-
الطبيعة تغيّر وجه التاريخاستيقظ! ٢٠١١ | تموز (يوليو)
-
-
لو لم تهب العاصفة . . .
عام ١٥٨٨، ارسل فيليب ملك اسبانيا اسطولا من السفن عُرف بالأرمادا الاسبانية بهدف اجتياح انكلترا. لكنّ الطبيعة وقفت عائقا في وجهه فباءت خططه بالفشل. فكيف حصل ذلك؟
حين دخلت الأرمادا الاسبانية بحر المانش تصدى لها الاسطول الانكليزي، الذي تميزت سفنه بسهولة المناورة، وألحق بها بعض الاضرار. بعدها، توجهت الأرمادا نحو مرفإ كاليه ورست قربه كي تنقل على متنها فرقا من الجنود وتكمل خطتها الرامية الى اجتياح انكلترا.
إذاك، عمد الانكليز تحت جنح الظلام الى اضرام النيران بالعديد من سفنهم، التي اندفعت دون طاقم بفعل الريح والتيار المؤاتي نحو السفن الاسبانية الراسية. فما كان من الاسبان إلا ان قطعوا الكثير من مراسيهم وتوجهوا الى عرض البحر تحاشيا للنيران. لكن فعلتهم هذه عادت عليهم لاحقا بكارثة عظيمة.
بعد تلك الحادثة في كاليه، اتجه الاسطولان نحو بحر الشمال مبحرين مع الريح. ولمّا كان الاسطول الانكليزي قد استنفد ذخيرة البارود، انسحب الى ساحل انكلترا. اما الأرمادا الاسبانية، التي كانت الرياح تعاكسها والانكليز يقفون حاجزا بينها وبين اسبانيا، فقد اضطرت الى التوجه شمالا والابحار حول اسكتلندا، ثم جنوبا لتجتاز ايرلندا وتعود اخيرا الى اسبانيا.
في تلك الاثناء، كان الاسبان يعانون نقصا حادا في الطعام والمياه، وسفنهم المتضررة تحمل على متنها العديد من الجرحى عدا عن المصابين بداء الاسقربوط. لذلك خضعوا جميعا لتقنين شديد في الطعام، فتضوروا جوعا وأخذت قواهم تخور اكثر فأكثر.
وبعد ان دار الاسطول الاسباني حول اسكتلندا، تعرض لعاصفة هوجاء من المحيط الاطلسي دفعت عددا كبيرا من سفنه نحو الساحل الايرلندي. فكان من البديهي في هذه الحال ان يرموا مراسيهم بانتظار الرياح المؤاتية. ولكن بما ان العديد منها كان قد قُطع في مواجهة سابقة مع العدو، فقد تحطمت ٢٦ سفينة على الساحل الايرلندي وتوفي ٠٠٠,٥ الى ٠٠٠,٦ شخص تقريبا.
في نهاية المطاف، عادت الأرمادا ادراجها الى اسبانيا وقد بلغت حصيلة قتلاها زهاء ٠٠٠,٢٠. ولا بد ان الاحوال الجوية هي التي كانت وراء خسارتها الفادحة في الارواح والعتاد. هذا ما اعتقده على الارجح الهولنديون المتحالفون مع الانكليز. ففي وقت لاحق، صنعوا ميدالية احياءً لذكرى زوال الأرمادا الاسبانية نقشوا عليها الكلمات التالية: «يهوه نفخ فتبدّدوا»، معبّرين بذلك عن الاعتقاد الشائع ان اللّٰه هو المسؤول عن الكوارث الطبيعية.
-
-
الطبيعة تغيّر وجه التاريخاستيقظ! ٢٠١١ | تموز (يوليو)
-
-
[الصورة في الصفحة ٢٥]
الأرمادا الاسبانية
[مصدر الصورة]
Alamy/19th era ©
-