-
الصفحة ٢استيقظ! ١٩٨٩ | تشرين الثاني (نوفمبر) ٨
-
-
الصفحة ٢
حصدت الحروب في قرننا نحو مئة مليون نسمة. والالم، الأسى، والكرب التي سبَّبها ذلك لا تحصى. فكيف استطاع الناجون، العسكريون والمدنيون على السواء، ان يتغلبوا عليها؟ ايّ رجاء هنالك بعالم دون حرب، عالم لن يختبر ثانية على الاطلاق مثل هذه الصدمة؟
[الصورة في الصفحة ٢]
الناجون من الهجوم على جزيرة اينيويتوك في جزر مارشال، ١٩٤٤
[مصدر الصورة]
Official U.S. Coast Guard Photo
-
-
الحرب — الصدمة والرضّاستيقظ! ١٩٨٩ | تشرين الثاني (نوفمبر) ٨
-
-
الحرب — الصدمة والرضّ
«كنا في دورية برهنت انها خالية من الاحداث المهمة. وضابطنا، رجل عطوف لطيف وليس جنديا محترفا، كان يقودنا في العودة الى خطوطنا القتالية. وصرخ حارس لنعرِّفه بأنفسنا. وقبل ان يتمكن ضابطنا من الاجابة، قام جندي خائف خلف خطوطنا باطلاق النار، وأصاب الضابط في الوجه. فمات المسكين مختنقا بدمه.» وبالنسبة الى ادوارد ب. ، جندي بريطاني، فان ذلك يلخِّص صدمة الحرب العالمية الثانية.
يحاول البعض اخفاء الوجه الحقيقي للحرب. مثلا، صوَّر بعض الدُّعاة الحرب العالمية الاولى بصفتها «في جزءٍ منها هرمجدون — القتال الاخير للخير ضد الشر . . . وفي جزء آخر مبارزة فرسان للقرون الوسطى، مع لمسة نَبالة مضافة اليها.» (اوجه السلطة) لم تكن ايّا منهما. وقد وصفها على نحو افضل المُراسِل والمؤلِّف ارنست همنغواي عندما كتب انها كانت «المَجْزرة الاكثر ضخامة، فتْكا، وسوء ادارة التي حدثت في وقت من الاوقات على الارض» — حتى الحرب العالمية الثانية.
ان مجزرة كهذه تسم كل حروب هذا القرن وما قبله. «كل حرب في التاريخ،» كتب مالكوم براون، «مهما يكن سببها او مبرِّرها، فهي قذرة، أليمة ومخزية لكل ذوي العلاقة.» وفي ڤيتنام رأى مباشرة الكثير من الذبح وكرب الحرب المدعوم بالوثائق، ولكنه ظلّ يشعر بأنّ «التعاقب المستمر للفظائع المقترفة في ڤيتنام لا يمثِّل شيئا جديدا في الاختبار البشري.» — الوجه الجديد للحرب.
واختُبرت بالتأكيد فظائع مماثلة خلال الحرب العالمية الثانية. فألمانيا واليابان دُمِّرتا ومجموع موتاهما العسكريين والمدنيين في الحرب بلغ الملايين. وفقدت الولايات المتحدة نحو ٠٠٠,٤٠٠، بريطانيا ٠٠٠,٤٥٠، وفرنسا اكثر من نصف مليون. وفقد الاتحاد السوڤياتي ما يقدّر بـ ٢٠ مليونا. وإذ أَدرج في جدول ما وصفه بـ «هذه الضريبة من الألم البشري،» ذكر كتاب الحرب العالمية الثانية: «بلغ عدد الاصابات الكُلِّية في الحرب، بمن فيهم المدنيون، ٥٠ مليونا على الاقل.»
والاصابات المدنية كانت جزءا مما وصفه جيرالد پريستلند في كتابه پريستلند — الصواب والخطأ بـ «الحرب الشاملة: الحرب على الرجال، النساء والاولاد، بصرف النظر عن اين هم او ماذا يفعلون، كم يمكن ان يكون عمرهم او عجزهم.» وقال انه قد جرى تمثيلها عندما «أرْمَد الحلفاء هامبورغ ودرسدن، وهدَّم الالمان ليڤرپول وكوڤنتري.»
ان ابادة عشرات الملايين في الحرب كانت مثيرة للاشمئزاز. ولكن ماذا عن اولئك الذين نجوا من صدمة الحرب ‹القذرة، الاليمة والمخزية›؟ كيف تأثَّروا؟ وكيف يمكنهم التغلُّب على الآثار اللاحقة؟ ستفحص المقالتان التاليتان هذه الاسئلة.
-
-
الحرب — العاقبة المرَّةاستيقظ! ١٩٨٩ | تشرين الثاني (نوفمبر) ٨
-
-
الحرب — العاقبة المرَّة
انّ القوة العارمة للحرب قد سحقت ملايين الرجال، النساء، والاولاد، المحاربين وغير المحاربين على السواء. وقد تركت كثيرين منهم بندوب جسدية، عاطفية، ونفسية.
الجنود
ان جنودا كثيرين من الذين ينجون من مذبحة القتال انما ينجون مشوَّهين وبأعضاء مبتورة، مع تلف آمالهم للحياة المقبِلة. ونموذجي هو جندي قديم نجا من الحرب العالمية الاولى — ولكن ليقضي الـ ٣٠ سنة التالية من حياته في ألم مستمر بسبب الآثار اللاحقة لغاز الخردل المستخدَم في تلك الحرب.
ولكنّ الجروح العاطفية والنفسية هي التي غالبا ما يكون التغلُّب عليها اصعب. «ما من رجل اشترك في الحرب العالمية الاولى تخلَّص في وقت من الاوقات كليا من الاختبار،» كتب كيث روبنس في الحرب العالمية الاولى. «والرجال الذين ظهر انهم احتفظوا باتزانهم وسكونهم تُركوا سرا بندوب،» تابع. «وبعد سنين كثيرة كانوا يستيقظون في الليل وهم غير قادرين بعد على التخلص من فظاعةٍ ما باقية.»
مثلا، فكِّروا في فظاعة مجرد يوم واحد في سنة ١٩١٦ خلال معركة السّوم الاولى — قُتل ٠٠٠,٢١ وجُرح ٠٠٠,٣٦ بين القوات المسلحة البريطانية وحدها! «والرجال الذين رجعوا من السّوم نادرا ما تكلموا عن اختباراتهم الفظيعة. فقد حلّ عدم اكتراث مريع . . . وثمة رجل لازمته كل حياته الفكرة بأنه عجز عن مساعدة رفيق آخر جريح ناداه فيما كان يزحف عائدا عبر المنطقة المجردة من السلاح.» — الصنداي تايمز ماغازين، ٣٠ تشرين الاول ١٩٨٨.
«تخافون ان تؤذوا اولئك الذين تحبونهم،» قال نورمن ج. ، شارحا نتائج تدرُّبه المكثَّف على القتال ومحاربته. «واذا جرى ايقاظكم فجأة يكون رد الفعل الغريزي ان تهاجموا.» والرجال في احوال الصدمة المطوَّلة يجدون عواطفهم هامدة. «يصير صعبا اظهار اية عاطفة على الاطلاق،» تابع. «رأيت ايضا رجالا منزعجين بشدة بسبب الإجهاد. ورأيت رجالا يكسرون كؤوس الجِعَة ويمضغون الزجاج.»
ان ردود فعل نورمن ليست غير شائعة. «انّ واحدا من سبعة من الجنود المتمرّسين في ڤيتنام يعاني اضطراب كرب ما بعد الصدمة،» قال احد التقارير. وحمل آخَر العنوان: «بالنسبة الى كثيرين فان الحرب حيَّة بعد.» وتابع: «ان ما يبلغ مليون جندي متمرّس في ڤيتنام عليهم بعد ان يتركوا وراءهم حربا لا تزال ترهبهم كل يوم . . . بعضهم انتحروا وأساؤوا الى عائلاتهم. ويعاني آخرون العودة الى الماضي، الكوابيس والانعزال . . . لقد عانوا جرحا نفسيا عميقا ودائما.»
وأحيانا يؤدي ذلك الى سلوك اجرامي. وكم يمكن ان يُقدِّر الناس الحياة والمبادئ الادبية السامية عندما، كما يعبِّر عن ذلك جيرالد پريستلند، «يمكن للقتل، الذي يجعلني مُدانا بالقتل العمْد في مجموعة واحدة من الظروف، ان يُربحني وساما في مجموعة اخرى.» (پريستلند — الصواب والخطأ) «لقد كنا قتلة مستأجَرين هناك،» قال جندي متمرّس في ڤيتنام. «ثم في اليوم التالي كان يُتوقَّع منا ان نذهب الى الوطن الى معمل [سيارات] فورد وننسى كل شيء. نعم، صحيح.» — النيوزويك، ٤ تموز ١٩٨٨.
المدنيون
ان الحربين العالميتين، قالت فرانكفورتر الغامايْنا تسايتونغ، «كان لهما اثر في الحالة العقلية لجيل بكامله . . . واذ عاشوا خلال احداث كهذه تُرك الناس بندوب، وهذه نُقلت الى حفدائهم وأولاد حفدائهم . . . وبعد اربعة عقود تصير أعراض الأذيات المتأخرة ظاهرة.» وأمثال هذه الأذيات يجري الشعور بها في كل العالم.
ماري ك.، مثلا، عاشت في انكلترا قرب هدف لمهمات قصف المانية خلال الحرب العالمية الثانية. «انّ حفظي مشاعري لنفسي لئلا احدث الخوف في اولادي ادّى الى تدخيني بكثرة،» قالت، «وأخيرا انتهى بي الامر الى انهيار عصبي قاد الى رُهاب الانغلاق [خوف شاذّ من الاماكن الضيقة].»
وفي الجانب الآخر من خطوط القتال كانت سيلي پ. ، في المانيا. «كلاجئين،» قالت، «تعلَّمنا معنى الجوع.» وتعلَّمتْ كذلك معنى التفجُّع. «كلّما كان هنالك حديث عن اولئك المقتولين او المفقودين،» تابعت، «كنا نفكر في رجالنا. وآني، اخت خطيبي، بُلِّغت خبر موت زوجها في الحرب قبيل ولادة توأميهما. لقد سلبت الحرب من عائلات كثيرة رجالها، بيوتها، وممتلكاتها.»
وآنّا ڤ. من ايطاليا كانت شخصا آخر لَسَعَته الحرب. «لقد تمرَّرتْ نفسي بفظاعة الحرب وآلام عائلتي،» قالت. «وبعد سنة من انتهاء الحرب العالمية الثانية ماتت امي دون ان ترى في وقت ما ابنها يعود من معسكر أسرى الحرب في استراليا. وأختي ماتت بسبب سوء التغذية وفقدان العناية الطبية. وخسرتُ ايماني باللّٰه لانه سمح بالالم والاعمال الوحشية.»
ان صدمة مثل هذا الترحيل، الانفصال، والثكل هي صعبة الاحتمال. والكلفة من الناحية البشرية هي عادة عالية جدا. وثمة شابة، ترمَّلت خلال حرب فوكلند بين بريطانيا والارجنتين في سنة ١٩٨٢، عبَّرت عن شعور ملايين الثكالى والارامل عندما قالت: «لم يكن الامر يستأهل ذلك بالنسبة اليَّ، خسارة زوجي من اجل منطقة صغيرة في وسط مكان بعيد . . . ان التغلب على الصدمة العاطفية هو المشكلة الكبيرة.» — الصنداي تلغراف، ٣ تشرين الاول ١٩٨٢.
فكِّروا ايضا في الجروح الجسدية والعاطفية التي أُوقعت بالناجين من الحرب النووية. وثمة تقرير كُتب في سنة ١٩٤٥، ظلال هيروشيما، يعطي مذكِّرا مروِّعا بالعاقبة الرهيبة لقصف هيروشيما:
«في هيروشيما، بعدما دمَّرت القنبلة الذرية الاولى المدينة وهزَّت العالم بثلاثين يوما، لا يزال الناس يموتون على نحو غامض ومرعب — الناس الذين كانوا غير مصابين في الجائحة يموتون بسبب شيء ما مجهول لا يسعني إلا وصفه بالوبإ الذرّي. وهيروشيما لا تبدو كمدينة مقصوفة. انها تبدو وكأن مِحْدَلة بخارية ضخمة قد مرَّت عليها وازالتها من الوجود.» وبعد اكثر من ٤٠ سنة لا يزال الناس يتألمون ويموتون بسبب ذلك الانفجار.
الاولاد
انّ بعض الضحايا التي تدعو الى الأسى اكثر في المناطق الحربية للعالم هم الاولاد، وكثيرون منهم قد أُلحقوا بالجيوش في اماكن مثل اثيوبيا، لبنان، نيكاراغوا، كمپوشيا.
«ما هو واضح، من ايران، عندما أُرسل الفتيان عبر حقول الالغام انّ الفتيان قابلون للتكييف اكثر، أقل كلفة ويمكن حفزهم الى ذرى الحماسة العاطفية لفترات طويلة بالشكل الذي لا يمكن ان يكون عليه الجنود الراشدون،» قالت التايمز اللندنية. واذ علَّق على التأثير المقسّي للقلب الذي لا بد ان يكون لذلك في اولاد كهؤلاء، سأل رئيس مجلس منظمة لحقوق الانسان، «كيف يمكنهم في وقت من الاوقات ان يترعرعوا كراشدين سلماء العقل ومتَّزنين؟»
يجري ترديد ذلك السؤال في كتاب روجر روزنبلات اولاد الحرب. فقد قابل اولادا كانوا قد ترعرعوا في مناطق حيث لم يعرفوا شيئا سوى الحرب. وأظهر عديد منهم مرونة جديرة بالملاحظة في وجه اختباراتهم الفظيعة. ولكنّ آخرين مثل «عدد كبير من اولاد القوارب، وخصوصا اولئك الذين تُرك آباؤهم وراءهم في ڤيتنام، ظهر انهم منزعجون ومضطربون على نحو عميق.»
فكيف يمكن لضحايا الحرب الناجين — الرجال، النساء، والاولاد — ان يتغلبوا على المشاكل التي انتجتها في حياتهم؟ وكيف يمكن لاعضاء العائلة الآخرين ان يساعدوا؟ وهل ستكون هنالك في وقت ما نهاية لمثل هذه المآسي؟
[النبذة في الصفحة ٦]
‹لقد كنا قتلة مستأجَرين هناك. ثم في اليوم التالي كان يُتوقَّع منا ان نذهب الى الوطن وننسى كل شيء!›
-
-
الحرب — التغلب على العاقبةاستيقظ! ١٩٨٩ | تشرين الثاني (نوفمبر) ٨
-
-
الحرب — التغلب على العاقبة
كيف يتمكّن الناس المتضررون بالحرب من التغلب على ذلك؟ لكي نحرز بصيرة في هذا الموضوع قابلت استيقظ! بعض ضحايا الحرب.
كان بوب هونيس بين عشرات ألوف جنود البحرية الاميركية الذين حاربوا في الحرب العالمية الثانية في معركة إيوو جيما في غربي المحيط الهادئ. وقصته مطبوعة ليس لتصدِم بل لتُظهر انه ممكن للبعض التعافي حتى من اكثر الاختبارات ضررا.
الصدمة
«بدأنا اقترابنا من إيوو جيما في ٣٠:٨ قظ من ١٩ شباط ١٩٤٥. والمدافع الضخمة للبارجة تنيسي سكتت خلفنا، وبعدئذ هزَّ قاربَ انزالنا القصفُ من بطاريات مدفعية العدو الساحلية. واذ كانت العواطف في مستوى الهياج، وكنت مضطربا بشأن القتال امامنا، صرختُ في وسط كل الضجيج والصخب، ‹أَبقِ بعضا لنا!› فيما تبعنا الفِرق المهاجِمة الاولى.
«وحالما صرت على الشاطئ كان كل ما استطعت ان اشمه الرائحة التي تبعث على الغثيان للبارود، الرماد البركاني، والمعدات المحترقة. أُصيب قارب انزالنا. وقُتل قائده على الفور ودُمِّرت كل معداتنا.
«لن انسى ابدا منظر جنود البحرية الموتى الآخرين. كان احدهم معفَّر الوجه في التراب. وكانت جَزْمته العسكرية، دون قسمها السفلي، مشدودة تماما الى ركبتيه، على العضوين المبتورين اللذين كانا مرة رِجلين فتيَّتين قويَّتين. واذ نظرت الى يميني فيما ربضتُ في حفرة حُفرت على عجل رأيت واحدا آخر من جنود البحرية منحنيا الى الامام وبندقيته معلَّقة بصدره، بلا رأس بين الكتفين. وصار الشاطئ مفروشا بجنود البحرية الموتى، وكثيرون مشوَّهون الى حد يفوق الوصف. كان ذلك مجرد البداية.
«وفي اليوم الثاني أُرسلتُ لأتفحَّص احد مواقعنا. ويا للمنظر الرهيب الذي واجهني! لقد ذهبَتْ قذيفة مدفع متفجرة بساقي وذراعي اول مَن رأيته من جنود البحرية. وخوذته وشريط الذقن كانا لا يزالان في موضعهما. وعيناه تحملقان شاخصتين الى الامام وكأنه في تأمل عميق. واذ كانوا مبعثرين كلُعب محشوَّة مكسَّرة لم يكن الاعضاء الآخرون من طاقم المدفع سوى اشلاء ممزَّقة متفرقة في الرماد البركاني الاسود الناعم.
«واستمر الذبح طوال اليوم الثالث. وبعدئذ بدأ الموتى يتعفَّنون بسرعة. وصارت النتانة خانقة. كانت في كل مكان. ولم يكن ثمة مناص منها.
«وبعد اربعة ايام من القتال الشرس، في ٢٣ شباط، كان الرفع الشهير الآن للعلم الاميركي على جبل سوريباشي. وبدلا من الزهو، كان كل ما شعرت به اليأس. كان الموتى في كل مكان. وبدت الحياة رخيصة جدا. واستمرت المعركة الوحشية حتى ٢٦ آذار، حين أُخذت اخيرا إيوو جيما، بعد اسابيع من الذبح المتواصل. ويا له من حمَّام دم — مجموع ٠٠٠,٢٦ اميركي وياباني قتلوا على جزيرة مساحتها ثمانية اميال مربعة فقط!
العاقبة
«كان ينبغي ان يكون وقت سعادة عظيمة عندما سُرِّحتُ من البحرية واتَّحدتُ ثانية بعائلتي. ولكن، بدلا من ذلك، فان ما كان ينمو في داخلي ظهر الآن على السطح — فراغ مريع وإحساس بالتفاهة.
«وظلَّت الاسئلة تعذِّبني. اذا كانت الحياة رخيصة الى هذا الحد فما الغرض من العيش؟ هل يمكن ان يكون هنالك حقا اله مهتم؟ هل ستلازمني اختباراتي باقي حياتي؟ وحتى بعدما تزوَّجتُ زوجتي، ماري، استمر العذاب. لم اتمكن من رؤية ايّ امل بمستقبل سعيد دائم، بل الحرب فقط والمزيد من الذبح الذي لا معنى له حتى تدمير الارض اخيرا وكل حياة عليها.
ايجاد الحل
«بعدما تزوَّجنا بوقت قصير زارنا، زوجتي وأنا، اثنان من شهود يهوه. فأعطاني ذلك فرصة لاطرح بعض الاسئلة الفاحصة عن الحرب، الالم، والقصد من الحياة. والأجوبة عن اسئلتي اتت بسرعة من الكتاب المقدس.
«نعم، هنالك اله محب يهتم وسيشفينا قريبا من كل وجع وأسى. (مزمور ٨٣:١٨؛ رؤيا ٢١:١-٤) لا، ان اللّٰه لا يجيز الحروب سعيا وراء اهداف سياسية بشرية. (مزمور ٤٦:٩؛ اشعياء ٢:٤؛ يوحنا ١٨:٣٦) لا، ان الارض لن تدمَّر في محرقة نووية. فهي ستبقى الى الابد كبيت فردوسي لجميع الذين يبلغون مطالب اللّٰه. — مزمور ٣٧:٢٩؛ اشعياء ٤٥:١٨؛ رؤيا ١١:١٧، ١٨.
«واذ استمرت دراستي للمواعيد التي تبهج القلب في الكتاب المقدس امتلأ الفراغ في داخلي تدريجيا. وصرت واثقا بأنّ ملكوت اللّٰه هو الوسيلة الواقعية الوحيدة لجلب السلام والامن للارض. وحرب اللّٰه هرمجدون ستخلِّص الارض اخيرا من كل شر. — دانيال ٢:٢١، ٢٢؛ متى ٦:١٠؛ رؤيا ١٦:١٤-١٦.»
ابنوا الرجاء بمواعيد اللّٰه
يؤكِّد آخرون ان تعلُّم الحق عن قصد اللّٰه للارض وأسبابه للسماح الوقتي بالشر كان العامل الأقوى في مساعدتهم على التغلب على الصدمات التي خلَّفتها الحرب.
وهذا ليس للاقتراح انّ المساعدة الطبية الاختصاصية ربما لا تلزم احيانا. ولكنّ الرجاء الاصيل، المؤسس على مواعيد اللّٰه التي يمكن الاعتماد عليها في الكتاب المقدس، يمنح فعلا قوة داخلية لاحتمال المشاكل الخطيرة.
ومع ذلك ربما لا تكونون شخصيا متأثِّرين من صدمة الحرب. ولكن قد تعرفون احدا متأثِّرا منها. فماذا يمكنكم ان تفعلوا بغية المساعدة؟ «كونوا متفهِّمين ومشجِّعين لاولئك الذين تألَّموا بهذه الطريقة،» تقول احدى ضحايا صدمة الحرب، ماري ك.، «ساعدوا اشخاصا كهؤلاء على التطلع الى المستقبل، على امعان النظر في مواعيد اللّٰه، لا مآسي الماضي،» تنصح. نعم، كونوا صبورين وشفوقين. التمسوا العذر. وحاولوا ان تساعدوهم على بناء الرجاء للمستقبل.
‹ولكن،› قد تقولون، ‹كيف يمكن ان تكون حرب اخرى، هرمجدون، هي الحل لاولئك الذين تألَّموا بسبب صدمة الحرب؟› ان هرمجدون، حرب اللّٰه على كل شر، ستكون حربا دون ضحايا بريئة. ولن تخالف مبادئ العدل والصلاح. و ‹ستُخاض بالبر،› وسيموت فيها الاشرار فقط. — رؤيا ١٩:١١، عج؛ امثال ٢:٢٠-٢٢.
لن تكون لهرمجدون آثار لاحقة فظيعة، ولا كوابيس معاوِدة او جروح نفسية اخرى. وعالم اللّٰه الجديد سيتمِّم الصورة النبوية المرسومة في اشعياء ٦٥:١٧–١٩: «لا تُذكر (الامور) الاولى . . . ولا يُسمع بعد . . . صوت بكاء ولا صوت صراخ.»
وكل الضحايا السابقة للحروب القتَّالة والعنف، وحتى الاموات، سيستفيدون من هذه الحرب. (مزمور ٧٢:٤، ١٢-١٤؛ يوحنا ٥:٢٨، ٢٩) فكِّروا في ذلك — ردٌ لفردوس السلام الذي قصده اللّٰه اصلا.
«انّ هذا الرجاء الذي يعطيه الكتاب المقدس،» قال بوب هونيس، «هو المفتاح للتغلب على عاقبة الحرب. وجميع الذين تأذَّوا بصدمة الحرب يمكنهم الانتفاع من رجاء كهذا. وهذا النوع من الرجاء، كما يقول الكتاب المقدس، هو ‹مرساة للنفس.›» — عبرانيين ٦:١٩.
[النبذة في الصفحة ٨]
«ما كان ينمو في داخلي ظهر الآن على السطح — فراغ مريع وإحساس بالتفاهة»
[الصورتان في الصفحة ٧]
في الطريق الى إيوو جيما درسنا نماذج الجزيرة
هونيس يَظهر في الاعلى الى اليمين
[مصدر الصورة]
U.S. Marine Corps
[الصورة في الصفحة ٩]
بوب وماري هونيس اليوم
-