مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ع٩٨ ٢٢/‏١٠ ص ٢٠-‏٢٥
  • ‏‹لا نعيش فيما بعد لأنفسنا›‏

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • ‏‹لا نعيش فيما بعد لأنفسنا›‏
  • استيقظ!‏ ١٩٩٨
  • العناوين الفرعية
  • مواد مشابهة
  • قرار حاسم
  • خدمتنا في افريقيا
  • مسألة القومية تُثار
  • حياتنا كانت في خطر
  • سُجنوا بسبب ايمانهم
  • الى تعيينات جديدة
  • العودة الى التعيين الاول
  • سلَّمتُ طريقي ليهوه
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه (‏الطبعة الدراسية)‏ —‏ ٢٠٢٢
  • يهوه يهتم بنا دائما
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠٣
  • باركنا اللّٰه «في وقت مؤات وفي وقت محفوف بالمتاعب»‏
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠١٥
  • الجزء ٤ —‏ شهود الی اقصی الارض
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
استيقظ!‏ ١٩٩٨
ع٩٨ ٢٢/‏١٠ ص ٢٠-‏٢٥

‏‹لا نعيش فيما بعد لأنفسنا›‏

كما رواه جاك يوهانسن

أمرني الرجل الافريقي،‏ وهو جندي ملاويّ،‏ بأن اقف عند حافة النهر في ضوء المصباحَين الاماميَّين لسيارة اللاند روڤر.‏ وعندما رفع الجندي بندقيته الى مستوى كتفه،‏ اندفع لويد ليكْويدي بسرعة نحو ضفة النهر ورمى بنفسه امامي.‏ وتوسل قائلا:‏ «أطلق النار عليّ!‏ أطلق النار عليّ انا لا عليه!‏ فهذا الاجنبي لم يفعل شيئا».‏ فلماذا كان رجل افريقي مستعدا للتضحية بحياته من اجلي،‏ انا الاوروپي؟‏ دعوني اخبركم كيف صرتُ مرسلا في افريقيا قبل ٤٠ سنة تقريبا.‏

في سنة ١٩٤٢،‏ عندما كنت في التاسعة فقط من عمري،‏ ماتت امي وتركت ابي مع خمسة اولاد كنتُ انا الاصغر بينهم.‏ وبعد اربعة اشهر مات ابي،‏ الذي كان بين شهود يهوه الاولين في فنلندا،‏ في حادث غرق.‏ فاعتنت اختي الكبرى مايا بنا نحن البقية،‏ وتمكّنّا من المحافظة على مزرعتنا.‏ وأخذت مايا القيادة ايضا في الامور الروحية،‏ وبعد سنة من وفاة ابي،‏ رمزت هي وأحد اخوتي الى انتذارهما ليهوه اللّٰه بمعمودية الماء.‏ واعتمدتُ بعد عام،‏ بعمر ١١ سنة.‏

قرار حاسم

بعدما انهيتُ دروسي في معهد للعلوم التجارية سنة ١٩٥١،‏ بدأت اعمل في شركة «فورد موتور» في فنلندا.‏ وبعد ستة اشهر فاجأني خادم جائل حكيم من شهود يهوه بشيء.‏ فقد دعاني الى إلقاء خطاب في احد المحافل عن بركات خدمة الفتح،‏ او الخدمة كامل الوقت.‏ لم ارتح لهذه الفكرة،‏ لأني كنت اعمل عملا دنيويا بدوام كامل وشعرت بأن كلامي لن يكون نابعا من قلبي.‏ فصليت الى يهوه من اجل هذه المسألة.‏ وأدركت انه يجب على المسيحيين ألا ‹يعيشوا فيما بعد لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم›،‏ فقررت ان اغيِّر اولوياتي وأخدم كفاتح.‏ —‏ ٢ كورنثوس ٥:‏١٥‏.‏

وعدني المشرف عليّ في عملي بمضاعفة راتبي اذا بقيت في الشركة.‏ ولكن عندما رأى اني مصرّ على موقفي،‏ قال:‏ «لقد اتخذتَ القرار الصائب.‏ لقد قضيتُ حياتي هنا في هذا المكتب،‏ فإلى ايّ حد ساعدتُ الناس حقا؟‏».‏ وهكذا،‏ في شهر ايار (‏مايو)‏ ١٩٥٢،‏ صرت فاتحا.‏ وصار بإمكاني بعد اسابيع قليلة ان ألقي خطابي عن خدمة الفتح بكل ثقة.‏

بعدما خدمتُ كفاتح لأشهر قليلة،‏ حُكم عليّ بالسجن ستة اشهر بسبب حيادي المسيحي.‏ وتبع ذلك احتجاز دام ثمانية اشهر مع شهود شبان آخرين في جزيرة هاستو بوسو في خليج فنلندا.‏ فدعَونا الجزيرة «جلعاد الصغرى» بسبب برنامج درس الكتاب المقدس المكثف الذي نظمناه.‏ لكنَّ هدفي كان حضور جلعاد الحقيقية،‏ مدرسة جلعاد برج المراقبة،‏ الواقعة قرب ساوث لانسينڠ في ولاية نيويورك الاميركية.‏

فيما كنت لا ازال محتجزا في الجزيرة،‏ وصلتني رسالة من مكتب فرع جمعية برج المراقبة تدعوني الى العمل كخادم جائل من شهود يهوه.‏ وكان عليَّ،‏ عند اطلاق سراحي،‏ ان ازور الجماعات في القطاع الناطق باللغة السويدية في فنلندا.‏ وكنت آنذاك في الـ‍ ٢٠ من عمري فقط،‏ فشعرت بأني غير مؤهل،‏ لكني وثقت بيهوه.‏ (‏فيلبي ٤:‏١٣‏،‏ ع‌ج‏)‏ والشهود في الجماعات التي خدمتُها كانوا رائعين،‏ اذ لم يستخفوا بي قط بسبب كوني مجرد «ولد».‏ —‏ ارميا ١:‏٧‏.‏

عندما كنت ازور احدى الجماعات في السنة التالية،‏ التقيتُ ليندا التي اتت من الولايات المتحدة لتقضي عطلتها في فنلندا.‏ وبعد ان عادت الى الولايات المتحدة،‏ احرزَت تقدُّما روحيا سريعا.‏ وبُعيد ذلك اعتمدت.‏ ثم تزوَّجنا في حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٥٧.‏ ودُعينا لاحقا الى الصف الـ‍ ٣٢ لمدرسة جلعاد،‏ في ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٥٨.‏ وبعد تخرُّجنا في شهر شباط (‏فبراير)‏ التالي،‏ عُيِّنّا في نياسالَند،‏ التي تدعى الآن ملاوي،‏ في جنوبي شرقي افريقيا.‏

خدمتنا في افريقيا

كنا نحب الخروج في الخدمة العلنية مع اخوتنا الافريقيين الذين كان يبلغ عددهم آنذاك ٠٠٠‏,١٤ في نياسالَند.‏ وأحيانا كنا نتنقل بسيارة لاند روڤر،‏ آخذين معنا كل حاجياتنا.‏ وكنا نقيم في قرى لم يدخلها انسان ابيض قط ونلقى دائما ترحيبا حارا.‏ فعند وصولنا،‏ كان جميع سكان القرية يخرجون من بيوتهم لرؤيتنا.‏ وبعد إلقاء تحية مهذبة،‏ كانوا يجلسون على الارض دون ان ينبسوا بكلمة ويتأملون فينا.‏

غالبا ما كان القرويون يتكرّمون ويبنون كوخا مخصَّصا لنا،‏ وكان يُصنع احيانا من الطين وأحيانا اخرى من نباتات طويلة،‏ ويسع سريرا واحدا فقط.‏ وكانت الضباع تمرّ بسرعة بالقرب من الكوخ خلال الليل،‏ وتطلق اصواتها المخيفة قرب رؤوسنا.‏ لكنَّ الشهود في نياسالَند كانوا سيواجهون قوى اخطر من الحيوانات البرية.‏

مسألة القومية تُثار

كانت حركات الاستقلال ناشطة في كل انحاء افريقيا.‏ وفي نياسالَند كان يُتوقع من كل شخص ان ينضم الى الحزب السياسي الوحيد القائم هناك.‏ وفجأة صار حيادنا مسألة وطنية مهمة.‏ كنت آنذاك اهتم بالاعمال المكتبية في غياب ناظر فرعنا مالكوم ڤيڠو.‏ فطلبتُ اجراء لقاء بيني وبين الدكتور هايستنڠز كاموزو باندا،‏ رئيس وزراء نياسالَند.‏ وقمتُ مع شيخَين مسيحيَّين آخرَين بشرح موقفنا الحيادي له،‏ وانتهى الاجتماع بشكل حبي.‏ ومع ذلك،‏ بعد شهر تقريبا،‏ في شباط (‏فبراير)‏ ١٩٦٤،‏ وقع ألَتون مواتْشانْدي اول ضحية للاضطهاد،‏ اذ طُعن بحربة حتى الموت على يد مجموعة من الرعاع الغضاب.‏ وأُجبر الشهود الآخرون في قريته على الهرب.‏

ارسلْنا برقية الى الدكتور باندا،‏ مناشدينه استخدام سلطته لوقف العنف.‏ فتلقيتُ بعد وقت قصير اتصالا من مكتب رئيس الوزراء يُطلب فيه حضوري.‏ فذهبت لرؤية الدكتور باندا،‏ ورافقني مرسل آخر يدعى هارولد ڠاي وشاهد محلي يدعى ألكسندر مافَمبانا.‏ وكان وزيران حاضرَين ايضا.‏

ما إن جلسنا حتى بدأ الدكتور باندا،‏ دون التفوُّه بأية كلمة،‏ يلوِّح بالبرقية قرب رأسه.‏ وأخيرا قطع حبل الصمت وقال:‏ «سيد يوهانسن،‏ ما معنى ارسالك برقية كهذه؟‏».‏ فأوضحنا له من جديد موقفنا الحيادي سياسيا،‏ وأضفتُ:‏ «بعد ان قُتل ألَتون مواتْشانْدي،‏ لم يبقَ غيرك لمساعدتنا».‏ وبدا ان ذلك اقنع الدكتور باندا،‏ فارتاح بعض الشيء.‏

لكنَّ احد الوزيرَين الحاضرَين ادعى ان الشهود في احدى القرى البعيدة لا يتعاونون مع السلطات المحلية.‏ ثم ذكر الوزير الثاني قرية نائية اخرى،‏ وادعى ان الشهود هناك تكلموا عن الدكتور باندا بطريقة محقِّرة.‏ لكنهما لم يتمكنا من اعطائنا اسماء مَن فعلوا ذلك.‏ فأوضحنا ان شهود يهوه يتعلمون دائما احترام السلطات الحكومية.‏ وللأسف،‏ فشلت جهودنا لتصحيح الانطباع الخاطئ عند الدكتور باندا ووزيرَيه.‏

حياتنا كانت في خطر

في سنة ١٩٦٤،‏ نالت نياسالَند استقلالها وصارت تُعرف لاحقا باسم جمهورية ملاوي.‏ واستمر عملنا الكرازي بشكل طبيعي الى حد ما ولكن تحت ضغط متزايد.‏ وخلال هذه الفترة اتصل اخوة في المنطقة الجنوبية من البلد وقالوا ان عصيانا سياسيا وقع هناك.‏ ورأينا انه يلزم ان يذهب اخ فورا الى هناك ليقيّم وضع الشهود ويمنح الدعم المعنوي.‏ وقد سبق ان قمت برحلات عبر الغابات وحدي،‏ وتقبّلت ليندا الامر بشجاعة.‏ لكنها هذه المرة توسلت قائلة ان آخذ معي شاهدا محليا شابا يدعى لويد ليكْويدي.‏ وفي النهاية وافقتُ،‏ قائلا في نفسي:‏ ‹اذا كان هذا الامر يريحها،‏ فسآ‌خذه معي›.‏

قيل لنا انه يجب ان نعبر احد الانهر بالعبّارة قبل حظر التجوّل الساعة ٠٠:‏٦ مساء.‏ فبذلنا اقصى جهدنا لنصل الى العبّارة قبل ذلك الوقت،‏ لكنَّ حالة الطرق المزرية أخّرتنا.‏ ولم نكن نعلم انه قد أُصدر امر بإطلاق النار على كل مَن يُرى عند جهتنا من النهر بعد الساعة السادسة.‏ وفيما كنا نقود السيارة نحو النهر،‏ رأينا ان العبّارة صارت عند الضفة المقابلة.‏ فنادى الاخ ليكْويدي مَن عليها طالبا ان ترجع العبّارة وتأخذنا.‏ فعادت،‏ لكنَّ جنديا على متنها صاح قائلا:‏ «يجب ان اقتل الرجل الابيض!‏».‏

في البداية اعتبرتُ ذلك مجرد تهديد،‏ ولكن فيما كانت العبّارة تقترب،‏ امرني الجندي بأن اقف امام مصباحَي السيارة.‏ وعندئذ رمى صديقي الافريقي بنفسه وحالَ بيننا،‏ متوسلا الى الجندي ان يطلق النار عليه لا عليّ.‏ ويبدو ان الجندي تأثر باستعداده للموت من اجلي،‏ فخفض بندقيته.‏ فتبادرت الى ذهني كلمات يسوع:‏ «ليس لأحد حب اعظم من هذا ان يضع احد نفسه لأجل احبائه».‏ (‏يوحنا ١٥:‏١٣‏)‏ وكم سررت بأني سمعت لليندا وجلبت هذا الاخ العزيز معي!‏

وفي اليوم التالي اعترضَنا حاجز على طريق العودة الى بلانتاير وضعه بعض الشبان،‏ وطلبوا رؤية بطاقة عضوية ليكْويدي في الحزب.‏ فلم يكن هنالك سوى سبيل واحد للنجاة:‏ تجاوُز الحشد،‏ وبسرعة!‏ لذلك وضعتُ سيارتي على احدى السرعات،‏ فأخذَت تندفع الى الامام شيئا فشيئا،‏ وهذا ما اخافهم وجعلهم يبتعدون.‏ فلو وقع الاخ ليكْويدي في ايدي الرعاع،‏ لَكان الآن على الارجح في عداد الاموات.‏ وعندما وصلنا الى مكتب الفرع،‏ كنا نرتعد جدا،‏ ولكن شَكَرْنا يهوه على حمايته.‏

سُجنوا بسبب ايمانهم

حُظر عملنا رسميا في ملاوي في شهر تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٦٧.‏ وكان هنالك آنذاك نحو ٠٠٠‏,١٨ شاهد في البلد.‏ وعلمنا بعد اسبوعين ان ٠٠٠‏,٣ شاهد سُجنوا في العاصمة ليلونڠْواي.‏ فقررنا ان نذهب الى هناك بالسيارة ليلا،‏ قاطعين مسافة ٣٠٠ كيلومتر (‏١٩٠ ميلا)‏،‏ لنمنحهم على الاقل الدعم المعنوي.‏ فحمّلنا اللاند روڤر مطبوعات برج المراقبة،‏ وتمكّنّا بفضل يهوه من اجتياز الحواجز الكثيرة على الطرقات دون تفتيش.‏ وعلى طول الطريق،‏ وفي جماعة بعد الاخرى،‏ وزّعنا علبا كرتونية تحتوي على طعام روحي في حينه.‏

وفي الصباح توجّهنا الى السجن.‏ ويا لهول المنظر!‏ كانت السماء قد امطرت طوال الليل،‏ وكان اخوتنا وأخواتنا المسيحيون محتجَزين في العراء في مجمَّع يحيط به سياج.‏ كانت ثيابهم مبللة جدا،‏ وكان البعض يحاولون تجفيف بطانياتهم بنشرها على السياج.‏ وتمكّنّا من التحدث الى قليلين منهم عبر السياج.‏

عُقدت محكمة عند الظهر للنظر في الدعوى،‏ وأتى عدد من الشهود المزعومين ليشهدوا.‏ حاولنا ان ننظر الى عيونهم مباشرة،‏ لكنَّ وجوههم بقيت خالية من ايّ تعبير.‏ وفوجئنا حين تخلى هؤلاء جميعا عن ايمانهم!‏ لكني علمت ان الاخوة المحليين لم يعرفوا احدا من هؤلاء الذين انكروا انهم شهود ليهوه.‏ فكما يَظهر كانت تلك محاولة لتثبيط عزيمة الشهود الحقيقيين.‏

خلال هذا الوقت،‏ صدر امر بترحيلنا.‏ فكان مكتب فرعنا قد صودر،‏ ومُنح المرسلون ٢٤ ساعة ليغادروا البلد.‏ وكم فوجئنا عندما وجدنا شرطيا يفتح لنا البوابة حين عدنا الى البيت.‏ وبعد الظهر اتى مسؤول في الشرطة وأوقفنا،‏ بشيء من الاسف،‏ وقادنا الى المطار.‏

غادرنا ملاوي في ٨ تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ١٩٦٧،‏ عالمين ان اخوتنا المسيحيين هناك ينتظرهم امتحان شديد.‏ وكم آلمتنا قلوبنا لأجلهم!‏ فقد مات العشرات منهم،‏ وعانى المئات عذابا وحشيا،‏ وفقد الآلاف اعمالهم وبيوتهم وممتلكاتهم.‏ ومع ذلك حافظوا جميعهم تقريبا على استقامتهم.‏

الى تعيينات جديدة

رغم هذه المشقات،‏ لم يخطر ببالنا قط ان نترك العمل الارسالي،‏ بل وافقنا على تعيين جديد لنا —‏ في كينيا،‏ ارض التناقضات في المناظر والسكان.‏ وأُعجبت ليندا بشعب الماساي.‏ وفي ذلك الوقت،‏ لم يكن هنالك بين الماساي شخص من شهود يهوه.‏ ولكن التقت ليندا امرأة من الماساي تدعى دوركاس،‏ وبدأت تدرس معها الكتاب المقدس.‏

كانت دوركاس تعلم انه يجب ان تجعل زواجها شرعيا لكي ترضي اللّٰه.‏ فرفض ابو ولدَيها ذلك،‏ لذلك حاولت دوركاس ان تعيل ولدَيها بنفسها.‏ فغضب الرجل على الشهود،‏ لكنَّ بقاءه بعيدا عن عائلته اتعسه.‏ وأخيرا،‏ بحثٍّ من دوركاس،‏ بدأ هو ايضا يدرس الكتاب المقدس مع شهود يهوه.‏ ونظّم حياته وصار شاهدا وتزوج دوركاس.‏ وصارت دوركاس فاتحة،‏ أما زوجها وابنها البكر فيخدمان كشيخين في الجماعة.‏

وفجأة حُظر عمل شهود يهوه في كينيا سنة ١٩٧٣،‏ واضطررنا الى الرحيل.‏ ثم رُفع الحظر بعد اشهر قليلة.‏ ولكن بحلول ذلك الوقت كنا قد تلقينا تعييننا الثالث —‏ في الكونڠو (‏برازاڤيل)‏.‏ وصلنا الى هناك في نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٧٤.‏ وبعد ثلاث سنوات تقريبا،‏ اتُّهمنا نحن المرسلين باطلا بأننا جواسيس،‏ وحُظر العمل.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ اندلع القتال في برازاڤيل بعد اغتيال رئيس البلد.‏ فعُيِّن جميع المرسلين الآخرين في بلدان مختلفة،‏ أما نحن فطُلب منا البقاء قدر الامكان.‏ وبقينا طوال اسابيع نخلد الى النوم غير عالمين هل سنرى فجر يوم جديد.‏ ولكن كنا ننام ملء جفوننا،‏ واثقين برعاية يهوه لنا.‏ وعلى الارجح كانت تلك الاشهر القليلة،‏ التي قضيناها وحدنا في مكتب الفرع،‏ اكثر فترة امتُحن فيها ايماننا وتقوّى طوال خدمتنا الارسالية.‏

وفي نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٧٧ اضطررنا الى مغادرة برازاڤيل.‏ ثم اتتنا مفاجأة حقيقية:‏ تعيين في ايران لتأسيس مكتب فرع هناك.‏ كان اول تحدٍّ لنا تعلُّم اللغة الفارسية.‏ وبسبب تعلّم لغة جديدة،‏ لم يسعنا إلا ان نقدّم ابسط التعليقات في اجتماعات الجماعة،‏ التعليقات نفسها التي يقدّمها الاولاد الصغار!‏ وفي سنة ١٩٧٨ اندلعت ثورة في ايران.‏ وبقينا هناك طوال اسوإ المعارك،‏ ولكن رُحِّلنا نحن المرسلين جميعا في تموز (‏يوليو)‏ ١٩٨٠.‏

اعادنا تعييننا الخامس الى وسط افريقيا،‏ الى زائير التي هي الآن جمهورية الكونڠو الديموقراطية.‏ وخدمنا في زائير ١٥ سنة،‏ وكنا تحت الحظر ايضا خلال جزء من هذه الفترة.‏ عندما وصلنا كان هنالك نحو ٠٠٠‏,٢٢ شاهد نشيط في ذلك البلد،‏ أما الآن فهنالك اكثر من ٠٠٠‏,١٠٠!‏

العودة الى التعيين الاول

في ١٢ آب (‏اغسطس)‏ ١٩٩٣،‏ رُفع الحظر عن شهود يهوه في ملاوي.‏ وبعد سنتين عُيِّنت وليندا حيث ابتدأنا:‏ في ملاوي،‏ البلد الجميل الودود المعروف بقلب افريقيا الخافق.‏ وابتداء من كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٩٦،‏ صرنا نتمتع بالعمل بين شعب ملاوي السعيد والمسالم.‏ ونحن نعزّ خدمتنا من جديد مع اخوتنا الملاويّين الامناء الذين تحمل كثيرون منهم ثلاثة عقود من الاضطهاد.‏ وكان اخوتنا الافريقيون مصدر تشجيع لنا،‏ ونحن نحبهم.‏ لقد عاشوا فعلا بانسجام مع كلمات بولس:‏ «بضيقات كثيرة ينبغي ان ندخل ملكوت اللّٰه».‏ (‏اعمال ١٤:‏٢٢‏)‏ وهنالك نحو ٠٠٠‏,٤١ شاهد في ملاوي يتمتعون بحرية الكرازة علانية وعقد المحافل الكبيرة.‏

لقد تمتعنا كثيرا بجميع تعييناتنا.‏ وقد تعلّمنا ليندا وأنا ان ايّ اختبار،‏ مهما يكن صعبا،‏ يمكن ان يجعلنا اشخاصا افضل،‏ شرط ان نحافظ على «فرح الرب».‏ (‏نحميا ٨:‏١٠‏)‏ صحيح انني واجهت بعض الصعوبات في التكيف عندما كنا نضطر الى ترك تعييناتنا،‏ لكنَّ قدرة ليندا على التكيُّف —‏ وخصوصا ايمانها القوي بيهوه —‏ ساعدتني،‏ وهذا ما جعلني اقدّر بركة حيازة «زوجة صالحة».‏ —‏ امثال ١٨:‏٢٢‏،‏ ترجمة تفسيرية.‏

يا للحياة السعيدة والمثيرة التي عشناها!‏ وكم مرة شكرنا يهوه على حمايته لنا!‏ (‏رومية ٨:‏٣١‏)‏ لقد مرّ اكثر من اربعة عقود منذ ألقيت ذلك الخطاب عن بركات الخدمة كامل الوقت.‏ ونحن مسروران لأننا ‹جرّبْنا وذقنا ما اطيب يهوه›.‏ (‏مزمور ٣٤:‏٨؛‏ ملاخي ٣:‏١٠‏)‏ ونحن مقتنعان بأن ‹عدم العيش فيما بعد لأنفسنا› هو افضل طريقة للعيش.‏

‏[الخريطة/‏الصورة في الصفحة ٢٤]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

البلدان التي خدمنا فيها

ايران

جمهورية الكونڠو

جمهورية الكونڠو الديموقراطية

كينيا

ملاوي

‏[الصورة في الصفحة ٢١]‏

في طريقنا الى ملاوي،‏ عن طريق كَيپ تاون في جنوب افريقيا

‏[الصورة في الصفحة ٢٣]‏

عندما اعتُقلنا ورُحّلنا من ملاوي

‏[الصورة في الصفحة ٢٥]‏

دوركاس،‏ من الماساي،‏ مع زوجها

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة