-
يهوه يمنح السلام والحق بكثرةبرج المراقبة ١٩٩٦ | ١ كانون الثاني (يناير)
-
-
٥ ما هو الامر الجدير بالملاحظة بشأن الاصحاح الثامن من زكريا؟
٥ نقرأ في سفر زكريا في الكتاب المقدس عن رؤى ونبوات عديدة موحى بها قوَّت شعب اللّٰه قديما في القرن السادس قبل الميلاد. ولا تزال هذه النبوات عينها تؤكد لنا دعم يهوه. وهي تمنحنا كل سبب للايمان بأن يهوه سيمنح شعبه السلام في زمننا ايضا. مثلا، في الاصحاح الثامن من السفر الذي يحمل اسمه، يتلفظ النبي زكريا عشر مرات بهذه الكلمات: ‹هكذا قال الرب.› وفي كل مرة يقدِّم التعبير اعلانا الهيا له علاقة بسلام شعب اللّٰه. وقد تمَّ بعض هذه الوعود قديما في ايام زكريا. وجميعها تمَّ او هو في طور الاتمام اليوم.
«غرتُ على صهيون»
٦، ٧ بأية طرائق ‹غار يهوه على صهيون بسخط عظيم›؟
٦ تظهر هذه العبارة اولا في زكريا ٨:٢، حيث نقرأ: «هكذا قال رب الجنود. غرتُ على صهيون غيرة عظيمة وبسخط عظيم غرتُ عليها.» وعنى وعد يهوه بأن يغار غيرة عظيمة على شعبه انه سيكون متيقظا لردّ سلامهم. وكان ردّ اسرائيل الى ارضها وإعادة بناء الهيكل دليلا على هذه الغيرة.
٧ ولكن ماذا عن اولئك الذين قاوموا شعب يهوه؟ تعادل غيرته على شعبه ‹سخطه العظيم› على هؤلاء الاعداء. وعندما كان اليهود الامناء يقدِّمون العبادة في الهيكل المعاد بناؤه، كان بإمكانهم ان يتأملوا في مصير بابل القوية، التي كانت قد سقطت آنذاك. وكان بإمكانهم ايضا ان يفكروا في الفشل التام للاعداء الذين حاولوا ان يعيقوا اعادة بناء الهيكل. (عزرا ٤:١-٦؛ ٦:٣) وكان بإمكانهم ان يشكروا يهوه لأنه تمَّم وعده. فغيرته جعلتهم ينتصرون!
«مدينة الحق»
٨ في ايام زكريا، كيف كانت اورشليم ستصير مدينة الحق بالتباين مع الازمنة الابكر؟
٨ يكتب زكريا مرة ثانية: «هكذا قال الرب.» فما هي كلمات يهوه في هذه المناسبة؟ «قد رجعت الى صهيون وأسكن في وسط اورشليم فتدعى اورشليم مدينة الحق وجبل رب الجنود الجبل المقدس.» (زكريا ٨:٣) قبل سنة ٦٠٧ قم لم تكن اورشليم مدينة الحق. فكهنتها وأنبياؤها كانوا فاسدين، وشعبها لم يكن امينا. (ارميا ٦:١٣؛ ٧:٢٩-٣٤؛ ١٣:٢٣-٢٧) والآن كان شعب اللّٰه يعيدون بناء الهيكل، مظهرين التزامهم بالعبادة النقية. ومن جديد سكن يهوه بالروح في اورشليم. وجرى التكلم فيها ثانية بحقائق العبادة النقية، ولذلك دُعيت اورشليم «مدينة الحق.» ودُعي موقعها الشامخ ‹جبل الرب.›
٩ ايّ تغيير ملحوظ في الحالة اختبرته «اسرائيل اللّٰه» في سنة ١٩١٩؟
٩ كان لهذين الاعلانين معنى لاسرائيل القديمة، ولهما ايضا معنى كبير لنا اذ يقترب القرن الـ ٢٠ من نهايته. وقبل نحو ٨٠ سنة خلال الحرب العالمية الاولى، أُسر روحيا الآلاف القليلة من الممسوحين الذين مثَّلوا آنذاك «اسرائيل اللّٰه،» تماما كما أُسرت اسرائيل القديمة في بابل. (غلاطية ٦:١٦) ونبويا وُصفوا بجثتين ممدَّدتين في الشارع. ولكن كانت لديهم رغبة مخلصة في عبادة يهوه «بالروح والحق.» (يوحنا ٤:٢٤) لذلك حرَّرهم يهوه في سنة ١٩١٩ من الاسر، مقيما اياهم من حالتهم المائتة روحيا. (رؤيا ١١:٧-١٣) وهكذا اجاب يهوه بنعم مدوِّية عن سؤال اشعياء النبوي: «هل تمخض (ارض) في يوم واحد. او تولد امة دفعة واحدة.» (اشعياء ٦٦:٨) وفي سنة ١٩١٩ وُجد شعب يهوه من جديد كأمة روحية في ‹ارضهم،› او حالتهم الروحية على الارض.
١٠ ابتداء من سنة ١٩١٩، اية بركات تمتع بها المسيحيون الممسوحون في ‹ارضهم›؟
١٠ وإذ كان المسيحيون الممسوحون آمنين في تلك الارض خدموا في هيكل يهوه الروحي العظيم. وعُيِّنوا بصفتهم «العبد الامين الحكيم،» اذ قبلوا مسؤولية الاعتناء بأموال يسوع الارضية، امتياز لا يزالون يتمتعون به فيما يقترب القرن الـ ٢٠ من نهايته. (متى ٢٤:٤٥-٤٧) وتعلَّموا الدرس جيدا ان يهوه هو «اله السلام نفسه.» — ١ تسالونيكي ٥:٢٣.
١١ كيف اظهر قادة العالم المسيحي الدينيون انهم اعداء شعب اللّٰه؟
١١ ولكن ماذا عن اعداء اسرائيل اللّٰه؟ تنسجم غيرة يهوه على شعبه مع سخطه على المقاومين. فخلال الحرب العالمية الاولى مارس القادة الدينيون في العالم المسيحي ضغطا شديدا اذ حاولوا — وفشلوا في — ابادة هذا الفريق الصغير من المسيحيين الذين يتكلمون بالحق. وخلال الحرب العالمية الثانية اتَّحد خدام العالم المسيحي في امر واحد فقط: في كلا طرفَي النزاع، حثوا الحكومات على قمع شهود يهوه. واليوم ايضا يحرِّض القادة الدينيون في بلدان كثيرة الحكومات على تقييد او حظر عمل الكرازة المسيحي لشهود يهوه.
١٢، ١٣ كيف يُعبَّر عن سخط يهوه على العالم المسيحي؟
١٢ ولم يمرّ ذلك دون ان يلاحظه يهوه. فبعد الحرب العالمية الاولى اختبر العالم المسيحي مع باقي بابل العظيمة السقوط. (رؤيا ١٤:٨) وصار معروفا علنا سقوط العالم المسيحي حين سُكبت، ابتداء من سنة ١٩٢٢، سلسلة ضربات رمزية، مشهِّرة علنا حالته المائتة روحيا ومحذِّرة من دماره القادم. (رؤيا ٨:٧–٩:٢١) وكدليل على ان سكب هذه الضربات يستمر، أُلقي الخطاب «نهاية الدين الباطل قريبة» حول العالم في ٢٣ نيسان ١٩٩٥ تبعه توزيع مئات الملايين من نسخ عدد خصوصي من اخبار الملكوت.
١٣ واليوم تثير حالة العالم المسيحي الشفقة. ففي القرن الـ ٢٠ قتل اعضاؤه واحدهم الآخر في حروب ضارية باركها كهنته وخدامه. وفي بعض البلدان ليس له تأثير تقريبا. وهو يتَّجه الى الدمار مع باقي بابل العظيمة. — رؤيا ١٨:٢١.
السلام لشعب يهوه
١٤ اية صورة كلامية نبوية تصف شعبا في سلام؟
١٤ من جهة اخرى، في سنة ١٩٩٦ هذه، يتمتع شعب يهوه بكثرة السلام في ارضهم المستردّة، كما هو موصوف في اعلان يهوه الثالث: «هكذا قال رب الجنود. سيجلس بعدُ الشيوخ والشيخات في اسواق اورشليم كل انسان منهم عصاه بيده من كثرة الايام. وتمتلئ اسواق المدينة من الصبيان والبنات لاعبين في اسواقها.» — زكريا ٨:٤، ٥.
١٥ رغم حروب الامم، ايّ سلام يتمتع به خدام يهوه؟
١٥ تصف هذه الصورة الكلامية المبهجة شيئا جديرا بالملاحظة في هذا العالم الذي تمزِّقه الحروب — شعبا في سلام. ومنذ سنة ١٩١٩ تتمّ كلمات اشعياء النبوية: «سلام سلام للبعيد وللقريب قال الرب وسأشفيه. . . . ليس سلام قال الهي للاشرار.» (اشعياء ٥٧:١٩-٢١) طبعا، في حين ان شعب يهوه ليسوا جزءا من العالم، لا يمكنهم ان يتجنبوا التأثر باضطراب الامم. (يوحنا ١٧:١٥، ١٦، عج) وفي بعض البلدان يحتملون صعوبات قاسية، حتى انه قُتل قليلون. ومع ذلك يملك المسيحيون الحقيقيون السلام بطريقتين رئيسيتين. اولا، لهم «سلام مع اللّٰه [بربهم] يسوع المسيح.» (رومية ٥:١) ثانيا، لهم سلام في ما بينهم. وهم ينمّون «الحكمة التي من فوق،» التي هي «اولا طاهرة ثم مسالمة.» (يعقوب ٣:١٧؛ غلاطية ٥:٢٢-٢٤) وفضلا عن ذلك، يتطلَّعون الى التمتع بالسلام بالمعنى الاكمل حين ‹يرث الودعاء الارض ويتلذذون في كثرة السلامة.› — مزمور ٣٧:١١.
١٦، ١٧ (أ) كيف قوَّى «الشيوخ والشيخات» وكذلك «الصبيان والبنات» هيئة يهوه؟ (ب) ماذا يظهر سلامَ شعب يهوه؟
١٦ وهنالك ايضا ‹شيوخ وشيخات› بين شعب يهوه، ممسوحون يتذكَّرون الانتصارات الباكرة لهيئة يهوه. وأمانتهم واحتمالهم يُقدَّران كثيرا. وقد اخذ الممسوحون الاصغر سنا القيادة خلال الايام المتقدة لثلاثينات الـ ١٩٠٠ والحرب العالمية الثانية، وكذلك في سنوات النمو المثيرة التي تلت. وعلاوة على ذلك، وخصوصا منذ سنة ١٩٣٥، ظهر ‹الجمع الكثير› من ‹الخراف الاخر.› (رؤيا ٧:٩؛ يوحنا ١٠:١٦) وإذ صار المسيحيون الممسوحون اكبر سنا وأقل عددا، تبنَّى الخراف الاخر عمل الكرازة ونشروه في كل انحاء الارض. وفي السنوات الاخيرة تدفق الخراف الاخر الى ارض شعب اللّٰه. وفي السنة الماضية وحدها اعتمد ٤٩١,٣٣٨ منهم رمزا الى انتذارهم ليهوه! ومثل هؤلاء الجدد هم في الواقع احداث من الناحية الروحية. ويجري تقدير نشاطهم وحماسهم فيما يزيدون صفوف الذين يرنِّمون تسابيح الشكر «لالهنا الجالس على العرش وللخروف.» — رؤيا ٧:١٠.
١٧ واليوم ‹تمتلئ الاسواق من الصبيان والبنات› الشهود بنشاط شبيه بنشاط الاحداث. ففي سنة الخدمة ١٩٩٥ جرى تسلُّم تقارير من ٢٣٢ بلدا وجزيرة في البحار. ولكن ليس هنالك وجود للمنافسة الاممية، البغض القبلي، الغيرة غير اللائقة، بين الممسوحين والخراف الاخر. فجميعهم يَنمون معا روحيا، متَّحدين في المحبة. ومعشر الاخوة العالمي لشهود يهوه فريد حقا في المسرح العالمي. — كولوسي ٣:١٤؛ ١ بطرس ٢:١٧.
صعب على يهوه؟
١٨، ١٩ في السنوات منذ ١٩١٩ كيف انجز يهوه ما بدا صعبا من وجهة النظر البشرية؟
١٨ قديما في سنة ١٩١٨ عندما كانت البقية الممسوحة تتألف من مجرد آلاف قليلة من الاشخاص المثبَّطين في الاسر الروحي، لم يكن بإمكان احد ان يتنبأ بمجرى الحوادث. لكنَّ يهوه عرف — كما اكَّد اعلانه النبوي الرابع: «هكذا قال رب الجنود إن يكن ذلك (صعبا) في اعين بقية هذا الشعب في هذه الايام أفيكون ايضا (صعبا) في عينيَّ يقول رب الجنود.» — زكريا ٨:٦.
١٩ في سنة ١٩١٩ نشَّط روح يهوه شعبه الى العمل الذي كان امامهم. ومع ذلك فإن التمسُّك بالهيئة الصغيرة لعبَّاد يهوه تطلَّب الايمان. لقد كانوا قليلين جدا، وكانت امور كثيرة غير واضحة. لكنَّ يهوه قوَّاهم شيئا فشيئا من الناحية التنظيمية وجهَّزهم للقيام بالعمل المسيحي للكرازة بالبشارة والتلمذة. (اشعياء ٦٠:١٧، ١٩؛ متى ٢٤:١٤؛ ٢٨:١٩، ٢٠) وتدريجيا ساعدهم على تمييز مسائل حيوية كالحياد والسلطان الكوني. فهل كان صعبا على يهوه ان يتمِّم مشيئته بواسطة هذا الفريق الصغير من الشهود؟ الجواب هو طبعا لا! وتؤكِّد ذلك الصفحات ١٢ الى ١٥ من هذه المجلة، التي تظهر جدول نشاط شهود يهوه لسنة الخدمة ١٩٩٥.
«انا اكون لهم الها»
٢٠ الى ايّ حد كان التجميع المنبأ به لشعب اللّٰه سيصير شاملا؟
٢٠ يُظهر الاعلان الخامس ايضا الحالة السعيدة لشهود يهوه اليوم: «هكذا قال رب الجنود. هأنذا اخلِّص شعبي من ارض المشرق ومن ارض مغرب الشمس. وآتي بهم فيسكنون في وسط اورشليم ويكونون لي شعبا وأنا اكون لهم الها بالحق والبر.» — زكريا ٨:٧، ٨.
٢١ بأية طريقة جرى حفظ وتوسيع كثرة سلام شعب يهوه؟
٢١ في سنة ١٩٩٦ يمكننا ان نقول دون تردد ان البشارة كُرز بها حول العالم، من «ارض المشرق» الى «ارض مغرب الشمس.» وجرت تلمذة اناس من جميع الامم، ورأوا اتمام وعد يهوه: «كل بنيك تلاميذ الرب وسلام بنيك [يكون] كثيرا.» (اشعياء ٥٤:١٣) ولنا سلام لأن يهوه يعلِّمنا. ولهذه الغاية تصدر المطبوعات بأكثر من ٣٠٠ لغة. وفي السنة الماضية وحدها أُضيفت ٢١ لغة اخرى. وتصدر مجلة برج المراقبة الآن في آنٍ واحد بـ ١١١ لغة واستيقظ! بـ ٥٤ لغة. وتزوِّد المحافل القومية والاممية برهانا علنيا على سلام شعب اللّٰه. وتوحِّدنا الاجتماعات الاسبوعية وتمنحنا التشجيع الذي نحتاج اليه للبقاء ثابتين. (عبرانيين ١٠:٢٣-٢٥) نعم، يهوه يعلِّم شعبه «بالحق والبر.» ويمنح شعبه السلام. وكم نحن مبارَكون بالاشتراك في كثرة السلام هذه!
-
-
«أَحِبُّوا الحق والسلام»!برج المراقبة ١٩٩٦ | ١ كانون الثاني (يناير)
-
-
«أَحِبُّوا الحق والسلام»!
«كان اليَّ كلام رب الجنود قائلا. . . . أَحِبُّوا الحق والسلام.» — زكريا ٨:١٨، ١٩.
١، ٢ (أ) ما هو سجل الجنس البشري في ما يتعلق بالسلام؟ (ب) لماذا لن يرى ابدا هذا العالم الحاضر السلام الحقيقي؟
«لم ينعم العالم بالسلام قط. فهنالك دائما حرب في مكان ما — وغالبا في اماكن كثيرة في آن واحد.» هكذا قال الپروفسور ملتون ماير من جامعة ماساتشوستس، الولايات المتحدة الاميركية. فيا له من تعليق محزن على البشرية! صحيح ان الناس يريدون السلام. وقد جرَّب السياسيون كل انواع الطرائق لحفظه، من الـ پاكس رومانا في الازمنة الرومانية الى سياسة «دمار اكيد متبادل» خلال الحرب الباردة. ولكن في النهاية فشلت كل جهودهم. وكما عبَّر عن ذلك اشعياء قبل قرون عديدة، ‹رسل السلام بكوا بمرارة.› (اشعياء ٣٣:٧) ولماذا؟
٢ ذلك لأن السلام الدائم يجب ان يتأصل في انعدام البغض والجشع؛ ويجب ان يترسَّخ في الحق. فالسلام لا يمكن ان يتأسس على اكاذيب. ولهذا السبب قال يهوه عندما وعد بالردّ والسلام لاسرائيل القديمة: «هأنذا أُدير عليها سلاما كنهر ومجد الامم كسيل جارف.» (اشعياء ٦٦:١٢) وإله نظام الاشياء هذا، الشيطان ابليس، هو «قتَّال،» و «كذاب وأبو (الكذب).» (يوحنا ٨:٤٤؛ ٢ كورنثوس ٤:٤) فكيف يمكن ان ينعم عالم له اله كهذا بالسلام يوما ما؟
٣ اية عطية جديرة بالملاحظة يمنحها يهوه لشعبه، رغم انهم يعيشون في عالم مضطرب؟
٣ لكن من الجدير بالملاحظة ان يهوه يمنح السلام لشعبه حتى وهم عائشون في عالم الشيطان الذي تمزقه الحروب. (يوحنا ١٧:١٦) وفي القرن السادس قبل الميلاد تمَّم وعده بواسطة ارميا ومنح «السلام و (الحق)» لأمته الخاصة حين ردّهم الى موطنهم. (ارميا ٣٣:٦) وفي هذه الايام الاخيرة يمنح «السلام و (الحق)» لشعبه في ‹ارضهم،› او حالتهم الروحية الارضية، رغم انهم يعيشون في اسوإ وقت من الاضطراب شهده هذا العالم حتى الآن. (اشعياء ٦٦:٨؛ متى ٢٤:٧-١٣؛ رؤيا ٦:١-٨) وإذ نتابع مناقشتنا لزكريا الاصحاح ٨، سنقدِّر بشكل اعمق هذا السلام والحق اللذين يمنحهما اللّٰه وسنرى ما يجب ان نفعله للمحافظة على حصتنا فيهما.
«لتتشدَّد ايديكم»
٤ كيف شجَّع زكريا اسرائيل ان يعملوا اذا كانوا سيختبرون السلام؟
٤ للمرة السادسة نسمع في زكريا الاصحاح ٨ اعلانا مثيرا من يهوه: «هكذا قال رب الجنود لتتشدَّد ايديكم ايها السامعون في هذه الايام هذا الكلام من افواه الانبياء الذي كان يوم أُسس بيت رب الجنود لبناء الهيكل. لأنه قبل هذه الايام لم تكن للانسان اجرة ولا للبهيمة اجرة ولا سلام لمن خرج او دخل من قِبَل الضيق وأطلقتُ كل انسان الرجل على قريبه.» — زكريا ٨:٩، ١٠.
٥، ٦ (أ) بسبب تثبُّط الاسرائيليين، ماذا كانت الحالة في اسرائيل؟ (ب) ايّ تغيير وعد به يهوه اسرائيل اذا وضعت عبادته اولا؟
٥ تلفَّظ زكريا بهذه الكلمات فيما كان يُعاد بناء الهيكل في اورشليم. فقبل ذلك تثبَّط الاسرائيليون الذين كانوا قد عادوا من بابل وأوقفوا عمل بناء الهيكل. ولأنهم حوَّلوا انتباههم الى راحتهم الخاصة، لم ينعموا بالبركة وبالسلام من يهوه. ومع انهم حرثوا اراضيهم واعتنوا بكرومهم لم يزدهروا. (حجَّي ١:٣-٦) لقد كان الامر كما لو انهم يعملون ‹دون اجرة.›
٦ أما الآن وقد أُعيد بناء الهيكل، فقد شجَّع زكريا اليهود ان ‹يتشدَّدوا،› ان يضعوا بشجاعة عبادة يهوه اولا. وماذا كان سيحدث اذا فعلوا ذلك؟ «أما الآن فلا اكون انا لبقية هذا الشعب كما في الايام الاولى يقول رب الجنود. بل زرعُ السلام الكرم يعطي ثمره والارض تعطي غلتها والسموات تعطي نداها وأملِّك بقية هذا الشعب هذه كلها. ويكون كما انكم كنتم لعنة بين الامم يا بيت يهوذا ويا بيت اسرائيل كذلك اخلِّصكم فتكونون بركة فلا تخافوا. لتتشدَّد ايديكم.» (زكريا ٨:١١-١٣) فإذا كانت اسرائيل ستعمل بتصميم كانت ستزدهر. وفي وقت ابكر، عندما كانت الامم تريد ان تذكر مثالا للَّعنة، كانت تشير الى اسرائيل. أما الآن فستكون اسرائيل مثالا للبركة. فيا له من سبب رائع ‹ليشدِّدوا ايديهم›!
٧ (أ) اية تغييرات مثيرة اختبرها شعب يهوه، بالغة الذروة في سنة الخدمة ١٩٩٥؟ (ب) اذ ننظر الى التقرير السنوي، اية بلدان ترون ان لها سجلا جديرا بالملاحظة بالناشرين، الفاتحين، معدل الساعات؟
٧ وماذا عن اليوم؟ في السنوات التي سبقت سنة ١٩١٩ كانت تنقص شعب يهوه الغيرة الى حد ما. فهم لم يتَّخذوا موقفا حياديا بشكل كامل في الحرب العالمية الاولى، وكان لديهم ميل الى اتِّباع انسان بدلا من ملكهم، يسوع المسيح. ونتيجة لذلك، تثبَّط البعض من المقاومة من داخل الهيئة وخارجها. ثم، في سنة ١٩١٩، بمساعدة يهوه شدَّدوا ايديهم. (زكريا ٤:٦) فمنحهم يهوه السلام، وازدهروا كثيرا. ويُرى ذلك في سجلهم للسنوات الـ ٧٥ الماضية، بالغين الذروة في سنة الخدمة ١٩٩٥. وكشعب، يبتعد شهود يهوه عن القومية، القبلية، التحامل، وكل مصادر البغض الاخرى. (١ يوحنا ٣:١٤-١٨) ويخدمون يهوه بغيرة حقيقية في هيكله الروحي. (عبرانيين ١٣:١٥؛ رؤيا ٧:١٥) وفي السنة الماضية وحدها صرفوا اكثر من بليون ساعة في التحدث الى الآخرين عن ابيهم السماوي! وكل شهر كانوا يديرون ٠٦٠,٨٦٥,٤ درسا في الكتاب المقدس. واشترك ما معدله ٥٢١,٦٦٣ في خدمة الفتح كل شهر. وعندما يريد الخدام في العالم المسيحي ان يعطوا مثالا لأشخاص حماسيين حقا في عبادتهم، يشيرون احيانا الى شهود يهوه.
٨ كيف يمكن ان يستفيد كل فرد مسيحي من «زرع السلام»؟
٨ وبسبب غيرتهم يمنح يهوه شعبه «زرع السلام.» وكل مَن يعتني بهذا الزرع سيرى السلام ينمو في قلبه وفي حياته. وكل مسيحي مؤمن يجدّ في اثر السلام مع يهوه ومع الرفقاء المسيحيين يشترك في الحق والسلام اللذين ينعم بهما شعب اسم يهوه. (١ بطرس ٣:١١؛ قارنوا يعقوب ٣:١٨.) أوليس ذلك رائعا؟
«لا تخافوا»
٩ ايّ تغيير وعد به يهوه في تعاملاته مع شعبه؟
٩ نقرأ الآن اعلانا سابعا من يهوه. فما هو؟ «هكذا قال رب الجنود كما أني فكَّرت في ان أُسيء اليكم حين أَغضبني آباؤكم قال رب الجنود ولم اندم هكذا عدت وفكَّرت في هذه الايام في ان أُحسن الى اورشليم وبيت يهوذا. لا تخافوا.» — زكريا ٨:١٤، ١٥.
١٠ ايّ سجل لشهود يهوه يظهر انهم لا يخافون؟
١٠ مع ان شعب يهوه كانوا مشتتين بمعنى روحي خلال الحرب العالمية الاولى، ارادوا في قلوبهم ان يفعلوا ما هو صواب. لذلك غيَّر يهوه، بعد منح بعض التأديب، طريقة تعامله معهم. (ملاخي ٣:٢-٤) واليوم نتطلع الى الوراء ونشكره بحرارة على ما فعله. حقا، نحن ‹مبغضون من جميع الامم.› (متى ٢٤:٩) فكثيرون سُجنوا، والبعض ماتوا ايضا بسبب ايمانهم. وغالبا ما نواجه اللامبالاة او العداء. ولكننا لسنا بخائفين. فنحن نعرف ان يهوه اقوى من اية مقاومة، سواء كانت منظورة او غير منظورة. (اشعياء ٤٠:١٥؛ افسس ٦:١٠-١٣) ولن نتوقف عن الاصغاء الى الكلمات: «انتظر الرب. ليتشدَّد وليتشجَّع قلبك.» — مزمور ٢٧:١٤.
«ليكلِّم كل انسان قريبه بالحق»
١١، ١٢ ماذا ينبغي ان نتذكَّر افراديا اذا اردنا ان نشترك كاملا في البركات التي يمنحها يهوه لشعبه؟
١١ لكي نشترك كاملا في البركات من يهوه، هنالك امور ينبغي ان نتذكَّرها. يقول زكريا: «هذه هي الامور التي تفعلونها. ليكلِّم كل انسان قريبه بالحق. اقضوا بالحق وقضاء السلام في ابوابكم. ولا يفكرنَّ احد في السوء على قريبه في قلوبكم. ولا تحبوا يمين الزور. لأن هذه جميعها اكرهها يقول الرب.» — زكريا ٨:١٦، ١٧.
١٢ يحثنا يهوه على التكلم بالحق. (افسس ٤:١٥، ٢٥) وهو لا يسمع صلوات الذين يفكِّرون في امور مؤذية، يخفون الحق من اجل ربح شخصي، او يحلفون زورا. (امثال ٢٨:٩) وبما انه يكره الارتداد، يريد ان نلتصق بحق الكتاب المقدس. (مزمور ٢٥:٥؛ ٢ يوحنا ٩-١١) وفضلا عن ذلك، كالرجال الاكبر سنا في ابواب المدينة في اسرائيل، ينبغي ان يؤسس الشيوخ الذين يعالجون قضايا قضائية مشورتهم وقراراتهم على حق الكتاب المقدس، لا على الرأي الشخصي. (يوحنا ١٧:١٧) ويريد يهوه ان يطلبوا «قضاء السلام،» محاولين كرعاة مسيحيين ان يردّوا السلام بين الاطراف المتنازعة ومساعدين الخطاة التائبين على استعادة السلام مع اللّٰه. (يعقوب ٥:١٤، ١٥؛ يهوذا ٢٣) وفي الوقت نفسه يحافظون على سلام الجماعة، فاصلين بشجاعة اولئك الذين يعكِّرون هذا السلام بالاصرار عمدا على فعل الخطإ. — ١ كورنثوس ٦:٩، ١٠.
‹ابتهاج وفرح›
١٣ (أ) ايّ تغيير يتعلق بالصوم تنبأ به زكريا؟ (ب) ايّ صوم كان يُحفظ في اسرائيل؟
١٣ والآن نسمع اعلانا ثامنا مهما: «هكذا قال رب الجنود. إن صوم الشهر الرابع وصوم الخامس وصوم السابع وصوم العاشر يكون لبيت يهوذا ابتهاجا وفرحا وأعيادا طيبة. فأَحِبُّوا الحق والسلام.» (زكريا ٨:١٩) تحت الناموس الموسوي كان الاسرائيليون يصومون في يوم الكفارة تعبيرا عن الندم على خطاياهم. (لاويين ١٦:٢٩-٣١) ويظهر ان الاصوام الاربعة التي ذكرها زكريا كانت تُحفظ للنَّوح على الحوادث المتعلقة باحتلال اورشليم ودمارها. (٢ ملوك ٢٥:١-٤، ٨، ٩، ٢٢-٢٦) أما الآن فقد أُعيد بناء الهيكل وصارت اورشليم ثانية آهلة بالسكان. فتحوَّل النَّوح الى فرح، وصارت الاصوام أعيادا.
١٤، ١٥ (أ) كيف كان الاحتفال بالذِّكرى سببا عظيما للفرح، وبماذا ينبغي ان يذكِّرنا ذلك؟ (ب) كما يُرى في التقرير السنوي، اية بلدان كان الحضور فيها بارزا في الذِّكرى؟
١٤ واليوم لا نحفظ الاصوام التي ذكرها زكريا او الصوم الذي امر به الناموس. فمنذ قدَّم يسوع حياته عن خطايانا نتمتع ببركات يوم كفارة اعظم. وستُستَر خطايانا، ليس جزئيا فقط بل كاملا. (عبرانيين ٩:٦-١٤) وإذ نتبع وصية رئيس الكهنة السماوي، يسوع المسيح، نحفظ ذكرى موته باعتبارها الاحتفال المقدس الوحيد في الروزنامة المسيحية. (لوقا ٢٢:١٩، ٢٠) أفلا نختبر «ابتهاجا وفرحا» اذ نجتمع معا كل سنة من اجل هذا الاحتفال؟
١٥ في السنة الماضية اجتمع ٢٠١,١٤٧,١٣ معا للاحتفال بالذِّكرى، ٢٨٤,٨٥٨ اكثر من سنة ١٩٩٤. فيا له من حشد! تصوَّروا الفرح في جماعات شهود يهوه الـ ٦٢٠,٧٨ اذ كانت اعداد كبيرة تتقاطر بشكل غير عادي على قاعات ملكوتهم من اجل الاحتفال. بالتأكيد، اندفع جميع الحاضرين الى ‹محبة الحق والسلام› اذ تذكَّروا موت الشخص الذي هو «الطريق والحق والحياة» والذي يحكم الآن بصفته «رئيس السلام» العظيم المعيَّن من يهوه! (يوحنا ١٤:٦؛ اشعياء ٩:٦) ولهذا الاحتفال معنى خصوصي بالنسبة الى الذين حفظوه في البلدان التي خرَّبها الاضطراب والحرب. فقد شهد بعض اخوتنا فظائع تفوق الوصف خلال سنة ١٩٩٥. ومع ذلك فإن ‹سلام اللّٰه الذي يفوق كل عقل حفظ قلوبهم وأفكارهم في المسيح يسوع.› — فيلبي ٤:٧.
‹لنترضَّ وجه الرب›
١٦، ١٧ كيف يمكن للناس من الامم ان «يترضَّوا وجه الرب»؟
١٦ ولكن من اين اتى كل هؤلاء الملايين الذين حضروا الذِّكرى؟ يوضح قول يهوه التاسع: «هكذا قال رب الجنود سيأتي شعوب بعدُ وسكان مدن كثيرة. وسكان واحدة يسيرون الى اخرى قائلين لنذهب ذهابا لنترضَّى وجه الرب ونطلب رب الجنود. انا ايضا اذهب. فتأتي شعوب كثيرة وأمم قوية ليطلبوا رب الجنود في اورشليم وليترضَّوا وجه الرب.» — زكريا ٨:٢٠-٢٢.
١٧ اراد الاشخاص الذين حضروا الذِّكرى ان «يطلبوا رب الجنود.» وكثيرون من هؤلاء هم من خدامه المنتذرين المعتمدين. وملايين آخرون ممن حضروا لم يبلغوا بعد هذه المرحلة. وفي بعض البلدان كان حضور الذِّكرى اربعة او خمسة اضعاف عدد ناشري الملكوت. ويحتاج هؤلاء المهتمون الكثيرون الى المساعدة على الاستمرار في التقدم. فلنعلِّمهم ان يبتهجوا بالمعرفة ان يسوع مات عن خطايانا وهو يحكم الآن في ملكوت اللّٰه. (١ كورنثوس ٥:٧، ٨؛ رؤيا ١١:١٥) ولنشجِّعهم على نذر انفسهم ليهوه اللّٰه والاذعان لمَلكه المعيَّن. وبهذه الطريقة ‹يترضَّون وجه الرب.› — مزمور ١١٦:١٨، ١٩؛ فيلبي ٢:١٢، ١٣.
«عشرة رجال من جميع ألسنة الامم»
١٨، ١٩ (أ) اتماما لزكريا ٨:٢٣، مَن هو ‹اليهودي› اليوم؟ (ب) مَن هم اليوم ‹العشرة رجال› الذين «يتمسَّكون بذيل رجل يهودي»؟
١٨ للمرة الاخيرة نقرأ في الاصحاح الثامن من زكريا: «هكذا قال رب الجنود.» فما هو اعلان يهوه الاخير؟ «في تلك الايام يمسك عشرة رجال من جميع ألسنة الامم يتمسَّكون بذيل رجل يهودي قائلين نذهب معكم لأننا سمعنا ان اللّٰه معكم.» (زكريا ٨:٢٣) في ايام زكريا كانت اسرائيل الطبيعية امة اللّٰه المختارة. ولكن في القرن الاول رفضت اسرائيل مسيَّا يهوه. لذلك اختار الهنا ‹يهوديا› — اسرائيل جديدة — كشعب خاص له، «اسرائيل اللّٰه» المؤلف من اليهود الروحيين. (غلاطية ٦:١٦؛ يوحنا ١:١١؛ رومية ٢:٢٨، ٢٩) والعدد النهائي لهؤلاء كان ٠٠٠,١٤٤، مختارين من بين الجنس البشري ليحكموا مع يسوع في ملكوته السماوي. — رؤيا ١٤:١، ٤.
١٩ ان معظم هؤلاء الـ ٠٠٠,١٤٤ ماتوا امناء وذهبوا الى مكافأتهم السماوية. (١ كورنثوس ١٥:٥١، ٥٢؛ رؤيا ٦:٩-١١) وقليلون لا يزالون على الارض وهم يفرحون بأن يروا ان ‹العشرة رجال› الذين اختاروا ان يذهبوا مع ‹اليهودي› هم حقا «جمع كثير . . . من كل الامم والقبائل والشعوب والالسنة.» — رؤيا ٧:٩؛ اشعياء ٢:٢، ٣؛ ٦٠:٤-١٠، ٢٢.
٢٠، ٢١ اذ تصير نهاية هذا العالم اقرب، كيف يمكن ان نبقى في سلام مع يهوه؟
٢٠ اذ تصير نهاية هذا العالم اقرب بشكل محتوم، يشبه العالم المسيحي اورشليم في ايام ارميا: «انتظرنا السلام فلم يكن خير وزمان الشفاء فإذا رعب.» (ارميا ١٤:١٩) وسيبلغ هذا الرعب ذروته حين تنقلب الامم على الدين الباطل وتنهيه بشكل عنيف. وبُعيد ذلك ستختبر الامم نفسها الهلاك في حرب اللّٰه الاخيرة، هرمجدون. (متى ٢٤:٢٩، ٣٠؛ رؤيا ١٦:١٤، ١٦؛ ١٧:١٦-١٨؛ ١٩:١١-٢١) فكم سيكون ذلك وقت اضطراب!
٢١ وخلال كل ذلك سيحمي يهوه الذين يحبون الحق وينمّون «زرع السلام.» (زكريا ٨:١٢؛ صفنيا ٢:٣) فلنبقَ في امان ضمن ارض شعبه، مسبِّحينه بغيرة علنا ومساعدين اكبر عدد ممكن من الناس «ليترضَّوا وجه الرب.» وإذا فعلنا ذلك، فسنتمتع دائما بسلام يهوه. نعم، «الرب يعطي عزًّا لشعبه. الرب يبارك شعبه بالسلام.» — مزمور ٢٩:١١.
-