مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • مَرْيَم
    بصيرة في الاسفار المقدسة
    • ٣-‏ امّ يسوع وابنة هالي،‏ مع ان سلسلة النسب في سفر لوقا تذكر ان يوسف زوج مريم هو «ابن هالي».‏ تذكر دائرة معارف مكلنتوك وسترونغ (‏١٨٨١،‏ المجلد ٣،‏ ص ٧٧٤ ]بالانكليزية[)‏:‏ «من المعروف ان اليهود كانوا يحسبون الذكور فقط عند تنظيم سلاسل انسابهم.‏ وإذا تتابع نسل الجد ليصل الى الحفيد من خلال الابنة،‏ يحذفون اسمها ويحسبون الصهر ابنا لجد الحفيد من جهة امه (‏عد ٢٦:‏٣٣؛‏ ٢٧:‏​٤-‏٧‏)‏».‏ ولا شك ان هذا السبب هو ما جعل المؤرخ لوقا يقول ان يوسف هو «ابن هالي».‏ —‏ لو ٣:‏٢٣‏.‏

      كانت مريم من سبط يهوذا ومتحدرة من داود.‏ لذا يمكن القول عن ابنها يسوع انه «تحدر من نسل داود بحسب الجسد».‏ (‏رو ١:‏٣‏)‏ وقد امتلك يسوع من خلال ابيه بالتبني،‏ يوسف المتحدر من داود،‏ حقا شرعيا في عرش داود؛‏ كما امتلك من خلال امه،‏ بصفته «نسل» و «اصل» داود،‏ الحق الوراثي الطبيعي في «عرش داود ابيه».‏ —‏ مت ١:‏​١-‏١٦؛‏ لو ١:‏٣٢؛‏ اع ١٣:‏​٢٢،‏ ٢٣؛‏ ٢ تي ٢:‏٨؛‏ رؤ ٥:‏٥؛‏ ٢٢:‏١٦‏.‏

      يذكر التقليد ان زوجة هالي،‏ اي امّ مريم،‏ تدعى حنة،‏ وأن اخت حنة انجبت بنتا اسمها أليصابات التي هي امّ يوحنا المعمدان.‏ وإذا كان هذا التقليد صحيحا،‏ فهذا يعني ان أليصابات هي ابنة خالة مريم.‏ وتؤكد الاسفار المقدسة نفسها وجود قرابة بين مريم وأليصابات التي كانت «من بنات هارون» من سبط لاوي.‏ (‏لو ١:‏​٥،‏ ٣٦‏)‏ فضلا عن ذلك،‏ يظن البعض ان سالومة زوجة زبدي،‏ التي كان ابناها يعقوب ويوحنا من رسل يسوع،‏ هي اخت مريم.‏ —‏ مت ٢٧:‏​٥٥،‏ ٥٦؛‏ مر ١٥:‏٤٠؛‏ ١٦:‏١؛‏ يو ١٩:‏٢٥‏.‏

      يزورها ملاك:‏ نحو بداية سنة ٢ ق‌م،‏ ارسل اللّٰه الملاك جبرائيل الى العذراء مريم في بلدة الناصرة.‏ وقد وجَّه اليها تحية استثنائية جدا قائلا:‏ «طاب يومك،‏ ايتها المنعم عليها،‏ يهوه معك».‏ وعندما قال انها ستحبل وتلد ابنا تدعوه يسوع،‏ سألته مريم التي كانت آنذاك مخطوبة ليوسف:‏ «كيف يكون هذا،‏ وأنا ليس لي علاقة زوجية برجل؟‏».‏ فأوضح الملاك:‏ «روح قدس يأتي عليك،‏ وقدرة العلي تظللك.‏ لذلك ايضا يدعى المولود قدوسا،‏ ابن اللّٰه».‏ وإذ ابتهجت بالحدث المرتقب،‏ اجابت بحشمة وتواضع لائقين:‏ «هوذا أمَة يهوه!‏ ليكن لي كما اعلنت».‏ —‏ لو ١:‏​٢٦-‏٣٨‏.‏

      ولتقوية ايمان مريم استعدادا لهذا الحدث البالغ الاهمية،‏ قيل لها ان نسيبتها أليصابات حبلت في شيخوختها وبلغت الشهر السادس من حملها،‏ وإنها لم تعد عاقرا بفضل قوة يهوه العجائبية.‏ فذهبت مريم لزيارتها،‏ وحين دخلت بيتها ارتكض الجنين فرحا في رحم أليصابات.‏ عندئذ هنأت هذه الاخيرة مريم قائلة:‏ «مباركة انت بين النساء،‏ ومباركة ثمرة رحمك!‏».‏ (‏لو ١:‏​٣٦،‏ ٣٧،‏ ٣٩-‏٤٥‏)‏ فاندفعت مريم الى التفوه بكلمات ملهمة تمجد يهوه على صلاحه.‏ —‏ لو ١:‏​٤٦-‏٥٥‏.‏

      رجعت مريم الى الناصرة بعدما اقامت نحو ثلاثة اشهر عند أليصابات في تلال اليهودية.‏ (‏لو ١:‏٥٦‏)‏ وعندما علم يوسف انها حامل (‏على الارجح اباحت هي اليه بذلك)‏،‏ نوى ان يطلقها سرا بدلا من تعريضها للتشهير العلني.‏ (‏اعتُبر المخطوبون كأنهم متزوجون،‏ وكان يلزم اجراء طلاق لفسخ الخطبة.‏)‏ لكن ملاك يهوه تراءى ليوسف وكشف له ان الذي حُبل به فيها هو من روح قدس.‏ عندئذ اذعن يوسف للوصية الالهية وتزوج مريم،‏ «ولم تكن له علاقة زوجية بها الى ان ولدت ابنا،‏ ودعا اسمه يسوع».‏ —‏ مت ١:‏​١٨-‏٢٥‏.‏

      تلد يسوع في بيت لحم:‏ تتوالى احداث هذه القصة ويُصدر القيصر اوغسطس مرسوما يُلزم فيه كل شخص بأن يكتتب في مسقط رأسه.‏ وقد صدر المرسوم في ذلك الوقت بتدبير الهي،‏ اذ كان لا بد ان تتم النبوة المتعلقة بمكان ولادة يسوع.‏ (‏مي ٥:‏٢‏)‏ وهكذا اخذ يوسف مريم،‏ التي كان ‹حملها قد ثقل›،‏ في رحلة شاقة تناهز الـ‍ ١٥٠ كلم (‏٩٣ ميلا)‏ من بيتهما في الناصرة شمالا الى بيت لحم جنوبا.‏ وبما انه لم يكن لهما موضع في النزل،‏ وُلد الطفل في احوال وضيعة للغاية وأُضجع في مذود.‏ وقد حدث ذلك على الارجح نحو ١ تشرين الاول سنة ٢ ق‌م.‏ —‏ لو ٢:‏​١-‏٧‏؛‏ انظر الصورتين في المجلد ٢،‏ ص X‏؛‏ «‏يسوع المسيح‏».‏

      بعد سماع صوت ملاك يقول:‏ «وُلد لكم اليوم مخلص،‏ هو المسيح الرب،‏ في مدينة داود»،‏ اسرع رعاة الى بيت لحم.‏ وهناك وجدوا العلامة:‏ طفل مريم ‹مقمط ومُضجَع في مذود›.‏ فأخبروا العائلة السعيدة ما كانت الجوقة الملائكية العظيمة قد رنمته:‏ «المجد للّٰه في الاعالي،‏ وعلى الارض السلام بين اناس الرضى».‏ وكانت مريم «تحفظ كل هذا الكلام،‏ متفكرة فيه في قلبها».‏ —‏ لو ٢:‏​٨-‏٢٠‏.‏

      في اليوم الثامن اخذت مريم ابنها ليُختن اطاعة لشريعة يهوه.‏ وفي اليوم الـ‍ ٤٠ اتت هي وزوجها بالطفل الى الهيكل في اورشليم لتقريب الذبيحة الموصى بها.‏ وقد امرت الشريعة بأن تكون الذبيحة حملا وفرخ يمام او ترغلة؛‏ وإن لم يكن في وسع العائلة ان تقدم شاة،‏ لزم ان تقرب زوج ترغل او فرخي يمام.‏ وبما ان مريم قربت إما «زوج ترغل او فرخي يمام»،‏ فمن الواضح ان يوسف لم يكن ميسور الحال.‏ (‏لو ٢:‏​٢١-‏٢٤؛‏ لا ١٢:‏​١-‏٤،‏ ٦،‏ ٨‏)‏ وقد رأى الطفلَ رجلٌ بار يدعى سمعان،‏ فسبّح يهوه لأنه سمح له برؤية المخلص قبل ان يموت بسبب شيخوخته.‏ ثم التفت الى مريم وقال:‏ «وأنتِ سيجوز في نفسك سيف طويل».‏ لم يعنِ هذا انها ستُطعن بسيف حرفي،‏ بل انها ستقاسي الالم والعذاب نتيجة موت ابنها المنبإ به على خشبة الآلام.‏ —‏ لو ٢:‏​٢٥-‏٣٥‏.‏

      تعود الى الناصرة:‏ في وقت لاحق حذر ملاكٌ يوسف من مكيدة دبرها هيرودس الكبير لقتل الصغير،‏ وأمره بأن يهرب بيسوع الى مصر.‏ (‏مت ٢:‏​١-‏١٨‏)‏ وبعد موت هيرودس،‏ عادت العائلة واستقرت في الناصرة،‏ حيث انجبت مريم في السنين التالية اولادا آخرين:‏ اربعة بنين على الاقل وعددا من البنات.‏ —‏ مت ٢:‏​١٩-‏٢٣؛‏ ١٣:‏​٥٥،‏ ٥٦؛‏ مر ٦:‏٣‏.‏

      كان من عادة مريم ان ترافق يوسف كل سنة في رحلة الى اورشليم من اجل الاحتفال السنوي بعيد الفصح،‏ قاطعين مسافة ١٥٠ كلم (‏٩٣ ميلا)‏ تقريبا،‏ رغم ان الشريعة لم تُلزم النساء بالحضور.‏ (‏خر ٢٣:‏١٧؛‏ ٣٤:‏٢٣‏)‏ وفي احدى هذه الرحلات،‏ نحو سنة ١٢ ب‌م،‏ اكتشفت العائلة في طريق عودتها،‏ بعد مسيرة يوم من اورشليم،‏ ان الصبي يسوع مفقود.‏ فعاد ابواه على الفور الى اورشليم وأخذا يبحثان عنه.‏ وبعد ثلاثة ايام وجداه في الهيكل يسمع للمعلمين ويسألهم.‏ فصاحت مريم:‏ «يا ولدي،‏ لماذا فعلت بنا هكذا؟‏ هوذا ابوك وأنا كنا في كرب نفتش عنك».‏ فأجاب يسوع:‏ «لماذا تفتشان عني؟‏ ألم تعلما انني لا بد ان اكون في بيت ابي؟‏».‏ لا شك ان العثور على ابن اللّٰه في الهيكل هو امر منطقي،‏ فهناك يستطيع ان يتلقى الارشاد من الاسفار المقدسة.‏ وقد كانت مريم «تحفظ باعتناء كل هذا الكلام في قلبها».‏ —‏ لو ٢:‏​٤١-‏٥١‏.‏

      تبين ان هذا الصبي يسوع،‏ البالغ من العمر ١٢ سنة،‏ يملك معرفة مذهلة تفوق ما يُتوقع من ولد في سنه.‏ فقد «كان كل الذين يسمعونه مبهوتين من فهمه وأجوبته».‏ (‏لو ٢:‏٤٧‏)‏ غير ان المعرفة والفهم اللذين امتلكهما يسوع في الاسفار المقدسة كانا نتيجة تدريب ابويه الممتاز.‏ فلا بد ان مريم ويوسف دأبا على تعليم الصبي وتدريبه.‏ وقد ربّياه «في تأديب يهوه وتوجيهه الفكري» ونمّيا فيه التقدير لعادة الذهاب الى المجمع كل سبت.‏ —‏ لو ٤:‏١٦؛‏ اف ٦:‏٤‏.‏

      يسوع احترمها وأحبها:‏ لم يعامل يسوع مريم معاملة مميزة جدا بعد معموديته.‏ فلم يخاطبها مستعملا كلمة ‹امي› بل كلمة «امرأة».‏ (‏يو ٢:‏٤؛‏ ١٩:‏٢٦‏)‏ ولا يُقصد ابدا بهذه الكلمة التقليل من الاحترام كما يمكن ان توحي للبعض.‏ فالكلمة المستعملة بهذه الطريقة في اللغة الالمانية،‏ مثلا،‏ يُقصد بها «سيدة».‏ وصحيح ان مريم كانت امّ يسوع بحسب الجسد،‏ ولكن منذ ولادته بالروح وقت معموديته،‏ صار بشكل رئيسي ابن اللّٰه الروحي وصارت ‹امه› «اورشليم العليا».‏ (‏غل ٤:‏٢٦‏)‏ وشدد يسوع على ذلك عندما قاطعته مريم وأولادها الآخرون فيما كان يعلّم،‏ طالبين منه ان يخرج الى حيث هم واقفون.‏ فقد اظهر ان مَن يعتبرهم فعليا امه وأقرب اقربائه هم الاشخاص الذين ينتمون الى عائلته الروحية،‏ وأن المسائل الروحية لها الاولوية فوق الاهتمامات الجسدية.‏ —‏ مت ١٢:‏​٤٦-‏٥٠؛‏ مر ٣:‏​٣١-‏٣٥؛‏ لو ٨:‏​١٩-‏٢١‏.‏

      عندما نفدت الخمر في عرس في قانا الجليل وقالت مريم ليسوع:‏ «ليس عندهم خمر»،‏ اجابها قائلا:‏ «ما لي ولك يا امرأة؟‏ لم تأتِ ساعتي بعد».‏ (‏يو ٢:‏​١-‏٤‏)‏ استخدم يسوع هنا جملة استفهامية قديمة ترد ثماني مرات في الاسفار العبرانية (‏يش ٢٢:‏٢٤؛‏ قض ١١:‏١٢؛‏ ٢ صم ١٦:‏١٠؛‏ ١٩:‏٢٢؛‏ ١ مل ١٧:‏١٨؛‏ ٢ مل ٣:‏١٣؛‏ ٢ اخ ٣٥:‏٢١؛‏ هو ١٤:‏٨‏)‏ وست مرات في الاسفار اليونانية.‏ (‏مت ٨:‏٢٩؛‏ مر ١:‏٢٤؛‏ ٥:‏٧؛‏ لو ٤:‏٣٤؛‏ ٨:‏٢٨؛‏ يو ٢:‏٤‏)‏ فالسؤال «ما لي ولك؟‏» يعني:‏ «ماذا يجمع بيني وبينك؟‏» او «ماذا يجمعك بي؟‏» او «ما شأني بك؟‏».‏ وفي كل مرة يُستعمل فيها هذا السؤال،‏ يُقصد به الاعتراض على الشيء المقترح او المحتمل حدوثه.‏ وهكذا،‏ صاغ يسوع بمحبة توبيخه الرقيق باستعمال هذا السؤال،‏ مظهرا لأمه انه لا يأخذ التوجيهات منها بل من صاحب السلطان الاسمى الذي ارسله.‏ (‏١ كو ١١:‏٣‏)‏ وقد فهمت مريم الحساسة والمتواضعة الفكرة على الفور وقبلت التقويم.‏ فتراجعت وتركت يسوع يأخذ القيادة،‏ قائلة للخدم:‏ «مهما يقل لكم فافعلوا».‏ —‏ يو ٢:‏٥‏.‏

      كانت مريم واقفة عند خشبة الآلام حين عُلق يسوع.‏ فيسوع بالنسبة اليها هو اكثر من ابن محبوب؛‏ انه المسيا،‏ ربها ومخلصها،‏ وابن اللّٰه.‏ ويبدو ان مريم كانت ارملة في ذلك الوقت.‏ وبما ان يسوع هو البكر في عائلة يوسف،‏ فقد تمم مسؤوليته حين طلب من الرسول يوحنا،‏ ابن خالته على الارجح،‏ ان يأخذ مريم الى بيته ويعتني بها كما لو كانت امه.‏ (‏يو ١٩:‏​٢٦،‏ ٢٧‏)‏ ولكن لماذا لم يعهد يسوع بها الى احد اخوته من امه؟‏ لا يُذكر ان ايا منهم كان حاضرا آنذاك.‏ كما انهم لم يكونوا قد آمنوا بعد بيسوع،‏ الذي اعتبر ان العلاقة الروحية اهم من العلاقة الجسدية.‏ —‏ يو ٧:‏٥؛‏ مت ١٢:‏​٤٦-‏٥٠‏.‏

      تلميذة امينة:‏ يُظهر الكتاب المقدس في آخر ذكر لمريم انها امرأة ايمان وتعبُّد استمرت تعاشر المؤمنين الآخرين معاشرة لصيقة بعد صعود يسوع الى السماء.‏ فقد اجتمع الرسل الـ‍ ١١ ومريم وآخرون في علية وكانوا «يداومون معا على الصلاة».‏ —‏ اع ١:‏​١٣،‏ ١٤‏.‏

  • مَرْيَم
    بصيرة في الاسفار المقدسة
    • ٣-‏ امّ يسوع وابنة هالي،‏ مع ان سلسلة النسب في سفر لوقا تذكر ان يوسف زوج مريم هو «ابن هالي».‏ تذكر دائرة معارف مكلنتوك وسترونغ (‏١٨٨١،‏ المجلد ٣،‏ ص ٧٧٤ ]بالانكليزية[)‏:‏ «من المعروف ان اليهود كانوا يحسبون الذكور فقط عند تنظيم سلاسل انسابهم.‏ وإذا تتابع نسل الجد ليصل الى الحفيد من خلال الابنة،‏ يحذفون اسمها ويحسبون الصهر ابنا لجد الحفيد من جهة امه (‏عد ٢٦:‏٣٣؛‏ ٢٧:‏​٤-‏٧‏)‏».‏ ولا شك ان هذا السبب هو ما جعل المؤرخ لوقا يقول ان يوسف هو «ابن هالي».‏ —‏ لو ٣:‏٢٣‏.‏

      كانت مريم من سبط يهوذا ومتحدرة من داود.‏ لذا يمكن القول عن ابنها يسوع انه «تحدر من نسل داود بحسب الجسد».‏ (‏رو ١:‏٣‏)‏ وقد امتلك يسوع من خلال ابيه بالتبني،‏ يوسف المتحدر من داود،‏ حقا شرعيا في عرش داود؛‏ كما امتلك من خلال امه،‏ بصفته «نسل» و «اصل» داود،‏ الحق الوراثي الطبيعي في «عرش داود ابيه».‏ —‏ مت ١:‏​١-‏١٦؛‏ لو ١:‏٣٢؛‏ اع ١٣:‏​٢٢،‏ ٢٣؛‏ ٢ تي ٢:‏٨؛‏ رؤ ٥:‏٥؛‏ ٢٢:‏١٦‏.‏

      يذكر التقليد ان زوجة هالي،‏ اي امّ مريم،‏ تدعى حنة،‏ وأن اخت حنة انجبت بنتا اسمها أليصابات التي هي امّ يوحنا المعمدان.‏ وإذا كان هذا التقليد صحيحا،‏ فهذا يعني ان أليصابات هي ابنة خالة مريم.‏ وتؤكد الاسفار المقدسة نفسها وجود قرابة بين مريم وأليصابات التي كانت «من بنات هارون» من سبط لاوي.‏ (‏لو ١:‏​٥،‏ ٣٦‏)‏ فضلا عن ذلك،‏ يظن البعض ان سالومة زوجة زبدي،‏ التي كان ابناها يعقوب ويوحنا من رسل يسوع،‏ هي اخت مريم.‏ —‏ مت ٢٧:‏​٥٥،‏ ٥٦؛‏ مر ١٥:‏٤٠؛‏ ١٦:‏١؛‏ يو ١٩:‏٢٥‏.‏

      يزورها ملاك:‏ نحو بداية سنة ٢ ق‌م،‏ ارسل اللّٰه الملاك جبرائيل الى العذراء مريم في بلدة الناصرة.‏ وقد وجَّه اليها تحية استثنائية جدا قائلا:‏ «طاب يومك،‏ ايتها المنعم عليها،‏ يهوه معك».‏ وعندما قال انها ستحبل وتلد ابنا تدعوه يسوع،‏ سألته مريم التي كانت آنذاك مخطوبة ليوسف:‏ «كيف يكون هذا،‏ وأنا ليس لي علاقة زوجية برجل؟‏».‏ فأوضح الملاك:‏ «روح قدس يأتي عليك،‏ وقدرة العلي تظللك.‏ لذلك ايضا يدعى المولود قدوسا،‏ ابن اللّٰه».‏ وإذ ابتهجت بالحدث المرتقب،‏ اجابت بحشمة وتواضع لائقين:‏ «هوذا أمَة يهوه!‏ ليكن لي كما اعلنت».‏ —‏ لو ١:‏​٢٦-‏٣٨‏.‏

      ولتقوية ايمان مريم استعدادا لهذا الحدث البالغ الاهمية،‏ قيل لها ان نسيبتها أليصابات حبلت في شيخوختها وبلغت الشهر السادس من حملها،‏ وإنها لم تعد عاقرا بفضل قوة يهوه العجائبية.‏ فذهبت مريم لزيارتها،‏ وحين دخلت بيتها ارتكض الجنين فرحا في رحم أليصابات.‏ عندئذ هنأت هذه الاخيرة مريم قائلة:‏ «مباركة انت بين النساء،‏ ومباركة ثمرة رحمك!‏».‏ (‏لو ١:‏​٣٦،‏ ٣٧،‏ ٣٩-‏٤٥‏)‏ فاندفعت مريم الى التفوه بكلمات ملهمة تمجد يهوه على صلاحه.‏ —‏ لو ١:‏​٤٦-‏٥٥‏.‏

      رجعت مريم الى الناصرة بعدما اقامت نحو ثلاثة اشهر عند أليصابات في تلال اليهودية.‏ (‏لو ١:‏٥٦‏)‏ وعندما علم يوسف انها حامل (‏على الارجح اباحت هي اليه بذلك)‏،‏ نوى ان يطلقها سرا بدلا من تعريضها للتشهير العلني.‏ (‏اعتُبر المخطوبون كأنهم متزوجون،‏ وكان يلزم اجراء طلاق لفسخ الخطبة.‏)‏ لكن ملاك يهوه تراءى ليوسف وكشف له ان الذي حُبل به فيها هو من روح قدس.‏ عندئذ اذعن يوسف للوصية الالهية وتزوج مريم،‏ «ولم تكن له علاقة زوجية بها الى ان ولدت ابنا،‏ ودعا اسمه يسوع».‏ —‏ مت ١:‏​١٨-‏٢٥‏.‏

      تلد يسوع في بيت لحم:‏ تتوالى احداث هذه القصة ويُصدر القيصر اوغسطس مرسوما يُلزم فيه كل شخص بأن يكتتب في مسقط رأسه.‏ وقد صدر المرسوم في ذلك الوقت بتدبير الهي،‏ اذ كان لا بد ان تتم النبوة المتعلقة بمكان ولادة يسوع.‏ (‏مي ٥:‏٢‏)‏ وهكذا اخذ يوسف مريم،‏ التي كان ‹حملها قد ثقل›،‏ في رحلة شاقة تناهز الـ‍ ١٥٠ كلم (‏٩٣ ميلا)‏ من بيتهما في الناصرة شمالا الى بيت لحم جنوبا.‏ وبما انه لم يكن لهما موضع في النزل،‏ وُلد الطفل في احوال وضيعة للغاية وأُضجع في مذود.‏ وقد حدث ذلك على الارجح نحو ١ تشرين الاول سنة ٢ ق‌م.‏ —‏ لو ٢:‏​١-‏٧‏؛‏ انظر الصورتين في المجلد ٢،‏ ص X‏؛‏ «‏يسوع المسيح‏».‏

      بعد سماع صوت ملاك يقول:‏ «وُلد لكم اليوم مخلص،‏ هو المسيح الرب،‏ في مدينة داود»،‏ اسرع رعاة الى بيت لحم.‏ وهناك وجدوا العلامة:‏ طفل مريم ‹مقمط ومُضجَع في مذود›.‏ فأخبروا العائلة السعيدة ما كانت الجوقة الملائكية العظيمة قد رنمته:‏ «المجد للّٰه في الاعالي،‏ وعلى الارض السلام بين اناس الرضى».‏ وكانت مريم «تحفظ كل هذا الكلام،‏ متفكرة فيه في قلبها».‏ —‏ لو ٢:‏​٨-‏٢٠‏.‏

      في اليوم الثامن اخذت مريم ابنها ليُختن اطاعة لشريعة يهوه.‏ وفي اليوم الـ‍ ٤٠ اتت هي وزوجها بالطفل الى الهيكل في اورشليم لتقريب الذبيحة الموصى بها.‏ وقد امرت الشريعة بأن تكون الذبيحة حملا وفرخ يمام او ترغلة؛‏ وإن لم يكن في وسع العائلة ان تقدم شاة،‏ لزم ان تقرب زوج ترغل او فرخي يمام.‏ وبما ان مريم قربت إما «زوج ترغل او فرخي يمام»،‏ فمن الواضح ان يوسف لم يكن ميسور الحال.‏ (‏لو ٢:‏​٢١-‏٢٤؛‏ لا ١٢:‏​١-‏٤،‏ ٦،‏ ٨‏)‏ وقد رأى الطفلَ رجلٌ بار يدعى سمعان،‏ فسبّح يهوه لأنه سمح له برؤية المخلص قبل ان يموت بسبب شيخوخته.‏ ثم التفت الى مريم وقال:‏ «وأنتِ سيجوز في نفسك سيف طويل».‏ لم يعنِ هذا انها ستُطعن بسيف حرفي،‏ بل انها ستقاسي الالم والعذاب نتيجة موت ابنها المنبإ به على خشبة الآلام.‏ —‏ لو ٢:‏​٢٥-‏٣٥‏.‏

      تعود الى الناصرة:‏ في وقت لاحق حذر ملاكٌ يوسف من مكيدة دبرها هيرودس الكبير لقتل الصغير،‏ وأمره بأن يهرب بيسوع الى مصر.‏ (‏مت ٢:‏​١-‏١٨‏)‏ وبعد موت هيرودس،‏ عادت العائلة واستقرت في الناصرة،‏ حيث انجبت مريم في السنين التالية اولادا آخرين:‏ اربعة بنين على الاقل وعددا من البنات.‏ —‏ مت ٢:‏​١٩-‏٢٣؛‏ ١٣:‏​٥٥،‏ ٥٦؛‏ مر ٦:‏٣‏.‏

      كان من عادة مريم ان ترافق يوسف كل سنة في رحلة الى اورشليم من اجل الاحتفال السنوي بعيد الفصح،‏ قاطعين مسافة ١٥٠ كلم (‏٩٣ ميلا)‏ تقريبا،‏ رغم ان الشريعة لم تُلزم النساء بالحضور.‏ (‏خر ٢٣:‏١٧؛‏ ٣٤:‏٢٣‏)‏ وفي احدى هذه الرحلات،‏ نحو سنة ١٢ ب‌م،‏ اكتشفت العائلة في طريق عودتها،‏ بعد مسيرة يوم من اورشليم،‏ ان الصبي يسوع مفقود.‏ فعاد ابواه على الفور الى اورشليم وأخذا يبحثان عنه.‏ وبعد ثلاثة ايام وجداه في الهيكل يسمع للمعلمين ويسألهم.‏ فصاحت مريم:‏ «يا ولدي،‏ لماذا فعلت بنا هكذا؟‏ هوذا ابوك وأنا كنا في كرب نفتش عنك».‏ فأجاب يسوع:‏ «لماذا تفتشان عني؟‏ ألم تعلما انني لا بد ان اكون في بيت ابي؟‏».‏ لا شك ان العثور على ابن اللّٰه في الهيكل هو امر منطقي،‏ فهناك يستطيع ان يتلقى الارشاد من الاسفار المقدسة.‏ وقد كانت مريم «تحفظ باعتناء كل هذا الكلام في قلبها».‏ —‏ لو ٢:‏​٤١-‏٥١‏.‏

      تبين ان هذا الصبي يسوع،‏ البالغ من العمر ١٢ سنة،‏ يملك معرفة مذهلة تفوق ما يُتوقع من ولد في سنه.‏ فقد «كان كل الذين يسمعونه مبهوتين من فهمه وأجوبته».‏ (‏لو ٢:‏٤٧‏)‏ غير ان المعرفة والفهم اللذين امتلكهما يسوع في الاسفار المقدسة كانا نتيجة تدريب ابويه الممتاز.‏ فلا بد ان مريم ويوسف دأبا على تعليم الصبي وتدريبه.‏ وقد ربّياه «في تأديب يهوه وتوجيهه الفكري» ونمّيا فيه التقدير لعادة الذهاب الى المجمع كل سبت.‏ —‏ لو ٤:‏١٦؛‏ اف ٦:‏٤‏.‏

      يسوع احترمها وأحبها:‏ لم يعامل يسوع مريم معاملة مميزة جدا بعد معموديته.‏ فلم يخاطبها مستعملا كلمة ‹امي› بل كلمة «امرأة».‏ (‏يو ٢:‏٤؛‏ ١٩:‏٢٦‏)‏ ولا يُقصد ابدا بهذه الكلمة التقليل من الاحترام كما يمكن ان توحي للبعض.‏ فالكلمة المستعملة بهذه الطريقة في اللغة الالمانية،‏ مثلا،‏ يُقصد بها «سيدة».‏ وصحيح ان مريم كانت امّ يسوع بحسب الجسد،‏ ولكن منذ ولادته بالروح وقت معموديته،‏ صار بشكل رئيسي ابن اللّٰه الروحي وصارت ‹امه› «اورشليم العليا».‏ (‏غل ٤:‏٢٦‏)‏ وشدد يسوع على ذلك عندما قاطعته مريم وأولادها الآخرون فيما كان يعلّم،‏ طالبين منه ان يخرج الى حيث هم واقفون.‏ فقد اظهر ان مَن يعتبرهم فعليا امه وأقرب اقربائه هم الاشخاص الذين ينتمون الى عائلته الروحية،‏ وأن المسائل الروحية لها الاولوية فوق الاهتمامات الجسدية.‏ —‏ مت ١٢:‏​٤٦-‏٥٠؛‏ مر ٣:‏​٣١-‏٣٥؛‏ لو ٨:‏​١٩-‏٢١‏.‏

      عندما نفدت الخمر في عرس في قانا الجليل وقالت مريم ليسوع:‏ «ليس عندهم خمر»،‏ اجابها قائلا:‏ «ما لي ولك يا امرأة؟‏ لم تأتِ ساعتي بعد».‏ (‏يو ٢:‏​١-‏٤‏)‏ استخدم يسوع هنا جملة استفهامية قديمة ترد ثماني مرات في الاسفار العبرانية (‏يش ٢٢:‏٢٤؛‏ قض ١١:‏١٢؛‏ ٢ صم ١٦:‏١٠؛‏ ١٩:‏٢٢؛‏ ١ مل ١٧:‏١٨؛‏ ٢ مل ٣:‏١٣؛‏ ٢ اخ ٣٥:‏٢١؛‏ هو ١٤:‏٨‏)‏ وست مرات في الاسفار اليونانية.‏ (‏مت ٨:‏٢٩؛‏ مر ١:‏٢٤؛‏ ٥:‏٧؛‏ لو ٤:‏٣٤؛‏ ٨:‏٢٨؛‏ يو ٢:‏٤‏)‏ فالسؤال «ما لي ولك؟‏» يعني:‏ «ماذا يجمع بيني وبينك؟‏» او «ماذا يجمعك بي؟‏» او «ما شأني بك؟‏».‏ وفي كل مرة يُستعمل فيها هذا السؤال،‏ يُقصد به الاعتراض على الشيء المقترح او المحتمل حدوثه.‏ وهكذا،‏ صاغ يسوع بمحبة توبيخه الرقيق باستعمال هذا السؤال،‏ مظهرا لأمه انه لا يأخذ التوجيهات منها بل من صاحب السلطان الاسمى الذي ارسله.‏ (‏١ كو ١١:‏٣‏)‏ وقد فهمت مريم الحساسة والمتواضعة الفكرة على الفور وقبلت التقويم.‏ فتراجعت وتركت يسوع يأخذ القيادة،‏ قائلة للخدم:‏ «مهما يقل لكم فافعلوا».‏ —‏ يو ٢:‏٥‏.‏

      كانت مريم واقفة عند خشبة الآلام حين عُلق يسوع.‏ فيسوع بالنسبة اليها هو اكثر من ابن محبوب؛‏ انه المسيا،‏ ربها ومخلصها،‏ وابن اللّٰه.‏ ويبدو ان مريم كانت ارملة في ذلك الوقت.‏ وبما ان يسوع هو البكر في عائلة يوسف،‏ فقد تمم مسؤوليته حين طلب من الرسول يوحنا،‏ ابن خالته على الارجح،‏ ان يأخذ مريم الى بيته ويعتني بها كما لو كانت امه.‏ (‏يو ١٩:‏​٢٦،‏ ٢٧‏)‏ ولكن لماذا لم يعهد يسوع بها الى احد اخوته من امه؟‏ لا يُذكر ان ايا منهم كان حاضرا آنذاك.‏ كما انهم لم يكونوا قد آمنوا بعد بيسوع،‏ الذي اعتبر ان العلاقة الروحية اهم من العلاقة الجسدية.‏ —‏ يو ٧:‏٥؛‏ مت ١٢:‏​٤٦-‏٥٠‏.‏

      تلميذة امينة:‏ يُظهر الكتاب المقدس في آخر ذكر لمريم انها امرأة ايمان وتعبُّد استمرت تعاشر المؤمنين الآخرين معاشرة لصيقة بعد صعود يسوع الى السماء.‏ فقد اجتمع الرسل الـ‍ ١١ ومريم وآخرون في علية وكانوا «يداومون معا على الصلاة».‏ —‏ اع ١:‏​١٣،‏ ١٤‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة