مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ‏«اني .‏.‏.‏ متضع القلب»‏
    ‏«تعالَ اتبعني»‏
    • الفصل ٣

      ‏«اني .‏ .‏ .‏ متضع القلب»‏

      يسوع يركب على حمار؛‏ الناس يلوِّحون بأغصان من أشجار النخيل ويفرشون الثياب وأغصان الأشجار على الطريق

      ‏«هوذا ملكك يأتي اليك»‏

      ١-‏٣ كيف دخل يسوع الى اورشليم،‏ ولماذا ربما استغرب البعض بين الجموع؟‏

      الناس في اورشليم متحمسون جدا.‏ فثمة رجل عظيم قادم اليهم!‏ لذلك يجتمعون على طول الطريق خارج اورشليم.‏ وهم ينتظرون قدومه على احرّ من الجمر،‏ فالبعض يقولون انه وريث الملك داود وحاكم اسرائيل الشرعي.‏ لذلك يجلب عدد منهم سَعَف النخل للتلويح بها عند استقباله؛‏ اما آخرون فيفرشون ارديتهم وأغصان الاشجار في الطريق ليمهّدوا له السبيل.‏ (‏متى ٢١:‏​٧،‏ ٨؛‏ يوحنا ١٢:‏​١٢،‏ ١٣‏)‏ وعلى الارجح،‏ كثيرون يتساءلون كيف سيكون دخوله الى المدينة.‏

      ٢ ربما يتوقع البعض منهم عرضا مهيبا.‏ فلا شك انهم سمعوا عن دخول اشخاص مهمّين بهذه الطريقة.‏ مثلا،‏ عندما نصّب ابشالوم بن داود نفسه ملكا،‏ جعل خمسين رجلا يركضون امام مركبته.‏ (‏٢ صموئيل ١٥:‏​١،‏ ١٠‏)‏ كما ان الحاكم الروماني يوليوس قيصر اتى بأبهة اكبر ايضا حين قاد موكب نصر الى الكابيتول في روما،‏ اذ كان محاطا بـ‍ ٤٠ من الفيلة التي تحمل المصابيح.‏ إلا ان الرجل الذي يترقّب الناس دخوله الى اورشليم هو اعظم بكثير.‏ فهذا الرجل هو المسيَّا،‏ اعظم انسان عاش على الاطلاق،‏ سواء ادركت الجموع ذلك ام لا.‏ لكنَّ البعض يُفاجأون عندما يدخل هذا الملك المقبل.‏

      ٣ فهم لا يرون مركبة،‏ او اشخاصا يركضون،‏ او احصنة،‏ او فيلة.‏ فيسوع يركب على دابة وضيعة،‏ على حمار.‏a ومظهره ومظهر الدابة ليس مبهرجا.‏ فبدلا من سرج باهظ الثمن،‏ وضع اثنان من أتباعه الاحماء بعض الاردية على ظهر الدابة.‏ فلماذا يختار يسوع ان يدخل اورشليم بهذه الطريقة المتواضعة في حين ان رجالا اقل شأنا منه اصرّوا على عظمة وأبهة اكبر؟‏

      ٤ ماذا انبأ الكتاب المقدس عن طريقة دخول الملك المسيّاني الى اورشليم؟‏

      ٤ بدخول اورشليم بهذه الطريقة،‏ يتمِّم يسوع النبوة التالية:‏ «افرحي جدا .‏ .‏ .‏ واهتفي هتاف النصر يا بنت اورشليم.‏ هوذا ملكك يأتي اليك.‏ هو بار مخلَّص،‏ متواضع وراكب على حمار».‏ (‏زكريا ٩:‏٩‏)‏ فقد اظهرت هذه النبوة ان المسيَّا،‏ الممسوح من قبل الله،‏ سيُظهِر نفسه ذات يوم لشعب اورشليم كملك معيّن من الله.‏ كما ان طريقة إظهار نفسه،‏ بما في ذلك اختيار الدابة التي يركبها،‏ كانت ستكشف عن صفة رائعة لديه:‏ التواضع.‏

      ٥ لماذا يؤثر تواضع يسوع في نفسنا عندما نتأمل فيه،‏ ولماذا من المهمّ ان نتعلم الاقتداء بيسوع في هذا المجال؟‏

      ٥ ان تواضع يسوع هو اكثر صفاته جاذبية.‏ فهذه الصفة تؤثر في نفسنا عندما نتأمل فيها.‏ فكما ناقشنا في الفصل السابق،‏ يسوع وحده هو «الطريق والحق والحياة».‏ (‏يوحنا ١٤:‏٦‏)‏ لذلك لا احد بين بلايين البشر الذين وطئوا هذه الارض يضاهي ابن الله اهمية.‏ رغم ذلك،‏ فهو بعيد كل البعد عن الكبرياء،‏ الغطرسة،‏ او الاعتداد بالنفس —‏ صفات يملكها كثيرون من الاشخاص الناقصين.‏ فلكي نكون أتباعا للمسيح،‏ يلزم ان نحارب ميلنا الى الكبرياء.‏ (‏يعقوب ٤:‏٦‏)‏ تذكّر ان يهوه يبغض الغطرسة.‏ لذلك من المهمّ ان نتعلم الاقتداء بتواضع يسوع.‏

      تاريخ طويل حافل بإظهار التواضع

      ٦ ما هو التواضع،‏ وكيف عرف يهوه ان المسيَّا سيكون متواضعا؟‏

      ٦ التواضع،‏ او الاتضاع العقلي،‏ هو نقيض العجرفة والكبرياء.‏ انه صفة تنبع من القلب وتظهر من خلال كلام الشخص،‏ تصرفه،‏ وتعاملاته مع الآخرين.‏ فكيف عرف يهوه ان المسيَّا سيكون متواضعا؟‏ لقد عرف ان ابنه يعكس مثاله الكامل للتواضع.‏ (‏يوحنا ١٠:‏١٥‏)‏ كما انه رأى ابنه يُظهِر التواضع بشكل عملي.‏ كيف؟‏

      ٧-‏٩ (‏أ)‏ كيف اعرب ميخائيل عن التواضع في مواجهته مع الشيطان؟‏ (‏ب)‏ كيف يمكن ان يقتدي المسيحيون بميخائيل في اظهار التواضع؟‏

      ٧ يكشف سفر يهوذا عن مثال رائع.‏ فهو يقول:‏ «اما ميخائيل رئيس الملائكة فلما خاصم ابليس مجادلا اياه حول جسد موسى،‏ لم يجسر ان يدينه بكلام مهين،‏ بل قال:‏ ‹لينتهرك يهوه!‏›».‏ (‏يهوذا ٩‏)‏ ان ميخائيل هو اسم يُطلَق على يسوع (‏قبل وبعد مجيئه الى الارض)‏ وهو في دور رئيس الجيوش السماوية من الملائكة التي في حضرة يهوه.‏b (‏١ تسالونيكي ٤:‏١٦‏)‏ ولكن لاحِظ كيف تصرّف ميخائيل خلال هذه المواجهة مع الشيطان.‏

      ٨ لا تخبرنا رواية يهوذا ماذا اراد الشيطان ان يفعل بجسد موسى.‏ ولكن من المؤكد ان ابليس كانت لديه نية شريرة.‏ فلربما اراد ان يروّج استخدام جثة موسى في العبادة الباطلة.‏ وفي حين ان ميخائيل قاوم خطة الشيطان الشريرة،‏ فقد اظهر ضبط نفس لافتا للنظر.‏ فرغم ان الشيطان استحق الانتهار،‏ لكنّ ميخائيل (‏الذي لم تكن «كل الدينونة» قد فوِّضت اليه بعد في ذلك الوقت)‏ شعر بأن هذه الدينونة يجب ان تصدر عن يهوه الله فقط.‏ (‏يوحنا ٥:‏٢٢‏)‏ صحيح ان ميخائيل كرئيس ملائكة كان يتمتع بسلطة واسعة،‏ إلا انه سلّم الامر ليهوه بدلا من محاولة امتلاك سلطة اوسع.‏ وإضافة الى التواضع،‏ اظهر الاحتشام الذي يشمل ادراك المرء حدوده.‏

      ٩ لقد أُوحي الى يهوذا ان يدوِّن هذه الحادثة لسبب معيّن.‏ فمن المؤسف ان بعض المسيحيين في ايامه لم يكونوا متواضعين.‏ بل كانوا بغطرسة «يتكلمون بالاهانة على كل ما لا يعرفونه».‏ (‏يهوذا ١٠‏)‏ فما اسهل ان نسمح نحن البشر الناقصين لكبريائنا بأن تتحكم بنا!‏ فكيف نتصرف اذا لم نفهم لماذا يجري امر معيّن في الجماعة المسيحية،‏ ربما قرار اتخذته هيئة الشيوخ؟‏ اذا شاركنا في حديث سلبي انتقادي رغم اننا لا نعرف كل العوامل التي ادّت الى اتخاذ قرار كهذا،‏ أفلا نُظهِر بذلك اننا نفتقر الى التواضع؟‏ بدلا من ذلك،‏ لنقتدِ بميخائيل (‏اي يسوع)‏،‏ اذ نمتنع عن الحكم على امور لم يُعطنا الله سلطة ان نحكم عليها.‏

      ١٠،‏ ١١ (‏أ)‏ ما هو الجدير بالملاحظة بشأن طوعية ابن الله في قبول تعيينه ان يأتي الى الارض؟‏ (‏ب)‏ كيف يمكننا الاقتداء بتواضع يسوع؟‏

      ١٠ اظهر ابن الله التواضع ايضا عندما قبِل التعيين ان يأتي الى الارض.‏ تأمَّل في ما اضطر الى التخلي عنه.‏ لقد كان رئيس ملائكة.‏ وكان ايضا «الكلمة»،‏ اي الناطق بلسان يهوه.‏ (‏يوحنا ١:‏​١-‏٣‏)‏ كما كان يسكن في السماء،‏ ‹علياء قدس يهوه وبهائه›.‏ (‏اشعيا ٦٣:‏١٥‏)‏ لكنَّ الابن «اخلى نفسه آخذا هيئة عبد صائرا في شبه الناس».‏ (‏فيلبي ٢:‏٧‏)‏ فكِّر في ما شمله تعيينه الارضي.‏ لقد نُقلَت حياته الى رحم عذراء يهودية وصار جنينا مدة تسعة اشهر ووُلد طفلا بشريا عاجزا عن حماية نفسه في اسرة نجار فقير.‏ بعدئذ،‏ كبر وأصبح صبيا صغيرا ثم مراهقا.‏ ورغم انه كامل،‏ بقي خاضعا لوالديه البشريين الناقصين طوال فترة حداثته.‏ (‏لوقا ٢:‏​٤٠،‏ ٥١،‏ ٥٢‏)‏ فما اروع هذا التواضع!‏

      ١١ فهل يمكننا نحن الاقتداء بتواضع يسوع بأن نقبل طوعا تعيينات الخدمة التي تبدو لنا احيانا وضيعة؟‏ مثلا،‏ قد يبدو تعيين الكرازة ببشارة الملكوت وضيعا حين يتجاوب الناس بلامبالاة،‏ او استهزاء،‏ او عداء.‏ (‏متى ٢٨:‏​١٩،‏ ٢٠‏)‏ غير ان احتمالنا في هذا العمل قد يساهم في إنقاذ حياتهم.‏ ولكن حتى لو لم نتمكن من انقاذ احد،‏ فسنكون قد تعلمنا الكثير عن التواضع واتبعنا خطوات سيدنا يسوع المسيح.‏

      تواضُع يسوع حين كان انسانا

      ١٢-‏١٤ (‏أ)‏ كيف اظهر يسوع التواضع عندما مدحه الناس؟‏ (‏ب)‏ كيف اعرب يسوع عن التواضع من خلال تعاملاته مع الآخرين؟‏ (‏ج)‏ ماذا يُظهِر ان تواضع يسوع لم يكن مجرد شكليات او اعراب عن آداب السلوك؟‏

      ١٢ تحلّى يسوع بالتواضع من بداية خدمته على الارض حتى نهايتها.‏ وقد اظهر هذه الصفة حين اعطى التسبيح والمجد لأبيه.‏ فالناس كانوا يمدحونه على الحكمة التي ينمّ عنها كلامه،‏ القدرة التي تتجلى في عجائبه،‏ حتى الصفات الحسنة في شخصيته.‏ لكنه كان يعطي المجد تكرارا ليهوه وليس لنفسه.‏ —‏ مرقس ١٠:‏​١٧،‏ ١٨؛‏ يوحنا ٧:‏​١٥،‏ ١٦‏.‏

      ١٣ اظهر يسوع التواضع ايضا بطريقة معاملته الناس.‏ فقد اوضح انه لم يأتِ الى الارض ليُخدَم بل ليخدم الآخرين.‏ (‏متى ٢٠:‏٢٨‏)‏ وتجلّى تواضعه من خلال تعاملاته اللطيفة والمتعقلة مع الناس.‏ فعندما خيّب أتباعه امله،‏ لم يعنّفهم بقسوة،‏ بل ظلّ يحاول بلوغ قلوبهم.‏ (‏متى ٢٦:‏​٣٩-‏٤١‏)‏ وعندما قاطعت الجموع خلوته التي كان ينشد من خلالها الراحة والسكينة،‏ لم يصرفهم بل استمر يبذل الجهد ليعلّمهم «اشياء كثيرة».‏ (‏مرقس ٦:‏​٣٠-‏٣٤‏)‏ وحين لم تنفك امرأة غير اسرائيلية تتوسل اليه ان يشفي ابنتها،‏ عبّر في البداية بلطف انه لا يريد ذلك.‏ لكنه ما لبث ان لبّى طلبها بسبب ايمانها غير العادي،‏ كما سنرى في الفصل ١٤‏.‏ —‏ متى ١٥:‏​٢٢-‏٢٨‏.‏

      ١٤ وهكذا،‏ طبّق يسوع بطرائق عديدة كلماته التي قالها عن نفسه:‏ «اني وديع ومتضع القلب».‏ (‏متى ١١:‏٢٩‏)‏ لكنَّ تواضعه لم يكن سطحيا،‏ مجرد شكليات او اعراب عن آداب السلوك.‏ بل كان نابعا من داخله،‏ من صميم قلبه.‏ فلا عجب اذًا ان يعلِّق يسوع اهمية كبيرة على تعليم أتباعه ان يكونوا متواضعين.‏

      تعليم أتباعه ان يكونوا متواضعين

      ١٥،‏ ١٦ بحسب ما ذكره يسوع،‏ ايّ تباين يجب ان يكون بين موقف الحكام العالميين وموقف أتباعه؟‏

      ١٥ كان رسل يسوع بطيئين في تنمية التواضع.‏ لذلك حاول يسوع مرارا وتكرارا ان يعلّمهم اظهار هذه الصفة.‏ مثلا،‏ طلب يعقوب ويوحنا ذات مرة من يسوع بواسطة امهما ان يعِد بمنحهما مركزا رفيعا في ملكوت الله.‏ فأجاب يسوع باحتشام:‏ «اما الجلوس عن يميني وعن يساري،‏ فليس لي ان اعطيه،‏ انما هو للذين هُيئ لهم من ابي».‏ وقد «اغتاظ» الرسل العشرة الآخرون من يعقوب ويوحنا.‏ (‏متى ٢٠:‏​٢٠-‏٢٤‏)‏ فكيف عالج يسوع هذه المشكلة؟‏

      ١٦ لقد قوّمهم جميعا بلطف،‏ قائلا:‏ «انتم تعرفون ان حكام الامم يسودون عليهم وأن العظماء يتسلطون عليهم.‏ فليس الامر كذلك في ما بينكم،‏ بل مَن اراد ان يكون عظيما بينكم فليكن لكم خادما،‏ ومَن اراد ان يكون الاول بينكم فليكن لكم عبدا».‏ (‏متى ٢٠:‏​٢٥-‏٢٧‏)‏ فالرسل قد رأوا على الارجح كم يمكن ان يكون «حكام الامم» متكبرين،‏ طموحين،‏ وأنانيين.‏ لكنَّ يسوع اظهر ان أتباعه يجب ان يكونوا مختلفين عن هؤلاء الطغاة المتعطشين الى السلطة،‏ اذ عليهم ان يكونوا متواضعين.‏ فهل استوعب الرسل هذا الدرس؟‏

      ١٧-‏١٩ (‏أ)‏ بأية طريقة لا تنسى علّم يسوع رسله درسا عن التواضع في الليلة التي سبقت موته؟‏ (‏ب)‏ ما هو ابلغ درس علّمه يسوع عن التواضع عندما كان انسانا على الارض؟‏

      ١٧ لم يكن ذلك سهلا عليهم.‏ فلم تكن هذه المرة الاولى ولا الاخيرة التي علّمهم يسوع فيها درسا كهذا.‏ ففي وقت سابق،‏ تحاجّ الرسل في مَن هو الاعظم.‏ لذلك اقام يسوع ولدا صغيرا في وسطهم وقال لهم ان يتشبهوا بالاولاد الذين ليس من طبعهم التكبر والطموح والاهتمام بالمراكز،‏ امور شائعة جدا بين الراشدين.‏ (‏متى ١٨:‏​١-‏٤‏)‏ مع ذلك،‏ في الليلة التي سبقت موته،‏ رأى ان الكبرياء لا تزال متأصلة في رسله.‏ فعلّمهم درسا لا يُنسى حين اخذ منشفة وتمنطق بها وقام بخدمة وضيعة جدا،‏ خدمة كان الخدّام يقدِّمونها عادة للضيوف.‏ فقد غسل اقدام كلٍّ من رسله،‏ بمن فيهم يهوذا الذي كان على وشك ان يخونه.‏ —‏ يوحنا ١٣:‏​١-‏١١‏.‏

      ١٨ بعدئذ،‏ اوضح لهم يسوع الهدف مما فعله قائلا:‏ «وضعت لكم نموذجا».‏ (‏يوحنا ١٣:‏١٥‏)‏ فهل بلغ هذا الدرس قلوبهم؟‏ لاحقا في الليلة نفسها،‏ تشاجروا مرة اخرى مَن هو الاعظم بينهم.‏ (‏لوقا ٢٢:‏​٢٤-‏٢٧‏)‏ رغم ذلك،‏ ظلّ يسوع صبورا معهم وعلّمهم بتواضع.‏ بعد ذلك،‏ اعطى درسا له تأثير بالغ عندما «وضع نفسه وصار طائعا حتى الموت،‏ الموت على خشبة آلام».‏ (‏فيلبي ٢:‏٨‏)‏ فقد اذعن يسوع طوعا لموت مخزٍ،‏ اذ أُدين ظلما كمجرم ومجدّف.‏ وهكذا اظهر ابن الله ان لا مثيل له حين اعرب،‏ هو من بين جميع مخلوقات يهوه،‏ عن اقصى درجات التواضع.‏

      ١٩ ولربما كان هذا —‏ اي الدرس الاخير في التواضع الذي علّمه يسوع —‏ هو ما غرس صفة التواضع في قلب رسله الامناء.‏ فالكتاب المقدس يخبرنا ان هؤلاء الرجال عملوا بتواضع طوال سنوات عديدة.‏ فماذا عنا؟‏

      هل تتبع النموذج الذي وضعه يسوع؟‏

      ٢٠ كيف نعرف هل نحن متّضعو القلب ام لا؟‏

      ٢٠ يحضّ بولس كلًّا منا:‏ «ليبقَ فيكم هذا الموقف العقلي الذي كان ايضا في المسيح يسوع».‏ (‏فيلبي ٢:‏٥‏)‏ فعلى غرار يسوع،‏ يلزم ان نكون متّضعي القلب.‏ وكيف نعرف هل قلبنا متواضع ام لا؟‏ يذكِّرنا بولس ‹ألا نعمل شيئا عن نزعة الى الخصام او عن عجب،‏ بل باتّضاع عقلي معتبرين ان الآخرين يفوقوننا›.‏ (‏فيلبي ٢:‏٣‏)‏ اذًا،‏ يكمن السرّ في نظرتنا الى الآخرين بالمقارنة مع انفسنا.‏ فيجب ان نعتبر انهم يفوقوننا،‏ اي اهمّ منا.‏ فهل ترغب في تطبيق هذه النصيحة؟‏

      ٢١،‏ ٢٢ (‏أ)‏ لماذا يجب ان يكون النظار المسيحيون متواضعين؟‏ (‏ب)‏ كيف نُظهِر اننا متمنطقون بالتواضع؟‏

      ٢١ بعد سنوات عديدة من موت يسوع،‏ كان الرسول بطرس لا يزال يفكر في اهمية التواضع.‏ فقد علّم النظار المسيحيين ان يقوموا بواجباتهم بتواضع،‏ غير سائدين على خراف يهوه.‏ (‏١ بطرس ٥:‏​٢،‏ ٣‏)‏ فالمسؤوليات ليست مبرِّرا ليكون الشخص متكبرا،‏ بل هي تحتم عليه اكثر إظهار التواضع الاصيل.‏ (‏لوقا ١٢:‏٤٨‏)‏ لكنَّ هذه الصفة ليست مهمة للنظار فحسب،‏ بل ايضا لكل المسيحيين.‏

      ٢٢ بالتأكيد،‏ لم ينسَ بطرس قط تلك الليلة التي غسل فيها يسوع قدمَيه رغم اعتراضه على ذلك.‏ (‏يوحنا ١٣:‏​٦-‏١٠‏)‏ فقد كتب الى المسيحيين:‏ «تمنطقوا جميعكم باتضاع العقل بعضكم نحو بعض».‏ (‏١ بطرس ٥:‏٥‏)‏ توحي كلمة «تمنطقوا» بأمر كان يقوم به الخادم حين يتمنطق بمئزر لينجز عملا وضيعا.‏ وتذكّرنا هذه الكلمة على الارجح بالمناسبة حين تمنطق يسوع بمنشفة قبل ان يركع ليقوم بغسل اقدام الرسل.‏ فإذا كنا نتبع يسوع،‏ أفيُعقل ان نعتبر انفسنا اهم من القيام بأي تعيين معطى من الله؟‏ فتواضعنا القلبي ينبغي ان يكون ظاهرا للجميع،‏ كما لو اننا متمنطقون به.‏

      ٢٣،‏ ٢٤ (‏أ)‏ لماذا ينبغي ان نقاوم ايّ ميل الى التكبر؟‏ (‏ب)‏ اي مفهوم خاطئ بشأن التواضع سيساعدنا الفصل التالي على تصحيحه؟‏

      ٢٣ ان الكبرياء اشبه بالسمّ.‏ فعواقبها يمكن ان تكون وخيمة.‏ انها صفة يمكن ان تجعل اذكى الاذكياء بلا قيمة في نظر الله.‏ اما التواضع فيمكن ان يجعل حتى الاقل شأنا ذا قيمة كبيرة في نظر يهوه.‏ فإذا نمّينا هذه الصفة القيّمة يوميا بمحاولة اتّباع خطوات المسيح بتواضع،‏ فلدينا مكافأة رائعة في انتظارنا.‏ كتب بطرس:‏ «تواضعوا اذًا تحت يد الله القديرة ليرفعكم في حينه».‏ (‏١ بطرس ٥:‏٦‏)‏ فقد رفع يهوه يسوع لأنه اعرب عن اقصى درجات التواضع.‏ على نحو مماثل،‏ سيسرّ الهنا بأن يكافئك انت ايضا اذا كنت متواضعا.‏

      ٢٤ من المؤسف ان البعض يظنون التواضع علامة ضعف.‏ لكنَّ مثال يسوع يساعدنا ان ندرك عدم صحة هذا المفهوم،‏ لأن هذا الرجل الاكثر تواضعا كان ايضا الاكثر جرأة.‏ وهذا سيكون موضوع مناقشتنا في الفصل التالي.‏

      a في معرض مناقشة هذه الحادثة،‏ يقول احد المراجع ان هذه الحيوانات هي «مخلوقات وضيعة».‏ ويضيف:‏ «انها بطيئة،‏ عنيدة،‏ يستخدمها الفقراء عادة للقيام بالاعمال،‏ وليست جميلة الشكل».‏

      b من اجل المزيد من الادلة ان ميخائيل هو يسوع،‏ انظر الصفحتين ٢١٨-‏٢١٩ من كتاب ماذا يعلّم الكتاب المقدس حقا؟‏‏،‏ اصدار شهود يهوه.‏

      كيف يمكنك ان تتبع يسوع؟‏

      •  كيف يساعدك مثال يسوع حين تُغرى بالتفاخر بإنجازاتك؟‏ —‏ متى ١٢:‏​١٥-‏١٩؛‏ مرقس ٧:‏​٣٥-‏٣٧‏.‏

      •  كيف تقتدي بمثال يسوع في العمل بتواضع في سبيل الاخوة والاخوات الروحيين؟‏ —‏ يوحنا ٢١:‏​١-‏١٣‏.‏

      •  كيف تستفيد من مثال يسوع اذا أُغريت بالسعي وراء الشهرة والنجاح في نظام الاشياء هذا؟‏ —‏ يوحنا ٦:‏​١٤،‏ ١٥‏.‏

  • ‏«هوذا الاسد الذي من سبط يهوذا»‏
    ‏«تعالَ اتبعني»‏
    • الفصل ٤

      ‏«هوذا الاسد الذي من سبط يهوذا»‏

      يسوع يعرِّف بنفسه أمام جمع كبير ومن بينهم جنود أتوا ليقبضوا عليه

      ‏«اني هو»‏

      ١-‏٣ ايّ خطر يتعرض له يسوع،‏ وكيف يتجاوب؟‏

      ها هو الجمع الغفير من العسكر والرعاع المسلَّحين بالسيوف والهراوى آتون لإلقاء القبض على يسوع.‏ وإذ يجمعهم هدف شرير واحد،‏ يسيرون في شوارع اورشليم المظلمة ويعبرون وادي قدرون الى جبل الزيتون.‏ ورغم ان القمر بدر،‏ فهم يحملون المشاعل والسُّرُج.‏ فهل يحتاجون الى الانارة لأن الغيم يحجب ضوء القمر؟‏ او هل يتوقعون ان يكون يسوع مختبئا في الظلام؟‏ هنالك امر واحد اكيد:‏ ان الذي يتوقع من يسوع ان يرتعد خوفا هو شخص لا يعرفه البتة.‏

      ٢ يقف يسوع منتظرا مع انه يدرك الخطر الوشيك.‏ فيقترب منه الرعاع بقيادة يهوذا،‏ صديقه السابق الذي كان يثق به.‏ وبكل وقاحة يسلِّم يهوذا سيده السابق،‏ حين يحيّيه برياء ويقبّله بغية تحديد هويته.‏ رغم ذلك،‏ يحافظ يسوع على رباطة جأشه ويتقدم نحو الرعاع ويسأل:‏ «عمَّن تفتشون؟‏».‏ فيجيبونه:‏ «عن يسوع الناصري».‏

      ٣ معظم الناس يتملكهم الذعر حين يواجهون رعاعا مسلَّحين كهؤلاء.‏ وربما هذا ما يتوقعه الجمع من الرجل الواقف امامهم.‏ لكنَّ يسوع لا يرتعد خوفا او يهرب او يتفوه بالاكاذيب،‏ بل يقول لهم:‏ «اني هو».‏ فيصعقهم كثيرا ردّ فعله الهادئ والمقدام حتى انهم يتراجعون ويقعون ارضا.‏ —‏ يوحنا ١٨:‏​١-‏٦؛‏ متى ٢٦:‏​٤٥-‏٥٠؛‏ مرقس ١٤:‏​٤١-‏٤٦‏.‏

      ٤-‏٦ (‏أ)‏ بماذا يشبَّه ابن الله،‏ ولماذا؟‏ (‏ب)‏ ما هي ثلاث من الطرائق التي اعرب يسوع من خلالها عن الشجاعة؟‏

      ٤ ولكن كيف تمكن يسوع من الصمود في وجه هذا الخطر الشديد والمحافظة على رباطة جأشه وضبط نفسه؟‏ يكمن الجواب في كلمة واحدة:‏ الشجاعة.‏ والشجاعة هي من اكثر الصفات اللازمة والمرغوبة في القائد.‏ وما من انسان فاق يسوع او حتى ضاهاه في هذا المجال.‏ لقد تعلّمنا في الفصل السابق ان يسوع كان متواضعا وحليما جدا،‏ لذلك دُعي بحقّ ‹الحمل›.‏ (‏يوحنا ١:‏٢٩‏)‏ إلا ان ابن الله يتحلى ايضا بالشجاعة،‏ لذلك يصفه الكتاب المقدس وصفا مختلفا جدا اذ يقول عنه:‏ «هوذا الاسد الذي من سبط يهوذا».‏ —‏ رؤيا ٥:‏٥‏.‏

      ٥ غالبا ما يُربَط الاسد بالشجاعة.‏ فهل نظرتَ ذات مرة الى اسد وجها لوجه؟‏ على الارجح،‏ كان هنالك سياج يفصل بينك وبينه في حديقة الحيوانات.‏ رغم ذلك،‏ فإن مواجهة هذا المخلوق الضخم والقوي تلقي الرعب في القلوب.‏ فعندما تتفرس في وجه الاسد ويحدِّق هو اليك،‏ لا يعقل ان تتصور ان ايّ شيء يمكن ان يجعله يهرب مذعورا.‏ فالكتاب المقدس يقول عنه انه «جبار البهائم الذي لا يرجع من قدام احد».‏ (‏امثال ٣٠:‏٣٠‏)‏ هكذا هي بالضبط شجاعة المسيح.‏

      ٦ فلنناقش الآن كيف اعرب يسوع عن شجاعة كشجاعة الاسد بثلاث طرائق:‏ الدفاع عن الحق،‏ تأييد العدل،‏ ومواجهة المقاومة.‏ وسنرى ايضا ان في مقدورنا جميعا —‏ سواء كانت الشجاعة من طبعنا ام لا —‏ الاقتداء بيسوع في إظهار الشجاعة.‏

      دافع عن الحق بشجاعة

      ٧-‏٩ (‏أ)‏ ماذا حدث عندما كان يسوع بعمر ١٢ سنة،‏ وماذا يُشعرك بالرهبة لو كنت مكانه؟‏ (‏ب)‏ كيف اعرب يسوع عن الشجاعة عند التعامل مع المعلمين في الهيكل؟‏

      ٧ غالبا ما تلزم الشجاعة للدفاع عن الحق في هذا العالم الذي يحكمه الشيطان،‏ «ابو الكذب».‏ (‏يوحنا ٨:‏٤٤؛‏ ١٤:‏٣٠‏)‏ وقد تمكن يسوع من الدفاع عن الحق حتى قبل بلوغه سن الرشد.‏ فعندما كان بعمر ١٢ سنة،‏ ترك والدَيه بعد عيد الفصح في اورشليم.‏ ولما افتقده يوسف ومريم،‏ انتابهما القلق وبحثا عنه طوال ثلاثة ايام حتى وجداه اخيرا في الهيكل.‏ وماذا كان يفعل هناك؟‏ كان «جالسا وسط المعلمين،‏ يسمعهم ويسألهم».‏ (‏لوقا ٢:‏​٤١-‏٥٠‏)‏ تأمل في الوضع.‏

      ٨ يقول المؤرخون ان بعضا من ابرز القادة الدينيين كانوا يبقون عادة في الهيكل بعد الاعياد ويعلّمون في احد الاروقة الفسيحة هناك،‏ فيما الناس يجلسون عند اقدامهم للاستماع وطرح الاسئلة.‏ وكان هؤلاء المعلمون رجالا واسعي المعرفة،‏ اذ انهم كانوا متضلعين من الشريعة الموسوية والشرائع والتقاليد البشرية المعقدة الكثيرة التي تراكمت على مرّ السنين.‏ فكيف كنت ستشعر لو كنت جالسا في وسطهم؟‏ هل كانت ستستولي عليك الرهبة؟‏ هذا امر طبيعي.‏ وماذا لو كان عمرك ١٢ سنة فقط؟‏ كثيرون من الاحداث هم خجولون.‏ (‏ارميا ١:‏٦‏)‏ فالبعض لا يألون جهدا لتجنب لفت انتباه معلميهم في المدرسة خوفا من ان يُطلب منهم القيام بأمر ما،‏ ان تُسلَّط عليهم الاضواء،‏ او ان يتعرضوا للاحراج او الاستهزاء.‏

      ٩ رغم ذلك،‏ نجد يسوع جالسا في وسط هؤلاء الرجال الواسعي المعرفة،‏ يطرح عليهم دون خوف اسئلة عميقة.‏ لكنه لم يتوقف عند هذا الحد.‏ تخبرنا الرواية:‏ «كان كل الذين يسمعونه مبهوتين من فهمه وأجوبته».‏ (‏لوقا ٢:‏٤٧‏)‏ صحيح ان الكتاب المقدس لا يخبرنا ما قاله آنذاك،‏ لكننا على يقين انه لم يردّد الاكاذيب المتداولة بين اولئك المعلمين الدينيين.‏ (‏١ بطرس ٢:‏٢٢‏)‏ بل دافع عن حق كلمة الله،‏ فبُهت سامعوه حين رأوا غلاما بعمر ١٢ سنة يتكلم بهذه الطريقة التي تنمّ عن نفاذ البصيرة والشجاعة.‏

      شابة مسيحية تخبر معلِّمتها عن ايمانها

      يخبر شباب مسيحيون كثيرون الآخرين بإيمانهم

      ١٠ كيف يقتدي الاحداث المسيحيون اليوم بشجاعة يسوع؟‏

      ١٠ واليوم،‏ يتبع احداث مسيحيون كثيرون خطى يسوع.‏ ورغم انهم ليسوا كاملين مثله،‏ لكنهم يؤيدون الحق قبل بلوغهم سن الرشد تماما كما فعل هو.‏ فهم يطرحون الاسئلة على الناس في المدرسة او في محيطهم،‏ يستمعون اليهم،‏ ويخبرونهم بالحق باحترام.‏ (‏١ بطرس ٣:‏١٥‏)‏ وعموما،‏ يساعد الاحداث المسيحيون رفقاء صفهم ومعلميهم وجيرانهم ان يصيروا أتباعا للمسيح.‏ وكم يفرح يهوه بشجاعتهم!‏ فكلمته تشبّههم بقطرات الندى المنعشة والمسرّة التي لا تعدّ ولا تحصى.‏ —‏ مزمور ١١٠:‏٣‏.‏

      ١١،‏ ١٢ كيف اظهر يسوع الشجاعة في الدفاع عن الحق بعدما بلغ سن الرشد؟‏

      ١١ بعدما بلغ يسوع سن الرجولة،‏ اظهر تكرارا الشجاعة في الدفاع عن الحق.‏ فقد استهل خدمته بمواجهة يعتبرها كثيرون مخيفة،‏ اذ اضطر الى مواجهة الشيطان الذي هو اقوى وأخطر اعداء يهوه.‏ ولكنه في هذه المرة كان انسانا من لحم ودم وليس رئيس ملائكة.‏ وقد صدّ يسوع الشيطان وأحبط محاولته لإساءة تطبيق كلمات الاسفار المقدسة الموحى بها.‏ واختتم هذه المواجهة بأمره بكل جرأة:‏ «اذهب يا شيطان!‏».‏ —‏ متى ٤:‏​٢-‏١١‏.‏

      ١٢ وبذلك اعطى يسوع مثالا مصغَّرا عن خدمته،‏ اذ دافع ببسالة عن كلمة ابيه في وجه محاولات الشيطان لتحريفها او تطبيقها بشكل خاطئ.‏ ففي ذلك الزمان،‏ تماما كما هي الحال اليوم،‏ كان الخداع الديني متفشيا جدا.‏ قال يسوع للقادة الدينيين في ايامه:‏ «تُبطلون كلمة الله بتقليدكم الذي تناقلتموه».‏ (‏مرقس ٧:‏١٣‏)‏ ففي حين ان الشعب كانوا يبجّلون هؤلاء الرجال،‏ شهّر بهم يسوع دون خوف واصفا اياهم بأنهم قادة عميان ومراؤون.‏a (‏متى ٢٣:‏​١٣،‏ ١٦‏)‏ فكيف يمكننا الاقتداء بمثال يسوع الشجاع؟‏

      ١٣ ماذا يلزم ان نتذكر اذا اردنا الاقتداء بيسوع،‏ ولكن ايّ امتياز نحظى به؟‏

      ١٣ طبعا،‏ نحن نتذكر اننا لا نملك قدرة يسوع على معرفة ما في القلوب ولا السلطة المفوّضة اليه للدينونة.‏ رغم ذلك،‏ في مقدورنا الاقتداء بجرأته في الدفاع عن الحق.‏ مثلا،‏ بفضح الاكاذيب الدينية التي تُعلَّم عن الله ومقاصده وكلمته،‏ نضيء كأنوار في هذا العالم الغارق في الظلمة بسبب الدعاية الكاذبة التي يروّجها الشيطان.‏ (‏متى ٥:‏١٤؛‏ رؤيا ١٢:‏​٩،‏ ١٠‏)‏ وهكذا نساهم في تحرير الناس من العبودية للتعاليم الباطلة التي تملأ قلوبهم خوفا شديدا من الله وتعيقهم عن تنمية علاقة به.‏ فما اعظم امتيازنا ان نشهد اتمام وعد يسوع:‏ «الحق يحرّركم»!‏ —‏ يوحنا ٨:‏٣٢‏.‏

      ايّد العدل بشجاعة

      ١٤،‏ ١٥ (‏أ)‏ ما هي احدى الطرائق التي اوضح يسوع بواسطتها ما هو «العدل»؟‏ (‏ب)‏ اية مواقف متحاملة رفضها يسوع حين تكلم مع المرأة السامرية؟‏

      ١٤ انبأت نبوة الكتاب المقدس بأن المسيّا سيوضح للامم ما هو «العدل».‏ (‏متى ١٢:‏١٨؛‏ اشعيا ٤٢:‏١‏)‏ وهذا ما ابتدأ يسوع يفعله دون شك حين كان هنا على الارض.‏ فبمنتهى الشجاعة،‏ كان على الدوام عادلا وغير متحيز في تعاملاته مع الناس.‏ على سبيل المثال،‏ رفض ان يتبنى المواقف المتحاملة والمتعصبة غير المنسجمة مع الاسفار المقدسة التي كانت متفشية جدا في العالم حوله.‏

      ١٥ فعندما تكلّم مع امرأة سامرية عند بئر سوخار،‏ اندهش تلاميذه.‏ لماذا؟‏ لأن اليهود في تلك الايام كانوا عموما يكنون للسامريين كراهية يرجع تاريخها الى زمن بعيد.‏ (‏عزرا ٤:‏٤‏)‏ علاوة على ذلك،‏ كان بعض الربّانيين ينظرون الى النساء نظرة احتقار.‏ فالقواعد الربّانية،‏ التي دُوِّنت لاحقا،‏ نهت الرجل عن التحدث الى امرأة؛‏ حتى انها اعطت الانطباع ان النساء لسن جديرات بتعلم شريعة الله.‏ كما اعتُبرت النساء السامريات بشكل خاص نجسات.‏ لكنَّ يسوع رفض هذه المواقف المتحاملة الظالمة وعلّم علانية المرأة السامرية (‏التي كانت تعيش حياة فاسدة ادبيا)‏،‏ حتى انه كشف لها انه المسيَّا.‏ —‏ يوحنا ٤:‏​٥-‏٢٧‏.‏

      ١٦ لماذا يحتاج المسيحيون الى الشجاعة ليكونوا مختلفين في مجال التحامل؟‏

      ١٦ هل حدث ان كنت ذات مرة مع اشخاص يمتلكون صفة التحامل الكريهة؟‏ فلربما من عادتهم ان يسخروا من الناس الذين ينتمون الى عرق او امة اخرى،‏ يتكلموا باحتقار عن الجنس الآخر،‏ او يزدروا بالذين هم من طبقة اجتماعية او اقتصادية مختلفة.‏ لكنّ أتباع المسيح لا يتبنون وجهات النظر البغيضة هذه ويبذلون قصارى جهدهم لاستئصال ايّ اثر للتحامل من قلوبهم.‏ (‏اعمال ١٠:‏٣٤‏)‏ لذلك على كلٍّ منا ان ينمي الشجاعة للاعراب عن العدل في هذا المجال.‏

      ١٧ ايّ اجراء اتّخذه يسوع في الهيكل،‏ ولماذا؟‏

      ١٧ دفعت الشجاعة ايضا يسوع الى المحافظة على طهارة شعب الله وترتيب العبادة النقية.‏ ففي بداية خدمته،‏ دخل الى منطقة الهيكل في اورشليم فصعقه منظر التجار والصيارفة الذين كانوا يزاولون تجارتهم هناك.‏ وإذ امتلأ سخطا مبرّرا،‏ طرد هؤلاء الرجال الجشعين ورمى بضائعهم.‏ (‏يوحنا ٢:‏​١٣-‏١٧‏)‏ كما انه قام بعمل مماثل في اواخر خدمته.‏ (‏مرقس ١١:‏​١٥-‏١٨‏)‏ لا شك ان البعض صاروا من الدّ اعدائه بسبب هذه الاعمال،‏ لكنّ ذلك لم يثنه عن عزمه.‏ لماذا؟‏ منذ الطفولية،‏ كان يسوع يدعو هذا الهيكل بيت ابيه،‏ وقد تصرف بالفعل وفقا لذلك.‏ (‏لوقا ٢:‏٤٩‏)‏ فتلويث العبادة النقية المقدَّمة هناك يتنافى مع العدل،‏ امر لم يستطع يسوع التغاضي عنه.‏ وقد بثّت فيه غيرته الشجاعة لاتخاذ الاجراء المناسب.‏

      ١٨ كيف يُظهر مسيحيون كثيرون اليوم الشجاعة في ما يختص بطهارة الجماعة؟‏

      ١٨ على نحو مماثل،‏ يولي أتباع المسيح اهتماما كبيرا لطهارة شعب الله وترتيب العبادة النقية.‏ فإذا عرفوا ان احد الرفقاء المسيحيين ارتكب خطية خطيرة،‏ فهم لا يتعامون عن الخطإ،‏ بل يتكلمون مع الشخص او الشيوخ بشجاعة.‏ (‏١ كورنثوس ١:‏١١‏)‏ وهم يحرصون ان يجري إعلام شيوخ الجماعة بالامر.‏ فبإمكان الشيوخ ان يساعدوا المرضى روحيا ويتّخذوا الاجراء للمحافظة على طهارة خراف يهوه.‏ —‏ يعقوب ٥:‏​١٤،‏ ١٥‏.‏

      ١٩،‏ ٢٠ (‏أ)‏ اية مظالم كانت متفشية في ايام يسوع،‏ وأيّ ضغط تعرّض له؟‏ (‏ب)‏ لماذا يرفض أتباع المسيح التدخل في السياسة والعنف،‏ وما هي احدى المكافآ‌ت التي يحصدونها بسبب موقفهم هذا؟‏

      ١٩ ولكن هل يعني ما ورد آنفا ان يسوع ناضل لرفع الظلم عن المجتمع ككل؟‏ لا شك انه رأى الكثير من المظالم حوله.‏ فالقوات الاجنبية كانت تحتل وطنه.‏ وكان الرومان يقمعون اليهود بواسطة قواتهم المسلحة،‏ يفرضون عليهم ضرائب باهظة،‏ ويتدخلون في عاداتهم الدينية.‏ فلا عجب ان كثيرين آنذاك ارادوا ان يتدخل يسوع في السياسة.‏ (‏يوحنا ٦:‏​١٤،‏ ١٥‏)‏ لكنه اضطر مرة اخرى ان يعرب عن الشجاعة.‏

      ٢٠ اوضح يسوع ايضا ان ملكوته ليس جزءا من العالم.‏ وبمثاله،‏ علّم أتباعه ألا يتدخلوا في الصراعات السياسية في ايامهم وأن يركّزوا بدلا من ذلك على الكرازة ببشارة ملكوت الله.‏ (‏يوحنا ١٧:‏١٦؛‏ ١٨:‏٣٦‏)‏ فعلّمهم درسا لا ينسى عن الحياد عندما اتى الرعاع لإلقاء القبض عليه.‏ فقد اتّخذ بطرس اجراء فوريا حين استل سيفه وجرح احد الرجال.‏ من السهل تبرير ما فعله بطرس.‏ فالمناسبة الوحيدة التي يمكن ان يبدو فيها العنف مبرّرا هي تلك الليلة حين هوجم ابن الله البريء.‏ لكنّ يسوع وضع في تلك اللحظة المقياس الذي يجب ان يسلك بموجبه أتباعه الارضيون حتى ايامنا هذه.‏ فقد قال:‏ «رد سيفك الى مكانه،‏ لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون».‏ (‏متى ٢٦:‏​٥١-‏٥٤‏)‏ ولا شك ان المحافظة على موقف مسالم تطلبت من أتباع المسيح إظهار الشجاعة،‏ تماما كما هي الحال اليوم.‏ فشعب الله في ايامنا يحافظون على الحياد المسيحي.‏ لذلك لديهم سجل نظيف في ما يتعلق بالحروب،‏ المحرقات،‏ الابادات الجماعية،‏ الثورات،‏ وغيرها من اعمال العنف الكثيرة التي تجري في ايامنا.‏ وهذا السجل الرائع هو احدى المكافآ‌ت التي يحصدونها بسبب شجاعتهم.‏

      واجه المقاومة بشجاعة

      ٢١،‏ ٢٢ (‏أ)‏ اية مساعدة نالها يسوع قبل مواجهة اقسى محنة في حياته؟‏ (‏ب)‏ كيف بقي يسوع شجاعا حتى النهاية؟‏

      ٢١ عرف ابن الله مسبقا انه سيواجه المقاومة الشرسة هنا على الارض.‏ (‏اشعيا ٥٠:‏​٤-‏٧‏)‏ فقد واجه عدة مرات التهديد بالموت،‏ وكانت ذروة هذه التهديدات الحادثة الموصوفة في مستهل هذا الفصل.‏ فكيف حافظ يسوع على شجاعته في وجه هذه المخاطر؟‏ فكّر:‏ ماذا كان يسوع يفعل قبل مجيء الرعاع لإلقاء القبض عليه؟‏ كان يصلّي بحرارة الى يهوه.‏ وماذا فعل يهوه؟‏ يخبرنا الكتاب المقدس انه «استُجيب له».‏ (‏عبرانيين ٥:‏٧‏)‏ فقد ارسل يهوه ملاكا من السماء لتقوية ابنه الشجاع.‏ —‏ لوقا ٢٢:‏​٤٢،‏ ٤٣‏.‏

      ٢٢ بعيد ذلك،‏ قال يسوع لرسله:‏ «قوموا لنذهب».‏ (‏متى ٢٦:‏٤٦‏)‏ تأمل في الشجاعة التي تنمّ عنها هذه الكلمات.‏ فقد قال:‏ «لنذهب» مع علمه انه سيطلب من الرعاع عدم اذية اصدقائه،‏ وأن هؤلاء العشراء سيهربون ويتخلون عنه،‏ وأنه سيذهب وحيدا لمواجهة اقسى محنة في حياته.‏ فوحيدا واجه المحاكمة الظالمة غير القانونية،‏ الاستهزاء،‏ التعذيب،‏ والموت الاليم.‏ ولكن خلال كل هذه المحنة،‏ لم تخنه شجاعته.‏

      ٢٣ اوضِح لماذا لم يكن يسوع متهورا حين واجه الخطر والتهديد بالموت.‏

      ٢٣ وهل كان يسوع متهورا؟‏ كلا،‏ فالتهور بعيد كل البعد عن الشجاعة الحقيقية.‏ لقد علّم يسوع أتباعه ان يكونوا حذرين،‏ وذلك بأن يبتعدوا بحكمة عن الخطر كي يتمكنوا من الاستمرار في فعل مشيئة الله.‏ (‏متى ٤:‏١٢؛‏ ١٠:‏١٦‏)‏ ولكن في هذه الحالة،‏ عرف يسوع انه ما من سبيل للتراجع وأدرك ما تشمله مشيئة الله.‏ لذلك كان مصمّما ان يحافظ على استقامته.‏ فالخيار الوحيد المتاح امامه كان المضي قدما ومواجهة التجربة.‏

      ثلاثة من شهود يهوه بعد أن خرجوا من معسكر اعتقال

      اظهر شهود يهوه الشجاعة في وجه الاضطهاد

      ٢٤ لماذا يمكننا الثقة انه بإمكاننا التحلي بالشجاعة في وجه اية تجربة قد تواجهنا؟‏

      ٢٤ يسير أتباع يسوع بشجاعة على خطى سيدهم.‏ فكثيرون يصمدون في وجه الاستهزاء،‏ الاضطهاد،‏ الاعتقال،‏ السجن،‏ التعذيب،‏ حتى الموت.‏ فمن اين لهؤلاء البشر الناقصين هذه الشجاعة؟‏ انها ليست صفة فطرية لديهم.‏ فهم ينالون المساعدة من الله،‏ تماما كما نالها يسوع.‏ (‏فيلبي ٤:‏١٣‏)‏ لذلك لا تخف ابدا مهما كان ما يخبئه لك المستقبل.‏ صمّم ان تحافظ على استقامتك،‏ فيمنحك يهوه الشجاعة اللازمة.‏ واستمدّ القوة من مثال قائدنا يسوع الذي قال:‏ «تشجعوا!‏ انا قد غلبت العالم».‏ —‏ يوحنا ١٦:‏٣٣‏.‏

      a لاحظ المؤرخون ان قبور الربّانيين كانت تكرَّم مثلما كُرِّمت قبور الانبياء والآباء الاجلاء.‏

      كيف يمكنك ان تتبع يسوع؟‏

      •  كيف يساعدك مثال يسوع على التكلم بشجاعة،‏ حتى لو انزعج الناس من الحقائق التي تتكلم بها؟‏ —‏ يوحنا ٨:‏​٣١-‏٥٩‏.‏

      •  لماذا لا ينبغي ابدا ان ندَع الخوف الشديد من الشيطان وأبالسته يمنعنا من مساعدة الآخرين؟‏ —‏ متى ٨:‏​٢٨-‏٣٤؛‏ مرقس ١:‏​٢٣-‏٢٨‏.‏

      •  لماذا ينبغي ان نكون على استعداد لإظهار الرأفة للمظلومين رغم اننا سنتعرّض للاضطهاد؟‏ —‏ يوحنا ٩:‏​١،‏ ٦،‏ ٧،‏ ٢٢-‏٤١‏.‏

      •  كيف استمد يسوع العون لمواجهة التجارب من رجائه بالمستقبل،‏ وكيف يمكنك ان تستمد الشجاعة من رجائك؟‏ —‏ يوحنا ١٦:‏٢٨؛‏ ١٧:‏٥؛‏ عبرانيين ١٢:‏٢‏.‏

  • ‏«جميع كنوز الحكمة»‏
    ‏«تعالَ اتبعني»‏
    • الفصل ٥

      ‏«جميع كنوز الحكمة»‏

      ١-‏٣ ما هي خلفية الموعظة التي ألقاها يسوع ذات يوم من ايام الربيع في سنة ٣١ ب‌م،‏ ولماذا ذهل مستمعوه؟‏

      ذات يوم من ايام الربيع في سنة ٣١ ب‌م،‏ كان يسوع قرب كفرناحوم،‏ مدينة ناشطة على الشواطئ الشمالية الغربية لبحر الجليل.‏ وكان قد صلّى الليل كلّه بمفرده على جبل مجاور.‏ ولما طلع الصباح،‏ دعا تلاميذه واختار منهم اثني عشر سمّاهم رسلا.‏ في هذه الاثناء،‏ اتت جموع كثيرة —‏ قطع البعض منهم مسافات طويلة —‏ الى هذا الموقع وتجمعوا في مكان مستوٍ على الجبل.‏ وكانوا متشوقين لسماع اقواله والشفاء من اسقامهم.‏ ويسوع لم يخيّب املهم.‏ —‏ لوقا ٦:‏​١٢-‏١٩‏.‏

      ٢ فقد اقترب من الجموع وشفى كل مرضاهم.‏ وعندما لم يعُد احد بينهم يعاني من ايّ مرض خطير،‏ جلس وبدأ يعلّمهم.‏a ولا شكّ ان كلماته التي تفوه بها في الهواء الطلق في ذلك اليوم الربيعي ادهشت مستمعيه.‏ فلم يسمعوا قط في حياتهم شخصا يعلّم كما يعلّم هو.‏ ويسوع لم يقتبس من التقاليد الشفهية او الربّانيين اليهود المشهورين بغية اعطاء اهمية لتعاليمه،‏ بل استشهد تكرارا من الاسفار العبرانية الموحى بها.‏ كما ان رسالته كانت مباشرة،‏ كلماته بسيطة،‏ وقصده واضحا.‏ وقد ذهلت الجموع عندما انتهى من تعليمه.‏ وهذا امر متوقّع اذ انهم كانوا يصغون الى احكم رجل عاش على الاطلاق.‏ —‏ متى ٧:‏​٢٨،‏ ٢٩‏.‏

      يسوع يعطي الموعظة على الجبل امام جمع كبير

      ‏«ذهلت الجموع من طريقة تعليمه»‏

      ٣ سُجِّلت هذه الموعظة في كلمة الله اضافة الى الكثير من اقوال يسوع الاخرى وأعماله.‏ ويحسن بنا ان نفحص بدقة ما يقوله السجل الموحى به عن يسوع،‏ لأن فيه «جميع كنوز الحكمة».‏ (‏كولوسي ٢:‏٣‏)‏ فمن اين له كل هذه الحكمة،‏ اي القدرة على وضع المعرفة والفهم موضع العمل؟‏ وكيف اعرب عن الحكمة،‏ وكيف يمكننا الاقتداء بمثاله؟‏

      ‏«من اين له هذه الحكمة؟‏»‏

      ٤ ايّ سؤال طرحه مستمعو يسوع في الناصرة،‏ ولماذا؟‏

      ٤ قام يسوع خلال احدى جولاته الكرازية بزيارة الناصرة،‏ المدينة التي ترعرع فيها،‏ وابتدأ يعلّم في المجمع.‏ فاندهش كثيرون من مستمعيه وتساءلوا:‏ «من اين له هذه الحكمة؟‏».‏ فكانوا يعرفون عائلته —‏ والديه وأشقاءه —‏ ويعلمون انه تربى في بيئة متواضعة.‏ (‏متى ١٣:‏​٥٤-‏٥٦؛‏ مرقس ٦:‏​١-‏٣‏)‏ ولا شكّ انهم عرفوا ايضا ان هذا النجار الفصيح لم يتعلم في ايٍّ من المدارس الربّانية المحترَمة.‏ (‏يوحنا ٧:‏١٥‏)‏ لذلك بدا ان تساؤلهم منطقي.‏

      ٥ ماذا كشف يسوع عن مصدر حكمته؟‏

      ٥ ان الحكمة التي اعرب عنها يسوع لم تكن من نتاج عقله الكامل فقط.‏ فعندما كان يعلّم علنا في الهيكل في وقت لاحق خلال خدمته،‏ كشف ان حكمته هي من مصدر اسمى بكثير.‏ قال:‏ «ما أعلّمه ليس لي،‏ بل للذي أرسلني».‏ (‏يوحنا ٧:‏١٦‏)‏ نعم،‏ ان المصدر الحقيقي لحكمة يسوع هو الآب الذي ارسله.‏ (‏يوحنا ١٢:‏٤٩‏)‏ ولكن كيف نال يسوع الحكمة من يهوه؟‏

      ٦،‏ ٧ بأية طريقتين نال يسوع الحكمة من ابيه؟‏

      ٦ كان روح يهوه يعمل في عقل يسوع وقلبه.‏ انبأ اشعيا عن يسوع،‏ المسيَّا الموعود به:‏ «يحلّ عليه روح يهوه،‏ روح الحكمة والفهم،‏ روح المشورة والقدرة،‏ روح المعرفة ومخافة يهوه».‏ (‏اشعيا ١١:‏٢‏)‏ فإذا كان روح يهوه يرشد تفكير يسوع وقراراته،‏ فهل هو غريب ان تنمّ كلماته وأعماله عن حكمة فائقة؟‏!‏

      ٧ ونال يسوع ايضا الحكمة من ابيه بطريقة مهمة اخرى.‏ فكما رأينا في الفصل ٢‏،‏ أُتيحت ليسوع فرصة تشرّب افكار ابيه خلال وجوده السابق لبشريته الذي دام دهورا لا تُحصى.‏ ولا يمكننا تخيّل عمق الحكمة التي اكتسبها الابن حين استخدمه ابوه ‹كعامل ماهر› في صنع سائر الاشياء،‏ الحية والجامدة.‏ لسبب وجيه اذًا يوصف الابن في وجوده السابق لبشريته بأنه الحكمة المجسَّمة.‏ (‏امثال ٨:‏​٢٢-‏٣١؛‏ كولوسي ١:‏​١٥،‏ ١٦‏)‏ وخلال خدمته،‏ تمكن من استخدام حكمته التي اكتسبها عندما كان الى جانب ابيه في السماء.‏b (‏يوحنا ٨:‏​٢٦،‏ ٢٨،‏ ٣٨‏)‏ لذلك لا نستغرب سعة المعرفة وعمق الفهم اللذين عكستهما كلمات يسوع او حسن التمييز الواضح في كل عمل قام به.‏

      ٨ كيف يمكننا نحن أتباع يسوع ان ننال الحكمة؟‏

      ٨ كأتباع ليسوع،‏ يلزم ان نلجأ نحن ايضا الى يهوه،‏ مصدر الحكمة.‏ (‏امثال ٢:‏٦‏)‏ طبعا،‏ ان يهوه لا يمنحنا الحكمة بطريقة عجائبية.‏ لكنه يستجيب صلواتنا المخلصة طلبا للحكمة اللازمة لتخطي صعوبات الحياة.‏ (‏يعقوب ١:‏٥‏)‏ ولنيل هذه الحكمة،‏ يلزم ان نبذل جهدا دؤوبا.‏ فيجب ان نستمر في البحث عنها «كالكنوز الدفينة».‏ (‏امثال ٢:‏​١-‏٦‏)‏ نعم،‏ ينبغي ان نداوم على التنقيب في كلمة الله التي تكشف لنا حكمته وأن نحيا وفق ما نتعلمه.‏ ومثال ابن يهوه قيّم جدا لمساعدتنا على اقتناء الحكمة.‏ فلنستعرض الآن عدة مجالات اعرب فيها يسوع عن الحكمة ولنتعلم كيف يمكننا الاقتداء به.‏

      كلمات حكمة

      اخ يقوم بدرسه الشخصي

      يكشف الكتاب المقدس حكمة الله

      ٩ ماذا جعل تعاليم يسوع تنمّ الى هذا الحدّ عن الحكمة؟‏

      ٩ تقاطر الناس بأعداد كبيرة الى يسوع لسماع اقواله.‏ (‏مرقس ٦:‏​٣١-‏٣٤؛‏ لوقا ٥:‏​١-‏٣‏)‏ وهذا ليس غريبا.‏ فحين كان يسوع يتكلم،‏ كانت كلمات حكمة فائقة تصدر من فمه.‏ فقد عكست كلماته معرفة عميقة لكلمة الله وقدرة لا تُضاهى على بلوغ صميم الامور.‏ كما ان تعاليمه تجتذب الناس من كل مكان وتنطبق في ايّ زمان.‏ تأمل في بعض الامثلة للحكمة التي تنمّ عنها كلمات يسوع،‏ ‹المشير العجيب› المنبإ به.‏ —‏ اشعيا ٩:‏٦‏.‏

      ١٠ اية صفات جيدة يحثّنا يسوع ان ننمّيها،‏ ولماذا؟‏

      ١٠ تحتوي الموعظة على الجبل المشار اليها في مستهل المقالة على اكبر مجموعة تعاليم ليسوع مدوّنة في الكتاب المقدس لا يتخللها اي سرد لحوادث او تعليقات لأشخاص آخرين.‏ وفي هذه الموعظة،‏ لا ينصحنا يسوع فقط بأن نتكلم ونتصرف بشكل لائق.‏ فمشورته هي اعمق بكثير.‏ فإذ ادرك ان الاقوال والتصرفات هي وليدة الافكار والمشاعر،‏ يحثّنا ان ننمي صفات جيدة لها علاقة بعقلنا وقلبنا مثل الوداعة،‏ الجوع الى البر،‏ الرحمة والطبع المسالم،‏ والمحبة للآخرين.‏ (‏متى ٥:‏​٥-‏٩،‏ ٤٣-‏٤٨‏)‏ وتنمية صفات كهذه في قلبنا تنتج اقوالا وتصرفات سليمة لا ترضي يهوه فحسب،‏ بل تعزّز ايضا العلاقات الجيدة مع رفقائنا البشر.‏ —‏ متى ٥:‏١٦‏.‏

      ١١ كيف يبلغ يسوع صميم الامور عندما يقدّم مشورة بشأن التصرفات الخاطئة؟‏

      ١١ عندما يقدّم يسوع المشورة بشأن التصرفات الخاطئة،‏ يبلغ صميم الامور.‏ فهو لا يقول لنا ان نمتنع عن الاعمال العنيفة فقط،‏ بل يحذِّرنا من إضمار الغضب في قلبنا.‏ (‏متى ٥:‏​٢١،‏ ٢٢؛‏ ١ يوحنا ٣:‏١٥‏)‏ وهو لا يمنعنا من الزنى فحسب،‏ بل يحذِّرنا من المشاعر التي تبدأ في القلب وتؤدي الى عمل خيانة كهذا.‏ فهو يحضّنا ألا نسمح لعينَينا بأن تثيرا فينا رغبة خاطئة وشهوة جنسية.‏ (‏متى ٥:‏​٢٧-‏٣٠‏)‏ وهكذا نرى ان يسوع يعالج الاسباب وليس الاعراض فقط،‏ اذ يلفت الانتباه الى المواقف والرغبات التي تولِّد الاعمال الخاطئة.‏ —‏ مزمور ٧:‏١٤‏.‏

      ١٢ كيف ينظر أتباع يسوع الى مشورته،‏ ولماذا؟‏

      ١٢ ما اعظم الحكمة التي تنمّ عنها كلمات يسوع!‏ فلا عجب اذًا ان ‹الجموع ذهلت من طريقة تعليمه›.‏ (‏متى ٧:‏٢٨‏)‏ وكأتباع له،‏ نحن نعتبر مشورته الحكيمة مرشدا لنا في حياتنا.‏ فنحن نسعى الى تنمية الصفات الايجابية التي اوصانا بها —‏ مثل الرحمة،‏ الطبع المسالم،‏ والمحبة —‏ عالمين اننا بذلك نضع اساسا للتصرفات التي ترضي الله.‏ كما اننا نحاول ان نستأصل من قلبنا المشاعر والرغبات الخاطئة التي حذّرنا منها —‏ مثل الغضب الشديد والرغبات الفاسدة ادبيا —‏ عالمين ان ذلك سيساعدنا على تجنُّب التصرفات الخاطئة.‏ —‏ يعقوب ١:‏​١٤،‏ ١٥‏.‏

      طريقة حياة توجّهها الحكمة

      ١٣،‏ ١٤ ماذا يُظهِر ان يسوع استخدم حسن التمييز في اختيار مسلك حياته؟‏

      ١٣ لم يُظهِر يسوع الحكمة بالقول فقط،‏ بل بالعمل ايضا.‏ فقد اعرب في كامل مسلك حياته —‏ قراراته،‏ نظرته الى نفسه،‏ وتعاملاته مع الآخرين —‏ عن الحكمة بكل اوجهها الرائعة.‏ فلنتأمل في بعض الامثلة التي تُظهِر ان يسوع كانت توجّهه «الحكمة العملية والمقدرة التفكيرية».‏ —‏ امثال ٣:‏٢١‏.‏

      ١٤ تشمل الحكمة الحكم السليم.‏ وقد استخدم يسوع حسن التمييز في اختيار مسلك حياته.‏ فهل يمكنك ان تتخيل الحياة التي كان بإمكانه ان يعيشها:‏ البيت الذي كان باستطاعته ان يبنيه،‏ الاعمال التجارية التي كان قادرا على تأسيسها،‏ او الشهرة التي كان في مقدوره ان يحققها؟‏ لكنَّ يسوع عرف ان الحياة المكرّسة لأهداف كهذه هي ‹باطلة وسعي وراء الريح›.‏ (‏جامعة ٤:‏٤؛‏ ٥:‏١٠‏)‏ فمسعى كهذا هو حماقة،‏ نقيض الحكمة.‏ لذلك اختار يسوع ان يبقي حياته بسيطة.‏ فلم يهتم بجني الارباح او تكديس الممتلكات المادية.‏ (‏متى ٨:‏٢٠‏)‏ بل عمل بموجب ما علّمه،‏ اذ ابقى عينه مركَّزة على هدف واحد:‏ فعل مشيئة الله.‏ (‏متى ٦:‏٢٢‏)‏ وقد اظهر يسوع الحكمة بتخصيص وقته وبذل طاقته لترويج مصالح الملكوت التي هي اهم بكثير من الامور المادية ومانحة الاكتفاء اكثر منها.‏ (‏متى ٦:‏​١٩-‏٢١‏)‏ وبذلك رسم مثالا جديرا بالاقتداء.‏

      ١٥ كيف يُظهِر أتباع يسوع انهم يُبقون عينهم بسيطة،‏ ولماذا هذا مسلك حكمة؟‏

      ١٥ يدرك أتباع يسوع اليوم الحكمة وراء ابقاء عينهم بسيطة.‏ لذلك يتجنبون الرزوح تحت الدَّين بلا لزوم وإرهاق انفسهم بمساعٍ دنيوية تتطلب الكثير من الوقت والجهد.‏ (‏١ تيموثاوس ٦:‏​٩،‏ ١٠‏)‏ فكثيرون يتّخذون الاجراءات لتبسيط حياتهم بحيث يتمكنون من تخصيص المزيد من الوقت للخدمة المسيحية،‏ ربما للخدمة كمنادين بالملكوت كامل الوقت.‏ ولا شكّ انه ما من مسلك احكم لاتّباعه،‏ لأن إبقاء مصالح الملكوت في مكانها الصحيح يُنتج اعظم سعادة واكتفاء.‏ —‏ متى ٦:‏٣٣‏.‏

      ١٦،‏ ١٧ (‏أ)‏ كيف اعرب يسوع انه محتشم ومنطقي في ما توقعه من نفسه؟‏ (‏ب)‏ كيف نُظهِر اننا محتشمون ومنطقيون في ما نتوقعه من انفسنا؟‏

      ١٦ يربط الكتاب المقدس الحكمة بالاحتشام،‏ الذي يشمل إدراك المرء حدوده.‏ (‏امثال ١١:‏٢‏)‏ ويسوع كان محتشما ومنطقيا في ما توقعه من نفسه.‏ فقد عرف انه لن يهدي جميع الذين سمعوا رسالته.‏ (‏متى ١٠:‏​٣٢-‏٣٩‏)‏ وأدرك ايضا ان عدد الذين سيتمكن هو شخصيا من الوصول اليهم هو محدود.‏ لذا فوّض بحكمة عمل التلمذة الى أتباعه.‏ (‏متى ٢٨:‏​١٨-‏٢٠‏)‏ واعترف باحتشام انهم ‹سيعملون اعمالا اعظم› من اعماله،‏ لأن كرازتهم ستبلغ اشخاصا اكثر وتشمل نطاقا اوسع وتمتد فترة زمنية اكبر.‏ (‏يوحنا ١٤:‏١٢‏)‏ كما انه ادرك حاجته الى المساعدة.‏ فقد قبِل مساعدة الملائكة الذين اتوا ليخدموه في البرية والملاك الذي اتى لتقويته في جتسيماني.‏ وحين كان ابن الله بأمسّ الحاجة الى العون،‏ صلّى وصرخ طلبا للمساعدة.‏ —‏ متى ٤:‏١١؛‏ لوقا ٢٢:‏٤٣؛‏ عبرانيين ٥:‏٧‏.‏

      ١٧ اليوم ايضا،‏ يجب علينا ان نكون محتشمين ومنطقيين في ما نتوقعه من انفسنا.‏ فنحن نريد حتما ان نعمل من كل النفس ونجتهد بقوة في عمل الكرازة والتلمذة.‏ (‏لوقا ١٣:‏٢٤؛‏ كولوسي ٣:‏٢٣‏)‏ ولكن علينا في الوقت نفسه ان نتذكر ان يهوه لا يقارننا واحدنا بالآخر،‏ الامر الذي لا يجب ان نفعله نحن ايضا.‏ (‏غلاطية ٦:‏٤‏)‏ والحكمة العملية تساعدنا على وضع اهداف منطقية تتلاءم مع قدراتنا وظروفنا.‏ اضافة الى ذلك،‏ تجعل الحكمة الذين يتولّون مراكز المسؤولية يعترفون بأن لديهم حدودا وأنهم يحتاجون الى المساعدة والدعم احيانا.‏ ويمكِّن الاحتشام هؤلاء الاشخاص من قبول المساعدة بامتنان،‏ مدركين ان يهوه قد يستخدم احد الرفقاء المؤمنين ليكون «عونا مقويا» لهم.‏ —‏ كولوسي ٤:‏١١‏.‏

      ١٨،‏ ١٩ (‏أ)‏ ماذا يُظهِر ان يسوع كان متعقلا وإيجابيا في تعاملاته مع تلاميذه؟‏ (‏ب)‏ لماذا لدينا سبب وجيه لنكون ايجابيين ومتعقلين في تعاملاتنا واحدنا مع الآخر،‏ وكيف يمكننا فعل ذلك؟‏

      ١٨ تقول يعقوب ٣:‏١٧ ان ‹الحكمة التي من فوق هي متعقلة›.‏ وقد كان يسوع متعقلا وإيجابيا في تعاملاته مع تلاميذه.‏ فرغم انه ادرك ضعفاتهم،‏ بحث عن الصفات الجيدة فيهم.‏ (‏يوحنا ١:‏٤٧‏)‏ ومع انه عرف انهم كانوا سيتركونه ليلة إلقاء القبض عليه،‏ لم يشكَّ في ولائهم.‏ (‏متى ٢٦:‏​٣١-‏٣٥؛‏ لوقا ٢٢:‏​٢٨-‏٣٠‏)‏ ورغم ان بطرس انكر معرفته بيسوع ثلاث مرات،‏ فقد تضرّع من اجله وعبّر عن ثقته بأمانته.‏ (‏لوقا ٢٢:‏​٣١-‏٣٤‏)‏ وفي آخر ليلة من حياته على الارض،‏ لم يركِّز في صلاته الى ابيه على الاخطاء التي ارتكبها تلاميذه.‏ بل تكلم ايجابيا عن مسلكهم حتى تلك الليلة،‏ قائلا:‏ «قد حفظوا كلمتك».‏ (‏يوحنا ١٧:‏٦‏)‏ ورغم نقائصهم،‏ عهد اليهم بعمل الكرازة بالملكوت والتلمذة.‏ (‏متى ٢٨:‏٢٠،‏١٩‏)‏ ولا شكّ ان ثقته بهم قوّتهم على انجاز هذا العمل الذي اوصاهم ان يقوموا به.‏

      ١٩ لدى أتباع يسوع سبب للاقتداء به في هذا المجال.‏ فإذا كان ابن الله الكامل صبورا في تعاملاته مع تلاميذه الناقصين،‏ فكم بالاحرى علينا نحن البشر الخطاة ان نكون متعقلين في تعاملاتنا واحدنا مع الآخر؟‏!‏ (‏فيلبي ٤:‏٥‏)‏ لذلك بدلا من التركيز على نقائص الرفقاء العبّاد،‏ يحسن بنا ان نبحث عن الصفات الجيدة فيهم.‏ ومن الحكمة ان نتذكر ان يهوه قد اجتذبهم اليه.‏ (‏يوحنا ٦:‏٤٤‏)‏ اذًا لا بد انه يرى بعض الصلاح فيهم،‏ الامر الذي يجب ان نفعله نحن ايضا.‏ فهذا الموقف الايجابي لن يساعدنا ‹ان نتغاضى عن الاخطاء› فحسب،‏ بل ان نبحث ايضا عن صفات يمكننا مدحهم عليها.‏ (‏امثال ١٩:‏١١‏،‏ الكتاب المقدس الانكليزي الجديد‏)‏ وعندما نُظهِر ثقتنا بإخوتنا وأخواتنا المسيحيين،‏ نساعدهم على بذل قصارى جهدهم في خدمة يهوه وإيجاد الفرح في هذه الخدمة.‏ —‏ ١ تسالونيكي ٥:‏١١‏.‏

      ٢٠ ماذا ينبغي ان نفعل بكنز الحكمة الموجود في روايات الاناجيل،‏ ولماذا؟‏

      ٢٠ ان روايات الاناجيل عن حياة يسوع وخدمته هي حقا كنز يزخر بالحكمة.‏ فماذا يجب ان نفعل بهذه الهدية النفيسة؟‏ في ختام الموعظة على الجبل،‏ حثّ يسوع مستمعيه ألا يسمعوا فقط اقواله الحكيمة بل ايضا ان يعملوا بها،‏ او يطبّقوها.‏ (‏متى ٧:‏​٢٤-‏٢٧‏)‏ فصَوْغ افكارنا ودوافعنا وأعمالنا وفق كلمات وأعمال يسوع الحكيمة سيساعدنا ان نعيش الحياة الفضلى الآن وأن نبقى سائرين في الطريق الذي يؤدي الى الحياة الابدية.‏ (‏متى ٧:‏​١٣،‏ ١٤‏)‏ وحتما،‏ ما من مسلك افضل او احكم من هذا.‏

      a صارت المحاضرة التي ألقاها يسوع ذلك اليوم تُدعى الموعظة على الجبل.‏ وهذه الموعظة،‏ كما هي مسجلة في متى ٥:‏٣–‏٧:‏٢٧‏،‏ تحتوي ١٠٧ اعداد ولا يستغرق إلقاؤها على الارجح سوى ٢٠ دقيقة تقريبا.‏

      b كما يبدو،‏ حين ‹انفتحت السموات› عند معمودية يسوع،‏ أُعيدت اليه ذكرياته المتعلقة بوجوده السابق لبشريته.‏ —‏ متى ٣:‏​١٣-‏١٧‏.‏

      كيف يمكنك ان تتبع يسوع؟‏

      •  ما هو مسلك الحكمة الذي يجب ان تتّخذه اذا شعرت انك اسأت الى احد الرفقاء المؤمنين؟‏ —‏ متى ٥:‏​٢٣،‏ ٢٤‏.‏

      •  كيف يمكن ان تساعدك كلمات يسوع على التجاوب بحكمة اذا تعرّضت للاهانة او الاستفزاز؟‏ —‏ متى ٥:‏​٣٨-‏٤٢‏.‏

      •  كيف يمكن للتأمل في كلمات يسوع ان يساعدك ان تحافظ على نظرة متزنة الى المال والممتلكات؟‏ —‏ متى ٦:‏​٢٤-‏٣٤‏.‏

      •  كيف يمكن ان يساعدك الاقتداء بمثال يسوع على اتّخاذ قرار حكيم عندما تضع الاولويات في حياتك؟‏ —‏ لوقا ٤:‏٤٣؛‏ يوحنا ٤:‏٣٤‏.‏

  • ‏«تعلَّمَ الطاعة»‏
    ‏«تعالَ اتبعني»‏
    • الفصل ٦

      ‏«تعلَّمَ الطاعة»‏

      ١،‏ ٢ لماذا يُسرّ الاب المحب حين يطيعه ابنه،‏ وكيف تكون مشاعره شبيهة بمشاعر يهوه؟‏

      يطلّ الاب من النافذة ليراقب ابنه الصغير وهو يلعب بالطابة مع بعض رفاقه في الحديقة.‏ وفيما هم يلعبون،‏ تثِب الطابة الى الشارع وتلاحقها عينا الصبي.‏ فيحثه احد رفاقه ان يخرج الى الشارع ويجلبها.‏ لكنَّ الصبي يهزّ رأسه ويقول:‏ «لا يسمح لي ابي ان افعل ذلك».‏ فيُسرّ الاب بسماع هذه الكلمات.‏

      ٢ لماذا؟‏ لأنه اوصى ابنه ألا يخرج الى الشارع وحده.‏ والابن يطيع اباه رغم عدم معرفته انه يراه.‏ وعندما يرى الاب ذلك،‏ يدرك ان ابنه يتعلّم الطاعة،‏ وهذا ما يجعله في مأمن.‏ ان مشاعر هذا الاب شبيهة بمشاعر ابينا السماوي يهوه.‏ فالله يعرف ان علينا تعلّم الاتكال عليه وإطاعته اذا اردنا ان نبقى امناء وأحياء لنرى المستقبل الرائع الذي يخبئه لنا.‏ (‏امثال ٣:‏​٥،‏ ٦‏)‏ لهذه الغاية،‏ ارسل لنا افضل معلّم على الاطلاق.‏

      ٣،‏ ٤ بأيّ معنى ‹تعلَّم يسوع الطاعة› و «كُمِّل»؟‏ أوضِح.‏

      ٣ يكشف لنا الكتاب المقدس امرا مذهلا عن يسوع حين يقول:‏ «مع كونه ابنا،‏ تعلَّمَ الطاعة مما تألم به.‏ وبعدما كُمِّل،‏ عُهِد اليه بالخلاص الابدي لجميع الذين يطيعونه».‏ (‏عبرانيين ٥:‏​٨،‏ ٩‏)‏ كان هذا الابن البكر موجودا في السماء منذ دهور لا تحصى.‏ وقد رأى الشيطان وملائكته العصاة يتمردون على الله،‏ لكنه لم ينضم اليهم.‏ وهكذا،‏ انطبقت عليه كلمات النبوة الموحى بها:‏ «انا لم اتمرد».‏ (‏اشعيا ٥٠:‏٥‏)‏ اذًا،‏ كيف يمكن القول ان عبارة «تعلَّمَ الطاعة» تنطبق على هذا الابن الذي امتلك طاعة كاملة؟‏ وكيف يمكن لمخلوق كامل ان ‹يُكمَّل›؟‏

      ٤ تأمل في المثل التالي.‏ لنفرض ان جنديا يملك سيفا حديديا متقن الصنع وحسن التصميم ولكن لم تجرِ تجربته في المعركة.‏ فيستبدله بسيف آخر مصنوع من معدن اقوى:‏ فولاذ صلب.‏ وهذا السيف الجديد سبق ان استُخدم في المعركة وكان فعّالا.‏ أوليس هذا امرا ينمّ عن الحكمة؟‏!‏ على نحو مماثل،‏ اعرب يسوع قبل مجيئه الى الارض عن طاعة لا تشوبها شائبة.‏ ولكن بعدما عاش هنا،‏ تغيّرت طاعته تغيرا جذريا.‏ فقد اصبحت الآن ممتحَنة،‏ «صلبة» اذا جاز التعبير،‏ ومختبَرة بواسطة التجارب التي لم يكن يسوع ليواجهها في السماء.‏

      ٥ ماذا جعل طاعة يسوع مهمة الى هذا الحدّ،‏ وماذا سنناقش في هذا الفصل؟‏

      ٥ كانت الطاعة امرا ضروريا لينجز يسوع المهمة الموكلة اليه ان يأتي الى الارض.‏ فبصفته «آدم الاخير»،‏ جاء الى هنا ليفعل ما لم يتمكن ابونا الاول من فعله:‏ البقاء طائعا ليهوه الله حتى لو تعرض للامتحان.‏ (‏١ كورنثوس ١٥:‏٤٥‏)‏ لكنَّ طاعة يسوع لم تكن آلية.‏ فقد اطاع بفرح بكل عقله،‏ وبكل قلبه،‏ وبكل نفسه.‏ وكان فعل مشيئة ابيه اهم عنده من الاكل.‏ (‏يوحنا ٤:‏٣٤‏)‏ فماذا يساعدنا على الاقتداء بطاعة يسوع؟‏ لنناقش اولا ما دفع يسوع الى الطاعة.‏ فتنمية دوافع كالتي امتلكها تساعدنا على مقاومة التجربة وفعل مشيئة الله.‏ ثم سنراجع بعض المكافآ‌ت التي نحصدها اذا اعربنا عن طاعة شبيهة بطاعة المسيح.‏

      ما دفع يسوع الى الطاعة

      ٦،‏ ٧ ما هي بعض الامور التي دفعت يسوع الى الطاعة؟‏

      ٦ كانت طاعة يسوع نابعة ممّا في قلبه.‏ كما رأينا في الفصل ٣‏،‏ كان يسوع متّضع القلب.‏ فالعجرفة تجعل الناس يزدرون بالطاعة،‏ في حين ان التواضع يساعدنا على إطاعة يهوه عن طيب خاطر.‏ (‏خروج ٥:‏​١،‏ ٢؛‏ ١ بطرس ٥:‏​٥،‏ ٦‏)‏ كما ان طاعة يسوع كانت نابعة ممّا احبه وما ابغضه.‏

      ٧ وأهم محبة امتلكها يسوع كانت محبته لأبيه السماوي.‏ (‏سنتحدث عن هذه المحبة بالتفصيل في الفصل ١٣‏)‏.‏ وهذا ما نمّى لديه صفة التقوى.‏ وقد كانت محبته ليهوه شديدة وتوقيره عميقا بحيث انه كان يخاف إغضابه.‏ وهذه التقوى كانت احد الاسباب لاستجابة صلواته.‏ (‏عبرانيين ٥:‏٧‏)‏ كما ان مخافة يهوه هي سمة مميِّزة لحكم يسوع كملك مسيّاني.‏ —‏ اشعيا ١١:‏٣‏.‏

      اخان يقرران ان لا يحضرا فيلما حين يريان ملصق الاعلان عنه

      هل يُظهِر اختيارك للتسلية انك تبغض الشر؟‏

      ٨،‏ ٩ كما هو منبأ به،‏ ماذا كانت مشاعر يسوع حيال البر والشر،‏ وكيف اظهر هذه المشاعر؟‏

      ٨ تشمل محبة يهوه ايضا بغض ما يبغضه هو.‏ لاحِظ مثلا ما تقوله النبوة الموجهة الى الملك المسيّاني:‏ «احببت البر وأبغضت الشر.‏ من اجل ذلك مسحك الله إلهك بزيت الابتهاج اكثر من شركائك».‏ (‏مزمور ٤٥:‏٧‏)‏ ان «شركاء» يسوع هم الملوك الآخرون المتحدِّرون من الملك داود.‏ وقد كان لدى يسوع عند مسحه سبب للابتهاج والفرح الجزيل اكثر من ايٍّ من هؤلاء الملوك.‏ لماذا؟‏ لأن مكافأته اعظم بكثير من مكافأتهم،‏ وفوائد ملكه تدوم اكثر بكثير من فوائد ملكهم.‏ وهو يكافَأ لأن محبته للبر وبغضه للشر دفعاه الى اطاعة الله في كل شيء.‏

      ٩ وكيف اظهر يسوع مشاعره حيال البر؟‏ مثلا،‏ كيف تجاوب يسوع عندما اطاع أتباعه توجيهه في عمل الكرازة وحصدوا نتائج جيدة؟‏ يقول الكتاب المقدس انه تهلل.‏ (‏لوقا ١٠:‏​١،‏ ١٧،‏ ٢١‏)‏ بالمقابل،‏ كيف شعر عندما اعرب سكان اورشليم عن روح التمرد ورفضوا تكرارا جهوده الحبية لمساعدتهم؟‏ يقول السجل انه بكى بسبب عصيان هذه المدينة.‏ (‏لوقا ١٩:‏​٤١،‏ ٤٢‏)‏ فالمسلك الجيد والمسلك الرديء كلاهما كانا يؤثران في يسوع تأثيرا عميقا.‏

      ١٠ اية مشاعر يلزم ان ننميها حيال الاعمال البارة والتصرفات الخاطئة،‏ وماذا يساعدنا على فعل ذلك؟‏

      ١٠ يساعدنا التأمل في مشاعر يسوع على فحص ما يدفعنا الى إطاعة يهوه.‏ فرغم اننا ناقصون،‏ يمكننا تنمية محبة كبيرة للاعمال الجيدة وبغض شديد للتصرفات الخاطئة.‏ فيلزم ان نصلي الى يهوه ونطلب منه ان يساعدنا على تنمية مشاعر كمشاعره ومشاعر ابنه.‏ (‏مزمور ٥١:‏١٠‏)‏ وفي الوقت نفسه،‏ يلزم ان نتجنب التأثيرات التي تضعف هذه المشاعر.‏ فمن الضروري ان ننتقي التسلية والعشراء باعتناء.‏ (‏امثال ١٣:‏٢٠؛‏ فيلبي ٤:‏٨‏)‏ وإذا نمّينا دوافع كدوافع المسيح،‏ فلن تكون طاعتنا مجرد شكليات.‏ فسنفعل ما هو صائب لأننا نحب ان نفعله.‏ وسنتجنب الاعمال الخاطئة لأننا نبغضها وليس لأننا نخاف ان نُكتشف.‏

      ‏«لم يرتكب خطية»‏

      ١١،‏ ١٢ (‏أ)‏ ماذا واجه يسوع في اوائل خدمته؟‏ (‏ب)‏ ما هي تجربة الشيطان الاولى ليسوع،‏ وأي اسلوب ماكر استخدمه؟‏

      ١١ امتُحن بغض يسوع للخطية في اوائل خدمته.‏ فبعد معموديته،‏ قضى اربعين يوما وأربعين ليلة في البرية دون طعام.‏ وفي نهاية هذه الفترة،‏ اتى الشيطان ليجرّبه.‏ لاحِظ مدى مكر ابليس.‏ —‏ متى ٤:‏​١-‏١١‏.‏

      ١٢ في البداية،‏ قال الشيطان:‏ «إنْ كنت ابن الله،‏ فقل لهذه الحجارة ان تصير ارغفة خبز».‏ (‏متى ٤:‏٣‏)‏ وكيف كانت حالة يسوع بعد هذا الصوم الطويل؟‏ يقول الكتاب المقدس بوضوح انه «شعر بالجوع».‏ (‏متى ٤:‏٢‏)‏ ولا شك ان الشيطان انتظر حتى يصير يسوع خائر القوى ثم استغلّ حاجته الطبيعية الى الاكل.‏ لاحِظ ايضا عبارة التحدي التي قالها له:‏ ‏«إنْ كنت ابن الله» رغم انه عرف ان يسوع هو «بكر كل خليقة».‏ (‏كولوسي ١:‏١٥‏)‏ لكنَّ يسوع لم يسمح للشيطان بأن يستفزه ويجرّه الى العصيان.‏ فقد عرف ان مشيئة الله لم تكن ان يستخدم قدرته لغايات انانية.‏ لذلك رفض هذا الامر،‏ مُظهِرا بذلك انه يتّكل بتواضع على دعم يهوه وتوجيهه.‏ —‏ متى ٤:‏٤‏.‏

      ١٣-‏١٥ (‏أ)‏ ما هي تجربة الشيطان الثانية والثالثة ليسوع،‏ وكيف تجاوب يسوع؟‏ (‏ب)‏ كيف نعرف انه كان على يسوع ان يحترس دائما من الشيطان؟‏

      ١٣ في التجربة الثانية،‏ اخذ الشيطان يسوع الى موقع عالٍ على شرفات الهيكل.‏ وقد حرّف كلمة الله ببراعة كي يغريه بالقيام بعرض للتباهي،‏ وذلك بطرح نفسه من ذلك المكان العالي لكي يهبّ الملائكة الى انقاذه.‏ فإذا رأت الجموع المحتشدة في الهيكل هذه العجيبة،‏ أفيجرؤ احد بعد ذلك على الشك في ان يسوع هو المسيَّا الموعود به؟‏!‏ وإذا آمنت الجموع ان يسوع هو المسيَّا بسبب هذا العرض المثير،‏ أفلا يتجنب المشقات والمشاكل؟‏ ربما.‏ لكنَّ يسوع عرف ان مشيئة يهوه للمسيَّا هي ان ينجز عمله بتواضع،‏ لا ان يحمل الناس على الايمان به بواسطة عروض مثيرة.‏ (‏اشعيا ٤٢:‏​١،‏ ٢‏)‏ ومرة ثانية،‏ رفض يسوع ان يعصي يهوه ولم يقع في فخ الشهرة.‏

      ١٤ ولكن ماذا عن فخ السلطة؟‏ في التجربة الثالثة،‏ عرض الشيطان على يسوع كل ممالك العالم اذا قام بعمل عبادة واحد له.‏ فهل فكّر يسوع جديا في عرض الشيطان هذا؟‏ اجابه قائلا:‏ «اذهب يا شيطان!‏».‏ ثم اضاف:‏ «لأنه مكتوب:‏ ‹يهوه إلهك تعبد،‏ وله وحده تؤدي خدمة مقدسة›».‏ (‏متى ٤:‏١٠‏)‏ فما من شيء كان يمكن ان يغريه ليعبد إلها آخر.‏ وما من عرض لمنحه السلطة او النفوذ في هذا العالم كان سيجعله يقوم بأيّ عمل عصيان.‏

      ١٥ وهل استسلم الشيطان؟‏ رغم ان ابليس ترك يسوع بعدما اجابه بالكلمات الآنفة الذكر،‏ يقول انجيل لوقا انه «تنحى عنه الى فرصة اخرى».‏ (‏لوقا ٤:‏١٣‏)‏ ولاحقا،‏ وجد الشيطان فرصا اخرى لامتحان يسوع وتجربته حتى النهاية،‏ اذ يخبرنا الكتاب المقدس ان يسوع «امتُحن في كل شيء».‏ (‏عبرانيين ٤:‏١٥‏)‏ فكان على يسوع ان يحترس دائما،‏ وهذا ما يجب ان نفعله نحن ايضا.‏

      ١٦ كيف يجرِّب الشيطان خدام الله اليوم،‏ وكيف يمكننا صدّ محاولاته؟‏

      ١٦ لا ينفك الشيطان يجرِّب خدام الله اليوم.‏ ومن المؤسف ان نقائصنا غالبا ما تجعلنا هدفا سهلا له.‏ فهو يستغل بمكر الانانية،‏ الكبرياء،‏ والتعطش الى السلطة.‏ حتى انه قد يستغل كلّ هذه مجتمعة حين يستخدم فخ المادية.‏ لذلك من المهم ان نقوم احيانا بفحص صادق للذات.‏ فيحسن بنا ان نتأمل في كلمات ١ يوحنا ٢:‏​١٥-‏١٧ ونرى هل بردت محبتنا لأبينا السماوي الى حدّ ما من جراء الرغبات الجسدية لنظام الاشياء هذا،‏ السعي وراء الممتلكات المادية،‏ والرغبة في اثارة اعجاب الآخرين.‏ يجب ان نتذكر ان هذا العالم آيل الى الزوال هو وحاكمه الشيطان.‏ فلنصدَّ محاولات الشيطان الماكرة ان يغرينا بارتكاب الخطية.‏ ولنتشجع بمثال سيّدنا الذي «لم يرتكب خطية».‏ —‏ ١ بطرس ٢:‏٢٢‏.‏

      ‏«اني دائما افعل ما يرضيه»‏

      ١٧ كيف شعر يسوع حيال إطاعة ابيه،‏ ولكن ايّ اعتراض قد ينشأ؟‏

      ١٧ لا تقتصر الطاعة على الامتناع عن الخطإ.‏ فالمسيح نفّذ كل وصايا ابيه.‏ قال:‏ «اني دائما افعل ما يرضيه».‏ (‏يوحنا ٨:‏٢٩‏)‏ وهذه الطاعة جلبت له فرحا غامرا.‏ طبعا،‏ قد يعترض احد قائلا ان الطاعة كانت اسهل على يسوع.‏ فلربما يظن ان يسوع لم يكن عليه إلا إطاعة يهوه،‏ الذي هو كامل،‏ في حين انه يتوجب علينا إطاعة بشر ناقصين لديهم مركز سلطة.‏ لكنَّ يسوع في الواقع كان طائعا لبشر ناقصين لديهم مركز سلطة.‏

      ١٨ ايّ مثال للطاعة رسمه يسوع عندما كان حدثا؟‏

      ١٨ فيما كان يسوع ينمو،‏ كان خاضعا لسلطة والدَيه البشريَّين الناقصين،‏ يوسف ومريم.‏ وعلى الارجح،‏ تمكّن من ملاحظة نقائص والدَيه اكثر من معظم الاولاد.‏ فهل تمرّد وتخطى دوره المعطى من الله كولد بحيث املى عليهما كيف يديران شؤون العائلة؟‏ لاحِظ ما تقوله لوقا ٢:‏٥١ عن يسوع عندما كان بعمر ١٢ سنة:‏ «بقي خاضعا لهما».‏ وبهذه الطاعة،‏ رسم يسوع مثالا رائعا للاحداث المسيحيين الذين يحاولون إطاعة والديهم وإظهار الاحترام الواجب لهم.‏ —‏ افسس ٦:‏​١،‏ ٢‏.‏

      ١٩،‏ ٢٠ (‏أ)‏ اية صعوبات استثنائية واجهها يسوع في مجال الطاعة للبشر الناقصين؟‏ (‏ب)‏ لماذا ينبغي ان يطيع المسيحيون الحقيقيون اليوم الذين يتولّون القيادة بينهم؟‏

      ١٩ في مجال إطاعة البشر الناقصين،‏ واجه يسوع صعوبات لا يواجهها ابدا المسيحيون الحقيقيون اليوم.‏ تأمل في الازمنة الاستثنائية التي عاش فيها.‏ فنظام الاشياء اليهودي الديني (‏بما فيه الهيكل في اورشليم والكهنوت)‏ الذي نال رضى يهوه فترة طويلة كان على وشك ان يُرفَض ويُستبدَل بترتيب الجماعة المسيحية.‏ (‏متى ٢٣:‏​٣٣-‏٣٨‏)‏ في هذه الاثناء،‏ كان الكثير من القادة الدينيين يعلّمون الاكاذيب المُستمَدة من الفلسفة اليونانية.‏ وقد تفشى الفساد في الهيكل كثيرا حتى ان يسوع دعاه «مغارة لصوص».‏ (‏مرقس ١١:‏١٧‏)‏ فهل امتنع يسوع عن الذهاب الى الهيكل والمجامع؟‏ كلا!‏ فيهوه كان لا يزال يستخدم هذه الترتيبات.‏ لذلك كان يسوع يعرب عن الطاعة بالذهاب الى المجامع والاحتفال بالاعياد في الهيكل،‏ بانتظار الوقت حين يتدخل يهوه ويجري التغييرات.‏ —‏ لوقا ٤:‏١٦؛‏ يوحنا ٥:‏١‏.‏

      ٢٠ فإذا كان يسوع طائعا في ظل ظروف كهذه،‏ فكم بالاحرى ينبغي ان يبقى المسيحيون الحقيقيون طائعين اليوم؟‏!‏ وفي الواقع،‏ نحن نعيش في ازمنة مختلفة جدا،‏ حقبة ردّ العبادة النقية المنبإ بها منذ وقت طويل.‏ والله يؤكد لنا انه لن يسمح ابدا للشيطان بأن يفسد شعبه المسترَد.‏ (‏اشعيا ٢:‏​١،‏ ٢؛‏ ٥٤:‏١٧‏)‏ صحيح اننا نرى الاخطاء والنقائص داخل الجماعة المسيحية،‏ ولكن هل يجيز لنا ذلك استخدام ضعفات الآخرين كمبرِّر لعدم إطاعة يهوه،‏ ربما بالامتناع عن حضور الاجتماعات المسيحية وانتقاد الشيوخ؟‏ كلا البتة!‏ فنحن ندعم بإخلاص الذين يتولّون القيادة في الجماعة.‏ ونحن نعرب عن الطاعة بحضور الاجتماعات والمحافل المسيحية وتطبيق مشورة الاسفار المقدسة التي تُقدَّم لنا هناك.‏ —‏ عبرانيين ١٠:‏​٢٤،‏ ٢٥؛‏ ١٣:‏١٧‏.‏

      شهود ليهوه يتكلمون خارج قاعة الملكوت

      نحن نعرب عن الطاعة بتطبيق ما نتعلّمه في الاجتماعات المسيحية

      ٢١ كيف تجاوب يسوع مع الضغط عليه ليعصي الله،‏ مما رسم ايّ مثال لنا؟‏

      ٢١ لم يسمح يسوع للناس —‏ حتى لأصدقائه الحسني النية —‏ بأن يثنوه عن إطاعة يهوه.‏ مثلا،‏ حاول الرسول بطرس ان يقنع سيده انه لا حاجة ان يتألم ويموت،‏ اذ نصحه ان يلطف بنفسه.‏ غير ان يسوع رفض هذه المشورة الخاطئة رغم انها مقدَّمة بحسن نية.‏ (‏متى ١٦:‏​٢١-‏٢٣‏)‏ اليوم ايضا،‏ كثيرا ما يواجه أتباع يسوع اقرباء حسني النية يحاولون ان يثنوهم عن إطاعة شرائع الله ومبادئه.‏ وعلى غرار أتباع يسوع في القرن الاول،‏ نحن نحافظ على موقفنا انه «ينبغي ان يُطاع الله حاكما لا الناس».‏ —‏ اعمال ٥:‏٢٩‏.‏

      المكافآ‌ت الناجمة عن امتلاكنا الطاعة تمثلا بالمسيح

      ٢٢ ايّ سؤال زوّد يسوع الجواب عنه،‏ وكيف؟‏

      ٢٢ عندما واجه يسوع الموت،‏ كان ذلك بمثابة اقوى امتحان لطاعته.‏ وفي هذا اليوم الحالك،‏ «تعلَّمَ الطاعة» بالمعنى الاكمل.‏ فقد فعل مشيئة ابيه،‏ وليس مشيئته.‏ (‏لوقا ٢٢:‏٤٢‏)‏ وهكذا،‏ صنع سجلا كاملا للاستقامة.‏ (‏١ تيموثاوس ٣:‏١٦‏)‏ وزوّد الجواب عن سؤال قديم العهد:‏ هل يمكن لإنسان كامل ان يبقى طائعا ليهوه حتى لو تعرّض للامتحان؟‏ ان آدم وحواء لم يبقيا طائعين.‏ لكن عندما اتى يسوع —‏ اعظم مخلوقات يهوه —‏ الى الارض وعاش ومات،‏ أعاد الامور الى نصابها.‏ فقد زوّد الجواب الشافي،‏ اذ اطاع حتى عندما كلّفته الطاعة غاليا.‏

      ٢٣-‏٢٥ (‏أ)‏ ما ارتباط الطاعة بالاستقامة؟‏ أوضِح.‏ (‏ب)‏ ما هو موضوع مناقشتنا في الفصل التالي؟‏

      ٢٣ الاستقامة،‏ او التعبد من كل القلب ليهوه،‏ هي وسيلة للاعراب عن الطاعة.‏ فلأن يسوع كان طائعا،‏ حافظ على استقامته وجلب الفوائد لكل البشر.‏ (‏روما ٥:‏١٩‏)‏ وقد كافأه يهوه بسخاء.‏ نحن ايضا سيكافئنا يهوه اذا اطعنا المسيح كسيّد لنا.‏ فالطاعة للمسيح تؤدي الى «الخلاص الابدي».‏ —‏ عبرانيين ٥:‏٩‏.‏

      ٢٤ كما ان الاستقامة هي مكافأة بحدّ ذاتها.‏ تقول الامثال ١٠:‏٩‏:‏ «السائر باستقامة يسير آمنا».‏ يمكننا تشبيه الاستقامة بقصر مصنوع من آجر ذي نوعية جيدة،‏ وكل آجُرَّة تمثّل عمل طاعة معيّنا.‏ قد تبدو كل آجُرَّة بلا قيمة اذا اخذناها على حدة،‏ لكن كلًّا منها له مكانه وقيمته.‏ فعندما تُجمع معا،‏ يَنتج بناء له قيمة اكبر.‏ على نحو مماثل،‏ حين تُجمع اعمال الطاعة معا،‏ اذ يُضاف الواحد الى الآخر يوما بعد يوم وسنة بعد سنة،‏ يُبنى بيت الاستقامة الجميل.‏

      ٢٥ يذكِّرنا مسلك الاستقامة على مدى سنوات طويلة بصفة اخرى هي الاحتمال.‏ وسيكون هذا الوجه من مثال يسوع موضوع مناقشتنا في الفصل التالي.‏

      كيف يمكنك ان تتبع يسوع؟‏

      •  ما هي بعض وصايا المسيح،‏ كيف يمكننا إطاعتها،‏ وأية بركات نحصدها؟‏ —‏ يوحنا ١٥:‏​٨-‏١٩‏.‏

      •  في البداية،‏ كيف شعر اقرباء يسوع حيال خدمته،‏ وماذا نتعلّم من طريقة يسوع في التعامل معهم؟‏ —‏ مرقس ٣:‏​٢١،‏ ٣١-‏٣٥‏.‏

      •  لماذا لا ينبغي ان نخشى ان تحرمنا الطاعة ليهوه من العيش حياة سعيدة؟‏ —‏ لوقا ١١:‏​٢٧،‏ ٢٨‏.‏

      •  ماذا نتعلّم من استعداد يسوع لإطاعة شريعة لا تنطبق عليه؟‏ —‏ متى ١٧:‏​٢٤-‏٢٧‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة