-
صفحة العنوان/صفحة الناشرينهل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟
-
-
هذه المطبوعة تصدر كجزء من عمل عالمي لتعليم الكتاب المقدس تدعمه الهبات الطوعية.
اقتباسات الآيات هي من الترجمة العربية، طبع الاميركان في بيروت، إلا اذا جرت الاشارة الى ترجمة اخرى، والاختصار (عج) يشير الى ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة — بشواهد
-
-
قائمة المحتوياتهل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟
-
المقدمةهل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟
-
-
المقدمة
غالبا ما يقول الناس انهم يؤمنون بالثالوث، ولكنهم يختلفون في فهمهم له.
ما هو الثالوث على نحو دقيق؟
هل يعلِّم الكتاب المقدس ذلك؟
هل يسوع المسيح هو اللّٰه الكلي القدرة وجزء من الثالوث؟
-
-
هل يجب ان تؤمنوا به؟هل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟
-
-
هل يجب ان تؤمنوا به؟
هل تؤمنون بالثالوث؟ معظم الناس في العالم المسيحي يؤمنون به. على كل حال، لقد كان العقيدة المركزية للكنائس طوال قرون.
بالنظر الى ذلك، ستعتقدون انه لا يمكن ان يكون هنالك مجال للشك فيه. ولكن هنالك شك، ومؤخَّرا اضاف بعض مؤيديه ايضا وقودا الى الخلاف.
ولماذا يجب ان يكون لموضوع كهذا اكثر من اهمية عابرة؟ لان يسوع نفسه قال: «هذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته.» وهكذا يتوقف مستقبلنا بكامله على معرفتنا طبيعة اللّٰه الحقيقية، وهذا يعني الوصول الى جذر الخلاف في الثالوث. فلِمَ لا تفحصون ذلك لنفسكم؟ — يوحنا ١٧:٣.
توجد مفاهيم ثالوثية متنوِّعة. ولكنَّ تعليم الثالوث عموما هو ان هنالك في الذات الالهية ثلاثة اقانيم، الآب والابن والروح القدس؛ ومع ذلك فانهم معا ليسوا سوى اله واحد. وتقول العقيدة ان الثلاثة متساوون، قادرون على كل شيء، غير مخلوقين، موجودون طوال السرمدية في الذات الالهية.
ولكن يقول آخرون ان عقيدة الثالوث باطلة، ان اللّٰه الكلي القدرة يقف وحده كائنا منفصلا، سرمديا، وكلي القوة. ويقولون ان يسوع في وجوده السابق لبشريته كان، كالملائكة، شخصا روحانيا منفصلا خلقه اللّٰه، ولهذا السبب لا بد ان تكون له بداية. انهم يعلِّمون ان يسوع ليس مساويا ابدا للّٰه الكلي القدرة بأيّ معنى؛ فلقد كان دائما ولا يزال خاضعا للّٰه. ويؤمنون ايضا بأن الروح القدس ليس اقنوما بل روح اللّٰه، قوته الفعالة.
يقول مؤيدو الثالوث انه مؤسس ليس فقط على التقليد الديني بل ايضا على الكتاب المقدس. ونُقَّاد العقيدة يقولون انه ليس تعليما للكتاب المقدس، حتى ان مصدرا تاريخيا يعلن: «اصل [الثالوث] وثني تماما.» — الوثنية في مسيحيتنا.
اذا كان الثالوث صحيحا يكون مخزيا ليسوع ان يقال انه لم يكن قط مساويا للّٰه كجزء من الذات الالهية. ولكن اذا كان الثالوث باطلا يكون مخزيا للّٰه الكلي القدرة ان يُدعى احد مساويا له، والاسوأ ايضا ان تُدعى مريم «امّ اللّٰه.» واذا كان الثالوث باطلا يهين اللّٰه ان يقال، كما هو مدوَّن في كتاب الكاثوليكية: «إن لم يحافظ [الناس] على هذا الايمان كاملا وغير مدنَّس فلا شك [انهم] سيهلكون الى الابد. والايمان الكاثوليكي هو هذا: نعبد الها واحدا في ثالوث.»
اذًا، هنالك اسباب وجيهة لوجوب رغبتكم في معرفة الحقيقة عن الثالوث. ولكن قبل فحص اصله وادِّعائه الصحة يكون مساعدا تعريف هذه العقيدة باكثر تخصيص. فما هو الثالوث على نحو دقيق؟ وكيف يفسره مؤيدوه؟
[الصور في الصفحة ٢]
الى اليسار: تمثال مصري من الالف الثاني (قم) لثالوث آمون رع، رمسيس الثاني، ومُوت. الى اليمين: تمثال ثالوث القرن الرابع عشر (بم) ليسوع المسيح، الآب، والروح القدس. لاحظوا ثلاثة اشخاص ولكن اربع ارجل فقط.
-
-
كيف يجري تفسير الثالوث؟هل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟
-
-
كيف يجري تفسير الثالوث؟
تعلن الكنيسة الكاثوليكية الرومانية: «الثالوث هو التعبير المستعمل للدلالة على العقيدة المركزية للدين المسيحي . . . وهكذا بكلمات الدستور الاثناسيوسي: ‹الآب هو اللّٰه، الابن هو اللّٰه، والروح القدس هو اللّٰه، ومع ذلك ليس هنالك ثلاثة آلهة بل اله واحد.› وفي هذا الثالوث . . . تكون الاقانيم سرمدية ومتساوية معا: تكون كلها على نحو متماثل غير مخلوقة وقادرة على كل شيء.» — دائرة المعارف الكاثوليكية.
كل الكنائس الاخرى تقريبا في العالم المسيحي تتفق في ذلك. مثلا، ان الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية تدعو كذلك الثالوث «العقيدة الرئيسية للمسيحية،» قائلة ايضا: «المسيحيون هم اولئك الذين يقبلون المسيح بصفته اللّٰه.» وفي كتاب ايماننا المسيحي الأرثوذكسي تعلن الكنيسة نفسها: «اللّٰه ثالوث. . . . الآب هو اللّٰه كليا. الابن هو اللّٰه كليا. الروح القدس هو اللّٰه كليا.»
وهكذا يُعتبر الثالوث «الها واحدا في ثلاثة اقانيم.» كلٌّ يقال انه لا بداية له، موجود طوال السرمدية. وكلٌّ يقال انه قادر على كل شيء، ليس احد اعظم او ادنى من الآخر.
وهل يصعب اتِّباع مثل هذا التفكير؟ وجد كثيرون من المؤمنين المخلصين ان ذلك مشوِّش، مخالف للتفكير الطبيعي، ليس مشابها لايّ شيء في اختبارهم. فكيف، يسألون، يمكن للآب ان يكون اللّٰه، ويسوع ان يكون اللّٰه، والروح القدس ان يكون اللّٰه، ومع ذلك ان لا يكون هنالك ثلاثة آلهة بل اله واحد فقط؟
«أبعد من ادراك العقل البشري»
هذا التشويش واسع الانتشار. وتشير دائرة المعارف الاميركية الى ان عقيدة الثالوث تُعتبر «أبعد من ادراك العقل البشري.»
والكثيرون الذين يقبلون الثالوث ينظرون اليه بهذه الطريقة. يقول الاسقف يوجين كلارك: «اللّٰه واحد، واللّٰه ثلاثة. وبما انه ليس هنالك شيء كهذا في الخليقة، لا يمكننا فهمه بل قبوله فقط.» ويعلن الكردينال جون اوكونر: «نعرف ان ذلك سر عميق جدا لا نبتدئ بفهمه.» ويتحدث البابا يوحنا بولس الثاني عن «السر الغامض للّٰه الثالوث.»
وهكذا، يقول قاموس المعرفة الدينية: «على ماهية هذه العقيدة بصورة دقيقة، او بالاحرى كيفية تفسيرها بصورة دقيقة، الثالوثيون هم غير متفقين في ما بينهم.»
اذًا، يمكننا ان نفهم لماذا تعلِّق دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة: «هنالك قليلون من معلِّمي اللاهوت الثالوثي في المعاهد اللاهوتية الكاثوليكية الرومانية الذين لم ينزعجوا من حين الى آخر بالسؤال، ‹ولكن كيف يكرز المرء بالثالوث؟› واذا كان السؤال دليلا على التشويش من جهة التلاميذ فربما لا يكون سوى دليل على تشويش مماثل من جهة معلِّميهم.»
وحقيقة هذا التعليق يمكن اثباتها بالذهاب الى احدى المكتبات وفحص الكتب التي تؤيد الثالوث. فقد كُتبت صفحات لا تُحصى في محاولة لتفسير ذلك. ولكن بعد النزاع في تيهان التفاسير والتعابير اللاهوتية المشوِّشة يخرج الباحثون مع ذلك غير مقتنعين.
من هذا القبيل، يعلِّق اليسوعي جوزف براكن في كتابه ماذا يقولون عن الثالوث؟: «الكهنة الذين بجهد كبير تعلَّموا . . . الثالوث خلال سنوات معاهدهم اللاهوتية يتردَّدون بصورة طبيعية في تقديمه لشعبهم من على المنبر، حتى في يوم أحد الثالوث. . . . فلماذا يزعج المرء الناس بشيء لن يفهموه في النهاية كما ينبغي على كل حال؟» ويقول ايضا: «الثالوث هو مسألة ايمان اساسي، ولكن له القليل او لا شيء من [التأثير] في حياة المسيحي وعبادته اليومية.» ومع ذلك، انه «العقيدة المركزية» للكنائس.
يلاحظ اللاهوتي الكاثوليكي هانز كيونڠ في كتابه المسيحية وأديان العالم ان الثالوث هو احد اسباب عدم تمكن الكنائس من احراز ايّ تقدم ذي مغزى مع الشعوب غير المسيحية. ويعلن: «حتى المسلمون ذوو الاطلاع الحسن لا يمكنهم ببساطة ان يتبعوا، كما ان اليهود حتى الآن فشلوا ايضا في فهم، فكرة الثالوث. . . . التمييزات التي تصنعها عقيدة الثالوث بين الاله الواحد والاقانيم الثلاثة لا ترضي المسلمين الذين تشوِّشهم، عوضا عن ان تنيرهم، التعابير اللاهوتية المشتقة من السريانية، اليونانية، واللاتينية. ويجد المسلمون ان ذلك كله تلاعب بالكلمات. . . . فلماذا يريد احد ان يضيف الى فكرة وحدانية اللّٰه وكونه فريدا شيئا لا يمكن إلا ان يشوب ويبطل هذه الوحدانية وكونه فريدا؟»
«ليس اله تشويش»
وكيف كان ممكنا لمثل هذه العقيدة المشوِّشة ان تنشأ؟ تدَّعي دائرة المعارف الكاثوليكية: «العقيدة الغامضة جدا تفترض مسبقا اعلانا الهيا.» والعالمان الكاثوليكيان كارل رانر وهربرت ڤورڠريملر يعلنان في القاموس اللاهوتي الذي لهما: «الثالوث هو سر . . . بالمعنى الدقيق . . .، لا يمكن معرفته دون اعلان، وحتى بعد الاعلان لا يمكن ان يصير واضحا كليا.»
ولكنّ التأكيد القائل انه بما ان الثالوث سر مشوِّش جدا لا بد ان يكون قد اتى من اعلان الهي يخلق مشكلة رئيسية اخرى. ولماذا؟ لان الاعلان الالهي نفسه لا يسمح بمثل هذه النظرة الى اللّٰه: «اللّٰه ليس اله تشويش.» — ١ كورنثوس ١٤:٣٣.
بالنظر الى هذه العبارة، هل يكون اللّٰه مسؤولا عن عقيدة تتعلق به مشوِّشة جدا بحيث لا يتمكن حتى العلماء العبرانيون، اليونانيون، واللاتينيون من تفسيرها؟
وفضلا عن ذلك، هل يلزم ان يكون الناس علماء باللاهوت ‹ليعرفوا الاله الحقيقي الوحيد ويسوع المسيح الذي أرسله›؟ (يوحنا ١٧:٣) اذا كانت هذه هي الحال، لماذا ادرك قليلون جدا من القادة الدينيين اليهود المثقفين ان يسوع هو المسيّا؟ عوضا عن ذلك، كان تلاميذه الامناء مزارعين، صيادي سمك، عشّارين وربات بيوت متواضعين. وهؤلاء الناس العاديون كانوا على يقين مما علَّمه يسوع عن اللّٰه بحيث تمكنوا من تعليمه للآخرين وكانوا ايضا على استعداد للموت من اجل ايمانهم. — متى ١٥:١-٩؛ ٢١:٢٣-٣٢، ٤٣؛ ٢٣:١٣-٣٦؛ يوحنا ٧:٤٥-٤٩؛ اعمال ٤:١٣.
[الصورة في الصفحة ٤]
تلاميذ يسوع كانوا الناس العاديين المتواضعين، لا القادة الدينيين
-
-
هل هو بوضوح تعليم للكتاب المقدس؟هل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟
-
-
هل هو بوضوح تعليم للكتاب المقدس؟
اذا كان الثالوث صحيحا يجب ان يكون مقدَّما على نحو واضح وثابت في الكتاب المقدس. ولماذا؟ لان الكتاب المقدس، كما اكَّد الرسل، هو اعلان اللّٰه عن نفسه للجنس البشري. وبما انه يلزمنا ان نعرف اللّٰه لكي نعبده على نحو مقبول يجب ان يكون الكتاب المقدس واضحا في إخبارنا مَن هو.
قبِل مؤمنو القرن الاول الاسفار المقدسة كاعلان للّٰه موثوق به. وكان ذلك اساسا لمعتقداتهم، المرجع الاخير. مثلا، عندما كرز الرسول بولس للناس في مدينة بيرية «قبلوا الكلمة بكل نشاط فاحصين الكتب كل يوم هل هذه الامور هكذا.» — اعمال ١٧:١٠، ١١.
وماذا استعمل رجال اللّٰه البارزون في ذلك الوقت كمرجع لهم؟ تخبرنا الاعمال ١٧:٢، ٣: ‹حسب عادة بولس كان يحاجّهم من الكتب موضحا ومبينا [من الاسفار المقدسة].›
ويسوع نفسه وضع المثال في استعمال الاسفار المقدسة كأساس لتعليمه، قائلا على نحو متكرر: «مكتوب.» «ابتدأ . . . يفسر لهما الامور المختصة به في جميع الكتب.» — متى ٤:٤، ٧؛ لوقا ٢٤:٢٧.
وهكذا كان يسوع وبولس ومؤمنو القرن الاول يستعملون الاسفار المقدسة كأساس لتعليمهم. لقد عرفوا ان «كل الكتاب هو موحى به من اللّٰه ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر لكي يكون انسان اللّٰه كاملا متأهبا لكل عمل صالح.» — ٢ تيموثاوس ٣:١٦، ١٧؛ انظروا ايضا ١ كورنثوس ٤:٦؛ ١ تسالونيكي ٢:١٣؛ ٢ بطرس ١:٢٠، ٢١.
وبما ان الكتاب المقدس يمكن ان ‹يقوِّم الامور› يجب ان يُظهر بوضوح المعلومات عن مسألة رئيسية كما يجري الادعاء ان الثالوث هو. ولكن هل يقول اللاهوتيون والمؤرخون انفسهم ان ذلك على نحو واضح تعليم للكتاب المقدس؟
«الثالوث» في الكتاب المقدس؟
تعلن مطبوعة پروتستانتية: «الكلمة ثالوث ليست موجودة في الكتاب المقدس . . . ولم تجد مكانا بصورة رسمية في لاهوت الكنيسة حتى القرن الـ ٤.» (قاموس الكتاب المقدس المصوَّر) ويقول مرجع كاثوليكي ان الثالوث «ليس . . . كلمة اللّٰه على نحو مباشر وفوري.» — دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة.
وتعلِّق دائرة المعارف الكاثوليكية ايضا: «في الكتاب المقدس ليس هنالك حتى الآن تعبير واحد به تجري الاشارة الى الاقانيم الالهية الثلاثة معا. والكلمة τρίας [ترايَس] (التي تكون ترينيتاس اللاتينية ترجمة لها) توجد اولا في كتابات ثاوفيلس الانطاكي حوالي ١٨٠ بم. . . . وبعد ذلك بوقت قصير تَظهر في صيغتها اللاتينية ترينيتاس في كتابات ترتليان.»
ولكنّ ذلك ليس برهانا بحد ذاته على ان ترتليان علَّم الثالوث. مثلا، تشير المطبوعة الكاثوليكية ترينيتاس — دائرة معارف لاهوتية للثالوث الاقدس الى ان بعض كلمات ترتليان استعملها آخرون في ما بعد لوصف الثالوث. ثم تحذر: «ولكنّ الاستنتاجات السريعة لا يمكن استخراجها من استعمال الكلمات، لانه لا يطبِّق الكلمات على اللاهوت الثالوثي.»
شهادة الاسفار العبرانية
بالرغم من ان الكلمة «ثالوث» غير موجودة في الكتاب المقدس، هل يجري تعليم فكرة الثالوث على الاقل بوضوح فيه؟ مثلا، ايّ شيء تكشفه الاسفار العبرانية («العهد القديم»)؟
تعترف دائرة معارف الدين: «اللاهوتيون اليوم متفقون على ان الكتاب المقدس العبراني لا يحتوي على عقيدة الثالوث.» وتقول دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة ايضا: «لا يجري تعليم عقيدة الثالوث الاقدس في العهد القديم.»
وعلى نحو مماثل، في كتابه الاله الثالوثي، يعترف اليسوعي ادموند فورتمان: «العهد القديم . . . لا يخبرنا ايّ شيء بوضوح او بمعنى ضمني محتوم عن اله ثالوثي هو الآب والابن والروح القدس. . . . لا دليل هنالك على ان ايًّا من كتبة الكتابات المقدسة تَوقَّع ايضا وجود [ثالوث] في الذات الالهية. . . . وأيضا أن يرى المرء في [«العهد القديم»] اشارات او رموزا او ‹علامات باطنية› لثالوث من الاقانيم هو أن يذهب الى أبعد من كلمات وقصد كتبة الكتابات المقدسة.» — الحروف المائلة لنا.
وفحص الاسفار العبرانية نفسها يؤيد هذه التعليقات. وهكذا، ليس هنالك تعليم واضح للثالوث في الاسفار الـ ٣٩ الاولى للكتاب المقدس التي تؤلف المجموعة الصحيحة للاسفار العبرانية الموحى بها.
شهادة الاسفار اليونانية
اذًا، هل تتحدث الاسفار اليونانية المسيحية («العهد الجديد») بوضوح عن الثالوث؟
تقول دائرة معارف الدين: «يوافق اللاهوتيون على ان العهد الجديد لا يحتوي ايضا على عقيدة واضحة للثالوث.»
ويعلن اليسوعي فورتمان: «ان كتبة العهد الجديد . . . لا يعطوننا عقيدة للثالوث رسمية او مصوغة، ولا تعليما واضحا بأن هنالك ثلاثة اقانيم الهية متساوية في اله واحد. . . . لا نجد في ايّ مكان اية عقيدة ثالوثية لثلاثة اشخاص متميزين للحياة والنشاط الالهيين في الذات الالهية نفسها.»
وتعلِّق دائرة المعارف البريطانية الجديدة: «لا الكلمة ثالوث ولا العقيدة الواضحة تَظهران في العهد الجديد.»
ويقول برنار لوسيه في تاريخ قصير للعقيدة المسيحية: «في ما يتعلق بالعهد الجديد لا يجد المرء فيه عقيدة حقيقية للثالوث.»
والقاموس الاممي الجديد للاهوت العهد الجديد يعلن على نحو مماثل: «لا يحتوي العهد الجديد على عقيدة الثالوث المتطورة. ‹لا يوجد في الكتاب المقدس اعلان واضح بأن الآب والابن والروح القدس هم من جوهر متساوٍ› [قال اللاهوتي الپروتستانتي كارل بارت].»
والپروفسور إ. واشبرن هوپكنز من جامعة يال اكَّد: «بالنسبة الى يسوع وبولس كانت عقيدة الثالوث على ما يظهر غير معروفة؛ . . . انهما لا يقولان شيئا عنها.» — اصل الدين وتطوره.
ويكتب المؤرخ آرثر ويڠول: «لم يذكر يسوع المسيح قط مثل هذه الظاهرة، ولا تَظهر في ايّ مكان في العهد الجديد كلمة ‹ثالوث.› غير ان الفكرة تبنَّتها الكنيسة بعد ثلاثمئة سنة من موت ربنا.» — الوثنية في مسيحيتنا.
وهكذا، لا الاسفار الـ ٣٩ للاسفار العبرانية ولا مجموعة الاسفار الـ ٢٧ الموحى بها للاسفار اليونانية المسيحية تزوِّد ايّ تعليم واضح للثالوث.
علَّمه المسيحيون الاولون؟
وهل علَّم المسيحيون الاولون الثالوث؟ لاحظوا التعليقات التالية للمؤرخين واللاهوتيين:
«لم تكن لدى المسيحية الاولى عقيدة واضحة للثالوث كالتي تطوَّرت في ما بعد في الدساتير.» — القاموس الاممي الجديد للاهوت العهد الجديد.
«ولكنّ المسيحيين الاولين لم يفكروا في بادئ الامر في تطبيق الفكرة [الثالوث] على ايمانهم. لقد منحوا اخلاصهم للّٰه الآب وليسوع المسيح، ابن اللّٰه، واعترفوا . . . بالروح القدس؛ ولكن لم تكن هنالك اية فكرة بأن هؤلاء الثلاثة ثالوث حقيقي، متساوون معا ومتحدون في واحد.» — الوثنية في مسيحيتنا.
«في بادئ الامر لم يكن الايمان المسيحي ثالوثيا . . . ولم يكن كذلك في العصر الرسولي وبعده مباشرة، كما يَظهر في العهد الجديد والكتابات المسيحية الباكرة الاخرى.» — دائرة معارف الدين والاخلاق.
«الصيغة ‹اله واحد في ثلاثة اقانيم› لم تتأسس برسوخ، وبالتأكيد لم تُستوعب كاملا في الحياة المسيحية ومجاهرتها بالايمان، قبل نهاية القرن الـ ٤. . . . فبين الآباء الرسوليين لم يكن هنالك حتى ما يقارب عن بعد مثل هذا التفكير او هذه النظرة.» — دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة.
ما علَّم به آباء ما قبل مجمع نيقية
جرى الاعتراف بأن آباء ما قبل مجمع نيقية كانوا يقودون المعلمين الدينيين في القرون الاولى بعد ولادة المسيح. فما علَّموا به ذو اهمية.
ان يوستينوس الشهيد، الذي مات نحو السنة ١٦٥ بم، دعا يسوع قبل بشريته ملاكا مخلوقا هو «غير اللّٰه الذي صنع كل الاشياء.» وقال ان يسوع هو ادنى من اللّٰه و «لم يفعل شيئا إلا ما اراد الخالق . . . ان يفعله ويقوله.»
وايريناوس، الذي مات نحو السنة ٢٠٠ بم، قال ان يسوع قبل بشريته كان له وجود منفصل عن اللّٰه وكان ادنى منه. وأظهر ان يسوع ليس مساويا ‹للاله الواحد الحقيقي والوحيد،› الذي هو «اسمى من الجميع، ولا احد آخر مثله.»
وكليمنت الاسكندري، الذي مات نحو السنة ٢١٥ بم، دعا اللّٰه «الاله غير المخلوق والذي لا يفنى والحقيقي الوحيد.» وقال ان الابن «هو بعد الآب الوحيد القادر على كل شيء» ولكن ليس مساويا له.
وترتليان، الذي مات نحو السنة ٢٣٠ بم، علَّم بسموّ اللّٰه. وعلَّق قائلا: «الآب مختلف عن الابن (شخص آخَر)، اذ هو اعظم؛ اذ ان الذي يلِد مختلف عن الذي يولَد؛ الذي يُرسِل مختلف عن الذي يُرسَل.» وقال ايضا: «كان هنالك وقت لم يكن فيه يسوع. . . . قبل كل الاشياء كان اللّٰه وحده.»
وهيبوليتوس، الذي مات نحو السنة ٢٣٥ بم، قال ان اللّٰه هو «الاله الواحد، الاول والوحيد، الصانع ورب الجميع،» الذي «لا شيء مزامن [بعمر مساوٍ] له . . . ولكنه كان واحدا، وحده بذاته؛ الذي، اذ اراد ذلك، دعا الى الوجود ما لم يكن له وجود من قبل،» كيسوع المخلوق قبل بشريته.
وأوريجينس، الذي مات نحو السنة ٢٥٠ بم، قال ان «الآب والابن جوهران . . . شيئان في ما يتعلق بذاتهما،» وانه «لدى مقارنته بالآب يكون [الابن] نورا ضئيلا جدا.»
واذ يلخص الدليل التاريخي يقول ألڤان لامسون في كنيسة القرون الثلاثة الاولى: «العقيدة الشائعة العصرية للثالوث . . . لا تستمد ايّ تأييد من لغة يوستينوس [الشهيد]: وهذه الملاحظة يمكن ان تشمل كل آباء ما قبل مجمع نيقية؛ اي كل الكتبة المسيحيين طوال ثلاثة قرون بعد ميلاد المسيح. صحيح انهم يتكلمون عن الآب والابن و . . . الروح القدس ولكن ليس بأنهم متساوون معا، ليس بأنهم جوهر عددي واحد، ليس بأنهم ثلاثة في واحد، بأيّ معنى يعترف به الثالوثيون الآن. والعكس تماما هو الواقع.»
وهكذا فان شهادة الكتاب المقدس والتاريخ توضح ان الثالوث لم يكن معروفا في كل ازمنة الكتاب المقدس وطوال عدة قرون بعد ذلك.
[النبذة في الصفحة ٧]
«لا دليل هنالك على ان ايًّا من كتبة الكتابات المقدسة تَوقَّع ايضا وجود [ثالوث] في الذات الالهية.» — الاله الثالوثي
-
-
كيف تطوَّرت عقيدة الثالوث؟هل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟
-
-
كيف تطوَّرت عقيدة الثالوث؟
في هذه المرحلة قد تسألون: ‹إن لم يكن الثالوث تعليما للكتاب المقدس، فكيف صار عقيدة العالم المسيحي؟› يعتقد كثيرون انه صِيغَ في مجمع نيقية في سنة ٣٢٥ بم.
ولكنّ ذلك ليس صحيحا كليا. فمجمع نيقية زعم فعلا ان المسيح هو من الجوهر نفسه كالآب، وذلك وضع الاساس للاَّهوت الثالوثي اللاحق. ولكنه لم يؤسس الثالوث، لانه في ذلك المجمع لم يكن هنالك ذكر للروح القدس بصفته الاقنوم الثالث لذات الهية ثالوثية.
دور قسطنطين في نيقية
طوال سنوات كثيرة كان هنالك الكثير من المقاومة على اساس الكتاب المقدس للفكرة المتطورة القائلة ان يسوع هو اللّٰه. وفي محاولة لحل الجدال دعا قسطنطين الامبراطور الروماني جميع الاساقفة الى نيقية. ونحو ٣٠٠ اسقف، جزء صغير من المجموع، حضروا فعلا.
لم يكن قسطنطين مسيحيا. ويُظنّ انه اهتدى في اواخر حياته، ولكنه لم يعتمد حتى صار على فراش الموت. وعنه يقول هنري تشادويك في الكنيسة الباكرة: «كان قسطنطين، كأبيه، يعبد الشمس التي لا تُقهر؛ . . . واهتداؤه لا يجب التفسير انه اختبار داخلي للنعمة . . . لقد كان ذلك قضية عسكرية. وفهمه للعقيدة المسيحية لم يكن قط واضحا جدا، ولكنه كان على يقين من ان الانتصار في المعركة يكمن في هبة اله المسيحيين.»
وأيّ دور قام به هذا الامبراطور غير المعتمد في مجمع نيقية؟ تخبر دائرة المعارف البريطانية: «قسطنطين نفسه اشرف، موجِّها المناقشات بفعالية، واقترح شخصيا . . . الصيغة الحاسمة التي اظهرت علاقة المسيح باللّٰه في الدستور الذي اصدره المجمع، ‹من جوهر واحد مع الآب› . . . واذ كانوا يرتاعون من الامبراطور فان الاساقفة، باستثناء اثنين فقط، وقَّعوا الدستور، وكثيرون منهم ضد رغبتهم.»
لذلك كان دور قسطنطين حاسما. فبعد شهرين من الجدال الديني العنيف تدخَّل هذا السياسي الوثني واتخذ قرارا لمصلحة اولئك الذين قالوا بأن يسوع هو اللّٰه. ولكن لماذا؟ بالتاكيد ليس لسبب ايّ اقتناع مؤسس على الكتاب المقدس. «من حيث الاساس، لم يكن لدى قسطنطين فهمٌ على الاطلاق للاسئلة التي كانت تُطرح في اللاهوت اليوناني،» يقول تاريخ قصير للعقيدة المسيحية. ان ما فهمه فعلا كان ان الانشقاق الديني تهديد لامبراطوريته، وكان يرغب في جعل منطقته متينة.
ولكن لا احد من الاساقفة في نيقية روَّج الثالوث. لقد قرروا فقط طبيعة يسوع ولكن ليس دور الروح القدس. ولو كان الثالوث حقيقة واضحة للكتاب المقدس أفلا يلزم ان يكونوا قد اقترحوه في ذلك الوقت؟
تطوُّر اضافي
بعد نيقية استمرت المناقشات في هذا الموضوع لعقود. واولئك الذين كانوا يؤمنون بأن يسوع ليس مساويا للّٰه جرى كذلك استحسانهم من جديد لمدة من الوقت. ولكن في ما بعد اتخذ الامبراطور ثيودوسيوس قرارا ضدهم. وثبَّت دستور مجمع نيقية بصفته المقياس لمملكته ودعا الى مجمع القسطنطينية في سنة ٣٨١ بم لايضاح الصيغة.
ووافق هذا المجمع على وضع الروح القدس في المستوى نفسه مع اللّٰه والمسيح. وللمرة الاولى ابتدأ يبرز ثالوث العالم المسيحي.
ولكن، حتى بعد مجمع القسطنطينية، لم يصر الثالوث دستورا مقبولا على نحو واسع. فكثيرون قاوموه وبالتالي جلبوا على انفسهم الاضطهاد العنيف. وفي القرون اللاحقة فقط كان انّ الثالوث صِيغَ في دساتير مقرَّرة. تكتب دائرة المعارف الاميركية: «التطور الكامل للاعتقاد بالتثليث حدث في الغرب، في السكولاستية [الفلسفة اللاهوتية] للعصور الوسطى، عندما جرى قبول تفسير بلغة الفلسفة وعلم النفس.»
الدستور الاثناسيوسي
جرى تعريف الثالوث على نحو اكمل في الدستور الاثناسيوسي. وكان اثناسيوس رجل دين ايَّد قسطنطين في نيقية. والدستور الذي يحمل اسمه يعلن: «نعبد الها واحدا في ثالوث . . . الآب هو اللّٰه، الابن هو اللّٰه، والروح القدس هو اللّٰه؛ ولكنهم ليسوا ثلاثة آلهة، بل اله واحد.»
ومع ذلك، يوافق العلماء ذوو الاطلاع الحسن ان اثناسيوس لم يشكِّل هذا الدستور. تعلِّق دائرة المعارف البريطانية الجديدة: «لم يُعرف الدستور عند الكنيسة الشرقية حتى القرن الـ ١٢. ومنذ القرن الـ ١٧ يوافق العلماء عموما ان الدستور الاثناسيوسي لم يكتبه اثناسيوس (مات سنة ٣٧٣) ولكنه تشكَّل على الارجح في جنوب فرنسا خلال القرن الـ ٥. . . . ويبدو ان تأثير الدستور كان على نحو رئيسي في جنوب فرنسا واسپانيا في القرنين الـ ٦ والـ ٧. واستُعمل في طقوس الكنيسة في المانيا في القرن الـ ٩ وبعد ذلك بقليل في روما.»
وهكذا استغرقت صيرورة الثالوث مقبولا على نحو واسع في العالم المسيحي قرونا منذ زمن المسيح. وفي كل ذلك، ماذا وجَّه القرارات؟ هل كان ذلك كلمة اللّٰه؟ أم كان آراء رجال الدين والسياسة؟ في اصل الدين وتطوره يجيب المؤرخ إ. و. هوپكنز: «التعريف الأرثوذكسي الاخير للثالوث كان على نحو اساسي مسألة سياسة الكنيسة.»
الإنباء بالارتداد
ان هذا التاريخ الرديء السمعة للثالوث يلائم ما انبأ يسوع ورسله بأنه سيلي زمنهم. فقد قالوا انه سيكون هنالك ارتداد، انحراف، ابتعاد عن العبادة الحقيقية حتى رجوع المسيح، الوقت الذي فيه يجري ردّ العبادة الحقيقية قبل يوم اللّٰه لدمار نظام الاشياء هذا.
وعن ذلك «اليوم» قال الرسول بولس: «لا يأتي إن لم يأتِ الارتداد اولا ويُستعلَن انسان الخطية.» (٢ تسالونيكي ٢:٣، ٧) وفي ما بعد انبأ: «بعد ذهابي سيدخل بينكم ذئاب خاطفة لا تشفق على الرعية. ومنكم انتم سيقوم رجال يتكلمون بأمور ملتوية ليجتذبوا التلاميذ وراءهم.» (اعمال ٢٠:٢٩، ٣٠) وتلاميذ يسوع الآخرون كتبوا ايضا عن هذا الارتداد بصف رجال دينه ‹الخاطئ.› — انظروا، مثلا، ٢ بطرس ٢:١؛ ١ يوحنا ٤:١-٣؛ يهوذا ٣، ٤.
وكتب بولس ايضا: «سيكون وقت لا يحتملون فيه التعليم الصحيح بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم معلمين مستحكة مسامعهم فيصرفون مسامعهم عن الحق وينحرفون الى الخرافات.» — ٢ تيموثاوس ٤:٣، ٤.
ويسوع نفسه اوضح ما كان وراء هذا الابتعاد عن العبادة الحقيقية. فقال انه زرع زرعا جيدا ولكنّ العدو، الشيطان، كان سيزرع كذلك في الحقل زوانا. ولذلك، مع الاوراق الاولى للحنطة، ظهر الزوان ايضا. وهكذا فان الانحراف عن المسيحية النقية كان سيُتوقع حتى الحصاد حين يُصلح المسيح الامور. (متى ١٣:٢٤-٤٣) تعلِّق دائرة المعارف الاميركية: «الاعتقاد بالتثليث في القرن الرابع لم يعكس بدقة التعليم المسيحي الباكر عن طبيعة اللّٰه؛ وعلى العكس، كان انحرافا عن هذا التعليم.» اذًا، اين نشأ هذا الانحراف؟ — ١ تيموثاوس ١:٦.
ما اثَّر فيه
في كل مكان من العالم القديم، رجوعا الى بابل، كانت عبادة الآلهة الوثنية المجموعة في فِرَق من ثلاثة، او ثواليث، شائعة. وهذا التأثير كان ايضا سائدا في مصر واليونان ورومية في القرون التي قبل، وفي ايام، وبعد المسيح. وبعد موت الرسل ابتدأت مثل هذه المعتقدات الوثنية تجتاح المسيحية.
يعلِّق المؤرخ وِل ديورانت: «المسيحية لم تدمِّر الوثنية؛ لقد تبنَّتها. . . . ومن مصر اتت افكار الثالوث الالهي.» وفي كتاب الدين المصري يكتب سيڠفريد مورنز: «كان الثالوث شغل اللاهوتيين المصريين الرئيسي . . . تُجمع ثلاثة آلهة وتُعتبر كائنا واحدا، اذ تجري مخاطبتها بصيغة المفرد. بهذه الطريقة تُظهِر القوة الروحية للدين المصري صلة مباشرة باللاهوت المسيحي.»
وهكذا في الاسكندرية، مصر، اعرب رجال الكنيسة لاواخر القرن الثالث واوائل الرابع، مثل اثناسيوس، عن هذا التأثير اذ صاغوا افكارا قادت الى الثالوث. وانتشر تأثيرهم، حتى ان مورنز يعتبر «اللاهوت الاسكندري وسيطا بين التراث الديني المصري والمسيحية.»
وفي مقدمة تاريخ المسيحية بواسطة ادوارد غيبون نقرأ: «اذا كانت المسيحية قد قهرت الوثنية يكون صحيحا على نحو مساوٍ ان الوثنية قد افسدت المسيحية. والربوبية النقية للمسيحيين الاولين . . . تحوَّلت، بواسطة كنيسة روما، الى عقيدة للثالوث لا يمكن فهمها. والكثير من المعتقدات الوثنية، التي اختلقها المصريون وجعلها افلاطون مثالية، جرى استبقاؤها بصفتها جديرة بالايمان.»
ويشير قاموس المعرفة الدينية الى ان كثيرين يقولون ان الثالوث «فساد استُعير من الاديان الوثنية، وطُعِّم في الايمان المسيحي.» ويعلن الوثنية في مسيحيتنا: «اصل [الثالوث] وثني تماما.»
لهذا السبب، في دائرة معارف الدين والاخلاق، كتب جيمس هيستينڠز: «في الديانة الهندية، مثلا، نواجه المجموعة الثالوثية من براهما، شيڤا، وڤيشنو؛ وفي الديانة المصرية المجموعة الثالوثية من أوزيريس، إيزيس، وحُورَس . . . وليس فقط في الديانات التاريخية يحدث اننا نجد ان اللّٰه يُعتبر ثالوثا. فالمرء يذكر خصوصا النظرة الافلاطونية المحدَثة الى الحقيقة الاسمى او المطلقة،» التي هي «ممثَّلة ثالوثيا.» فما علاقة الفيلسوف اليوناني افلاطون بالثالوث؟
الافلاطونية
يُعتقد ان افلاطون عاش من ٤٢٨ الى ٣٤٧ قبل المسيح. وفي حين انه لم يعلِّم الثالوث بصيغته الحاضرة فقد مهَّدت فلسفاته الطريق له. فلاحقا برزت الحركات الفلسفية التي شملت المعتقدات الثالوثية، وهذه اثرت فيها افكار افلاطون عن اللّٰه والطبيعة.
يقول القاموس الكوني الجديد الفرنسي عن تأثير افلاطون: «الثالوث الافلاطوني، الذي هو بحد ذاته مجرد ترتيب جديد لثواليث اقدم يرجع تاريخها الى شعوب ابكر، يبدو انه الثالوث الفلسفي العقلاني للصفات التي وَلدت الشخصيات او الاقانيم الالهية الثلاثة التي تعلِّمها الكنائس المسيحية. . . . ومفهوم هذا الفيلسوف اليوناني للثالوث الالهي . . . يمكن ايجاده في كل الديانات [الوثنية] القديمة.»
ودائرة معارف شاف-إرزوڠ الجديدة للمعرفة الدينية تُظهر تأثير هذه الفلسفة اليونانية: «ان عقيدتي لوڠوس والثالوث اخذتا شكلهما من الآباء اليونانيين الذين . . . تأثروا جدا، بطريقة مباشرة او غير مباشرة، بالفلسفة الافلاطونية . . . أمّا ان الاخطاء والمفاسد زحفت الى الكنيسة من هذا المصدر فلا يمكن انكاره.»
يقول كنيسة القرون الثلاثة الاولى: «كان لعقيدة الثالوث تشكُّل تدرُّجي ومتأخر نسبيا؛ . . . فكان لها اصلها في مصدر غريب كليا عن ذاك الذي للاسفار اليهودية والمسيحية؛ . . . لقد نمت، وطُعِّمت في المسيحية، على ايدي الآباء الافلاطونيين.»
وبحلول نهاية القرن الثالث بم صارت «المسيحية» والفلسفات الافلاطونية الجديدة متحدة على نحو لا ينفصل. وكما يعلن ادولف هارناك في مجمل تاريخ العقيدة، صارت عقيدة الكنيسة «متأصلة على نحو راسخ في تربة الهلِّينية [الفكر اليوناني الوثني]. وبذلك صارت سرا للاغلبية العظمى من المسيحيين.»
ادَّعت الكنيسة ان عقائدها الجديدة مؤسسة على الكتاب المقدس. ولكنّ هارناك يقول: «في الحقيقة، لقد اباحت في وسطها الفكر الهلِّيني، الآراء والعادات الخرافية للعبادة السرية الوثنية.»
وفي كتاب بيان للحجج يقول أندروز نورتن عن الثالوث: «يمكننا ان نتتبَّع تاريخ هذه العقيدة ونكتشف مصدرها، لا في الاعلان المسيحي، بل في الفلسفة الافلاطونية؛ . . . ليس الثالوث عقيدة المسيح ورسله، ولكنه خيال مدرسة الافلاطونيين اللاحقين.»
وهكذا، في القرن الرابع بم، وصل الارتداد الذي انبأ به يسوع والرسل الى ذروته. وتطوُّر الثالوث كان مجرد دليل واحد على ذلك. فالكنائس المرتدة ابتدأت ايضا تعتنق افكارا وثنية اخرى كنار الهاوية، خلود النفس، والصنمية. وبلغة روحية، دخل العالم المسيحي عصوره المظلمة المنبأ بها، اذ ساد عليه صف متزايد من رجال دين «انسان الخطية.» — ٢ تسالونيكي ٢:٣، ٧.
لماذا انبياء اللّٰه لم يعلِّموا به؟
ولماذا، طوال آلاف السنين، لم يعلِّم احد من انبياء اللّٰه شعبه عن الثالوث؟ وأخيرا، ألم يكن يسوع ليستخدم مقدرته بصفته المعلِّم الكبير لجعل الثالوث واضحا لأتباعه؟ هل كان اللّٰه سيوحي بمئات صفحات الاسفار المقدسة ومع ذلك لا يستخدم ايًّا من هذا الارشاد ليعلِّم الثالوث لو كان ذلك «العقيدة المركزية» للايمان؟
هل يجب ان يؤمن المسيحيون بأن اللّٰه بعد المسيح بقرون وبعد الايحاء بكتابة الكتاب المقدس كان سيؤيد صيغة عقيدة لم تكن معروفة عند خدامه طوال آلاف السنين، عقيدة هي ‹سر غامض› «أبعد من ادراك العقل البشري،» عقيدة من المسلَّم به انه كانت لها خلفية وثنية وكانت «على نحو اساسي مسألة سياسة الكنيسة»؟
ان شهادة التاريخ واضحة: تعليم الثالوث هو انحراف عن الحق، ارتداد عنه.
[النبذة في الصفحة ٨]
‹الاعتقاد بالتثليث في القرن الرابع كان انحرافا عن التعليم المسيحي الباكر.› — دائرة المعارف الاميركية
[الاطار في الصفحة ٩]
«ثالوث الآلهة العظيمة»
قبل زمن المسيح بقرون كثيرة كانت هنالك ثواليث من الآلهة في بابل وأشور القديمتين. و «دائرة معارف لاروس للاساطير» الفرنسية تشير الى احد تلك الثواليث في منطقة ما بين النهرين هذه: «كان الكون منقسما الى ثلاث مناطق صار كلٌّ منها مقاطعة لاله. حصة آنو كانت السماء. والارض أُعطيت لانليل. وايا صار حاكم المياه. ومعا كانوا يؤلفون ثالوث الآلهة العظيمة.»
[الاطار في الصفحة ١٢]
الثالوث الهندوسي
يقول كتاب «رمزية الآلهة والشعائر الهندوسية» عن ثالوث هندوسي وُجد قبل المسيح بقرون: «شيڤا هو احد آلهة الثالوث. ويُقال انه اله الدمار. والإلٰهان الآخران هما براهما، اله الخلق وڤيشنو، اله الحفظ. . . . وللدلالة على ان هذه العمليات الثلاث هي واحدة، وهي الامر نفسه، يجري جمع الآلهة الثلاثة في شكل واحد.» — نُشر بواسطة أ. پارثاساراثي، بومباي.
[الصورة في الصفحة ٨]
«من حيث الاساس، لم يكن لدى قسطنطين فهمٌ على الاطلاق للاسئلة التي كانت تُطرح في اللاهوت اليوناني.» — تاريخ قصير للعقيدة المسيحية
[الصور في الصفحة ١٠]
١- مصر. ثالوث حُورَس، أوزيريس، إيزيس، الالف الـ ٢ قم
٢- بابل. ثالوث عَشْتار، سِن، شَمَش، الالف الـ ٢ قم
٣- تدمر. ثالوث اله القمر، رب السموات، اله الشمس، نحو القرن الـ ١ بم
٤- الهند. اله هندوسي ثالوثي، نحو القرن الـ ٧ بم
٥- كمپوتشيا. اله بوذي ثالوثي، نحو القرن الـ ١٢ بم
٦- النروج. ثالوث (الآب، الابن، الروح القدس)، نحو القرن الـ ١٣ بم
٧- فرنسا. ثالوث، نحو القرن الـ ١٤ بم
٨- ايطاليا. ثالوث، نحو القرن الـ ١٥ بم
٩- المانيا. ثالوث، نحو القرن الـ ١٩ بم
١٠- المانيا. ثالوث، القرن الـ ٢٠ بم
-
-
ماذا يقول الكتاب المقدس عن اللّٰه ويسوع؟هل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟
-
-
ماذا يقول الكتاب المقدس عن اللّٰه ويسوع؟
اذا قرأ الناس الكتاب المقدس من اوله الى آخره دون ان تكون لديهم فكرة مسبقة عن الثالوث، هل يتوصلون الى مثل هذه الفكرة من تلقاء انفسهم؟ كلا على الاطلاق.
وما يَظهر واضحا جدا للقارئ عديم المحاباة هو ان اللّٰه وحده هو الكلي القدرة، الخالق، المنفصل والمتميز عن ايّ شخص آخر، وأن يسوع، حتى في وجوده السابق لبشريته، منفصل ومتميز ايضا، كائن مخلوق، ادنى من اللّٰه.
اللّٰه واحد، لا ثلاثة
ان تعليم الكتاب المقدس بأن اللّٰه واحد يُدعى التوحيد. ويشير ل. ل. پين، استاذ التاريخ الكنسي، الى ان التوحيد في شكله الانقى لا يسمح بثالوث: «العهد القديم توحيدي تماما. فاللّٰه كائن شخصي واحد. والفكرة ان الثالوث يجب ان يوجد هناك . . . لا اساس لها مطلقا.»
وهل كان هنالك ايّ تغيير عن التوحيد بعد مجيء يسوع الى الارض؟ يجيب پين: «في هذه النقطة ليس هنالك تغيير بين العهد القديم والجديد. فالتقليد التوحيدي مستمر. كان يسوع يهوديا، درَّبه والدان يهوديان في اسفار العهد القديم. وتعليمه كان يهوديا حتى الصميم؛ انجيلا جديدا حقا، ولكن ليس لاهوتا جديدا. . . . ولقد قبِل كمعتقد له الآية العظيمة للتوحيد اليهودي: ‹اسمع يا اسرائيل. الرب الهنا رب واحد.›»
هذه الكلمات موجودة في التثنية ٦:٤. والكتاب المقدس الاورشليمي الجديد (كاج) الكاثوليكي يقول هنا: «اسمع، يا اسرائيل: يهوِه الهنا هو يهوِه الواحد، الوحيد.»a وفي قواعد اللغة لهذه الآية ليست للكلمة «واحد» مقيِّدات نحوية للمعنى بصيغة الجمع لتقترح انها تعني ايّ شيء غير فرد واحد.
والرسول المسيحي بولس لم يكن يشير الى ايّ تغيير في طبيعة اللّٰه ايضا، حتى بعد مجيء يسوع الى الارض. لقد كتب: «اللّٰه واحد.» — غلاطية ٣:٢٠؛ انظروا ايضا ١ كورنثوس ٨:٤-٦.
وآلاف المرات في كل الكتاب المقدس يجري التكلم عن اللّٰه بصفته شخصا واحدا. فعندما يتكلم يكون ذلك كفرد واحد غير منقسم. ولا يمكن ان يكون الكتاب المقدس اكثر وضوحا في ذلك. وكما يقول اللّٰه: «انا الرب هذا اسمي ومجدي لا اعطيه لآخر.» (اشعياء ٤٢:٨) «انا الرب الهك . . . لا يكن لك آلهة اخرى امامي.» (الحروف المائلة لنا.) — خروج ٢٠:٢، ٣.
ولماذا كان جميع كتبة الكتاب المقدس الموحى اليهم من اللّٰه سيتكلمون عن اللّٰه بصفته شخصا واحدا لو كان فعلا ثلاثة اقانيم؟ ايّ قصد يخدمه ذلك إلا ان يُضل الناس؟ وبالتاكيد، لو كان اللّٰه مكوَّنا من ثلاثة اقانيم لَجعَل كتبةَ الكتاب المقدس يوضحون ذلك جيدا بحيث لا يمكن ان يكون هنالك شك في ذلك. وعلى الاقل، لكان كتبة الاسفار اليونانية المسيحية، الذين كان لهم اتصال شخصي بابن اللّٰه، قد فعلوا ذلك. ولكنهم لم يفعلوا.
وعوض ذلك، فان ما جعله كتبة الكتاب المقدس فعلا واضحا جدا هو ان اللّٰه شخص واحد — كائن فريد غير منقسم لا يساويه احد: «انا الرب وليس آخَر. لا اله سواي.» (اشعياء ٤٥:٥) «اسمك يهوه وحدك العلي على كل الارض.» — مزمور ٨٣:١٨.
ليس الها متعدِّدا
كان يسوع يدعو اللّٰه «الاله الحقيقي الوحيد.» (يوحنا ١٧:٣، عج) ولم يكن قط يشير الى اللّٰه كاله من اقانيم متعدِّدة. لهذا السبب لا يوجد مكان في الكتاب المقدس يُدعى فيه احد كلي القدرة سوى يهوه. وإلا لأبطل ذلك معنى الكلمة «كلي القدرة.» فلا يسوع ولا الروح القدس يُدعيان هكذا على الاطلاق، لان يهوه وحده هو الاسمى. يعلن في التكوين ١٧:١، عج: «انا اللّٰه الكلي القدرة.» وتقول خروج ١٨:١١: «الرب اعظم من جميع الآلهة.»
في الاسفار العبرانية، هنالك للكلمة إلوهاه (إله) صيغتان للجمع، اي إلوهيم (آلهة) وإلوهِه (آلهة لـ). وصيغتا الجمع هاتان تشيران عموما الى يهوه، الحالة التي فيها تُترجمان بصيغة المفرد الى «اللّٰه.» فهل تشير صيغتا الجمع هاتان الى ثالوث؟ كلا، ليس الامر كذلك. وفي قاموس الكتاب المقدس يقول وليم سميث: «الفكرة الخيالية ان [إلوهيم] اشارت الى ثالوث من الاقانيم في الذات الالهية قلما تجد الآن مؤيِّدا بين العلماء. فذلك إما ما يدعوه النحويون جمع الجلالة، او انه يشير الى تمام القوة الالهية، مجموع القدرات التي يعرب عنها اللّٰه.»
وتقول المجلة الاميركية للغات وعلوم الادب الساميّة عن إلوهيم: «انها دون استثناء تقريبا تُعرَب مع مسنَد فعلي مفرد، وتأخذ صفة نعتية مفردة.» ولايضاح ذلك، يَظهر اللقب إلوهيم ٣٥ مرة وحده في رواية الخلق، وفي كل مرة يكون الفعل الذي يصف ما قاله وفعله اللّٰه بصيغة المفرد. (تكوين ١:١-٢:٤) وهكذا تختتم هذه المطبوعة: «[إلوهيم] يجب بالاحرى التفسير بأنها جمع توكيدي، اذ تشير الى العظمة والجلالة.»
وإلوهيم لا تعني «اقانيم» بل «آلهة.» وهكذا فان اولئك الذين يحتجون بأن هذه الكلمة تدل ضمنا على ثالوث يجعلون انفسهم مشرِكين، عبّادا لاكثر من اله واحد. ولماذا؟ لان ذلك يعني ان هنالك ثلاثة آلهة في الثالوث. ولكنّ جميع مؤيدي الثالوث تقريبا يرفضون الفكرة ان الثالوث مؤلف من ثلاثة آلهة منفصلة.
والكتاب المقدس يستعمل ايضا الكلمتين إلوهيم وإلوهِه عند الاشارة الى عدد من الآلهة الوثنية الباطلة. (خروج ١٢:١٢؛ ٢٠:٢٣) ولكن في احيان اخرى يمكن ان يشير ذلك الى مجرد اله باطل واحد، كما عندما اشار الفلسطينيون الى «داجون الههم [إلوهِه].» (قضاة ١٦:٢٣، ٢٤) وبعل يدعى ‹الها [إلوهيم].› (١ ملوك ١٨:٢٧) وبالاضافة الى ذلك، يُستعمل التعبير للبشر. (مزمور ٨٢:١، ٦) وقد قيل لموسى انه يجب ان يخدم ‹كإله [إلوهيم]› لهٰرون وفرعون. — خروج ٤:١٦؛ ٧:١.
من الواضح ان استعمال اللقبين إلوهيم وإلوهِه للآلهة الباطلة، وحتى للبشر، لم يكن يدل ضمنا على ان كلاًّ منهم هو عدد من الآلهة؛ ولا يعني ايضا تطبيق إلوهيم او إلوهِه على يهوه انه اكثر من شخص واحد، وخصوصا عندما نتأمل في شهادة باقي الكتاب المقدس حول هذا الموضوع.
يسوع خليقة منفصلة
عندما كان على الارض كان يسوع انسانا، رغم انه كان كاملا لان اللّٰه هو الذي نقل قوة حياة يسوع الى رحم مريم. (متى ١:١٨-٢٥) ولكنّ ذلك ليس الطريقة التي بها ابتدأ. فهو نفسه اعلن انه «نزل من السماء.» (يوحنا ٣:١٣) ولذلك كان طبيعيا جدا ان يقول في ما بعد لأتباعه: «فإن رأيتم ابن الانسان [يسوع] صاعدا الى حيث كان اولا.» — يوحنا ٦:٦٢.
وهكذا كان ليسوع وجود في السماء قبل المجيء الى الارض. ولكن هل كان ذلك كواحد من الاقانيم في ذات الهية ثالوثية سرمدية قادرة على كل شيء؟ كلا، لان الكتاب المقدس يعلن بوضوح انه في وجوده السابق لبشريته كان يسوع كائنا روحانيا مخلوقا، تماما كما كانت الملائكة كائنات روحانية مخلوقة من اللّٰه. فلا الملائكة ولا يسوع كانوا قد وُجدوا قبل خلقهم.
كان يسوع، في وجوده السابق لبشريته، «بكر كل خليقة.» (كولوسي ١:١٥) لقد كان «بداءة خليقة اللّٰه.» (رؤيا ٣:١٤) والكلمة «بداءة» [باليونانية، ارخي] لا يمكن بالصواب التفسير بأنها تعني ان يسوع ‹مبدئ› خليقة اللّٰه. وفي كتاباته للكتاب المقدس يستعمل يوحنا صيغا عديدة للكلمة اليونانية ارخي اكثر من ٢٠ مرة، وهذه دائما لها المعنى المشترك لـ «بداءة.» نعم، كان يسوع مخلوقا من اللّٰه بصفته بداءة خلائق اللّٰه غير المنظورة.
لاحظوا كم ترتبط هذه الاشارات الى اصل يسوع على نحو وثيق بالعبارات التي تفوَّهت بها «الحكمة» المجازية في سفر الامثال للكتاب المقدس: «الرب (خلقني، كاج) اول طريقه من قبل اعماله منذ القدم. من قبل ان تقرَّرَت الجبال قبل التلال أُبدئتُ. اذ لم يكن قد صنع الارض بعدُ ولا البراري ولا اول أعفار المسكونة.» (امثال ٨:١٢، ٢٢، ٢٥، ٢٦) وبينما يُستعمل التعبير «حكمة» لتجسيم ذاك الذي خلقه اللّٰه يوافق معظم العلماء ان ذلك فعلا لغة مجازية عن يسوع كمخلوق روحاني قبل وجوده البشري.
وبصفته «الحكمة» في وجوده السابق لبشريته يمضي يسوع قائلا انه كان «عنده [اللّٰه] صانعا.» (امثال ٨:٣٠) وبانسجام مع دوره كصانع تقول كولوسي ١:١٦ عن يسوع انه «به خلق اللّٰه كل شيء في السماء وعلى الارض.» — الترجمة الانكليزية الحديثة (تاح).
وهكذا كان بواسطة هذا الصانع، مرافقه الاصغر، اذا جاز التعبير، انَّ اللّٰه الكلي القدرة خلق كل الاشياء الاخرى. ويلخص الكتاب المقدس المسألة بهذه الطريقة: «لنا اله واحد الآب الذي منه جميع الاشياء . . . ورب واحد يسوع المسيح الذي به جميع الاشياء.» (الحروف المائلة لنا.) — ١ كورنثوس ٨:٦.
ودون شك، كان لهذا الصانع انَّ اللّٰه قال: «نعمل الانسان على صورتنا.» (تكوين ١:٢٦) ويدَّعي البعض ان «نعمل» و «صورتنا» في هذه العبارة تشير الى ثالوث. ولكن اذا قلتم، ‹لنعمل شيئا لانفسنا،› لا يفهم احد عادةً ان ذلك يدل على ان عدة اشخاص هم مجتمعون كشخص واحد في داخلكم. فأنتم ببساطة تعنون ان شخصين او اكثر سيعملون معا في امر ما. وكذلك عندما استعمل اللّٰه «نعمل» و «صورتنا» كان ببساطة يخاطب شخصا آخر، اول خليقة روحانية له، الصانع، يسوع قبل بشريته.
هل من الممكن ان يجرَّب اللّٰه؟
في متى ٤:١ يجري التحدث عن يسوع انه «يجرَّب من ابليس.» وبعد ان أرى يسوعَ «جميع ممالك العالم ومجدها» قال الشيطان: «اعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي.» (متى ٤:٨، ٩) فكان الشيطان يحاول جعل يسوع عديم الولاء للّٰه.
ولكن ايّ امتحان للولاء يكون ذلك لو كان يسوع اللّٰه؟ هل يمكن ان يتمرد اللّٰه على نفسه؟ كلا، ولكنّ الملائكة والبشر يمكن ان يتمردوا على اللّٰه وقد فعلوا ذلك. فتجربة يسوع تكون ذات معنى فقط اذا كان هو، لا اللّٰهَ، بل فردا منفصلا له ارادته الحرة الخاصة، فردا يمكن ان يكون عديم الولاء اذا اختار ذلك، كملاك او انسان.
ومن ناحية اخرى، من غير الممكن التخيُّل ان اللّٰه يمكن ان يخطئ ويكون عديم الولاء لنفسه. «هو الصخر الكامل صنيعه . . . اله امانة . . . صدِّيق وعادل هو.» (تثنية ٣٢:٤) فلو كان يسوع اللّٰه لما كان ممكنا ان يجرَّب. — يعقوب ١:١٣.
لعدم كونه اللّٰه كان من الممكن ان يكون يسوع عديم الولاء. ولكنه بقي امينا، قائلا: «اذهب يا شيطان. لانه مكتوب للرب الهك تسجد واياه وحده تعبد.» — متى ٤:١٠.
الى ايّ مدى كانت الفدية؟
ان احد الاسباب الرئيسية التي لاجلها جاء يسوع الى الارض له ايضا علاقة مباشرة بالثالوث. يعلن الكتاب المقدس: «يوجد اله واحد ووسيط واحد بين اللّٰه والناس الانسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه فدية (معادلة، عج) لاجل الجميع.» — ١ تيموثاوس ٢:٥، ٦.
فيسوع، لا اكثر ولا اقل من انسان كامل، صار فدية عوَّضت تماما عما خسره آدم — الحق في الحياة البشرية الكاملة على الارض. ولذلك كان ممكنا ان يُدعى يسوع بالصواب «آدم الاخير» من قِبل الرسول بولس، الذي قال في سياق الكلام نفسه: «كما في آدم يموت الجميع هكذا في المسيح سيُحيا الجميع.» (١ كورنثوس ١٥:٢٢، ٤٥) فحياة يسوع البشرية الكاملة كانت «فدية (معادلة، عج)» تطلَّبها العدل الالهي — لا اكثر ولا اقل. والمبدأ الاساسي للعدل البشري ايضا هو ان الثمن المدفوع يجب ان يلائم الخطأ المقترف.
ولكن لو كان يسوع جزءا من ذات الهية لكان ثمن الفدية اعلى على نحو غير محدود مما تطلَّبته شريعة اللّٰه. (خروج ٢١:٢٣-٢٥؛ لاويين ٢٤:١٩-٢١) ومجرد انسان كامل، آدم، هو الذي اخطأ في عدن، لا اللّٰه. لذلك فان الفدية، لنكون حقا على انسجام مع عدل اللّٰه، لزم ان تكون بالتدقيق مساوية — انسانا كاملا، «آدم الاخير.» وهكذا عندما ارسل اللّٰه يسوع الى الارض فديةً جعل يسوعَ يكون ما يرضي العدل، لا تجسُّدا، لا انسانا الها، بل انسانا كاملا، «وُضع قليلا عن الملائكة.» (عبرانيين ٢:٩؛ قارنوا مزمور ٨:٥، ٦.) فكيف يمكن لايّ جزء من ذات الهية قادرة على كل شيء — الآب، الابن، او الروح القدس — ان يكون يوما ما ادنى من الملائكة؟
كيف يكون «الابن المولود الوحيد»؟
يدعو الكتاب المقدس يسوع «الابن المولود الوحيد» للّٰه. (يوحنا ١:١٤؛ ٣:١٦، ١٨؛ ١ يوحنا ٤:٩، عج) ويقول الثالوثيون انه بما ان اللّٰه سرمدي، كذلك فان ابن اللّٰه سرمدي. ولكن كيف يمكن للشخص ان يكون ابنا وفي الوقت نفسه ان يكون قديما قدم ابيه؟
يدَّعي الثالوثيون انه في قضية يسوع ليس «المولود الوحيد» كنفس تعريف القاموس لكلمة «يلد،» الذي هو «ينسل كأب.» (قاموس وبستر الجامعي الجديد التاسع) ويقولون انه في قضية يسوع يعني ذلك «معنى علاقة لا اصل لها،» نوعا من علاقة الابن الوحيد دون الولادة. (قاموس ڤاين التفسيري لكلمات العهد القديم والجديد) فهل يبدو ذلك منطقيا لكم؟ هل يمكن للرجل ان يصير ابا لابن دون ان يلده؟
وفضلا عن ذلك، لماذا يستعمل الكتاب المقدس الكلمة اليونانية نفسها التي تقابل «المولود الوحيد» (كما يعترف ڤاين دون ايّ تفسير) ليصف علاقة اسحق بابرهيم؟ تتحدث عبرانيين ١١:١٧، عج، عن اسحق بصفته ‹الابن المولود الوحيد› لابرهيم. ولا يمكن ان يكون هنالك شك في انه، في قضية اسحق، كان هو المولود الوحيد بالمعنى الطبيعي، لا مساويا في الزمن او المركز لابيه.
والكلمة اليونانية الاساسية التي تقابل «المولود الوحيد» التي استُعملت ليسوع واسحق هي مونوجينيس، من مونوس، التي تعني «وحيد،» وجينوماي، كلمة جذرية تعني «يلد،» «ان يصير (يأتي الى الوجود)،» يقول الفهرس الابجدي الشامل لسترونڠ. وهكذا يجري تعريف مونوجينيس بـ «وليد وحيد، مولود وحيد، اي ولد وحيد.» — معجم يوناني وانكليزي للعهد الجديد، بواسطة إ. روبنسون.
ويقول القاموس اللاهوتي للعهد الجديد، حرَّره ڠيرهارد كيتل: «[مونوجينيس] تعني ‹بتحدُّر وحيد،› اي دون اخوة او اخوات.» ويعلن هذا الكتاب ايضا انه في يوحنا ١:١٨؛ ٣:١٦، ١٨؛ و ١ يوحنا ٤:٩، «لا تقارَن علاقة يسوع فقط بتلك التي لولد وحيد بأبيه. انها علاقة المولود الوحيد بالآب.»
وهكذا فان يسوع، الابن المولود الوحيد، كانت له بداية لحياته. واللّٰه الكلي القدرة يمكن بالصواب ان يُدعى والده، او اباه، بنفس معنى ان ابًا ارضيًا، كابرهيم، يلد ابنا. (عبرانيين ١١:١٧) لذلك عندما يتكلم الكتاب المقدس عن اللّٰه بصفته ‹ابًا› ليسوع فهو يعني ما يقوله — انهما شخصان منفصلان. فاللّٰه هو الاكبر. ويسوع هو الاصغر — في الزمان، المركز، القدرة، والمعرفة.
عندما يتأمل المرء في ان يسوع لم يكن ابن اللّٰه الروحاني الوحيد المخلوق في السماء يتضح سبب استعمال التعبير «الابن المولود الوحيد» في قضيته. فما لا يحصى من الكائنات الروحانية المخلوقة الاخرى، الملائكة، تُدعى ايضا «بني اللّٰه،» بالمعنى نفسه كما كان آدم، لان قوة حياتهم هي من يهوه اللّٰه ينبوع، او مصدر، الحياة. (ايوب ٣٨:٧؛ مزمور ٣٦:٩؛ لوقا ٣:٣٨) ولكنّ هؤلاء جميعا خُلقوا بواسطة «الابن المولود الوحيد،» الذي كان الشخص الوحيد المولود مباشرة من اللّٰه. — كولوسي ١:١٥-١٧.
هل كان يسوع يُعتبر اللّٰه؟
بينما يُدعى يسوع غالبا ابن اللّٰه في الكتاب المقدس لا احد في القرن الاول كان يعتقد على الاطلاق انه اللّٰه الابن. وحتى الابالسة، الذين ‹يؤمنون ان اللّٰه واحد،› عرفوا من اختبارهم في الحيِّز الروحي ان يسوع ليس اللّٰه. لذلك خاطبوا يسوع على نحو صحيح بصفته «ابن اللّٰه» المنفصل. (يعقوب ٢:١٩؛ متى ٨:٢٩) وعندما مات يسوع كان الجنود الرومان الوثنيون الواقفون جانبا يعرفون ما يكفي ليقولوا ان ما كانوا قد سمعوه من أتباعه لا بد انه صحيح، ليس ان يسوع كان اللّٰه بل «حقا كان هذا ابن اللّٰه.» — متى ٢٧:٥٤.
لذلك تشير العبارة «ابن اللّٰه» الى يسوع بصفته كائنا مخلوقا منفصلا، وليس جزءا من ثالوث. وبصفته ابن اللّٰه لا يمكن ان يكون اللّٰه نفسه، لان يوحنا ١:١٨ تقول: «اللّٰه لم يره احد قط.»
والتلاميذ كانوا يعتبرون ان يسوع «وسيط واحد بين اللّٰه والناس،» لا اللّٰه نفسه. (١ تيموثاوس ٢:٥) وبما ان الوسيط بحسب التعريف هو شخص منفصل عن اولئك الذين تلزمهم الوساطة يكون تناقضا ان يكون يسوع كيانا واحدا مع ايّ من الفريقين اللذين يحاول مصالحتهما معا. ويكون ذلك ادعاء بما ليس هو عليه.
ان الكتاب المقدس واضح وثابت في علاقة اللّٰه بيسوع. فيهوه اللّٰه وحده هو الكلي القدرة. وهو خلق مباشرة يسوع قبل بشريته. لذلك كانت ليسوع بداية ولا يمكن ابدا ان يكون مساويا للّٰه في القدرة او السرمدية.
[الحاشية]
a يُنقل اسم اللّٰه الى «يهوِه» في بعض الترجمات، و «يهوَه» في الاخرى.
[النبذة في الصفحة ١٤]
لكونه مخلوقا من اللّٰه فان يسوع في مركز ثانوي في الزمان، القدرة، والمعرفة
[الصورة في الصفحة ١٥]
قال يسوع انه كان له وجود سابق لبشريته، اذ خلقه اللّٰه بصفته بداءة خلائق اللّٰه غير المنظورة
-
-
هل اللّٰه دائما اسمى من يسوع؟هل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟
-
-
هل اللّٰه دائما اسمى من يسوع؟
لم يكن يسوع قط يدَّعي انه اللّٰه. وكل ما قاله عن نفسه يدل انه لم يعتبر نفسه مساويا للّٰه بأية طريقة — لا في القدرة، لا في المعرفة، لا في العمر.
وفي كل فترة من وجوده، سواء في السماء او على الارض، يعكس كلامه وسلوكه الخضوع للّٰه. فاللّٰه هو دائما الاسمى، ويسوع الادنى الذي خلقه اللّٰه.
يسوع مميَّز عن اللّٰه
مرة بعد اخرى اظهر يسوع انه مخلوق منفصل عن اللّٰه وأنه، يسوع، له اله فوقه، اله عبَده، اله دعاه «الآب.» وفي صلاة الى اللّٰه، اي الآب، قال يسوع، «انت الاله الحقيقي وحدك.» (يوحنا ١٧:٣) وفي يوحنا ٢٠:١٧ قال لمريم المجدلية: «اني اصعد الى ابي وابيكم والهي والهكم.» وفي ٢ كورنثوس ١:٣ يؤكد الرسول بولس هذه العلاقة: «مبارك اللّٰه ابو ربنا يسوع المسيح.» وبما ان يسوع له اله، ابوه، لا يمكن في الوقت نفسه ان يكون هو هذا الاله.
لم تكن لدى الرسول بولس اية تحفظات في التكلم عن يسوع واللّٰه بصفتهما منفصلين على نحو متميز: «لنا اله واحد الآب . . . ورب واحد يسوع المسيح.» (١ كورنثوس ٨:٦) ويُظهر الرسول الفرق عندما يذكر: «امام اللّٰه والرب يسوع المسيح والملائكة المختارين.» (١ تيموثاوس ٥:٢١) وتماما كما يتكلم بولس عن يسوع والملائكة بصفتهم متميزين احدهم عن الآخر في السماء، كذلك ايضا يكون يسوع واللّٰه.
وكلمات يسوع في يوحنا ٨:١٧، ١٨ مهمة ايضا. فهو يعلن: «في ناموسكم مكتوب ان شهادة رجلين حق. انا هو الشاهد لنفسي ويشهد لي الآب الذي ارسلني.» هنا يُظهر يسوع انه والآب، اي اللّٰه الكلي القدرة، لا بد ان يكونا كائنين متميزين، لانه كيف يمكن بطريقة اخرى ان يكون هنالك حقا شاهدان؟
وأظهر يسوع ايضا انه كائن منفصل عن اللّٰه بالقول: «لماذا تدعوني صالحا. ليس احد صالحا إلا واحد وهو اللّٰه.» (مرقس ١٠:١٨) وهكذا كان يسوع يقول انه ليس احد صالحا بقدر اللّٰه، حتى ولا يسوع نفسه. فاللّٰه صالح بطريقة تفصله عن يسوع.
خادم اللّٰه الخاضع
ومرة بعد اخرى تفوَّه يسوع بعبارات مثل: «لا يقدر الابن ان يعمل من نفسه شيئا إلا ما ينظر الآب يعمل.» (يوحنا ٥:١٩) «قد نزلت من السماء ليس لاعمل مشيئتي بل مشيئة الذي ارسلني.» (يوحنا ٦:٣٨) «تعليمي ليس لي بل للذي ارسلني.» (يوحنا ٧:١٦) أليس المرسِل اسمى من المرسَل؟
وهذه العلاقة واضحة في مثل يسوع عن الكرم. فقد شبَّه اللّٰهَ، اباه، بصاحب الكرم، الذي سافر وتركه في عهدة كرامين مثَّلوا رجال الدين اليهود. وعندما ارسل صاحب الكرم في ما بعد عبدا ليأخذ بعضا من ثمر الكرم جلد الكرامون العبد وأرسلوه فارغ اليدين. ثم ارسل صاحب الكرم عبدا ثانيا، وفي ما بعد عبدا ثالثا، وكلاهما نالا المعاملة نفسها. وأخيرا قال صاحب الكرم: «ارسل ابني [يسوع] الحبيب. لعلهم اذا رأوه يهابون.» ولكنّ الكرامين الفاسدين قالوا: «هذا هو الوارث. هلموا نقتله لكي يصير لنا الميراث. فأخرجوه خارج الكرم وقتلوه.» (لوقا ٢٠:٩-١٦) وهكذا اوضح يسوع مركزه بأنه مرسَل من اللّٰه ليفعل مشيئة اللّٰه، تماما كما يرسل الاب ابنا خاضعا.
وأتباع يسوع كانوا دائما يعتبرونه خادما خاضعا للّٰه، لا مساويا للّٰه. وقد صلَّوا الى اللّٰه بشأن «(خادمك، عج) القدوس يسوع الذي مسحته . . . ولتُجرَ آيات وعجائب باسم (خادمك، عج) القدوس يسوع.» — اعمال ٤:٢٣، ٢٧، ٣٠.
اللّٰه اسمى في كل الاوقات
في بداية خدمة يسوع، عندما صعد من ماء المعمودية، قال صوت اللّٰه من السماء: «هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت.» (متى ٣:١٦، ١٧) فهل كان اللّٰه يقول انه هو ابنه، انه سُرَّ بنفسه، انه ارسل نفسه؟ كلا، فكان اللّٰه الخالق يقول انه، بصفته الاسمى، مسرور بشخص ادنى، ابنه يسوع، من اجل العمل القادم.
ويسوع اشار الى سموّ ابيه عندما قال: «روح الرب علي لانه مسحني لأبشر المساكين.» (لوقا ٤:١٨) والمسح هو اعطاء سلطة او مهمة من شخص اسمى الى شخص لا يملك السلطة قبل ذلك. وهنا من الواضح ان اللّٰه هو الاسمى لانه مسح يسوع، معطيا اياه سلطة لم يكن يملكها سابقا.
ويسوع اوضح سموّ ابيه عندما طلبت امّ تلميذين ان يجلس ابناها واحد عن يمين يسوع والآخر عن يساره عندما يأتي في ملكوته. لقد اجاب يسوع: «أما الجلوس عن يميني وعن يساري فليس لي ان اعطيه إلا للذين أُعد لهم من ابي،» اي اللّٰه. (متى ٢٠:٢٣) فلو كان يسوع اللّٰه الكلي القدرة لكان له ان يعطي هذين المركزين. ولكنّ يسوع لم يتمكن من اعطائهما لانه كان للّٰه ان يعطيهما، ويسوع لم يكن اللّٰه.
وصلوات يسوع مثال قوي لمركزه الادنى. فعندما كان يسوع على وشك الموت اظهر مَن هو اسمى منه اذ صلّى قائلا: «يا ابتاه إن شئت ان تجيز عني هذه الكأس. ولكن لتكن لا ارادتي بل ارادتك.» (لوقا ٢٢:٤٢) فإلى مَن كان يصلّي؟ الى جزء من نفسه؟ كلا، لقد كان يصلّي الى شخص منفصل تماما، ابيه، اللّٰه، الذي كانت ارادته اسمى ويمكن ان تكون مختلفة عن ارادته، الوحيد الذي يمكنه ان ‹يجيز هذه الكأس.›
ثم، اذ اقترب من الموت، صرخ يسوع: «الهي الهي لماذا تركتني.» (مرقس ١٥:٣٤) فإلى مَن كان يسوع يصرخ؟ الى نفسه او الى جزء من نفسه؟ بالتأكيد، لم يكن هذا الصراخ، «الهي،» من شخص يعتبر نفسه اللّٰه. ولو كان يسوع اللّٰه، فمِن قِبل مَن كان متروكا؟ نفسه؟ لا يعقل ذلك. وقال يسوع ايضا: «يا ابتاه في يديك استودع روحي.» (لوقا ٢٣:٤٦) فلو كان يسوع اللّٰه، لأي سبب يستودع روحه للآب؟
وبعد ان مات يسوع كان في القبر طوال اجزاء من ثلاثة ايام. فلو كان هو اللّٰه لكانت حبقوق ١:١٢، عج، على خطإ عندما تقول: «الهي، قدوسي، انت لا تموت.» ولكنّ الكتاب المقدس يقول ان يسوع مات فعلا وكان في حالة عدم الوعي في القبر. ومَن اقام يسوع من الاموات؟ اذا كان ميتا حقا لا يستطيع ان يقيم نفسه. ومن ناحية اخرى، اذا لم يكن ميتا حقا فان موته المزعوم لا يدفع ثمن الفدية عن خطية آدم. ولكنه دفع فعلا هذا الثمن كاملا بموته الحقيقي. وهكذا فان ‹اللّٰه هو الذي اقام [يسوع] ناقضا اوجاع الموت.› (اعمال ٢:٢٤) والاسمى، اللّٰه الكلي القدرة، اقام الادنى، خادمه يسوع، من الاموات.
وهل تشير قدرة يسوع على صنع العجائب، كإقامة الناس، الى انه كان اللّٰه؟ حسنا، كانت للرسل وللنبيَّين ايليا وأليشع هذه القدرة ايضا، ولكنّ ذلك لم يجعلهم اكثر من رجال. فاللّٰه اعطى القدرة على صنع العجائب للنبيَّين ويسوع والرسل ليُظهر انه يدعمهم. ولكنّ ذلك لم يجعل ايًّا منهم جزءا من ذات الهية متعدِّدة.
كانت ليسوع معرفة محدودة
عندما اعطى يسوع نبوته عن نهاية نظام الاشياء هذا اعلن: «وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما احد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب.» (مرقس ١٣:٣٢) فلو كان يسوع الجزء الابن المساوي من ذات الهية لعرف ما يعرفه الآب. ولكنّ يسوع لم يعرف، لانه لم يكن مساويا للّٰه.
وعلى نحو مماثل، نقرأ في العبرانيين ٥:٨ ان يسوع «تعلَّم الطاعة مما تألم به.» فهل يمكن ان نتخيَّل ان اللّٰه كان يلزمه ان يتعلَّم شيئا؟ كلا، ولكنّ يسوع تعلَّم، لانه لم يكن يعرف كل ما يعرفه اللّٰه. وكان يلزمه ان يتعلَّم شيئا لا يلزم اللّٰه ابدا ان يتعلَّمه — الطاعة. فاللّٰه لا يلزمه ابدا ان يطيع احدا.
والفرق بين ما يعرفه اللّٰه وما يعرفه المسيح كان موجودا ايضا عندما أُقيم يسوع الى السماء ليكون مع اللّٰه. لاحظوا الكلمات الاولى للسفر الاخير من الكتاب المقدس: «اعلان يسوع المسيح الذي اعطاه اياه اللّٰه.» (رؤيا ١:١) فلو كان يسوع نفسه جزءا من ذات الهية، هل كان يلزم ان يُعطى اعلانا من جزء آخر من الذات الالهية — اللّٰه؟ كان دون شك سيعرف كل شيء عن ذلك، لان اللّٰه كان يعرف. ولكنّ يسوع لم يعرف، لانه لم يكن اللّٰه.
يسوع يستمر خاضعا
في وجوده السابق لبشريته، وأيضا عندما كان على الارض، كان يسوع خاضعا للّٰه. وبعد قيامته يستمر في ان يكون في مركز ثانوي ادنى.
وفي التكلم عن قيامة يسوع قال بطرس واولئك الذين معه للسنهدريم اليهودي: «هذا [يسوع] رفَّعه اللّٰه بيمينه.» (اعمال ٥:٣١) وقال بولس: «رفَّعه اللّٰه الى مركز اسمى.» (فيلبي ٢:٩، عج) فلو كان يسوع اللّٰه، كيف كان يمكن ان يترفَّع يسوع، اي يتعلَّى الى مركز اعلى مما تمتع به سابقا؟ كان سيكون من قَبل جزءا مترفِّعا من الثالوث. ولو كان يسوع، قبل ترفيعه، مساويا للّٰه لكان ترفيعه اكثر قد جعله اسمى من اللّٰه.
وقال بولس ايضا ان المسيح دخل «الى السماء عينها ليظهر الآن امام وجه اللّٰه لاجلنا.» (عبرانيين ٩:٢٤) فاذا ظهرتم امام شخص آخر، كيف يمكن ان تكونوا هذا الشخص؟ لا يمكنكم ذلك. فلا بد ان تكونوا مختلفين ومنفصلين.
وعلى نحو مماثل فان الشهيد استفانوس، قبيل رجمه حتى الموت، «شخصَ الى السماء . . . فرأى مجد اللّٰه ويسوع قائما عن يمين اللّٰه.» (اعمال ٧:٥٥) ومن الواضح انه رأى شخصين منفصلين — ولكن ليس الروح القدس، ليس الذات الالهية الثالوثية.
وفي الرواية في الرؤيا ٤:٨ الى ٥:٧ يَظهر اللّٰه جالسا على عرشه السماوي، ولكن ليس يسوع. فهو يلزم ان يقترب الى اللّٰه ليأخذ سفرا من يمين اللّٰه. ويُظهر ذلك ان يسوع في السماء ليس اللّٰه ولكنه منفصل عنه.
وبانسجام مع ما ذُكر آنفا تعلن نشرة مكتبة جون رايلاندز في مانشستر، انكلترا: «في حياته السماوية بعد قيامته يجري وصف يسوع بأنه محتفظ بفردية شخصية كلها متميزة ومنفصلة عن شخص اللّٰه كما كان في حياته على الارض بصفته يسوع الارضي. والى جانب اللّٰه وبالمقارنة مع اللّٰه يَظهر فعلا كائنا سماويا آخر ايضا في بلاط اللّٰه السماوي، تماما كما كان الملائكة — بالرغم من انه كابن للّٰه يقف في رتبة مختلفة، وله منزلة ارفع منهم بكثير.» — قارنوا فيلبي ٢:١١.
وتقول النشرة ايضا: «ولكنّ ما يقال عن حياته وأعماله بصفته المسيح السماوي لا يعني ولا يدل انه في الحالة الالهية يقف معادلا للّٰه نفسه وأنه اللّٰه تماما. على الضد من ذلك، في صورة العهد الجديد لشخصه وخدمته السماويين نرى شخصية منفصلة عن اللّٰه وخاضعة له على السواء.»
وفي المستقبل الابدي في السماء سيستمر يسوع في ان يكون خادما منفصلا خاضعا للّٰه. والكتاب المقدس يعبِّر عن ذلك بهذه الطريقة: «وبعد ذلك النهاية متى سلَّم [يسوع في السماء] المُلك للّٰه الآب . . . فحينئذ الابن نفسه ايضا سيخضع للذي اخضع له الكل كي يكون اللّٰه الكل في الكل.» — ١ كورنثوس ١٥:٢٤، ٢٨.
لم يدَّع يسوع قط انه اللّٰه
ان موقف الكتاب المقدس واضح. ليس فقط ان اللّٰه الكلي القدرة، يهوه، شخصية منفصلة عن يسوع ولكنه في كل الاوقات اسمى منه. ويسوع يجري تقديمه دائما بصفته منفصلا وأدنى، خادما متواضعا للّٰه. لهذا السبب يقول الكتاب المقدس بوضوح ان «رأس المسيح هو اللّٰه» تماما كما ان «رأس كل رجل هو المسيح.» (١ كورنثوس ١١:٣) ولهذا السبب قال يسوع نفسه: «ابي اعظم مني.» — يوحنا ١٤:٢٨.
الواقع هو ان يسوع ليس اللّٰه ولم يدَّع ذلك قط. وهذا يدركه عدد متزايد من العلماء. وكما تعلن نشرة رايلاندز: «يجب مواجهة الواقع ان البحث في العهد الجديد طوال الثلاثين او الاربعين سنة الماضية تقريبا يقود عددا متزايدا من علماء العهد الجديد المشهورين الى الاستنتاج ان يسوع . . . بالتأكيد لم يعتقد قط انه اللّٰه.»
وتقول النشرة ايضا عن مسيحيي القرن الاول: «لذلك عندما خصصوا [يسوع] بألقاب تبجيل كالمسيح، ابن الانسان، ابن اللّٰه، ورب، كانت هذه طرائق للقول ليس انه اللّٰه بل انه يقوم بعمل اللّٰه.»
وهكذا، حتى بعض العلماء الدينيين يعترفون بأن فكرة كون يسوع اللّٰه تعارض شهادة الكتاب المقدس كلها. فهنا، اللّٰه هو دائما الاسمى، ويسوع هو الخادم الخاضع.
[النبذة في الصفحة ١٩]
‹البحث في العهد الجديد يقود عددا متزايدا من العلماء الى الاستنتاج ان يسوع بالتاكيد لم يعتقد قط انه اللّٰه.› — نشرة مكتبة جون رايلاندز
[الصورة في الصفحة ١٧]
قال يسوع لليهود: «قد نزلتُ من السماء ليس لاعمل مشيئتي بل مشيئة الذي ارسلني.» — يوحنا ٦:٣٨
[الصورة في الصفحة ١٨]
عندما صرخ يسوع: «الهي الهي لماذا تركتني،» لم يكن بالتاكيد يؤمن بأنه نفسه كان اللّٰه
-
-
الروح القدس — قوة اللّٰه الفعالةهل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟
-
-
الروح القدس — قوة اللّٰه الفعالة
بحسب عقيدة الثالوث، ان الروح القدس هو الاقنوم الثالث من الذات الالهية، مساوٍ للآب وللابن. وكما يقول كتاب ايماننا المسيحي الأرثوذكسي: «الروح القدس هو اللّٰه كليا.»
ان الكلمة التي تُستعمل تكرارا في الاسفار العبرانية مقابل «روح» هي رواخ، اذ تعني «نسمة؛ ريح؛ روح.» والكلمة في الاسفار اليونانية هي نيوما، اذ لها معنى مماثل. فهل تدل هاتان الكلمتان على ان الروح القدس جزء من ثالوث؟
قوة فعالة
ان استعمال الكتاب المقدس لـ «الروح القدس» يدل انه قوة مضبوطة يستعملها يهوه اللّٰه لينجز مجموعة متنوعة من مقاصده. والى حد معيَّن، يمكن تشبيهه بالكهرباء، القوة التي يمكن تكييفها لتنجز مجموعة متنوعة كبيرة من العمليات.
في التكوين ١:٢، عج، يعلن الكتاب المقدس ان «قوة اللّٰه الفعالة [«روح» (بالعبرانية، رواخ)] كانت تتحرك ذهابا وايابا على وجه المياه.» هنا روح اللّٰه كان قوته الفعالة العاملة لتشكيل الارض.
وكان اللّٰه يستعمل روحه لينير اولئك الذين يخدمونه. صلَّى داود قائلا: «علِّمني ان اعمل رضاك لانك انت الهي. روحك [رواخ] الصالح يهديني في ارض مستوية.» (مزمور ١٤٣:١٠) وعندما تعيَّن ٧٠ من الرجال ذوي القدرة لمساعدة موسى قال اللّٰه له: «آخذ من الروح [رواخ] الذي عليك وأضع عليهم.» — عدد ١١:١٧.
وجرى تسجيل نبوة الكتاب المقدس عندما كان رجال اللّٰه «مسوقين من الروح [اليونانية، من نيوما] القدس.» (٢ بطرس ١:٢٠، ٢١) بهذه الطريقة كان الكتاب المقدس «موحى به من اللّٰه،» والكلمة اليونانية التي تقابلها هي «ثيونيوستوس،» اذ تعني «اللّٰه تنفَّس.» (٢ تيموثاوس ٣:١٦) والروح القدس وجَّه اناسا معيَّنين ليروا رؤى او يحلموا أحلاما نبوية. — ٢ صموئيل ٢٣:٢؛ يوئيل ٢:٢٨، ٢٩؛ لوقا ١:٦٧؛ اعمال ١:١٦؛ ٢:٣٢، ٣٣.
والروح القدس دفع يسوع الى الذهاب الى البرية بعد معموديته. (مرقس ١:١٢) والروح كان كنار في خدام اللّٰه، جاعلا اياهم مزوَّدين بالطاقة من هذه القوة. ومكَّنهم من التكلم بجرأة وشجاعة. — ميخا ٣:٨؛ اعمال ٧:٥٥-٦٠؛ ١٨:٢٥؛ رومية ١٢:١١؛ ١ تسالونيكي ٥:١٩.
وبروحه ينفِّذ اللّٰه أحكامه في الناس والامم. (اشعياء ٣٠:٢٧، ٢٨؛ ٥٩:١٨، ١٩) ويمكن لروح اللّٰه ان يبلغ كل مكان، عاملا من اجل الناس او ضدهم. — مزمور ١٣٩:٧-١٢.
‹قدرة فوق العادة›
يمكن لروح اللّٰه ايضا ان يزوِّد اولئك الذين يخدمونه «قدرة فوق ما هو عادي.» (٢ كورنثوس ٤:٧، عج) وهذا يمكِّنهم من احتمال تجارب الايمان او من فعل امور لا يمكنهم فعلها بطريقة اخرى.
مثلا، في ما يتعلق بشمشون، تسرد قضاة ١٤:٦: «حلَّ عليه روح الرب فشقه [شبل اسد] كشق الجدي وليس في يده شيء.» وهل دخل فعلا شخص الهي في شمشون او حلَّ عليه، مؤثِّرا في جسده ليفعل ما فعل؟ كلا، كان ذلك حقا «قدرة الرب [التي] جعلت شمشون قويا.» — تاح.
ويقول الكتاب المقدس انه عندما اعتمد يسوع نزل عليه الروح القدس اذ ظهر كحمامة، لا كشكل بشري. (مرقس ١:١٠) وقوة اللّٰه الفعالة هذه مكَّنت يسوع من ان يشفي المرضى ويقيم الموتى. وكما تقول لوقا ٥:١٧: «كانت قدرة الرب [اللّٰه] وراء اعمال شفائه [يسوع].» — الكتاب المقدس الاورشليمي (كا).
وروح اللّٰه ايضا منح تلاميذ يسوع القدرة على صنع العجائب. وتخبر اعمال ٢:١-٤ ان التلاميذ كانوا مجتمعين معا في يوم الخمسين عندما «صار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة . . . وامتلأ الجميع من الروح القدس وابتدأوا يتكلمون بألسنة اخرى كما اعطاهم الروح ان ينطقوا.»
وهكذا فان الروح القدس اعطى يسوع وخدام اللّٰه الآخرين القدرة على فعل ما لا يستطيع البشر ان يفعلوه عادة.
ليس شخصا
ولكن أليست هنالك آيات للكتاب المقدس تتكلم عن الروح القدس بتعابير شخصية؟ نعم، ولكن لاحظوا ما يقوله اللاهوتي الكاثوليكي ادموند فورتمان عن ذلك في الاله الثالوثي: «بالرغم من ان هذا الروح يجري وصفه غالبا بتعابير شخصية، يبدو واضحا ان كتبة الكتابات المقدسة [للاسفار العبرانية] لم يفهموا او يقدِّموا قط هذا الروح كشخص متميِّز.»
وفي الاسفار المقدسة ليس غير عادي ان يجري تشخيص الشيء. فالحكمة يقال ان لها اولادا. (لوقا ٧:٣٥) والخطية والموت يُدعيان مَلكين. (رومية ٥:١٤، ٢١) وفي التكوين ٤:٧ يقول الكتاب المقدس الانكليزي الجديد (اج): «الخطية هي ابليس رابض عند الباب،» اذ يشخِّص الخطية كروح شرير رابض عند باب قايين. ولكنَّ الخطية، طبعا، ليست شخصا روحانيا؛ وتشخيص الروح القدس لا يجعله شخصا روحانيا.
وعلى نحو مماثل، في ١ يوحنا ٥:٦-٨ ليس الروح فقط بل «الماء والدم» ايضا يقال انها ‹تشهد.› ولكن من الواضح انه لا الماء والدم شخصان، ولا الروح القدس شخص.
وينسجم مع ذلك استعمال الكتاب المقدس العام ‹للروح القدس› بطريقة شخصية، كمماثَلته بالماء والنار. (متى ٣:١١؛ مرقس ١:٨) والناس يجري حثهم على الامتلاء بالروح القدس عوض الخمر. (افسس ٥:١٨) ويجري التكلم عنهم بصفتهم مملوئين بالروح القدس بالطريقة نفسها التي بها يمتلئون بصفات كالحكمة، الايمان، والفرح. (اعمال ٦:٣؛ ١١:٢٤؛ ١٣:٥٢) وفي ٢ كورنثوس ٦:٦ يجري شمل الروح القدس بين عدد من الصفات. ولم تكن مثل هذه التعابير لتصير شائعة جدا لو كان الروح القدس شخصا فعلا.
ثم، ايضا، بينما تقول بعض آيات الكتاب المقدس ان الروح يتكلم تُظهر آيات اخرى ان ذلك كان يجري فعلا بواسطة البشر او الملائكة. (متى ١٠:١٩، ٢٠؛ اعمال ٤:٢٤، ٢٥؛ ٢٨:٢٥؛ عبرانيين ٢:٢) وعمل الروح في مثل هذه الحالات يشبه ذاك الذي لموجات الراديو التي تنقل الرسائل من شخص الى آخر بعيد.
وفي متى ٢٨:١٩ يشار الى «اسم . . . الروح القدس.» ولكنّ الكلمة «اسم» لا تعني دائما اسما شخصيا، لا في اليونانية ولا في العربية. فعندما نقول «باسم القانون» لا نشير الى شخص. اننا نعني ما يؤيده القانون، سلطته. تقول صور الكلام في العهد الجديد لروبرتسون: «استعمال اسم (اونوما) هنا هو استعمال شائع في الترجمة السبعينية وأوراق البردي عن القدرة او السلطة.» لذلك فان المعمودية ‹باسم الروح القدس› تعترف بسلطة الروح، انه من اللّٰه ويعمل بمشيئة الهية.
‹المعين›
تكلم يسوع عن الروح القدس ‹كمعين،› وقال انه يعلِّم، يرشد، ويتكلم. (يوحنا ١٤:١٦، ٢٦، عج؛ ١٦:١٣) والكلمة اليونانية التي استعملها مقابل معين (پَراكليتوس) هي بصيغة المذكَّر. وهكذا عندما اشار يسوع الى ما يفعله المعين استعمل الضمير الشخصي المذكَّر. (يوحنا ١٦:٧، ٨) ومن ناحية اخرى، عندما تُستعمل الكلمة اليونانية المحايدة مقابل روح (نيوما) يُستخدم على نحو لائق الضمير المحايد.
يخفي معظم التراجمة الثالوثيين هذا الواقع، كما يعترف الكتاب المقدس الاميركي الجديد الكاثوليكي في ما يتعلق بيوحنا ١٤:١٧: «الكلمة اليونانية التي تقابل ‹روح› هي محايدة، وفيما نستعمل الضمائر الشخصية بالانكليزية (‹him› ‹,his› ‹,he›) يستخدم معظم المخطوطات اليونانية ‹it› [الضمير المحايد].»
وهكذا عندما يستعمل الكتاب المقدس الضمير الشخصي المذكَّر في ما يتعلق بكلمة پَراكليتوس في يوحنا ١٦:٧، ٨ يطابق ذلك قواعد النحو، ولا يعبِّر عن عقيدة.
ليس جزءا من ثالوث
تعترف مصادر متنوعة ان الكتاب المقدس لا يؤيد الفكرة ان الروح القدس هو الاقنوم الثالث من الثالوث. مثلا:
دائرة المعارف الكاثوليكية: «لا نجد في ايّ مكان في العهد القديم دليلا واضحا على اقنوم ثالث.»
فورتمان اللاهوتي الكاثوليكي: «لم يعتبر اليهود قط ان الروح اقنوم؛ وليس هنالك ايّ دليل راسخ على ان ايًّا من كتبة العهد القديم كان يعتقد بهذه الفكرة. . . . يجري تقديم الروح القدس عادة في الاناجيل وأعمال الرسل كقوة او قدرة الهية.»
دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة: «من الواضح ان العهد القديم لا يعتبر روح اللّٰه اقنوما . . . روح اللّٰه هو ببساطة قدرة اللّٰه. واذا جرى تمثيله احيانا كمتميِّز عن اللّٰه فذلك لان نسمة يهوِه تعمل خارجيا.» وتقول ايضا: «تُظهر اغلبية آيات العهد الجديد روح اللّٰه كشيء، لا كشخص؛ ويُرى ذلك خصوصا في التناظر بين الروح وقدرة اللّٰه.» — الحروف المائلة لنا.
قاموس كاثوليكي: «عموما، يتكلم العهد الجديد، كالعهد القديم، عن الروح كطاقة او قدرة الهية.»
لذلك لا اليهود ولا المسيحيون الاولون نظروا الى الروح القدس كجزء من ثالوث. وهذا التعليم اتى بعد قرون. كما يكتب قاموس كاثوليكي: «جرى تأكيد الاقنوم الثالث في مجمع الاسكندرية في سنة ٣٦٢ . . . وأخيرا بواسطة مجمع القسطنطينية لسنة ٣٨١» — نحو ثلاثة قرون ونصف القرن بعد ان ملأ الروح القدس التلاميذ في يوم الخمسين!
كلا، الروح القدس ليس اقنوما وهو ليس جزءا من ثالوث. الروح القدس هو قوة اللّٰه الفعالة التي يستعملها لانجاز مشيئته. وهو ليس مساويا للّٰه ولكنه دائما تحت تصرفه وخاضع له.
[النبذة في الصفحة ٢٢]
«عموما، يتكلم العهد الجديد، كالعهد القديم، عن الروح كطاقة او قدرة الهية.» — قاموس كاثوليكي
[الصورتان في الصفحة ٢١]
في احدى المناسبات ظهر الروح القدس كحمامة. وفي مناسبة اخرى ظهر كألسنة من نار — وليس كشخص على الاطلاق
-
-
ماذا عن «آيات البرهان» على الثالوث؟هل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟
-
-
ماذا عن «آيات البرهان» على الثالوث؟
يقال ان بعض آيات الكتاب المقدس تقدِّم برهانا يؤيد الثالوث. ولكن عند قراءة مثل هذه الآيات يجب ان نذكر ان الدليل المؤسس على الكتاب المقدس وعلى التاريخ لا يؤيد الثالوث.
كل مرجع للكتاب المقدس يقدَّم كبرهان لا بد ان يجري فهمه في قرينة التعليم الثابت لكامل الكتاب المقدس. وفي اغلب الاحيان يتضح المعنى الحقيقي لآية كهذه من قرينة الآيات المحيطة.
ثلاثة في واحد
تقدِّم دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة ثلاثا من مثل «آيات البرهان» هذه ولكنها تعترف ايضا: «لا يجري تعليم عقيدة الثالوث الاقدس في العهد القديم. وفي العهد الجديد، اقدم دليل هو في رسائل بولس، وخصوصا ٢ كورنثوس ١٣:١٣ [العدد ١٤ في بعض الكتب المقدسة]، و ١ كورنثوس ١٢:٤-٦. وفي الاناجيل يوجد الدليل على الثالوث على نحو واضح فقط في صيغة المعمودية في متى ٢٨:١٩.»
في هذه الآيات تُدرَج «الاقانيم» الثلاثة كما يلي. كورنثوس الثانية ١٣:١٣ (١٤) تضع الثلاثة معا بهذه الطريقة: «نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة اللّٰه وشركة الروح القدس مع جميعكم.» وكورنثوس الاولى ١٢:٤-٦ تقول: «فأنواع مواهب موجودة ولكنَّ الروح واحد. وانواع خِدم موجودة ولكنَّ الرب واحد. وانواع اعمال موجودة ولكنَّ اللّٰه واحد الذي يعمل الكل في الكل.» ومتى ٢٨:١٩ تقول: «فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس.»
فهل تقول هذه الآيات ان اللّٰه والمسيح والروح القدس يؤلفون ذاتا الهية ثالوثية، ان الثلاثة متساوون في الجوهر، القدرة، والسرمدية؟ كلا، لا تقول ذلك، كما ان إدراج اسماء ثلاثة اشخاص مثل طوم، دِك، وهاري، لا يعني انهم ثلاثة في واحد.
ان هذا النوع من المراجع، تعترف دائرة معارف مطبوعات الكتاب المقدس اللاهوتية والكنسية لمكلنتوك وسترونغ، «يبرهن فقط ان هنالك ذكرا لاسماء الاشخاص الثلاثة . . . ولكنه لا يبرهن بحد ذاته ان الثلاثة كلهم ينتمون بالضرورة الى الطبيعة الالهية، ويملكون كرامة الهية متساوية.»
وبالرغم من انه يؤيد الثالوث، يقول هذا المصدر عن ٢ كورنثوس ١٣:١٣ (١٤): «لا يمكننا بحق ان نستنتج انهم يملكون سلطة متساوية، او الطبيعة نفسها.» وعن متى ٢٨:١٨-٢٠ يقول: «ولكنّ هذه الآية، اذ تؤخذ بحد ذاتها، لا تبرهن على نحو حاسم على شخصية الاشخاص الثلاثة المذكورين او مساواتهم او ألوهيتهم.»
عندما اعتمد يسوع ذُكر ايضا اللّٰه ويسوع والروح القدس في القرينة نفسها. فيسوع «رأى روح اللّٰه نازلا مثل حمامة وآتيا عليه.» (متى ٣:١٦) ولكنّ ذلك لا يقول ان الثلاثة هم واحد. فابرهيم واسحق ويعقوب يجري ذكرهم معا مرات عديدة، ولكنّ ذلك لا يجعلهم واحدا. وبطرس ويعقوب ويوحنا تُذكر اسماؤهم معا، ولكنّ ذلك لا يجعلهم واحدا ايضا. وفضلا عن ذلك، نزل روح اللّٰه على يسوع عند معموديته، مظهرا ان يسوع لم يكن ممسوحا بالروح حتى ذلك الوقت. واذ يكون الامر كذلك، كيف يمكن ان يكون جزءا من ثالوث يكون فيه دائما واحدا مع الروح القدس؟
والمرجع الآخَر الذي يتكلم عن الثلاثة معا موجود في بعض ترجمات الكتاب المقدس الاقدم في ١ يوحنا ٥:٧. إلا ان العلماء يعترفون بأن هذه الكلمات لم تكن في الاصل في الكتاب المقدس ولكنها أُضيفت بعد ذلك بوقت طويل. ومعظم الترجمات العصرية تحذف بالصواب هذه الآية الزائفة.
و «آيات البرهان» الاخرى تعالج فقط العلاقة بين اثنين — الآب ويسوع. فدعونا نتأمل في بعضها.
«انا والآب واحد»
غالبا ما يُشار الى هذه الآية، في يوحنا ١٠:٣٠، لتأييد الثالوث رغم انه لا يجري ذكر اقنوم ثالث هنا. ولكنّ يسوع نفسه اظهر ما يعنيه بأنه «واحد» مع الآب. ففي يوحنا ١٧:٢١، ٢٢ صلَّى الى اللّٰه ان يكون جميع تلاميذه «واحدا كما انك انت ايها الآب فيَّ وانا فيك ليكونوا هم ايضا واحدا فينا . . . ليكونوا واحدا كما اننا نحن واحد.» فهل كان يسوع يصلّي ان يصير جميع تلاميذه كيانا واحدا؟ كلا، من الواضح ان يسوع كان يصلّي ان يكونوا متحدين في الفكر والقصد، كما كان هو واللّٰه. — انظروا ايضا ١ كورنثوس ١:١٠.
في ١ كورنثوس ٣:٦، ٨ يقول بولس: «انا غرست وأبلوس سقى . . . الغارس والساقي هما واحد.» فلم يعنِ بولس انه وأبلوس شخصان في واحد؛ لقد عنى انهما موحَّدان في القصد. والكلمة اليونانية التي استعملها بولس هنا التي تقابل «واحد» (هِن) هي محايدة، وحرفيا «(شيء) واحد،» اذ تشير الى الوحدانية في التعاون. انها الكلمة نفسها التي استعملها يسوع في يوحنا ١٠:٣٠ ليصف علاقته بأبيه. وهي ايضا الكلمة نفسها التي استعملها يسوع في يوحنا ١٧:٢١، ٢٢. لذلك عندما استعمل الكلمة «واحد» (هِن) في هذه الحالات كان يتكلم عن وحدة الفكر والقصد.
وفي ما يتعلق بيوحنا ١٠:٣٠ قال جون كالڤن (الذي كان ثالوثيا) في كتاب تعليق على الانجيل بحسب يوحنا: «استعمل القدماء هذه العبارة استعمالا خاطئا ليبرهنوا ان المسيح هو . . . من الجوهر نفسه مع الآب. لان المسيح لا يتكلم عن وحدة الجوهر بل عن الاتفاق الذي له مع الآب.»
وفي قرينة الآيات مباشرة بعد يوحنا ١٠:٣٠ احتج يسوع بقوة ان كلماته ليست ادعاء بأنه اللّٰه. وسأل اليهودَ الذين توصَّلوا الى هذا الاستنتاج على نحو خاطئ وأرادوا رجمه: «فالذي قدَّسه الآب وأرسله الى العالم أتقولون له انك تجدف لاني قلت اني ابن اللّٰه.» (يوحنا ١٠:٣١-٣٦) كلا، ادَّعى يسوع انه، لا اللّٰه الابن، بل ابن اللّٰه.
«معادلا نفسه باللّٰه»؟
والآية الاخرى التي تقدَّم كتأييد للثالوث هي يوحنا ٥:١٨. وهي تقول ان اليهود (كما في يوحنا ١٠:٣١-٣٦) ارادوا ان يقتلوا يسوع لانه «قال ايضا ان اللّٰه ابوه معادلا نفسه باللّٰه.»
ولكن مَن قال ان يسوع يعادل نفسه باللّٰه؟ ليس يسوع. لقد دافع عن نفسه ضد هذه التهمة الباطلة في العدد التالي نفسه (١٩): «فأجاب يسوع وقال . . . لا يقدر الابن ان يعمل من نفسه شيئا إلا ما ينظر الآبَ يعمل.»
بهذا اظهر يسوع لليهود انه ليس معادلا للّٰه ولذلك لا يقدر ان يعمل من تلقاء نفسه. فهل يمكن ان نتخيَّل شخصا معادلا للّٰه الكلي القدرة يقول انه ‹لا يقدر ان يعمل من نفسه شيئا›؟ (قارنوا دانيال ٤:٣٤، ٣٥.) وعلى نحو مثير للاهتمام تُظهر قرينة يوحنا ٥:١٨ و ١٠:٣٠ على السواء ان يسوع دافع عن نفسه ضد التُّهم الباطلة من اليهود الذين، كالثالوثيين، كانوا يتوصَّلون الى استنتاجات خاطئة!
«متساويا مع اللّٰه»؟
في فيلبي ٢:٦ تقول ترجمة دواي الكاثوليكية (دي) للسنة ١٦٠٩ عن يسوع: «الذي اذ كان في شكل اللّٰه، فكَّر انه ليس سرقة ان يكون متساويا مع اللّٰه.» وترجمة الملك جيمس (مج) للسنة ١٦١١ تُقرأ بالطريقة نفسها تقريبا. وثمة عدد من مثل هاتين الترجمتين لا يزال البعض يستعملونه لتأييد الفكرة ان يسوع كان مساويا للّٰه. ولكن لاحظوا كيف تنقل ترجمات اخرى هذا العدد:
١٨٦٩: «الذي، اذ كان في شكل اللّٰه، لم يعدَّه شيئا يجب اختطافه ان يكون في مساواة مع اللّٰه.» العهد الجديد، بواسطة ج. ر. نويز.
١٩٦٥: «وهو — حقا من طبيعة الهية! — لم يجعل نفسه قط بثقة بالنفس مساويا للّٰه.» العهد الجديد، طبعة منقَّحة، بواسطة فريدريك پافلِن.
١٩٦٨: «الذي، بالرغم من كونه في شكل اللّٰه، لم يعتبر كونه مساويا للّٰه شيئا لجعله بطمع خاصته.» لا بيبيا كونكورداتا.
١٩٧٦: «كانت له دائما طبيعة اللّٰه، ولكنه لم يفكر ان يحاول بالقوة ان يصير متساويا مع اللّٰه.» الترجمة الانكليزية الحديثة.
١٩٨٤: «الذي، بالرغم من انه كان موجودا في شكل اللّٰه، لم يتأمل في اختلاس، اي ان يكون مساويا للّٰه.» ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة.
١٩٨٥: «الذي، اذ كان في شكل اللّٰه، لم يحسب المساواة مع اللّٰه شيئا يجب ان يُختطف.» الكتاب المقدس الاورشليمي الجديد.
ولكن يدَّعي البعض انه حتى هذه الترجمات الاكثر دقة تشير الى انه (١) كانت ليسوع من قبل مساواة ولكنه لم يرغب في التمسك بها او انه (٢) لم يكن يلزمه اختطاف المساواة لانها كانت له من قبل.
ومن هذا القبيل يقول رالف مارتن في رسالة بولس الى اهل فيلبي عن اليونانية الاصلية: «ولكن هنالك شك في ما اذا كان يمكن لمعنى الفعل ان ينزلق من معناه الحقيقي ‹يختلس،› ‹ينتزع بعنف،› الى ‹يتمسك ب.›» ومفسر العهد الجديد اليوناني يقول ايضا: «لا نستطيع ان نجد اية عبارة حيث ἁρπάζω [هارپازو] او ايّ من مشتقاتها لها معنى ‹الامتلاك،› ‹الاحتفاظ ب.› ويبدو بشكل ثابت انها تعني ‹يختلس،› ‹ينتزع بعنف.› وهكذا لا يجوز الانزلاق من المعنى الحقيقي ‹يختطف› الى معنى مختلف كليا، ‹يتمسك ب.›»
يَظهر مما تقدَّم ان مترجمي ترجمات مثل دواي والملك جيمس يعوِّجون القواعد لتأييد غايات الثالوثيين. وبعيدا عن القول ان يسوع فكَّر انه من اللائق ان يكون مساويا للّٰه، فان فيلبي ٢:٦ باليونانية، عندما تُقرأ بموضوعية، تُظهر العكس تماما، ان يسوع لم يفكر ان ذلك لائق.
وقرينة الاعداد المحيطة (٣-٥، ٧، ٨) توضح كيف يجب فهم العدد ٦ . فقد جرى حث اهل فيلبي: «بتواضع حاسبين بعضكم البعض افضل من انفسهم.» ثم يستعمل بولس المسيح كمثال بارز لهذا الموقف: «فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع ايضا.» ايّ «فكر»؟ أن ‹يفكِّر انه ليس سرقة ان يكون متساويا مع اللّٰه›؟ كلا، فذلك يكون مناقضا تماما للفكرة التي يجرى اثباتها! وبالاحرى فان يسوع، الذي ‹حسب اللّٰه افضل من نفسه،› لم يكن قط ‹ليختطف المساواة مع اللّٰه،› ولكنه عوض ذلك «وضع نفسه وأطاع حتى الموت.»
بالتأكيد، لا يمكن ان يكون ذلك تحدثا عن ايّ جزء من اللّٰه الكلي القدرة. لقد كان تحدثا عن يسوع المسيح، الذي اوضح كاملا فكرة بولس هنا — اي اهمية التواضع واطاعة الاسمى والخالق، يهوه اللّٰه.
«انا كائن»
في يوحنا ٨:٥٨ يورد عدد من الترجمات، مثلا الكتاب المقدس الاورشليمي، قول يسوع: «قبل ان يكون ابرهيم انا كائن.» فهل كان يسوع يعلِّم هنا، كما يزعم الثالوثيون، انه كان معروفا بلقب «انا كائن»؟ وكما يدَّعون، هل يعني ذلك انه كان يهوه الاسفار العبرانية، لان ترجمة الملك جيمس في خروج ٣:١٤ تقول: «قال اللّٰه لموسى، انا الذي انا كائن»؟
في خروج ٣:١٤ (مج) يُستعمل التعبير «انا كائن» كلقب للّٰه ليشير الى انه كان موجودا حقا وسيفعل ما وعد به. واسفار موسى الخمسة ومختارات من كتب الانبياء، تحرير الدكتور ج. ه. هيرتز، تقول عن التعبير: «بالنسبة الى الاسرائيليين في العبودية يكون المعنى، ‹بالرغم من انه لم يُظهِر بعدُ قدرته نحوكم، فانه سيفعل ذلك؛ انه سرمدي وبالتأكيد سيحرركم.› ومعظم العصريين يتبعون راشي [معلِّق فرنسي على الكتاب المقدس والتلمود] في ترجمة [خروج ٣:١٤] ‹سأكون ما سأكون.›»
ان التعبير في يوحنا ٨:٥٨ مختلف تماما عن ذاك المستعمل في خروج ٣:١٤. فيسوع لم يستعمله كاسم او لقب بل كوسيلة لايضاح وجوده السابق لبشريته. لذلك لاحظوا كيف تنقل بعض الترجمات الاخرى للكتاب المقدس يوحنا ٨:٥٨:
١٨٦٩: «من قبل ان يكون ابرهيم كنت انا.» العهد الجديد، بواسطة ج. ر. نويز.
١٩٣٥: «كنت موجودا قبل ان يولد ابرهيم!» الكتاب المقدس — ترجمة اميركية، بواسطة ج. م. پ. سميث و إ. ج. ڠودسپيد.
١٩٦٥: «قبل ان يولد ابرهيم كنت من قبلُ الذي انا هو.» العهد الجديد، بواسطة يورڠ تسينك.
١٩٨١: «كنت حيًّا قبل ان يولد ابرهيم!» الكتاب المقدس الانكليزي البسيط.
١٩٨٤: «قبل ان يأتي ابرهيم الى الوجود كنت انا.» ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة.
وهكذا فان الفكرة الحقيقية لليونانية المستعملة هنا هي ان «بكر» اللّٰه المخلوق، يسوع، كان قد وُجد قبل ان يولد ابرهيم بزمن طويل. — كولوسي ١:١٥؛ امثال ٨:٢٢، ٢٣، ٣٠؛ رؤيا ٣:١٤.
مرة اخرى تُظهر القرينة ان هذا هو الفهم الصحيح. وفي هذه المرة اراد اليهود ان يرجموا يسوع لسبب الادعاء انه ‹رأى ابرهيم› بالرغم من انه، كما قالوا، ليس له ٥٠ سنة بعد. (العدد ٥٧) وتجاوُب يسوع الطبيعي كان ان يقول الحق عن عمره. وهكذا قال لهم طبيعيا انه كان «حيًّا قبل ان يولد ابرهيم!» — الكتاب المقدس الانكليزي البسيط.
«الكلمة كان اللّٰه»
في يوحنا ١:١ تقول ترجمة الملك جيمس: «في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند اللّٰه، والكلمة كان اللّٰه.» ويدَّعي الثالوثيون ان ذلك يعني ان «الكلمة» (باليونانية، هُو لوڠوس) الذي جاء الى الارض بصفته يسوع المسيح كان اللّٰه الكلي القدرة نفسه.
ولكن لاحظوا انه هنا مرة اخرى تضع القرينة الاساس للفهم الصحيح. فحتى ترجمة الملك جيمس تقول، «الكلمة كان عند اللّٰه.» (الحروف المائلة لنا.) والشخص الذي هو «عند» شخص آخَر لا يمكن ان يكون ذلك الشخص الآخَر نفسه. وبانسجام مع ذلك، تشير مجلة مطبوعات الكتاب المقدس، تحرير اليسوعي جوزف ا. فيتسماير، الى انه اذا تُرجم الجزء الاخير من يوحنا ١:١ ليعني «الـ » اله فذلك «يناقض حينئذ الجزء السابق من الجملة،» الذي يقول ان الكلمة كان عند اللّٰه.
لاحظوا ايضا كيف تنقل ترجمات اخرى هذا الجزء من الآية:
١٨٠٨: «والكلمة كان إلها.» العهد الجديد، في ترجمة محسَّنة، على اساس الترجمة الجديدة لرئيس الاساقفة نيوكم: بنص مصحَّح.
١٨٦٤: «وإلها كان الكلمة.» مؤكد اللسانين، قراءة ما بين السطور، بواسطة بنيامين ولسون.
١٩٢٨: «والكلمة كان كائنا إلهيا.» لا بيبل دي سنتنير، الانجيل بحسب يوحنا، بواسطة موريس ڠوڠيل.
١٩٣٥: «والكلمة كان إلهيا.» الكتاب المقدس — ترجمة اميركية، بواسطة ج. م. پ. سميث و إ. ج. ڠودسپيد.
١٩٤٦: «ومن نوع إلهي كان الكلمة.» العهد الجديد، بواسطة لودفيخ ثايم.
١٩٥٠: «والكلمة كان إلها.» ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية.
١٩٥٨: «والكلمة كان إلها.» العهد الجديد، بواسطة جيمس ل. تومانك.
١٩٧٥: «وإلها (او، من نوع إلهي) كان الكلمة.» الانجيل بحسب يوحنا، بواسطة سيڠفريد شولز.
١٩٧٨: «ونوعا شبيها بإله كان لوڠوس.» الانجيل بحسب يوحنا، بواسطة جوهانس شنايدر.
في يوحنا ١:١ يرد الاسم اليوناني ثيوس (اله) مرتين. في المرة الاولى يشير الى اللّٰه الكلي القدرة، الذي عنده كان الكلمة («والكلمة [لوڠوس] كان عند اللّٰه [صيغة من ثيوس]»). وثيوس الاول هذا تسبقه لفظة تون (الـ )، صيغة لاداة التعريف اليونانية تشير الى هوية متميزة، وفي هذه الحالة اللّٰه الكلي القدرة («والكلمة كان عند [الـ ] اله»).
ومن ناحية اخرى، ليست هنالك اداة قبل ثيوس الثاني في يوحنا ١:١. لذلك فان الترجمة الحرفية تُقرأ، «وإلها كان الكلمة.» ومع ذلك فقد رأينا ان ترجمات عديدة تنقل ثيوس الثاني هذا (اسم مسنَد) الى «إلهيا،» «شبيها بإله،» او «إلها.» فعلى ايّ اساس يفعلون ذلك؟
كانت للغة اليونانية الدارجة اداة تعريف («الـ »)، ولكن لم تكن لها اداة تنكير. لذلك عندما لا تأتي اداة التعريف قبل الاسم المسنَد يمكن ان يكون نكرة، اذ يتوقف ذلك على القرينة.
وتقول مجلة مطبوعات الكتاب المقدس ان التعابير «بمسنَد يأتي قبل الفعل دون اداة تعريف هي على نحو رئيسي وصفية في المعنى.» وكما تكتب المجلة، يشير ذلك الى ان لوڠوس يمكن تشبيهه بإله. وتقول ايضا عن يوحنا ١:١: «القوة الوصفية للمسنَد بارزة جدا حتى ان الاسم [ثيوس] لا يمكن اعتباره معرفة.»
لذلك تُبرز يوحنا ١:١ صفة الكلمة، انه كان «إلهيا،» «شبيها بإله،» «إلها،» ولكن ليس اللّٰه الكلي القدرة. وهذا ينسجم مع باقي الكتاب المقدس الذي يُظهر ان يسوع، الذي يُدعى هنا «الكلمة» في دوره كمتكلم عن اللّٰه، كان خاضعا طائعا مرسلا الى الارض من الاسمى منه، اللّٰه الكلي القدرة.
هنالك أعداد للكتاب المقدس كثيرة اخرى فيها جميع المترجمين تقريبا باللغات الاخرى يُدخلون على نحو ثابت اداة تنكير عند ترجمة الجمل اليونانية ذات التركيب نفسه. مثلا، في مرقس ٦:٤٩، عندما رأى التلاميذ يسوع ماشيا على الماء، تقول ترجمة الملك جيمس: «ظنوه روحا.» وفي اللغة اليونانية الدارجة ليست هنالك اداة تنكير قبل «روحا.» ولكنّ جميع الترجمات تقريبا باللغات الاخرى تضيف اداة تنكير كي تجعل الترجمة ملائمة للقرينة. وبالطريقة نفسها، بما ان يوحنا ١:١ تُظهر ان الكلمة كان عند اللّٰه، لا يمكن ان يكون اللّٰه، بل كان «إلها،» او «إلهيا.»
وجوزف هنري ثاير، لاهوتيٌّ وعالمٌ عمِل في الترجمة القانونية الاميركية اعلن ببساطة: «لوڠوس كان إلهيا، وليس الكائن الالهي نفسه.» واليسوعي جون ل. مكنزي كتب في مؤلَّفه قاموس الكتاب المقدس: «يو ١:١ يجب ان تُترجم بالتدقيق . . . ‹الكلمة كان كائنا إلهيا.›»
مخالفة قاعدة؟
ولكن يدَّعي البعض ان مثل هذه الترجمات تخالف قاعدة من قواعد النحو للغة اليونانية الدارجة نشرها العالم اليوناني إ. سي. كولويل قديما في سنة ١٩٣٣. لقد زعم ان الاسم المسنَد في اليونانية «تكون له اداة [التعريف] عندما يأتي بعد الفعل؛ ولا تكون له اداة [التعريف] عندما يأتي قبل الفعل.» وبذلك عنى ان الاسم المسنَد قبل الفعل يجب فهمه كما لو ان له اداة التعريف («الـ ») امامه. وفي يوحنا ١:١ يأتي الاسم الثاني (ثيوس)، المسنَد، قبل الفعل — «و [ثيوس] كان الكلمة.» وهكذا، ادَّعى كولويل، يجب ان تُقرأ يوحنا ١:١ «و [الـ ] إله كان الكلمة.»
ولكن تأملوا في مجرد مثالين موجودين في يوحنا ٨:٤٤. هنا يقول يسوع عن ابليس: «ذاك كان قتَّالا للناس» و «انه كذاب.» وكما في يوحنا ١:١ يأتي الاسمان المسنَدان («قتَّالا» و «كذاب») قبل الفعلين في اليونانية. وليست هنالك اداة تنكير امام ايّ من الاسمين لانه لم تكن هنالك اداة تنكير في اليونانية الدارجة. ولكنّ معظم الترجمات تُدخل اداة تنكير لان قواعد النحو اليونانية والقرينة يتطلبان ذلك. — انظروا ايضا مرقس ١١:٣٢؛ يوحنا ٤:١٩؛ ٦:٧٠؛ ٩:١٧؛ ١٠:١؛ ١٢:٦.
ولزم كولويل ان يعترف بذلك في ما يتعلق بالاسم المسنَد، لانه قال: «يكون نكرة في هذه الحالة عندما تتطلب القرينة ذلك فقط.» فحتى هو يعترف بأنه عندما تتطلب القرينة ذلك يمكن للمترجمين ان يُدخلوا اداة تنكير امام الاسم في هذا النوع من تركيب الجمل.
وهل تتطلب القرينة اداة تنكير في يوحنا ١:١؟ نعم، لان شهادة الكتاب المقدس بكامله هي ان يسوع ليس اللّٰه الكلي القدرة. وهكذا، ليست قاعدة النحو المشكوك فيها لكولويل، بل القرينة يجب ان ترشد المترجم في مثل هذه الحالات. ويتضح من الترجمات الكثيرة التي تُدخل اداة تنكير في يوحنا ١:١ وفي اماكن اخرى ان الكثير من العلماء لا يوافقون على مثل هذه القاعدة الزائفة، وكذلك تفعل كلمة اللّٰه.
لا تعارض
وهل يتعارض القول ان يسوع المسيح هو «إله» مع تعليم الكتاب المقدس ان هنالك إلها واحدا فقط؟ كلا، لان الكتاب المقدس احيانا يستعمل هذا التعبير ليشير الى المخلوقات الجبارة. تقول مزمور ٨:٥: «تَنقُصه [الانسان] قليلا عن (أشباه الآلهة، عج) [بالعبرانية، إلوهيم]،» اي الملائكة. وفي دفاع يسوع ضد تهمة اليهود، بأنه ادَّعى انه اللّٰه، اشار الى ان الناموس يستعمل كلمة «آلهة لاولئك الذين صارت اليهم كلمة اللّٰه،» اي القضاة البشر. (يوحنا ١٠:٣٤، ٣٥؛ مزمور ٨٢:١-٦) وحتى الشيطان يُدعى «إله هذا الدهر» في ٢ كورنثوس ٤:٤.
ليسوع مركز اعلى بكثير من الملائكة او البشر الناقصين او الشيطان. وبما ان هؤلاء تجري الاشارة اليهم بصفتهم «آلهة،» جبابرة، يمكن بالتأكيد ان يكون يسوع «إلها،» وهو كذلك. ولسبب مركزه الفريد بالنسبة الى يهوه يكون يسوع «إلها قديرا.» — يوحنا ١:١؛ اشعياء ٩:٦.
ولكن ألا تشير «إلها قديرا» بحرفيها الاستهلاليين الكبيرين (في الانكليزية) الى ان يسوع هو بطريقة ما مساوٍ ليهوه اللّٰه؟ كلا، على الاطلاق. فاشعياء انما تنبأ بأن يكون ذلك احد الالقاب الاربعة التي كان يسوع سيُدعى بها، وفي اللغة الانكليزية تجري كتابة مثل هذه الالقاب بحروف استهلالية كبيرة. ومع ذلك، على الرغم من ان يسوع دُعي «قديرا،» يمكن ان يكون هنالك واحد فقط «قادر على كل شيء.» وأن يُدعى يهوه اللّٰه «القادرَ على كل شيء» يكون ذا مغزى زهيد إلا اذا كان يوجد آخرون يُدعون ايضا آلهة ولكنهم يشغلون مركزا اقل او ادنى.
تقول نشرة مكتبة جون رايلاندز في انكلترا انه، بحسب اللاهوتي الكاثوليكي كارل رانر، فيما تُستعمل ثيوس في آيات مثل يوحنا ١:١ في ما يتعلق بالمسيح «لا تُستعمل ‹ثيوس› في ايّ من هذه الحالات بطريقة تثبت هوية يسوع بأنه ذاك الذي في مكان آخر في العهد الجديد يُعتبر ‹هُو ثيوس،› اي الاله الاسمى.» وتضيف النشرة: «اذا اعتقد كتبة العهد الجديد انه من الحيوي ان يعترف المؤمنون بأن يسوع هو ‹اللّٰه،› هل يمكن تفسير الغياب التام تقريبا لمجرد شكل الاعتراف هذا في العهد الجديد؟»
ولكن ماذا عن قول الرسول توما، «ربي وإلهي،» ليسوع في يوحنا ٢٠:٢٨؟ بالنسبة الى توما كان يسوع مثل «إله،» وخصوصا في الظروف العجائبية التي اثارت هتافه. ويقترح بعض العلماء ان توما ربما هتف هتاف دهشة عاطفيا، مقولا ليسوع ولكن موجَّها الى اللّٰه. وفي ايّ من الحالتين، لم يعتقد توما ان يسوع هو اللّٰه الكلي القدرة، لانه وجميع الرسل الآخرين عرفوا ان يسوع لم يدَّع قط انه اللّٰه بل علَّم ان يهوه وحده هو «الاله الحقيقي الوحيد.» — يوحنا ١٧:٣، عج.
ومرة اخرى تساعدنا القرينة على فهم ذلك. فقبل ايام قليلة كان يسوع المقام قد قال لمريم المجدلية ان تقول للتلاميذ: «اني اصعد الى ابي وابيكم وإلهي وإلهكم.» (يوحنا ٢٠:١٧) فبالرغم من ان يسوع قد أُقيم روحا جبارا، كان يهوه لا يزال إلهه. ويسوع استمر في الاشارة اليه على هذا النحو حتى في السفر الاخير للكتاب المقدس، بعد ان تمجَّد. — رؤيا ١:٥، ٦؛ ٣:٢، ١٢.
بعد ثلاثة أعداد فقط من هتاف توما، في يوحنا ٢٠:٣١، يوضح الكتاب المقدس المسألة اكثر بالقول: «أما هذه فقد كُتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن اللّٰه،» وليس انه اللّٰه الكلي القدرة. وعنى ذلك ‹ابنا› بطريقة حرفية، كما هي الحال مع اب وابن طبيعيين، لا مع جزء غامض من ذات الهية ثالوثية.
لا بد ان تنسجم مع الكتاب المقدس
يجري الادعاء ان عدة آيات اخرى تؤيد الثالوث. ولكنّ هذه مماثلة لتلك التي جرت مناقشتها آنفا بمعنى انها، عندما تُفحص باعتناء، لا تقدِّم ايّ تأييد فعلي. ومثل هذه الآيات انما توضح انه عند بحث ايّ تأييد مزعوم للثالوث لا بد للمرء ان يسأل: هل تنسجم الترجمة مع التعليم الثابت لكامل الكتاب المقدس — ان يهوه اللّٰه وحده هو الاسمى؟ إن لم يكن الامر كذلك، حينئذ لا بد ان تكون الترجمة خاطئة.
يلزمنا ايضا ان نتذكر انه حتى ولا «آية برهان» واحدة تقول ان اللّٰه ويسوع والروح القدس هم واحد في ذات الهية غامضة. ولا تقول آية واحدة في ايّ مكان في الكتاب المقدس ان الثلاثة كلهم متساوون في الجوهر، القدرة، والسرمدية. والكتاب المقدس ثابت في الاظهار ان اللّٰه الكلي القدرة، يهوه، هو الاسمى وحده، يسوع هو ابنه المخلوق، والروح القدس هو قوة اللّٰه الفعالة.
[النبذة في الصفحة ٢٤]
«استعمل القدماء [يوحنا ١٠:٣٠] استعمالا خاطئا ليبرهنوا ان المسيح هو . . . من الجوهر نفسه مع الآب.» — تعليق على الانجيل بحسب يوحنا، بواسطة جون كالڤن
[النبذة في الصفحة ٢٧]
الشخص الذي هو «عند» شخص آخَر لا يمكن ان يكون ذلك الشخص الآخَر ايضا
[النبذة في الصفحة ٢٨]
«لوڠوس كان إلهيا، وليس الكائن الالهي نفسه.» — جوزف هنري ثاير، عالم الكتاب المقدس
[الصورتان في الصفحتين ٢٤ و ٢٥]
صلَّى يسوع الى اللّٰه ان يكون جميع تلاميذه «واحدا،» كما انه وأباه «واحد»
[الصورة في الصفحة ٢٦]
اظهر يسوع لليهود انه ليس معادلا للّٰه، قائلا انه ‹لا يقدر ان يعمل من نفسه شيئا إلا ما ينظر الآب يعمل›
[الصور في الصفحة ٢٩]
بما ان الكتاب المقدس يدعو البشر، الملائكة، وحتى الشيطان، «آلهة،» او اقوياء، يمكن ان يدعى يسوع الارفع في السماء بلياقة «إلها»
-
-
اعبدوا اللّٰه وفقا لشروطههل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟
-
-
اعبدوا اللّٰه وفقا لشروطه
قال يسوع في الصلاة الى اللّٰه: «هذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي (الوحيد، عج) ويسوع المسيح الذي ارسلته.» (يوحنا ١٧:٣) وايّ نوع من المعرفة هي هذه؟ «[اللّٰه] يريد أن جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق (الصحيحة، عج) يُقبلون.» (١ تيموثاوس ٢:٤) وينقل الكتاب المقدس الموسَّع العبارة الاخيرة بهذه الطريقة: «يعرفون الحق [الالهي] على نحو دقيق وصحيح.»
وهكذا يريد اللّٰه ان نعرفه ونعرف مقاصده على نحو صحيح، وفقا للحق الالهي. وكلمة اللّٰه، الكتاب المقدس، هي مصدر هذا الحق. (يوحنا ١٧:١٧؛ ٢ تيموثاوس ٣:١٦، ١٧) وعندما يتعلَّم الناس على نحو صحيح ما يقوله الكتاب المقدس عن اللّٰه، حينئذ يتجنَّبون الصيرورة كأولئك المذكورين في رومية ١٠:٢، ٣، الذين كانت لهم «غيرة للّٰه ولكن ليس حسب المعرفة (الصحيحة، عج).» او كالسامريين، الذين قال لهم يسوع: «انتم تسجدون لما لستم تعلمون.» — يوحنا ٤:٢٢.
لذلك، اذا اردنا رضى اللّٰه، يلزمنا ان نسأل انفسنا: ماذا يقول اللّٰه عن نفسه؟ كيف يريد ان يُعبد؟ ما هي مقاصده، وكيف يجب ان نكون على وفاق معها؟ ان المعرفة الصحيحة عن الحق تعطينا الاجوبة السليمة عن مثل هذه الاسئلة. وحينئذ يمكننا ان نعبد اللّٰه وفقا لشروطه.
عدم اكرام اللّٰه
«اني أُكرم الذين يكرمونني،» يقول اللّٰه. (١ صموئيل ٢:٣٠) فهل يكرم اللّٰه ان يُعتبر احد مساويا له؟ وهل يكرمه ان تُدعى مريم «امّ اللّٰه» و «الوسيطة . . . بين الخالق ومخلوقاته،» كما تفعل دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة؟ كلا، ان هذه الافكار تهين اللّٰه. فلا احد يساويه؛ ولم تكن له امّ بشرية لان يسوع لم يكن اللّٰه. وليست هنالك «وسيطة» لان اللّٰه عيَّن مجرد «وسيط واحد بين اللّٰه والناس،» يسوع. — ١ تيموثاوس ٢:٥؛ ١ يوحنا ٢:١، ٢.
لا شك ان عقيدة الثالوث شوَّشت وشابت فهم الناس لمركز اللّٰه الحقيقي. ومنعت الناس من ان يعرفوا على نحو صحيح المتسلط الكوني، يهوه اللّٰه، ومن ان يعبدوه وفقا لشروطه. وكما قال اللاهوتي هانز كيونڠ: «لماذا يريد احد ان يضيف الى فكرة وحدانية اللّٰه وكونه فريدا شيئا لا يمكن إلا ان يشوب او يبطل هذه الوحدانية وكونه فريدا؟» ولكنْ هذا ما فعله الايمان بالثالوث.
واولئك الذين يؤمنون بالثالوث لا ‹يُبقون اللّٰه في معرفتهم.› (رومية ١:٢٨) وهذا العدد يقول ايضا: «اسلمهم اللّٰه الى ذهن مرفوض ليفعلوا ما لا يليق.» والأعداد ٢٩ الى ٣١ تدرج بعض هذه الامور التي ‹لا تليق،› ‹كالقتل، الخصام، الكينونة بلا عهد، عدم امتلاك الحنوّ، عدم الرحمة.› وهذه الامور نفسها تمارسها الاديان التي تقبل الثالوث.
مثلا، غالبا ما كان الثالوثيون يضطهدون وحتى يقتلون اولئك الذين يرفضون عقيدة الثالوث. وذهبوا ايضا الى أبعد من ذلك. فقد كانوا يقتلون رفقاءهم الثالوثيين في زمن الحرب. وماذا يمكن ان يكون ‹غير لائق› اكثر من ان يقتل الكاثوليك الكاثوليك، يقتل الأرثوذكس الأرثوذكس، يقتل الپروتستانت الپروتستانت — كل ذلك باسم الاله الثالوثي نفسه؟
ومع ذلك، قال يسوع بوضوح: «بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضا لبعض.» (يوحنا ١٣:٣٥) وكلمة اللّٰه تتوسَّع في ذلك، قائلة: «بهذا اولاد اللّٰه ظاهرون واولاد ابليس. كل مَن لا يفعل البر فليس من اللّٰه وكذا مَن لا يحب اخاه.» وهي تشبِّه اولئك الذين يقتلون اخوتهم الروحيين ‹بقايين الذي كان من الشرير [الشيطان] وذبح اخاه.› — ١ يوحنا ٣:١٠-١٢.
وهكذا فان تعليم عقائد مشوِّشة عن اللّٰه قاد الى اعمال تخالف شرائعه. حقا، ان ما حدث في كل العالم المسيحي هو ما وصفه اللاهوتي الدانماركي سورين كيركيڠارد: «قتل العالم المسيحي المسيحية دون ان يدرك ذلك.»
ان حالة العالم المسيحي الروحية تلائم ما كتبه الرسول بولس: «يعترفون بأنهم يعرفون اللّٰه ولكنهم بالاعمال ينكرونه اذ هم رجسون غير طائعين ومن جهة كل عمل صالح مرفوضون.» — تيطس ١:١٦.
وقريبا، عندما يأتي اللّٰه بنظام الاشياء الشرير الحاضر هذا الى نهايته، سيحاسَب العالم المسيحي الثالوثي. وسيدان دينونة مضادة لسبب اعماله وعقائده التي لا تكرم اللّٰه. — متى ٢٤:١٤، ٣٤؛ ٢٥:٣١-٣٤، ٤١، ٤٦؛ رؤيا ١٧:١-٦، ١٦؛ ١٨:١-٨، ٢٠، ٢٤؛ ١٩:١٧-٢١.
ارفضوا الثالوث
لا يمكن ان تكون هنالك مسايرة في ما يتعلق بحقائق اللّٰه. لذلك، أن نعبد اللّٰه وفقا لشروطه يعني أن نرفض عقيدة الثالوث. فهي تناقض ما آمن به وعلَّمه الانبياء ويسوع والرسل والمسيحيون الاولون. وهي تناقض ما يقوله اللّٰه عن نفسه في كلمته الموحى بها. وهكذا يعطي المشورة: «اذكروا . . . اني انا اللّٰه وليس آخر. الاله وليس مثلي.» — اشعياء ٤٦:٩.
ان مصالح اللّٰه لا يخدمها جعله مشوِّشا وغامضا. وعوض ذلك، كلما صار الناس مشوَّشين اكثر بشأن اللّٰه ومقاصده لاءم ذلك اكثر خصم اللّٰه، الشيطان ابليس، ‹اله هذا العالم.› فهو الذي يروِّج مثل هذه العقائد الباطلة لكي ‹يُعمي اذهان غير المؤمنين.› (٢ كورنثوس ٤:٤) وعقيدة الثالوث تخدم ايضا مصالح رجال الدين الذين يريدون ان يحافظوا على سيطرتهم على الناس، لانهم يجعلونها تبدو وكأن اللاهوتيين فقط يتمكنون من فهمها. — انظروا يوحنا ٨:٤٤.
ان المعرفة الصحيحة عن اللّٰه تجلب راحة عظيمة. وتحرِّرنا من التعاليم التي تخالف كلمة اللّٰه ومن الهيئات التي ارتدَّت. وكما قال يسوع: «تعرفون الحق والحق يحرركم.» — يوحنا ٨:٣٢.
باكرام اللّٰه بصفته الاسمى وعبادته وفقا لشروطه يمكننا ان نتجنَّب الدينونة التي سيجلبها قريبا على العالم المسيحي المرتد. وعوض ذلك، يمكننا ان نتطلع بشوق الى رضى اللّٰه عندما ينتهي هذا النظام: «العالم يمضي وشهوته وأما الذي يصنع مشيئة اللّٰه فيثبت الى الابد.» — ١ يوحنا ٢:١٧.
[الصورة في الصفحة ٣١]
هذا التمثال في فرنسا الذي يرجع عهده الى قرون يصوِّر تتويج «العذراء» مريم من الثالوث. والاعتقاد بالثالوث قاد الى تبجيل مريم بصفتها «امّ اللّٰه»
-
-
مصدر الصورهل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟
-
-
مصدر الصور
مدرجة بحسب الصفحة، الموقع، والرقم:
.(7) ,10 page France, Church of Tagnon,
.31 page France,,Collegiate of Montréal, Yonne
.(right) page 2, ,Musée des Beaux-Arts de Troyes
.(3) ,(1) page 10, ,Musée du Louvre, Paris
.(5) ,10 page ,Musée Guimet, Paris
.(2) ,10 page ,Musées Nationaux, France
.(8) ,10 page Museo Bardini, Florence,
.(left) ,2 page Museo Egizio, Turin,
.8 page Scala New York/Florence,
-