مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • اوروپا الموحَّدة —‏ ما اهميتها؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٠ | نيسان (‏ابريل)‏ ٢٢
    • اوروپا الموحَّدة —‏ ما اهميتها؟‏

      فُتحت قناني الشمپانيا وتطايرت السدادات في الهواء وأضاءت الالعاب النارية السموات.‏ فماذا كانت المناسبة؟‏ ألفية جديدة؟‏ كلا.‏ فقد كان هذا الحدث على الارجح اهم من مجرد تغيير في الارقام في صفحات الروزنامات العالمية.‏ حصل ذلك في ١ كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٩٩،‏ اليوم الذي أُطلقت فيه رسميا العملة الواحدة الجديدة للاتحاد الاوروپي —‏ الأورو.‏

      وبالنسبة الى الكثير من الاوروپيين،‏ يُعتبر ادخال عملة مشتركة خطوة تاريخية في سعي اوروپا الطويل نحو الوحدة.‏ وقد رحَّبت الصحيفة الهولندية دي تلخراف بإطلاق الأورو معتبرة ذلك «ذروة الوحدة الاوروپية».‏ وبالفعل،‏ بعد عقود من الاحلام،‏ الدبلوماسية،‏ والتأجيل،‏ يبدو تحقيق الوحدة الاوروپية وشيكا اكثر من اي وقت مضى.‏

      من المسلَّم به ان الناس خارج اوروپا قد يتساءلون عن سبب كل هذه الجلبة.‏ فقد يبدو لهم ان وصول الأورو والمساعي المبذولة لتوحيد اوروپا امران لا تأثير لهما على حياتهم اليومية.‏ لكنَّ توحيد اوروپا سيؤدي الى تأسيس احدى اكبر الكتل الاقتصادية في العالم.‏ لذلك سيكون من الصعب تجاهل اوروپا الموحَّدة —‏ حيثما كنا نعيش.‏

      مثلا،‏ اخبر مساعد وزير الخارجية الاميركي مارك ڠروسمان مؤخرا مستمعيه في اميركا الشمالية:‏ «ان ازدهارنا متعلق بأوروپا».‏ لماذا؟‏ احد الاسباب التي اشار اليها هو ان «واحدا من كل ١٢ عاملا في مصانع الولايات المتحدة يشغل وظيفة في احدى المؤسسات التجارية الـ‍ ٠٠٠‏,٤ التي تملكها اوروپا في الولايات المتحدة الاميركية».‏ ويُخبَر ايضا ان العملة الاوروپية الجديدة قد تؤثر في سعر السلع المستوردة —‏ حتى في نسبة الفائدة على القروض —‏ في البلدان البعيدة عن اوروپا.‏

      ويمكن ان تستفيد البلدان النامية.‏ كيف؟‏ تذكر احدى الدراسات:‏ «ان استبدال مختلف العملات الاوروپية بالأورو سيسهِّل العلاقات التجارية بين البلدان النامية والاتحاد الاوروپي».‏ بالاضافة الى ذلك،‏ يتوقع البعض ان تستفيد الشركات اليابانية والاميركية العاملة في اوروپا.‏ فبوجود الأورو لن يكون هنالك تقلُّب في اسعار الصرف بين البلدان الاوروپية.‏ وسيكون تعاطي الأعمال في اوروپا اقتصاديا اكثر.‏

      إذا كنتم تخططون للسفر في اوروپا،‏ فربما تلمسون انتم ايضا فوائد الوحدة الاوروپية.‏ فسرعان ما ستتمكنون من شراء البضائع ونيل الخدمات في بلدان اوروپية مختلفة باستعمال عملة واحدة،‏ الأورو،‏ الذي تعادل قيمته تقريبا قيمة الدولار الاميركي.‏ وستولِّي ايام السيَّاح الذين يتخبطون في حيرتهم عند استعمالهم الفلوران،‏ الفرنك،‏ اللير،‏ المارك الالماني،‏ وآلات الجيب الحاسبة.‏

      لكنَّ تحرُّك اوروپا لتصبح قارة موحَّدة يمنح امرا اجمل ايضا:‏ الامل.‏ فمجرد التفكير ان اوروپا كانت منذ عقود قليلة غارقة في الحرب يجعل من توحيدها ظاهرة مذهلة.‏ ويستأثر ذلك بانتباه الناس في كل انحاء العالم.‏

      ان كثيرين لا يسعهم إلّا ان يتساءلوا تُرى هل اصبحت وحدة العالم امرا يمكن ان يتحقق فعلا.‏ انها لأُمنية منشودة حقا!‏ فهل تجلب الخطوات التي تخطوها اوروپا نحو الوحدة عالما موحَّدا عما قريب؟‏ قبل معالجة هذا السؤال،‏ لا بد لنا ان نلقي نظرة صادقة على عملية التوحيد الاوروپية.‏ فما هي العقبات التي تلزم ازالتها بعدُ لتحقيق هذه الوحدة؟‏

      ‏[الاطار/‏الجدول في الصفحة ٤]‏

      الوحدة قيد الاعداد؟‏

      ان فكرة الوحدة الاوروپية ليست جديدة كليا.‏ فقد ساد نوع من الوحدة ايام الامبراطورية الرومانية،‏ ثم في ظل حكم شارلمان،‏ ولاحقا اثناء حكم ناپوليون الاول.‏ آنذاك كانت الوحدة توطَّد بالقوة والفتوحات.‏ لكن بعد الحرب العالمية الثانية،‏ شعر عدد من البلدان التي اكتسحتها الحرب بالحاجة الى الوحدة المبنية على التعاون.‏ وقد املت هذه البلدان ان يؤدي مثل هذا التعاون ليس فقط الى استعادة ازدهارهم الاقتصادي،‏ بل الى الغاء الحرب ايضا.‏ وما يلي بعض الخطوات التاريخية التي ادت الى الوضع الحالي:‏

      ‏• ١٩٤٨ اجتمع مئات القادة السياسيين الاوروپيين في مدينة لاهاي،‏ هولندا،‏ وأقسموا:‏ «لن نتحارب ثانية».‏

      ‏• ١٩٥٠ بدأت فرنسا وألمانيا بالتعاون في سبيل حماية صناعة الفحم والفولاذ لديهما.‏ وانضمت اليهما بلدان اخرى،‏ مما ادّى الى تأسيس المجموعة الاوروپية للفحم والصُّلب.‏ وبدأت هذه المجموعة بالعمل سنة ١٩٥٢ وضمَّت المانيا الغربية،‏ ايطاليا،‏ بلجيكا،‏ فرنسا،‏ لوكسمبورڠ،‏ وهولندا.‏

      ‏• ١٩٥٧ شكَّلت الدول الاعضاء الست في المجموعة الاوروپية للفحم والصُّلب منظمتين اخريين:‏ المجموعة الاقتصادية الاوروپية والمجموعة الاوروپية للطاقة الذرية (‏يوراتوم)‏.‏

      ‏• ١٩٦٧ اندمجت المجموعة الاقتصادية الاوروپية والمجموعة الاوروپية للفحم والصُّلب والمجموعة الاوروپية للطاقة الذرية لتؤلف معا المجموعة الاوروپية.‏

      ‏• ١٩٧٣ منحت المجموعة الاوروپية حق الانتساب لإيرلندا،‏ الدانمارك،‏ والمملكة المتحدة.‏

      ‏• ١٩٨١ انضمت اليونان الى المجموعة الاوروپية.‏

      ‏• ١٩٨٦ انضمت اسپانيا والپرتغال الى المجموعة الاوروپية.‏

      ‏• ١٩٩٠ اتَّسعت المجموعة الاوروپية عندما اتَّحدت المانيا الغربية والشرقية،‏ فانضم اليها ما كان سابقا المانيا الشرقية.‏

      ‏• ١٩٩٣ ادَّت المساعي المبذولة لانشاء وحدة اقتصادية وسياسية اقوى بين اعضاء المجموعة الاوروپية الى تأسيس الاتحاد الاوروپي.‏

      ‏• ٢٠٠٠ يضم الاتحاد الاوروپي الآن ١٥ من الدول الاعضاء:‏ اسپانيا،‏ المانيا،‏ ايرلندا،‏ ايطاليا،‏ الپرتغال،‏ بلجيكا،‏ الدانمارك،‏ السويد،‏ فرنسا،‏ فنلندا،‏ لوكسمبورڠ،‏ المملكة المتحدة،‏ النمسا،‏ هولندا،‏ واليونان.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣]‏

      سيحلّ الأورو محل عملات اوروپية كثيرة

      ‏[مصدر الصورة في الصفحة ٣]‏

      Euros and euro symbols on pages 3,‎ 5-6,‎ and 8: © European Monetary Institute

  • هل تتَّحد اوروپا حقا؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٠ | نيسان (‏ابريل)‏ ٢٢
    • هل تتَّحد اوروپا حقا؟‏

      اذا كان من الصعب عليكم ان تصدقوا ان اوروپا جادة في سعيها نحو الوحدة،‏ فما عليكم سوى عبور بعض الحدود الداخلية فيها.‏ فالناس يتحركون الآن بحرية داخل الاتحاد الاوروپي.‏ وولَّت تقريبا ايام الانتظار على الحدود.‏ لا شك ان المسافرين فرحون بذلك —‏ لكنهم ليسوا المستفيدين الوحيدين.‏ فالمواطنون في بلدان الاتحاد الاوروپي اليوم يسهل عليهم الدرس،‏ العمل،‏ وتأسيس مؤسسات تجارية في كل اقطار الاتحاد الاوروپي.‏ ويؤدي ذلك بدوره الى تقدم اقتصادي في المناطق الافقر في الاتحاد.‏

      لا شك ان سهولة عبور الحدود هي تغيير كبير.‏ لكن هل ينبغي ان نستنتج ان توحيد اوروپا قد تم ولا يواجه العقبات؟‏ على العكس.‏ فالعقبات تلوح في الافق وبعضها مريع جدا.‏ لكن قبل ان نناقش هذه العقبات،‏ لنلق نظرة على احد اكبر الانجازات التي تحققت حتى الآن في المضي قدما نحو الوحدة.‏ وبهذه الطريقة قد نفهم بشكل افضل لماذا يعلِّل الناس انفسهم بأمل الوحدة الى هذا الحد.‏

      خطوات نحو توحيد العملة

      يمكن ان يكون الإبقاء على الحدود امرا مكلفا.‏ فالمعاملات الجمركية بين دول الاتحاد الاوروپي الـ‍ ١٥ كانت تكلف هذه البلدان حوالي ١٢ بليون أورو في السنة.‏ فلا عجب ان يحث الوضع الجديد على الحدود في اوروپا على النمو الاقتصادي.‏ فعندما تفكرون في سكان الاتحاد الاوروپي الـ‍ ٣٧٠ مليونا الذين يتحركون بحرية بين بلد وآخر ضمن سوق مشتركة واحدة،‏ يكون واضحا ان الامكانية الاقتصادية هائلة.‏ فما الذي جعل مثل هذا التقدم ممكنا؟‏

      في شباط (‏فبراير)‏ ١٩٩٢،‏ خطا زعماء الحكومات خطوة كبيرة نحو الوحدة بتوقيع معاهدة ماسترخت.‏ ومهدت هذه المعاهدة السبيل لتأسيس سوق موحدة في اوروپا،‏ بنك مركزي،‏ وعملة واحدة.‏ لكن لزم اتخاذ خطوة مهمة اخرى:‏ ازالة تقلبات اسعار الصرف.‏ فلا يغب عن بالنا ان اسعار صرف العملة غدًا يمكن ان تلقي ضوءا جديدا كليا على الصفقة التجارية المعقودة اليوم.‏

      أُزيل هذا العائق في وجه الوحدة بتأسيس الاتحاد الاقتصادي والنقدي وبإدخال الأورو كعملة مشتركة.‏ فتكاليف الصرف لم تعد موجودة الآن،‏ ولن تضطر المؤسسات التجارية ان تحمي نفسها من مخاطر اسعار الصرف ثانية.‏ وتكون النتيجة تكاليف اقل في الاعمال التجارية وتجارة موسعة اكثر عالميا.‏ وقد يؤدي ذلك بدوره الى وظائف اكثر وقدرة اكبر على انفاق المال —‏ فيستفيد كل فرد.‏

      وسم تأسيس البنك المركزي الاوروپي سنة ١٩٩٨ خطوة مهمة اخرى نحو اعتماد عملة موحدة.‏ وهذا البنك المستقل،‏ الموجود في مدينة فرانكفورت الالمانية،‏ لديه السلطة النقدية على الحكومات المشاركة.‏ وهو يسعى الى الحد من التضخم في ما يدعى «منطقة الأورو» المؤلفة من الدول المشاركة الـ‍ ١١،‏a وإلى الحدّ من تقلبات اسعار الصرف بين الأورو،‏ الدولار،‏ والين.‏

      وهكذا قُطعت اشواط كبيرة في السعي نحو الوحدة في ما يتعلق بالمسائل المالية.‏ لكنَّ المسائل المالية تشير بوضوح ايضا الى الانقسام العميق الذي لا يزال سائدا بين الدول الاوروپية.‏

      مسائل مالية اضافية

      لدى البلدان الافقر في الاتحاد الاوروپي ايضا شكواها.‏ فهي تشعر ان الدول الاعضاء الاغنى لا تشاركها في الثروة بما فيه الكفاية.‏ ولا ينكر احد في الدول الاعضاء انه يلزم تقديم دعم مالي اضافي الى الشركاء الاوروپيين الافقر.‏ لكن رغم ذلك تشعر الدول الاغنى بأن لديها اسبابا شرعية للاحجام عن ذلك.‏

      خذوا على سبيل المثال المانيا.‏ ان حماسة هذا البلد ليمول عملية التوحيد الاوروپي خفت بوضوح الآن عندما ازداد عبؤه المالي.‏ فثمن توحيد المانيا الشرقية والمانيا الغربية وحدهما كان باهظا —‏ حوالي مئة بليون دولار في السنة،‏ اي ما يعادل ربع الميزانية القومية!‏ وتسبِّب هذه التطورات ارتفاع الدَّين القومي الالماني الى حد ان المانيا كان عليها ان تبذل جهودا مضنية لتستوفي شروط الدخول التي وضعها الاتحاد النقدي الاوروپي.‏

      اعضاء جدد يقرعون باب الاتحاد الاوروپي

      في الاجل القريب،‏ يأمل مؤيدو العملة الموحدة ان تتخطى بلدان الاتحاد الاوروپي التي لم تلتحق بعد بالاتحاد النقدي الاوروپي العقبات التي تواجهها قبل سنة ٢٠٠٢،‏ حين يفترض ان يحل الأورو،‏ بقطعه النقدية وأوراقه المالية،‏ محل العملات الاوروپية الحالية.‏ وإذا تراجعت بريطانيا،‏ الدانمارك والسويد عن معارضتها،‏ فالناس في هذه البلدان ايضا سيرون الأورو يحل محل پاونداتهم وكوروناتهم.‏

      في هذه الاثناء،‏ تقرع ستة بلدان اوروپية اخرى باب الاتحاد الاوروپي.‏ وهي أستونيا،‏ پولندا،‏ الجمهورية التشيكية،‏ سلوڤينيا،‏ قبرص،‏ وهنڠاريا.‏ وتنتظر خمسة بلدان اخرى دورها وهي بلغاريا،‏ رومانيا،‏ سلوڤاكيا،‏ لاتڤيا،‏ وليتوانيا.‏ ولن يكون ثمن دخولها رخيصا.‏ فيقدَّر انه بين سنة ٢٠٠٠ وسنة ٢٠٠٦،‏ سيكون على الاتحاد الاوروپي ان يقدِّم ٨٠ بليون أورو لمساعدة القادمين الجدد العشرة من اوروپا الشرقية.‏

      غير ان رؤوس الاموال التي ينبغي ان يجمعها القادمون الجدد لاستيفاء متطلبات الدخول الى الاتحاد الاوروپي هي اضعاف ما سيحصلون عليه من مساعدات الاتحاد الاوروپي.‏ مثلا،‏ ينبغي ان تنفق هنڠاريا ١٢ بليون أورو على تطوير شبكة الطرقات والسكك الحديدة عندها.‏ ويلزم ان تنفق الجمهورية التشيكية اكثر من ٤‏,٣ بلايين أورو على معالجة المياه فقط،‏ وپولندا ٣ بلايين أورو لتخفيض انبعاث الكبريت في الهواء.‏ رغم كل ذلك،‏ تشعر البلدان التي تود الانضمام الى الاتحاد ان الفوائد تفوق التكاليف.‏ فتعاملاتها التجارية مثلا ستزداد مع بلدان الاتحاد الاوروپي.‏ لكنَّها يجب ان تنتظر دورها قليلا.‏ وبحسب الرأي العام الحالي،‏ لا ينبغي قبول اعضاء جدد من الدول إلّا بعد ان يسوّي الاتحاد الاوروپي مسائله المادية.‏

      الاستياء،‏ القومية،‏ والبطالة

      رغم كل الجهود التي بُذلت في سبيل وحدة اكبر،‏ يسود قلق داخل اوروپا وخارجها على السواء في ما يتعلق بالتطورات في القارة.‏ وهنالك ايضا صعوبة كبيرة في كيفية معالجة النزاعات العرقية،‏ مثل تلك الموجودة في منطقة البلقان المنحلة —‏ اولا الحرب في البوسنة ثم النزاع في كوسوڤو.‏ وغالبا ما تتعارض آراء الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروپي بشأن كيفية معالجة مثل هذه النزاعات في اوروپا وغيرها.‏ وبما ان الاتحاد الاوروپي ليس اتحادا بين الولايات ولا يملك سياسة خارجية مشتركة،‏ تسود المصالح القومية في اغلب الاحيان.‏ فمن الواضح ان المصالح القومية هي عقبة كبيرة في وجه انشاء ‹ولايات متحدة اوروپية›.‏

      وتواجه اوروپا ايضا مشكلة ملحة اخرى —‏ البطالة المتفشية.‏ فكمعدل،‏ ١٠ في المئة من القوى العاملة عاطل عن العمل.‏ ويعني ذلك ان اكثر من ١٦ مليون نسمة هم بلا عمل.‏ ففي بلدان كثيرة يبذل الشباب،‏ الذين يشكلون تقريبا ربع سكان الاتحاد الاوروپي،‏ جهودا دؤوبة لإيجاد عمل لكن دون جدوى.‏ فلا عجب ان يشعر كثيرون ان محاربة البطالة الجماعية هي اكبر تحدٍّ لأوروپا!‏ وحتى الآن،‏ لم تسفر الجهود لإصلاح سوق العمل عن نتائج جيدة.‏

      لكن لا يزال هنالك عقبة اكبر في وجه الوحدة.‏

      لمَن السيادة؟‏

      تبقى السيادة اكبر عقبة امام تحقيق الوحدة الاوروپية،‏ اذ ينبغي ان تتفق الدول الاعضاء الى اي مدى ترغب في التخلي عن سيادتها القومية.‏ فالاتحاد الاوروپي يسعى الى تأسيس شكل من الحكم يتخطى السلطة القومية.‏ واذا لم يتحقق ذلك،‏ كما تقول الصحيفة الفرنسية لو موند،‏ فسيكون ادخال الأورو «انتصارا مؤقتا» فقط.‏ لكنَّ بعض الدول الاعضاء تجد فكرة التخلي عن السلطة صعبة القبول.‏ مثلا قال زعيم احدى الدول الاعضاء ان بلده «وُجد ليكون زعيما للدول،‏ لا تابعا لها».‏

      ومن الطبيعي ان تخاف الدول الاعضاء الصغرى من ان تستأثر الدول الكبرى بالحكم على مر الوقت وترفض قبول القرارات التي قد تؤذي مصالحها الخاصة.‏ فتتساءل الدول الصغرى،‏ مثلا،‏ كيف سيُتخذ القرار بشأن اختيار البلدان التي ستستضيف المراكز الرئيسية لمختلف وكالات الاتحاد الاوروپي.‏ وهذا القرار مهم لأن هذه الوكالات تدعم سوق العمل في البلدان المضيفة.‏

      بسبب هذه العقبات المريعة التي تقف في وجه عملية التوحيد —‏ التفاوت الاقتصادي،‏ الحرب،‏ البطالة،‏ والقومية —‏ قد يبدو من السهل الشعور بالخيبة في ما يتعلق بموضوع توحيد اوروپا.‏ لكنَّ الواقع هو ان تقدما رائعا قد أُحرز.‏ ولا نعرف كم سيكون التقدم لاحقا اكبر.‏ فالمشاكل التي تقلق الذين يحاولون توحيد اوروپا هي من حيث الاساس المشاكل نفسها التي تقلق كل الحكومات البشرية.‏

      فهل من الممكن ان تأتي يوما ما حكومة تستطيع ان تحل مشاكل مثل النزاع العرقي،‏ البطالة الجماعية،‏ الفقر،‏ والحرب؟‏ وهل من الواقعي ان نتصوَّر عالما يعيش فيه الناس في وحدة حقيقية؟‏ ستعرض المقالة التالية جوابا قد يذهلكم.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a هذه البلدان هي اسپانيا،‏ المانيا،‏ ايرلندا،‏ ايطاليا،‏ الپرتغال،‏ بلجيكا،‏ فرنسا،‏ فنلندا،‏ لوكسمبورڠ،‏ النمسا،‏ وهولندا.‏ ولأسباب عديدة،‏ لا تشمل هذه الدول حتى الآن بريطانيا،‏ الدانمارك،‏ السويد،‏ واليونان.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦]‏

      اليكم الأورو!‏

      رغم ان القطع النقدية والأوراق المالية (‏البنكنوت)‏ الحالية لأعضاء الاتحاد الاوروپي لن تختفي حتى سنة ٢٠٠٢،‏ فقد بدأت الصفقات غير النقدية تُعقد بالأورو.‏ وهذا الانتقال النقدي هو مشروع ضخم بالنسبة الى المصارف.‏ لكنَّ اسعار الصرف بين العملات القومية للبلدان الاعضاء والأورو هي الآن ثابتة.‏ وصارت البورصات تعطي الاسعار ايضا بالأورو.‏ وتسعِّر محلات ومؤسسات تجارية كثيرة الآن سلعها بالأورو وبالعملة المحلية على السواء.‏

      تستلزم هذه التجارة تعديلات جذرية —‏ وخصوصا لكثيرين من المسنين الذين لن يستطيعوا ان يستعملوا ثانية ما ألفوه من عملة،‏ سواء كان ماركا المانيا،‏ فرنكا،‏ او ليرا.‏ ويلزم ايضا تعديل آلات تسجيل النقد وآلات الصرف التلقائي.‏ ولتسهيل الانتقال بقدر المستطاع،‏ تُنظَّم حملات اعلامية رسمية تطلع الناس على وصول الأورو وكيفية استعماله.‏

      ومهما كانت العقبات الباقية،‏ فالأورو آت.‏ وقد بدأ فعليا سكّ وطبع الأورو.‏ ويا لها من مهمة!‏ حتى في بلد صغير مثل هولندا،‏ حيث يعيش ١٥ مليون نسمة،‏ ستستمر عملية سكّ وطبع العملة مدة ثلاث سنوات متواصلة لانتاج ٨‏,٢ بليون قطعة نقدية و ٣٨٠ مليون ورقة مالية بحلول ١ كانون الثاني (‏يناير)‏ ٢٠٠٢.‏ وإذا وُضعت كل هذه الاوراق المالية الواحدة فوق الاخرى،‏ تشكل كدسة ارتفاعها ٢٠ كيلومترا!‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٧]‏

      ‏«ضربة قاضية لأوروپا»؟‏

      في اوائل سنة ١٩٩٩،‏ تعرضت اللجنة الاوروپية،‏ الهيئة التنفيذية للاتحاد الاوروپي،‏ لنكسة خطيرة.‏ فقد اتُّهمت اللجنة بالاحتيال،‏ الفساد،‏ ومحاباة الاقارب.‏ وتشكلت لجنة للتحقيق في التهم.‏ وبعد تحقيق دام ستة اسابيع،‏ وجدت لجنة التحقيق ان اللجنة الاوروپية ارتكبت فعلا الاحتيال وسوء الادارة.‏ لكنَّ لجنة التحقيق لم تجد براهين تثبت ان اعضاء اللجنة اثروا انفسهم.‏

      بعد ان نُشر تقرير لجنة التحقيق،‏ استقالت اللجنة الاوروپية برمتها في آذار (‏مارس)‏ ١٩٩٩ —‏ خطوة لم يسبق لها مثيل.‏ وسبَّب ذلك ازمة كبيرة للاتحاد الاوروپي دعتها مجلة تايم (‏بالانكليزية)‏:‏ «ضربة قاضية لأوروپا».‏ والوقت وحده كفيل بإخبارنا عن الاثر الذي ستتركه هذه الازمة في عملية التوحيد الاوروپية.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٥]‏

      لقد صار عبور الحدود في اوروپا اسهل بكثير الآن

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      تأسس البنك المركزي الاوروپي في فرانكفورت،‏ المانيا،‏ سنة ١٩٩٨

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة