-
التهديد النووياستيقظ! ١٩٨٩ | آذار (مارس) ٨
-
-
التهديد النووي
تخيلوا ولدين في مرأب مقفل يقفان في ارض مغطاة بالبنزين. كل واحد يحمل علبة من عيدان الثقاب . . .
هذا يمثل تماما الحالة الموجودة اليوم بين الدولتين العظميين. كلتاهما تمتلك مستودعات من الاسلحة النووية المخيفة التي اذا استُعملت تؤدي الى دمار متبادل. فصواريخهما تنتصب بشكل مشؤوم مستعدة للقتل، وجيروسكوپات اجهزتهما التوجيهية تغزل بسرعة.
ان الآلاف من رسل الموت هذه تختبئ تحت الارض في قواعد اسمنتية. ومئات اكثر تترصَّد داخل هياكل الغواصات والكثير ايضا تحت الاجنحة الممتدة الى الخلف للطائرات النفَّاثة. والعالَم الخائف يتساءل، ماذا سيحدث اذا استُعملت الاسلحة في وقت ما؟
يجيب قائد ذو اربعة نجوم. فيقول بأن حربا نووية تكون «الكارثة الاعظم في التاريخ بدرجات كثيرة من الخطر.» ويضيف عالِم: «هنالك خطر حقيقي لانقراض البشرية.»
تخبر اسطورة يونانية قديمة عن رجل يدعى داموقليس أُجبر على الجلوس تحت سيف معلَّق بخيط واحد من شعر. هذا السيف يمكن ان يمثل جيدا الاسلحة النووية، وداموقليس كامل الجنس البشري. انزعوا السيف، يقول البعض، وداموقليس يكون آمنا. ولكن هل مثل هذا التوقع مرجَّح؟ ان التطورات في السنوات الاخيرة قد اعطت الامل لكثيرين:
آذار ١٩٨٣: يقترح رئيس الولايات المتحدة ريڠن مبادرة الدفاع الاستراتيجي، وهي بحث علمي مرتَّب لجعل الاسلحة النووية «غير فعالة ومهجورة.»
كانون الثاني ١٩٨٦: يقترح الزعيم السوڤياتي ميخائيل ڠورباتشوڤ ازالة كل الاسلحة النووية حتى نهاية هذا القرن. ويذكر لاحقا: «نحن مستعدون للمفاوضات ليس فقط في انهاء سباق التسلح، بل في اضخم خفض ممكن للاسلحة، حتى الى نزع شامل وكامل للسلاح.»
كانون الاول ١٩٨٧: وقَّع ڠورباتشوڤ وريڠن معاهدة لخفض الصواريخ. وبحسب تقرير اخباري، «انها المرة الاولى منذ بزوغ عصر الذرة التي فيها تتفق الدولتان العظميان ليس فقط على تحديد الاسلحة النووية بل على ازالة اجهزة بكاملها.»
كم هو مرجَّح، رغم ذلك، ان تؤدي هذه التطورات الاخيرة يوما ما الى عالم دون اسلحة نووية؟ وما هي العقبات التي تقف في الطريق الى النجاح؟
-
-
المأزق النووياستيقظ! ١٩٨٩ | آذار (مارس) ٨
-
-
المأزق النووي
في اعلى برج طويل قبل طلوع الفجر في صحراء نيو مكسيكو تدلَّت الكرة المعدنية المكتنزة التي دعاها الناس «اختراعا.» وفي غرف محصَّنة تحت الارض على بعد خمسة اميال ونصف الميل، نظر الفيزيائيون، الكيميائيون، الرياضيون والجنود المضطربون الى ساعاتهم وتساءلوا عما اذا كان «الاختراع» سينجح حقا.
لقد نجح. فنحو ١٥ ثانية قبل الساعة ٣٠:٥ صباحا انفجر «الاختراع،» مطلقا طاقته النووية في جزء من مليون من الثانية. فأثار كرة نارية كان يمكن ان تُرى من كوكب آخر وأحدث انفجارا سُمع على بعد ٢٠٠ ميل. وحرارة انفجار «الاختراع» — اسخن في مركزه من مركز الشمس — اذابت رمال الصحراء محوِّلة اياها الى زجاج مشع بلون اليَشْب في دائرة نصف ميل. وأقسم البعض ان الشمس اشرقت مرتين ذلك اليوم.
وفي ٦ آب ١٩٤٥، بعد ٢١ يوماً، خرَّبت القنبلة الذرية الثانية المدينة اليابانية هيروشيما، مسبِّبة في النهاية الموت لما يُقدَّر بِـ ٠٠٠,١٤٨ شخص. فالعصر النووي كان قد بدأ.
كان ذلك منذ اكثر من ٤٣ سنة. ومنذ ذلك الحين جرى اختبار اسلحة فتاكة اكثر بـ ٠٠٠,٤ مرة. ومجموع قوة كامل الرؤوس المتفجرة في العالم قُدِّر بما يساوي ٢٠ بليون طن من الـ TNT — اكثر مليون ضعف من قوة قتل قنبلة هيروشيما!
دعوة لازالة الاسلحة النووية
وفقا لدراسة منظمة الصحة العالمية سنة ١٩٨٣ فان حربا نووية شاملة سوف تقتل بليون شخص دفعة واحدة. وبليون شخص آخر سيموتون لاحقا بسبب الانفجار، النار، والاشعاع. والدراسات الحديثة هي ايضا اكثر تشاؤما. فمن المفهوم ان ترتفع صرخة للازالة الكاملة للاسلحة النووية.
مع ذلك ليست كل الدعوات لازالتها مبنية على مجرَّد دوافع انسانية. ويحتج البعض بأن الاسلحة النووية لديها القليل او لا شيء من الاهمية في الصراع الحقيقي. فبسبب قوتها المدمرة المروِّعة يمكن للتحريض الاكثر تطرفا فقط ان يبرر استعمالها يوما ما. وهكذا لم تستعملها الولايات المتحدة في كوريا او ڤيَتنام، والبريطانيون لم يستعملوها في جزر فوكلند، ولا السوڤيات في افغانستان. ويقول وزير الدفاع السابق للولايات المتحدة روبرت ماكنمارا: «الاسلحة النووية لا تخدم الهدف العسكري على الاطلاق. انها كليّا عديمة النفع — ما عدا انها تمنع خصم المرء من استعمالها.»
وعلى نحو مماثل فان الاسلحة النووية ليست ذات فائدة كبيرة كخدعة دبلوماسية من اجل التهديد او التأثير في الامم الاخرى. فالدول العظمى هي بشكل متبادل عرضة للهجوم. أما الدول غير النووية فهي غالبا ما تتشجَّع على مقاومة الدول العظمى بقليل من الخوف من تبادل نووي.
وأخيرا، هنالك الكلفة. فوفقا لدراسة صدرت في نشرة علماء الذرة، خلال السنوات ١٩٤٥-١٩٨٥ انتجت الولايات المتحدة وحدها حوالي ٠٠٠,٦٠ رأس متفجر.a والكلفة؟ تقريبا ٠٠٠,٠٠٠,٠٠٠,٨٢ دولار اميركي — كمية كبيرة من المال لشيء يرجون عدم استعماله مطلقا.
القنبلة كرادع
ان مفهوم الرادع هو على الارجح قديم قدم تاريخ الصراع. أما في العصر النووي فيتخذ الرادع أبعادا جديدة. فالامة التي تفكر في هجوم نووي تكون على يقين من تبادل نووي مفاجئ ومخرِّب.
وهكذا فان الجنرال ب. ل. دايڤيس، قائد القيادة الجوية الاستراتيجية للولايات المتحدة، يقول: «يمكن خلق حالة مقنعة بأن الاسلحة النووية . . . قد جعلت العالم مكانا اكثر امنا. انها لم تُنهِ الصراع بأية حال؛ فالآلاف يموتون باستمرار كل سنة في نزاعات ليست ثانوية على الاطلاق بالنسبة الى الامم المتورطة. ولكنّ تورط دولة عظمى في نزاعات كهذه يُدرس باعتناء لتجنب مجابهة مباشرة بسبب امكانية التصعيد الى حريق خطير — نووي او تقليدي.»
ولكن في البيت الذي لديه بندقيات محشوَّة هنالك دائما خطر ان يُطلَق النار على شخص ما خطأً. والمبدأ نفسه يصح في عالم مليء بالاسلحة النووية. وهكذا يمكن ان تندلع حرب نووية في الظروف التالية:
(١) خطأ كمبيوتر او خلل ميكانيكي يجعل البلد يعتقد انه عرضة لهجوم نووي. والتجاوب سيكون هجوما نوويا معاكسا.
(٢) الاسلحة النووية قد تكون في متناول دولة متطرفة او ارهابية اقل امتناعا عن استعمالها من الدول النووية الحالية.
(٣) تصعيد حرب صغرى في منطقة حيث مصالح الدول العظمى مشمولة — مثل الخليج العربي (الفارسي).
وعلى الرغم من اخطار كهذه، فقد حافظت الدول حتى الآن على سياسة الامن بسبب الرادع. ومع ذلك، ففي عالم يعج بالاسلحة النووية لا يشعر الناس بالامن. وتوازن القوة هو حقا توازن الرعب، معاهدة انتحار يكون البلايين في العالم موقعيها اللااراديين. واذا كانت الاسلحة النووية كسيف داموقليس فان الرادع هو الخيط من شعر الذي يقيِّده. ولكن ماذا اذا فشل الرادع؟ الجواب أرهب من ان نتأمل فيه.
[الحاشية]
a لان المواد النووية تنحط فان الاسلحة القديمة يجب الاستعاضة عنها بأسلحة جديدة.
[الاطار في الصفحة ٦]
قوة قنبلة بميغاطن واحد
الاشعاع الحراري (الضوء والحرارة): التفجير النووي يُحدث وميضا شديدا من الضوء يُعمي او يبهر الناس البعيدين عن موقع الانفجار — الى ١٣ ميلا في النهار و ٥٣ ميلا في الليل في تفجير ميغاطن واحد.
وعند او قرب نقطة الصفر (الموضع تحت القنبلة المنفجرة مباشرة) تبخِّر الحرارة القوية للكرة النارية الانسان. وعلى بعد اضافي (الى ١١ ميلا) يعاني الناس حروقا من الدرجة الثانية والثالثة في الجلد المكشوف. وتلتقط الملابس النار. وتشتعل السجادات والاثاث. وفي ظروف معيَّنة تتطوَّر عاصفة نارية ذات حرارة عالية جدا، مطوِّقة الناس في جحيم.
اندفاع هوائي: يولد التفجير النووي رياحا عاتية. وقرب نقطة الصفر يكون الدمار كاملا. وعلى بعد اضافي ينسحق الناس في الابنية من جرّاء انهيار السقوف او الجدران؛ يصاب آخرون بأذى او يُقتلون بسبب الانقاض والاثاث المتطايرين. وآخرون ايضا يختنقون بسبب الغبار الكثيف من اللياط او القرميد المحطمين. وضغط الريح العالي يسبب فتق طبلة الاذن او نزيفا في الرئتين.
الاشعاع: تُبثّ دفقات كثيفة من النيوترونات وأشعة ڠاما. التعرُّض المتوسط يسبب المرض المتميز بالغثيان، التقيُّؤ، والاعياء. وعطب خلايا الدم يُضعف المقاومة للعدوى ويؤخر التئام الجروح. والتعرض الشديد للاشعة يسبب التشنُّج، الارتعاش، عدم التناسق العضلي، والنُوام. ويتبع الموت في خلال ساعة الى ٤٨ ساعة.
والناجون غير المعرضين للاشعاع هم عرضة للسرطان. وهم ايضا على الارجح سينقلون العيوب الوراثية الى ذريتهم، بما فيها خصوبة ادنى، اجهاض تلقائي، اطفال مشوَّهون او مولودون امواتا، وضعف بنيوي غير محدَّد.
المصدر: دراسة شاملة في الاسلحة النووية، طبعتها الامم المتحدة.
-
-
اناس يبحثون عن حلولاستيقظ! ١٩٨٩ | آذار (مارس) ٨
-
-
اناس يبحثون عن حلول
«ان مبدأ الـ MAD [الدمار الاكيد المتبادل] هو غير اخلاقي. فهنالك شيء رهيب، وأسوأ من ذلك، في تأسيس امننا على مقدرتنا على قتل نساء واطفال روسيين. وهو ايضا اكثر شجبا — اذا امكن ذلك — ان نزيد عمدا تعرُّض شعبنا لدمار نووي من اجل اتمام متطلبات نظريةٍ مجرَّدة، تاريخية، غير مبرهنة ومخالفة للمنطق.» هذه العبارات، التي ذكرها السناتور الاميركي وليم آرمسترونڠ، تعكس القلق الذي يشعر به العديد من الاميركيين ازاء دفاع مؤسس على المقدرة على الثأر.
وكبديل، في آذار ١٩٨٣، اقترح ريڠن رئيس الولايات المتحدة الـ SDI (مبادرة الدفاع الاستراتيجي) المعروفة على نحو شائع اكثر بحرب النجوم. قال: «اناشد المجتمع العلمي الذي قدَّم لنا الاسلحة النووية ان يوجِّه مواهبه العظيمة نحو قضية الجنس البشري والسلام العالمي: ان يقدِّم لنا الوسائل لجعل هذه الاسلحة النووية غير فعالة ومهجورة.»
لقد تخيل ريڠن تطور اسلحة غريبة ذات تقنية عالية — اجهزة لازر ذات اشعة سينية، مدافع كهرمغنطيسية عالية الضغط، مركبات قاضية على مولدات الحركة، وأسلحة بدفق من جُسَيمات حيادية — تحمي اميركا وحلفاءها بتخريب صواريخ العدو قبل ان تتمكن من بلوغ اهدافها.
ولكن جرت مناقشة الـ SDI من البداية بعنف وعلى نحو واسع. فادّعى المعارضون انه من المستحيل تقنيا خلق «مظلة» مقاومة للتسرب ضد هجوم محتوم — و «مظلة» ترشح هي عديمة النفع ضد اسلحة نووية. واذ لخَّص اعتراضات اخرى قال عضو في الكونڠرس الاميركي بسخرية انه «فضلا عن الواقع بأن جهاز الـ SDI يمكن ان يكون غير وافر، ان يجري التغلب عليه، التفوق عليه في الدهاء، ولا يمكن ان يعمل بواسطة البشر بل فقط بواسطة اجهزة الكمبيوتر، يخرق مجموعة من معاهدات الحد من الاسلحة ويمكن ان يفجر حربا نووية حارة، . . . فهو ليس جهازا سيئا.»
والاتحاد السوڤياتي ايضا يعترض بقوة على الـ SDI. ويقولون بأن اميركا ترغب في ان تبني ترسا لكي تسيطر على القوة العسكرية. ورسميو الولايات المتحدة بدورهم يتهمون السوڤيات بأنهم يطورون سرا جهازهم الدفاعي الاستراتيجي الخاص.
على ايّ حال، ان تطوير ونشر الـ SDI سوف يثبت انه كثير الكلفة جدا. فالتخمينات تتراوح من ١٢٦ بليونا الى ٣,١ تريليون دولار اميركي. وبالمقارنة فان كامل الجهاز الاميركي للطرق الرئيسية بين الولايات يكلّف ١٢٣ بليون دولار اميركي! ورغم ذلك، فقد خصَّص الكونڠرس الاميركي بلايين الدولارات لبحث الـ SDI.
امكانية نزع السلاح
تقول وزارة الدفاع السوڤياتية: «الشعب السوڤياتي مقتنع بأن نزع السلاح النووي هو الضمان الذي يوثق به اكثر لتجنب كارثة نووية.» وعلى الرغم من المثل العليا الرفيعة فان سباق التسلح يستمر بسرعة قصوى.
والعائق الرئيسي امام نزع السلاح؟ عدم الثقة. ان قوة السوڤيات العسكرية ١٩٨٧، مطبوعة لقسم الدفاع الاميركي، تتهم الاتحاد السوڤياتي بأنه ‹يسعى الى السيطرة العالمية.› ومطبوعة من حيث التهديد للسلام، التي نشرتها وزارة الدفاع السوڤياتية، تتحدث عن «الطموح الاستبدادي الى ‹حكم العالم›» للولايات المتحدة.
وحتى عندما تنعقد محادثات الحد من الاسلحة يتهم كل من الجانبين الآخر بأن لديه دوافع انانية. وهكذا فان المطبوعة السوڤياتية المقتبس منها آنفا تتهم الولايات المتحدة بأنها «تعيق التقدم نحو نزع السلاح في جميع المجالات» في محاولة «لادارة الشؤون الدولية من مركز قوة.»
وتردّ الولايات المتحدة بأن الحد من التسلح مجرّد مخطط سوڤياتي لتطويق «المصالح العسكرية الموجودة . . . وفضلا عن ذلك، فان [موسكو] تعتبر مفاوضات الحد من التسلح وسيلة لتعزيز اهداف السوڤيات العسكرية وإضعاف الدعم العام لسياسات ومناهج الدفاع الغربي.» — قوة السوڤيات العسكرية ١٩٨٧.
ان الاتفاقية الاخيرة لازالة الصواريخ المتوسطة المدى تبدو خطوة جبارة نحو الامام. انها الاتفاقية الاولى حتى الآن لخفض — لا لمجرد الحد من — الاسلحة النووية. ورغم ذلك، قصَّرت مثل هذه المعاهدة، مع انها تاريخية، عن ازالة كامل الاسلحة النووية.
مشكلة التيقن
ولكن لنفرض ان الدول النووية بكاملها وافقت حقا على نزع شامل للسلاح. فماذا يمنع احدى او كل الامم من الخداع — الفشل في التخلص من الاسلحة المحظورة او انتاجها سرا؟
قال كينيث ادلمان، المدير السابق للوكالة الاميركية للحد من الاسلحة ونزعها: «ان ازالة الاسلحة النووية تقتضي الجهاز الاكثر شمولا وتطفلا من المراقبات المحلية، الذي يمكن لاحد ان يتخيله. . . . وهذا بدوره سيعني انفتاحا لم يسبق له مثيل لتطفل اجنبي من قبل كل الامم.» ومن الصعب التخيّل ان اية امة ستتبنى مثل هذه السياسة المفتوحة.
ولكن دعونا ايضا نفترض ان الامم بطريقة ما تغلبت على كل هذه العقبات الهائلة ونزعت السلاح. فالتقنية والمعرفة اللازمتان لصنع القنبلة ستظلان موجودتين. واذا اندلعت حرب تقليدية ستكون هنالك دائما امكانية ان تتصعّد الى مرحلة يجري فيها تجديد الاسلحة النووية — واستعمالها.
وهكذا قال مؤخرا هانز بث، احد الفيزيائيين الذي عمل على تطوير القنبلة الذرية الاولى: «اعتقدنا اننا نستطيع السيطرة على الجنِّي. فلم يرغب في العودة الى القمقم، ولكن كانت هنالك اسباب منطقية للتفكير انه في وسعنا استيعابه. وأعلم الآن ان ذلك كان وهما.»
[الصورة في الصفحة ٧]
يحتج البعض بأن الحماية من هجوم نووي اهم من الثأر بعد الهجوم
-
-
نهاية للاسلحة النووية كيف؟استيقظ! ١٩٨٩ | آذار (مارس) ٨
-
-
نهاية للاسلحة النووية كيف؟
عصرنا هو عصر القلق. فاتحاد العلم بالحرب قد انتج آلافا من الاسلحة بقوة مدمرة بشكل لا يُصدَّق، قاتلات غير مميِّزة لديها امكانية ابادة الجنس البشري.
وأن يكون الانسان راغبا جدا في قتل رفيقه الانسان امر مزعج. ومع ذلك فان ميول الانسان الى القتل كانت ظاهرة من البداية تقريبا. يذكر الكتاب المقدس: «وحدث اذ كانا في الحقل ان قايين قام على هابيل اخيه وقتله.» (تكوين ٤:٨) والانسان يقتل الانسان منذ ذلك الحين. وبينما يكون صحيحا ان الانسان منذ سنة ١٩٤٥ يكفّ يده عن استعمال الاسلحة النووية في الحرب يبقى قرننا القرن الاكثر قتلا في التاريخ. فمن الواضح ان المشكلة ليست الاسلحة بحد ذاتها.
الاسباب والعلاجات
يعتقد بعض العلماء انه بما ان الناس هم الذين يشنون الحروب فالاسباب لا بد ان تكون موجودة في جوهر الانسان نفسه. ووفقا لهذا الرأي، يشن الناس الحروب بسبب الانانية، الحماقة، وخطإ توجيه الدوافع العدوانية. تختلف الوصفات، ولكن يعتقد كثيرون ان السلام يمكن ان يأتي فقط من خلال التغيير في وجهة نظر وسلوك الانسان نفسه.
ويقول آخرون انه بما ان الحروب تُشن بين الامم فأسباب الحرب تكمن في بنية النظام السياسي الدولي. ولان كل دولة مستقلة تعمل وفقا لطموحاتها ورغباتها الخاصة تحدث نزاعات لا مفر منها. وبما انه لا يوجد اسلوب ثابت يُعتمد عليه لحل الخلافات تندلع الحرب.
وفي تحليله اسباب الحرب يلاحظ العالم كينيث وولتز ان «حكومة عالمية هي العلاج لحرب عالمية.» ولكنه يضيف: «والعلاج، مع انه قد يكون من غير الممكن مهاجمته منطقيا، فمن غير الممكن تحقيقه عمليا.» ويوافق آخرون. ذكر المؤلف بن بوڤا في مجلة اومني: «يجب على الامم ان تتحد في حكومة واحدة تستطيع ان تحد من التسلح وتمنع الحرب.»
ومن ناحية ثانية، يقول ايضا: «اغلب الناس يعتبرون حكومة عالمية كهذه فكرة يُرجى منها خير موهوم، حلما علميا خياليا لا يمكن ابدا ان يصبح حقيقة.» وفشل الامم المتحدة يؤكد هذا الاستنتاج المحزن. وقد كانت الامم غير راغبة في التخلي عن سيادتها لمصلحة تلك المنظمة او اية منظمة اخرى!
حكومة عالمية — حقيقة!
ولكنّ الكتاب المقدس يؤكد لنا ان اللّٰه نفسه يقصد حكومة عالمية حقيقية. ويصلّي الملايين دون علم من اجل هذه الحكومة عندما يقولون الصلاة الربانية: «ليأت ملكوتك. لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض.» (متى ٦:١٠) ورئيس حكومة الملكوت هذه هو امير السلام، يسوع المسيح. يعد الكتاب المقدس في ما يتعلق بهذه الحكومة: «تسحق وتفني كل هذه الممالك» او الحكومات البشرية. — دانيال ٢:٤٤.
ان هذه الحكومة العالمية ستجلب السلام والامن الحقيقيين، ليس بواسطة رادع نووي ولا من خلال جهاز معقد من الاسلحة الدفاعية ذات التقنية المتطورة او معاهدات سياسية متقلقلة. ينبئ المزمور ٤٦:٩ بأن يهوه اللّٰه هو «مسكن الحروب الى اقصى الارض. يكسر القوس ويقطع الرمح. المركبات يحرقها بالنار.» وهذا يعني دمار كل الاسلحة بما فيها الابتكارات النووية.
ولكن ماذا عن جوهر الانسان نفسه الميال الى الحرب؟ ان الساكنين على الارض، في ظل حكومة اللّٰه السماوية، سوف «يطبعون سيوفهم سككا ورماحهم مناجل. لا ترفع امة على امة سيفا ولا يتعلمون الحرب في ما بعد.» (اشعياء ٢:٤) واكثر من ثلاثة ملايين من الناس اليوم يعيشون الآن بموجب آية الكتاب المقدس هذه. انهم شهود يهوه.
وهؤلاء الشهود يعيشون في اكثر من ٢٠٠ بلد ويأتون من فرق عرقية عديدة. وقبل ان يصبحوا مسيحيين حقيقيين كان بعضهم ميالين الى الحرب، وربما حتى متوحشين. ولكن نتيجة لاخذهم المعرفة عن اللّٰه يرفضون الآن ان يشهروا الاسلحة احدهم على الآخر او على ايّ شخص آخر. ان حيادهم ازاء النزاعات السياسية هو قضية سجل تاريخي. والموقف السلمي الذي اتخذه شهود يهوه امميا يشهد للحقيقة بأن عالما خاليا من الحرب والاسلحة النووية ممكن.
ملايين من الناس الذين يعيشون اليوم وُلدوا في العصر النووي ويتوقعون ان يموتوا فيه — إن لم يموتوا بسببه. وشهود يهوه لا يشتركون في وجهة النظر المتشائمة هذه. فرجاؤهم موضوع بثبات في الملكوت وفي الههم، يهوه، الذي لديه «ليس شيء غير ممكن.» — لوقا ١:٣٧.
[الصورة في الصفحة ٩]
ينبئ الكتاب المقدس بأن اللّٰه هو الذي سيضع حدا لاسلحة الحرب
[الصورة في الصفحة ١٠]
في ظل حكومة اللّٰه السماوية ستكون الارض خالية من الحرب والاسلحة المدمرة
-