مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • نظرة حالكة الى المستقبل
    استيقظ!‏ ٢٠٠٢ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٢
    • نظرة حالكة الى المستقبل

      تخيّل المشهد التالي.‏ ارهابيون يطلقون سرّا ڤيروس الجُدَريّ في ثلاثة مراكز للتسوّق في الولايات المتحدة.‏ فيصيب الڤيروس المتسوقين غير المرتابين بشيء.‏ وما هي إلّا فترة قصيرة —‏ اكثر من اسبوع بقليل —‏ حتى يدرك الاطباء ان مرض الجُدَريّ اصاب ٢٠ شخصا.‏ وفي الايام التالية،‏ ينتقل الڤيروس الى آخرين.‏ فينتشر الذعر.‏ تندلع اعمال شغب يتعذر السيطرة عليها.‏ تعجز الفرق الطبية عن العناية بكل المصابين.‏ تُغلق حدود البلاد.‏ ويتضعضع الاقتصاد.‏ وبعد واحد وعشرين يوما من اطلاق الڤيروس،‏ يكون المرض قد انتقل الى ٢٥ ولاية و ١٠ بلدان اخرى.‏ وتصير الحصيلة بحلول هذا الوقت ٠٠٠‏,١٦ مصاب و ٠٠٠‏,١ وفاة.‏ ويقدِّر الاطباء انه بعد ثلاثة اسابيع سيرتفع عدد الاشخاص المخموجين الى ٠٠٠‏,٣٠٠،‏ وأن ثلثهم سيموت.‏

      هذا المشهد ليس رواية فيلم خيالي علمي.‏ بل هو اختبار أُعدّ على الكمپيوتر،‏ يتنبأ بما يحصل على الارجح اذا تفشى الداء بهذه الطريقة.‏ وقد قام به فريق من الباحثين البارزين في حزيران (‏يونيو)‏ ٢٠٠١.‏

      بالنسبة الى كثيرين،‏ اتخذ هذا الاختبار وجها جديدا ومشؤوما بعد العنف الذي وسم حادثة ١١ ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٠٠١.‏ فالهجمات على مركز التجارة العالمي في مدينة نيويورك والپانتاڠون في العاصمة واشنطن بيّنت بشكل مأساوي ان هنالك اشخاصا قساة يدفعهم البغض مصمِّمين على ارتكاب قتل جماعي.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ اثبتت الهجمات ان الولايات المتحدة،‏ وأيضا كل البلدان الاخرى،‏ غير محصَّنة ضد هجمات مماثلة.‏ فنحن نعيش في عالم حيث يستطيع الارهابيون المتطرفون الاطاحة بحياة آلاف الاشخاص في لحظة واحدة.‏

      بعد هجمات ١١ ايلول (‏سبتمبر)‏ مباشرة،‏ بدأت تصل الى السياسيين والاعلاميين رسائل تحتوي على بكتيرية الجمرة الخبيثة المميتة.‏ فطغى الذعر على الناس.‏ وعززت وسائل الاعلام والخبراء هذه المخاوف بقولهم ان الارهابيين قد يهاجمون بمُمرِضات فتاكة اكثر من الجمرة الخبيثة —‏ مثل الطاعون او الجُدَريّ.‏ وربما تكون بعض البلدان التي لا تلتزم بالاتفاقيات الدولية قد بدأت تنتج مثل هذه العُضويات بالجملة في مختبرات سرّية.‏ تأمل في عيّنة مما كُتب مؤخرا:‏

      ‏«تعترف الجمعية الطبية العالمية بأن هنالك خطرا متزايدا ناجما عن امكانية استعمال الاسلحة البيولوجية لإطلاق اوبئة فتاكة يمكن ان تنتشر عالميا.‏ ويمكن ان تكون كل الدول عرضة للخطر.‏ كما يمكن ان يؤدي إطلاق العُضويات مثل عُضويات الجُدَريّ،‏ الطاعون،‏ والجمرة الخبيثة الى كارثة بسبب الامراض والوفيات التي ستنتج،‏ وكذلك بسبب الهلع الناجم عن تفشي مثل هذه الامراض».‏ —‏ الجمعية الطبية الاميركية.‏

      ‏«الاسلحة البيولوجية،‏ بخلاف القنابل وغاز الاعصاب،‏ هي خبيثة.‏ ففترة حضانة المرض تجعل الفاجعة تظهر بشكل بطيء وخفي.‏ في البداية يصل الى المستشفيات عدد قليل من الناس.‏ وقد تربك اعراضهم الاطباء او تماثل اعراض امراض شائعة.‏ وإلى ان يدرك العاملون في مجال الصحة ما يجري،‏ يكون الوبأ قد تفشى في مدن بكاملها».‏ —‏ مجلة ساينتفيك امريكان.‏

      ‏«اذا أُطلق ڤيروس الجُدَريّ اليوم،‏ تكون غالبية الناس غير محصنة ضده.‏ وبما ان ٣٠ في المئة من الذين يصابون بهذا المرض يموتون،‏ قد يبلغ عدد الوفيات بليوني شخص تقريبا».‏ —‏ مجلة الشؤون الخارجية (‏بالانكليزية)‏.‏

      ‏‹كل الدول في خطر.‏ يمكن ان يتفشى الوبأ في مدن بكاملها.‏ قد يموت بليونا شخص تقريبا›.‏ هذه العبارات تنذر بالخطر.‏ لكن ما مدى احتمال شن هجوم بيولوجي ينتهي بكارثة؟‏ ان الخبراء يفكرون مليا في هذا السؤال.‏ والمقالة التالية ستساعدك على فهم بعض المسائل المشمولة.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٤]‏

      جنود يواجهون هجوما بيولوجيا زائفا

      ‏[مصدر الصورة]‏

      DoD photo by Cpl.‎ Branden P.‎ O’Brien,‎ U.‎S.‎ Marine Corps

  • الاسلحة الصامتة —‏ الى اي مدى تهديدها حقيقي؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٢ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٢
    • الاسلحة الصامتة —‏ الى اي مدى تهديدها حقيقي؟‏

      ان محاولات القتل باستعمال المرض كسلاح خلال الحرب ليست جديدة.‏ ففي القرن الـ‍ ١٤،‏ في اوروپا الشرقية،‏ قُذفت ضحايا الطاعون من فوق اسوار مدينة تحت الحصار.‏ وبعد ٤٠٠ سنة،‏ اعطى الضباط البريطانيون الهنود الاميركيين عمدا اغطية ملوّثة بالجُدَريّ في مفاوضة سلام جرت خلال الحرب الفرنسية والهندية.‏ فأطلق ذلك وبأ ساهم في استسلام الهنود.‏ لكن لم يكن حتى نهاية القرن الـ‍ ١٩ ان اكتُشف ان الميكروبات تسبّب الامراض الخمجية.‏ وهذا الفهم فتح الطريق امام امكانيات جديدة ومرعبة لاستعمال المرض كسلاح.‏

      لا شك ان التقدم الطبي والعلمي ادّى الى تطوير العقاقير واللقاحات.‏ وقد نجحت هذه الى حد كبير في معالجة المرض والوقاية منه.‏ لكن،‏ رغم هذا التقدم،‏ يبقى المرض الخمجي عدوا مرعبا،‏ اذ يقضي على اكثر من ١٧ مليون نسمة كل سنة —‏ حوالي ٠٠٠‏,٥٠ كل يوم.‏ ويا للمفارقة!‏ ففي حين يكرّس رجال ونساء عباقرة حياتهم للتغلب على المرض عند البشر،‏ يصبّ آخرون اهتمامهم بنفس المهارة والغيرة للتغلب على البشر بنشر المرض.‏

      محاولات لحظر الاسلحة البيولوجية

      على مدى اكثر من ٢٥ سنة،‏ كانت هنالك مساعٍ دؤوبة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد السوڤياتي السابق وعدة بلدان اخرى لتطوير اسلحة بيولوجية.‏ لكن في سنة ١٩٧٢،‏ اتفقت البلدان على حظر هذه الاسلحة.‏ الا ان بعض الدول استمرت تطوِّرها سرّا وتُجري ابحاثا عليها،‏ مخزّنة عددا كبيرا من العُضويات البيولوجية المميتة ومهيئة ايضا وسائل لنقلها وإطلاقها.‏

      فماذا ادّى الى الحظر الرسمي لهذه الاسلحة؟‏ بحسب التفكير السائد في اوائل سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ ان العُضويات البيولوجية،‏ رغم كونها فتاكة جدا،‏ ليست اسلحة فعالة في ساحة القتال.‏ احد الاسباب هو ان تأثيرها ليس مباشرا —‏ فالاعراض تستغرق وقتا لتظهر.‏ سبب آخر هو ان فعاليتها تتأثر بالتغييرات في الريح والطقس.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ ادركت الامم انه اذا استعمل بلد ما الاسلحة البيولوجية ضد بلد آخر،‏ فعلى الارجح سينتقم البلد المستهدَف مستعملا ترسانة الاسلحة البيولوجية او النووية التي يملكها.‏ وأخيرا،‏ شعر كثيرون برفض ادبي لفكرة نشر عُضويات حية عمدا بهدف اصابة الرفقاء البشر بعجز او قتلهم.‏

      لكن من المرجح الّا تردع ايّ من هذه الاسباب الناس المملوئين حقدا والمستعدين لتجاهل المقاييس الادبية التقليدية.‏ فالاسلحة البيولوجية لها جاذبية هائلة في عيني المصمِّمين على القتل العشوائي.‏ يمكن تطويرها ونشرها سرّا.‏ كما يمكن اخفاء هوية المهاجِم.‏ حتى لو عُرف المهاجِم،‏ ليس من السهل الردّ على شبكة ارهابية لديها خلايا في بلدان كثيرة.‏ ويكفي الهلع الذي يسببه الهجوم البيولوجي الصامت،‏ الخفي،‏ البطيء التأثير،‏ والمميت لكي يفقد سكان البلد استقرارهم.‏ اما الهجمات التي تستهدف المحاصيل او المواشي فيمكن ان تؤدي الى نقص في الطعام وإلى كارثة اقتصادية.‏

      والحافز الآخر هو ان تطوير الاسلحة البيولوجية لا يكلف كثيرا نسبيا.‏ لقد قارن احد التحاليل كلفة استعمال اسلحة مختلفة لقتل مدنيين غير محميّين في منطقة مساحتها نحو كيلومتر مربع.‏ وقدّر ان كلفة استعمال الاسلحة التقليدية تبلغ ٠٠٠‏,٥ دولار اميركي،‏ الاسلحة النووية ٠٠٠‏,٢ دولار اميركي،‏ اسلحة غاز الاعصاب ٥٠٠‏,١ دولار اميركي،‏ في حين تكلف الاسلحة البيولوجية ٥٠‏,٢ دولارا اميركيا.‏

      العوائق التقنية امام الارهابيين

      تقول تقارير في وسائل الاعلام ان بعض المجموعات الارهابية اجرت تجارب على الاسلحة البيولوجية.‏ رغم ذلك،‏ هنالك فارق شاسع بين اجراء تجارب على الاسلحة البيولوجية واستعمالها لشن هجوم حقيقي.‏

      يواجه الارهابي او المجموعات الارهابية صعوبات تقنية هائلة ينبغي ان يتخطوها لينجحوا في مساعيهم.‏ اولا،‏ على الارهابي ان يحصل على سلالة فتاكة جدا من المُمرِضات.‏ ثانيا،‏ ينبغي ان يعرف كيف يتحكم فيها ويخزنها بشكل صحيح وآمن.‏ ثالثا،‏ عليه ان يعرف كيف ينتج كميات كبيرة منها.‏ ان كميات صغيرة من احدى العُضويات المجهرية الفتاكة تدمر حقلا من المحاصيل،‏ قطيعا من الماشية،‏ او مدينة مأهولة بالناس،‏ هذا اذا اصابت المُمرِضات الهدف بدقة.‏ لكن ابقاء العُضويات حية خارج المختبرات ليس بالامر السهل.‏ والواقع هو ان مجرد جزء من العُضويات يبلغ الهدف،‏ لذلك يلزم كميات اكبر بكثير لشن هجوم يسبب كارثة.‏

      وهنالك المزيد من العقبات التي ينبغي ان يتخطاها الارهابي.‏ فعليه ان يفهم كيف يبقي المُمرِضات حية وفعالة خلال نقلها من مكان حفظها الى مكان اطلاقها.‏ وأخيرا،‏ يلزم ان يعرف كيف ينشرها بفعالية.‏ ويشمل ذلك التأكد ان تصيب المُمرِضات المؤلفة من جُسيمات بحجم مناسب الهدف،‏ وأن تُطلَق في منطقة جغرافية كبيرة وبكميات كافية لتسبب خمجا جماعيا.‏ لقد احتاج فريق متمرِّس من الباحثين الاميركيين في مجال الحرب الجرثومية الى اكثر من عشر سنوات لإنتاج نظام موثوق به لنقل الاسلحة البيولوجية.‏ فبعدما تُطلق العُضويات البيولوجية في الجو،‏ تتعرض لأشعة الشمس ولدرجات حرارة مختلفة،‏ مما قد يسبب موت العُضوية المجهرية.‏ بالتالي،‏ ينبغي حيازة معرفة دقيقة عن تأثير الهواء في العُضويات البيولوجية من اجل استعمالها كسلاح.‏

      نظرا الى العقبات التقنية الكثيرة الموجودة،‏ لا عجب ان الارهابيين لم يقوموا سوى ببعض المحاولات لاستعمال الاسلحة البيولوجية.‏ وهذه المحاولات لم تسبب سوى اصابات قليلة.‏ ومؤخرا،‏ قتلت رسائل ملوّثة بالجمرة الخبيثة خمسة اشخاص في الولايات المتحدة.‏ صحيح انه امر محزن حقا،‏ لكن عدد الضحايا انما هو اقل من العدد الذي قد ينجم عن قنبلة صغيرة او مسدس.‏ وقد حسب الباحثون انه منذ سنة ١٩٧٥،‏ في ٩٦ في المئة من الهجمات حول العالم التي استُعملت فيها المواد الكيميائية او العُضويات البيولوجية لم يُقتل او يُصَب اكثر من ثلاثة اشخاص في كل هجوم.‏

      ذكر المجلس البريطاني الاميركي للمعلومات الامنية معترفا بالصعوبات المشمولة في شن هجوم بيولوجي ناجح:‏ «رغم ان الحكومات تواجه عددا من التهديدات المتعلقة بالارهاب البيولوجي والكيميائي،‏ يعتقد معظم المحلّلين ان حدوث كوارث تشمل اصابات بالجملة،‏ ولو كان ممكنا،‏ هو بعيد الاحتمال جدا».‏ لكن في حين قد تكون امكانية حصول مثل هذا الهجوم ضئيلة،‏ فإن النتائج يمكن ان تكون رهيبة.‏

      الخبر السيِّئ

      حتى الآن عرضنا الوجه الايجابي.‏ فالصعوبات التقنية والتاريخ كلاهما يشيران الى عدم احتمال حدوث هجمات بيولوجية تؤدي الى كارثة.‏ اما الخبر السيِّئ فهو بصريح العبارة:‏ ليس التاريخ دليلا دقيقا الى المستقبل.‏ فرغم فشل الهجمات في الماضي،‏ ربما تنجح في المستقبل.‏

      ان المخاوف موجودة.‏ فعدد الارهابيين المصمِّمين على قتل عدد كبير من الناس يبدو انه في تزايد.‏ ولا تستعمل المجموعات الارهابية التكنولوجيا المتطورة فحسب،‏ بل يملك بعضها ايضا موارد مالية وتقنية مشابهة لموارد بعض الحكومات.‏

      ولا يبدو ان الخبراء يخشون ان تعطي الدول اسلحة بيولوجية للمجموعات الارهابية.‏ قال احد المحلِّلين:‏ «رغم قساوة الحكومات،‏ طموحها،‏ وتطرفها من الناحية الايديولوجية،‏ ستحجم عن اعطاء اسلحة غير تقليدية لمجموعات ارهابية لا تستطيع السيطرة عليها كاملا؛‏ قد تُغرى الحكومات بشن هجوم مستعملة هي بنفسها هذه الاسلحة،‏ لكن من المرجح اكثر ان تعمد الى استعمالها للتهديد لا لشن حرب فعلية».‏ لكن ما يخشاه الخبراء فعلا هو العروض المغرية التي قد تقدمها المجموعات الارهابية للعلماء المتمرِّسين لكي يعملوا لحسابها.‏

      تصميم عُضويات فتاكة

      ان التقدّم في التكنولوجيا الحيوية هو ايضا مسألة تثير القلق.‏ فقد بات العلماء يعرفون كيف يتلاعبون بالمُمرِضات الموجودة لتصير فتاكة جدا ويصير التحكم فيها اسهل.‏ فيمكنهم ان يغيّروا وراثيا العُضويات المجهرية غير المؤذية لكي تنتج السموم.‏ ويمكنهم ايضا التلاعب بالعُضويات بحيث تفلت من طرائق اكتشافها التقليدية.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ يمكن ان تصمَّم العُضويات المجهرية لتقاوم المضادات الحيوية،‏ اللقاحات التقليدية،‏ والعلاجات.‏ مثلا،‏ ادّعى العلماء،‏ الذين انشقوا عن الاتحاد السوڤياتي السابق،‏ انهم طوّروا نوعا من الوبإ المقاوم لـ‍ ١٦ مضادا حيويا.‏

      ويُتوقع ان يتسع مجال الخيارات مع التطورات المستقبلية في التكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية.‏ فقد يغيّر العلماء ترتيب المورِّثات لإعادة تصميم او لتعديل وفرة من الاسلحة البيولوجية —‏ فتصير اكثر فتكا ومقاومة وأسهل انتاجا وتسليما.‏ ويمكن ان تصمَّم المُمرِضات بحيث يصير التنبؤ بتأثيراتها والسيطرة عليها اسهل.‏ كما يمكن ان تصمَّم لتموت بعد ان تنقسم خلاياها عددا محددا من المرات —‏ فتَقتل ثم تفنى.‏

      قد يجري ايضا تطوير اسلحة خفية غير عادية في المستقبل.‏ مثلا،‏ قد تصيب اسلحة متخصِّصة جدا الجهاز المناعي نفسه بالعجز —‏ وبالتالي،‏ عوض ان تُصاب الضحية بمرض معيّن،‏ تصير عرضة لالتقاط امراض كثيرة.‏ وإذا ظهر مثل هذا الڤيروس الشبيه بڤيروس الأيدز،‏ فمن سيعلم اذا كان مصدره طفرة طبيعية ام تلاعبا وراثيا أُعدّ في مختبر العدو؟‏

      وقد غيّر التقدم التكنولوجي تفكير الاشخاص العاملين في السلك العسكري.‏ كتب ضابط في البحرية الاميركية:‏ «بدأ مصمِّمو الاسلحة لتوّهم استكشاف التغييرات الجذرية التي يمكن ان تحدثها التكنولوجيا الحيوية.‏ وما يدعو الى التأمل في جدية الموضوع هو الادراك ان ما يكمن امامنا من تطورات سيتعدى كثيرا ما مضى».‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦]‏

      ما هي الحرب البيولوجية؟‏

      تشير عبارة «حرب بيولوجية» الى نشر المرض عمدا بين البشر،‏ الحيوانات،‏ او النباتات.‏ يلتقط السكان المستهدَفون المرض عندما يُخمجون بعُضويات مجهرية حية.‏ فتتكاثر هذه العُضويات (‏منتجة بعضها السموم)‏،‏ وبمرور الوقت تصبح اعراض المرض ظاهرة.‏ بعض الاسلحة البيولوجية تسبّب العجز،‏ وبعضها الموت.‏ كما يمكن ان يُستعمل بعضها الآخر ايضا لتدمير المحاصيل.‏

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ٨،‏ ٩]‏

      وقائع عن الاسلحة البيولوجية

      الجمرة الخبيثة:‏ مرض خمجي سببه بكتيرية تنتج ابواغا spores‏.‏ الاعراض الباكرة الناجمة عن استنشاق الجمرة الخبيثة تشبه اعراض الزكام العادي.‏ بعد عدة ايام،‏ تتطور الاعراض منتجة مشاكل خطيرة في التنفّس ومؤدية إلى صدمة.‏ وهذا الشكل من الجمرة الخبيثة هو مميت في اغلب الاحيان.‏

      بالنسبة الى الناس الذين تعرضوا للجمرة الخبيثة،‏ يمكن الحؤول دون تطور الخمج باللجوء الى المضادات الحيوية.‏ والعلاج المبكر حيوي؛‏ فالتأجيل يقلل من فرص البقاء على قيد الحياة.‏

      ان احتمال انتقال الجمرة الخبيثة من شخص الى آخر مباشرة ضئيل جدا وقد لا يحدث ابدا.‏

      في النصف الثاني من القرن الـ‍ ٢٠،‏ طوّرت بلدان عديدة الجمرة الخبيثة كسلاح،‏ منها الولايات المتحدة والاتحاد السوڤياتي السابق.‏ وعدد البلدان التي يُعتَقد انها تملك برامج لتطوير اسلحة بيولوجية ارتفع من ١٠ سنة ١٩٨٩ الى ١٧ سنة ١٩٩٥.‏ لكنَّ عدد هذه البلدان التي تملك الجمرة الخبيثة ليس مؤكدا.‏ وتقدّر حكومة الولايات المتحدة الاميركية ان اطلاق ١٠٠ كيلوڠرام من رذاذ الجمرة الخبيثة على احدى المدن الكبرى يمكن ان يكون مميتا بقدر ما تكون عليه القنبلة الهيدروجينية.‏

      التسمُّم الوشيقي botulism:‏ مرض يشلّ العضلات تسبّبه بكتيرية تطلق سموما.‏ تشمل اعراض المرض الذي ينتقل بالطعام ازدواج الرؤية او الرؤية الضبابية،‏ تدلّي الجفنين،‏ الكلام غير الواضح،‏ الصعوبة في البلع،‏ وجفاف الفم.‏ وينتقل ضعف العضلات من الكتفين نزولا الى كامل الجسم.‏ ويمكن ان يؤدي شلل العضلات التنفسية الى الموت.‏ لا ينتقل التسمُّم الوشيقي من شخص الى آخر.‏

      اذا أُعطي الترياق باكرا كفاية يخفف من شدّة الاعراض واحتمال الموت.‏

      السمّ الوشيقي هو الخيار الاول كسلاح بيولوجي ليس لأنه احد المواد السامة المعروفة جدا فحسب،‏ بل ايضا لأن انتاجه ونقله سهلان نسبيا.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ يحتاج المصابون الى عناية فائقة طويلة الامد.‏ ويُظن ان بلدانا عديدة تطور هذا السمّ الوشيقي كسلاح بيولوجي.‏

      الطاعون:‏ مرض خمجي معدٍ جدا تسببه بكتيرية.‏ من اوائل علامات الطاعون الرئوي المميت الحمى،‏ الصداع،‏ الوهن،‏ والسُّعال.‏ يليها الصدمة الإنتانية Septic shock،‏ ويصير الموت محتما تقريبا دون معالجة باكرة بالمضادات الحيوية.‏

      ينتقل المرض من انسان الى آخر في قطيرات اللعاب.‏

      في القرن الـ‍ ١٤،‏ قتل الطاعون خلال خمس سنوات حوالي ١٣ مليون نسمة في الصين وما يتراوح بين ٢٠ و ٣٠ مليونا في اوروپا.‏

      وخلال خمسينات وستينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ طوّر كلّ من الولايات المتحدة والاتحاد السوڤياتي السابق تقنيات لنشر الطاعون الرئوي.‏ ويُعتقد ان آلاف العلماء عملوا في تحويل الطاعون الى سلاح.‏

      الجُدَريّ:‏ مرض خمجي معدٍ جدا يسببه ڤيروس.‏ من اعراضه الاولية حمى شديدة،‏ تعب،‏ صداع،‏ وأوجاع في الظهر.‏ ويليها لاحقا تقرُّحات مؤلمة مليئة بالقيح.‏ يموت واحد من كل ثلاث ضحايا.‏

      قُضي على مرض الجُدَريّ حول العالم سنة ١٩٧٧.‏ وانتهى التلقيح الروتيني ضد الجُدَريّ في اواسط سبعينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ ان مستوى المناعة بين الناس الذين لُقحوا قبل ذلك الوقت،‏ هذا اذا وُجدت اية مناعة،‏ هو غير معروف.‏ وما من علاج اثبت فعاليته في حالة مرض الجُدَريّ.‏

      ينتقل المرض من شخص الى آخر في قطيرات اللعاب المخموجة.‏ كما يمكن لأغطية السرير والثياب الملوّثة ان تنشر الڤيروس ايضا.‏

      منذ سنة ١٩٨٠،‏ اطلق الاتحاد السوڤياتي برنامجا ناجحا لإنتاج اكبر كميات من ڤيروس الجُدَريّ وتكييفه لكي يُرسَل بواسطة المقذوفات البالستية العابرة للقارات.‏ وبُذلت الجهود ايضا لتطوير سلالات من الجُدَريّ تكون خطرة ومعدية اكثر.‏

      ‏[‏الصورة]‏

      بكتيرية الجمرة الخبيثة والبَوْغ الكروي الذي انتجته

      ‏[المصادر]‏

      المصادر:‏ مراكز مكافحة الامراض والوقاية منها في الولايات المتحدة،‏ ومركز جونز هوپكنز للدراسات المتعلقة بحماية المدنيين من الهجمات البيولوجية.‏

      Anthrax victim: CDC,‎ Atlanta,‎ Ga.‎; anthrax bacterium: ©Dr.‎ Gary Gaugler,‎ Photo Researchers; botulism bacterium: CDC/Courtesy of Larry Stauffer,‎ Oregon State Public Health Laboratory

      Plague bacterium: Copyright Dennis Kunkel Microscopy,‎ Inc.‎; smallpox virus: ©Meckes,‎ Gelderblom,‎ Eye of Science,‎ Photo Researchers; smallpox victim: CDC/NIP/Barbara Rice

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      انتشر الخوف مؤخرا بسبب الرسائل الملوثة بالجمرة الخبيثة

      ‏[مصدر الصورة]‏

      AP Photo/Axel Seidemann

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      قنابل كيميائية/‏حيوية تُلقى من الجو مُدمَّرة بعد حرب الخليج

      ‏[مصدر الصورة]‏

      AP Photo/MOD

  • في البحث عن الحلول
    استيقظ!‏ ٢٠٠٢ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٢
    • في البحث عن الحلول

      في سنة ١٩٧٢ وقّع اكثر من مئة بلد معاهدة دولية تحظر تطوير،‏ انتاج،‏ وتخزين الاسلحة البيولوجية.‏ وهذه المعاهدة،‏ التي دعيت معاهدة الاسلحة البيولوجية والتوكسينية،‏ كانت الاولى من نوعها لحظر فئة بكاملها من الاسلحة.‏ لكن الخلل فيها هو انها لم تضع طريقة تحدّد اذا كانت البلدان تتقيّد بالقوانين الموضوعة.‏

      من الصعب التحقق ان كانت البلدان تطور اسلحة بيولوجية ام لا،‏ اذ ان التقنيات والمعرفة المستعملة لأهداف سلمية يمكن ان تُستعمل هي نفسها لتطوير اسلحة بيولوجية.‏ وهذا «الاستعمال المزدوج» الذي يميز التكنولوجيا الحيوية يسهّل اخفاء عملية تطوير الاسلحة ضمن جدران مصانع ومختبرات للتخمير تجري فيها ظاهريا نشاطات مدنية قانونية.‏

      لتذليل هذه الصعوبات،‏ سنة ١٩٩٥ بدأ مندوبون من بلدان مختلفة يتفاوضون بشأن اتفاقية ملزِمة.‏ وطوال اكثر من ست سنوات تداولوا في الاجراءات المحدّدة التي يمكن اتخاذها للتأكد من التزام البلدان بمعاهدة الاسلحة البيولوجية والتوكسينية.‏ وفي ٧ كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ٢٠٠١،‏ عُقد مؤتمر دام ثلاثة اسابيع وحضرته البلدان الـ‍ ١٤٤ التي وقعت الاتفاقية سنة ١٩٧٢،‏ ولكنه انتهى بالفوضى.‏ وكانت المشكلة ان الولايات المتحدة لم توافق على الاقتراحات الاساسية المتعلقة بكيفية التحقق من التزام الدول بمعاهدة الاسلحة البيولوجية والتوكسينية.‏ فقد ذكرت الولايات المتحدة جازمة انه،‏ بسماحها للدخلاء بفحص منشآ‌تها العسكرية والصناعية،‏ ستعرّض نفسها للتجسس.‏

      ما يخبئه المستقبل

      هنالك امكانية هائلة لاستعمال التكنولوجيا الحيوية في المساعي الخيّرة والشريرة على السواء.‏ فالتقنيات الرئيسية الاخرى —‏ علم الفلزات،‏ المتفجرات،‏ الاحتراق الداخلي،‏ الطيران،‏ الالكترونيات —‏ لم تُستخدم لأهداف سلمية فحسب،‏ بل ايضا لأهداف عدائية.‏ فهل ينطبق الامر على التكنولوجيا الحيوية؟‏ كثيرون يعتقدون ان الجواب عن هذا السؤال هو نعم.‏

      قال تقرير وضعته اللجنة الاميركية للامن القومي سنة ١٩٩٩:‏ «سيربح افراد ومجموعات .‏ .‏ .‏ نفوذا وسلطة،‏ وسيكون تحت تصرف كثيرين وسائل تدميرية مرعبة.‏ .‏ .‏ .‏ وسيزداد وجود الافراد والمجموعات المختصّين في هذا المجال الذين غالبا ما تدفعهم الغيرة الدينية،‏ معتقدات البِدع المنافية على ما يبدو للمنطق،‏ او الامتعاض الشديد.‏ ويمكن ان يستغل الارهابيون اليوم التكنولوجيا التي كانت في ما مضى حكرا على الدول الكبرى ويقومون بهجمات على التجمعات السكنية الكبيرة».‏

      نحن لا نعرف ما الذي سيحدث في المستقبل القريب،‏ ولكننا نعرف ما ينوي اللّٰه ان يفعله للجنس البشري.‏ فالكتاب المقدس يعِد انه سيأتي وقت يسكن فيه الناس على الارض «آمنين ولا مخيف».‏ (‏حزقيال ٣٤:‏٢٨‏)‏ لمعرفة المزيد عن هذا الوعد المعزّي،‏ اتصل بشهود يهوه محليا او اكتب الى العنوان الملائم المدرج في الصفحة ٥ من هذه المجلة.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠]‏

      يطوّر الباحثون طرائق لإبطال مفعول الجمرة الخبيثة

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Photo courtesy of Sandia National Laboratories

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠]‏

      مؤتمر الاسلحة البيولوجية،‏ في ١٩ تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ٢٠٠١،‏ سويسرا

      ‏[مصدر الصورة]‏

      AP Photo/Donald Stampfli

      ‏[الصور في الصفحة ١١]‏

      يعِد الكتاب المقدس بوقت يسكن فيه الجميع «آمنين»‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة