.‏

      وبسلطة مَن سيحدث كل ذلك؟‏ بسلطة وقوة معطي الرجاء العظيم،‏ خالق الكون،‏ يهوه اللّٰه.‏ فهو يضمن في كلمته ان مثل هذا النظام الجديد الذي ‹يسكن فيه البر› سيحل قريبا محل نظام الاشياء الحاضر الاناني والعنيف هذا،‏ النظام المتقدم الآن في ‹ايامه الاخيرة.‏› —‏ ٢ بطرس ٣:‏١٣؛‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١-‏٥،‏ ١٣؛‏ امثال ٢:‏٢١،‏ ٢٢‏.‏

      التعزية من كلمة اللّٰه

      ان شهود يهوه،‏ كالناس الآخرين،‏ ليسوا ذوي مناعة من مآ‌سي ازمنتنا،‏ وهم لا يتوقعون في هذا العالم الخطر الحماية الالهية من الموت،‏ العرضي او غيره.‏ انهم يعرفون ان هذه ليست مشيئة اللّٰه للوقت الحاضر.‏ تذكر جامعة ٩:‏١١‏:‏ «الوقت والعرض يلاقيانهم كافة.‏» ولكنَّ الشهود لزمن طويل يوجِّهون الانتباه الى كلمة اللّٰه،‏ اذ تزوِّد وعوده التعزية الدائمة لكل الذين يقبلونها.‏

      تأثرت واحدة من شهود يهوه بعمق عندما قتل سائق سكِّير زوج اختها وترك زوجته (‏اختها)‏ عاجزة عقليا من إصابة خطيرة في الرأس،‏ بحيث تحتاج الى عناية مستمرة.‏ وهما ايضا كانا من شهود يهوه.‏ تروي:‏

      ‏«طوال جزء كبير من السنة،‏ كنت ابكي على نحو متكرر،‏ وكنت غضبانة.‏ كنت غضبانة على الشاب الذي سبب هذه المأساة،‏ غضبانة على والديه لانهما لم يواصلا الاشراف الدقيق عليه.‏ وأحيانا كان هذا الغضب يتوجَّه نحو اللّٰه والملائكة لسبب عدم منعهم حدوث ذلك.‏ خسارة كهذه لشخصين صالحين كانا يخدمانه!‏

      ‏«صحيح انني كنت اعرف ان اللّٰه ليس مسؤولا مباشرة ولا يرغب في حدوث مثل هذه الامور.‏ لكنني كنت اشعر بأنه يوجِّه كل خطوة لنا ويحمينا من اذية كهذه.‏ فأدركت الآن انه يجب ان انال نظرة متزنة اكثر الى ذلك،‏ وابتدأت ابحث عن الاجوبة.‏

      ‏«تطلَّب ذلك فترة من الوقت قبل التمكن من الابتداء بختم الجرح والتمكن بالتالي من التفكير منطقيا في المسألة.‏ لقد شعرت كآ‌ساف الذي ذكر في المزمور ٧٣ ان ذلك يبدو كما لو ان الاشرار هم المفضَّلون.‏ ولكن في ذلك المزمور نفسه تتابع كلمة اللّٰه لتظهر ان الامر ليس كذلك،‏ ان اللّٰه لا يفضِّل الاشرار،‏ وأنه في وقته المعيَّن سيهلكون.‏

      ‏«صرت ادرك ان تفكيري،‏ لا تفكير اللّٰه،‏ هو الخاطئ.‏ كنت اسيء تطبيق الاسفار المقدسة.‏ فاللّٰه لا يضمن التحرر من الحوادث،‏ المرض،‏ او الموت في هذا الوقت لكنه يعد ببركات كهذه للمستقبل،‏ لعالمه الجديد.‏ وحالما فهمت ما تقوله حقا كلمة اللّٰه عن حماية اللّٰه لنا الآن بطريقة روحية،‏ لا جسدية،‏ عندئذ خمد غضبي تدريجيا.‏ وأتمكن الآن ايضا من التركيز على المصدر الحقيقي للكوارث،‏ الشيطان ابليس،‏ الذي كان قتَّالا وكذّابا من وقت تمرده على اللّٰه.‏ والكتاب المقدس يوضح ان الشيطان هو اله هذا العالم الملآن جدا بالالم.‏ —‏ يوحنا ٨:‏٤٤؛‏ ٢ كورنثوس ٤:‏٤‏.‏

      ‏«وحالما قدَّرت على نحو اكمل الحق عن سبب وجود الالم،‏ سبب سماح اللّٰه به،‏ وكيف سيزيله،‏ صار واضحا ان اللّٰه ليس خصمنا،‏ بل هو خلاصنا!‏

      ‏«وأيضا،‏ كانت تعزية عظيمة ان اعرف انه بواسطة روحه القدوس يدعم يهوه اولئك الذين يخدمونه.‏ والكتاب المقدس يؤكد لنا ان الروح القدس يزوِّد «القدرة فوق ما هو عادي.‏» وبهذه الوسيلة يعطينا القوة لنحتمل ما لا يُحتمل.‏ وهو يعزينا ايضا برجاء رؤية احبائنا في القيامة.‏ وهكذا يمكننا ان ننتصر على المحنة.‏» —‏ ٢ كورنثوس ٤:‏٧‏،‏ ع‌ج.‏

      مستقبل رائع

      حدثت مآ‌سٍ من انواع مختلفة لكثيرين،‏ بمن فيهم شهود يهوه،‏ على مر السنين.‏ وهذا يثبت صحة كلمة اللّٰه ان الوقت والعرض يلاقيان الجميع.‏ (‏جامعة ٩:‏١١‏)‏ ولكنّ اختبارات خدام اللّٰه تثبت ايضا صحة كلمة اللّٰه ان يهوه يعزّي ويدعم شعبه في وقت حاجتهم ويضمن ايضا مستقبلا رائعا في عالمه الجديد،‏ حيث تكون كوارث كهذه امرا من الماضي.‏

      انها لتعزية حقا ان نعرف انه في عالم اللّٰه الجديد البار،‏ ستكون هنالك محبة حقيقية لرفقائنا البشر واحترام لهبة الحياة الثمينة.‏ وهاتان الصفتان الرائعتان ستحلاّن محل الانانية واستغلال الضعفات البشرية من اجل الربح اللذين يتفشيان الآن في هذا العالم.‏ وستمضي ايضا اضطرابات،‏ ضغوط،‏ ومخاوف هذا العالم الحاضر التي تدفع الكثيرين الى الشعور بالحاجة الى الاستعمال المفرط للكحول او تعاطي مخدرات اخرى.‏

      وحتى الآن،‏ يؤلِّف شهود يهوه اخوَّة عالمية تربطها معا قوة المحبة الموحِّدة.‏ (‏يوحنا ١٣:‏٣٤،‏ ٣٥‏)‏ واولئك الذين هم جزء من هذه الاخوَّة يزوِّدون نظاما داعما قويا لمساعدة الافراد الذين عانوا خسارة.‏ ويسعدهم ان يساعدوا كل مَن يرغب ان يتعزَّى مثلهم.‏ —‏ ٢ كورنثوس ١:‏٣،‏ ٤‏.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ١٣]‏

      يعد الكتاب المقدس انه ستكون هنالك قيامة للاموات

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة