-
أُورُشَلِيمبصيرة في الاسفار المقدسة
-
-
بعد قرن ونصف القرن تقريبا من فتح نبوخذنصر، كانت اسوار المدينة وبواباتها لا تزال منهدمة. فحصل نحميا على اذن من ارتحشستا ليذهب الى اورشليم ويعالج هذا الوضع. (نح ٢:١-٨) والرواية التالية التي تتحدث عن تفحص نحميا للمدينة ليلا وتقسيمه عمل البناء على عشائر مختلفة هي مصدر رئيسي للمعلومات عن تصميم المدينة في ذلك الوقت وخصوصا عن بواباتها. (نح ٢:١١-١٥؛ ٣:١-٣٢؛ انظر «البوابة (الباب)، المدخل».) وقد تمم عمل اعادة البناء هذا نبوة دانيال وحدد السنة التي وسمت بداية الـ ٧٠ «اسبوعا» النبوية المتعلقة بمجيء المسيا. (دا ٩:٢٤-٢٧) ورغم المضايقات، احاطوا اورشليم سنة ٤٥٥ قم بالسور والابواب في فترة قصيرة من ٥٢ يوما. — نح ٤:١-٢٣؛ ٦:١٥؛ ٧:١؛ انظر «السبعون اسبوعا (‹خروج الكلمة›)».
-
-
فارِس، الفُرسبصيرة في الاسفار المقدسة
-
-
وهكذا تتفق شهادات من مصادر يونانية وفارسية وبابلية على ان سنة اعتلاء ارتحشستا العرش كانت في ٤٧٥ قم، وأن سنة مُلكه الاولى في ٤٧٤ قم. وبالتالي فإن السنة الـ ٢٠ لأرتحشستا، التي فيها يبدأ حساب الـ ٧٠ اسبوعا الواردة في دانيال ٩:٢٤، توافق سنة ٤٥٥ قم. وعلى اساس دانيال ٩:٢٥، اذا حسبنا ٦٩ اسبوعا من السنين (٤٨٣ سنة) من سنة ٤٥٥ قم، نصل الى سنة هامة تتعلق بمجيء المسيا القائد.
فمن ٤٥٥ قم الى ١ بم توجد ٤٥٥ سنة كاملة. وإذا اضفنا السنوات الـ ٢٨ الباقية (للوصول الى المجموع ٤٨٣ سنة)، نصل الى سنة ٢٩ بم، وهي بالتحديد سنة معمودية يسوع الناصري في الماء ومسحه بالروح القدس وابتداء خدمته العامة بوصفه المسيا، او المسيح. — لو ٣:١، ٢، ٢١، ٢٢.
-
-
السبعون اسبوعابصيرة في الاسفار المقدسة
-
-
«خروج الكلمة»: تقول النبوة انه سيكون هناك ٦٩ اسبوعا من السنين «من خروج الكلمة لرد اورشليم وإعادة بنائها الى المسيا القائد». (دا ٩:٢٥) والتاريخ الدنيوي، اضافة الى الكتاب المقدس، يزود ادلة تثبت ان يسوع جاء الى يوحنا واعتمد، صائرا بالتالي الممسوح، المسيا القائد، في اوائل خريف سنة ٢٩ بم. (انظر «يسوع المسيح» [وقت ولادته، مدة خدمته].) وإذا حسبنا رجوعا من هذه النقطة المهمة في التاريخ، ندرك ان الـ ٦٩ اسبوعا من السنين بدأت سنة ٤٥٥ قم. وفي تلك السنة ‹خرجت الكلمة لرد اورشليم وإعادة بنائها›.
ففي نيسان القمري (آذار–نيسان [مارس–ابريل]) من السنة العشرين لحكم ارتحشستا (٤٥٥ قم)، طلب نحميا من الملك: «اذا . . . حظي خادمك برضاك، ترسلني الى يهوذا، الى مدينة مقابر آبائي، لأعيد بناءها». (نح ٢:١، ٥) فأعطاه الملك الاذن، فذهب في رحلة طويلة من شوشن الى اورشليم. وفي الرابع تقريبا من شهر آب القمري (تموز–آب [يوليو–اغسطس])، بعد ان تفحص نحميا الاسوار ليلا، امر اليهود: «هيا بنا نعيد بناء سور اورشليم، فلا نكون بعد عارا». (نح ٢:١١-١٨) وهكذا، جعل نحميا «خروج الكلمة» لإعادة بناء اورشليم بإذن ارتحشستا ساري المفعول في تلك السنة عينها. وهذا يثبت ان سنة ٤٥٥ قم هي السنة التي بدأت فيها فترة السبعين اسبوعا.
وقد أُكمل ترميم الاسوار في اليوم الخامس والعشرين من شهر ايلول القمري (آب–ايلول [اغسطس–سبتمبر]) خلال ٥٢ يوما فقط. (نح ٦:١٥) وبعد اعادة بناء الاسوار، بدأ ترميم باقي اورشليم. وفي ‹الاسابيع› السبعة الاولى (٤٩ سنة)، كان نحميا وعزرا والذين ربما تابعوا العمل بعدهما يعملون «في ضيق الاوقات»، اي انهم واجهوا صعوبات داخلية من اليهود انفسهم، وخارجية من السامريين وغيرهم. (دا ٩:٢٥) وسفر ملاخي الذي كُتب بعد سنة ٤٤٣ قم ينتقد بشدة حالة الكهنوت اليهودي الرديئة آنذاك. ويُحتمل ان نحميا ترك اورشليم ليزور ارتحشستا (قارن نح ٥:١٤؛ ١٣:٦، ٧) وعاد اليها بعد تلك الفترة. ولا يذكر الكتاب المقدس لكم من الوقت بعد سنة ٤٥٥ قم بقي نحميا يشارك شخصيا في بناء اورشليم. لكن العمل أُكمل كما يبدو الى الحد اللازم خلال ٤٩ سنة (٧ اسابيع من السنين)، وبقيت اورشليم وهيكلها قائمين حتى مجيء المسيا. — انظر «ملاخي، سفر» (تاريخ الكتابة).
مجيء المسيا بعد ‹تسعة وستين اسبوعا›: بما ان ‹الاثنين والستين اسبوعا› التالية (دا ٩:٢٥) هي جزء من السبعين اسبوعا وذُكرت بعدها، فهذا يعني انها تبدأ عند انتهاء ‹السبعة اسابيع›. لذلك، فإن الفترة بين «خروج الكلمة» لإعادة بناء اورشليم و «المسيا القائد» هي ٧ زائد ٦٢ «اسبوعا» اي ٦٩ «اسبوعا»، ما يعادل ٤٨٣ سنة تبدأ سنة ٤٥٥ قم وتنتهي سنة ٢٩ بم. وكما ذُكر سابقا، في خريف هذه السنة، اي ٢٩ بم، اعتمد يسوع في الماء ومُسح بالروح القدس وبدأ خدمته بصفته «المسيا القائد». — لو ٣:١، ٢، ٢١، ٢٢.
وهكذا يتضح ان نبوة دانيال حدَّدت بالضبط قبل قرون سنة مجيء المسيا. ومع ان اليهود في القرن الاول الميلادي كانوا يترقبون المسيا، لا دليل يؤكد انهم حسبوا وقت مجيئه بناء على نبوة دانيال. صحيح ان الكتاب المقدس يذكر: «كان الشعب في ترقب، والجميع يفتكرون في قلوبهم عن يوحنا: ‹لعله هو المسيح؟›» (لو ٣:١٥)، الا انهم لم يقدروا كما يظهر ان يحددوا في اي شهر او اسبوع او يوم سيأتي. لذلك تساءلوا هل كان يوحنا هو المسيح، رغم ان يوحنا بدأ خدمته كما يتضح في ربيع سنة ٢٩ بم، اي قبل ٦ اشهر من مجيء يسوع اليه ليعتمد.
-
-
السبعون اسبوعابصيرة في الاسفار المقدسة
-
-
النبوة من منظار يهودي: أُعد النص الماسوري الذي يتضمن نظام حركات وترقيم في الجزء الثاني من الالف الاول بعد الميلاد. وكما يتضح، كان رفض الماسوريين ليسوع المسيح بصفته المسيا هو ما جعلهم يضيفون آثناح (اي علامة وقف) الى النص العبراني في دانيال ٩:٢٥ بعد عبارة «سبعة اسابيع»، وذلك لفصلها عن ‹الاثنين والستين اسبوعا› بحيث يبدو ان الاسابيع الـ ٦٢ في النبوة (اي ٤٣٤ سنة) تنطبق على فترة اعادة بناء اورشليم القديمة. وتقول ترجمة العالِم اليهودي اسحاق ليسَر: «لهذا اعلَمْ وافهم انه من خروج الكلمة لرد اورشليم وبنائها الى الممسوح الرئيس سبعة اسابيع: [النقطتان هنا تمثلان علامة وقف] و خلال اثنين وستين اسبوعا تُبنى من جديد بشوارع وخنادق (حولها)، حتى في ضيق الاوقات». كما تنقل ترجمة جمعية النشر اليهودية في اميركا هذه الآية الى: «تكون سبعة اسابيع؛ و أثناء ستين اسبوعا وأسبوعين، تُبنى من جديد». وقد اضافت هاتان الترجمتان كلمتا «خلال» و «اثناء» في النص الانكليزي على ما يظهر لدعم مفهوم المترجمين.
الا ان البروفسور إ. ب. بوزاي كتب في حاشية احدى محاضراته في جامعة اوكسفورد معلِّقا على الترقيم الماسوري: «وضع اليهود الوقفة الرئيسية في الآية تحت שִׁבְעָה [سبعة]، بهدف الفصل بين الرقمين ٧ و ٦٢. ولا بد انهم فعلوا ذلك بهدف الخداع למען המינים (كما قال راشي [رابي يهودي شهير من القرنين ١١ و ١٢ بم] رافضا التفسيرات الحرفية التي لصالح المسيحيين) ‹بسبب الهراطقة›، اي المسيحيين. فالجملة الاخيرة اذا فُصلت هكذا، لا تحمل الا هذا المعنى: ‹و خلال ستين اسبوعا وأسبوعين يُردّ الشارع والسور ويُعاد بناؤهما›، اي ان اعادة بناء اورشليم كانت ستستغرق ٤٣٤ سنة، وهذا كلام لا معنى له». — دانيال النبي (بالانكليزية)، ١٨٨٥، ص ١٩٠.
وبالنسبة الى دانيال ٩:٢٦ (ليسَر) التي تذكر جزئيا: «وبعد الستين اسبوعا وأسبوعين يُقطع ممسوح دون وريث يخلفه»، يطبِّق المعلِّقون اليهود الـ ٦٢ اسبوعا على الفترة التي تؤدي الى عصر المكابيين، وعبارة «ممسوح» على الملك اغريباس الثاني الذي عاش خلال فترة دمار اورشليم سنة ٧٠ بم. اما البعض الآخر فيقول ان الممسوح هو رئيس الكهنة اونيا الذي اقاله انطيوخوس ابيفانوس سنة ١٧٥ قم. لكن تطبيق هذه النبوة على اي من هذين الرجلين يسلبها مغزاها وأهميتها، والتناقض الكبير في تحديد التواريخ يفقدها دقتها. — انظر كتب سونسينو للكتاب المقدس، بالانكليزية (تعليق على دا ٩:٢٥، ٢٦)، تحرير أ. كوهِن، لندن، ١٩٥١.
وكي يبرر العلماء اليهود وجهة نظرهم، يقولون ان ‹السبعة اسابيع› هي ٧٠ سنة، وليست ٧ مضروبة في ٧، اي ٤٩ سنة. لكنهم في الوقت نفسه يحسبون الـ ٦٢ اسبوعا على انها ٦٢ مضروبة في ٧. وهم يدَّعون ان هذه الفترة اشارت الى السبي البابلي. ويقولون ان «المسيا» في دانيال ٩:٢٥ هو كورش او زربابل او رئيس الكهنة يِشوع، اما «المسيا» في دانيال ٩:٢٦ فهو شخص آخر.
لكن ترجمات كثيرة لا تتبع الترقيم الماسوري. فهي اما تضع فاصلة بعد عبارة «سبعة اسابيع»، او تدل في صياغتها ان الـ ٦٢ اسبوعا تلي الاسابيع السبعة وهي جزء من السبعين اسبوعا، ولا تشير ان الـ ٦٢ اسبوعا تنطبق على فترة اعادة بناء اورشليم. (قارن دا ٩:٢٥ في م ج، ت ا، د ي، ع ج، رذ، يغ، ع أ، يس.) وذكر البروفسور جايمس سترونغ في تعليق على الاسفار المقدسة (بالانكليزية) بقلم لانغيه (دا ٩:٢٥، الحاشية ص ١٩٨): «السبب الوحيد لهذه الترجمة، التي تفصل فترة السبعة اسابيع عن الاثنين والستين اسبوعا معتبرة ان الفترة الاولى تؤدي في نهايتها الى الرئيس الممسوح والفترة الثانية هي وقت اعادة البناء، هو الترقيم الماسوري الذي يضع الآثناك [علامة وقف] بينهما. . . . وطريقة النقل هذه تجعل تركيبة الجزء الثاني من الجملة غير مترابطة اذ ينقصها حرف جر. لذلك من الافضل والابسط اتباع الترجمة المرخَّصة التي تتبنى نهج كل الترجمات الاقدم». — ترجمة وتحرير ب. شاف، ١٩٧٦.
-