مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • وباء البطالة
    استيقظ!‏ ١٩٩٦ | آذار (‏مارس)‏ ٨
    • وباء البطالة

      بواسطة مراسل استيقظ!‏ في ايطاليا

      انها حالة تستدعي معالجة فورية في العديد من الدول المتقدمة —‏ مع انها تثير قلق البلدان النامية ايضا.‏ لقد بدأت تظهر في اماكن بدا قبلا انها في منأى عنها.‏ وهي تؤثر في مئات الملايين من الاشخاص —‏ كثيرون منهم هم امهات وآباء.‏ وفي نظر ثلثَي الايطاليين،‏ انها «الخطر الاكبر.‏» وتنتج منها مشاكل اجتماعية جديدة.‏ وهي الى حدٍّ ما سبب مشاكل كثيرين من الشبان الذين صاروا متورِّطين في المخدِّرات.‏ انها تقضُّ مضاجع الملايين،‏ وليس مستبعدا ان يأتي دور ملايين آخرين قريبا .‏ .‏ .‏

      تؤكد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (‏OECD)‏ ان «البطالة هي على الارجح الظاهرة المخيفة الاوسع انتشارا في زمننا.‏» وتكتب لجنة المجموعات الاوروپية ان «ابعاد هذه الظاهرة وعواقبها ليست خفية،‏» لكنَّ «معالجتها صعبة.‏» وقال احد الخبراء انها «شبح عاد يخيِّم فوق شوارع القارة القديمة [اوروپا].‏» فعدد العاطلين عن العمل في الاتحاد الاوروپي (‏EU)‏ يبلغ الآن نحو ٢٠ مليونا،‏ وقد بلغ عددهم رسميا في ايطاليا وحدها ٠٠٠‏,٧٢٦‏,٢ شخص في تشرين الاول ١٩٩٤.‏ وفي رأي عضو لجنة الاتحاد الاوروپي پوذْريڠ فلِن،‏ «ان حلّ مشكلة البطالة هو اهم تحدٍّ اجتماعي واقتصادي نواجهه.‏» وإذا كنتم عاطلين عن العمل او في خطر خسارة عملكم،‏ فأنتم تعرفون الخوف الذي يولِّده ذلك.‏

      لكنَّ مشكلة البطالة لا تقتصر على اوروپا.‏ فهي تصيب كل الدول الاميركية،‏ ولا تستثني افريقيا او آسيا او اوقيانيا.‏ وقد احست بلدان اوروپا الشرقية بالضائقة في السنوات الاخيرة.‏ صحيح ان البطالة لا تضرب بالقوة نفسها في كل مكان،‏ ولكن بحسب بعض علماء الاقتصاد،‏ ستبقى نسب البطالة في اوروپا وأميركا الشمالية لوقت طويل اعلى بكثير مما كانت عليه في العقود الماضية.‏a وما «يزيد [الوضع] سوءا هو ازدياد البطالة الجزئية والتدهور العام في نوعية الاعمال المتوفرة،‏» كما يشير عالم الاقتصاد ريناتو برونِتّا.‏

      زحف لا يُردَع

      اثَّرت البطالة في كل القطاعات الاقتصادية الواحد تلو الآخر:‏ اولا الزراعة،‏ بازدياد المكننة فيها التي جعلت الناس بلا عمل؛‏ ثم الصناعة التي تأثرت بأزمات الطاقة من سبعينات الـ‍ ١٩٠٠ فصاعدا؛‏ والآن قطاع الخدمات —‏ التجارة والتعليم وغيرهما —‏ قطاع كان يُعتبر بعيدا كل البعد عن الخطر.‏ قبل عشرين سنة كان ناقوس الخطر يُدَقُّ عندما تتجاوز البطالة نسبة ٢ او ٣ في المئة.‏ أما اليوم فإن الدول الصناعية تعتبر وضعها جيدا اذا بقيت البطالة دون نسبة ٥ او ٦ في المئة،‏ والنسبة اعلى بكثير في بلدان عديدة متقدمة.‏

      بحسب منظمة العمل الدولية (‏ILO)‏،‏ البطالة هي حالة شخص لا عمل لديه،‏ ولكنه مستعد ان يعمل وهو يبحث بجدٍّ عن عمل.‏ ولكن ماذا اذا كان الشخص يعمل بدوام كامل ولكن بشكل متقطع،‏ او اذا كان لا يعمل سوى ساعات قليلة في الاسبوع؟‏ تختلف النظرة الى العمل بدوام جزئي من بلد الى آخر.‏ وبعض الذين هم في الحقيقة عاطلون عن العمل يُعتبرون رسميا في بعض البلدان عاملين.‏ ان عدم الدقة هذا في تعريف الحالات الواقعة بين العمالة (‏التشغيل)‏ والبطالة تجعل من الصعب تحديد الاشخاص الذين هم فعلا عاطلون عن العمل،‏ ولهذا السبب لا تصف الاحصائيات سوى جزء من الحقيقة.‏ تقول دراسة اوروپية:‏ «حتى الرقم الرسمي البالغ ٣٥ مليون عاطل عن العمل [في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية] لا يعكس كاملا مدى ظاهرة البطالة.‏»‏

      ثمن البطالة الباهظ

      لكنَّ الارقام لا تعطي صورة كاملة للوضع.‏ تقول لجنة المجموعات الاوروپية:‏ «ان الكلفة الاقتصادية والاجتماعية للبطالة باهظة جدا،‏» ومردُّها «ليس فقط الى المصاريف المباشرة للدفعات المالية التي يقدِّمها الانعاش للعاطلين عن العمل،‏ بل ايضا الى النقص في الدخل الضريبي الذي كان العاطلون عن العمل سيساهمون فيه فيما لو كانوا يعملون.‏» وإعانات البطالة تصير عبأً ثقيلا اكثر فأكثر،‏ ليس على عاتق الحكومات فقط،‏ بل على عاتق العاملين ايضا،‏ اذ تُفرض عليهم ضرائب متزايدة.‏

      ليست البطالة مسألة ارقام ووقائع فقط.‏ فهنالك معاناة بشرية،‏ لأن هذا الوباء يصيب الناس —‏ الرجال والنساء والصغار من كل الطبقات الاجتماعية.‏ وإذا اضيفت الى البطالة كل المشاكل الاخرى التي تسم هذه «الايام الاخيرة،‏» فلا عجب ان تصير همًّا يُحني الظهر.‏ ‏(‏٢ تيموثاوس ٣:‏١-‏٥؛‏ رؤيا ٦:‏٥،‏ ٦‏)‏ و «البطالة الطويلة الاجل» بشكل خصوصي —‏ إن لم تكن هنالك عوامل اخرى تؤثر في الوضع —‏ تجعل الشخص العاطل عن العمل فترةً طويلة يلاقي صعوبة اكبر في ايجاد عمل.‏ والمحزن ان البعض قد لا يُستخدمون ثانية ابدا.‏b

      يجد علماء النفس ان المشاكل العقلية والنفسية عند العاطلين عن العمل اليوم تزداد،‏ هذا بالاضافة الى عدم الاستقرار العاطفي،‏ الاحباط،‏ اللامبالاة المتزايدة،‏ وفقدان احترام الذات.‏ فإذا كان لشخص اولادٌ ليهتم بهم وخسر عمله،‏ فإنه يعيش مأساة شخصية رهيبة.‏ فقد انهار العالم حولهم،‏ وانعدم الامان.‏ وفي الواقع،‏ يلاحظ اليوم بعض الخبراء ظهور «قلق توقعي» مرتبط باحتمال خسارة المرء عمله.‏ ويمكن لهذا القلق ان يؤثر بشكل خطير في العلاقات العائلية،‏ وقد يؤدي الى نتائج مأساوية اكثر،‏ كما قد يُستدل على ذلك بالانتحارات الاخيرة بين العاطلين عن العمل.‏ وعلاوة على ذلك،‏ ان صعوبة دخول سوق العمل هي بين الاسباب المحتملة للعنف والانحراف الاجتماعي بين الاحداث.‏

      ‏‹اسرى نظام فاسد›‏

      قابلت استيقظ!‏ عددا من الاشخاص الذين خسروا عملهم.‏ قال آرماندو البالغ من العمر خمسين سنة ان خسارة عمله تعني بالنسبة اليه «رؤية ٣٠ سنة من الجهد تضيع،‏ والاضطرار الى البدء من جديد،‏» شاعرا انه «اسير نظام فاسد.‏» وفرانشسكو ‹رأى العالم ينهار على رأسه.‏› وستيفانو «شعر بإحساس عميق بالخيبة من نظام الحياة الحاضر.‏»‏

      أما لوتشيانو،‏ الذي طُرد من عمله بعد ان قضى نحو ٣٠ سنة في الادارة التقنية لشركة ايطالية مهمة لصناعة السيارات،‏ فقد «احس بالغضب وبأنه مخدوع عندما رأى ان جهوده واستقامته وجدارته خلال سنوات العمل الطويلة اعتُبرت كلا شيء.‏»‏

      توقعات وخيبات امل

      في الماضي كان بعض علماء الاقتصاد يتوقعون ان تأخذ الامور منحى مختلفا جدا.‏ ففي سنة ١٩٣٠ توقع بتفاؤل عالم الاقتصاد جون ماينارد كَيْنز ان يكون هنالك «عمل للجميع» في غضون السنوات الـ‍ ٥٠ التالية،‏ واعتُبرت العمالة الكاملة طوال عدة عقود هدفا يمكن تحقيقه.‏ وفي سنة ١٩٤٥ وضع ميثاق الامم المتحدة هدفا منشودا هو التوفير السريع لاسباب الاستخدام المتصل لكل فرد.‏ وحتى وقت قريب كان يُعتقد ان التقدم سيعني توفير عمل للجميع بساعات عمل اقل.‏ لكنَّ الامور لم تجرِ على هذا النحو.‏ فالكساد الاقتصادي الخطير في السنوات العشر الاخيرة ادى الى «اسوإ ازمة عمالة عالمية منذ الازمة الاقتصادية الكبرى في الثلاثينات،‏» كما تقول منظمة العمل الدولية.‏ ففي جنوب افريقيا هنالك على الاقل ٦‏,٣ ملايين شخص بلا عمل،‏ بمَن فيهم نحو ٣ ملايين افريقي اسود.‏ وحتى اليابان —‏ حيث كان اكثر من مليوني شخص بلا عمل في السنة الماضية —‏ تمرُّ بأزمة ايضا.‏

      فلماذا البطالة وباء متفشٍّ الى هذا الحد؟‏ وما هي الحلول المطروحة لمعالجتها؟‏

  • البطالة —‏ لماذا؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٦ | آذار (‏مارس)‏ ٨
    • البطالة —‏ لماذا؟‏

      في بلدان عديدة يُجبر كثيرون على اعالة انفسهم بالقيام بعمل جسدي شاق ساعات طويلة وبسرعة مرهقة،‏ حتى انهم ربما يعملون عملا خطرا مقابل اجر ضئيل.‏ وحتى وقت قريب كان كثيرون في بلدان اخرى يعتقدون انه اذا استخدمتهم شركة كبرى او دائرة حكومية،‏ فقد ضمنوا لأنفسهم عملا حتى التقاعد.‏ ولكن يبدو اليوم انه لم تعد هنالك مؤسسات تجارية او شركات قادرة على توفير الاستخدام والضمان المنشودَين ايًّا كان مركز الموظَّف.‏ ولماذا؟‏

      اسباب المشكلة

      يعجز آلاف الشبان حتى عن ايجاد اول عمل لهم —‏ سواء كانوا يحملون شهادة جامعية او لا.‏ ففي ايطاليا،‏ مثلا،‏ اكثر من ثلث العاطلين عن العمل هم بين الـ‍ ١٥ والـ‍ ٢٤ من العمر.‏ ويزداد متوسط عمر الذين يعملون والذين يحاولون المحافظة على عملهم،‏ ولذلك يصعب اكثر على الشبان ان يدخلوا سوق العمل.‏ وحتى بين النساء —‏ اللواتي يدخلن اكثر فأكثر سوق العمل —‏ هنالك نسبة عالية من البطالة.‏ وهكذا تجاهد الآن اعداد كبيرة من العمال الجدد لدخول هذا المضمار.‏

      من ايام الآلات الصناعية الاولى قلَّص الابداع التقني الحاجة الى العمال.‏ وبسبب ضرورة العمل نوبات طويلة ومرهقة،‏ كان العمال يأملون ان تقلِّل الآلات العمل او حتى تلغيه.‏ وزاد التشغيلُ الآلي الانتاجَ وأزال اخطارا كثيرة،‏ لكنه قلَّص ايضا عدد الوظائف.‏ والذين فاقوا الحاجة وقعوا في خطر البطالة الطويلة الاجل ما لم يتعلموا مهارات جديدة.‏

      تغرق الاسواق من كثرة المنتجات التجارية.‏ ويعتقد البعض ان النمو الاقتصادي بلغ اقصى حدوده.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ ان وجود مستخدَمين اقل يعني مشترين اقل.‏ وهكذا تُنتج السوق اكثر مما يمكنها استهلاكه.‏ والمصانع الكبرى التي بُنيت لتلبية الزيادات المتوقعة في الانتاج والتي لم تعد ملائمة اقتصاديا تُقفَل او يتغير عملها.‏ ان سير الامور في هذه الاتجاهات يترك وراءه الضحايا —‏ الذين صاروا عاطلين عن العمل.‏ وفي فترة الكساد الاقتصادي يقلُّ الطلب على العمال،‏ والوظائف التي جرت خسارتها خلال فترات الكساد نادرا ما يُعاد استحداثها خلال فترات الازدهار الاقتصادي.‏ فمن الواضح ان هنالك اكثر من سبب للبطالة.‏

      وباء اجتماعي

      بما ان البطالة قد تستهدف ايّ شخص،‏ فهي تُعتبر وباء اجتماعيا.‏ لذلك تتبع بعض الدول وسائل مختلفة لحماية الذين لا يزالون يعملون —‏ مثلا،‏ خفض ساعات العمل مع خفض الاجر.‏ لكنَّ ذلك قد يبدد آمال الآخرين الذين يبحثون عن عمل.‏

      يعترض العاملون والعاطلون عن العمل اكثر فأكثر على المشاكل المرتبطة بالعمل.‏ ولكن في حين يطلب العاطلون عن العمل وظائف جديدة،‏ يحاول المستخدَمون ان يحافظوا على ضمان استمراريتهم في العمل —‏ هدفان لا ينسجم دائما واحدهما مع الآخر.‏ تقول المجلة الايطالية پانوراما:‏ «غالبا ما يُطلب من الذين يعملون ان يشتغلوا ساعات اضافية.‏ أما الذين في الخارج فيبقون في الخارج.‏ هنالك خطر ان ينقسم المجتمع الى قسمين .‏ .‏ .‏ العاملون فوق الحد في الجهة الاولى والعاطلون عن العمل المرفوضون الذين يعتمدون كاملا تقريبا على احسان الآخرين في الجهة الثانية.‏» ويقول الخبراء ان ثمار النمو الاقتصادي في اوروپا يتمتع بها بشكل رئيسي الاشخاص الذين يعملون لا الذين بلا عمل.‏

      وعلاوة على ذلك،‏ البطالة مرتبطة بوضع الاقتصاد المحلي،‏ لذلك توجد في بعض البلدان كإسپانيا وألمانيا وإيطاليا اختلافات هائلة في الحاجات بين منطقة وأخرى.‏ وهل العمال راغبون في تعلُّم مهارات جديدة او حتى الانتقال الى منطقة اخرى او بلد آخر؟‏ فغالبا ما يساعد ذلك على ايجاد عمل.‏

      هل من حلول في المدى المنظور؟‏

      تُعقَد الآمال بشكل عام على حدوث تحسُّن اقتصادي.‏ لكنَّ البعض يشكُّون في ذلك ويعتقدون ان تحسُّنا كهذا لن يحدث قبل سنة ٢٠٠٠ تقريبا.‏ أما في رأي آخرين فقد ابتدأ الانتعاش الاقتصادي،‏ ولكنَّ ظهور نتائجه بطيء،‏ كما يتضح من انخفاض العمالة في ايطاليا مؤخرا.‏ فالانتعاش الاقتصادي لا يعني بالضرورة انخفاضا في البطالة.‏ ففي حين ان النمو ضئيل،‏ تفضِّل المؤسسات التجارية ان تستخدم بشكل افضل عمالها الحاليين بدلا من استخدام آخرين —‏ اي انه يوجد «نمو بلا وظائف.‏» وبالاضافة الى ذلك،‏ غالبا ما يزداد عدد العاطلين عن العمل بسرعة اكبر من عدد الوظائف الجديدة المستحدَثة.‏

      واليوم يختبر اقتصاد دول عديدة توسُّعا عالمي النطاق.‏ ويعتقد بعض علماء الاقتصاد ان استحداث اسواق جديدة وكبيرة تتخطى الحدود القومية،‏ كما هي الحال مع اتفاق التجارة الحرة لاميركا الشمالية (‏NAFTA)‏ والتعاون الاقتصادي في آسيا-‏المحيط الهادي (‏APEC)‏،‏ يمكن ان يعطي زخما للاقتصاد العالمي.‏ لكنَّ هذا التوجُّه يحثُّ الشركات الكبرى على التمركز حيث اليد العاملة ارخص،‏ فتكون النتيجة ان الدول الصناعية تخسر الوظائف.‏ والعمال الذين لا يكسبون الكثير من المال يرون في الوقت نفسه ان معاشاتهم الضئيلة تزداد ضآ‌لة.‏ فلا عجب ان يقوم كثيرون في عدد من البلدان بمظاهرات عنيفة في بعض الاحيان ضد هذه الاتفاقات التجارية.‏

      يقترح الخبراء حلولا كثيرة لمحاربة البطالة.‏ بعض هذه الحلول متناقض،‏ وذلك يتوقف على ما اذا كان الذين يقترحونها هم علماء الاقتصاد ام السياسيون ام العمال انفسهم.‏ وهنالك مَن يقترحون حفز الشركات على زيادة عدد مستخدَميها بخفض عبء الضرائب.‏ وينصح البعض بأن تتدخل الدولة على نطاق واسع.‏ ويقترح آخرون توزيع العمل بشكل مختلف وخفض ساعات العمل.‏ وهذا ما حدث في بعض الشركات الكبرى،‏ مع انه خلال القرن الماضي قُلِّصت ايام العمل الاسبوعية في كل البلدان الصناعية انما دون ان يؤدي ذلك الى خفض البطالة.‏ يؤكد عالم الاقتصاد ريناتو برونِتّا:‏ «يتبرهن في المدى البعيد عدم فعَّالية كل السياسات،‏ لأن التكاليف تفوق الفوائد.‏»‏

      وتستنتج مجلة لِسْپرِسو:‏ «يجب ألّا نخدع انفسنا،‏ فالمشكلة صعبة.‏» ولكن هل هي اصعب من ان تُحلّ؟‏ وهل يوجد حلّ لمشكلة البطالة؟‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٨]‏

      مشكلة قديمة

      البطالة مشكلة قديمة.‏ فلقرون يجد الناس انفسهم احيانا بلا عمل رغما عنهم.‏ فعندما ينتهي العمل،‏ كان عشرات الآلاف من العمال المستخدَمين في مشاريع البناء الضخمة يصيرون هم انفسهم عاطلين —‏ على الاقل الى ان يُستخدموا في مكان آخر.‏ وحتى ذلك الوقت يعيشون حياة غير مستقرة،‏ وهذا اقل ما يقال.‏

      خلال القرون الوسطى،‏ «مع ان مشكلة البطالة بمعناها العصري لم تكن موجودة،‏» كان هنالك عاطلون عن العمل.‏ (‏البطالة في التاريخ‏)‏ ولكن في تلك الايام كان كل مَن لا يعمل يُعتبر صعلوكا وغير نافع.‏ وحتى في اواخر القرن الـ‍ ١٩ كان كثيرون من المحلِّلين البريطانيين «يربطون بشكل رئيسي العاطلين عن العمل بالاشخاص المشاكسين والمشردين الذين ينامون في العراء او يسيرون في الشوارع ليلا،‏» كما يوضح الپروفسور جون برْنت.‏ —‏ الايدي الكسولة.‏

      حدث «اكتشاف البطالة» نحو نهاية القرن الـ‍ ١٩ او بداية القرن الـ‍ ٢٠.‏ فأُنشئت لجان حكومية خصوصية لدرس المشكلة وحلِّها،‏ كاللجنة البرلمانية لمجلس العموم البريطاني حول «خطر نقص الاستخدام» سنة ١٨٩٥.‏ فكانت البطالة قد صارت وباء اجتماعيا.‏

      وهذا الوعي الجديد لأبعاد المشكلة ازداد بشكل متسارع،‏ وخصوصا بعد الحرب العالمية الاولى.‏ فقد قضت هذه الحرب تقريبا على البطالة بسبب انتاج الاسلحة الجنوني.‏ ولكن ابتداء من عشرينات الـ‍ ١٩٠٠ واجهت العالم الغربي سلسلة من فترات الكساد بلغت ذروتها في الازمة الاقتصادية الكبرى التي ابتدأت سنة ١٩٢٩ وضربت اقتصاد كل الدول الصناعية في العالم.‏ وبعد الحرب العالمية الثانية اختبرت بلدان كثيرة ازدهارا اقتصاديا جديدا وانخفضت البطالة.‏ ولكن «يمكن القول ان اصل مشكلة البطالة الحالية يعود الى اواسط الستينات،‏» كما تقول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.‏ ثم أُصيبت سوق العمل بنكبة جديدة سببُها ازمات النفط في السبعينات والنمو السريع في استخدام الكمپيوتر،‏ مع ما تبع ذلك من تسريح للعمال.‏ وابتدأ المسار التصاعدي للبطالة،‏ وتغلغلت في القطاعات الادارية وقطاعات الموظفين التي كانت تُعتبر في منأى عنها

  • التحرُّر من البطالة —‏ كيف ومتى؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٦ | آذار (‏مارس)‏ ٨
    • التحرُّر من البطالة —‏ كيف ومتى؟‏

      يمكن للانسان،‏ كخالقه،‏ ان يجد الفرح في عمله،‏ وقد دُعي العمل بالصواب «عطية اللّٰه.‏» (‏جامعة ٣:‏١٢،‏ ١٣؛‏ يوحنا ٥:‏١٧‏)‏ فالعمل الممتع يمنحنا السعادة ويجعلنا نشعر بأننا نافعون ومرغوب فينا.‏ ولا احد يريد ان يخسر عمله،‏ مهما قلَّ تمتُّعه به.‏ وبالاضافة الى الاجر الذي يوفِّره العمل،‏ فإن الاستخدام مقابل اجر ينظِّم حياة المرء ويعطيها قصدا وإحساسا بالهوية الفردية.‏ فلا عجب ان «يرغب العاطلون عن العمل [عادةً] في الحصول على وظيفة قبل ايّ شيء آخر.‏»‏

      البحث عن عمل

      ان الوضع في سوق العمل كما رأينا معقد جدا.‏ ولكن هنالك وسائل فعَّالة كثيرة للبحث عن عمل.‏ وكل مَن له الحق في الحصول على اعانات البطالة التي تقدِّمها الحكومة يمكن ان يستفيد منها حيثما تتوفر؛‏ ويمكنه ان يتسجل في مكاتب البطالة،‏ حيثما تُستخدم،‏ ويستفيد من الخدمات التي تقدِّمها.‏ ويجد آخرون عملا في مهنة حرة.‏ ولكن يجب توخي الحذر هنا.‏ فغالبا ما يضطر الذين يعملون لحسابهم الخاص الى دفع الاموال لتغطية المصاريف الاولية الكبيرة،‏ وقد لا تكون تغطية هذه الدفعات امرا سهلا.‏ ومن الضروري ايضا ان يعرف المرء القوانين الضريبية ويحترمها —‏ امر يصعب انجازه في بعض الدول!‏ —‏ رومية ١٣:‏١-‏٧؛‏ افسس ٤:‏٢٨‏.‏

      ولإيجاد وظيفة،‏ جعل البعض ايجاد عمل شغلهم الشاغل،‏ وانكبوا على البحث بمثابرة وبأسلوبهم الخاص.‏ ويكتب آخرون رسائل الى الشركات التي تبحث عن عمال،‏ او يضعون اعلانات في الصحف المحلية،‏ علما ان بعض الصحف تطبع اعلانات طلب العمل مجانا.‏ وغالبا ما قدمت استيقظ!‏ نصائح مفيدة وعملية حول هذا الموضوع —‏ للاحداث والراشدين على السواء.‏a —‏ انظروا الاطارين في الصفحة ١١.‏

      ويجب ان تكونوا قابلين للتكيُّف —‏ مستعدين للقيام بأيّ نوع من الاعمال،‏ بما فيها الاعمال التي لا تحبونها.‏ ويقول الخبراء انه بين الامور الاولى التي تُسأل في مقابلات العمل هنالك خبرة المرء السابقة في العمل وطول الوقت الذي بقي فيه بلا عمل.‏ فالبقاء فترة طويلة دون روتين عمل منتظم هو عامل سلبي في نظر رب العمل المحتمَل.‏

      والشخص الذي قضى بحكمة وقته في المدرسة ليكتسب المهارات لديه فرصة اكبر لايجاد عمله الاول.‏ يقول ألبرتو مايوك،‏ استاذ في العلوم المالية:‏ «البطالة تصيب خصوصا العمال الذين تنقصهم المهارات.‏»‏

      اهمية الدعم العاطفي

      احد العوامل المهمة هو الموقف الايجابي.‏ فهو يلعب دورا كبيرا في ايجاد عمل.‏ ويقدِّر العاطلون عن العمل كثيرا الدعم العاطفي الذي يساعدهم على تجنب الانعزال او الشعور باللامبالاة.‏ ويساعدهم ذلك ايضا على التغلب على خسارة احترام الذات الذي يمكن ان ينتج من مقارنة المرء نفسه بالآخرين الذين لم يخسروا عملهم.‏

      قد لا يكون سهلا ان يمدَّ المرء رجليه على قدر بساط او فراش صار اقصر.‏ ويقول ستيفانو:‏ «وسط قلقي،‏ وجدت صعوبة في الاستفادة من وقت الفراغ.‏» ويتذكر فرانشسكو قائلا:‏ «جعلتني هذه الحالة عصبيا جدا،‏ حتى انني ابتدأت انقد بعض اعز اصدقائي.‏» هنا يأتي دور الدعم العائلي.‏ فالافتقار الى الدخل يتطلب من جميع اعضاء العائلة ان يتكيَّفوا مع الوضع وليخفضوا مستوى معيشتهم.‏ يقول فرانكو الذي طُرد من عمله وهو في الـ‍ ٤٣ من العمر بعد ان عمل في الشركة نفسها ٢٣ سنة:‏ «من اليوم الذي طُردت فيه كانت زوجتي ايجابية وداعمة جدا.‏» وآرماندو شاكر خصوصا لزوجته بسبب «اقتصادها الجيد في التسوُّق.‏» —‏ امثال ٣١:‏١٠-‏٣١؛‏ متى ٦:‏١٩-‏٢٢؛‏ يوحنا ٦:‏١٢؛‏ ١ تيموثاوس ٦:‏٨-‏١٠‏.‏

      تساعدنا مبادئ الكتاب المقدس على المحافظة على موقف ايجابي وتذكُّر القيم الاهم.‏ ان الذين اجرت استيقظ!‏ المقابلة معهم،‏ والمذكورين اعلاه،‏ استمدوا التعزية من الكتاب المقدس.‏ فجعلهم ذلك يشعرون بأنهم اقرب الى اللّٰه.‏ (‏مزمور ٣٤:‏١٠؛‏ ٣٧:‏٢٥؛‏ ٥٥:‏٢٢؛‏ فيلبي ٤:‏٦،‏ ٧‏)‏ ولا شيء اهم من امتلاك علاقة حميمة بيهوه اللّٰه،‏ لأنه يعد:‏ «لا اهملك ولا اتركك.‏» —‏ عبرانيين ١٣:‏٥‏.‏

      سواء كان الشخص عاطلا عن العمل او لا،‏ تشجعه كلمة اللّٰه على تنمية الصفات النافعة للحياة اليومية.‏ فلا عجب ان يبحث البعض عن عمال من شهود يهوه،‏ وهم يقدِّرونهم لأنهم عمال مستقيمون.‏ انهم يتبعون مشورة الكتاب المقدس التي توصي بأن يكونوا مجتهدين ومحط ثقة،‏ لا كسالى.‏ —‏ امثال ١٣:‏٤؛‏ ٢٢:‏٢٩؛‏ ١ تسالونيكي ٤:‏١٠-‏١٢؛‏ ٢ تسالونيكي ٣:‏١٠-‏١٢‏.‏

      التحرُّر من شبح البطالة

      يكمن خلف عدم توفر العمل سبب رئيسي —‏ انانية البشر وجشعهم.‏ وكما يقول الكتاب المقدس،‏ «يتسلط انسان على انسان لضرر نفسه.‏» —‏ جامعة ٨:‏٩‏.‏

      ان مشكلة البطالة —‏ هي ومشاكل اخرى ايضا —‏ ستُحلُّ بإزالة التسلُّط البشري الذي صار الآن في ‹ايامه الاخيرة.‏› (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١-‏٣‏)‏ فهنالك حاجة الى عالم يكون فعلا جديدا.‏ نعم،‏ عالم يعيش ويعمل فيه مجتمع بشري بار في ظل حكم عادل ونزيه،‏ حيث لا يكون للجشع مكان.‏ (‏١ كورنثوس ٦:‏٩،‏ ١٠؛‏ ٢ بطرس ٣:‏١٣‏)‏ ولهذا السبب علَّم يسوع الناس ان يصلوا من اجل اتيان ملكوت اللّٰه ولكي تكون مشيئته على الارض.‏ —‏ متى ٦:‏١٠‏.‏

      تبيِّن كلمة اللّٰه تأثيرات هذا الملكوت واصفة بطريقة نبوية زوال بعض مشاكل الجنس البشري الرئيسية:‏ «يبنون بيوتا ويسكنون فيها ويغرسون كروما ويأكلون اثمارها.‏ لا يبنون وآخر يسكن ولا يغرسون وآخر يأكل.‏ .‏ .‏ .‏ ويستعمل مختاريَّ عمل ايديهم.‏ لا يتعبون باطلا ولا يلدون للرعب.‏» (‏اشعياء ٦٥:‏٢١-‏٢٣‏)‏ فسيختفي قريبا شبح البطالة الى الابد.‏ وإذا كنتم ترغبون في معرفة المزيد عن الحلِّ الذي يقدِّمه اللّٰه،‏ فاتصلوا من فضلكم بشهود يهوه في منطقتكم.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a انظروا استيقظ!‏ عدد ٢٢ تشرين الاول ١٩٩٤،‏ الصفحات ١٦-‏١٨؛‏ عدد ٨ آب ١٩٩١،‏ الصفحات ٦-‏١٠؛‏ عدد ٢٢ كانون الثاني ١٩٨٣،‏ الصفحات ١٧-‏١٩ (‏بالانكليزية)‏؛‏ وعدد ٨ حزيران ١٩٨٢،‏ الصفحات ٣-‏٨ (‏بالانكليزية)‏.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١١]‏

      اعمال تُستحدث في البيت

      ‏• حضانة الاطفال،‏ الاعتناء بالاولاد

      ‏• بيع خضر او ازهار تُزرع ضمن محيط البيت

      ‏• خياطة الثياب وتعديل مقاساتها وتصليحها

      ‏• العمل بالقطعة للمصانع

      ‏• الخَبز وتحضير الطعام

      ‏• تنجيد اللُّحُف،‏ شغل الكروشيه والحياكة؛‏ صنع المَكْرَميه والفخَّاريات؛‏ وغيرها

      ‏• تنجيد الاثاث

      ‏• المحاسبة،‏ الطبع على الآلة الكاتبة،‏ خدمات الكمپيوتر المنزلية

      ‏• خدمة الردّ على المكالمات الهاتفية

      ‏• تصفيف الشعر

      ‏• استقبال النزلاء في البيت بأجرة اكل وسكن

      ‏• ملء الظروف برسائل المعلِنين وكتابة العناوين عليها

      ‏• غسل السيارات وتلميعها (‏يجلب الزبون السيارة الى بيتكم)‏

      ‏• تنظيف الحيوانات المدلَّلة وتدريبها

      ‏• اصلاح الاقفال وصنع المفاتيح (‏مشغل في البيت)‏

      ‏• يمكن نشر اعلانات الكثير من هذه الاعمال مجانا او بكلفة منخفضة في الصحف وغيرها

      ‏[الاطار في الصفحة ١١]‏

      اعمال تُستحدث خارج البيت

      ‏• البقاء في بيوت الآخرين (‏عندما يكونون في عطلة ويريدون ان يهتم احد بمنزلهم)‏

      ‏• التنظيف:‏ المتاجر،‏ المكاتب،‏ البيوت والشقق بعد بنائها او بعد اندلاع حريق فيها او بعد ان يتركها سكانها للعيش في مكان آخر،‏ التدبير المنزلي (‏في بيوت الآخرين)‏،‏ النوافذ (‏في الشركات والبيوت)‏

      ‏• التصليحات:‏ الادوات الكهربائية المنزلية على انواعها (‏توجد في المكتبات كتب عملية عن التصليحات)‏

      ‏• الاعمال المنزلية اليدوية:‏ توريق الجدران،‏ صنع الخزائن والابواب،‏ الدَّهن،‏ التسييج،‏ التسقيف

      ‏• الاعمال الزراعية:‏ الزرع والحصد،‏ قطف الثمار

      ‏• تنسيق المناظر الطبيعية الداخلية والنباتات والاعتناء بها في:‏ المكاتب،‏ المصارف،‏ مراكز التسوُّق،‏ الرَّدهات

      ‏• الاعتناء بالاملاك:‏ بوَّاب،‏ ناطور (‏يشمل ذلك احيانا مكانا مجانيا للعيش)‏

      ‏• التأمين العقاري

      ‏• تركيب الموكيت وغسله

      ‏• توزيع الصحف (‏للكبار والصغار)‏،‏ تسليم اشياء اخرى:‏ الاعلانات،‏ فواتير البلديات

      ‏• نقل اثاث الذين يغيِّرون بيتهم او تخزينه

      ‏• التجميل الزراعي،‏ تشذيب الاشجار،‏ الاهتمام بمرج الاعشاب،‏ قطع الاخشاب

      ‏• سائق باص مدرسة

      ‏• التصوير (‏للأشخاص او للأحداث العامة)‏

      ‏• صنع طعم لصيادي السمك

      ‏• تبادل الخدمات:‏ اصلاح السيارة مقابل الاعمال الكهربائية،‏ الخياطة مقابل السباكة،‏ الخ.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة