مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • التزييف —‏ مشكلة عالمية النطاق
    استيقظ!‏ ١٩٩٦ | آذار (‏مارس)‏ ٢٢
    • التزييف —‏ مشكلة عالمية النطاق

      حتى اواخر القرن الـ‍ ١٨،‏ كان الرجال في فرنسا يُعدمون بغليهم احياء لارتكابهم هذا الجُرم.‏ وقد كانت جريمة تستحق عقوبة الاعدام في انكلترا من سنة ١٦٩٧ الى ١٨٣٢،‏ واعتُبر عمل كهذا خيانة.‏ وبسببه انتهى اكثر من ٣٠٠ انكليزي الى المشنقة،‏ وعقابا عليه،‏ نُفي عدد لم يُعلن عنه الى منطقة لحجز المجرمين في أوستراليا للعمل في الاشغال الشاقة.‏

      لأكثر من ١٣٠ سنة،‏ كانت حكومة الولايات المتحدة تحكم على مرتكبيه بقضاء مدة تصل الى ١٥ سنة خلف قضبان السجون الفدرالية.‏ وبالاضافة الى العقاب،‏ فُرضت غرامات بلغت الوف الدولارات.‏ واليوم ايضا لا يزال يعاقَب عليه بالموت في روسيا والصين.‏

      وعلى الرغم من العقوبات الصارمة التي تفرضها امم كثيرة بشأنه،‏ لا تزال هذه الجريمة مستمرة.‏ وحتى الخوف من الموت لم يكن كافيا لوضع حدّ لمشاريع الثراء السريع لذوي المهارات التقنية اللازمة.‏ يقف رسميو الحكومات في حيرة،‏ وهم يقولون:‏ «يصعب ايجاد رادع جيد،‏ وقد كان الامر كذلك طوال قرون.‏»‏

      التزييف!‏ احدى اقدم الجرائم في التاريخ.‏ وفي هذا الوقت المتأخر من القرن الـ‍ ٢٠،‏ اصبح مشكلة عالمية النطاق وهي تستمر في التفاقم.‏ وقال في هذا الشأن روبرت ه‍.‏ جاكسون،‏ قاضٍ مساعد في المحكمة العليا في الولايات المتحدة:‏ «التزييف جُرْم لا يُرتكب عَرَضا،‏ ولا بسبب الجهل،‏ ولا في ذروة الغضب الشديد،‏ ولا بسبب الفقر المدقع.‏ انه جريمة يخطِّط لها ببراعة مَن يملك مهارة تقنية وهو ينفق مبالغ كبيرة على المعدات.‏»‏

      ان العملة الاميركية،‏ على سبيل المثال،‏ يجري اصدارها حول العالم بصورة غير قانونية وبكمية اكبر من ايّ وقت مضى.‏ «ان العملة الاميركية،‏» قال احد الناطقين بلسان الخزينة،‏ «ليست فقط العملة المرغوب فيها اكثر في العالم.‏ انما هي الاسهل تزييفا ايضا.‏» وما حيَّر الحكومة الاميركية هو ان معظم الاوراق النقدية المزيفة يجري اصدارها خارج الولايات المتحدة.‏

      لاحظوا ما يلي:‏ في سنة ١٩٩٢،‏ صُودِر ما مقداره ٣٠ مليون دولار من الاوراق المالية المزيفة في الخارج،‏ حسبما اخبرت مجلة تايم.‏ وأضافت انه «في السنة الماضية،‏ بلغ المجموع ١٢٠ مليون دولار،‏ ويُتوقَّع ان يحطَّم هذا الرقم في سنة ١٩٩٤.‏ وفي احيان كثيرة،‏ يجري تداول تلك الكمية دون اكتشافها.‏» لا تروي هذه الارقام إلا جزءا من القصة.‏ اذ يعتقد الخبراء بالتزييف ان كمية الدولارات المزوَّرة المتداوَلة خارج الولايات المتحدة يمكن ان تبلغ عشرة مليارات دولار.‏

      ولأن بلدانا عديدة تفضل استخدام العملة الاميركية حتى اكثر من عملتها الخاصة —‏ ولأن نَسْخها اقل تعقيدا،‏ تقوم دول كثيرة وعناصر من عالم الجريمة المنظَّمة بتزييف العملة الاميركية.‏ وفي اميركا الجنوبية،‏ عملت المنظمات الكولومبية غير الشرعية (‏cartels)‏ التي تدير تجارة المخدِّرات على تزوير العملة الاميركية لسنوات من اجل زيادة مدخولها غير الشرعي.‏ والآن،‏ تلعب بعض دول الشرق الاوسط ادوارا رئيسية في مهنة التزييف العالمية،‏ كما اوردت اخبار الولايات المتحدة والتقرير العالمي.‏ وأضافت المجلة ان احدى هذه الدول «يُقال انها تستعمل عمليات طباعة معقدة تشبه تلك التي تستعملها الخزينة الاميركية.‏ ونتيجة لذلك،‏ تستطيع فعليا ان تصدر اوراقا نقدية من فئة الـ‍ ١٠٠ دولار لا يمكن كشفها،‏ وتُعرف ‹بالاوراق النقدية الممتازة.‏›»‏

      يبدأ الناس في روسيا،‏ الصين،‏ والبلدان الآسيوية الاخرى بالاشتراك في اصدار الاوراق النقدية المزيفة —‏ وغالبا ما تكون العملة الاميركية.‏ ويُشتبه في ان ٥٠ في المئة من العملة الاميركية المتداولة في موسكو اليوم هي مزيفة.‏

      وعقب حرب الخليج في سنة ١٩٩١،‏ حين كان هنالك تداول لمئات ملايين الدولارات الاميركية،‏ اخبرت مجلة ريدرز دايجست،‏ «ان المصرفيين العالميين صُدموا عندما وجدوا ان حوالي ٤٠ في المئة من اوراق الـ‍ ١٠٠ دولار النقدية كانت مزيفة.‏»‏

      وفرنسا لديها مشاكلها الخاصة المتعلقة بالمال المزيف،‏ شأنها في ذلك شأن البلدان الاوروپية الاخرى.‏ فتزييف المال ليس مشكلة اميركية فقط،‏ كما تشهد لذلك امم اخرى حول الارض.‏

      جعل التزييف سهلا

      منذ سنوات قليلة،‏ كان الامر يتطلَّب من الحِرفيين السريين —‏ الفنيين،‏ صانعي الكليشيهات،‏ الذين يُعدّونها للطباعة،‏ والطبَّاعين —‏ ساعات طويلة من العمل والجهد لنسخ عملة دولة ما،‏ مما ينتج في احسن الاحوال صورة رديئة عن النموذج.‏ أما اليوم،‏ بوجود الآلات الناسخة المتعددة الالوان ذات التقنية العالية،‏ آلات الطباعة باللايزر التي تطبع على جانبي الورق،‏ والآلات الماسحة (‏scanners)‏ المتوافرة في المكاتب والبيوت،‏ فيمكن تقنيا لأيٍّ كان تقريبا ان ينسخ العملة التي يختار.‏

      فعصرنا هو عصر التزييف المكتبي!‏ وما تطلَّب ذات يوم مهارات صانعي الكليشيهات والطبَّاعين المحترفين صار الآن في متناول عمال المكاتب والذين يستعملون اجهزة الكمپيوتر في بيوتهم.‏ ان انظمة الطباعة المتصلة بأجهزة الكمپيوتر الشخصية والتي تكلف اقل من ٠٠٠‏,٥ دولار اميركي يمكنها الآن انتاج عملة مزيفة قد يصعب اكتشافها حتى من قبل الخبراء المتمرِّسين.‏ وهذا يمكن ان يعني ان شخصا ما ممَّن يعوزهم المال يمكنه ان يستغني عن الذهاب الى اقرب آلة امين صندوق اوتوماتيكي ويطبع عملته الخاصة —‏ من الفئات التي تلائم حاجاته!‏ لقد صارت هذه الانظمة اسلحة فعَّالة في ايدي المزيِّفين العصريين.‏ وقد ذكرت اخبار الولايات المتحدة والتقرير العالمي‏:‏ «هؤلاء المجرمون الحاذقون يسجلون من خلال عملياتهم هذه انتصارات متكررة على السلطات التنفيذية ويمكن ان يشكِّلوا يوما ما تهديدا لعملات العالم الرئيسية.‏»‏

      في فرنسا،‏ على سبيل المثال،‏ ١٨ في المئة من الـ‍ ٣٠ مليون فرنك (‏٥ ملايين دولار)‏ من المال المزيف الذي جرت مصادرته في سنة ١٩٩٢ أُنتج بواسطة آلات مكتبية.‏ ويعتبر احد مديري مصرف فرنسا ان ذلك لا يهدِّد فقط النظام الاقتصادي بل ايضا الثقة العامة بالحكومة.‏ وقد عبّر عن اسفه بقوله:‏ «عندما يعلمون انه بإمكانك ان تنجح في تقليد ورقة نقدية بواسطة تقنية متوافرة لدى كثيرين من السكان،‏ يمكن ان تُفقَد الثقة.‏»‏

      وللمساهمة في الجهد المبذول لمكافحة فيض العملة المزيفة في اميركا والبلدان الاخرى،‏ يجري تطوير تصاميم جديدة للاوراق النقدية.‏ وفي بعض البلدان،‏ يجري تداول اوراق نقدية جديدة.‏ فعلى العملة الاميركية،‏ مثلا،‏ سوف تُكبَّر صورة بنيامين فرانكلين على ورقة الـ‍ ١٠٠ دولار بمقدار نصف حجمها وسوف تنقل ثلاثة ارباع الانش الى جهة الشمال.‏ «وسوف يخضع النقش والخصائص الوقائية الخفية لأربعة عشر تعديلا آخر،‏» وفقا لما اوردته ريدرز دايجست.‏ ويجري التأمل ايضا في مجموعة من التغييرات الاخرى،‏ كالعلامات الشفافة والحبر الذي يتغير لونه عند النظر اليه من زوايا مختلفة.‏

      منذ فترة من الوقت،‏ ادخلت فرنسا على تصميمها للاوراق النقدية روادع تزييف جديدة يؤمل ان تعيق الى حدّ ما المزيِّفين.‏ ولكن يعترف ناطق بلسان مصرف فرنسا انه «لا توجد حتى الآن طريقة مضمونة تقنيا لهزم المزيِّفين المحتمَلين،‏ ولكن يمكننا الآن ان نجمع في الورقة النقدية الواحدة عوائق كثيرة جدا بحيث يصير التزييف عملا صعبا ومكلفا جدا.‏» وهو يصف هذه العوائق بأنها «خط الدفاع الاول ضد التزييف.‏»‏

      ومنذ مدة من الوقت،‏ اجرت المانيا وبريطانيا العظمى تغييرات لضمان سلامة عملتيهما بإضافة خيوط وقائية الى الاوراق النقدية تجعل نسخها اصعب.‏ ولورقة الـ‍ ٢٠ دولارا الكندية مربع صغير لامع،‏ يدعى سمة الضمانة البصرية،‏ لا يمكن انتاج نسخة مطابقة له بواسطة الآلات الناسخة.‏ وبدأت أوستراليا تطبع اوراقا نقدية پلاستيكية في سنة ١٩٨٨ لتُدرَج فيها خصائص وقائية لا يمكن ان يتضمنها الورق.‏ وتستخدم فنلندا والنمسا رقائق معدنية انعراجية على العملة الورقية.‏ وهي تومض ويتغير لونها كالمصوَّر التجسيمي (‏hologram)‏.‏ ومع ذلك،‏ تخشى السلطات الحكومية ان لا يطول الوقت حتى يُجري المزيِّفون التعديلات اللازمة لمتابعة نشاطهم الاجرامي،‏ وأن تصير جهودهم الجديدة غير مجدية،‏ تماما كما كانت في ما مضى،‏ أيًّا كانت الاجراءات التصحيحية التي يتخذونها.‏ ذكر احد رسميي الخزينة:‏ «كما يقول مثل قديم،‏ انت تبني جدارا علوّه ٨ اقدام فيبني الاشرار سلّما ارتفاعه ١٠ اقدام.‏»‏

      ان طبع المال المزيف هو مجرد وجه واحد لإبداع المزيِّفين،‏ كما سنرى في المقالتين التاليتين.‏

  • بطاقات الائتمان وشيكات الراتب —‏ اصلية أم مزيفة؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٦ | آذار (‏مارس)‏ ٢٢
    • بطاقات الائتمان وشيكات الراتب —‏ اصلية أم مزيفة؟‏

      كم هي ملائمة!‏ انها صغيرة جدا،‏ ويسهل حملها.‏ انها تناسب تماما المحفظة الرجالية او حقيبة اليد النسائية.‏ ودون ان تحمل سنتا واحدا في جيبك،‏ يمكنك شراء اشياء كثيرة جدا.‏ ان شركات الخطوط الجوية،‏ شركات النقل البحري،‏ الفنادق،‏ والمنتجعات في كل مكان تشجع على استعمال بطاقة الائتمان وتعلن عنها.‏ ويُنصح الناس:‏ «لا تترك البيت دونها.‏» فبعض المصالح تفضلها على الدفع نقدا.‏ وبخلاف المال النقدي،‏ اذا سُرقت او فُقدت،‏ يمكن اخذ بدل منها.‏ انها مالك الشخصي،‏ الذي يحمل في وجهه الامامي اسمك ورقم حسابك الخاص.‏

      انتم تعرفونها بالمال الپلاستيكي —‏ بطاقات الائتمان والنفقة.‏ وفي سنة ١٩٨٥،‏ استحدثت بعض المصارف علامات معقدة خاصة بها لمصوَّرات تجسيمية تبدو ثلاثية الابعاد بواسطة اللايزر،‏ بالاضافة الى خصائص وقائية اخرى تتراوح بين شفرات خصوصية في الشريط المغناطيسي في الوجه الخلفي،‏ وعلامة غير مرئية تظهر تحت الضوء فوق البنفسجي.‏ كل ذلك يخدم كمانع للتزييف!‏ ويُقدَّر ان اكثر من ٦٠٠ مليون بطاقة ائتمان يجري تداولها حول الارض.‏

      ويُقدَّر ان خسائر العالم الناجمة عن الاشكال المتنوعة للغش المتعلق ببطاقات الائتمان في اوائل التسعينات كانت بليون دولار على الاقل.‏ وبين تلك الاشكال المتنوعة يُقال ان التزييف هو الاسرع نموًّا —‏ اذ انه مسؤول على الاقل عن ١٠ في المئة من مجموع الخسائر.‏

      في سنة ١٩٩٣،‏ على سبيل المثال،‏ كلف التزييف المصارف المتعاقدة مع احدى اكبر شركات بطاقات الائتمان ٨‏,١٣٣ مليون دولار،‏ اي زيادة ٧٥ في المئة على السنة السابقة.‏ وثمة شركة رئيسية اخرى في مجال بطاقات الائتمان،‏ ذات اهمية عالمية،‏ ذكرت ايضا انها مُنيت بخسائر مذهلة بسبب التزييف.‏ كتبت احدى الصحف النيوزيلندية:‏ «ان ذلك يجعل تزييف البطاقات مشكلة كبيرة ليس فقط بالنسبة الى المصارف،‏ شركات البطاقات والتجار الذين يقبلونها بل ايضا بالنسبة الى المستهلكين حول العالم.‏» وفيما لا يتحمل حاملو البطاقات الشرعيون مسؤولية الخسائر،‏ تنتقل التكاليف بصورة حتمية الى المستهلكين.‏

      وماذا عن الخصائص الوقائية التي وقفت عقبة في طريق المزيِّفين —‏ كالمصوَّرات التجسيمية المصنوعة بواسطة اللايزر والشرُط المغناطيسية ذات الشفرات الخصوصية؟‏ لم تكد تنقضي سنة واحدة على استحداث تلك الخصائص حتى ظهر اول تزييف غير متقن.‏ وبعيد ذلك،‏ جرى نسخ جميع الخصائص الوقائية او تقليدها.‏ «عليكم ان تحسِّنوا دائما،‏» قال احد مديري مصرف في هونڠ كونڠ.‏ «فاللصوص يحاولون دائما التفوق عليكم.‏»‏

      والجدير بالذكر ان نصْف جميع الخسائر الناجمة عن تزوير البطاقات في اوائل التسعينات حدث في آسيا،‏ بحسب قول الخبراء،‏ ونحو نصفها جرى في هونڠ كونڠ.‏ وقد صرّح احد الخبراء بأن «هونڠ كونڠ في عالم تزييف بطاقات الائتمان،‏ هي كپاريس في عالم تصميم الازياء.‏» واتهم آخرون هونڠ كونڠ بأنها عاصمة تزييف الاعتمادات في العالم —‏ «مفترق الطرق ‹لمثلث الغش في بطاقات الائتمان› الذي يشمل ايضا تايلند،‏ ماليزيا،‏ والآن الصين الجنوبية.‏» «تقول شرطة هونڠ كونڠ ان النقابات المحلية المتصلة بمجتمعات الإجرام السرية الصينية تحفر،‏ تنقش وتصنع الشفرات في البطاقات المزيفة مستعملةً ارقاما يزوِّدها البائعون الفاسدون.‏ ثم ترسل البطاقات المزيفة الى الخارج،‏» هذا ما اوردته الصحيفة النيوزيلندية.‏

      في كندا،‏ «اشترى افراد عصابة آسيوية آلة لنقش بطاقات الائتمان،‏ وهي تُستخدم الآن لصنع بطاقات ائتمان مزيفة.‏ وتطبع الآلة ٢٥٠ بطاقة ائتمان في الساعة،‏ وتعتقد الشرطة انه جرى استخدامها في عملية احتيال بلغت ملايين كثيرة من الدولارات،‏» هذا ما اوردته صحيفة ڠلوب اند مايل الكندية.‏ وفي السنوات القليلة الاخيرة،‏ جرى توقيف صينيين من هونڠ كونڠ وهم يستعملون بطاقات ائتمان مزيفة في ٢٢ بلدا على الاقل من النمسا الى أوستراليا،‏ بما فيها ڠوام،‏ ماليزيا وسويسرا.‏ ويكثر الطلب بشكل خاص على بطاقات الائتمان اليابانية،‏ لأنها تمنح اعلى حدود الانفاق لمستخدِميها.‏

      ان فيض التقارير عن بطاقات الائتمان المشتبَه فيها والمزيفة يعني،‏ كما قال مدير مصرف كندي،‏ «ان الشركات التي تُصدرها تجبَر على توزيع كلفة الاحتيال المتزايد على مستخدِمي البطاقات.‏» وللأسف،‏ هذا ما يحدث فعلا.‏ يمكن ان تكون بطاقة الائتمان وسيلة ملائمة فعلا وفي وقتها عندما لا يكون مع مستخدِمها ما يكفي من المال نقدا.‏ ولكن تذكروا ان كل ما يريده المزيِّفون هو رقم حسابكم وتاريخ انتهاء صلاحية بطاقتكم ليستمروا في العمل.‏ «انها مال پلاستيكي،‏» حذر رئيس اقليمي لقسم الخصائص الوقائية في شركة اميركان اكسپرس انترناشونال،‏ «ولكن يحسن بالناس ان يتعاملوا بها بالحذر عينه الذي يمارسونه عند التعامل بالمال النقدي.‏»‏

      ‏«نظامها ممتلئ بمواطن ضعف،‏» كما قال احد المراقبين التابعين للشرطة.‏ وأضاف عن المزيِّفين،‏ «لقد وجد الانذال كلًّا منها واستغلوه بلا رحمة.‏»‏

      تزييف الشيكات

      بحلول عصر الطباعة المكتبية التي يمكنها ان تصنع فعليا نسخة طبق الاصل لا عيب فيها لأيّ ورقة نقدية،‏ كان ما تبع ذلك امرا لا بد منه.‏ فيمكن الآن ان يصنع المزوِّرون نسخا طبق الاصل لوثائق لا تحصى:‏ جوازات السفر،‏ شهادات الميلاد،‏ بطاقات الهجرة،‏ شهادات الاسهم،‏ طلبات الشراء،‏ وصفات الادوية،‏ ومجموعة كبيرة من الوثائق الاخرى.‏ لكنَّ الربح الاعظم يجري كسبه من صنع نسخ طبق الاصل لشيكات الراتب.‏

      التقنية بسيطة جدا.‏ فما ان يقع شيكُ راتبٍ من شركة كبيرة لها ودائع بملايين الدولارات في مصارف محلية او في مختلف انحاء البلاد بين يدي المزيِّف،‏ حتى يصير مستعدا لمباشرة عمله.‏ وبواسطة مطبعته المكتبية،‏ وماسح ببقعة متحركة (‏optical scanner)‏،‏ وأجهزة الكترونية اخرى متوفرة لديه،‏ يمكنه تغيير الشيك ليناسب غرضه —‏ مغيِّرا التاريخ،‏ مستبدلا اسم المستفيد باسمه،‏ مضيفا اصفارا الى القيمة بالدولار.‏ ثم يطبع الشيك المعدل على طابعته اللايزرية،‏ مستخدما ورقا اشتراه من اقرب متجر للقرطاسية بلون الشيك نفسه.‏ وإذ يطبع عشرات الشيكات المزوَّرة او اكثر في الوقت عينه،‏ يمكنه صرفها في ايٍّ من فروع المصرف في اية مدينة.‏

      ان تزايد تزييف الشيكات بهذه الوسيلة البسيطة والقليلة الكلفة يفوق التصور،‏ ويقول مديرو المصارف ومنفذو القانون ان الخسارة التي يتكبدها الاقتصاد يمكن ان تبلغ بليون دولار اميركي.‏ وذكرت نيويورك تايمز انه في قضية بلغت فيها الوقاحة الذروة،‏ جالت عصابة،‏ مركزها في لوس انجلوس،‏ في البلاد صارفةً ألوفا من شيكات الراتب المزيفة في المصارف،‏ وقد جاوزت قيمتها المليوني دولار.‏ ويقدِّر محلِّلو النشاط الصناعي ان مجموع الخسائر السنوية الناجمة عن تزييف الشيكات بلغ الآن ١٠ بلايين دولار في الولايات المتحدة وحدها.‏ «ان المشكلة الجنائية الاولى لدى المؤسسات المالية،‏» قال ضابط في مكتب التحقيقات الفدرالي FBI،‏ «هي تزييف السندات القابلة للتداول،‏ مثل تزوير الشيكات وتزوير الحوالات المالية.‏»‏

  • ايها المشترون احذروا!‏ قد يكلِّفكم التزييف حياتكم
    استيقظ!‏ ١٩٩٦ | آذار (‏مارس)‏ ٢٢
    • ايها المشترون احذروا!‏ قد يكلِّفكم التزييف حياتكم

      يسهل خداع الضحايا غير المدرَّبين والغافلين.‏ فالساعة التي تبدو غالية الثمن والتي يعرضها عليكم بائع في الشارع بسعر ادنى من سعرها الحقيقي —‏ هل هي اصلية أم مزيَّفة؟‏ هل تشترونها؟‏ ومعطف الفرو الفاخر الذي يُعرض عليكم من نافذة سيارة في شارع فرعي —‏ فالبائع يؤكد انه من فرو المِنْك الغالي الثمن.‏ هل يمنعكم جماله وسعره المنخفض من ممارسة التمييز؟‏ والخاتم الماسيّ في اصبع الزوجة المطلَّقة حديثا —‏ التي صارت بلا مال ولا بيت،‏ وتنتظر وصول القطار في محطة المترو في نيويورك —‏ بإمكانكم الحصول عليه مقابل القليل من المال.‏ فهل تعتقدون انه من المؤسف ان لا تتمّ الصفقة؟‏ بما ان هذه الاسئلة تُطرح في هذه المقالة التي تعالج موضوع التزييف،‏ ونظرا الى الظروف المستعرَضة،‏ فمن المرجح ان يكون جوابكم هو ‏«كلا!‏»‏

      ولكن دعونا نغيِّر الاماكن والظروف،‏ ولنرَ ماذا سيكون جوابكم.‏ ماذا عن حقيبة اليد الغالية الثمن التي تحمل اسم مصمِّم شهير والمعروضة للبيع في متجر شرعي بسعر مخفَّض ومغرٍ؟‏ وماذا عن الويسكي الشهيرة التي تُباع في محل قريب للمشروبات الكحولية؟‏ هنا لا توجد مشكلة بالتأكيد.‏ تأملوا ايضا في الفيلم ذي الماركة التجارية المعروفة الذي يُباع بسعر مخفَّض في متجر او في محل للتصوير.‏ ولنقل هذه المرة ان الساعة الثمينة التي تساوي آلاف الدولارات يعرضها عليكم متجر محترم لا بائع في الشارع.‏ وقد خُفض سعرها كثيرا.‏ فإذا كنتم مهتمين بشراء ساعة ثمينة،‏ فهل تشترون هذه الساعة؟‏ وهنالك ايضا ماركات الاحذية الشهيرة التي تُباع بأسعار مغرية جدا في متجر دلَّكم عليه اصدقاؤكم.‏ هل انتم متأكدون انها ليست بضاعة رخيصة تقلِّد البضاعة الاصلية؟‏

      وفي عالم الفن،‏ في معارض الرسم الراقية،‏ يشتري جامعو التحف الفنية الثمينة رسوما كثيرة بواسطة البيع بالمزاد.‏ ولكن يحذِّر خبير فني:‏ «احترزوا.‏ فحتى الخبراء الذين لديهم سنوات طويلة من الخبرة يُخدعون.‏ وهذا ما يحدث مع البائعين،‏ وكذلك امناء المتاحف.‏» وهل لديكم معرفة واسعة جدا بحيث لا يفوقكم المزيِّفون المحتمَلون دهاءً؟‏ احذروا!‏ فكل السلع المصوَّرة هنا قد تكون مزيَّفة.‏ وغالبا ما تكون كذلك.‏ وتذكروا انه اذا كانت السلعة نادرة وذات قيمة كبيرة،‏ فسيحاول شخص ما في مكان ما ان يزيِّفها.‏

      ان تزوير السلع مشروع تجاري عالمي يكلِّف ٢٠٠ بليون دولار اميركي،‏ و «نموّه اسرع من كثير من الصناعات التي يزوِّرها،‏» كما كتبت مجلة فوربْز.‏ وتزييف قطع السيارات يحرم صانعي السيارات والمورِّدين الاميركيين مداخيل سنوية تبلغ ١٢ بليون دولار حول العالم.‏ ذكرت المجلة:‏ «تقول شركات السيارات الاميركية انه اذا تمكنَت من اخراج مورِّدي القطع المزيَّفة من السوق،‏ فبإمكانها ان تستخدم ٠٠٠‏,٢١٠ شخص.‏» وتذكر التقارير ان نحو نصف المصانع المزيِّفة تقع خارج الولايات المتحدة —‏ في كل انحاء العالم تقريبا.‏

      بضائع مزيَّفة يمكن ان تتسبَّب بالموت

      هنالك بعض انواع المنتجات المزيَّفة التي تسبب اضرارا جمة.‏ فالعزقات والبراغي المستوردة تشكِّل ٨٧ في المئة من الـ‍ ٦ بلايين دولار للسوق الاميركية.‏ ولكنَّ الادلة الحالية تشير الى ان ٦٢ في المئة من كل هذه المثبِّتات تحمل اسماء ماركات تجارية ملفَّقة او اختاما تصنيفية غير شرعية.‏ ووجد تقرير وضعه مكتب المحاسبة العام GAO سنة ١٩٩٠ ان ما لا يقلّ عن ٧٢ «محطة نووية [اميركية] لتوليد الطاقة استخدمت مثبِّتات لا تفي بالشروط القانونية،‏ وبعضها استُعمل في انظمة لاغلاق المفاعل في حال وقوع حادث نووي.‏ والمشكلة تزداد سوءا،‏ كما يقول GAO.‏ .‏ .‏ .‏ ولا يُعرف حجم المشكلة ولا الكلفة التي يتحملها دافعو الضرائب او الاخطار المحتملة الناتجة من استعمال منتجات [رديئة] كهذه،‏» كما اخبرت فوربْز.‏

      وقام مقاولون عديمو الضمير بتزييف براغيّ فولاذية وتهريبها الى الولايات المتحدة،‏ علما بأن قوة هذه البراغي لا تفي بالغرض الذي تُستعمل من اجله.‏ وبحسب مجلة الطريقة الاميركية،‏ «يمكن ان تهدِّد سلامة ابنية المكاتب،‏ محطات توليد الطاقة،‏ الجسور والمعدات العسكرية.‏»‏

      وقد نُسب الى بطائن المكابح المزيَّفة تحطُّم باص في كندا قبل بضع سنوات،‏ مما اودى بحياة ١٥ شخصا.‏ وذكرت التقارير ان قطعا مزيَّفة وُجدت في اماكن لا يُحتمل وجودها فيها،‏ كما في طائرات عسكرية مروحية ومكوك فضائي اميركي.‏ قال محقق بارز في قضايا التزييف:‏ «عندما تتحدثون عن ساعة كارتييه او رولكس مزيَّفة،‏ يكون موقف المستهلك العادي مختلفا كثيرا عن موقفه عندما تكون الصحة والسلامة في خطر.‏»‏

      ان قائمة السلع المزيَّفة التي يُحتمل ان تشكِّل خطرا على المرء تضمّ آلات ضبط نبض القلب التي بيعت لـ‍ ٢٦٦ مستشفى اميركيا،‏ حبوبا مقلَّدة لتحديد النسل أُنزلت الى السوق الاميركية سنة ١٩٨٤،‏ ومبيدات فطر يتألف معظمها من الطباشير اتلفت محصول البن في كينيا سنة ١٩٧٩.‏ وهنالك ايضا انتشار العقاقير المقلَّدة التي تهدد حياة المستهلكين.‏ وقد يذهلكم عدد الوفيات الناتجة من ادوية مزيَّفة في العالم.‏

      ويتزايد القلق بشأن الاجهزة الكهربائية المنزلية الصغيرة المزيَّفة.‏ ذكرت مجلة الطريقة الاميركية:‏ «يحمل بعض هذه المنتجات اسماء تجارية مزيَّفة او تراخيص مزوَّرة من منظمة ‹أندِرّايترز لابوراتوريز› [التي تختبر مثل هذه المنتجات للتأكد من سلامتها].‏» وقال احد مهندسي السلامة:‏ «لكنها لا تفي بشروط السلامة نفسها،‏ ولذلك تنفجر،‏ تسبب حرائق منزلية وتجعل كامل التمديدات الكهربائية خطرة.‏»‏

      وفي الولايات المتحدة وأوروپا تتنبه شركات الطيران للخطر ايضا.‏ ففي المانيا،‏ مثلا،‏ وجدت شركات الطيران قطع غيار مزيَّفة للمحركات والمكابح في مخزونها.‏ وقال احد مسؤولي النقل ان التحقيقات «جارية في اوروپا وكندا والمملكة المتحدة،‏ حيث وُجدت علاقة بين استعمال قطع غير موافَق عليها (‏عزقات عمود ادارة مروحة الذيل)‏ ووقوع حادث مميت تحطمت فيه طائرة مروحية مؤخرا.‏» وأخبر ملخص سلامة الطيران ان «الموظفين الحكوميين صادروا كميات كبيرة من قطع المحرِّكات النفّاثة المزيَّفة،‏ مجموعات قطع المكابح المقلَّدة،‏ البراغي والمثبِّتات الرديئة النوعية،‏ قطع الغيار الرديئة التي تُستعمل في نظامَي الوقود والطيران،‏ قطع غير موافَق عليها لاجهزة القياس المستخدَمة في مقصورة القيادة ولمكوِّنات كمپيوتر التحكم في الطيران،‏ وهي قطع ضرورية جدا لضمان سلامة الطيران.‏»‏

      في سنة ١٩٨٩ كانت هنالك طائرة مستأجَرة تقوم برحلة من النروج الى المانيا،‏ فأخذت فجأة بالانحدار بسرعة من ارتفاعها البالغ ٠٠٠‏,٢٢ قدم (‏٦٠٠‏,٦ م)‏.‏ فتمزق الذيل اربا اربا،‏ مما جعل الطائرة تهوي بقوة حتى ان جناحَيها انفصلا.‏ وقُتل الـ‍ ٥٥ شخصا الذين كانوا على متنها.‏ وبعد ثلاث سنين من التحقيقات،‏ اكتشف خبراء الطيران النروجيون ان هذا التحطم ناتج من النوعية الرديئة لبراغيّ تدعى مسامير تثبيت،‏ مهمتها تثبيت ذيل الطائرة بجسمها.‏ وأظهر تحليل الاجهاد ان البراغي كانت مصنوعة من معدن اضعف من ان يتحمل قوى الارتجاج الناتجة من الطيران.‏ كانت مسامير التثبيت الرديئة مزيَّفة —‏ كلمة يعرفها جيدا خبراء سلامة الطيران في كل مكان،‏ لأن التزييف مشكلة متفاقمة تعرِّض حياة طواقم الطائرات وركابها للخطر.‏

      عندما قابل التلفزيون الوطني المراقِبة العامة لوزارة النقل في الولايات المتحدة،‏ قالت:‏ «جميع شركات الطيران تلقَّت قطع غيار مزيَّفة.‏ انها متوفرة عندها كلها.‏ وكلها واقعة في مشكلة.‏» وتعترف الشركات،‏ كما اضافت،‏ «انه لديها على الارجح ما تُقدَّر قيمته ببليونَي دولار الى ثلاثة بلايين دولار من القطع غير الصالحة للاستعمال في مخزونها.‏»‏

      وفي المقابلة نفسها كان هنالك مستشار في سلامة الطيران قدَّم آراءه لمكتب التحقيقات الفدرالي FBI بشأن العمليات السرية المختلفة التي تشمل قطع الغيار المزيَّفة،‏ وحذَّر ان القطع المزيَّفة تمثِّل خطرا حقيقيا.‏ قال:‏ «اعتقد انه من المتوقع رؤية كارثة كبيرة في الطيران يوما ما في المستقبل القريب نتيجة لذلك.‏»‏

      ان يوم الحساب قريب للذين يسمح لهم جشعهم بأن يضعوا مصلحتهم الانانية قبل حياة الآخرين.‏ فكلمة اللّٰه الموحى بها تذكر بشكل قاطع ان الجشعين لن يرثوا ملكوت اللّٰه.‏ —‏ ١ كورنثوس ٦:‏٩،‏ ١٠‏،‏ ع‌ج‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة