-
نظرة حالكة الى المستقبلاستيقظ! ٢٠٠٢ | ايلول (سبتمبر) ٢٢
-
-
نظرة حالكة الى المستقبل
تخيّل المشهد التالي. ارهابيون يطلقون سرّا ڤيروس الجُدَريّ في ثلاثة مراكز للتسوّق في الولايات المتحدة. فيصيب الڤيروس المتسوقين غير المرتابين بشيء. وما هي إلّا فترة قصيرة — اكثر من اسبوع بقليل — حتى يدرك الاطباء ان مرض الجُدَريّ اصاب ٢٠ شخصا. وفي الايام التالية، ينتقل الڤيروس الى آخرين. فينتشر الذعر. تندلع اعمال شغب يتعذر السيطرة عليها. تعجز الفرق الطبية عن العناية بكل المصابين. تُغلق حدود البلاد. ويتضعضع الاقتصاد. وبعد واحد وعشرين يوما من اطلاق الڤيروس، يكون المرض قد انتقل الى ٢٥ ولاية و ١٠ بلدان اخرى. وتصير الحصيلة بحلول هذا الوقت ٠٠٠,١٦ مصاب و ٠٠٠,١ وفاة. ويقدِّر الاطباء انه بعد ثلاثة اسابيع سيرتفع عدد الاشخاص المخموجين الى ٠٠٠,٣٠٠، وأن ثلثهم سيموت.
هذا المشهد ليس رواية فيلم خيالي علمي. بل هو اختبار أُعدّ على الكمپيوتر، يتنبأ بما يحصل على الارجح اذا تفشى الداء بهذه الطريقة. وقد قام به فريق من الباحثين البارزين في حزيران (يونيو) ٢٠٠١.
بالنسبة الى كثيرين، اتخذ هذا الاختبار وجها جديدا ومشؤوما بعد العنف الذي وسم حادثة ١١ ايلول (سبتمبر) ٢٠٠١. فالهجمات على مركز التجارة العالمي في مدينة نيويورك والپانتاڠون في العاصمة واشنطن بيّنت بشكل مأساوي ان هنالك اشخاصا قساة يدفعهم البغض مصمِّمين على ارتكاب قتل جماعي. بالاضافة الى ذلك، اثبتت الهجمات ان الولايات المتحدة، وأيضا كل البلدان الاخرى، غير محصَّنة ضد هجمات مماثلة. فنحن نعيش في عالم حيث يستطيع الارهابيون المتطرفون الاطاحة بحياة آلاف الاشخاص في لحظة واحدة.
بعد هجمات ١١ ايلول (سبتمبر) مباشرة، بدأت تصل الى السياسيين والاعلاميين رسائل تحتوي على بكتيرية الجمرة الخبيثة المميتة. فطغى الذعر على الناس. وعززت وسائل الاعلام والخبراء هذه المخاوف بقولهم ان الارهابيين قد يهاجمون بمُمرِضات فتاكة اكثر من الجمرة الخبيثة — مثل الطاعون او الجُدَريّ. وربما تكون بعض البلدان التي لا تلتزم بالاتفاقيات الدولية قد بدأت تنتج مثل هذه العُضويات بالجملة في مختبرات سرّية. تأمل في عيّنة مما كُتب مؤخرا:
«تعترف الجمعية الطبية العالمية بأن هنالك خطرا متزايدا ناجما عن امكانية استعمال الاسلحة البيولوجية لإطلاق اوبئة فتاكة يمكن ان تنتشر عالميا. ويمكن ان تكون كل الدول عرضة للخطر. كما يمكن ان يؤدي إطلاق العُضويات مثل عُضويات الجُدَريّ، الطاعون، والجمرة الخبيثة الى كارثة بسبب الامراض والوفيات التي ستنتج، وكذلك بسبب الهلع الناجم عن تفشي مثل هذه الامراض». — الجمعية الطبية الاميركية.
«الاسلحة البيولوجية، بخلاف القنابل وغاز الاعصاب، هي خبيثة. ففترة حضانة المرض تجعل الفاجعة تظهر بشكل بطيء وخفي. في البداية يصل الى المستشفيات عدد قليل من الناس. وقد تربك اعراضهم الاطباء او تماثل اعراض امراض شائعة. وإلى ان يدرك العاملون في مجال الصحة ما يجري، يكون الوبأ قد تفشى في مدن بكاملها». — مجلة ساينتفيك امريكان.
«اذا أُطلق ڤيروس الجُدَريّ اليوم، تكون غالبية الناس غير محصنة ضده. وبما ان ٣٠ في المئة من الذين يصابون بهذا المرض يموتون، قد يبلغ عدد الوفيات بليوني شخص تقريبا». — مجلة الشؤون الخارجية (بالانكليزية).
‹كل الدول في خطر. يمكن ان يتفشى الوبأ في مدن بكاملها. قد يموت بليونا شخص تقريبا›. هذه العبارات تنذر بالخطر. لكن ما مدى احتمال شن هجوم بيولوجي ينتهي بكارثة؟ ان الخبراء يفكرون مليا في هذا السؤال. والمقالة التالية ستساعدك على فهم بعض المسائل المشمولة.
[الصورة في الصفحة ٤]
جنود يواجهون هجوما بيولوجيا زائفا
[مصدر الصورة]
DoD photo by Cpl. Branden P. O’Brien, U.S. Marine Corps
-
-
الاسلحة الصامتة — الى اي مدى تهديدها حقيقي؟استيقظ! ٢٠٠٢ | ايلول (سبتمبر) ٢٢
-
-
الاسلحة الصامتة — الى اي مدى تهديدها حقيقي؟
ان محاولات القتل باستعمال المرض كسلاح خلال الحرب ليست جديدة. ففي القرن الـ ١٤، في اوروپا الشرقية، قُذفت ضحايا الطاعون من فوق اسوار مدينة تحت الحصار. وبعد ٤٠٠ سنة، اعطى الضباط البريطانيون الهنود الاميركيين عمدا اغطية ملوّثة بالجُدَريّ في مفاوضة سلام جرت خلال الحرب الفرنسية والهندية. فأطلق ذلك وبأ ساهم في استسلام الهنود. لكن لم يكن حتى نهاية القرن الـ ١٩ ان اكتُشف ان الميكروبات تسبّب الامراض الخمجية. وهذا الفهم فتح الطريق امام امكانيات جديدة ومرعبة لاستعمال المرض كسلاح.
لا شك ان التقدم الطبي والعلمي ادّى الى تطوير العقاقير واللقاحات. وقد نجحت هذه الى حد كبير في معالجة المرض والوقاية منه. لكن، رغم هذا التقدم، يبقى المرض الخمجي عدوا مرعبا، اذ يقضي على اكثر من ١٧ مليون نسمة كل سنة — حوالي ٠٠٠,٥٠ كل يوم. ويا للمفارقة! ففي حين يكرّس رجال ونساء عباقرة حياتهم للتغلب على المرض عند البشر، يصبّ آخرون اهتمامهم بنفس المهارة والغيرة للتغلب على البشر بنشر المرض.
محاولات لحظر الاسلحة البيولوجية
على مدى اكثر من ٢٥ سنة، كانت هنالك مساعٍ دؤوبة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد السوڤياتي السابق وعدة بلدان اخرى لتطوير اسلحة بيولوجية. لكن في سنة ١٩٧٢، اتفقت البلدان على حظر هذه الاسلحة. الا ان بعض الدول استمرت تطوِّرها سرّا وتُجري ابحاثا عليها، مخزّنة عددا كبيرا من العُضويات البيولوجية المميتة ومهيئة ايضا وسائل لنقلها وإطلاقها.
فماذا ادّى الى الحظر الرسمي لهذه الاسلحة؟ بحسب التفكير السائد في اوائل سبعينات الـ ١٩٠٠، ان العُضويات البيولوجية، رغم كونها فتاكة جدا، ليست اسلحة فعالة في ساحة القتال. احد الاسباب هو ان تأثيرها ليس مباشرا — فالاعراض تستغرق وقتا لتظهر. سبب آخر هو ان فعاليتها تتأثر بالتغييرات في الريح والطقس. بالاضافة الى ذلك، ادركت الامم انه اذا استعمل بلد ما الاسلحة البيولوجية ضد بلد آخر، فعلى الارجح سينتقم البلد المستهدَف مستعملا ترسانة الاسلحة البيولوجية او النووية التي يملكها. وأخيرا، شعر كثيرون برفض ادبي لفكرة نشر عُضويات حية عمدا بهدف اصابة الرفقاء البشر بعجز او قتلهم.
لكن من المرجح الّا تردع ايّ من هذه الاسباب الناس المملوئين حقدا والمستعدين لتجاهل المقاييس الادبية التقليدية. فالاسلحة البيولوجية لها جاذبية هائلة في عيني المصمِّمين على القتل العشوائي. يمكن تطويرها ونشرها سرّا. كما يمكن اخفاء هوية المهاجِم. حتى لو عُرف المهاجِم، ليس من السهل الردّ على شبكة ارهابية لديها خلايا في بلدان كثيرة. ويكفي الهلع الذي يسببه الهجوم البيولوجي الصامت، الخفي، البطيء التأثير، والمميت لكي يفقد سكان البلد استقرارهم. اما الهجمات التي تستهدف المحاصيل او المواشي فيمكن ان تؤدي الى نقص في الطعام وإلى كارثة اقتصادية.
والحافز الآخر هو ان تطوير الاسلحة البيولوجية لا يكلف كثيرا نسبيا. لقد قارن احد التحاليل كلفة استعمال اسلحة مختلفة لقتل مدنيين غير محميّين في منطقة مساحتها نحو كيلومتر مربع. وقدّر ان كلفة استعمال الاسلحة التقليدية تبلغ ٠٠٠,٥ دولار اميركي، الاسلحة النووية ٠٠٠,٢ دولار اميركي، اسلحة غاز الاعصاب ٥٠٠,١ دولار اميركي، في حين تكلف الاسلحة البيولوجية ٥٠,٢ دولارا اميركيا.
العوائق التقنية امام الارهابيين
تقول تقارير في وسائل الاعلام ان بعض المجموعات الارهابية اجرت تجارب على الاسلحة البيولوجية. رغم ذلك، هنالك فارق شاسع بين اجراء تجارب على الاسلحة البيولوجية واستعمالها لشن هجوم حقيقي.
يواجه الارهابي او المجموعات الارهابية صعوبات تقنية هائلة ينبغي ان يتخطوها لينجحوا في مساعيهم. اولا، على الارهابي ان يحصل على سلالة فتاكة جدا من المُمرِضات. ثانيا، ينبغي ان يعرف كيف يتحكم فيها ويخزنها بشكل صحيح وآمن. ثالثا، عليه ان يعرف كيف ينتج كميات كبيرة منها. ان كميات صغيرة من احدى العُضويات المجهرية الفتاكة تدمر حقلا من المحاصيل، قطيعا من الماشية، او مدينة مأهولة بالناس، هذا اذا اصابت المُمرِضات الهدف بدقة. لكن ابقاء العُضويات حية خارج المختبرات ليس بالامر السهل. والواقع هو ان مجرد جزء من العُضويات يبلغ الهدف، لذلك يلزم كميات اكبر بكثير لشن هجوم يسبب كارثة.
وهنالك المزيد من العقبات التي ينبغي ان يتخطاها الارهابي. فعليه ان يفهم كيف يبقي المُمرِضات حية وفعالة خلال نقلها من مكان حفظها الى مكان اطلاقها. وأخيرا، يلزم ان يعرف كيف ينشرها بفعالية. ويشمل ذلك التأكد ان تصيب المُمرِضات المؤلفة من جُسيمات بحجم مناسب الهدف، وأن تُطلَق في منطقة جغرافية كبيرة وبكميات كافية لتسبب خمجا جماعيا. لقد احتاج فريق متمرِّس من الباحثين الاميركيين في مجال الحرب الجرثومية الى اكثر من عشر سنوات لإنتاج نظام موثوق به لنقل الاسلحة البيولوجية. فبعدما تُطلق العُضويات البيولوجية في الجو، تتعرض لأشعة الشمس ولدرجات حرارة مختلفة، مما قد يسبب موت العُضوية المجهرية. بالتالي، ينبغي حيازة معرفة دقيقة عن تأثير الهواء في العُضويات البيولوجية من اجل استعمالها كسلاح.
نظرا الى العقبات التقنية الكثيرة الموجودة، لا عجب ان الارهابيين لم يقوموا سوى ببعض المحاولات لاستعمال الاسلحة البيولوجية. وهذه المحاولات لم تسبب سوى اصابات قليلة. ومؤخرا، قتلت رسائل ملوّثة بالجمرة الخبيثة خمسة اشخاص في الولايات المتحدة. صحيح انه امر محزن حقا، لكن عدد الضحايا انما هو اقل من العدد الذي قد ينجم عن قنبلة صغيرة او مسدس. وقد حسب الباحثون انه منذ سنة ١٩٧٥، في ٩٦ في المئة من الهجمات حول العالم التي استُعملت فيها المواد الكيميائية او العُضويات البيولوجية لم يُقتل او يُصَب اكثر من ثلاثة اشخاص في كل هجوم.
ذكر المجلس البريطاني الاميركي للمعلومات الامنية معترفا بالصعوبات المشمولة في شن هجوم بيولوجي ناجح: «رغم ان الحكومات تواجه عددا من التهديدات المتعلقة بالارهاب البيولوجي والكيميائي، يعتقد معظم المحلّلين ان حدوث كوارث تشمل اصابات بالجملة، ولو كان ممكنا، هو بعيد الاحتمال جدا». لكن في حين قد تكون امكانية حصول مثل هذا الهجوم ضئيلة، فإن النتائج يمكن ان تكون رهيبة.
الخبر السيِّئ
حتى الآن عرضنا الوجه الايجابي. فالصعوبات التقنية والتاريخ كلاهما يشيران الى عدم احتمال حدوث هجمات بيولوجية تؤدي الى كارثة. اما الخبر السيِّئ فهو بصريح العبارة: ليس التاريخ دليلا دقيقا الى المستقبل. فرغم فشل الهجمات في الماضي، ربما تنجح في المستقبل.
ان المخاوف موجودة. فعدد الارهابيين المصمِّمين على قتل عدد كبير من الناس يبدو انه في تزايد. ولا تستعمل المجموعات الارهابية التكنولوجيا المتطورة فحسب، بل يملك بعضها ايضا موارد مالية وتقنية مشابهة لموارد بعض الحكومات.
ولا يبدو ان الخبراء يخشون ان تعطي الدول اسلحة بيولوجية للمجموعات الارهابية. قال احد المحلِّلين: «رغم قساوة الحكومات، طموحها، وتطرفها من الناحية الايديولوجية، ستحجم عن اعطاء اسلحة غير تقليدية لمجموعات ارهابية لا تستطيع السيطرة عليها كاملا؛ قد تُغرى الحكومات بشن هجوم مستعملة هي بنفسها هذه الاسلحة، لكن من المرجح اكثر ان تعمد الى استعمالها للتهديد لا لشن حرب فعلية». لكن ما يخشاه الخبراء فعلا هو العروض المغرية التي قد تقدمها المجموعات الارهابية للعلماء المتمرِّسين لكي يعملوا لحسابها.
تصميم عُضويات فتاكة
ان التقدّم في التكنولوجيا الحيوية هو ايضا مسألة تثير القلق. فقد بات العلماء يعرفون كيف يتلاعبون بالمُمرِضات الموجودة لتصير فتاكة جدا ويصير التحكم فيها اسهل. فيمكنهم ان يغيّروا وراثيا العُضويات المجهرية غير المؤذية لكي تنتج السموم. ويمكنهم ايضا التلاعب بالعُضويات بحيث تفلت من طرائق اكتشافها التقليدية. بالاضافة الى ذلك، يمكن ان تصمَّم العُضويات المجهرية لتقاوم المضادات الحيوية، اللقاحات التقليدية، والعلاجات. مثلا، ادّعى العلماء، الذين انشقوا عن الاتحاد السوڤياتي السابق، انهم طوّروا نوعا من الوبإ المقاوم لـ ١٦ مضادا حيويا.
ويُتوقع ان يتسع مجال الخيارات مع التطورات المستقبلية في التكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية. فقد يغيّر العلماء ترتيب المورِّثات لإعادة تصميم او لتعديل وفرة من الاسلحة البيولوجية — فتصير اكثر فتكا ومقاومة وأسهل انتاجا وتسليما. ويمكن ان تصمَّم المُمرِضات بحيث يصير التنبؤ بتأثيراتها والسيطرة عليها اسهل. كما يمكن ان تصمَّم لتموت بعد ان تنقسم خلاياها عددا محددا من المرات — فتَقتل ثم تفنى.
قد يجري ايضا تطوير اسلحة خفية غير عادية في المستقبل. مثلا، قد تصيب اسلحة متخصِّصة جدا الجهاز المناعي نفسه بالعجز — وبالتالي، عوض ان تُصاب الضحية بمرض معيّن، تصير عرضة لالتقاط امراض كثيرة. وإذا ظهر مثل هذا الڤيروس الشبيه بڤيروس الأيدز، فمن سيعلم اذا كان مصدره طفرة طبيعية ام تلاعبا وراثيا أُعدّ في مختبر العدو؟
وقد غيّر التقدم التكنولوجي تفكير الاشخاص العاملين في السلك العسكري. كتب ضابط في البحرية الاميركية: «بدأ مصمِّمو الاسلحة لتوّهم استكشاف التغييرات الجذرية التي يمكن ان تحدثها التكنولوجيا الحيوية. وما يدعو الى التأمل في جدية الموضوع هو الادراك ان ما يكمن امامنا من تطورات سيتعدى كثيرا ما مضى».
[الاطار في الصفحة ٦]
ما هي الحرب البيولوجية؟
تشير عبارة «حرب بيولوجية» الى نشر المرض عمدا بين البشر، الحيوانات، او النباتات. يلتقط السكان المستهدَفون المرض عندما يُخمجون بعُضويات مجهرية حية. فتتكاثر هذه العُضويات (منتجة بعضها السموم)، وبمرور الوقت تصبح اعراض المرض ظاهرة. بعض الاسلحة البيولوجية تسبّب العجز، وبعضها الموت. كما يمكن ان يُستعمل بعضها الآخر ايضا لتدمير المحاصيل.
[الاطار/الصور في الصفحتين ٨، ٩]
وقائع عن الاسلحة البيولوجية
الجمرة الخبيثة: مرض خمجي سببه بكتيرية تنتج ابواغا spores. الاعراض الباكرة الناجمة عن استنشاق الجمرة الخبيثة تشبه اعراض الزكام العادي. بعد عدة ايام، تتطور الاعراض منتجة مشاكل خطيرة في التنفّس ومؤدية إلى صدمة. وهذا الشكل من الجمرة الخبيثة هو مميت في اغلب الاحيان.
بالنسبة الى الناس الذين تعرضوا للجمرة الخبيثة، يمكن الحؤول دون تطور الخمج باللجوء الى المضادات الحيوية. والعلاج المبكر حيوي؛ فالتأجيل يقلل من فرص البقاء على قيد الحياة.
ان احتمال انتقال الجمرة الخبيثة من شخص الى آخر مباشرة ضئيل جدا وقد لا يحدث ابدا.
في النصف الثاني من القرن الـ ٢٠، طوّرت بلدان عديدة الجمرة الخبيثة كسلاح، منها الولايات المتحدة والاتحاد السوڤياتي السابق. وعدد البلدان التي يُعتَقد انها تملك برامج لتطوير اسلحة بيولوجية ارتفع من ١٠ سنة ١٩٨٩ الى ١٧ سنة ١٩٩٥. لكنَّ عدد هذه البلدان التي تملك الجمرة الخبيثة ليس مؤكدا. وتقدّر حكومة الولايات المتحدة الاميركية ان اطلاق ١٠٠ كيلوڠرام من رذاذ الجمرة الخبيثة على احدى المدن الكبرى يمكن ان يكون مميتا بقدر ما تكون عليه القنبلة الهيدروجينية.
التسمُّم الوشيقي botulism: مرض يشلّ العضلات تسبّبه بكتيرية تطلق سموما. تشمل اعراض المرض الذي ينتقل بالطعام ازدواج الرؤية او الرؤية الضبابية، تدلّي الجفنين، الكلام غير الواضح، الصعوبة في البلع، وجفاف الفم. وينتقل ضعف العضلات من الكتفين نزولا الى كامل الجسم. ويمكن ان يؤدي شلل العضلات التنفسية الى الموت. لا ينتقل التسمُّم الوشيقي من شخص الى آخر.
اذا أُعطي الترياق باكرا كفاية يخفف من شدّة الاعراض واحتمال الموت.
السمّ الوشيقي هو الخيار الاول كسلاح بيولوجي ليس لأنه احد المواد السامة المعروفة جدا فحسب، بل ايضا لأن انتاجه ونقله سهلان نسبيا. بالاضافة الى ذلك، يحتاج المصابون الى عناية فائقة طويلة الامد. ويُظن ان بلدانا عديدة تطور هذا السمّ الوشيقي كسلاح بيولوجي.
الطاعون: مرض خمجي معدٍ جدا تسببه بكتيرية. من اوائل علامات الطاعون الرئوي المميت الحمى، الصداع، الوهن، والسُّعال. يليها الصدمة الإنتانية Septic shock، ويصير الموت محتما تقريبا دون معالجة باكرة بالمضادات الحيوية.
ينتقل المرض من انسان الى آخر في قطيرات اللعاب.
في القرن الـ ١٤، قتل الطاعون خلال خمس سنوات حوالي ١٣ مليون نسمة في الصين وما يتراوح بين ٢٠ و ٣٠ مليونا في اوروپا.
وخلال خمسينات وستينات الـ ١٩٠٠، طوّر كلّ من الولايات المتحدة والاتحاد السوڤياتي السابق تقنيات لنشر الطاعون الرئوي. ويُعتقد ان آلاف العلماء عملوا في تحويل الطاعون الى سلاح.
الجُدَريّ: مرض خمجي معدٍ جدا يسببه ڤيروس. من اعراضه الاولية حمى شديدة، تعب، صداع، وأوجاع في الظهر. ويليها لاحقا تقرُّحات مؤلمة مليئة بالقيح. يموت واحد من كل ثلاث ضحايا.
قُضي على مرض الجُدَريّ حول العالم سنة ١٩٧٧. وانتهى التلقيح الروتيني ضد الجُدَريّ في اواسط سبعينات الـ ١٩٠٠. ان مستوى المناعة بين الناس الذين لُقحوا قبل ذلك الوقت، هذا اذا وُجدت اية مناعة، هو غير معروف. وما من علاج اثبت فعاليته في حالة مرض الجُدَريّ.
ينتقل المرض من شخص الى آخر في قطيرات اللعاب المخموجة. كما يمكن لأغطية السرير والثياب الملوّثة ان تنشر الڤيروس ايضا.
منذ سنة ١٩٨٠، اطلق الاتحاد السوڤياتي برنامجا ناجحا لإنتاج اكبر كميات من ڤيروس الجُدَريّ وتكييفه لكي يُرسَل بواسطة المقذوفات البالستية العابرة للقارات. وبُذلت الجهود ايضا لتطوير سلالات من الجُدَريّ تكون خطرة ومعدية اكثر.
[الصورة]
بكتيرية الجمرة الخبيثة والبَوْغ الكروي الذي انتجته
[المصادر]
المصادر: مراكز مكافحة الامراض والوقاية منها في الولايات المتحدة، ومركز جونز هوپكنز للدراسات المتعلقة بحماية المدنيين من الهجمات البيولوجية.
Anthrax victim: CDC, Atlanta, Ga.; anthrax bacterium: ©Dr. Gary Gaugler, Photo Researchers; botulism bacterium: CDC/Courtesy of Larry Stauffer, Oregon State Public Health Laboratory
Plague bacterium: Copyright Dennis Kunkel Microscopy, Inc.; smallpox virus: ©Meckes, Gelderblom, Eye of Science, Photo Researchers; smallpox victim: CDC/NIP/Barbara Rice
[الصورة في الصفحة ٧]
انتشر الخوف مؤخرا بسبب الرسائل الملوثة بالجمرة الخبيثة
[مصدر الصورة]
AP Photo/Axel Seidemann
[الصورة في الصفحة ٧]
قنابل كيميائية/حيوية تُلقى من الجو مُدمَّرة بعد حرب الخليج
[مصدر الصورة]
AP Photo/MOD
-
-
في البحث عن الحلولاستيقظ! ٢٠٠٢ | ايلول (سبتمبر) ٢٢
-
-
في البحث عن الحلول
في سنة ١٩٧٢ وقّع اكثر من مئة بلد معاهدة دولية تحظر تطوير، انتاج، وتخزين الاسلحة البيولوجية. وهذه المعاهدة، التي دعيت معاهدة الاسلحة البيولوجية والتوكسينية، كانت الاولى من نوعها لحظر فئة بكاملها من الاسلحة. لكن الخلل فيها هو انها لم تضع طريقة تحدّد اذا كانت البلدان تتقيّد بالقوانين الموضوعة.
من الصعب التحقق ان كانت البلدان تطور اسلحة بيولوجية ام لا، اذ ان التقنيات والمعرفة المستعملة لأهداف سلمية يمكن ان تُستعمل هي نفسها لتطوير اسلحة بيولوجية. وهذا «الاستعمال المزدوج» الذي يميز التكنولوجيا الحيوية يسهّل اخفاء عملية تطوير الاسلحة ضمن جدران مصانع ومختبرات للتخمير تجري فيها ظاهريا نشاطات مدنية قانونية.
لتذليل هذه الصعوبات، سنة ١٩٩٥ بدأ مندوبون من بلدان مختلفة يتفاوضون بشأن اتفاقية ملزِمة. وطوال اكثر من ست سنوات تداولوا في الاجراءات المحدّدة التي يمكن اتخاذها للتأكد من التزام البلدان بمعاهدة الاسلحة البيولوجية والتوكسينية. وفي ٧ كانون الاول (ديسمبر) ٢٠٠١، عُقد مؤتمر دام ثلاثة اسابيع وحضرته البلدان الـ ١٤٤ التي وقعت الاتفاقية سنة ١٩٧٢، ولكنه انتهى بالفوضى. وكانت المشكلة ان الولايات المتحدة لم توافق على الاقتراحات الاساسية المتعلقة بكيفية التحقق من التزام الدول بمعاهدة الاسلحة البيولوجية والتوكسينية. فقد ذكرت الولايات المتحدة جازمة انه، بسماحها للدخلاء بفحص منشآتها العسكرية والصناعية، ستعرّض نفسها للتجسس.
ما يخبئه المستقبل
هنالك امكانية هائلة لاستعمال التكنولوجيا الحيوية في المساعي الخيّرة والشريرة على السواء. فالتقنيات الرئيسية الاخرى — علم الفلزات، المتفجرات، الاحتراق الداخلي، الطيران، الالكترونيات — لم تُستخدم لأهداف سلمية فحسب، بل ايضا لأهداف عدائية. فهل ينطبق الامر على التكنولوجيا الحيوية؟ كثيرون يعتقدون ان الجواب عن هذا السؤال هو نعم.
قال تقرير وضعته اللجنة الاميركية للامن القومي سنة ١٩٩٩: «سيربح افراد ومجموعات . . . نفوذا وسلطة، وسيكون تحت تصرف كثيرين وسائل تدميرية مرعبة. . . . وسيزداد وجود الافراد والمجموعات المختصّين في هذا المجال الذين غالبا ما تدفعهم الغيرة الدينية، معتقدات البِدع المنافية على ما يبدو للمنطق، او الامتعاض الشديد. ويمكن ان يستغل الارهابيون اليوم التكنولوجيا التي كانت في ما مضى حكرا على الدول الكبرى ويقومون بهجمات على التجمعات السكنية الكبيرة».
نحن لا نعرف ما الذي سيحدث في المستقبل القريب، ولكننا نعرف ما ينوي اللّٰه ان يفعله للجنس البشري. فالكتاب المقدس يعِد انه سيأتي وقت يسكن فيه الناس على الارض «آمنين ولا مخيف». (حزقيال ٣٤:٢٨) لمعرفة المزيد عن هذا الوعد المعزّي، اتصل بشهود يهوه محليا او اكتب الى العنوان الملائم المدرج في الصفحة ٥ من هذه المجلة.
[الصورة في الصفحة ١٠]
يطوّر الباحثون طرائق لإبطال مفعول الجمرة الخبيثة
[مصدر الصورة]
Photo courtesy of Sandia National Laboratories
[الصورة في الصفحة ١٠]
مؤتمر الاسلحة البيولوجية، في ١٩ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠١، سويسرا
[مصدر الصورة]
AP Photo/Donald Stampfli
[الصور في الصفحة ١١]
يعِد الكتاب المقدس بوقت يسكن فيه الجميع «آمنين»
-