-
ڤنزويلاالكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ١٩٩٦
-
-
«وأنتما كم ستبقيان؟»
في ٢ حزيران ١٩٤٦، بعد وقت قصير من زيارة الاخ نور، وصل المرسلان الآخران من الفريق المعيَّن في ڤنزويلا. وكانا دونالد باكستر ووولتر وان. وكان الحدث روبِن أَراوْهو حاضرا للقائهما في كاراكاس. وإذ كان يراقبهما بارتياب، وهو لا يزال يفكِّر دون شك في اختبار المرسل السابق، سأل روبِن بلغته الانكليزية الركيكة: «وأنتما كم ستبقيان؟»
كان روبِن قد رتَّب لدرس برج المراقبة، وقد عُقد يوم وصول المرسلَين. فحاول تطبيق الارشادات التي اعطاه اياها الاخ فرانز. وبذل قُصارى جهده، لكنه كان درسا يديره شخص واحد. فكان روبِن يقرأ السؤال. وبعد ذلك كان يجيب. ثم كان يقرأ الفقرة. وتذكَّر ان الدرس لا يجب ان يتجاوز الساعة، فتوقف بطاعة في الوقت المحدَّد مع انه كان قد غطَّى ١٧ فقرة فقط، اي لم يغطِّ الدرس بكامله! وكانت الخبرة ستأتي مع الوقت والصبر.
واليوم، اذ يفكِّر روبِن أَراوْهو في رحيل المرسل الاول المفاجئ، يضيف: «بُعيد ذلك، ملأ المتخرِّجان الجديدان من جلعاد الفراغ الذي تركه. وكم شعرنا بالفرح بسبب هذه الهبة من هيئة يهوه في شكل هذين المرسلَين لمساعدتنا في مكدونية الڤنزويلية!» (قارنوا اعمال ١٦:٩، ١٠.) سابقا، كان الاخ نور قد قال للاخ باكستر: «ابقَ في هذا التعيين، حتى ولو عنى لك الموت!» لكنه لم يعنِ له الموت، ولا يزال الاخ باكستر يخدم في ڤنزويلا بعد نحو ٥٠ سنة.
التكيُّف وفق محيط جديد
ان بيت المرسلين الاول في كاراكاس كان في ٣٢ شارع بوكارِس، في حيّ يُدعى إِل سِمِنْتِرْيو. وهنا ايضا فُتح مكتب الفرع في ١ ايلول ١٩٤٦، وكان دونالد باكستر خادما للفرع. وكانت الاحوال المعيشية بعيدة عن ان تكون مثالية. فكانت الطريق غير مرصوفة، ولم تكن هنالك مياه جارية. ولا شك ان المرسلَين ارتاحا حقا سنة ١٩٤٩ عندما نُقل الفرع وبيت المرسلين من إِل سِمِنْتِرْيو (المدفن) الى إِل پارايِيسو (الفردوس)، موقع فيه مياه جارية.
يتذكَّر الاخ باكستر مشاكل المرسلَين المؤلمة في ما يتعلق باللغة ومشاعر تثبطهما. فكانا تواقَين الى استخدام ما تدرَّبا عليه في جلعاد للمساعدة، ولكن عندما وصلا كانا عاجزَين عن التحدث. لكنَّ هذه العقبة الوقتية عوَّضت عنها وأكثر النتائجُ الايجابية في الحقل. وفي ما يتعلق بأول شهادة في الشوارع قاما بها، يتذكَّر الاخ باكستر: «قرَّرنا ان نذهب الى المنطقة في وسط البلدة المعروفة بـ إِل سيلَنْسيو ونرى ما سيحدث. فوقف زميلي، وولتر وان، في زاوية الشارع الاولى وأنا في الاخرى. وكان الناس فضوليين جدا؛ فلم يروا شيئا كهذا من قبل. وقلَّما اضطررنا الى قول ايّ شيء. فالناس في الواقع اصطفوا للحصول على المجلات، ووزَّعنا كل مجلاتنا خلال ١٠ الى ١٥ دقيقة. كم كان ذلك مختلفا عما اعتدناه في الولايات المتحدة!» وقال وولتر وان: «عندما عددتُ ما وزَّعته، وجدت لدهشتي انه خلال اربعة ايام زاخرة بالاحداث من التسبيح ليهوه في الشوارع والاسواق كما فعل يسوع والرسل، وزَّعت ١٧٨ كتابا وكتابا مقدسا.»
ان اول تقرير ارسله الفرع الى المكتب الرئيسي في بروكلين، نيويورك، أَظهر ما مجموعه ١٩ ناشرا، بمَن فيهم المرسلان وأَربعة فاتحين قانونيين. وكان هؤلاء الفاتحون إدواردو بلاكوود، روبِن أَراوْهو، إِفْرايين مِيَر إِي تِران، وهِراردو هِسورون. وكان إدواردو بلاكوود قد ابتدأ بالخدمة كفاتح خلال شهر زيارة الاخ نور، والثلاثة الآخرون قد انخرطوا بُعيد ذلك. وكان تسعة يكرزون في داخل البلد. ووِنستُن وإدواردو بلاكوود، اللذان كانا يعيشان في إِل تيڠْرِه، كانا يشهدان في اقصى الجنوب حتى سْيوداد بوليڤار وفي اقصى الشرق حتى مخيمات النفط قرب پونتا دو ماتا وماتورين. وكان پِدرو مورالِس وآخرون يكرزون في ماراكايبو. وفي الناحية الشرقية من بحيرة ماراكايبو في مخيمات النفط في كابيماس ولاڠونِياس، كان هِراردو هِسورون، ناثانِيَل وولكُت، ودايڤد سْكُت يكرزون. ولاحقا انضم اليهم هوڠو تايلور، الذي كان سنة ١٩٩٥ لا يزال يخدم كفاتح خصوصي. وكانوا جميعا يغطُّون منطقة واسعة من البلد. وسرعان ما اكتشف الاخ باكستر والاخ وان من الاختبار الشخصي ما هو عليه الامر حقا.
الابتداء بزيارة كل الفرق
خلال تشرين الاول وتشرين الثاني ١٩٤٧، سافر كلا المرسلَين الى اقصى غرب البلد والجزء الشرقي منه ليريا ما يمكن فعله لمساعدة الفرق الصغيرة. وهدفهما كان تنظيم هذه الفرق في جماعات. «سافرنا بالباص، الامر الذي كان حقا اختبارا في ڤنزويلا،» حسبما يتذكَّر الاخ باكستر وهو يبتسم مفكِّرا في تلك الرحلة التي لا تُنسى. «كانت المقاعد في الباصات صغيرة ومتقاربة، لأن معظم الڤنزويليين صغار الحجم؛ لذلك وجدنا نحن اللذَين من اميركا الشمالية انه ليس هنالك متَّسع لأرجلنا. وعلى سطح الباصات، لم يكن شيئا غير عادي رؤية اسرة، مكنات خياطة، طاولات، دجاج، ديوك روميَّة، وموز، بالاضافة الى امتعة المسافرين. وإذا كان احد الركاب ذاهبا مسافة قصيرة فقط، فهو لا يزعج نفسه ليضع دجاجاته او اشياءه الصغيرة على السطح لكنه يجلبها معه الى داخل الباص ويركمها في الممشى بين المقاعد. ثم تعطَّل الباص، ولذلك طوال عدة ساعات، حتى اتى باص آخر، تُركنا في برية يعيش فيها مجرد الصبَّار والمعز. وبعد ذلك نفد البنزين.»
في كل من المواقع الاربعة التي زاراها، وجدا فريقا من نحو عشرة اشخاص يجتمعون في غرفة جلوس واحد منهم. فأَراهم المرسلان كيف يديرون الاجتماعات، كيف يقدِّمون تقريرا عن نشاطهم قانونيا الى مكتب الفرع، وكيف يحصلون على المطبوعات من اجل نشاط كرازتهم.
وفيما كانا في إِلْ تيڠْرِه، لاحظ الاخ باكستر ان أَلِهاندرو مِتشل، احد الاخوة الجدد هناك، كان يطبِّق حرفيا النصح في متى ١٠:٢٧ بأن ينادي على السطوح. فكان قد ركَّب مكبِّرا للصوت على سطح بيته، وكل يوم كان يقرأ بصوت عالٍ طوال نصف ساعة او نحو ذلك اجزاء مختارة من كتاب الاولاد او العالم الجديد بالاضافة الى مطبوعات برج المراقبة الاخرى. وقد فعل ذلك بصوت عالٍ حتى انه كان يمكن سماعه من مكان يبعد مباني عديدة! فلا عجب ان ذلك ازعج الجيران. فاقتُرح عليه انه من الافضل ان يكرز من بيت الى بيت وأن يترك مكبِّر الصوت.
ان الرحلة لزيارة مختلف الفرق الصغيرة كانت نافعة جدا. فخلال شهرَي السفر استطاع الاخَوان ان يعمِّدا ١٦ شخصا.
المرسلون يصلون الى ماراكايبو
ماراكايبو، في الناحية الشمالية الغربية من البلد، هي ثاني اكبر مدينة في ڤنزويلا. اثنتان من ميزاتها البارزة هما حرارتها ورطوبتها العالية. انها ايضا عاصمة النفط في ڤنزويلا. والجزء الجديد من المدينة يتباين بشدة مع البلدة القديمة قرب المراسي؛ فذلك الجزء الاقدم، بشوارعه الضيِّقة وبيوته الطينية على طراز المستعمرات، قلَّما تغيَّر منذ القرن الماضي.
وصل ستة مرسلين الى ماراكايبو بسفينة شحن في ٢٥ كانون الاول ١٩٤٨. وكانوا مثقلين بثياب شتوية لأنهم اتوا من نيويورك الباردة. وتضمَّن الفريق رانْڠْنا إِنْڠْوالدْسِن، التي اعتمدت سنة ١٩١٨ ولا تزال تخدم كفاتحة في كاليفورنيا، بِرْنيس ڠرايسِن (الآن «بِن» هنشل، عضو في عائلة البتل في المركز الرئيسي العالمي)، تشارلز وماي ڤايل، إِستر رايدل (اخت رانْڠْنا من امها)، وجويس ماكَلي. وجرى استقبالهم في بيت صغير لزوجَين يعاشران الشهود حديثا. وهنا رتَّب المرسلون المتبلِّلون بالعرق صناديق ثيابهم الـ ١٥ والصناديق الكرتونية الـ ٤٠ لمطبوعاتهم بأفضل ما يستطيعون. ونام اربعة منهم على اراجيح شبكية واثنان على سريرَين مصنوعَين من الصناديق الكرتونية للكتب حتى وجدوا بيتا يستأجرونه ليكون بيت المرسلين.
تتذكَّر رانْڠْنا انهم الستة بدوا غرباء الشكل جدا للـ ماراكوتشوس، كما يُدعى سكان ماراكايبو عموما. فكان العديد من المرسلين طوالا وشقرا. «مرارا كثيرة عندما كنا نذهب من بيت الى بيت، كان يتبعنا حتى عشرة اولاد صغار عراة، يصغون الى الطريقة الغريبة التي نتكلَّم بها لغتهم،» كما قالت رانْڠْنا لاحقا. وأَضافت: «لم يكن ايّ منا نحن الستة يعرف اكثر من كلمات قليلة بالاسپانية. ولكن عندما كانوا يضحكون علينا، كنا نضحك معهم.» عندما وصل هؤلاء المرسلون، كان هنالك اربعة ناشرين فقط في ماراكايبو. وفي وقت باكر من سنة ١٩٩٥ كانت هنالك ٥١ جماعة بمجموع ٢٧١,٤ ناشرا.
سُمعت صلاته
ان الزوجَين اللذين استقبلا بلطف المرسلين الستة في بيتهما كانا بِنيتو وڤكتوريا ريڤِرو. وكان بِنيتو قد حصل على كتاب «الملكوت قريب» من هوان مالدونادو، فاتح من كاراكاس. وعندما زار پِدرو مورالِس بِنيتو لاحقا ليعرض عليه درسا، كان بِنيتو متحمِّسا؛ ولم يدرس وحسب بل ابتدأ مباشرة بحضور اجتماعات الفريق الصغير. وشجع ايضا زوجته على الحضور، قائلا لها — لأنها تحب الغناء — ان الترانيم التي يرنِّمونها جميلة جدا. وكانت تذهب معه، لكنها لم تكن تفهم حقا كل ما يقال، لذلك كثيرا ما كانت تنام.
وفي احدى الامسيات في البيت، اذ اعتقد بِنيتو ان زوجته نائمة، صلَّى الى يهوه بصوت عالٍ وطلب منه ان ينوِّرها. فسمعت الصلاة عَرَضا وتأثرت بها بعمق. وبعد موت بِنيتو سنة ١٩٥٥، صارت ڤكتوريا فاتحة قانونية ثم فاتحة خصوصية.
بلوغ المناطق الريفية حول ماراكايبو
بين الذين اعتنقوا الحق في منطقة ماراكايبو كان والد رِبِكا (الآن رِبِكا بارِتو). كانت بعمر خمس سنوات فقط عندما ابتدأ هِراردو هِسورون بدرس الكتاب المقدس مع ابيها، الذي تقدَّم الى المعمودية سنة ١٩٥٤. وهي تملك ذكريات رائعة عن الاشتراك في عمل الكرازة كحدثة. «كنا نستأجر باصا، وكانت الجماعة بكاملها تنتقل الى المناطق الريفية،» كما تتذكَّر. وتضيف: «كان لدى الناس في الريف القليل من المال لكنهم كانوا يقدِّرون المطبوعات. كان رائعا حقا عند نهاية النهار ان نرى الاخوة والاخوات يتجمَّعون في الباص مع البيض، القرع، الذرة، والدجاج الحي التي قُدِّمت لهم مقابل المطبوعات.»
ولكن لم يكن الجميع سعداء برؤيتهم. تتذكَّر الاخت بارِتو حادثة جرت في قرية مِنِه دو ماوْرُوَا. تقول: «فيما كنا نذهب من باب الى باب، تبعنا الكاهن الكاثوليكي المحلي، ممزِّقا المطبوعات التي قبلها الناس وقائلا لهم ان لا يصغوا الى شهود يهوه. وأَثار الرعاع الذين شملوا احداثا كثيرين ونجح في اغضابهم حتى انهم رمونا بالحجارة. وضُرب عدد من الاخوة والاخوات.» فركض فريق الشهود الى پْرِفِكتو (مدير شرطة) البلدة طلبا للمساعدة. ولأنه كان لطيفا مع الشهود، قال للكاهن انه مضطر الى ابقائه في مكتبه بضع ساعات ‹لحمايته من هؤلاء الكارزين.› والحشد، بدون قائد الآن، تشتت، وقضى الشهود بفرح الساعتَين التاليتَين، بدون مضايقة، مقدِّمين شهادة كاملة في البلدة.
المزيد من المساعدة يصل
كانت المقاطعة واسعة، وتلزم مساعدة اضافية للاعتناء بها. والمزيد من العاملات اللواتي تخرَّجن مؤخرا من مدرسة جلعاد وصلن في ايلول ١٩٤٩ للاشتراك في الحصاد الروحي. وكنَّ مستعدات، نعم، توَّاقات الى المشاركة، لكنَّ ذلك لا يعني ان الامر كان سهلا عليهن. وعندما بانت اضواء المرفإِ من كوَّة مقصورتها في السفينة سانتا روسا، شعرت رايتشل بورنهام بأنها لم تسعَد قط بمشهد ابدع منه. فقد أُصيبت بدوار البحر منذ غادرت السفينة نيويورك. ومع انها كانت الساعة الثالثة صباحا، ايقظت باهتياج الفتيات الثلاث الاخريات. وكانت اختها آينِز والفتاتان الاخريان، دِكسي داد وأختها روبي (الآن باكستر)، قد تمتعن بالرحلة لكنهن كنَّ سعيدات بأن يصلن الى تعيينهن الجديد.
كان موجودا للترحيب بهن فريقٌ شمل دونالد باكستر، بِل وإِلسا هانا (مرسلَين كانا قد وصلا السنة السابقة)، وڠونزالو مِيَر إِي تِران. فركبوا في باص ليأخذهم من المرفإِ الى كاراكاس. وبدا ان السائق اراد ان يجعل الرحلة مرعبة بشكل اضافي للقادمات حديثا، ولا شك انه نجح في ذلك. فقد قاد في المنعطفات الحادَّة، الواحد تلو الآخر، وغالبا على حافة الجرف وبسرعة بدت بالغة جدا! وحتى هذا اليوم لا تزال الاخوات يتكلَّمن عن تلك الرحلة.
جرى تعيينهن في الفرع وبيت المرسلين في إِل پارايِيسو. وخدمت رايتشل بأمانة في الحقل الارسالي حتى موتها سنة ١٩٨١؛ وآينِز سنة ١٩٩١. والاخريان من ذلك الفريق لا تزالان تخدمان يهوه بولاء.
اذ تتطلَّع دِكسي داد الى الوراء الى الاشهر الاولى في تعيينهن، تقول: «شعرنا بشوق كبير الى العودة الى موطننا. لكننا لم نستطِع ان نذهب حتى الى المطار اذا اردنا ذلك. فلم يكن لدينا ما يكفي من المال!» وعوضا عن ذلك، ركَّزن انتباههن على الواقع ان هيئة يهوه قد ائتمنتهن على التعيين كمرسلات في بلد اجنبي. وأخيرا، توقفن عن الحلم بشأن الذهاب الى الموطن وانكببن على العمل.
يُساء فهمهم
بالنسبة الى معظم المرسلين الجدد، كانت اللغة مشكلة — على الاقل لفترة من الوقت.
تتذكَّر دِكسي داد ان احد الامور الاولى التي قيل لهم ان يتلفظوا بها هو «موتشو ڠوستو» عندما يتعرَّفون بأحد. وفي ذلك اليوم عينه أخذوا الى درس الكتاب الجماعي. وفي طريقهم في الباص، كرَّروا التعبير مرة بعد اخرى: «موتشو ڠوستو. موتشو ڠوستو.» تقول دِكسي: «ولكن عندما جرى تقديمنا الى احد الاشخاص، نسيناه!» إلا انهم بمرور الوقت تذكَّروا.
بِل وإِلسا هانا، اللذان خدما كمرسلَين من سنة ١٩٤٨ حتى ١٩٥٤، طالما يتذكَّران بعض اخطائهما الفادحة. ففي احدى المرات حين اراد الاخ هانا ان يشتري اثنتي عشرة بيضة بيضاء، طلب وِسوس بلانڠكوس (عظاما بيضا) عوضا عن وِڤوس بلانڠكوس. ومرة اخرى، اراد ان يشتري مكنسة. وإذ خشي ان لا يكون قد فُهم، حاول ان يتكلم بأكثر تحديد: «لكنس ‹إِل سْيِلو›» (السماء)، قال، عوضا عن إِل سْوِلو (الارض). فأَجاب صاحب الدكان بمسحة فكاهة: «يا له من طموح قوي في العمل، يا سيد.»
وعندما ذهبت زوجة بِل، إِلسا، الى السفارة، طلبت منهم ان رِموڤر (ينتزعوا) جواز سفرها عوضا عن ان رِنوڤار (يجدِّدوا). فسأل امين السر: «ماذا فعلتِ يا سيدة، هل ابتلعتِه؟»
ڠيني روجرز، مرسلة وصلت سنة ١٩٦٧، تثبطت قليلا في بادئ الامر عندما كان صاحب البيت يلتفت الى زميلتها بعد كل عرض جرى التدرُّب عليه بعناية ويسأل: «ماذا قالت؟» لكنَّ الاخت روجرز لم تتوقف عن المحاولة، وفي نحو ٢٨ سنة كمرسلة، ساعدت ٤٠ شخصا على تعلُّم الحق والتقدُّم الى درجة المعمودية بالماء.
وِلَرد أَندرسون، الذي وصل من جلعاد مع زوجته، إِيلاين، في تشرين الثاني ١٩٦٥، يعترف بصراحة ان اللغة لم تكن قط ميزة يتفوق فيها. وإذ يكون وِلَرد مستعدا دائما ان يضحك من اخطائه الخاصة، يقول: «درست الاسپانية في المدرسة الإِعدادية ستة اشهر حتى جعلني معلِّمي أَعِد بأن لا احضر صفه ثانية!»
ولكن بروح يهوه، المثابرة، وروح فكاهة جيدة، سرعان ما أَلف المرسلون لغتهم الجديدة.
حتى البيوت لها اسماء
لم تكن اللغة فقط مختلفة بالنسبة الى المرسلين. فلزم ان يستعملوا طريقة مختلفة لتذكُّر البيوت التي يريدون ان يزوروها ثانية. ففي الايام الباكرة لم تكن لبيوت كثيرة في كاراكاس ارقام. وكان كل مالك بيت يختار اسما لبيته. وكانت افضل البيوت معروفة بـ كينتاس وتُسمى غالبا على اسم سيدة البيت. مثلا، قد يكون عنوان احد الاشخاص كينتا كلارا. وكثيرا ما يكون مركَّبا من اسماء الاولاد: كينتا كاروسي (كارمِن، روسا، سيمون). ان مالك اول فرع وبيت للمرسلين استأجرته الجمعية كان قد دعا بيته كينتا ساڤتِپاول (القديس ڤنسان دو پول)، وكان على طريق رئيسية، وصار بسرعة معروفا جيدا بالمكان حيث يجتمع شهود يهوه.
سنة ١٩٥٤ عندما جرى شراء بيت جديد تماما ليكون مكتب فرع وبيتا للمرسلين، تُرك للاخوة امر استعمال مخيلتهم واختيار اسم ملائم. وإذ تذكَّروا نصح يسوع بأن ‹يضيء نوركم قدام الناس،› جرى اختيار الاسم لُوس (نور) للبيت. (متى ٥:١٦) ومع ان مكتب الفرع نُقل لاحقا الى مبانٍ اكبر، ففي وقت باكر من سنة ١٩٩٥ كان كينتا لُوس لا يزال بيتا لـ ١١ مرسلا.
ولوسط كاراكاس نظام عناوين خاص به. فإذا سألتم عن عنوان محل تجاري او مبنى معيَّن، فقد يُقال لكم شيء مثل، «لا فِه آ إِسپِرانسا.» وقد تقولون: ‹«الايمان الى الرجاء؟» لكنَّ ذلك لا يبدو عنوانا!› ولكن في وسط كاراكاس كل تقاطع له اسم. لذلك فإِن العنوان الذي تبحثون عنه هو في مجمَّع الابنية بين شارعَي «الايمان» و «الرجاء.»
الذهاب من ڤنزويلا الى جلعاد ثم العودة
على مرّ السنين اتى ١٣٦ مرسلا مدرَّبا في جلعاد، بمَن فيهم ٧ استفادوا من مقرَّر مدرسة تدريب الخدام، الى ڤنزويلا من بلدان اخرى — من الولايات المتحدة، كندا، المانيا، السويد، نيوزيلندا، انكلترا، پورتو ريكو، الدنمارك، اورڠواي، وإِيطاليا. وبين السنتين ١٩٦٩ و ١٩٨٤، لم يصل مرسلون جدد الى ڤنزويلا من جلعاد، اذ كان يستحيل الحصول على تأشيرات. ولكن، خلال سنة ١٩٨٤، اثمر الجهد الموحَّد للحصول على اذن في دخول مرسلَين مع زوجتَيهما الى البلد، ووصل مرسلان آخران سنة ١٩٨٨. واستفاد ايضا ستة شهود محليين من التدريب في جلعاد.
عندما زار الاخ نور سنة ١٩٤٦، سأله الحدث روبِن أَراوْهو عما اذا كان يمكن ان يتأهل يوما ما لحضور جلعاد. وكان الجواب: «نعم، اذا حسَّنت لغتك الانكليزية.» يقول روبِن: «لا حاجة الى القول انني كنت سعيدا جدا.» ويضيف: «بعد ثلاث سنوات، في تشرين الاول ١٩٤٩، تسلَّمتُ رسالة دعوة من الاخ نور لحضور الصف الـ ١٥، المعيَّن ابتداؤه خلال الشتاء في اوائل سنة ١٩٥٠.»
ان الاخوة الخمسة الآخرين الذين حضروا جلعاد من ڤنزويلا هم إدواردو بلاكوود وأُوراسيو مِيَر إِي تِران (اللذان اعتمدا كلاهما سنة ١٩٤٦ خلال زيارة الاخ نور الاولى)، تِيودورو ڠريسِنڠِر (الذي سيُقال عنه المزيد)، كاسيميرو سيتو (الذي هاجر من فرنسا وصار ڤنزويليا متجنِّسا)، وفي وقت متأخر اكثر، رافايِل لونڠا (الذي يخدم كناظر دائرة).
-
-
ڤنزويلاالكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ١٩٩٦
-
-
[الصورة في الصفحة ١٩٩]
من اليسار: آينِز بورنهام، روبي داد (الآن باكستر)، دِكسي داد، ورايتشل بورنهام عند مغادرتهن نيويورك سنة ١٩٤٩. قبل ان تغادر السفينة المرسى شعرن جميعا بأنهن بحال جيدة!
[الصور في الصفحتين ٢٠٠ و ٢٠١]
بعض المرسلين الذين خدموا سنوات عديدة في الحقل الڤنزويلي: (١) دونالد وروبي باكستر، (٢) دِكسي داد، (٣) پِني ڠاڤِت، (٤) لِيلا پراكتُر، (٥) رانْڠْنا إِنْڠْوالدسِن، (٦) مِرڤِن وإِڤلِن وارد، (٧) ڤِن وپيرل تشاپمان
-