مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • اين البلد الخالي من الجرائم؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٦ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٨
    • اين البلد الخالي من الجرائم؟‏

      كان مأتمه احد اكبر المآ‌تم التي شهدتها موسكو منذ سنوات.‏ فقد احتشد آلاف الاشخاص عند جانبي الشوارع لإلقاء نظرة وداعية على الشاب الروسي الذي وضعت رصاصات قاتل حدًّا مفاجئا لحياته في ١ آذار ١٩٩٥.‏ وكان القتيل،‏ ڤلاديسلاف ليستْييف الذي لقي حتفه عند عتبة بيته،‏ شخصية تلفزيونية ذائعة الصيت،‏ وقد مُنح لقب صحافي السنة عام ١٩٩٤.‏

      وبعد اقل من ثلاثة اسابيع،‏ في ٢٠ آذار،‏ كانت الزحمة خانقة في شبكة مترو طوكيو،‏ كعادتها في الصباح الباكر،‏ عندما تعرَّضت لاعتداء بغاز سام.‏ ومات عدة اشخاص،‏ وكانت اصابات كثيرين آخرين خطيرة.‏

      وفي ١٩ نيسان صارت مدينة اوكلاهوما في الولايات المتحدة محط انظار مشاهدي التلفزيون حول العالم.‏ فقد هالتهم مَشاهد عاملي الانقاذ وهم يُخرجون جثثا ممزَّقة من تحت انقاض مبنى فدرالي دمرته قنبلة ارهابي.‏ وبلغ عدد القتلى ١٦٨ شخصا.‏

      وفي اواخر حزيران من هذه السنة،‏ ادّى اعتداء مماثل قرب الظهران في المملكة العربية السعودية الى مصرع ١٩ اميركيا وإصابة ٤٠٠ تقريبا.‏

      تبيِّن هذه الاحداث الاربعة ان الجريمة تأخذ ابعادا جديدة.‏ فمرة بعد اخرى تضاف الى الجريمة «العادية» اعمال ارهابية وحشية.‏ وتُظهر هذه الاحداث الاربعة —‏ كلٌّ على طريقته الخاصة —‏ كم صار سهلا ان يقع الشخص ايًّا كان ضحية اعتداء اجرامي.‏ فسواء كنتم في البيت،‏ في العمل،‏ او في الشارع،‏ ليس مستبعدا ان تجعلكم الجريمة احدى ضحاياها.‏ وقد اظهرت دراسة بريطانية ان ثلاثة ارباع البريطانيين تقريبا يعتقدون ان احتمال وقوعهم ضحية عمل اجرامي هو الآن اكبر مما كان قبل عشر سنوات.‏ وربما الوضع مماثل حيث تعيشون.‏

      يتوق المواطنون الذين يطيعون القانون الى حكومة لا يقتصر عملها على ضبط الجريمة.‏ انهم يريدون حكومة تضع حدًّا لها.‏ وفي حين ان اجراء مقارنة لمعدلات الجريمة بين الدول قد يشير الى ان بعض الحكومات فعّالة اكثر من غيرها في منع الجريمة،‏ إلّا ان الوضع العام يُظهر ان الحكومات البشرية تخسر حربها ضد الجريمة.‏ ومع ذلك،‏ ليس وهما او خيالا الاعتقاد ان هنالك حكومة ستضع حدًّا للجريمة قريبا.‏ ولكن اية حكومة هي؟‏ ومتى؟‏

      ‏[الاطار/‏الخريطة في الصفحتين ٤ و ٥]‏

      عالم مليء بالجرائم

      الاميركتان:‏ اخبرت ذا ڠلوب آند ميل الكندية (‏بالانكليزية)‏ عن زيادة في الجرائم العنيفة في كندا خلال ١٢ سنة متتالية في الفترة الاخيرة،‏ معتبرة ان هذا كله «جزء من منحى ادى الى ارتفاع نسبة العنف ٥٠ في المئة خلال العقد الماضي.‏» وأخبرت صحيفة ال تييمپو الكولومبية (‏بالاسپانية)‏ انه حصلت ٧١٤‏,١ عملية خطف في كولومبيا في احدى السنوات الاخيرة،‏ «وهذا الرقم هو اكثر من ضعف عدد عمليات الخطف في باقي العالم خلال الفترة نفسها.‏» ووفقا لوزارة العدل في المكسيك،‏ كانت تُرتكب في احدى السنوات الاخيرة جريمة جنسية في عاصمتها كل اربع ساعات.‏ وقالت ناطقة باسمها ان القرن الـ‍ ٢٠ يتميز بالانتقاص من قدر الفرد.‏ واستنتجت قائلة:‏ «اننا نعيش في جيل صار شعاره استعمِله ثم ارمِه.‏»‏

      العالم اجمع:‏ يلاحظ كتاب الامم المتحدة ومنع الجريمة (‏بالانكليزية)‏ «زيادة مطّردة حول العالم في النشاط الاجرامي في السبعينات والثمانينات من هذا القرن.‏» ويقول:‏ «ارتفع عدد الجرائم المسجلة من نحو ٣٣٠ مليونا في سنة ١٩٧٥ الى ٤٠٠ مليون تقريبا في سنة ١٩٨٠،‏ ويقدَّر انه بلغ نصف بليون في سنة ١٩٩٠.‏»‏

      اوقيانيا:‏ قدَّر معهد علم الاجرام في اوستراليا ان كلفة الجرائم هناك تصل الى «٢٧ بليون دولار [اوسترالي] كل سنة على الاقل،‏ او نحو ١٦٠٠ دولار لكل رجل وامرأة وولد.‏» ويبلغ ذلك «نحو ٢‏,٧ في المئة من اجمالي الناتج الداخلي.‏»‏

      افريقيا:‏ اخبرت دايلي تايمز النيجيرية (‏بالانكليزية)‏ ان «معاهد التعليم الجامعي» في بلد في افريقيا الغربية تشهد «موجة من الرعب يطلقها اعضاء الطوائف السرية،‏ وغالبا ما يبلغ الامر حدًّا يجعل القيام بأيّ نشاط اكاديمي ذي معنى امرا متعذرا.‏» ومضت تقول:‏ «وهذه الموجة تزداد انتشارا مع ما يرافقها من خسائر في الارواح والممتلكات.‏» وأخبرت ذا ستار في جنوب افريقيا (‏بالانكليزية)‏ عن بلد افريقي آخر:‏ «هنالك شكلان من العنف:‏ الصراع الطائفي،‏ والعنف الاجرامي العادي.‏ أما الاول فقد انخفض بشكل ملحوظ،‏ وأما الثاني فقد ارتفع بشدة.‏»‏

      اوروپا:‏ ذكر كتاب ايطالي (‏«الفرصة واللص»)‏ ان عدد الجرائم المتعلقة بالممتلكات وصل في فترة قصيرة الى «ذرى كان يُعتبر بلوغها امرا مستحيلا.‏» وأخبرت اوكرانيا،‏ احدى جمهوريات الاتحاد السوڤياتي السابق،‏ عن حصول ٤٩٠ جريمة لكل ٠٠٠‏,١٠٠ نسمة في سنة ١٩٨٥ و ٩٢٢ جريمة بحلول سنة ١٩٩٢.‏ ويستمر الرقم في الارتفاع.‏ فلا عجب ان تكتب صحيفة روسية (‏«الحجج والوقائع»)‏:‏ «نحن نحلم بالعيش —‏ بالبقاء احياء —‏ بالنجاة من هذه الفترة المخيفة .‏ .‏ .‏ فهنالك خوف من ركوب القطار —‏ فقد يخرج عن خطه او يتعرض لعملية تخريب؛‏ خوف من الطيران —‏ فعمليات خطف الطائرات كثيرة،‏ او قد تتحطم الطائرة؛‏ خوف من استعمال المترو —‏ بسبب الاصطدامات او الانفجارات؛‏ خوف من السير في الشوارع —‏ فقد تقعون وسط تبادل للنيران او تتعرضون للنهب،‏ الاغتصاب،‏ الضرب،‏ او القتل؛‏ خوف من ركوب سيارة —‏ فقد تُشعَل فيها النار،‏ تُفجَّر،‏ او تُسرَق؛‏ خوف من ولوج مداخل الابنية السكنية،‏ المطاعم،‏ او المتاجر —‏ فقد تُجرحون او تُقتلون في ايّ منها.‏» وشبَّهت المجلة الهنڠارية HVG احدى المدن المغمورة بأشعة الشمس في هنڠاريا بـ‍ «مقر المافيا،‏» وقالت انها كانت في السنوات الثلاث الاخيرة «مهد كل نوع جديد من الجرائم .‏ .‏ .‏ والخوف يولِّد الخوف فيما يرى الناس الشرطة غير مستعدة لمحاربة المافيا.‏»‏

  • جهود حثيثة لوضع حدّ للجريمة
    استيقظ!‏ ١٩٩٦ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٨
    • جهود حثيثة لوضع حدّ للجريمة

      ذكر عنوان في صحيفة بريطانية بارزة:‏ «الاحداث يؤكدون ان الملل هو السبب الرئيسي لجرائم الاحداث.‏» وقالت اخرى:‏ «الشجار المنزلي ملوم على ازدياد الجريمة.‏» وذكرت ثالثة:‏ «الادمان ‹حافز لارتكاب آلاف الجرائم.‏›» وتقدِّر مجلة فيليپين پانوراما (‏بالانكليزية)‏ ان ٧٥ في المئة من مجموع الجرائم العنيفة في مانيلا يرتكبها اشخاص يسيئون استعمال المخدِّرات.‏

      وهنالك عوامل اخرى قد تساهم ايضا في اتخاذ البعض مسلكا اجراميا.‏ احدها هو «الفقر الموجود حيث الغنى الفاحش،‏» كما قال مفتش عام في الشرطة النيجيرية.‏ ويُدرج ايضا ضغط النظير وفرص العمل الضعيفة،‏ غياب الروادع القانونية القوية،‏ الانحطاط العام في القيم العائلية،‏ عدم احترام السلطة والقانون،‏ والعنف المفرط في الافلام وشُرُط الڤيديو.‏

      والعامل الآخر هو ان كثيرين لم يعودوا يؤمنون بأن عاقبة الجريمة وخيمة.‏ فقد لاحظ عالم اجتماع في جامعة بولونيا في ايطاليا انه طوال سنين عديدة كان «عدد السرقات المُبلغ عنها يرتفع فيما كان عدد الاشخاص الذين أُدينوا بها ينخفض.‏» وذكر ان «عدد قرارات الادانة بالنسبة الى المجموع العام للسرقات المُبلغ عنها انخفض من ٥٠ الى ٧‏,٠ في المئة.‏»‏

      ذكرت دائرة المعارف البريطانية الجديدة (‏بالانكليزية)‏ بكلمات تدعو الى الاسف ولكنها صحيحة:‏ «يبدو ان زيادة الجرائم سمة تميِّز كل المجتمعات الصناعية العصرية،‏ ويَظهر انه ليس لأيّ تطوير للقانون او لعلم العقاب تأثير كبير في المشكلة.‏ .‏ .‏ .‏ وفي المجتمع المتمدن العصري،‏ حيث تغلب قيم كالازدهار الاقتصادي والنجاح الشخصي،‏ لا يوجد سبب للافتراض ان معدلات الجريمة لن تستمر في الارتفاع.‏»‏

      هل هذه النظرة سلبية جدا؟‏

      هل الوضع سيئ حقا الى هذا الحد؟‏ ألا ترد تقارير عن انخفاض الجريمة في بعض الاماكن؟‏ بلى،‏ هذا صحيح،‏ ولكن قد لا تعكس الاحصائيات الصورة بشكل صحيح.‏ مثلا،‏ ذكر تقرير ان الجرائم في الفيليپين انخفضت بنسبة ٢٠ في المئة بعد تطبيق حظر حمل السلاح.‏ لكنَّ اسبوع آسيا (‏بالانكليزية)‏ اوضحت ان احد المسؤولين يعتقد ان سارقي السيارات والمصارف توقفوا عن سرقة السيارات والمصارف «وتحوَّلوا الى الخطف.‏» وهذا الانخفاض في سرقات المصارف والسيارات ادى الى انخفاض في المجموع العام للجرائم،‏ لكنه يصبح دون معنى بالنظر الى ارتفاع عمليات الخطف اربعة اضعاف!‏

      وعن هنڠاريا كتبت مجلة HVG‏:‏ «بالمقارنة مع النصف الاول من سنة ١٩٩٣،‏ انخفضت الجرائم بنسبة ٢‏,٦ في المئة.‏ ولكن ما نسيت الشرطة ان تذكره هو ان الانخفاض .‏ .‏ .‏ مردّه بشكل رئيسي الى التغييرات الادارية.‏» فالمستوى المالي الذي كانت تُسجل على اساسه قضايا السرقة او الغش او التخريب العمدي للممتلكات رُفع ٢٥٠ في المئة.‏ وهكذا لم تعد تسجَّل الجرائم المتعلقة بالممتلكات التي تكون قيمتها اقل من هذا المستوى.‏ وبما ان الجرائم التي تشمل الممتلكات تمثِّل ثلاثة ارباع الجرائم في البلد،‏ فهذا الانخفاض يكاد لا يكون حقيقيا.‏

      من المعروف انه ليس سهلا التوصل الى ارقام دقيقة عن الجرائم.‏ وأحد الاسباب هو ان جرائم كثيرة —‏ حتى ٩٠ في المئة في بعض الفئات —‏ لا يُبلغ عنها.‏ ولكن سواء ارتفعت نسبة الجريمة او انخفضت فذلك خارج عن نطاق الموضوع.‏ فالناس يريدون رؤية نهاية للجريمة،‏ لا مجرد انخفاض لنسبتها.‏

      الحكومات تحاول

      كشف استطلاع اعدّته الامم المتحدة سنة ١٩٩٠ ان البلدان الاكثر تقدما تنفق كمعدل من ٢ الى ٣ في المئة من ميزانياتها السنوية على ضبط الجريمة،‏ في حين ان البلدان النامية تنفق اكثر،‏ من ٩ الى ١٤ في المئة كمعدل.‏ وفي بعض الاماكن تعطى الاولوية لزيادة حجم قوى الشرطة وتزويدها بأفضل التجهيزات.‏ لكنَّ النتائج متباينة.‏ فبعض المواطنين الهنڠاريين يتذمرون قائلين:‏ «هنالك دائما نقص في عدد رجال الشرطة للقبض على المجرمين ولكن هنالك دائما ما يكفي منهم لإيقاف مخالفي قوانين السير.‏»‏

      وجدت حكومات كثيرة مؤخرا انه يلزم اصدار قوانين جنائية اكثر صرامة.‏ مثلا،‏ تقول مجلة تايم (‏بالانكليزية)‏ انه نظرا الى «ارتفاع نسبة الخطف في اميركا اللاتينية،‏» تجاوبت الحكومات هناك بإصدار قوانين هي «على حد سواء متشددة وغير فعَّالة.‏ .‏ .‏ .‏ فإصدار القوانين سهل،‏» كما تعترف،‏ «ولكنَّ تطبيقها ليس كذلك.‏»‏

      وفي بريطانيا ينظم بعض السكان برامج لمراقبة احيائهم السكنية لحماية ممتلكاتهم،‏ ويقدَّر انه كان هنالك في سنة ١٩٩٢ اكثر من ٠٠٠‏,١٠٠ برنامج للحراسة يشمل على الاقل اربعة ملايين بيت.‏ وقد أُدخلت برامج مماثلة الى اوستراليا في اواسط الثمانينات.‏ وهدفها،‏ كما يقول المعهد الاوسترالي لعلم الاجرام،‏ هو خفض الجرائم «بتحسين التوعية عند المواطنين بشأن السلامة العامة،‏ وبتحسين مواقف السكان وطريقة عملهم من جهة الابلاغ عن الجرائم والاعمال المشبوهة في الجوار،‏ وبخفض احتمال التعرض لعمل اجرامي بوضع علامة على الممتلكات وتركيب اجهزة امان فعَّالة.‏»‏

      وتُستعمل التلفزة المُغلَقة الدَّارة في بعض الاماكن لربط مخافر الشرطة بالمراكز التجارية.‏ وتستعمل الشرطة والمصارف والمتاجر كاميرات ڤيديو كرادع للمجرمين او كأداة لتحديد هوية خارقي القانون.‏

      وفي نيجيريا تقيم الشرطة حواجز تفتيش على الطرقات العامة لاعتقال السارقين وخاطفي السيارات.‏ وتقوم الحكومة بحملة على عمليات الاستغلال التجاري وذلك لمحاربة الغش.‏ وهنالك لجان لتعزيز العلاقات بين الشرطة والمجتمع،‏ مؤلفة من افراد بارزين في المجتمع،‏ تقوم بإبلاغ الشرطة عن النشاط الاجرامي والاشخاص المشبوهين.‏

      يلاحظ الاشخاص الذين يزورون الفيليپين ان البيوت لا تُترك عموما خالية وأن اناسا كثيرين يقتنون كلاب حراسة.‏ ويستخدم رجال الاعمال حرسا امنيا خاصا لحماية مؤسساتهم.‏ ويزدهر مبيع الاجهزة المضادة لسرقة السيارات.‏ وهنالك اشخاص يسمح لهم دخلهم بالعيش في مجمَّعات سكنية مجهَّزة بحماية امنية مشددة.‏

      علّقت الصحيفة اللندنية ذي إنديپندنت (‏بالانكليزية)‏ قائلة:‏ «بما ان ثقة المواطنين بحكم القانون ضعفت،‏ فقد صاروا بأعداد متزايدة ينشئون نظامهم الخاص لحماية مجتمعاتهم.‏» وعدد الاشخاص الذين يقتنون اسلحة يستمر في الازدياد.‏ ففي الولايات المتحدة مثلا،‏ يُقدَّر ان بيتا من كل اثنين لديه على الاقل سلاح واحد.‏

      لا تتوقف الحكومات عن تطوير وسائل جديدة لمحاربة الجريمة.‏ لكنَّ ڤ.‏ فسيڤولودوف،‏ من اكاديمية الشؤون الداخلية في اوكرانيا،‏ اشار الى انه وفقا لمصادر الامم المتحدة،‏ يجد اناس موهوبون جدا «وسائل فريدة لمواصلة النشاط الاجرامي» حتى ان «تدريب العناصر المكلَّفة بفرض القانون» يعجز عن مجاراتها.‏ ويقوم المجرمون الاذكياء بتحويل مبالغ ضخمة من المال لتُستعمل في اعمال تجارية وخدمات اجتماعية،‏ وهكذا يندمجون في المجتمع و «يحوزون مراكز اجتماعية رفيعة.‏»‏

      انعدام الثقة

      وصار ايضا عدد متزايد من الاشخاص في بعض البلدان يعتقدون ان الحكومة نفسها جزء من المشكلة.‏ وقد اقتبست اسبوع آسيا من رئيس احدى مجموعات مكافحة الجريمة قوله:‏ «نحو ٩٠٪ من المشبوهين الذين نعتقلهم هم إما من الشرطة او من العسكريين.‏» وسواء كان ذلك صحيحا او لا،‏ فقد قادت تقارير كهذه احد المشترعين الى التعليق قائلا:‏ «اذا كان الاشخاص الذين اقسموا ان يصونوا القانون هم انفسهم منتهكوه،‏ فمجتمعنا في ورطة.‏»‏

      وفضائح الفساد التي تشمل رسميين بارزين زعزعت حكومات في انحاء مختلفة من العالم،‏ الامر الذي قوَّض اكثر ثقة المواطنين.‏ وبالاضافة الى ان الناس لا يصدِّقون ان الحكومات قادرة على كبح الجريمة،‏ صاروا الآن يشكّون في تصميمها على ذلك.‏ سأل اختصاصي في اصول التربية:‏ «كيف ستتمكن هذه السلطات من محاربة الجريمة عندما تكون هي نفسها غارقة فيها حتى اذنيها؟‏»‏

      حكومات تمضي وحكومات تجيء،‏ وأما الجريمة فتبقى.‏ ولكن سيحلّ قريبا جدا وقت لا يعود فيه للجريمة وجود!‏

  • اخيرا —‏ حكومة ستضع حدًّا للجريمة
    استيقظ!‏ ١٩٩٦ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٨
    • اخيرا —‏ حكومة ستضع حدًّا للجريمة

      انبأ الكتاب المقدس ان الناس في ايامنا سيكونون «محبين لأنفسهم محبين للمال متعظمين مستكبرين مجدِّفين غير طائعين لوالديهم غير شاكرين دنسين بلا حنو بلا رضى ثالبين عديمي النزاهة شرسين غير محبين للصلاح.‏» (‏٢ تيموثاوس ٣:‏٢،‏ ٣‏)‏ ومثل هؤلاء الاشخاص يرتكبون الجرائم.‏

      وبما ان الناس هم الذين يرتكبون الجرائم،‏ فكلما تغيروا نحو الافضل انخفضت الجريمة اكثر.‏ ولكن ليس سهلا ابدا تغيير الناس نحو الافضل.‏ وهذا الامر هو الآن اصعب من ذي قبل،‏ لأننا منذ سنة ١٩١٤،‏ تاريخ يحدِّده جدول تواريخ الكتاب المقدس،‏ نعيش في «الايام الاخيرة» لنظام الاشياء هذا.‏ وكما انبأ الكتاب المقدس،‏ تتميز هذه الفترة بـ‍ «ازمنة صعبة.‏» وسبب هذه الازمنة الصعبة هو الشيطان ابليس،‏ اكبر مجرم على الاطلاق،‏ الذي «به غضب عظيم عالما ان له زمانا قليلا.‏» —‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١؛‏ رؤيا ١٢:‏١٢‏.‏

      يفسِّر ذلك سبب ارتفاع الجريمة اليوم.‏ فالشيطان عالِم انه سيهلك قريبا هو ونظامه.‏ لذلك يسعى خلال الوقت القصير الباقي الى ان يعزِّز في البشر الصفات الرديئة المذكورة في ٢ تيموثاوس الاصحاح ٣ بأية طريقة ممكنة.‏ وهكذا،‏ لكي تضع اية حكومة حدًّا للجريمة،‏ عليها ان تتخلص من تأثير الشيطان وأن تساعد الناس ايضا على التغيُّر لكي يكفّوا عن فعل الامور المذكورة آنفا.‏ ولكن هل يمكن لأية حكومة ان تقوم بهذه المهمة التي تفوق طاقة البشر؟‏

      لا يمكن لأية حكومة بشرية ان تفعل ذلك.‏ ويشير ج.‏ ڤاسكوڤيتش،‏ استاذ في القانون في اوكرانيا،‏ الى الحاجة الى «هيئة مشتركة مقتدرة توحِّد وتنسِّق جهود كل المنظمات الحكومية والعامة.‏» وذكر الرئيس الفيليپيني فيدل راموس في مؤتمر عالمي حول الجريمة:‏ «بما ان التقدم التقني جعل عالمنا اصغر،‏ تمكنت الجريمة من تخطي الحدود القومية وتطوَّرت حتى صارت مشكلة عالمية.‏ لذلك يجب ان تكون الحلول عالمية ايضا.‏»‏

      ‏«مأساة عالمية»‏

      ان الامم المتحدة هيئة عالمية.‏ وهي تعمل منذ تأسيسها على محاربة الجريمة.‏ لكنَّ حلولها ليست افضل من حلول حكومات الدول.‏ يذكر كتاب الامم المتحدة ومنع الجريمة:‏ «لقد فاقت الجريمة المحلية سيطرة معظم الامم الافرادية،‏ والجريمة التي تخطت الحدود القومية تسارعت متجاوزة القدرة الحالية للمجتمع الدولي.‏ .‏ .‏ .‏ واتَّسعت الجريمة التي تنظمها الفرق الاجرامية الى نسب مروِّعة،‏ بعواقب وخيمة الى درجة غير عادية وخصوصا في ما يتعلق بالعنف الجسدي،‏ التهويل،‏ وفساد الرسميين الحكوميين.‏ وقد اودى الارهاب بعشرات الآلاف من الضحايا البريئة.‏ والتجارة المهلكة للمخدِّرات المسبِّبة الادمان قد صارت مأساة عالمية.‏»‏

      قال الرئيس الاميركي الرابع جيمس ماديسون ذات مرة:‏ «عند تأسيس حكومة يحكم فيها اناس على اناس،‏ تكمن الصعوبة البالغة في هذا:‏ يجب ان تمكِّنوا الحكومة اولا من ضبط الذين تحكمهم؛‏ وثانيا يجب ان تجبروها على ضبط نفسها.‏» (‏قارنوا جامعة ٨:‏٩‏.‏)‏ لذلك فإن الحل المثالي هو استبدال الحكومات التي «يحكم فيها اناس على اناس» بنظام يحكم اللّٰه من خلاله.‏ ولكن هل هذا الحل منطقي؟‏

      الحكومة التي ستضع حدًّا للجريمة

      يصدِّق المسيحيون الحقيقيون ما يقوله الكتاب المقدس عن ملكوت اللّٰه.‏a فهو حكومة حقيقية.‏ ومع ان الملكوت غير منظور لأنه في السماء،‏ فإنجازاته على الارض منظورة.‏ (‏متى ٦:‏٩،‏ ١٠‏)‏ وهو يضم المسيح يسوع و ٠٠٠‏,١٤٤ شخص مأخوذين ‏«من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة .‏ .‏ .‏ [ليملكوا] على الارض.‏» وهذه الحكومة القوية ستحكم على «جمع كثير» من الرعايا الذين يأتون،‏ كما ينبئ الكتاب المقدس،‏ ‏«من كل الامم والقبائل والشعوب والالسنة.‏»‏ (‏رؤيا ٥:‏٩،‏ ١٠؛‏ ٧:‏٩‏)‏ وهكذا فإن الحكام والرعايا على السواء يأتون من خلفية عالمية،‏ شعب متحد فعلا من كل الامم وحائز الرضى الالهي.‏

      وشهود يهوه،‏ الذين يعترفون بحكم اللّٰه،‏ تغلبوا الى حد كبير على مشكلة الجريمة في صفوفهم.‏ كيف؟‏ بتعلّم تقدير حكمة مبادئ الكتاب المقدس،‏ بتطبيقها في حياتهم،‏ وبالسماح لأقوى قوة في الكون،‏ روح اللّٰه،‏ وثمرة من ثماره هي المحبة،‏ بأن تدفعهم.‏ تذكر كلمة اللّٰه:‏ «تسربلوا بالمحبة،‏ فهي رباط كامل للوحدة.‏» (‏كولوسي ٣:‏١٤‏،‏ ع‌ج‏)‏ وفي اكثر من ٢٣٠ بلدا يعرب شهود يهوه عن هذه المحبة والوحدة،‏ مظهرين كيف يتخذ ملكوت اللّٰه الاجراءات من الآن لوضع حد للجريمة.‏

      يمكن ايضاح ذلك من خلال نتائج استطلاع أُجري سنة ١٩٩٤ شارك فيه ٩٥٨‏,١٤٥ شاهدا ليهوه في المانيا.‏ اعترف كثيرون منهم انه كان عليهم التغلب على عيوب خطيرة لكي يصيروا شهودا.‏ وما دفعهم الى ذلك هو درسهم الكتاب المقدس.‏ مثلا،‏ تغلب ٠٦٠‏,٣٠ شخصا على ادمان التبغ او المخدِّرات؛‏ توقف ٤٣٧‏,١ عن المقامرة؛‏ رجع ٣٦٢‏,٤ عن مسلك عنيف او اجرامي؛‏ تغلب ١٤٩‏,١١ على صفات كالغيرة او البغض؛‏ وأعاد ٨٢٠‏,١٢ السكينة في البيت الى الحياة العائلية المتوترة.‏

      ومع ان هذه النتائج تشمل شهود يهوه في بلد واحد فقط،‏ فهم نموذج للشهود في العالم اجمع.‏ تأملوا مثلا في حالة شاب اوكراني يدعى يوري.‏ فعندما ابتدأ يدرس الكتاب المقدس مع شهود يهوه،‏ كان نشّالا.‏ حتى انه ذهب الى موسكو لأنه كان يعلم ان حشود الناس هناك تجعل «عمله» اسهل.‏

      وفي سنة ١٩٩٣ ذهب يوري الى موسكو من جديد،‏ وكان بين حشود من الناس.‏ ولكن لم يكن من داعٍ الى ان يخافه احد من الحضور الذين يزيد عددهم على ٠٠٠‏,٢٣ في مدرَّج لوكومتيف يوم الجمعة في ٢٣ تموز،‏ لأنه صار واحدا من شهود يهوه.‏ نعم،‏ كان يوري على المنصة يشارك في برنامج يقدَّم الى حضور من كل العالم.‏ وإذ تغير نحو الافضل،‏ صار يطيع وصية الكتاب المقدس:‏ «لا يسرق السارق في ما بعد.‏» —‏ افسس ٤:‏٢٨‏.‏

      وكثيرون غير يوري هجروا حياة الجريمة لكي يُحسبوا اهلا للعيش في عالم اللّٰه الجديد البار.‏ ويؤكد ذلك صحة ما قاله السير پيتر إمْبرت،‏ مسؤول بريطاني سابق في الشرطة:‏ «من الممكن ضبط الجريمة بين ليلة وضحاها اذا ابدى كل شخص استعداده لبذل الجهد.‏» والبرنامج التعليمي القائم على الكتاب المقدس الذي تقدِّمه حكومة اللّٰه يمنح الاشخاص المستقيمي القلوب الدافع الذي يلزمهم «لبذل الجهد.‏»‏

      عالم خالٍ من الجرائم

      الجريمة،‏ بأيّ شكل كانت،‏ هي دليل على انعدام المحبة للغير.‏ ويتبع المسيحيون مثال يسوع الذي قال:‏ «تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك.‏» و «تحب قريبك كنفسك.‏» —‏ متى ٢٢:‏٣٧-‏٣٩‏.‏

      وملكوت اللّٰه هو الحكومة الوحيدة التي اخذت على نفسها وضع حدّ للجريمة بتعليم الناس اطاعة هاتين الوصيتين.‏ واليوم يستفيد اكثر من خمسة ملايين شاهد ليهوه من هذا الارشاد.‏ وهم مصمِّمون على عدم السماح للميول الاجرامية بالتأصل في قلوبهم،‏ ومستعدون لبذل ايّ جهد شخصي لازم ليساهموا في إحلال عالم خالٍ من الجرائم.‏ وما انجزه اللّٰه في حياتهم هو مجرد عيِّنة مما سيفعله في عالمه الجديد في ظل سيادة حكومته السماوية.‏ تخيَّلوا عالما لا حاجة فيه الى رجال شرطة،‏ قضاة،‏ محامين،‏ او سجون.‏

      ان تحقيق ذلك على نطاق عالمي سيشمل اعظم انقلاب حكومي في التاريخ يقوم به اللّٰه نفسه.‏ تقول دانيال ٢:‏٤٤‏:‏ «في ايام هؤلاء الملوك [الموجودين اليوم] يقيم اله السموات مملكة [سماوية] لن تنقرض ابدا وملكها لا يُترك لشعب آخر وتسحق وتفني كل هذه الممالك وهي تثبت الى الابد.‏» وسيسحق اللّٰه الشيطان ايضا،‏ مبطلا بالتالي تأثيره الشرير.‏ —‏ رومية ١٦:‏٢٠‏.‏

      وعندما تحلّ حكومة اللّٰه السماوية محل الحكومات البشرية،‏ لن يتسلط البشر بعضهم على بعض في ما بعد.‏ والملوك السماويون —‏ ملوك اسمى حتى من الملائكة —‏ سيعلّمون الجنس البشري سبل البر.‏ فلا اغتيالات ولا اعتداءات بالغاز السام ولا قنابل ارهابيين في ما بعد!‏ ولا مظالم اجتماعية تولّد الجريمة!‏ ولا اغنياء ولا فقراء!‏

      ذكر الپروفسور س.‏ أ.‏ ألوكو،‏ من جامعة اوبافيمي أڤولوڤو في نيجيريا:‏ «لا يستطيع الفقراء النوم ليلا لأنهم جياع؛‏ ولا يستطيع الاغنياء النوم لأن الفقراء مستيقظون.‏» ولكن قريبا سيتمكن كل شخص من النوم نوما عميقا عالِما ان الحكومة —‏ حكومة اللّٰه —‏ قد وضعت اخيرا حدًّا للجريمة!‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة