مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • يوم انهار البرجان التوأمان
    استيقظ!‏ ٢٠٠٢ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٨
    • يوم انهار البرجان التوأمان

      ان الاحداث التي وقعت في ١١ ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٠٠١ في مدينة نيويورك والعاصمة واشنطن وپنسلڤانيا تركت اثرا لا يُمحى في ذاكرة الملايين،‏ إن لم نقل البلايين،‏ من الناس حول العالم.‏ فأين كنتم حين شاهدتم او سمعتم في الاخبار بالهجوم على مركز التجارة العالمي في نيويورك وعلى الپانتاڠون في واشنطن؟‏

      ان هذا التدمير السريع والمفاجئ لأبنية ضخمة،‏ والأهم من ذلك موت هذا العدد الكبير من البشر،‏ جعل الناس يتوقفون قليلا ويفكّرون.‏

      ماذا تعلَّمنا عن اولوياتنا وخياراتنا في الحياة؟‏ وكيف أبرزت هذه الاحداث المأساوية بعض صفاتنا الجيدة كبشر،‏ مثل التضحية بالذات والتعاطف والاحتمال وعدم الانانية؟‏ ستحاول هذه المقالة والمقالة التالية ان تجيبا عن السؤال الاخير.‏

      الناجون يروون ما حدث

      مباشرةً بعد وقوع الكارثة في نيويورك،‏ أُغلق المترو وغادر آلاف الاشخاص جنوب مانهاتن سيرا على الاقدام،‏ وكثيرون منهم عبروا جسرَي بروكلين ومانهاتن.‏ وكان بإمكانهم ان يروا بوضوح مكاتب ومصنع المركز الرئيسي العالمي لشهود يهوه.‏ فسارع بعض الهاربين من الكارثة الى هذه الابنية.‏

      ومن اول الواصلين ابنة شاهدةٍ ليهوه تُدعى أليشا (‏الى اليسار)‏.‏ وكانت كلها مغطاة بالغبار والرماد.‏a اوضحت قائلة:‏ «عندما كنت في القطار متوجهة الى عملي،‏ رأيت دخانا ينبعث من مركز التجارة العالمي.‏ وعند وصولي الى موقع الكارثة،‏ وجدتُ الارض مغطاة بالزجاج وشعرت باللهيب.‏ كان الناس يركضون في كل اتجاه والشرطة تحاول اخلاء المنطقة.‏ لقد بدا لي انني في ساحة معركة.‏

      ‏«هرعتُ الى بناء قريب واحتميت هناك.‏ ثم سمعت الانفجار الناجم عن ارتطام الطائرة الثانية بالبرج الجنوبي.‏ كان المنظر مريعا للغاية،‏ والدخان الاسود في كل مكان.‏ فأُمرنا بالابتعاد عن منطقة الخطر،‏ ونُقلت بعبّارة الى بروكلين عبر إيست ريڤر.‏ عندما وصلت الى الضفة الاخرى،‏ رفعتُ عينيَّ ورأيت لافتة كبيرة كُتب عليها ‏‹برج المراقبة›.‏ كان ذلك المركز الرئيسي لدِين امي.‏ فذهبت على الفور الى مبنى المكاتب.‏ كنت اعلم انني سأنال افضل عناية في هذا المكان.‏ وهناك اغتسلتُ واتصلت بوالديَّ».‏

      كان ويندل (‏الى اليسار)‏ بوابا في فندق ماريوت الذي يقع بين البرجين.‏ يوضح قائلا:‏ «كنت اعمل في الردهة عندما وقع الانفجار الاول.‏ فرأيت الحطام يتساقط هنا وهناك.‏ نظرتُ الى الشارع فإذا برجل ممدَّد على الارض يحترق.‏ فمزَّقتُ سترتي وقميصي وهرعت اليه محاولا اطفاء النار.‏ ثم اتى احد المارّة وأخذ يساعدني.‏ لقد اشتعلت ثياب الرجل كلها ما عدا جوربَيه وحذاءه.‏ بعد ذلك اتى رجال الاطفاء وأخذوه ليتلقى عناية طبية.‏

      ‏«بُعيد ذلك اتصل براينت ڠامبل من أخبار محطة CBS التلفزيونية وطلب ان يروي شاهد عيان ما قد حدث.‏ نتيجةً لذلك،‏ شاهدت عائلتي في الجزر العذراء المقابلة معي على التلفزيون وعرفوا اني ما زلت على قيد الحياة».‏

      كان دونالد،‏ وهو رجل قوي البنية طوله ١٩٥ سنتيمترا،‏ في الطابق الـ‍ ٣١ من مكان عمله في مبنى المركز المالي العالمي الذي يقع قبالة البرجين التوأمين.‏ وإذ وقف محدّقا في البرجين وفندق ماريوت قال:‏ «صعقني وأرعبني ما كنت اراه.‏ فقد كان الناس يسقطون ويقفزون من نوافذ البرج الشمالي.‏ فاستولى عليَّ الهلع وخرجت من البناء الذي اعمل فيه بأقصى سرعة».‏

      حدث اختبار آخر مع امّ في ستيناتها وابنتين لها في اربعيناتهما.‏ كانت الابنتان،‏ روث وجوني،‏ تنزلان مع امهما جانيس في فندق قريب من البرجين التوأمين.‏ تروي روث،‏ التي تعمل كممرضة مجازة:‏ «فيما كنت أستحم،‏ اخذت امي وأختي تصرخان كي اخرج من الحمام.‏ كنا في الطابق الـ‍ ١٦،‏ وقد رأتا الحطام وهو يتساقط بجانب النافذة.‏ حتى ان امي رأت جثة رجل تطير فوق بناء مجاور كما لو ان شيئا قذفها بقوة.‏

      ‏«لبست ثيابي بسرعة وبدأنا ننزل الدرج.‏ كانت اصوات الصراخ تتعالى.‏ وعندما خرجنا الى الشارع،‏ سمعنا انفجارات ورأينا شرَر النيران.‏ عندئذ أُمرنا ان نتوجه جنوبا وبسرعة الى باتِري پارك حيث تقع عبّارة جزيرة ستاتن.‏ ولكن في الطريق أضعنا امي المصابة بربو مزمن.‏ فكيف يمكن ان تنجو وسط كل هذا الدخان والرماد والغبار؟‏!‏ قضينا نصف ساعة ونحن نبحث عنها،‏ انما دون جدوى.‏ لكننا لم نقلق عليها كثيرا في البداية لأنها امرأة مقتدرة جدا وقوية القلب.‏

      ‏«في النهاية،‏ أُمرنا بالذهاب الى جسر بروكلين وعبوره الى الجهة الاخرى.‏ كم ارتحنا عندما عبرنا الجسر ووصلنا الى بروكلين ورأينا اللافتة الضخمة ‏‹برج المراقبة›!‏ فقد اصبحنا في مأمن الآن.‏

      ‏«استُقبلنا في المركز الرئيسي وعُيِّن لنا مكان نبقى فيه.‏ كما اعطانا الاخوة ثيابا لأننا لم نجلب شيئا معنا.‏ ولكن اين امي؟‏ قضينا الليل كله نحاول ايجادها في المستشفيات،‏ انما ذهبت جهودنا سدًى.‏ ولكن نحو الساعة ٣٠:‏١١ من صباح اليوم التالي،‏ تلقينا رسالة تخبرنا ان امي تنتظرنا في الردهة.‏ فماذا حدث معها؟‏».‏

      تكمل جانيس،‏ الأمّ،‏ القصة وتقول:‏ «عندما خرجنا من الفندق،‏ شعرت بالقلق على صديقة لي متقدِّمة في السن لم تكن قادرة على المغادرة معنا.‏ فأردتُ ان اعود لأُخرجها انا بنفسي.‏ لكنّ ذلك كان خطرا جدا.‏ وفي وسط هذه الفوضى انفصلت عن ابنتيَّ.‏ مع ذلك لم اكن قلقة كثيرا عليهما،‏ فابنتاي ليستا متهوِّرتَين وروث ممرضة كفؤة.‏

      ‏«حيثما نظرت وجدتُ اناسا بحاجة الى المساعدة،‏ وخصوصا الاولاد والاطفال.‏ فقدَّمتُ يد المساعدة لمَن استطعت.‏ وقصدت المكان حيث كان المصابون يُفرَزون ويعالَجون بحسب خطورة اصابتهم.‏ كما ساعدتُ على غسل ايدي وأوجه رجال الشرطة والإطفاء الذين غطاهم السخام والغبار.‏ وبقيت هناك حتى نحو الساعة ٠٠:‏٣ صباحا.‏ بعد ذلك ركبتُ العبّارة الاخيرة متوجّهة الى جزيرة ستاتن،‏ فربما ابنتاي محتميتان هناك.‏ لكني لم اجدهما.‏

      ‏«في ذلك الصباح،‏ حاولت ان اركب اول عبّارة لأعود الى مانهاتن،‏ ولكن لم يُسمح لي بذلك لأني لست من عمّال الطوارئ.‏ عندئذ رأيت احد رجال الشرطة الذين ساعدتُهم.‏ فقلت له:‏ ‹جون!‏ يجب ان اعود الى مانهاتن›.‏ فأجاب:‏ ‹تعالي معي›.‏

      ‏«عندما وصلت الى مانهاتن،‏ توجَّهت من جديد الى فندق ماريوت.‏ فربما لا يزال هنالك مجال كي اساعد صديقتي العجوز.‏ ولكن مستحيل!‏ فقد كان الفندق مدمرا،‏ ولا حياة في ايّ جزء من الموقع.‏ ولم أجد سوى رجال الشرطة والإطفاء المنهَكين،‏ وعلامات الحزن بادية على وجوههم.‏

      ‏«عندئذ توجهت الى جسر بروكلين.‏ وفيما كنت اقترب من طرفه الآخر،‏ رأيت لافتة مألوفة لديَّ:‏ ‏‹برج المراقبة›.‏ ففكرت اني قد اجد ابنتيَّ هناك.‏ وهذا ما حصل،‏ فقد أتَتا لملاقاتي في الردهة.‏ وتلا ذلك عناق طويل ذرفنا فيه الكثير من الدموع.‏

      ‏«والمدهش في الامر اني لم أُصب بنوبة ربو واحدة،‏ رغم كل الدخان والغبار والرماد.‏ فأنا لم اتوقف عن الصلاة لأني اردت ان اكون نافعة لا عبئا على احد».‏

      ‏«لا مكان هنا لتحطَّ فيه!‏»‏

      اخبرت رايتشل،‏ شابة في اوائل عشريناتها،‏ كاتبا في مجلة استيقظ!‏:‏ «كنت اسير في الشارع حيث اسكن في جنوب مانهاتن حين سمعتُ هدير طائرة في الجو.‏ كان الصوت قويا جدا حتى اني نظرت الى السماء.‏ ولم أصدّق ما رأيت،‏ فقد بدا لي ان طائرة الركاب النفّاثة الضخمة تتّخذ وضعية الهبوط.‏ فقلت في نفسي لماذا تطير تلك الطائرة بهذا الارتفاع المنخفض وتلك السرعة الكبيرة؟‏ فلا مكان هنا لتحطَّ فيه!‏ ربما فقد الطيّار السيطرة عليها.‏ عندئذ سمعت امرأة تصرخ قائلة:‏ ‹لقد ارتطمت الطائرة بالبناء!‏›.‏ وخرجت سحابة نارية ضخمة من البرج الشمالي.‏ ثم رأيت فجوة كبيرة سوداء في البرج.‏

      ‏«كان ذلك افظع شيء رأيته في حياتي.‏ فلم اصدِّق ان هذا يحدث.‏ ووقفت فاغرة فمي من الدهشة.‏ بعد وقت قصير،‏ ارتطمت طائرة اخرى بالبرج الثاني،‏ وفي النهاية انهار البرجان كلاهما.‏ فاستولى عليَّ الرعب الشديد.‏ لقد كان هذا اكثر مما استطيع تحمله!‏».‏

      ‏«اذا اضطررت الى السباحة،‏ فسأسبح»‏

      كانت دنيز (‏١٦ سنة)‏ قد وصلت لتوِّها الى مدرستها القريبة من مركز البورصة الاميركية الواقع على مسافة ثلاثة شوارع جنوبي مركز التجارة العالمي.‏ تروي:‏ «كان الوقت قد تجاوز التاسعة صباحا.‏ علمت ان شيئا ما قد حدث،‏ ولكن لم اعرف ما هو.‏ كنت احضر صف التاريخ في الطابق الـ‍ ١١ من المدرسة.‏ ومع ان جميع التلاميذ كانوا مرتعبين اصرّت المعلمة ان نقوم بامتحان.‏ أما نحن فأردنا الرحيل والعودة الى بيوتنا.‏

      ‏«عندئذ اهتز البناء حين ارتطمت الطائرة الثانية بالبرج الجنوبي.‏ ولكن لم نعرف ايضا ماذا حدث.‏ فجأة،‏ سمعت عبر جهاز اللاسلكي الذي تحمله المعلمة صوتا يقول:‏ ‹طائرتان ارتطمتا بالبرجين التوأمين!‏›.‏ فقلت في نفسي:‏ ‹من غير المنطقي ان نبقى هنا.‏ فهذا بالتأكيد عمل ارهابي،‏ ولا شك ان البورصة ستكون الهدف التالي›.‏ وهكذا تركنا المدرسة.‏

      ‏«في الطريق الى باتِري پارك التفتُّ لأرى ما يحدث،‏ فتبيّن لي ان البرج الجنوبي سينهار.‏ فخشيتُ ان يؤدي انهيار المبنى الى انهيار جميع المباني العالية ايضا.‏ كنت اتنفس بصعوبة بسبب الرماد والغبار اللذين سدَّا انفي وحلقي.‏ فأسرعت الى إيست ريڤر وأنا اقول في نفسي:‏ ‹اذا اضطررت الى السباحة،‏ فسأسبح›.‏ وفيما انا اهرب صليت الى يهوه كي ينقذني.‏

      ‏«اخيرا،‏ وُضعت في عبّارة متجهة الى نيو جيرزي.‏ ولزم امي اكثر من خمس ساعات كي تجدني،‏ لكني على الاقل كنت في امان!‏».‏

      ‏«هل هذا آخر يوم في حياتي؟‏»‏

      كان جوشوا (‏٢٨ سنة)‏،‏ من پرنستون في نيو جيرزي،‏ يعلّم صفًّا في الطابق الاربعين من البرج الشمالي.‏ يتذكر ما حدث قائلا:‏ «شعرتُ فجأة كما لو ان قنبلة انفجرت.‏ وحدثت ارتجاجات في المكان،‏ فقلت في نفسي:‏ ‹لا،‏ لا،‏ انها هزّة ارضية›.‏ نظرتُ الى الخارج،‏ ولم اصدّق ما تراه عيناي.‏ فقد كان الدخان يحاوط المبنى والحطام يتطاير في كل مكان.‏ فقلت للصف:‏ ‹اتركوا كل شيء هنا،‏ ولنغادر المكان!‏›.‏

      ‏«كانت الادراج التي نزلناها مليئة بالدخان.‏ كما كانت المياه تخرج من مرشّات الحرائق.‏ ولكن لم تكن هنالك حالة ذعر.‏ بقيت اصلي ان نكون قد اخترنا ادراجا لا تؤدي بنا مباشرة الى حيث النيران مشتعلة.‏

      ‏«فيما كنت انزل الادراج،‏ قلت في نفسي:‏ ‹هل هذا آخر يوم في حياتي؟‏›.‏ واستمررت اصلي الى يهوه،‏ فانتابني شعور سلام غريب.‏ لم يسبق لي قط ان شعرت بهذا النوع من السلام الداخلي.‏ ولن انسى تلك اللحظة ابدا.‏

      ‏«عندما خرجنا اخيرا من المبنى،‏ كان رجال الشرطة يأمرون الجميع بالابتعاد.‏ فنظرت الى البرجين ولم اصدّق ما ارى:‏ فكأن شيئا ما اخترق البنائين كليهما!‏

      ‏«بعد ذلك ساد سكون غريب كما لو ان آلاف الاشخاص حبسوا انفاسهم،‏ وكأن نيويورك كلها توقفت عن الحركة.‏ فجأة علا الصراخ.‏ لقد انهار البرج الجنوبي!‏ واندفعت نحونا عاصفة كبيرة من الدخان والرماد والغبار.‏ كان ذلك اشبه بالمؤثرات الخاصة في فيلم سينمائي،‏ إلا ان هذا كان حقيقيا.‏ وعندما ابتلعتنا السحابة،‏ ما عدنا نستطيع التنفّس.‏

      ‏«وصلت الى جسر مانهاتن،‏ وهناك التفتُّ ورأيت البرج الشمالي ذا الهوائي التلفزيوني الضخم ينهار هو الآخر.‏ عبرت الجسر وأنا اصلّي ان اتمكن من بلوغ بيت ايل،‏ المركز الرئيسي العالمي لشهود يهوه.‏ لم يسبق لي ان شعرت بالسعادة لرؤية هذا المكان كما في ذلك اليوم.‏ وعلى جدار المصنع كانت تلك اللافتة الكبيرة التي يمكن ان يراها آلاف الاشخاص كل يوم:‏ ‹اقرأوا كلمة اللّٰه الكتاب المقدس يوميا›.‏ وصرت افكر:‏ ‹اكاد اصل.‏ مسافة قليلة بعدُ›.‏

      عندما اتأمل في هذه الاحداث،‏ ادرك كم جعلتني اقدّر اهمية تحديد اولوياتي.‏ فيجب ان تُعطى الاولوية للأشياء الاهم في الحياة».‏

      ‏«رأيت اناسا يقفزون من البرج»‏

      رأت جيسيكا (‏٢٢ سنة)‏ ما حدث وهي خارجة من محطة مترو قريبة من البرجين.‏ «نظرت الى الاعلى ورأيت الرماد والحطام والقطع المعدنية تتساقط.‏ كان الناس ينتظرون دورهم ليستعملوا أكشاك الهاتف،‏ ولكن بسبب التأخير أُصيبوا بهلع شديد.‏ فصلّيتُ الى اللّٰه كي احافظ على هدوئي.‏ ثم حدث انفجار آخر.‏ وكان الفولاذ والزجاج يتساقطان من السماء.‏ فسمعت اناسا يصرخون:‏ ‹انها طائرة اخرى!‏›.‏

      ‏«نظرتُ الى الاعلى،‏ فإذا بي ارى منظرا مريعا:‏ كان اناس يقفزون من الطوابق العليا حيث كانت تتشكل كتلة ضخمة من الدخان واللهب.‏ ولا يغيب عن بالي منظر ذلك الرجل وتلك المرأة اللذين بقيا متمسكَين بإحدى النوافذ بعض الوقت.‏ ولكنهما اضطرا في النهاية ان يفلتا ايديهما،‏ فسقطا كل المسافة الى اسفل.‏ كان المنظر رهيبا!‏

      ‏«اخيرا وصلتُ الى جسر بروكلين،‏ وهناك خلعتُ حذائي غير المريح وركضت الى بروكلين عند الجانب الآخر من النهر.‏ ثم دخلت مبنى مكاتب برج المراقبة،‏ وهناك تلقيت المساعدة على الفور كي تهدأ اعصابي.‏

      ‏«حين عدت الى منزلي في تلك الليلة،‏ قرأت في مجلة استيقظ!‏ عدد ٢٢ آب (‏اغسطس)‏ ٢٠٠١ سلسلة المقالات بعنوان:‏ ‹مواجهة اجهاد ما بعد الصدمة›.‏ كم كنت بحاجة الى تلك المعلومات!‏».‏

      لقد دفع هول الكارثة الناس الى تقديم المساعدة بأية طريقة ممكنة.‏ وستتناول المقالة التالية هذا الجانب من القصة.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a قابلت استيقظ!‏ ناجين كثيرين بحيث لا يمكن شملهم بهذه المناقشة المختصرة.‏ وبتعاونهم ساعدوا على اكمال وتأكيد صحة هذه الروايات.‏

      ‏[الرسم/‏الصور في الصفحتين ٨ و ٩]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      دُمِّرت

      ١ البرج الشمالي مركز التجارة العالمي مبنى ١

      ٢ البرج الجنوبي مركز التجارة العالمي مبنى ٢

      ٣ فندق ماريوت مركز التجارة العالمي مبنى ٣

      ٧ مركز التجاري العالمي مبنى ٧

      تعرَّضت لأضرار بالغة

      ٤ مركز التجارة العالمي مبنى ٤

      ٥ مركز التجارة العالمي مبنى ٥

      L مبنى ليبرتي پلازا

      D البنك الالماني ١٣٠ ليبرتي ستريت

      ٦ مركز الجمارك الاميركي مركز التجارة العالمي مبنى ٦

      S N جسرا المشاة الشمالي والجنوبي

      تضرَّرت جزئيا

      2F المركز المالي العالمي مبنى ٢

      3F المركز المالي العالمي مبنى ٣

      W الحديقة الشتوية

      ‏[مصدر الصورة]‏

      As of October 4,‎ 2001 3D Map of Lower Manhattan by Urban Data Solutions,‎ Inc.‎

      ‏[الصور]‏

      في الاعلى:‏ انهار البرج الجنوبي اولا

      فوق:‏ هرع البعض الى مباني برج المراقبة للاحتماء هناك

      الى اليمين:‏ مئات الاطفائيين وفرق الانقاذ عملوا دون توقف في موقع الكارثة

      ‏[مصدر الصورة]‏

      AP Photo/Jerry Torrens

      Andrea Booher/FEMA News Photo

      ‏[مصدر الصورة في الصفحة ٣]‏

      AP Photo/Marty Lederhandler

      ‏[مصدر الصورة في الصفحة ٤]‏

      AP Photo/Suzanne Plunkett

  • مناطق عديدة تمنح الدعم والتعاطف
    استيقظ!‏ ٢٠٠٢ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٨
    • مناطق عديدة تمنح الدعم والتعاطف

      حضر المتطوعون من شتى انحاء الولايات المتحدة ومن بلدان اخرى ايضا.‏ وكان احدهم توم (‏في الصورة اعلاه)‏،‏ شاب في الـ‍ ٢٩ من عمره يعمل اطفائيا في أوتاوا بكندا.‏ روى توم لمجلة استيقظ!‏:‏ «بعد مشاهدة ما جرى على التلفزيون،‏ أردت ان امنح الدعم المعنوي لزملائي الاطفائيين في نيويورك.‏ فقصدتُ هذه المدينة يوم الجمعة،‏ وفي اليوم التالي ذهبت الى موقع الكارثة لتقديم المساعدة.‏ وهناك وُضعت ضمن مجموعة كانت وظيفتها ان تزيل الركام دلوًا تلو الآخر.‏

      ‏«اخذنا نبحث ببطء بين الركام —‏ رافعين ملء رفش واحد كل مرة —‏ لعلنا نجد اشياء قد تدلنا الى هوية الاطفائيين الذين ماتوا.‏ فوجدتُ اداة يستعملها الاطفائيون لخلع الابواب المقفلة،‏ كما وجدتُ قطع وصل معدنية لخرطوم مياه.‏ كان العمل مضنيا.‏ فرغم وجود ٥٠ متطوعا تقريبا،‏ استغرق ملء شاحنة واحدة لنقل الردم ساعتين من الوقت.‏

      ‏«يوم الاثنين ١٧ ايلول (‏سبتمبر)‏،‏ سحبنا جثث بعض الاطفائيين الذين هرعوا الى البناء يوم الثلاثاء الماضي.‏ لن انسى ذلك المشهد ابدا،‏ فقد توقف جميع عمال الانقاذ عن العمل،‏ وخلعوا خوذهم،‏ ووقفوا —‏ احتراما لزملائنا الذين ماتوا.‏

      ‏«فيما كنتُ واقفا اتأمل هذا المنظر،‏ هالَني كم الحياة هشة في ايامنا.‏ وجعلني ذلك افكر في حياتي وعملي وعائلتي.‏ ان عملي،‏ بصرف النظر عن الاخطار الناجمة عنه،‏ يمنحني الكثير من الاكتفاء اذ يمكّنني من مساعدة الناس وإنقاذ حياتهم ايضا».‏

      الشهود يقدمون مساعدة عملية

      في اليومين الاولين للكارثة،‏ لجأ نحو ٧٠ شخصا الى المركز الرئيسي العالمي لشهود يهوه.‏ كان البعض قد فقدوا امتعتهم في غرف الفنادق التي تضررت،‏ فتأمَّن لهم مكان يمكثون فيه وأُعطوا ملابس بديلة.‏ كما قُدِّم لهم الطعام.‏ والاهم من ذلك ربما هو ان شيوخا مسيحيين متمرسين منحوهم الدعم العاطفي.‏

      كما ارسل شهود يهوه معدات الطوارئ ومؤنًا لعمال البحث والانقاذ الذين كانوا يعملون في موقع الكارثة.‏ كما منح الاخوة دائرة الاطفاء وسائلَ نقل تُستعمل في اخذ الاطفائيين الى موقع الكارثة.‏ وقد اشترك ريكاردو (‏٣٩ سنة،‏ في اعلى اليسار)‏،‏ شاهد يعمل في رفع النفايات،‏ مع مئات آخرين في ازالة اطنان من الانقاض كل يوم.‏ يروي ريكاردو لمجلة استيقظ!‏:‏ «كانت المناظر مؤلمة للغاية،‏ وخصوصا للاطفائيين الذين كانوا يبحثون عن زملائهم المفقودين.‏ فقد رأيتهم يسحبون اطفائيا لا يزال على قيد الحياة.‏ ثم سحبوا اطفائيا آخر ولكنهم وجدوه ميتا بسبب وقوع جثة عليه.‏ كثيرون من الاطفائيين كانوا يبكون،‏ فلم استطع تمالك نفسي وصرت ابكي.‏ في ذلك اليوم،‏ لم يعرب احد عن الشجاعة كما اعرب عنها هؤلاء».‏

      ‏«الوقت والعرَض»‏

      مات آلاف الاشخاص في هذه الكارثة،‏ ومن بينهم ١٤ شاهدا ليهوه على الاقل اتفق ان كانوا في موقع الكارثة او قربه.‏ كان لدى جويس كامنڠز (‏٦٥ سنة)‏ الترينيدادية الاصل موعد مع طبيب اسنان قرب مركز التجارة العالمي.‏ والمؤسف ان الموعد كان وقت الكارثة تقريبا.‏ وكما يَظهر لم تستطع تحمُّل الدخان الناجم عن الحادثة،‏ لذلك أُخذت بسرعة الى مستشفى قريب.‏ لكنهم لم يتمكنوا من انقاذها.‏ هذه حالة واحدة من حالات كثيرة لأشخاص عانوا ما يمكن ان ينتج من «الوقت والعرَض».‏ (‏جامعة ٩:‏١١‏)‏ لقد كانت جويس معروفة بأنها مبشِّرة غيورة جدا.‏

      كان كالڤن دوسون (‏انظروا الاطار)‏ شاهدا يعمل في شركة سمسرة في الطابق الـ‍ ٨٤ للبرج الجنوبي.‏ ومن مكتبه كان بإمكانه ان يرى البرج الشمالي فور ارتطام الطائرة به.‏ فاتصل به رب عمله،‏ الذي لم يكن في مكتبه آنذاك،‏ مستفسرا عما حدث.‏ يقول:‏ «كان كالڤن يحاول اخباري بما رآه.‏ وقد قال لي:‏ ‹ارى اناسا يقفزون من البرج!‏›.‏ فطلبتُ منه ان يَخرج من المكتب ويُخرج الآخرين معه».‏ لكنَّ كالڤن لم ينجُ.‏ ويمضي رب العمل قائلا:‏ «كان كالڤن رجلا رائعا ومحبوبا من الجميع،‏ حتى الاشخاص غير المتديِّنين بيننا.‏ فكنا معجبين بتقواه وإنسانيته».‏

      كان جيمس أماتو (‏في اسفل اليسار من الصفحة المقابلة)‏ ضحية اخرى للكارثة،‏ وهو اب لأربعة اولاد ونقيب في دائرة الاطفاء في نيويورك.‏ والذين عرفوه قالوا عنه انه شخص شجاع جدا حتى «انه كان يدخل بناية تحترق فيما الناس يهربون منها».‏ وقد رُقِّي جيمس غيابيا الى رتبة رئيس فصيلة إطفاء.‏

      وشخص آخر خسر حياته هو جورج ديپاسْكوالي،‏ شاهد وإطفائي بسبع سنين من الخبرة.‏ وهو متزوج بمليسّا وله ابنة تُدعى جورجيا روز في الثانية من عمرها.‏ لقد خدم جورج كشيخ في جماعة جزيرة ستاتن لشهود يهوه.‏ وكان في الطابق العاشر من البرج الجنوبي عندما انهار.‏ لقد دفع هو ايضا حياته ثمن محاولته انقاذ الغير.‏

      هذان الشخصان الاخيران هما اثنان فقط من مئات الاطفائيين ورجال الشرطة وعمال الطوارئ الذين ماتوا وهم يحاولون بشجاعة انقاذ الناس.‏ ولا توجد كلمات تعبِّر كفاية عن شجاعة رجال الانقاذ هؤلاء.‏ وقد ذكر رودولف جولياني،‏ عمدة مدينة نيويورك،‏ في وقت لاحق امام مجموعة من الاطفائيين الذين جرت ترقيتهم:‏ «ان استعدادكم للمضي قُدُما بكل بسالة في اصعب الظروف هو مصدر إلهام لنا جميعا.‏ .‏ .‏ .‏ ولا يوجد .‏ .‏ .‏ مثال للشجاعة افضل من مثال دائرة الاطفاء في مدينة نيويورك».‏

      تقديم شهادة معزِّية

      خلال الايام التي تلت المأساة،‏ صمم نحو ٠٠٠‏,٩٠٠ شاهد ليهوه في كل انحاء الولايات المتحدة ان يقدّموا التعزية للمحزونين.‏ فقد دفعتهم محبة القريب الى تقديم التعزية للمتفجعين.‏ (‏متى ٢٢:‏٣٩‏)‏ وفي خدمتهم حاولوا ايضا ان يشيروا الى الرجاء الوحيد للبشرية المعذَّبة.‏ —‏ ٢ بطرس ٣:‏١٣‏.‏

      أظهر الشهود التعاطف عند تكلمهم مع الناس.‏ فقد ارادوا ان يقدموا التعزية من الكتاب المقدس وأن يقتدوا بالمثال المنعش للمسيح،‏ الذي قال:‏ «تعالوا الي يا جميع المتعبين والمثقلين،‏ وأنا انعشكم.‏ احملوا نيري عليكم وتعلموا مني،‏ لأني وديع ومتضع القلب،‏ فتجدوا انتعاشا لنفوسكم.‏ لأن نيري لطيف وحملي خفيف».‏ —‏ متى ١١:‏٢٨-‏٣٠‏.‏

      سُمح لمجموعات من الشيوخ من جماعات مانهاتن المحلية لشهود يهوه ان يدخلوا موقع الكارثة ليحدّثوا ويعزّوا عمال الانقاذ هناك.‏ وكان التجاوب مؤاتيا جدا.‏ ذكر هؤلاء الشيوخ:‏ «اغرورقت عيون الرجال بالدموع عندما قرأنا عليهم الآيات».‏ كان عمال الانقاذ يرتاحون قليلا في مركب عند احد احواض السفن.‏ «لقد بدا هؤلاء الرجال يائسين جدا،‏ مطأطِئين رؤوسهم،‏ وغير قادرين على استيعاب وتقبُّل ما يرونه.‏ فجلسنا معهم وقرأنا عليهم آيات من الكتاب المقدس.‏ شكرَنا الرجال كثيرا على قدومنا،‏ قائلين انهم كانوا بحاجة فعلا الى تلك التعزية».‏

      غالبا ما اراد الناس الذين جرت زيارتهم بعد الكارثة ان يقرأوا شيئا،‏ فوُزّعت عليهم آلاف الكراسات مثل:‏ عندما يموت شخص تحبونه،‏ هل سيكون هنالك يوما ما عالم بلا حرب؟‏ (‏بالانكليزية)‏،‏ و هل يهتم اللّٰه بنا حقا؟‏.‏ كما تركَّز الانتباه على سلسلة المقالات الافتتاحية في عددين من استيقظ!‏ هما:‏ «الارهاب في حلّته الجديدة» (‏٢٢ ايار [مايو] ٢٠٠١)‏ و «مواجهة اجهاد ما بعد الصدمة» (‏٢٢ آب [اغسطس] ٢٠٠١)‏.‏ وكان الشهود في حالات كثيرة يوضحون رجاء القيامة المذكور في الكتاب المقدس.‏ (‏يوحنا ٥:‏٢٨،‏ ٢٩؛‏ اعمال ٢٤:‏١٥‏)‏ وربما وصلت هذه الرسالة المعزية الى ملايين الناس.‏

      مأساة يجب ان تدفعنا الى التفكير

      يجب ان تدفعنا المآ‌سي كالتي حصلت في مدينة نيويورك الى التفكير في ما نفعله بحياتنا.‏ فهل نكرّس حياتنا للمساعي الانانية فقط ام نحاول زيادة سعادة الآخرين؟‏ سأل النبي ميخا:‏ «ماذا يطلبه منك الرب إلا ان تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعا مع الهك».‏ (‏ميخا ٦:‏٨‏)‏ فينبغي ان يدفعنا التواضع الى البحث في كلمة اللّٰه عن الرجاء الحقيقي للموتى ومعرفة ما سيفعله اللّٰه قريبا لإعادة الاحوال الفردوسية الى هذه الارض.‏ وإذا اردتم ان تعرفوا المزيد عن وعود الكتاب المقدس،‏ نحثّكم ان تتصلوا بشهود يهوه في منطقتكم.‏ —‏ اشعياء ٦٥:‏١٧،‏ ٢١-‏٢٥؛‏ كشف ٢١:‏١-‏٤‏.‏

      ‏[الاطار/‏الصورتان في الصفحة ١١]‏

      صلاة تاتيانا

      اخبرت لينا،‏ ارملة كالڤن دوسون،‏ مجلة استيقظ!‏ عن الصلاة التي قدَّمتها ابنتها البالغة من العمر سبع سنوات بعد ايام قليلة من معرفتها ان اباها لن يعود الى البيت.‏ فبعدما صلّت لينا،‏ سألتها تاتيانا:‏ «ماما،‏ يمكنني ان اصلّي؟‏».‏ فوافقت الامّ.‏ عندئذ صلّت تاتيانا قائلة:‏ «أبانا السماوي يهوه،‏ نشكرك على هذا الطعام ولأننا ما زلنا على قيد الحياة.‏ ونطلب منك ان يكون روحك معي ومع الماما لنكون قويتين،‏ ومع البابا ايضا ليكون قويا حين يعود.‏ وأصلي ان يكون البابا لطيفا وقويا وسعيدا وبصحة جيدة حين يعود،‏ وأن نراه من جديد.‏ باسم يسوع .‏ .‏ .‏ آه نسيت!‏ لا تنسَ ان تجعل الماما قوية.‏ آمين».‏

      لم تكن لينا متيقنة ان تاتيانا فهمت ما شرحته لها عن ابيها،‏ فقالت:‏ «تاتيانا،‏ هذه صلاة جميلة.‏ ولكن يا حبيبتي،‏ ألا تعلمين ان البابا لن يعود؟‏».‏ عندئذ ظهرت علامات الدهشة والمفاجأة على وجه تاتيانا.‏ وقالت:‏ «لن يعود؟‏!‏».‏ فأجابت الامّ:‏ «لا.‏ لقد اخبرتك بذلك.‏ وظننتُ انك فهمتِ ان البابا لن يعود».‏ فقالت تاتيانا:‏ «لكنك تقولين لي دائما انه سيعود في العالم الجديد!‏».‏ عندئذ فهمت لينا ما كانت ابنتها تقصد،‏ فقالت:‏ «انا آسفة يا تاتيانا.‏ لم افهم قصدك.‏ اعتقدتُ انك تتحدثين عن عودة البابا غدا».‏ وعلّقت لينا على ذلك قائلة:‏ «شعرتُ بالارتياح عندما ادركتُ ان العالم الجديد حقيقي في نظرها الى هذا الحد».‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة