-
الأيدز — قاتل عالمياستيقظ! ١٩٨٩ | ايار (مايو) ٨
-
-
الأيدز — قاتل عالمي
تشعر بعض المراجع الطبية بأن الأيدز على شفير الصيرورة نكبة عالمية. «قد يكون الأيدز النكبة الصحية لفترة عيشنا،» ادَّعت النيويورك تايمز. وقال الدكتور وليم اوكونر، عالِم الاحياء الدقيقة: «ربما كان ما نتعامل معه اعظم وبإ اصاب العالم على الاطلاق.»
وذكر الدكتور هافْدان مالَر من الـ WHO (منظمة الصحة العالمية): «نقف عُزَّلا امام جائحة خطيرة جدا ومبيدة كأية جائحة وُجدت في وقت من الاوقات . . . كل شيء يصبح اسوأ فاسوأ مع الأيدز.»
ومع كل سنة تمر تزداد ضريبة الموت. وقريبا ستصبح ضريبة الموت على الارجح اكبر مرات عديدة. وقد تكون هذه هي الحال حتى ولو لم يُصب شخص واحد اضافي بڤيروس الأيدز. ولماذا؟ بسبب العدد الهائل من الاشخاص الذين لديهم الآن الڤيروس، الذي يبقى مع الشخص طوال العمر.
وكم هو عدد الذين لديهم الآن الڤيروس؟ قال البعض عشرة ملايين حول العالم. والتقرير «الأيدز والعالم الثالث» يقدِّر بأن الأيدز، قبل ان يمر وقت طويل، «سيكون قد اصاب ٥٠-١٠٠ مليون شخص.»
وهذا التقدير مؤسس على ما قد حدث في افريقيا، اوروپا، واميركا الشمالية. ولكنّ الأيدز موجود ايضا في اميركا اللاتينية وقد دخل آسيا. وتلاحظ «پوليتيكِن» الدانمركية: «ماذا سيحدث عندما تتفشى الجائحة بتفاقم خطير في اميركا الجنوبية وآسيا؟ . . . لن يكون عدد المصابين منخفضا بقدر ٥٠-١٠٠ مليون.» وحتى اذا كانت هذه الارقام مبالغا فيها هنالك دون شك ملايين الناس الذين أُصيبوا. وسيكون هنالك ملايين كثيرة اضافية في السنين القادمة.
وكذلك فان الغالبية العظمى من اولئك الذين لديهم الآن ڤيروس الأيدز لا يعرفون انه لديهم ذلك. وهم في صحة جيدة كما هو ظاهر، ومع ذلك يمكنهم نقل الڤيروس الى الآخرين. ولذلك فان عدد الناس المصابين بڤيروس الأيدز سيرتفع كثيرا حتما.
وكبير اطباء مديرية الصحة في الولايات المتحدة، س. ا. كوپ، قال: «ما من مرض سابق كان على الفور غامضا جدا، مميتا جدا، وجدّ مقاوم للمداواة وتطوير اللقاح.» وذكر: «ليس لدينا علاج بعد، ولا لدينا لقاح — وربما لن يكون لدينا واحد متوافر عموما قبل نهاية القرن. لا تخطئوا بشأنه. فالأيدز هو مميت وهو ينتشر.»
-
-
حاملو الأيدز — كم شخصا يمكن ان يموت؟استيقظ! ١٩٨٩ | ايار (مايو) ٨
-
-
حاملو الأيدز — كم شخصا يمكن ان يموت؟
عندما جرى تحديد هوية الأيدز لاول مرة في سنة ١٩٨١ قدَّر رسميو الصحة بأن نحو ٥ الى ١٠ في المئة من اولئك الذين لديهم الڤيروس سيصابون بالمرض ويموتون. ولكن برهن الڤيروس ان له فترة وُكون incubation طويلة. وقد تستغرق الاعراض خمس سنوات او اكثر كي تصبح ظاهرة.
والآن، مع خبرة السنوات الثماني الماضية، يقدِّر بعض الرسميين بأن ٤٠ الى ٥٠ في المئة، او اكثر، من اولئك الذين يحملون ڤيروس الأيدز سيظهر المرض عندهم ويموتون. وذكر «الأيدز والعالم الثالث»: «يقال ان نموذجا للكومپيوتر تكهن بأن ٥٠ ٪ من حاملي الـ HIV سيظهر عندهم الأيدز التام النمو في غضون خمس سنوات، و ٧٥ ٪ في غضون سبع سنوات.» (الاصطلاح «HIV» يأتي من الكلمات الانكليزية التي تعني: «ڤيروس نقص المناعة البشري،» ڤيروس الأيدز.)
ثم قالت المطبوعة: «ان الكثير من الخبراء الطبيين واكثرية علماء الڤيروسات يعتقدون الآن بأن ضريبة الموت بين حاملي الـ HIV ستقترب كثيرا من الـ ١٠٠ ٪. . . . والاعتقاد بأن الجميع سيموتون اخيرا مؤسس جزئيا على انه بمرور كل سنة يظهر المرض فعلا عند عدد اكبر من الناس الذين التقطوا الڤيروس قبل ثلاث او اربع او خمس سنوات. وهو مؤسس جزئيا على دراسات الڤيروس HIV نفسه.» وطبعا، ان مثل هذه الآراء هي تقديرات. والوقت وحده سيخبر ما اذا كانت ستتحقق في الواقع الفعلي.
والدكتور انطوني فاوسي، الباحث في المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة، لاحظ ان حوالي ٩٠ في المئة من الافراد الذين فحصهم ايجابي للاجسام المضادة لِـ HIV يكون لديهم نوع من الخلل في عمل المناعة في غضون خمس سنوات.
وحتى اذا مات ٥٠ في المئة «فقط» من الـ ٥٠ مليونا الى الـ ١٠٠ مليون حامل للڤيروس الجاري تصوُّرهم للمستقبل القريب، فذلك سيعني ملايين الوفيات كل سنة في وقت ما في العقد التالي. وأحد المصادر قدَّر بأن ضريبة الموت الجاري تصوُّرها في افريقيا وحدها ربما تكون عشرات الملايين.
-
-
لماذا الأيدز مميت جدااستيقظ! ١٩٨٩ | ايار (مايو) ٨
-
-
لماذا الأيدز مميت جدا
من اجل فهم افضل لكيفية حماية انفسنا من الأيدز نحتاج الى معرفة سبب كونه مميتا جدا. فماذا يجعل معالجة هذا الڤيروس اصعب من الڤيروسات الاخرى؟
الڤيروسات هي اصغر العضويات المنتِجة للمرض قاطبة، اصغر بكثير من الجراثيم. والانفلونزا، شلل الاطفال، والزكام العادي تنتجها ڤيروسات شتى. وحالما يصير الڤيروس داخل الخلية المضيفة قد يقتل الخلية او «ينام» هناك الى ان يصير انشط لاحقا. ومع ڤيروس الأيدز قد تلزم خمس سنوات او اكثر قبل ان تظهر.
لماذا مميت جدا
ان ما يجعل ڤيروس الأيدز مميتا جدا هو انه يهاجم ويُعجز خلايا رئيسية، بما فيها كريات الدم البيضاء التي ينتجها الجسم للمساعدة في صدّ المرض. وكريات الدم البيضاء هذه (المدعوة الخلايا اللِّمْفية ت ٤) هي دفاع الجسم الرئيسي ضد المرض.
وعندما يُعجز ڤيروس الأيدز هذه الكريات البيضاء لا تستطيع القيام بعملها. وهكذا يجري اتلاف جهاز مناعة الجسم. وأنواع العدوى التي ربما لم تكن تهدد الحياة سابقا صارت تهددها الآن. وهذه تشمل الڤيروسات الاخرى، الطفيليات، الجراثيم، الفطريات، او شتى انواع السرطان.
وبما ان الجسم لا يعود يستطيع محاربة انواع العدوى هذه فانها تتفاقم الى ان تموت الضحية. وأنواع العدوى هذه تدعى انتهازية. فهي تنتهز الفرصة التي يتيحها لها جهاز مناعة الجسم المقموع. والشخص المصاب بالأيدز قد يصاب بأنواع عدوى عديدة كهذه في الوقت عينه.
وبين الاعراض الاولى للأيدز: تعب مطوَّل دون سبب، غدد متورِّمة تدوم اشهرا، حُمَّيات ملازمة او تصبُّب عرق في الليل، اسهال ملازم، نقص في الوزن دون سبب، تمزقات كامدة للجلد او الاغشية المخاطية لا تزول، سعال ملازم دون سبب، طبقة سميكة مائلة الى البياض على اللسان او في الحلق، رضّ سهل او نزف دون سبب. وغالبا ما يُشار الى هذه الاعراض الاولى بـ «المعقَّد المرتبط بالأيدز،» او ARC.
وعندما يصير الأيدز تام النمو تتطوَّر الامراض المميتة. وبين الاكثر شيوعا انواع عدوى الرئة التي تسببها الجراثيم الطفيلية المعروفة بـ Pneumocystis carinii، وسرطان الجلد المسمَّى غَرَن كاپوزي Kaposi’s sarcoma، الذي يشمل ايضا الاعضاء الداخلية. واضافة الى ذلك فان ڤيروس الأيدز يمكن ان يؤثر في الدماغ مسببا الشلل، العمى، الخَبَل، وفي النهاية الموت. وذكر الدكتور ريتشارد ت. جونسون، استاذ طب الاعصاب في جونز هوپكنز: «ان الـ HIV [ڤيروس الأيدز] هو في ادمغة مليون شخص على الاقل في الولايات المتحدة.»
والأيدز التام النمو يرافقه ألم وخسارة في الوزن تتعذَّر السيطرة عليها، مع صيرورة الجسم اضعف فأضعف الى ان يعقب الموت. وفي افريقيا تقول ذا لانسيت ان الأيدز «قد اقترن ‹بمرض الهُزال،› عبارة تصف الخسارة الكبيرة في الوزن التي ترافق الاسهال.» والفترة من حلول المرض حتى الموت قد تستغرق سنة او اقل، او قد تستغرق عدة سنوات.
ڤيروس ملازِم
هنالك عامل آخر يساهم في جعل ڤيروس الأيدز مميتا اكثر من الڤيروسات الاخرى. فلديه للبقاء حيا آليات مبنية فيه غير شائعة عند الڤيروسات الاخرى.
مثلا، قد يدوم ڤيروس الانفلونزا في البشر بضعة ايام او اسابيع فقط، وينبِّه الاجسام المضادة antibodies التي تساعد على حماية الضحية من العدوى الاضافية بذلك الڤيروس الخصوصي. وما ان يأخذ الوبأ مجراه حتى يختفي. وجائحة الانفلونزا لسنة ١٩١٨ دامت نحو سنة فقط. وڤيروس الحمى الصفراء يعتمد على البعوض، الذي يقلّ عدده مع التغييرات الفصلية. والجدري قد يتفشى بسرعة ايضا بمجموعة من الناس قابلة للتأثر وبعدئذ يختفي.
ولكن يُعتبر ڤيروس الأيدز ملازما. ومن المحتمل ان يمكث داخل المُضيف البشري طوال الحياة ولا يختفي من تلقاء نفسه. فالضحية لا تتعافى من مرض الأيدز التام النمو وهكذا تكون غير قادرة على بناء نوع المناعة الذي يقاوم الانتكاسة.
واضافة الى ذلك، اظهر ڤيروس الأيدز اختلافا مهمًّا في تركيبه الوراثي مما يُصعِّب تطوير اللقاح. والڤيروسات عادة تطفر mutate، اي تغيِّر صفاتها. مثلا، هنالك انواع مختلفة كثيرة من ڤيروسات الانفلونزا والزكام. وحتى الآن جرى تحديد هوية نوع ثان من ڤيروس الأيدز في افريقيا وأماكن اخرى. وقد يلزم لقاح مختلف لكل نوع.
-