مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ‏«تذكَّروا پيرل هاربر!‏»‏
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ٨
    • ‏«تذكَّروا پيرل هاربر!‏»‏

      كان ذلك صباح يوم احد جميل في جزيرة أوواهو.‏ وكانت أدِلايْن،‏ فتاة يابانية-‏هاوايية في الصف السادس الابتدائي،‏ خارجا في فناء بيتها في الجزء التجاري من هونولولو.‏ فرأت طائرات تحلِّق ودخانا يتصاعد من جهة پيرل هاربر.‏ فهل كان ذلك تدريبا عسكريا آخر؟‏

      اعتاد الناس في أوواهو المناورات العسكرية واطلاق النار الوهمي،‏ الى حد ان اللواء وليم س.‏ پاي في الاسطول الپاسيفيكي الاميركي اطلَّ من نافذة شقَّته وقال لزوجته،‏ «يبدو غريبا ان يتمرن الجيش على الاهداف صباح يوم الاحد.‏» وصباح يوم الاحد هذا كان ٧ كانون الاول ١٩٤١.‏

      اذ سمع طائرات تقترب،‏ حدَّق صبي بعمر ١٣ سنة من النافذة.‏ «ابي،‏» ابلغ والده،‏ الذي كان قائد المحطة البحرية الجوية لـ‍ كانييوئي،‏ «هذه الطائرات عليها دوائر حمراء.‏» ان لمح القرص الاحمر،‏ الشمس الشارقة،‏ على طائرات الاسطول الامبراطوري الياباني،‏ كان كافيا ليخبر القصة بكاملها —‏ هجوم مفاجئ!‏

      تسلَّم الاميرال ه‍.‏ إ.‏ كيمِل،‏ قائد الاسطول الپاسيفيكي الاميركي في پيرل هاربر،‏ تقريرا عن الهجوم بواسطة الهاتف.‏ فصار وجهه «ابيض كالبزَّة التي كان يرتديها» فيما وقف مصعوقا،‏ يراقب الطائرات العدوّة تئزُّ كالزنابير وهي تقصف اسطوله.‏ «عرفت حالا،‏» روى،‏ «ان شيئا مريعا يجري،‏ ان ذلك لم يكن غارة عرضية من مجرد طائرات تائهة قليلة.‏ فالسماء كانت ملآنة بالاعداء.‏»‏

      ‏«تورا،‏ تورا،‏ تورا»‏

      قبل ان حطَّمت انفجارات الطرابيد والقنابل هدوءَ پيرل هاربر بدقائق قليلة،‏ رأى ضابط على متن قاذفة انقضاض يابانية جزيرة أوواهو.‏ «هذه الجزيرة مسالمة اكثر من ان تُهاجَم،‏» فكَّر.‏

      لكنَّ الفجوة في الغيوم اثَّرت في الضابط ميتْسوو فوشيدا،‏ قائد القوة الهجومية للطيران،‏ بطريقة مختلفة كليا.‏ «لا بد ان اللّٰه معنا،‏» فكَّر.‏ «لا بد ان يد اللّٰه هي ما دفع جانبا الغيوم التي كانت مباشرة فوق پيرل هاربر.‏»‏

      في الساعة ٤٩:‏٧ صباحا،‏ اعطى فوشيدا اشارة الهجوم،‏ «تو،‏ تو،‏ تو،‏» التي تمثِّل «هجوم!‏» في اليابانية.‏ واذ كان واثقا ان القوات الاميركية أُخذت على حين غِرَّة،‏ امر ان تُنقل الرسالة برقيا ليشير الى ان الهجوم المفاجئ قد تحقق —‏ كلمات الرموز الشهيرة «تورا،‏ تورا،‏ تورا» (‏«النمر،‏ النمر،‏ النمر»)‏.‏

      انجاز الهجوم المفاجئ

      كيف تمكَّنت حملة كبيرة شملت ست حاملات للطائرات ان تتسلَّل وتصير قريبة على بعد ٢٣٠ ميلا (‏٣٧٠ كلم)‏ من أوواهو وتُطلِق في الموجة الاولى للهجوم ١٨٣ طائرة،‏ تملَّصت من شبكات الرادار وسدَّدت مثل هذه الضربة الرهيبة الى الاسطول الپاسيفيكي الاميركي؟‏ من جهة اولى،‏ اتخذت الحملة اليابانية طريقا شماليا على الرغم من بحار الشتاء الهائجة.‏ فالدوريات الاميركية كانت الاضعف شمالي پيرل هاربر.‏ وحاملات الطائرات اليابانية حافظت على صمت لاسلكي تام.‏

      ولكنَّ الرادار كان يحرس الجزيرة الاستراتيجية ليكتشف اية طائرة مقتربة.‏ ونحو الساعة السابعة في ذلك الصباح الحاسم،‏ لاحظ جنديان اثناء عملهما في محطة الرادار المتحركة في أوپانا في جزيرة أوواهو ومضات كبيرة غير عادية على كاشف الاهتزاز بالاشعة المَهبِطية،‏ ممثِّلة «على الارجح اكثر من ٥٠» طائرة.‏ ولكن عندما انذرا مركز المعلومات،‏ قيل لهما ان لا يقلقا بشأن ذلك.‏ فالضابط في مركز المعلومات افترض ان ذلك سرب طائرات من القاذفات الاميركية طراز ب-‏١٧ كان برنامجه ان يأتي من الولايات المتحدة.‏

      ومع ذلك،‏ ألم تشتمَّ الحكومة الاميركية رائحة البارود في الهواء،‏ اذا جاز التعبير؟‏ فالحكومة اليابانية كانت قد ارسلت رسالة من ١٤ جزءا الى مبعوثيها في واشنطن دي.‏ سي.‏،‏ لنقلها الى كورديل هَلّ،‏ وزير الخارجية،‏ في الساعة ٠٠:‏١ ب.‏ظ.‏ تماما بالتوقيت الموحَّد الشرقي في ٧ كانون الاول ١٩٤١.‏ وذلك كان صباح ٧ كانون الاول في پيرل هاربر.‏ لقد احتوت الرسالة على تصريح بأن اليابان ستقطع المفاوضات مع الولايات المتحدة حول المسائل السياسية الهامة.‏ واذ التقطت لاسلكيا الرسالة بواسطة اجهزة التنصُّت،‏ ادركت الحكومة الاميركية خطورة الوضع.‏ ففي الليلة التي سبقت اليوم البالغ الاهمية،‏ تسلَّم فرانكلن روزفلت،‏ رئيس الولايات المتحدة آنذاك،‏ الاجزاء الـ‍ ١٣ الاولى للوثيقة الملتقطة لاسلكيا.‏ وبعد قراءتها قال ما مغزاه،‏ «ان ذلك يعني الحرب.‏»‏

      على الرغم من ان رسميي الولايات المتحدة شعروا بأن العمل العدواني الياباني وشيك،‏ تقول دائرة المعارف البريطانية الجديدة:‏ «لم تكن لديهم معرفة عن الوقت او المكان الذي سيحدث فيه ذلك.‏» فالغالبية اعتقدوا انه سيكون في مكان ما في الشرق الاقصى،‏ ربما تايلند.‏

      كان يلزم تأجيل موعد الساعة ٠٠:‏١ ب.‏ظ.‏ لان سكرتيريي السفارة اليابانية كانوا بطيئين في طبع الرسالة بالانكليزية.‏ وعندما سلَّم السفير الياباني الوثيقة لـ‍ هَلّ،‏ كانت الساعة ٢٠:‏٢ ب.‏ظ.‏ في واشنطن.‏ وفي ذلك الوقت،‏ كان پيرل هاربر يتعرَّض لنيران العدو ومهدَّدا بهجوم الموجة الثانية.‏ وأخبار الغارة كانت قد وصلت الى هَلّ.‏ فلم يقترح حتى ان يجلس المبعوثون؛‏ قرأ الوثيقة وببرودة اومأ اليهم برأسه ان يخرجوا.‏

      ان التأخير في تسليم الانذار النهائي المقصود زاد حدَّة الغضب الاميركي على اليابان.‏ حتى ان بعض اليابانيين شعروا بأن هذه الحادثة حوَّلت الهجوم على پيرل هاربر من هجوم مفاجئ استراتيجي الى هجوم غادر.‏ «ان الكلمات ‹‏تذكَّروا پيرل هاربر‏› صارت قَسَما يثير روح القتال في الشعب الاميركي،‏» كتب ميتْسوو فوشيدا،‏ قائد الطيران في هجوم الموجة الاولى.‏ واعترف:‏ «الهجوم جلب على اليابان عارا لم يتلاشَ حتى بعد هزيمتها في الحرب.‏»‏

      دعا فرانكلن د.‏ روزفلت ٧ كانون الاول «تاريخا سيبقى عارا.‏» ففي ذلك اليوم في پيرل هاربر،‏ أُغرقت او أُصيبت بشدة ثماني بوارج اميركية وعشر سفن اخرى،‏ ودُمِّرت اكثر من ١٤٠ طائرة.‏ وخسر اليابانيون ٢٩ طائرة من نحو ٣٦٠ مقاتلة وقاذفة هجمت في موجتين،‏ بالاضافة الى خمس غواصات صغيرة.‏ وخسر اكثر من ٣٣٠‏,٢ اميركيا حياتهم،‏ وجُرح ١٤٠‏,١.‏

      استجابة لصرخة «تذكَّروا پيرل هاربر!‏» توحَّد الرأي العام الاميركي ضد اليابان.‏ «بصوت معارض واحد فقط في مجلس النواب،‏» يقول كتاب پيرل هاربر كتاريخ —‏ العلاقات اليابانية-‏الاميركية ١٩٣١-‏١٩٤١،‏ «واتَّحد الكونڠرس (‏كالشعب الاميركي عامة)‏ داعمين الرئيس روزفلت في التصميم على هزم العدو.‏» ان طلب الثأر بسبب الغارة كان اكثر من سبب كاف لهم للبدء بالاعمال العدوانية ضد ارض الشمس الشارقة.‏

      هجوم مفاجئ من اجل سلام عالمي؟‏

      كيف برَّر اليابانيون اعمالهم العدوانية؟‏ على الرغم من انه قد يبدو شيئا لا يصدَّق،‏ فقد ادَّعوا ان ذلك كان لتأسيس سلام عالمي بتوحيد ‹العالم بكامله في عائلة كبيرة،‏› او هاكو إيتشييو.‏ وهذا صار الشعار الذي يدفع اليابانيين الى سفك الدماء.‏ «ان الهدف الاساسي لسياسة اليابان القومية،‏» اعلنت الوزارة اليابانية في سنة ١٩٤٠،‏ «يكمن في التأسيس الثابت لسلام عالمي انسجاما مع الروح النبيلة لـ‍ هاكو إيتشييو التي فيها نشأ البلد،‏ وكخطوة اولى،‏ في بناء نظام جديد في آسيا الشرقية الكبرى.‏»‏

      وبالاضافة الى شعار هاكو إيتشييو،‏ صار تحرير آسيا من الدول الغربية الهدف العظيم الآخر للجهد الحربي الياباني.‏ وهذان السببان اعتُبرا ارادة الامبراطور.‏ ومن اجل انجاز هذا الانتصار العالمي،‏ قاد انصار استعمال القوة العسكرية الامة الى حرب مع الصين وبعد ذلك مع الدول الغربية،‏ بما فيها الولايات المتحدة.‏

      ومع ذلك،‏ استنتج ايسوروكو ياماماتو،‏ القائد العام لاسطول اليابان المشترك،‏ على نحو واقعي انه ما من طريقة يمكن بها للقوات اليابانية ان تُخضع الولايات المتحدة.‏ ورأى مجرد فرصة واحدة للمحافظة على الهيمنة اليابانية في آسيا.‏ فالاسطول البحري الامبراطوري يجب ان «يهاجم بعنف ويدمر الاسطول الرئيسي الاميركي في بداية الحرب،‏ بحيث تضعف معنويات اسطول الولايات المتحدة وشعبها الى الحد الذي عنده لا يمكن ان تُسترد،‏» فكَّر.‏ وهكذا وُلدت فكرة الهجوم المفاجئ على پيرل هاربر.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٤]‏

      پيرل هاربر تتعرَّض للهجوم

      ‏[مصدر الصورة]‏

      U.‎S.‎ Navy/U.‎S.‎ National Archives photo

  • ‏«لا مزيد من هيروشيما!‏»‏
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ٨
    • ‏«لا مزيد من هيروشيما!‏»‏

      على الرغم من ان اليابانيين تباهوا بانتصار پيرل هاربر وتذكَّروا ذلك فيما كانوا يربحون،‏ فقد صار التاريخ منسيّا بعد ان خسروا الحرب.‏ وعندما سُئلت الحكومة اليابانية مؤخرا عن عدم اعتذارها عن الهجوم،‏ اجاب سكرتير رئيس مجلس الوزراء:‏ «استراتيجيا وعموما،‏ لديَّ الشعور بأن الهجوم على پيرل هاربر كان ايّ شيء سوى عمل جدير بالثناء.‏ ولكنّ المسائل المتعلقة بالحرب بين الولايات المتحدة واليابان حسمتها معاهدة سان فرانسيسكو للسلام.‏»‏

      هذه الكلمات تمثِّل مشاعر بعض اليابانيين نحو الهجوم المفاجئ الذي اشعل حرب الپاسيفيك.‏ ومع ان اكثر من مليون ياباني يزورون هاوايي كل سنة،‏ تخبر صحيفة مَينيتشي شيمبون،‏ فان مجرد عدد قليل نسبيا يزور نصب أريزونا التذكاري لسفن الولايات المتحدة،‏ الذي بُني لاحياء ذكرى الهجوم على پيرل هاربر.‏

      وبينما يُعيد الشعار «تذكَّروا پيرل هاربر!‏» ذكريات مُرَّة الى بعض الاميركيين،‏ يتذكر اليابانيون آلامهم بصرخة «لا مزيد من هيروشيما!‏» فالقنبلتان الذريتان اللتان انفجرتا فوق مدينتي هيروشيما وناغازاكي في آب ١٩٤٥ كان لهما تأثير صادم ليس فقط في الضحايا المباشرين بل في الامة ككل.‏

      ان سماع اختبارات الناجين منهم مباشرة يساعدنا على فهم مشاعرهم.‏ خذوا،‏ مثلا،‏ ايتوكو،‏ التي كانت قد تخرَّجت من المدرسة وصارت سكرتيرة في معهد البحرية في هيروشيما.‏ ومع انها كانت داخل المبنى حيث كانت تعمل،‏ شعرت بوميض القنبلة الذرية،‏ وكأن الضوء نفسه جعلها تتمايل.‏ «عملت مع الجنود في تنظيف المدينة من الجثث،‏» توضح ايتوكو.‏ «وفي نهر،‏ كان الجنود يُنزلون شبكة للصيد من مركب ويسترجعون اكثر من ٥٠ جثة كل مرة يسحبون فيها الشبكة.‏ اخذنا الجثث الى الشاطئ وجمعناها في كوم كل خمس معا وأحرقناها.‏ معظمها كانت عارية.‏ لم اتمكن من معرفة الرجال من النساء،‏ وشفاههم كانت منتفخة مثل مناقير البط.‏» فاليابانيون لا يمكنهم ان ينسوا الاهوال التي سببتها القنبلتان الذريتان.‏

      لماذا استُعمل سلاح الابادة الجماعية

      كتب الپروفسور شيڠِتوشي ايواماتْسو من جامعة ناغازاكي،‏ الذي هو نفسه ضحية القنبلة الذرية،‏ الى صحف غربية منذ اكثر من ٢٠ سنة ليُعلمهم عن بلوى الضحايا.‏ «لقد صدمته الردود،‏» تذكر اساهي ايڤننڠ نيوز.‏ «فنصف الاجوبة كان ان القنبلتين الذريتين هما اللتان اوقفتا العدوان الياباني وانه غريب ان يطلب ضحايا القنبلتين السلام.‏»‏

      واذ توضح سبب استعمال سلاح الابادة الجماعية،‏ تقول دائرة المعارف الاميركية:‏ «اتَّخذ [هاري س.‏ ترومان] قرار استعمال القنبلتين الذريتين ضد اليابان،‏ معتقدا انهما ستوقفان الحرب بسرعة وتنقذان حياة الناس.‏» ومع انه ليس غير حسّاس لمشاعر ضحايا القنبلتين الذريتين،‏ يعترف كِنكيتْشي تومييوكا،‏ صحافي ياباني اخبر عن احوال الفوضى بعد الحرب:‏ «اذ ترجع بنا الذاكرة الى الفترة بين آذار/‏نيسان وآب ١٩٤٥،‏ عندما وصلت العمليات لانهاء الحرب الى ذروة وضعت مصير الامة في خطر،‏ لا يمكننا ان نتجاهل الدور الذي قامت به الجرعتان من الدواء الشافي [القنبلتان الذريتان]،‏ العلاج الخاص لتبريد الرؤوس الحارة،‏ اللتان أُعطيتا لانصار استعمال القوة العسكرية الذين طالبوا بحسم للدفاع عن الوطن.‏ والحسم كان سيعني ڠيوكوساي (‏الاندفاع الى الموت بدلا من الاستسلام)‏ للـ‍ ١٠٠ مليون من السكان.‏»‏

      ومع ذلك،‏ فان اولئك الذين خسروا احباءهم من جراء قذف القنبلتين الذريتين واولئك الذين عانوا الامراض التي سبَّبها الاشعاع يجدون ان ألمهم لا يمكن ان تسكِّنه الكلمات التي تبرِّر القاء الـ‍ پيكادون،‏ او «الوميض والانفجار،‏» كما دعا الناجون القنبلتين الذريتين.‏ ومع انهم اعتبروا انفسهم لوقت طويل ضحايا ابرياء،‏ يدرك الآن بعض الناجين من القنبلتين الذريتين انهم كيابانيين لا بد ان يعترفوا،‏ كما مضى الپروفسور ايواماتْسو يقول،‏ بـ‍ «الجرائم التي ارتكبوها في عدوانهم على بلدان اخرى في منطقة آسيا-‏الپاسيفيك.‏» وفي سنة ١٩٩٠ اعتذر احد ضحايا القنبلتين الذريتين عن جرائم الحرب التي لليابان امام مندوبين اجنبيين في المظاهرات السنوية ضد القنابل الذرية في هيروشيما.‏

      هل كانت لديهم فعلا اسباب ليقتلوا؟‏

      يكمن اشمئزاز شديد من الحرب في قلوب الكثير من الناجين وشهود العيان لـ‍ پيرل هاربر،‏ هيروشيما،‏ وناغازاكي.‏ واذ ينظرون الى الوراء،‏ يتساءل البعض عمّا اذا كانت لدى بلدانهم اسباب شرعية لطلب التضحية بأحبّائهم.‏

      ومن اجل اثارة الحماسة للحرب وتبرير القتل،‏ شنَّ كلا الجانبين هجومات شفهية ايضا.‏ فالاميركيون دعوا اليابانيين «اليابانيون الجبناء» (‏sneaky Japs)‏ ووجدوه سهلا ان يهيِّجوا لُهُب الكراهية والانتقام بالكلمات «تذكَّروا پيرل هاربر!‏» وفي اليابان جرى تعليم الشعب ان الانكلو-‏اميركيين هم كيتشيكو،‏ اي «وحوش شيطانية.‏» وكثيرون في أوكيناوا جرى اقتيادهم ايضا الى الانتحار بدلا من الوقوع في ايدي «وحوش.‏» وهكذا،‏ بعد استسلام اليابانيين،‏ عندما نزلت قوات الغزو الاميركية في ميناء قريب أُعطيت الشابة ايتوكو،‏ المذكورة آنفا،‏ جرعتان من سِيانيد البوتاسيوم السام من قبل قائدها.‏ «لا تكوني لعبة للجنود الغرباء،‏» امر.‏

      ولكن من خلال اصدقائها اليابانيين-‏الهاواييين،‏ وسَّعت ايتوكو تدريجيا نظرتها وصارت تدرك ان الاميركيين والبريطانيين كليهما يمكن ان يكونوا ودِّيين،‏ مهذَّبين،‏ ولطفاء.‏ والتقت جورج،‏ رجلا ايرلنديا وُلد في سنغافورة،‏ قُتل والده على ايدي اليابانيين.‏ فعرف احدهما الآخر وتزوَّجا.‏ انهما مجرد مثال واحد لكثيرين وجدوا ان اعداءهم السابقين هم اشخاص حُبيُّون.‏ فلو نظر الجميع الى «الاعداء،‏» لا من خلال نظارات لوَّنتها الحرب،‏ بل من خلال عيونهم غير المتحيِّزة،‏ لتمكنوا من ان يُمطروا المحبة عليهم بدلا من القنابل.‏

      نعم،‏ ان السلام بين الافراد المؤسس على التفاهم المتبادل اساسي من اجل سلام عالمي.‏ ولكن نظرا الى الاعداد الكبيرة من الحروب التي جرى خوضها منذ ١٩٤٥،‏ من الواضح ان البشر لم يتعلَّموا هذا الدرس الاساسي من پيرل هاربر وهيروشيما.‏ ومع ذلك،‏ فحتى السلام بين الافراد ليس كافيا لجلب سلام عالمي.‏ فماذا يتطلب ذلك؟‏ ان المقالة التالية ستوضح هذا الامر.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٧]‏

      بينما يُعيد الشعار «تذكَّروا پيرل هاربر!‏» ذكريات مُرَّة الى بعض الاميركيين،‏ يتذكر اليابانيون آلامهم بصرخة «لا مزيد من هيروشيما!‏»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٨]‏

      السلام بين الافراد المؤسس على التفاهم المتبادل اساسي من اجل سلام عالمي

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      لُويْد باري وأدريان طومبسون،‏ مرسلا جمعية برج المراقبة امام النصب التذكاري للسلام في هيروشيما سنة ١٩٥٠

      ‏[الصورة في الصفحة ٨]‏

      هيروشيما مدمَّرة بعد انفجار القنبلة الذرية

      ‏[مصدر الصورة]‏

      U.‎S.‎ Army/Courtesy of The Japan Peace Museum

  • عندما تُشفى الجروح القديمة
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ٨
    • عندما تُشفى الجروح القديمة

      طوَّرت أدِلايْن ناكو الصغيرة،‏ المذكورة في مستهلّ هذه السلسلة،‏ عداء قويا لوطن اجدادها،‏ اليابان.‏ وعندما كان الاولاد الآخرون يدعون اليابانيين-‏الهاواييين «يابانيين ادنياء،‏» «Japs» كانت تجيب بحدة،‏ «نحن اميركيون.‏» لقد كتبت اعلانات تقول،‏ «امحوا دول المحور هذه» وكانت في طليعة حملة شراء طوابع ضريبة الحرب.‏ قالت أدِلايْن:‏ «كنت فخورة جدا بالكتيبتين الـ‍ ١٠٠ والـ‍ ٤٤٢ المؤلَّفتين من النيسيِّين،‏ او الجيل الثاني من اليابانيين-‏الاميركيين،‏ الذين حاربوا بشجاعة من اجل اميركا.‏»‏

      ولكن عندما كبرتْ،‏ بدأت تتساءل:‏ ‹لماذا يلزم ان يقتل الناس واحدهم الآخر؟‏› كل ذلك بدا خطأ.‏ ‹البوذيون ذهبوا الى الحرب.‏ المسيحيون ذهبوا الى الحرب.‏ جميعهم مراؤون،‏› فكَّرت.‏ وعندما بدأت بدرس الكتاب المقدس بمساعدة شهود يهوه،‏ تحدَّت معلِّمها الشاهد بالسؤال،‏ «هل تذهبون انتم شهود يهوه الى الحرب؟‏»‏

      فقيل لها انهم لا يحملون اسلحة لقتل ايّ انسان.‏ وفي ذلك الوقت كانت الحرب لا تزال محتدمة في اوروپا وأيضا في آسيا.‏ واكتشفت أدِلايْن ان الشهود في المانيا يُرسَلون الى معسكرات الاعتقال واولئك الذين هم في الولايات المتحدة يُسجنون لسبب عدم حملهم السلاح في الحرب.‏ ‹لا بد ان يكون هذا هو الدين الحقيقي،‏› فكَّرت.‏

      مهمة سلمية

      واذ ازدادت معرفتها للكتاب المقدس،‏ اندفعت الى نذر حياتها ليهوه،‏ اله الكتاب المقدس.‏ وتعبُّدها لـ‍ «اله السلام» دفعها الى توسيع محبتها باتِّباع خطوات اليابانيين-‏الهاواييين الخمسة الذين تطوَّعوا للذهاب الى اليابان بعيد الحرب العالمية الثانية.‏ (‏فيلبي ٤:‏٩‏)‏ لقد كانوا توَّاقين الى مساعدة الناس في بلد اسلافهم،‏ اعدائهم السابقين،‏ بالكرازة كمرسلين ببشارة الملكوت المعزية من الكتاب المقدس.‏ —‏ متى ٢٤:‏١٤‏.‏

      وأحد المتطوعين للمساعدة في بلد اليابان الذي مزَّقته الحرب،‏ شينيتْشي توهارا،‏ يتذكر كيف شعر تجاه مهمته.‏ «تأمَّلت في امانة الشعب الياباني في ما يتعلق بخدمة الاسياد البشر والامبراطور،‏» يقول.‏ «وفكَّرت في الطيَّارين الانتحاريين،‏ الذين ضحّوا بحياتهم من اجل الامبراطور بتوجيه طائراتهم عمدا نحو السفن الحربية للاعداء.‏ فاذا كان اليابانيون امناء على هذا النحو للبشر،‏ فكَّرت،‏ فماذا سيفعلون اذا وجدوا الرب الحقيقي،‏ يهوه؟‏»‏

      بهذه النظرة الايجابية دخل هؤلاء المتطوعون في سنة ١٩٤٩ طوكيو،‏ التي تحوَّلت قبل وقت غير طويل الى انقاض بواسطة غارات ب-‏٢٩ الجوية.‏ فماذا وجدوا في الاكواخ بين الخرائب؟‏ اناسا خجولين الى حد ما هم عمّال مخلصون.‏ وطبعا،‏ كان هنالك اناس لا يزالون يضمرون الاستياء والتحامل.‏ ولكنّ كثيرين تجاوبوا على نحو مؤات مع رسالة الكتاب المقدس للسلام.‏

      في سنة ١٩٥٣،‏ انضمَّت أدِلايْن الى هؤلاء المرسلين الاوائل.‏ وبتوق ساعدت الافراد الذين كانوا جياعا وعطاشا الى الرسالة المعزية الموجودة في الكتاب المقدس.‏ والتقت اشخاصا معارضين في نشاطاتها الكرازية.‏ فكانوا يقولون لها:‏ «انتم الذين ألقيتم القنبلتين الذريتين على هيروشيما وناغازاكي!‏»‏

      ‏«حسنا،‏» كانت تجيب،‏ «انتم تعرفون انني من هاوايي.‏ واليابان هي التي شنَّت اولا الهجوم على پيرل هاربر وقتلت اناسا كثيرين هناك.‏ ولكنّ ذلك لم يعقني عن المجيء الى اليابان لاخبر الناس هنا عن هذه البشارة.‏» فكان ذلك يهدِّئهم عادة،‏ وكانوا يقبلون المطبوعات التي توضح الكتاب المقدس.‏

      وبفضل الاساس الحسن الذي وضعه هؤلاء المرسلون الاولون من هاوايي وبلدان اخرى،‏ فان اكثر من ٠٠٠‏,١٥٠ ياباني هم الآن جزء من اخوَّة اولئك الذين «لا يتعلمون الحرب في ما بعد.‏» —‏ اشعياء ٢:‏٤؛‏ ١ بطرس ٢:‏١٧‏.‏

      كيف تنتهي كل الحروب

      حقا،‏ ان معرفة واحدنا الآخر وتنمية المحبة غير الانانية احدنا نحو الآخر ضرورية للسلام العالمي.‏ ولكنّ ذلك غير كاف.‏ فالناس الذين يحبون السلام ولديهم اصدقاء في الجانب الآخر حُشدوا ايضا الى الحرب الپاسيفيكية تحت التزام قضايا «يمكن تبريرها».‏ والدعاية القومية سيطرت على ميولهم الطبيعية.‏ ومع ان البعض رفضوا ان يذهبوا الى الحرب حتى بتعريض انفسهم لخطر ارسالهم الى معسكرات الاعتقال او السجون،‏ فان اعمالهم،‏ كان لها تأثير زهيد،‏ هذا اذا كان لها ايّ تأثير،‏ في كبح الحماسة للحرب.‏

      عندما تُقاد امة بكاملها الى الحرب،‏ فان اكثر من ايدي البشر هو الذي يقود.‏ ويصرّ عادة كل ذوي العلاقة انهم يرغبون في تفادي الحرب.‏ ولكنّ قوة جبَّارة جدا تؤثر فيهم ضد رغباتهم.‏ ويحدِّد الكتاب المقدس هوية هذه القوة الجبَّارة بصفتها «اله هذا الدهر.‏» (‏٢ كورنثوس ٤:‏٤‏)‏ حقا،‏ «العالم كله قد وضع في الشرير،‏» الشيطان ابليس.‏ —‏ ١ يوحنا ٥:‏١٩‏؛‏ انظروا ايضا يوحنا ١٢:‏٣١؛‏ ١٤:‏٣٠‏.‏

      ولكن،‏ يعد الكتاب المقدس ان «اله السلام سيسحق الشيطان.‏» (‏رومية ١٦:‏٢٠‏)‏ ان بداية لهذا السحق حدثت في السماء منذ نحو ٧٧ سنة.‏ أصغوا الى وصف ما رآه الرسول يوحنا في رؤيا مثيرة قبل ١٨ قرنا من اتمامها في سنة ١٩١٤:‏ «حدثت حرب في السماء .‏ .‏ .‏ فطرح التنين العظيم الحية القديمة المدعو ابليس والشيطان الذي يضلّ العالم كله طرح الى الارض وطرحت معه ملائكته.‏» —‏ رؤيا ١٢:‏٧-‏٩‏.‏

      ومنذ ذلك الحين حُصر الشيطان ابليس في جوار الارض.‏ وبتحريكه السياسيين والخبراء العسكريين كالدُّمى،‏ اطلق العنان لآلام غير محدودة في حروب هذا القرن.‏ ومع ذلك،‏ فان عدم صبره انما يعكس غضبه العظيم،‏ «عالما ان له زمانا قليلا.‏» (‏رؤيا ١٢:‏١٢‏)‏ وبواسطة اليدين القديرتين لـ‍ «رئيس السلام،‏» يسوع المسيح،‏ سيعطِّل اللّٰه الشيطان عن عمله بعد «قتال ذلك اليوم العظيم يوم اللّٰه القادر على كل شيء» في «هرمجدون.‏» —‏ اشعياء ٩:‏٦؛‏ رؤيا ١٦:‏١٤،‏ ١٦‏.‏

      وبخلاف كل الحروب التي شنَّها البشر،‏ فان مقياس العدل الذي سيسود في حرب اللّٰه القادمة هذه مطلق.‏ انه مقياس خالق الجنس البشري،‏ الذي يهتم بأفضل مصالح البشر.‏ وبخلاف القادة السياسيين الذين يدفعون شعبهم الى الحرب،‏ سيقول يهوه،‏ خالقنا،‏ لشعبه كما قال لامته اسرائيل في ايام يهوشافاط ملك يهوذا في القرن العاشر ق‌م:‏ «ليس عليكم ان تحاربوا في هذه.‏ قفوا اثبتوا وانظروا خلاص الرب معكم.‏» —‏ ٢ أخبار الايام ٢٠:‏١٧‏.‏

      وبنفخ غيوم تأثير الشيطان المظلمة بعيدا،‏ سيتمتَّع الافراد من كل الامم بالسلام والامن الحقيقيين في كل الارض.‏ حينئذ ستصير الاحوال التالية التي انبأ بها اشعياء حقيقة.‏ «هأنذا خالق سموات جديدة وارضا جديدة فلا تُذكر الاولى ولا تخطر على بال.‏» —‏ اشعياء ٦٥:‏١٧‏.‏

      وهكذا،‏ فان ما حدث في پيرل هاربر لن يُذكر في ما بعد على نحو مؤلم،‏ ولن يصرخ ضحايا الانفجارين الذريين لـ‍ هيروشيما وناغازاكي «لا مزيد من هيروشيما!‏» ولماذا؟‏ لان الكلمات التالية لنبوة اشعياء ستصح ايضا في كل شخص على الارض:‏ «يقضي [اللّٰه] بين الامم وينصف لشعوب كثيرين فيطبعون سيوفهم سككا ورماحهم مناجل.‏ لا ترفع امة على امة سيفا ولا يتعلمون الحرب في ما بعد.‏» —‏ اشعياء ٢:‏٤‏.‏

      ان اتمام هذه النبوات يتحقَّق الآن بين شهود يهوه،‏ الذين يشكِّلون الآن اخوَّة عالمية تُعدُّ بالملايين.‏ ويصير ذلك واضحا بشكل خصوصي في المحافل الاممية لشهود يهوه التي تُعقد في اجزاء مختلفة من العالم.‏ وأنتم ايضا يمكنكم ان تكونوا جزءا من الوحدة والسلام الامميين هذين.‏ فتعالوا وتعلَّموا كيف تكونون واحدا من الشعب الذي ‹طبع سيوفه سككا ورماحه مناجل،‏› الذي ‹لا يتعلم الحرب في ما بعد،‏› والذي يتطلع بشوق الى الفردوس الذي سيكون قريبا على الارض،‏ حيث لن تحدث ابدا حروب من جديد.‏ —‏ مزمور ٤٦:‏٨،‏ ٩‏.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٩]‏

      جيري ويوشي توما،‏ شينيتْشي وماساكو توهارا،‏ وإِلْسي تانيڠاوا تطوَّعوا لمساعدة اعدائهم السابقين

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠]‏

      اخوَّة اممية اليوم تعبد اللّٰه بوحدة وسلام

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة