-
مَنَحِيمبصيرة في الاسفار المقدسة
-
-
فعل منحيم الشر في عيني يهوه. فقد عزز عبادة العجل ولم يحد عن خطايا يربعام، اول ملك على مملكة العشرة اسباط. وخلال حكمه، اجتاح الملك فول (تغلث فلاسر الثالث) اسرائيل، وأُجبر منحيم على دفع «ألف وزنة من الفضة» (٠٠٠,٦٠٦,٦ دولار) لهذا الملك الاشوري. وحصل على هذا المبلغ بفرض ٥٠ شاقل فضة على كل من «الجبابرة البواسل» في اسرائيل. ولأن وزنة الفضة الواحدة كانت تساوي نحو ٠٠٠,٣ شاقل، جُمعت الفضة من حوالي ٠٠٠,٦٠ شخص. وقد اعطى منحيم الفضة الى الملك الاشوري «لتكون يداه معه ليقوي المملكة في يده». فترك هذا الملك الارض لدى استلامه المبلغ. — ٢ مل ١٥:١٩، ٢٠.
-
-
تِغْلَث فَلاسِر (الثالث)بصيرة في الاسفار المقدسة
-
-
ويبدو ان تغلث فلاسر الثالث كان مشغولا في اوائل حكمه بتعزيز حدود الامبراطورية في الجنوب والشرق والشمال. لكن الخطر الاشوري ما لبث ان خيم فوق اراضي سورية وفلسطين الواقعة غربا.
تذكر النقوش الاشورية بشكل واضح عزريو من ياودا (يهوذا) في الحديث عن حملة شنها تغلث فلاسر الثالث في سورية. (نصوص الشرق الادنى القديمة، ص ٢٨٢، ٢٨٣) وقد يبدو ذلك اشارة الى عزريا ملك يهوذا المعروف عموما بعزيا (٨٢٩-٧٧٨ قم)، ولكن هنالك جدل حول هذا الامر، اذ يعتقد البعض ان مملكة سمأل الصغيرة في سورية كانت احيانا تُدعى ايضا يهوذا. صحيح ان احتمال حمل ملك وثني اسما يتضمن الاسم ياه (الصيغة المختصرة لاسم يهوه) وعيشه في نفس الفترة الزمنية لملك يهوذا الذي يحمل الاسم نفسه يبدو احتمالا ضئيلا، لكنّ الكتاب المقدس لا يذكر تغلث فلاسر الثالث عندما يتحدث عن عزريا (عزيا)، هذا بالاضافة الى ان السجلات الاشورية محرفة الى حد بعيد.
اثناء حكم منحيم ملك اسرائيل (نحو ٧٩٠-٧٨١ قم) تقدم تغلث فلاسر الثالث (فول) متوغلا في ارض فلسطين، وقد حاول منحيم نيل رضى الاشوريين بدفع جزية بلغت «الف وزنة من الفضة» (ما تعادل قيمته اليوم ٠٠٠,٦٠٦,٦ دولار). وإذ تم استرضاء تغلث فلاسر مؤقتا قام بسحب جيوشه. (٢ مل ١٥:١٩، ٢٠) وتشير الوثائق الاشورية الى منيحيمي (منحيم)، مع رزون (رصين) ملك دمشق وحيرام ملك صور، على انهم ملوك يؤدون الجزية لتغلث فلاسر.
ولاحقا، في ايام آحاز ملك يهوذا (٧٦١-٧٤٦ قم)، عقد فقح ملك اسرائيل تحالفا مع رصين ملك دمشق وهاجما يهوذا. (٢ مل ١٦:٥، ٦؛ اش ٧:١، ٢) فقرر الملك آحاز ان يرسل رشوة الى تغلث فلاسر لكي يأتي لنجدته، رغم ان النبي اشعيا اكد له ان المملكتين المتآمرتين ستزولان في غضون فترة قصيرة. (٢ مل ١٦:٧، ٨؛ اش ٧:٧-١٦؛ ٨:٩-١٣) ويعدد احد النقوش الاشورية ما تضمنته الجزية التي دفعها يوحزي (يهوآحاز او آحاز) ملك يهوذا وملوك آخرون من تلك المنطقة على النحو التالي: «ذهب، فضة، قصدير، حديد، اثمد، ثياب كتانية مزركشة بألوان متعددة، وثياب صوفية ارجوانية غامقة من (صناعتهم) المحلية . . . وكل انواع الامتعة النفيسة سواء من نتاج البحر او البر، و(خيرة) منتوجات مناطقهم، وثروات ملوك(هم)، وخيول، وبغال (مدربة على حمل) النير». (نصوص الشرق الادنى القديمة، ص ٢٨٢) استجاب الملك الاشوري العدائي لطلب آحاز الملح بغزو اسرائيل، فاستولى على العديد من المدن الشمالية، واجتاح مناطق جلعاد والجليل ونفتالي، وساق كثيرين الى السبي. (٢ مل ١٥:٢٩؛ ١ اخ ٥:٦، ٢٦) كما هوجمت دمشق وسقطت في يد القوات الاشورية، وقُتل ملكها رصين. وفي دمشق استقبل تغلث فلاسر الثالث آحاز ملك يهوذا الذي اتى لزيارته إما للتعبير عن الشكر او عن الخضوع لأشور. — ٢ مل ١٦:٩-١٢.
أُوحي الى اشعيا ان يتنبأ بأن يهوه سيستخدم ملك اشور ك «موسى مستأجرة» لكي «يحلق» لمملكة يهوذا. (اش ٧:١٧، ٢٠) وسواء كانت ‹الموسى المستأجرة› تشير بالتحديد الى تغلث فلاسر الثالث (الذي رشاه آحاز) او لا، يظهر السجل انه ضايق جدا ملك يهوذا وأن الرشوة ‹لم تساعد› آحاز. (٢ اخ ٢٨:٢٠، ٢١) وربما وسم ذلك المرحلة الاولى من الغزو الاشوري الذي اجتاح يهوذا مثل ‹الفيضان› والذي كان في النهاية ‹سيبلغ عنق المملكة›، الامر الذي حدث كما يتضح في زمن حزقيا. — اش ٨:٥-٨؛ ٢ مل ١٨:١٣، ١٤.
يقول تغلث فلاسر الثالث في نقوشه بشأن مملكة اسرائيل الشمالية: «قد اطاحوا بفقح (فاقاحا) ملكهم ونصبت انا هوشِع (آوسيء) ملكا عليهم. تسلمت منهم جزية قدرها ١٠ وزنات من الذهب [٥٠٠،٨٥٣،٣ دولار]، ٠٠٠،١(؟) وزنة من الفضة [٠٠٠،٦٠٦،٦ دولار]، وأتيت بهم الى اشور». (نصوص الشرق الادنى القديمة، ص ٢٨٤) وهكذا ادعى الملك الاشوري بأن له الفضل في تولّي هوشِع مُلك اسرائيل بعد تدبير هذا الاخير مؤامرة لاغتيال فقح (نحو ٧٥٨ قم) سلفه. — ٢ مل ١٥:٣٠.
في السجلات الاشورية القديمة يُعزى الى تغلث فلاسر الثالث فترة حكم طولها ١٨ سنة. ولكن يبدو ان الكتاب المقدس يشير الى انه حكم فترة اطول، اذ ان الاشارات اليه تظهر من ايام منحيم حتى ايام هوشِع. غير ان الاسفار العبرانية لا تذكر كل التفاصيل اللازمة للاثبات ان السجلات الاشورية هي على خطإ في هذه الحالة. وذلك لأسباب عدة: هنالك بعض الشك في التسلسل الذي يجب ان توضع وفقه فترات حكم الملوك الاسرائيليين ضمن اطار الجدول الزمني. ومن الجدير بالملاحظة ايضا ان الفترة التي سبقت الوقت الذي يُقال عموما ان تغلث فلاسر بدأ يحكم فيه هي غامضة نسبيا في السجلات القديمة، ويُعتقد انها كانت فترة شهد فيها الاشوريون انحطاطا كبيرا. وفي هذا الصدد، يذكر العالم الفرنسي جورج رو في كتابه العراق القديمة انه «طوال ست وثلاثين سنة . . . كانت اشور مشلولة تقريبا». اما في ما يتعلق بأشور نيراري الخامس الذي يُعتقد انه كان سلفا لتغلث فلاسر الثالث، فيعلق المؤلف نفسه قائلا: «نادرا ما كان يتجرأ على ترك قصره، وقد قُتل على الارجح في ثورة اندلعت في كلحو وآلت الى تنصيب اخيه الاصغر [؟] تغلث فلاسر الثالث على العرش». (١٩٦٤، ص ٢٥١) نظرا الى ذلك، يبدو من المحتمل جدا ان يكون تغلث فلاسر قد مارس سلطته كملك فترة اطول، ربما كشريك في الحكم.
-
-
تِغْلَث فَلاسِر (الثالث)بصيرة في الاسفار المقدسة
-
-
بعد ان مات تغلث فلاسر الثالث خلفه شلمنأسر الخامس. وكان من الممكن معرفة تفاصيل اكثر عن هذا الملك لولا ان ملكا لاحقا (اسرحدون) شوّه نقوش تغلث فلاسر، وهي اهانة لم يُعرف لها مثيل في التاريخ الاشوري.
-