-
مصنوع على نحو عجيب ليبقى حيااستيقظ! ١٩٨٩ | آذار (مارس) ٨
-
-
مجرى حياتكم الداخلي
ان عدد الخلايا في الجسم يفوق ادراك البشر. والتقدير المعتدل هو ٧٥ تريليونا — رقم يزيد ١٥ ألف مرة على عدد سكان ارضنا. فلكي يصل الاكسجين الى كل من هذه الخلايا يلزم جهاز نقل اكثر تعقيدا وفعالية من جهاز نقل اية مدينة حديثة.
يتألف جهاز النقل في الجسم من الدم الجاري عبر القلب، الشرايين، الاوردة، وشبكة من الاوعية الدموية الاصغر. انه «جهاز مغلق من حوالي ٠٠٠,١٠٠ ميل . . . من الانابيب،» يذكر كتاب «جسم الانسان.» وبحسب هذا التقدير فان اوعيتكم الدموية، اذا وُضعت طرفا الى طرف تمتد اربع مرات حول الارض.
وهذه الشبكة الواسعة تنقل ايضا اجزاء صغيرة جدا من الغذاء ممتصَّة من جدران امعائكم. وهكذا يجري تزويد كامل جسمكم بالغذاء والاكسجين، وحتى الاجزاء التي تظهر غير مهمة. وهنالك نحو خمسة ملايين شعرة تنمو من جلدكم؛ ومع ذلك فان شبكة من الاوعية الدموية الدقيقة موجَّهةٌ الى جذر كل شعرة. والاهتمام المعطى لكل شعرة صغيرة امر يثير العجب. «لا تخافوا،» اكَّد يسوع لتلاميذه، «فحتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة.» — متى ١٠:٢٨، ٣٠.
ومحتويات الدم تمكِّن جسمكم من صنع ما يقدَّر بثلاثة بلايين خلية جديدة كل دقيقة. ونمو الشعر هو نتيجة تضاعف الخلايا عند الجذر. واذ ينقشر الجلد القديم عن جسمكم تتضاعف تحته خلايا جلدية جديدة. وعندما تُطرح خلايا من جدران امعائكم يجري صنع خلايا جديدة لتحل محلها. وكل ثانية يجري صنع ملايين من كريات الدم الحمراء في مُخّ عظامكم!
من الطبيعي ان يُنتج كل هذا النشاط كمية من الفضلات. ومن جديد يأتي مجرى الدم للانقاذ بالتخلص من ثاني اكسيد الكربون واجزاء الفضلات الصغيرة. واجزاء الفضلات الكبيرة، كالخلايا الميتة، تلتهمها كريات الدم البيضاء التي تدخل الانسجة من الدم. وأعداد كبيرة من هذه العوامل الصحية تتجمع في موقع العدوى لانجاز عملها. وقبل ان يكتشف العلم الطبي هذه الحقائق اوضحها الكتاب المقدس ببساطة: «نفس [او حياة] الجسد هي في الدم.» — لاويين ١٧:١١، ١٤.
ازمة طارئة — مكافحة نقص الدم
هل كابدتم في وقت ما اصابة ادَّت الى نزف خطير؟ كان يمكن ان ينتج الموت لو خسرتم دما اكثر مما ينبغي. ولكنّ آليات الطوارئ الرائعة، التي لا يستطيع العلم تفسيرها كاملاً، تساعد في اغلب الاحيان على التفادي من نتيجة كهذه.
فعندما يُقطع وعاء دموي يتقلَّص، وهكذا يخفِّف من تدفق الدم. وآلية ثانية تتبع سريعا. فتصبح الصُفيحات في الدم لزجة حول موقع الاصابة وتتكتل معا. ومن ثم تبتدئ خيوط الليفين بالتشكل في الجرح. وهذه توثق الصُفيحات الدموية في جلطة تختم على آخر قطرة من الدم.
ولكن ماذا يحدث عندما تعجز الآليات المذكورة آنفا عن ان تكافح؟ ينبِّه النزف الغزير آليات اخرى. فالاعضاء الحسية الصغيرة جدا في الشرايين تسجل سريعا ايّ انخفاض في ضغط الدم. فتُبعث الرسائل الى الدماغ، الذي يستجيب بجعل الاوعية الدموية تتقلّص. وفي الوقت نفسه يأمر الدماغ القلب ليخفق باكثر سرعة. واذا استمر النزف يعاني الدماغ نفسه من التأثيرات فيستجيب بتكثيف هذه المنعَكَسات العصبية. وقد يزيد معدّل القلب عن المعدّل الطبيعي من حوالي ٧٢ دقة في الدقيقة الى حوالي ٢٠٠ دقة. فكم هي فعالة هذه الآليات؟
ان الاوعية الدموية المتقلّصة تخفف تدفق الدم الى معظم اجزاء الجسم. وهذا، مع زيادة معدّل القلب، يحافظ على ضغط الدم. «ولكن بوسيلة رائعة،» يلاحظ الدكتور أ. رندل شورت في كتابه مصنوع على نحو عجيب، «تُستثنى شرايين الدماغ من التقلّص العام.» ويصح الامر نفسه في الشرايين التي تزوِّد عضلات القلب. وهكذا يتدفق الدم من حيث الاساس بشكل طبيعي عبر هذه الاعضاء الحيوية. وبحسب كتاب الفيزيولوجيا الطبية للاستاذ آرثر ڠايتون، ان المنعَكَسات المذكورة آنفا «تطيل مقدار خسارة الدم الذي يمكن ان يحصل دون تسبيب الموت الى حوالي ضعف الوقت المحتمل في غيابها.»
وفي خلال ذلك تعمل آليات اخرى على زيادة حجم الدم. كما يشرح الدكتور ميلر في كتابه الجسم موضوع البحث: «الاولوية الاكثر اهمية هي استعادة حجم السائل. واذا كان النقص بطيئا على نحو كاف يستطيع الجسم ان يقوم بذلك وحده بجعل الدم اقل تركيزا. فتُسترد السوائل من الانسجة؛ ويكون هنالك انقاصٌ اوتوماتيكي في انتاج البول وأخذٌ متزايد للماء بواسطة الفم.»
ورغم انه يفضِّل نقل الدم في حالة النزف، يعترف الدكتور ميلر: «ان التهديد المباشر اكثر للحياة ليس النقص في الدم بحد ذاته بل حجم غير واف من السائل . . . ان اعطاء . . . بديل الپلازما هو معين موقت مقبول في المراحل الاولى، لانه يشبه الميل الطبيعي للجسم الى استرداد حجم الدم على حساب جعله اقل تركيزا.» ويذكر الاستاذ ڠايتون: «ان بدائل الپلازما المتعددة تطوَّرت الى حد انها تنجز على نحو دقيق تقريبا الوظائف [الدموية] نفسها كالپلازما [الجزء السائل من الدم].»
ويملك الجسم ايضا آلية للتعويض عن النقص في الخلايا الحمراء الحاملة الاكسجين. وكما اوضح الفيلم الوثائقي التلفزيوني «الحادث» من سلسلة الجسم الحي: «ان مخ عظامنا عادة يُنتج الخلايا الحمراء بمقدار حوالي ٢٠ في المئة من قدرته الاجمالية. وهذا يعني انه اذا كانت هناك حاجة عاجلة الى خلايا الدم الحمراء يمكننا زيادة معدّل الانتاج حوالي خمسة اضعاف.»
-
-
مصنوع على نحو عجيب ليبقى حيااستيقظ! ١٩٨٩ | آذار (مارس) ٨
-
-
[الرسم في الصفحة ٢٧]
(اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)
شبكة من الاوعية الدموية موجَّهة الى جذر كل شعرة للجسم
جُرَيْب الشعرة
وعاء دموي
-