مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • بص «التوبة»‏
  • التوبة

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • التوبة
  • بصيرة في الاسفار المقدسة
  • مواد مشابهة
  • مواضيع الكتاب المقدس للمناقشة
    مواضيع الكتاب المقدس للمناقشة
  • يهوه يريد أن يتوب الجميع
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه (‏الطبعة الدراسية)‏ —‏ ٢٠٢٤
  • ملكوت اللّٰه
    بصيرة في الاسفار المقدسة
  • يسوع المسيح
    بصيرة في الاسفار المقدسة
المزيد
بصيرة في الاسفار المقدسة
بص «التوبة»‏

التوبة

الفعل «تاب» يعني «ندم او تأسف» على عمل ما.‏ وهو يحمل فكرة تغيير الشخص فكره بشأن عمل او تصرف قام به لأنه ندمان او غير راضٍ عنه،‏ او فكرة شعوره بوجع الضمير نتيجة ما فعله او لم يفعله.‏ وهذا هو المعنى الذي تعبِّر عنه الكلمة العبرانية ناحام في آيات عديدة.‏ فهي تترجَم الى «ندِم،‏ اقام مناحة،‏ تاب،‏ تأسف» (‏خر ١٣:‏١٧؛‏ تك ٣٨:‏١٢؛‏ اي ٤٢:‏٦؛‏ ٢ صم ٢٤:‏١٦‏)‏؛‏ «تعزَّى» (‏٢ صم ١٣:‏٣٩؛‏ حز ٥:‏١٣‏)‏؛‏ و «استراح (‏من اعدائه مثلا)‏».‏ (‏اش ١:‏٢٤‏)‏ وسواء ندم المرء او تعزَّى،‏ من الواضح ان الامر يشمل تغييرا في الفكر او الشعور.‏

في اليونانية،‏ يُستعمل فعلان للتعبير عن التوبة:‏ مِتانووِيو و مِتامِلومِه.‏ الاول يتألف من مِتا التي تعني «بعد»،‏ و نووِيو (‏مرتبطة بـ‍ نوس اي العقل،‏ الموقف،‏ او الحس الاخلاقي)‏ التي تعني «ادرك،‏ ميَّز،‏ استوعب بفكره،‏ او انتبه».‏ وعليه،‏ يعني الفعل مِتانووِيو حرفيا عرف لاحقا (‏بالتباين مع عرف مسبقا‏)‏ ويدل على تغيير في الفكر،‏ الموقف،‏ او الهدف.‏ اما الفعل مِتامِلومِه فيُشتق من مِلو،‏ فعل يعني «اهتم ب‍».‏ والبادئة مِتا (‏بعد)‏ تعطي الفعل معنى ‹الاسف› (‏مت ٢١:‏٢٩؛‏ ٢ كو ٧:‏٨‏)‏ او ‹التوبة›.‏

اذًا،‏ يركِّز مِتانووِيو على تغيير في وجهة نظر الشخص او موقفه،‏ اي رفضه للمسلك او التصرف الذي قام او نوى القيام به اذ يعتبره سيئا (‏رؤ ٢:‏٥؛‏ ٣:‏٣‏)‏،‏ فيما يشدِّد مِتامِلومِه على الشعور بالاسف.‏ (‏مت ٢١:‏٢٩‏)‏ يعلِّق القاموس اللاهوتي للعهد الجديد (‏تحرير غ.‏ كيتل،‏ المجلد ٤،‏ ص ٦٢٩)‏:‏ «حين يميِّز العهد الجديد بين معنى [هذَين التعبيرَين]،‏ يبيِّن انه يدرك تماما فحوى هذَين المفهومَين الذي لا يتغير.‏ اما في الاستعمال الهلينستي،‏ فغالبا ما أُلغي الحد الفاصل بين هاتَين الكلمتَين».‏ —‏ ترجمة ج.‏ بروميلي،‏ ١٩٦٩ (‏بالانكليزية)‏.‏

طبعا،‏ غالبا ما يجلب التغيير في وجهة نظر الشخص تغييرا في شعوره.‏ او يمكن ان يشعر اولا بالندم،‏ ما يؤدي الى تغيير في وجهة نظره او ارادته.‏ (‏١ صم ٢٤:‏٥-‏٧‏)‏ لذا،‏ مع ان هذَين التعبيرَين مختلفان في المعنى،‏ فهما مرتبطان ارتباطا وثيقا.‏

توبة البشر عن خطاياهم:‏ ان ما يجعل التوبة ضرورية هو الخطية،‏ اي عدم بلوغ مطالب اللّٰه الصائبة.‏ (‏١ يو ٥:‏١٧‏)‏ وبما ان آدم باع كل البشر للخطية،‏ يحتاج جميع المتحدرين منه الى التوبة.‏ (‏مز ٥١:‏٥؛‏ رو ٣:‏٢٣؛‏ ٥:‏١٢‏)‏ وتُظهر مقالة «المصالحة» ان التوبة (‏ثم الاهتداء)‏ مطلب اساسي كي يتصالح الانسان مع اللّٰه.‏

ويمكن ان يتوب المرء عن كامل مسلك حياته الذي يتعارض مع قصد اللّٰه ومشيئته،‏ وينسجم مع مشيئة العالم الذي يسيطر عليه عدو اللّٰه.‏ (‏١ بط ٤:‏٣؛‏ ١ يو ٢:‏١٥-‏١٧؛‏ ٥:‏١٩‏)‏ او قد يتوب عن وجه محدَّد من حياته،‏ مثل ممارسة خاطئة تلطِّخ وتُفسِد مسلكه الجيد؛‏ او ربما عن عمل خاطئ واحد او حتى عن ميل او رغبة او موقف خاطئ.‏ (‏مز ١٤١:‏٣،‏ ٤؛‏ ام ٦:‏١٦-‏١٩؛‏ يع ٢:‏٩؛‏ ٤:‏١٣-‏١٧؛‏ ١ يو ٢:‏١‏)‏ اذًا،‏ يمكن ان يكون نطاق الخطإ إما واسعا جدا او محدَّدا جدا.‏

كذلك،‏ يمكن ان ينحرف الشخص عن فعل الصواب كثيرا او قليلا،‏ ومن المنطقي ان تكون درجة الندم متناسبة مع درجة الانحراف.‏ مثلا،‏ «امعن بنو اسرائيل في التمرد» على يهوه وكانوا ‹يفنون› بسبب تعدياتهم.‏ (‏اش ٣١:‏٦؛‏ ٦٤:‏٥،‏ ٦؛‏ حز ٣٣:‏١٠‏)‏ بالمقابل،‏ يتكلم الرسول بولس عن ‹انسان انسبق وأُخذ في زلة ما›،‏ ويوصي ذوي المؤهلات الروحية ان ‹يحاولوا اصلاح مثل هذا بروح الوداعة›.‏ (‏غل ٦:‏١‏)‏ وبما ان يهوه ينظر برحمة الى ضعفات خدامه الجسدية،‏ فلا داعي ان يبقوا في حالة من الندم على اخطائهم الناتجة عن نقصهم الموروث.‏ (‏مز ١٠٣:‏٨-‏١٤؛‏ ١٣٠:‏٣‏)‏ فيمكنهم ان يفرحوا ما داموا يسيرون بضمير حي في طرق يهوه.‏ —‏ في ٤:‏٤-‏٦؛‏ ١ يو ٣:‏١٩-‏٢٢‏.‏

يمكن ان يعرب عن التوبة الذين سبق وتمتعوا بعلاقة جيدة مع اللّٰه،‏ لكنهم شردوا وخسروا رضاه وبركته.‏ (‏١ بط ٢:‏٢٥‏)‏ فالاسرائيليون مثلا كان بينهم وبين اللّٰه عهد.‏ فقد كانوا ‹شعبا مقدَّسا› اختارهم اللّٰه من بين جميع الامم.‏ (‏تث ٧:‏٦؛‏ خر ١٩:‏٥،‏ ٦‏)‏ والمسيحيون ايضا صار اللّٰه يعتبرهم بلا لوم بفضل العهد الجديد الذي وسيطه المسيح.‏ (‏١ كو ١١:‏٢٥؛‏ ١ بط ٢:‏٩،‏ ١٠‏)‏ وكانت التوبة في حال شرد احد تؤدي الى استعادة العلاقة الجيدة مع اللّٰه ونيل بركات وفوائد هذه العلاقة.‏ (‏ار ١٥:‏١٩-‏٢١؛‏ يع ٤:‏٨-‏١٠‏)‏ ايضا،‏ كانت التوبة خطوة اساسية وضرورية للذين لم يتمتعوا في السابق بمثل هذه العلاقة مع اللّٰه،‏ كالافراد من الامم الوثنية غير الاسرائيلية حين كان عهد اللّٰه مع امة اسرائيل ساري المفعول (‏اف ٢:‏١١،‏ ١٢‏)‏،‏ وكذلك للذين من مختلف العروق والجنسيات خارج الجماعة المسيحية.‏ فبدونها لا يمكن ان يكونوا بلا لوم في نظر اللّٰه ويرجوا العيش حياة ابدية.‏ —‏ اع ١١:‏١٨؛‏ ١٧:‏٣٠؛‏ ٢٠:‏٢١‏.‏

والتوبة لا تقتصر على الافراد فقط،‏ بل يمكن ايضا ان تكون على صعيد جماعي.‏ مثلا،‏ دفعت رسالة يونان كل اهل نينوى «من كبيرهم [ملكهم] الى صغيرهم» ان يتوبوا،‏ لأن اللّٰه اعتبرهم جميعا مشاركين في الخطإ.‏ (‏يون ٣:‏٥-‏٩‏؛‏ قارن ار ١٨:‏٧،‏ ٨‏.‏)‏ كذلك،‏ عملا بتشجيع عزرا،‏ اعترف كل الاسرائيليين العائدين من الاسر امام اللّٰه انهم كمجموعة مذنبون وعبَّروا عن توبتهم من خلال رؤسائهم الذين مثَّلوهم.‏ (‏عز ١٠:‏٧-‏١٤‏؛‏ قارن ٢ اخ ٢٩:‏١،‏ ١٠؛‏ ٣٠:‏١-‏١٥؛‏ ٣١:‏١،‏ ٢‏.‏)‏ ايضا،‏ اعربت جماعة كورنثوس بأكملها عن التوبة لأنها تساهلت مع شخص يرتكب خطية خطيرة وسمحت بوجوده في الجماعة.‏ (‏قارن ٢ كو ٧:‏٨-‏١١؛‏ ١ كو ٥:‏١-‏٥‏.‏)‏ حتى النبيان ارميا ودانيال شملا انفسهما وهما يعترفان بخطية امة يهوذا التي ادت الى تدميرها.‏ —‏ مرا ٣:‏٤٠-‏٤٢؛‏ دا ٩:‏٤،‏ ٥‏.‏

ما تتطلبه التوبة الحقيقية:‏ تشمل التوبة العقل والقلب معا.‏ فيجب ان يعترف المرء ان مسلكه او تصرفا ما قام به هو خاطئ،‏ وهذا يتطلب منه ان يدرك ان مشيئة اللّٰه ومقاييسه هي صائبة.‏ فعدم معرفة مشيئته ومقاييسه او نسيانها يشكِّلان عائقا في وجه التوبة.‏ (‏٢ مل ٢٢:‏١٠،‏ ١١،‏ ١٨،‏ ١٩؛‏ يون ١:‏١،‏ ٢؛‏ ٤:‏١١؛‏ رو ١٠:‏٢،‏ ٣‏)‏ لهذا السبب ارسل يهوه انبياء ومبشرين ليدعوا الناس الى التوبة.‏ (‏ار ٧:‏١٣؛‏ ٢٥:‏٤-‏٦؛‏ مر ١:‏١٤،‏ ١٥؛‏ ٦:‏١٢؛‏ لو ٢٤:‏٢٧‏)‏ واللّٰه «يقول .‏.‏.‏ للناس في كل مكان ان يتوبوا جميعا» من خلال البشارة التي تنشرها الجماعة المسيحية،‏ وخصوصا منذ اهتداء كرنيليوس.‏ (‏اع ١٧:‏٢٢،‏ ٢٣،‏ ٢٩-‏٣١؛‏ ١٣:‏٣٨،‏ ٣٩‏)‏ وكلام اللّٰه،‏ سواء المكتوب او الشفهي،‏ هو الوسيلة ‹لإقناعهم› ان طرق اللّٰه صائبة وطرقهم خاطئة.‏ (‏قارن لو ١٦:‏٣٠،‏ ٣١؛‏ ١ كو ١٤:‏٢٤،‏ ٢٥؛‏ عب ٤:‏١٢،‏ ١٣‏.‏)‏ فشريعة اللّٰه «كاملة ترد النفس».‏ —‏ مز ١٩:‏٧‏.‏

يتحدث الملك داود عن ‹تعليم العصاة طرق اللّٰه كي يرجعوا اليه›.‏ (‏مز ٥١:‏١٣‏)‏ ولا شك انه كان يتكلم عن اخوته الاسرائيليين.‏ كما نصح الرسول بولس تيموثاوس ان لا يشاجر اخوته المسيحيين في الجماعة،‏ بل ان يرشد «بوداعة ذوي الميول المخالفة لعل اللّٰه يعطيهم توبة تؤدي الى معرفة الحق معرفة دقيقة،‏ فيرجعوا من شرك ابليس».‏ (‏٢ تي ٢:‏٢٣-‏٢٦‏)‏ اذًا،‏ يمكن ان يُدعى الى التوبة اشخاص داخل جماعة شعب اللّٰه وخارجها على السواء.‏

ايضا،‏ يجب ان يدرك المرء انه اخطأ الى اللّٰه.‏ (‏مز ٥١:‏٣،‏ ٤؛‏ ار ٣:‏٢٥‏)‏ ويصح ذلك في حالة التجديف الواضح او المباشر،‏ اهانة اسم اللّٰه،‏ او عبادة آلهة اخرى كما باستعمال الاصنام.‏ (‏خر ٢٠:‏٢-‏٧‏)‏ لكن حتى لو اعتبر الخاطئ ان «المسألة شخصية» او انها بينه وبين شخص آخر،‏ يجب ان يعترف انه اخطأ الى اللّٰه،‏ اي اظهر له قلة احترام.‏ (‏قارن ٢ صم ١٢:‏٧-‏١٤؛‏ مز ٥١:‏٤؛‏ لو ١٥:‏٢١‏.‏)‏ ايضا،‏ حتى لو ارتكب المرء الاخطاء عن جهل او سهوا،‏ يجب ان يدرك انه اذنب في حق صاحب السلطة المطلقة يهوه اللّٰه.‏ —‏ قارن لا ٥:‏١٧-‏١٩؛‏ مز ٥١:‏٥،‏ ٦؛‏ ١١٩:‏٦٧؛‏ ١ تي ١:‏١٣-‏١٦‏.‏

كثيرا ما شمل عمل الانبياء اقناع امة اسرائيل بخطيتها (‏اش ٥٨:‏١،‏ ٢؛‏ مي ٣:‏٨-‏١١‏)‏،‏ سواء كانت هذه الخطية عبادة الاصنام (‏حز ١٤:‏٦‏)‏،‏ عدم الانصاف،‏ الظلم (‏ار ٣٤:‏١٤-‏١٦؛‏ اش ١:‏١٦،‏ ١٧‏)‏،‏ العهارة (‏ار ٥:‏٧-‏٩‏)‏،‏ او عدم الثقة بيهوه اللّٰه والاتكال على البشر وقوة الامم العسكرية (‏١ صم ١٢:‏١٩-‏٢١؛‏ ار ٢:‏٣٥-‏٣٧؛‏ هو ١٢:‏٦؛‏ ١٤:‏١-‏٣‏)‏.‏ كما ان رسالة يوحنا المعمدان ورسالة يسوع المسيح كانتا دعوة الى اليهود ليتوبوا.‏ (‏مت ٣:‏١،‏ ٢،‏ ٧،‏ ٨؛‏ ٤:‏١٧‏)‏ فهما فضحا حالة امة اسرائيل الخاطئة،‏ حين كشفا القناع عن رياء الشعب والقادة الدينيين وادِّعائهم انهم بلا لوم وحفظهم التقاليد البشرية.‏ —‏ لو ٣:‏٧،‏ ٨؛‏ مت ١٥:‏١-‏٩؛‏ ٢٣:‏١-‏٣٩؛‏ يو ٨:‏٣١-‏٤٧؛‏ ٩:‏٤٠،‏ ٤١‏.‏

الفهم بالقلب:‏ كي يتوب الشخص،‏ يجب ان يمتلك قلبا متجاوبا ليسمع التأديب ويرى خطأه.‏ (‏قارن اش ٦:‏٩،‏ ١٠؛‏ مت ١٣:‏١٣-‏١٥؛‏ اع ٢٨:‏٢٦،‏ ٢٧‏.‏)‏ فلا يكفي ان يدرك ويفهم التائب بعقله ما تسمعه اذناه وتراه عيناه،‏ بل الاهم ان ‹يفهم [‹يدرك›،‏ يو ١٢:‏٤٠‏] بقلبه›.‏ (‏مت ١٣:‏١٥؛‏ اع ٢٨:‏٢٧‏)‏ بناء عليه،‏ المطلوب هو الاعتراف القلبي بالخطإ،‏ وليس الادراك الذهني له فقط.‏ اما الذي لديه معرفة عن اللّٰه فالتوبة تشمل ان ‹يردِّد في قلبه› الامور التي يعرفها عنه وعن وصاياه،‏ اي ان يذكِّر نفسه بها (‏تث ٤:‏٣٩‏؛‏ قارن ام ٢٤:‏٣٢؛‏ اش ٤٤:‏١٨-‏٢٠‏)‏،‏ كي ‹يعود الى رشده›.‏ (‏١ مل ٨:‏٤٧‏)‏ فحين يمتلك الدافع القلبي الصائب،‏ يمكنه ان ‹يغيِّر ذهنه،‏ ليتبيَّن بالاختبار ما هي مشيئة اللّٰه الصالحة المقبولة الكاملة›.‏ —‏ رو ١٢:‏٢‏.‏

اذا كان قلب الخاطئ مفعما بالايمان والمحبة للّٰه،‏ تكون توبته اصيلة،‏ اي انه يحزن على المسلك الخاطئ.‏ فإدراكه لصلاح اللّٰه وعظمته يجعله يشعر بندم شديد لأنه جلب التعيير على اسمه.‏ (‏قارن اي ٤٢:‏١-‏٦‏.‏)‏ كما ان المحبة للقريب تدفعه ان يأسف على الاذى الذي سبَّبه لغيره،‏ المثال الرديء الذي رسمه،‏ او ربما التشويه الذي ألحقه بسمعة شعب اللّٰه بين الناس.‏ فيطلب الغفران لأنه يرغب في اكرام اسم اللّٰه وفعل الخير للقريب.‏ (‏١ مل ٨:‏٣٣،‏ ٣٤؛‏ مز ٢٥:‏٧-‏١١؛‏ ٥١:‏١١-‏١٥؛‏ دا ٩:‏١٨،‏ ١٩‏)‏ وهو ‹منكسر القلب›،‏ ‹منسحق ومتَّضع الروح› (‏مز ٣٤:‏١٨؛‏ ٥١:‏١٧؛‏ اش ٥٧:‏١٥‏)‏،‏ ‹مرتعد من كلمة اللّٰه› التي تتطلب التوبة (‏اش ٦٦:‏٢‏)‏،‏ و ‹يأتي مرتعدا الى يهوه وإلى صلاحه›.‏ (‏هو ٣:‏٥‏)‏ مثلا،‏ عندما تصرف داود بحماقة وأحصى الشعب،‏ ‹ضربه قلبه›.‏ —‏ ٢ صم ٢٤:‏١٠‏.‏

اذًا،‏ يجب ان ينبذ الشخص المسلك الخاطئ،‏ يكرهه كرها شديدا،‏ يشمئز منه.‏ (‏مز ٩٧:‏١٠؛‏ ١٠١:‏٣؛‏ ١١٩:‏١٠٤؛‏ رو ١٢:‏٩‏؛‏ قارن عب ١:‏٩؛‏ يه ٢٣‏.‏)‏ ‹فمخافة يهوه هي بغض الشر› الذي يشمل الغرور والكبرياء وطريق الشر والتكلم بأمور ملتوية.‏ (‏ام ٨:‏١٣؛‏ ٤:‏٢٤‏)‏ ويجب ان يترافق ذلك مع محبة الصواب والتصميم الراسخ على فعله من ذلك الوقت فصاعدا.‏ فدون بغض الشر ومحبة الصواب،‏ لن يكون هنالك دافع حقيقي الى التوبة ثم الاهتداء.‏ على سبيل المثال،‏ رغم ان الملك رحبعام تواضع نتيجة غضب يهوه،‏ لكنه لاحقا «فعل الشر،‏ لأنه لم يثبِّت قلبه لطلب يهوه».‏ —‏ ٢ اخ ١٢:‏١٢-‏١٤‏؛‏ قارن هو ٦:‏٤-‏٦‏.‏

الحزن بحسب مشيئة اللّٰه،‏ لا حزن العالم:‏ قال الرسول بولس لأهل كورنثوس في رسالته الثانية اليهم انهم اعربوا عن «الحزن الذي بحسب مشيئة اللّٰه» لأنه وبَّخهم في رسالته الاولى.‏ (‏٢ كو ٧:‏٨-‏١٣‏)‏ ومع انه «أسِف» (‏مِتامِلومِه‏)‏ في بادئ الامر لأن كلمات رسالته كانت قاسية جدا وآلمتهم،‏ لكنه لم يعد يشعر بأي اسف عندما رأى ان توبيخه انتج لهم حزنا بحسب مشيئة اللّٰه،‏ مما ادى الى توبة صادقة (‏مِتانيّا‏)‏ عن موقفهم ومسلكهم الخاطئَين.‏ فقد عرف ان الالم الذي سبَّبه لهم هو لخيرهم ولن يجلب لهم اي «ضرر».‏ والحزن الذي يؤدي الى التوبة لم يكن شيئا يأسفون عليه،‏ لأنه ابقاهم على طريق الخلاص،‏ اذ خلصهم من الارتداد وأعطاهم رجاء الحياة الابدية.‏ ويقارن بولس بين هذا الحزن و «حزن العالم [الذي] ينتج موتا».‏ فحزن العالم لا ينبع من الايمان والمحبة للّٰه وللصواب.‏ بل ينتج من الفشل،‏ خيبة الامل،‏ الخسارة،‏ العقاب على الخطإ،‏ والذل.‏ (‏قارن ام ٥:‏٣-‏١٤،‏ ٢٢،‏ ٢٣؛‏ ٢٥:‏٨-‏١٠‏.‏)‏ وغالبا ما يرافقه او ينتج عنه المرارة والحقد والحسد،‏ ولا يؤدي الى المنفعة او التحسن،‏ ولا يمنح اي امل حقيقي.‏ (‏قارن ام ١:‏٢٤-‏٣٢؛‏ ١ تس ٤:‏١٣،‏ ١٤‏.‏)‏ وحزن كهذا يكون بسبب عواقب الخطية وليس بسبب الخطية بحد ذاتها والتعيير الذي تجلبه على اسم اللّٰه.‏ —‏ اش ٦٥:‏١٣-‏١٥؛‏ ار ٦:‏١٣-‏١٥،‏ ٢٢-‏٢٦؛‏ رؤ ١٨:‏٩-‏١١،‏ ١٥،‏ ١٧-‏١٩‏؛‏ لاحظ الفرق في حز ٩:‏٤‏.‏

وهذا ما توضحه قصة قايين،‏ اول شخص دعاه اللّٰه ان يتوب.‏ فقد قال له ان ‹يُحسِن› التصرف لئلا تتغلب عليه الخطية.‏ ولكن بدل ان يتوب قايين ويستأصل كرهه الشديد،‏ تركه ينمو بحيث دفعه الى قتل اخيه.‏ وعندما سأله اللّٰه عن اخيه،‏ راوغ في جوابه.‏ ولم يعبِّر عن اي اسف إلا بعد ان اعلن يهوه الحكم عليه.‏ وطبعا،‏ كان اسفه بسبب شدة العقاب،‏ وليس بسبب الخطية التي ارتكبها.‏ (‏تك ٤:‏٥-‏١٤‏)‏ وهكذا،‏ اظهر انه «من الشرير».‏ —‏ ١ يو ٣:‏١٢‏.‏

عيسو ايضا اعرب عن حزن العالم حين علم ان اخاه يعقوب نال بركة الابن البكر (‏حقه الذي استخف به وباعه ليعقوب)‏.‏ (‏تك ٢٥:‏٢٩-‏٣٤‏)‏ فقد «صرخ صراخا عظيما ومرًّا للغاية» وبدموع،‏ طالبا «تغيير فكر» (‏مِتانيّا،‏ اي التوبة)‏ ابيه،‏ وليس تغيير فكره هو.‏ (‏تك ٢٧:‏٣٤؛‏ عب ١٢:‏١٧‏،‏ بين‏)‏ فقد تأسَّف على خسارته،‏ وليس على نظرته المادية التي جعلته ‹يحتقر البكورية›.‏ —‏ تك ٢٥:‏٣٤‏.‏

كذلك،‏ «ندم [صيغة من مِتامِلومِه‏]» يهوذا بعدما سلَّم يسوع،‏ حاول ان يردّ الرشوة التي اخذها بالمقابل،‏ ثم انتحر بشنق نفسه.‏ (‏مت ٢٧:‏٣-‏٥‏)‏ فلا شك ان فظاعة جريمته،‏ وعلى الارجح فزعه الشديد من دينونة اللّٰه الاكيدة عليه،‏ كانا يفوقان قدرته على الاحتمال.‏ (‏قارن عب ١٠:‏٢٦،‏ ٢٧،‏ ٣١؛‏ يع ٢:‏١٩‏.‏)‏ وصحيح انه شعر بالذنب والكآ‌بة واليأس،‏ لكن ما من دليل انه احس بالحزن بحسب مشيئة اللّٰه،‏ الحزن الذي يؤدي الى التوبة (‏مِتانيّا‏)‏.‏ وهو لم يلجأ الى اللّٰه ليعترف بخطيته،‏ بل الى القادة اليهود.‏ وقد رد لهم المال ظنًّا منه ان ذلك سيمحو الى حد ما جريمته.‏ (‏قارن يع ٥:‏٣،‏ ٤؛‏ حز ٧:‏١٩‏.‏)‏ لكنه بعد ذلك انتحر،‏ فارتكب جريمة اخرى اضافة الى الخيانة والمساهمة في قتل شخص بريء.‏ بالتباين،‏ حين بكى بطرس بمرارة بعدما انكر ربّه،‏ كان تائبا توبة صادقة ادَّت الى استرجاعه رضى يهوه.‏ —‏ مت ٢٦:‏٧٥‏؛‏ قارن لو ٢٢:‏٣١،‏ ٣٢‏.‏

اذًا،‏ ان الاسف والندم والدموع ليست الدليل الدامغ على التوبة الاصيلة،‏ بل الدافع القلبي.‏ مثلا،‏ اعلن يهوه ادانته للاسرائيليين بواسطة هوشع لأنهم خلال محنتهم «لم يستغيثوا [به] بقلوبهم،‏ مع انهم ولولوا في اسرَّتهم.‏ تسكعوا طالبين القمح والمسطار .‏.‏.‏ رجعوا،‏ ولكن ليس الى العلاء».‏ فأنينهم وصرخات استغاثتهم وقت الشدة كانت بدافع اناني.‏ وعندما اراحهم اللّٰه،‏ لم يستغلُّوا الفرصة ليحسِّنوا علاقتهم به بالالتزام بمقاييسه السامية.‏ (‏قارن اش ٥٥:‏٨-‏١١‏.‏)‏ بل كانوا «كقوس رخوة» لا تصيب الهدف ابدا.‏ (‏هو ٧:‏١٤-‏١٦‏؛‏ قارن مز ٧٨:‏٥٧؛‏ يع ٤:‏٣‏.‏)‏ فصحيح ان اللّٰه كان يقبل الصوم والبكاء والندب،‏ ولكن شرط ان ‹يمزق التائبون قلوبهم لا ثيابهم› فقط.‏ —‏ يوء ٢:‏١٢،‏ ١٣‏؛‏ انظر «الصوم»؛‏ «النوح».‏

الاعتراف بالخطية:‏ ان الشخص التائب يتواضع ويطلب وجه يهوه (‏٢ اخ ٧:‏١٣،‏ ١٤؛‏ ٣٣:‏١٠-‏١٣؛‏ يع ٤:‏٦-‏١٠‏)‏،‏ متضرعا اليه كي يغفر له خطيته.‏ (‏مت ٦:‏١٢‏)‏ وهو ليس كالفريسي في مثل يسوع الذي اعتبر نفسه مستقيما،‏ بل مثل جامع الضرائب الذي صار يضرب على صدره ويقول:‏ «اللهم،‏ تحنن علي انا الخاطئ».‏ (‏لو ١٨:‏٩-‏١٤‏)‏ ويقول الرسول يوحنا:‏ «إن قلنا:‏ ‹ليس لنا خطية›،‏ فإننا نضل انفسنا وليس الحق فينا.‏ إن اعترفنا بخطايانا،‏ فهو امين وبار حتى يغفر لنا خطايانا ويطهِّرنا من كل اثم».‏ (‏١ يو ١:‏٨،‏ ٩‏)‏ كما نقرأ:‏ «مَن يخفي معاصيه لن ينجح،‏ ومَن يعترف بها ويتركها يُرحم».‏ —‏ ام ٢٨:‏١٣‏؛‏ قارن مز ٣٢:‏٣-‏٥؛‏ يش ٧:‏١٩-‏٢٦؛‏ ١ تي ٥:‏٢٤‏.‏

وصلاة دانيال في دانيال ٩:‏١٥-‏١٩ هي مثال للاعتراف الصادق بالخطية.‏ فهي تُظهر ان ما يهمه هو اسم يهوه وأنه لا يلتمس غفرانه ‹لأجل اعمال [الاسرائيليين] البارة،‏ بل على حسب مراحم [اللّٰه] الكثيرة›.‏ والمثال الآخر هو صلاة الابن الضال المتواضعة.‏ (‏لو ١٥:‏١٧-‏٢١‏)‏ فالذين توبتهم صادقة ‹يرفعون قلوبهم مع ايديهم الى اللّٰه›،‏ معترفين بخطيتهم وطالبين الغفران.‏ —‏ مرا ٣:‏٤٠-‏٤٢‏.‏

الاعتراف بالخطايا بعضنا لبعض:‏ يقول التلميذ يعقوب:‏ «اعترفوا جهرا بخطاياكم بعضكم لبعض وصلوا بعضكم لأجل بعض لكي تُشفَوا».‏ (‏يع ٥:‏١٦‏)‏ لكنَّ اعترافا كهذا ليس لأن اي شخص هو «معِين [«شفيع»،‏ ي‌ج‏]» للانسان عند اللّٰه.‏ فالمسيح وحده يلعب هذا الدور لأنه هو مَن بذل نفسه ذبيحة مصالحة تكفِّر عن خطايانا.‏ (‏١ يو ٢:‏١،‏ ٢‏)‏ فالبشر لا يمكنهم ان يكفِّروا عن خطيتهم او خطية غيرهم،‏ اي ان يصلحوا الخطأ الذي ارتُكب ضد اللّٰه.‏ (‏مز ٤٩:‏٧،‏ ٨‏)‏ لكنَّ المسيحيين يقدرون ان يساعدوا واحدهم الآخر.‏ فبإمكانهم ان يصلُّوا الى اللّٰه كي يعين ويقوي اخاهم الخاطئ الذي يطلب المساعدة.‏ واللّٰه يأخذ في الاعتبار صلوات كهذه،‏ رغم انها لا تؤثر على تنفيذه العدل (‏لأن فدية المسيح وحدها تقدر ان تغفر الخطايا)‏.‏ —‏ انظر «الصلاة» (‏استجابة الصلوات)‏.‏

الاهتداء:‏ تدل التوبة ان الشخص قرر ان يتوقف عن مسلك خاطئ،‏ رفضه،‏ وصمم ان يتبع مسلكا صائبا.‏ وبالتالي،‏ اذا كانت التوبة صادقة،‏ يتبعها «اهتداء».‏ (‏اع ١٥:‏٣‏)‏ ان الافعال العبرانية واليونانية المرتبطة بالاهتداء (‏بالعبرانية شوب؛‏ باليونانية سترِفو؛‏ إِپيسترِفو‏)‏ تعني حرفيا «عاد،‏ رجع،‏ التفت،‏ رد».‏ (‏تك ١٨:‏١٠؛‏ ام ١٥:‏١؛‏ ار ١٨:‏٤؛‏ يو ١٢:‏٤٠؛‏ ٢١:‏٢٠؛‏ اع ١٥:‏٣٦‏)‏ اما حين تُستعمل بمعنى روحي فتعني إما الابتعاد عن اللّٰه (‏وبالتالي الرجوع الى مسلك خاطئ [‏عد ١٤:‏٤٣؛‏ تث ٣٠:‏١٧‏])‏ او ترك المسلك الخاطئ والرجوع الى اللّٰه.‏ —‏ ١ مل ٨:‏٣٣‏.‏

والاهتداء لا يقتصر على الموقف او الكلام فقط،‏ بل يشمل ايضا ‹اعمالا تليق بالتوبة›.‏ (‏اع ٢٦:‏٢٠؛‏ مت ٣:‏٨‏)‏ فهو يعني ان ‹يطلب› الشخص يهوه،‏ ‹يبحث› عنه،‏ ‹يلتمسه› بكل قلبه ونفسه.‏ (‏تث ٤:‏٢٩؛‏ ١ مل ٨:‏٤٨؛‏ ار ٢٩:‏١٢-‏١٤‏)‏ وهذا يتطلب حتما ان يسعى لنيل رضى اللّٰه.‏ فيجب ان ‹يسمع لصوته› من خلال قراءة كلمته (‏تث ٤:‏٣٠؛‏ ٣٠:‏٢،‏ ٨‏)‏،‏ ‹يكون على بصيرة من حقه› من خلال تنمية فهم وتقدير اعمق لطرقه ومشيئته (‏دا ٩:‏١٣‏)‏،‏ يحفظ وصاياه و ‹يعمل بها› (‏نح ١:‏٩؛‏ تث ٣٠:‏١٠؛‏ ٢ مل ٢٣:‏٢٤،‏ ٢٥‏)‏،‏ ‹يحفظ اللطف الحبي ويرجو اللّٰه دائما› (‏هو ١٢:‏٦‏)‏،‏ يترك عبادة الاصنام وتأليه المخلوقات و ‹يخدم يهوه وحده› (‏١ صم ٧:‏٣؛‏ اع ١٤:‏١١-‏١٥؛‏ ١ تس ١:‏٩،‏ ١٠‏)‏،‏ ويسلك في طرق يهوه لا طرق الامم (‏لا ٢٠:‏٢٣‏)‏ او طريقه الخاص (‏اش ٥٥:‏٦-‏٨‏)‏.‏ كما ان الصلوات،‏ الذبائح،‏ الصوم،‏ والاحتفال بالاعياد هي بلا نفع وبلا قيمة في نظر اللّٰه ما لم يرافقها فعل الخير،‏ اجراء العدل،‏ تجنب الظلم والعنف،‏ وإظهار الرحمة.‏ —‏ اش ١:‏١٠-‏١٩؛‏ ٥٨:‏٣-‏٧؛‏ ار ١٨:‏١١‏.‏

والاهتداء يستلزم «قلبا جديدا وروحا جديدة» (‏حز ١٨:‏٣١‏)‏،‏ اي تغييرا في الفكر والدوافع والاهداف في الحياة.‏ وهذه بدورها تنتج عقلية وموقفا وقوة اخلاقية جديدة.‏ والذي تتغير طريقة حياته يمتلك ‹شخصية جديدة خُلقت بحسب مشيئة اللّٰه في البر والولاء الحقيقيَّين› (‏اف ٤:‏١٧-‏٢٤‏)‏،‏ شخصية تجعله يمتنع عن العهارة والطمع والعنف في الكلام والتصرف.‏ (‏كو ٣:‏٥-‏١٠‏؛‏ لاحظ الفرق في هو ٥:‏٤-‏٦‏.‏)‏ فيسكب اللّٰه عليه فيضا من روح الحكمة ويعرِّفه كلامه.‏ —‏ ام ١:‏٢٣‏؛‏ قارن ٢ تي ٢:‏٢٥‏.‏

وهكذا نرى ان التوبة الاصيلة لها تأثير كبير،‏ تعطي قوة،‏ وتدفع الشخص ان ‹يرجع›.‏ (‏اع ٣:‏١٩‏)‏ لذا قال يسوع للمسيحيين في لاودكية:‏ «كن غيورا وتب».‏ (‏رؤ ٣:‏١٩‏؛‏ قارن رؤ ٢:‏٥؛‏ ٣:‏٢،‏ ٣‏.‏)‏ فالتوبة بصدق تنتج في المرء ‹الاجتهاد،‏ تبرئة النفس،‏ خوف اللّٰه،‏ الشوق،‏ وتصويب الخطإ›.‏ (‏٢ كو ٧:‏١٠،‏ ١١‏)‏ أما مَن لا يهمه تصحيح الخطإ الذي ارتكبه فتوبته ليست حقيقية.‏ —‏ قارن حز ٣٣:‏١٤،‏ ١٥؛‏ لو ١٩:‏٨‏.‏

ان العبارة «حديث الاهتداء» المترجمة من اليونانية (‏نِيوفيتوس‏)‏ تعني حرفيا «مزروعا حديثا».‏ (‏١ تي ٣:‏٦‏)‏ ورجل كهذا لا يجب تعيينه ناظرا في الجماعة «لئلا ينتفخ بالكبرياء فيسقط في الدينونة التي صدرت على ابليس».‏

ما هي «الاعمال الميتة» التي يجب ان يتوب منها المسيحي؟‏

تُظهِر العبرانيين ٦:‏١،‏ ٢ ان «التعليم الاولي» يشمل «التوبة من الاعمال الميتة،‏ والايمان باللّٰه» يليهما ‹تعليم المعموديات،‏ وضع الايدي،‏ القيامة،‏ والدينونة الابدية›.‏ وعبارة «الاعمال الميتة» (‏التي لا ترد في مكان آخر إلا في عب ٩:‏١٤‏)‏ تشير كما يظهر الى كل الاعمال الميتة روحيا التي هي بلا قيمة او نفع،‏ وليس فقط الى اعمال الجسد الخاطئة التي تؤدي الى الموت.‏ —‏ رو ٨:‏٦؛‏ غل ٦:‏٨‏.‏

وهي تشمل الاعمال التي يقوم بها الشخص بهدف ان يُثبت انه مستقيم وبلا لوم دون الحاجة الى المسيح يسوع وذبيحته الفدائية.‏ لذا،‏ كان تقيُّد القادة الدينيين اليهود وغيرهم بالشريعة بين «الاعمال الميتة» لأنه مجرد شكليات ويفتقر الى عامل مهم:‏ الايمان.‏ (‏رو ٩:‏٣٠-‏٣٣؛‏ ١٠:‏٢-‏٤‏)‏ وهذا جعلهم يتعثرون بسبب المسيح يسوع،‏ ‹وكيل اللّٰه الرئيسي الذي يعطي اسرائيل التوبة وغفران الخطايا›،‏ بدل ان يتوبوا.‏ (‏اع ٥:‏٣١-‏٣٣؛‏ ١٠:‏٤٣؛‏ ٢٠:‏٢١‏)‏ ايضا،‏ بعدما تمَّم يسوع الشريعة صار حفظها،‏ كما لو انها لا تزال سارية المفعول،‏ ‹اعمالا ميتة›.‏ (‏غل ٢:‏١٦‏)‏ بشكل مشابه،‏ كل الاعمال،‏ حتى النافعة منها،‏ هي ‹اعمال ميتة› اذا لم تكن بدافع المحبة للّٰه والقريب.‏ (‏١ كو ١٣:‏١-‏٣‏)‏ والمحبة بدورها يجب ان تكون «بالعمل والحق»،‏ اي منسجمة مع مشيئة اللّٰه وطرقه التي اظهرها لنا في كلمته.‏ (‏١ يو ٣:‏١٨؛‏ ٥:‏٢،‏ ٣؛‏ مت ٧:‏٢١-‏٢٣؛‏ ١٥:‏٦-‏٩؛‏ عب ٤:‏١٢‏)‏ فالذي يرجع بإيمان الى اللّٰه من خلال يسوع المسيح يتوب عن كل ما يُعتبَر ‹اعمالا ميتة› ويسعى منذ ذلك الوقت ان يتجنبها.‏ وهكذا يصير ضميره طاهرا.‏ —‏ عب ٩:‏١٤‏.‏

كانت المعمودية (‏التغطيس في الماء)‏،‏ ما عدا معمودية يسوع،‏ اجراء طلبه اللّٰه يرمز الى التوبة،‏ سواء في حالة افراد من الامة اليهودية (‏التي لم تحفظ عهد اللّٰه حين كان ساري المفعول)‏ او في حالة اشخاص من الامم ‹رجعوا› ليقدِّموا خدمة مقدسة للّٰه.‏ —‏ مت ٣:‏١١؛‏ اع ٢:‏٣٨؛‏ ١٠:‏٤٥-‏٤٨؛‏ ١٣:‏٢٣،‏ ٢٤؛‏ ١٩:‏٤‏؛‏ انظر «المعمودية».‏

غير التائبين:‏ ادَّى عدم التوبة الاصيلة الى اسر اسرائيل ويهوذا،‏ دمار اورشليم مرتَين،‏ وأخيرا رفض اللّٰه التام للامة.‏ فعندما وبَّخهم اللّٰه،‏ لم يرجعوا اليه،‏ بل ظلوا يعودون «الى المسلك الذي درج عليه الناس،‏ كفرس مندفع الى المعركة».‏ (‏ار ٨:‏٤-‏٦؛‏ ٢ مل ١٧:‏١٢-‏٢٣؛‏ ٢ اخ ٣٦:‏١١-‏٢١؛‏ لو ١٩:‏٤١-‏٤٤؛‏ مت ٢١:‏٣٣-‏٤٣؛‏ ٢٣:‏٣٧،‏ ٣٨‏)‏ ولأنهم لم يريدوا في قلوبهم ان يتوبوا و «يرجعوا»،‏ لم يُعطِهم ما سمعوه ورأوه اي فهم او معرفة،‏ كما لو ان «برقعا» وُضع على قلوبهم.‏ (‏اش ٦:‏٩،‏ ١٠؛‏ ٢ كو ٣:‏١٢-‏١٨؛‏ ٤:‏٣،‏ ٤‏)‏ وساهم في هذا الوضع القادة الدينيون غير الامناء والانبياء والنبيات الكذبة،‏ اذ «شدَّدوا ايدي فاعلي السوء» بتشجيعهم على فعل الخطإ.‏ (‏ار ٢٣:‏١٤؛‏ حز ١٣:‏١٧،‏ ٢٢،‏ ٢٣؛‏ مت ٢٣:‏١٣،‏ ١٥‏)‏ وقد انبأت الاسفار اليونانية المسيحية ان اللّٰه سيوبِّخ الناس ويدعوهم الى التوبة،‏ لكنَّ كثيرين سيرفضون دعوته تماما مثل الاسرائيليين.‏ وذكرت ايضا ان ما سيعانونه سيقسِّيهم ويجعلهم مستائين الى حد انهم سيجدِّفون على اللّٰه،‏ رغم ان رفضهم لطرقه المستقيمة هو سبب وأصل مشاكلهم وضرباتهم.‏ (‏رؤ ٩:‏٢٠،‏ ٢١؛‏ ١٦:‏٩،‏ ١١‏)‏ وهؤلاء ‹يدَّخرون لأنفسهم سخطا في يوم السخط والكشف عن دينونة اللّٰه›.‏ —‏ رو ٢:‏٥‏.‏

يستحيل ان يتوبوا:‏ ان الذين ‹يمارسون الخطية عمدا› بعدما نالوا معرفة الحق الدقيقة يستحيل ان يتوبوا،‏ لأنهم رفضوا الهدف الذي من اجله مات ابن اللّٰه،‏ وبذلك صاروا مثلهم مثل الذين حكموا عليه بالموت.‏ فكما لو انهم «يعلِّقون ابن اللّٰه ثانية على الخشبة ويعرِّضونه للخزي».‏ (‏عب ٦:‏٤-‏٨؛‏ ١٠:‏٢٦-‏٢٩‏)‏ وهذه خطية لا تُغتفَر.‏ (‏مر ٣:‏٢٨،‏ ٢٩‏)‏ فأمثال هؤلاء «كان افضل لهم لو لم يعرفوا سبيل البر من ان يعرفوه ثم يُعرِضوا عن الوصية المقدسة المسلَّمة اليهم».‏ —‏ ٢ بط ٢:‏٢٠-‏٢٢‏.‏

بما ان آدم وحواء كانا كاملَين،‏ وبما ان وصية اللّٰه كانت واضحة ومفهومة لهما كليهما،‏ فمن الواضح ان خطيتهما كانت عمدية ولا يمكن تبريرها على انها ناتجة عن الضعف او النقص البشري.‏ لذلك لم يدعُهما اللّٰه الى التوبة حين تكلم معهما بعدما اخطآ.‏ (‏تك ٣:‏١٦-‏٢٤‏)‏ وينطبق هذا الامر على المخلوق الروحاني الذي حرَّضهما على التمرد.‏ فنهايته ونهاية الملائكة الآخرين الذين انضموا اليه هي الهلاك الابدي.‏ (‏تك ٣:‏١٤،‏ ١٥؛‏ مت ٢٥:‏٤١‏)‏ ويصح ذلك ايضا في يهوذا مع انه ليس كاملا.‏ فقد دعاه يسوع «ابن الهلاك» لأنه خانه رغم العلاقة الوثيقة التي جمعت بينهما.‏ (‏يو ١٧:‏١٢‏)‏ كما ان «انسان التعدي على الشريعة» المرتد يُدعى «ابن الهلاك».‏ (‏٢ تس ٢:‏٣‏؛‏ انظر «الارتداد»؛‏ «انسان التعدي على الشريعة»؛‏ «ضد المسيح».‏)‏ بشكل مماثل،‏ كل الذين يُصنَّفون انهم «جداء» عندما يدين الملك يسوع البشر لا يُدعَون الى التوبة و ‹يذهبون الى قطع ابدي›.‏ —‏ مت ٢٥:‏٣٣،‏ ٤١-‏٤٦‏.‏

القيامة تعطي فرصة اخرى:‏ بالتباين،‏ تحدَّث يسوع عن يوم حساب في المستقبل يشمل بعض المدن اليهودية في القرن الاول.‏ (‏مت ١٠:‏١٤،‏ ١٥؛‏ ١١:‏٢٠-‏٢٤‏)‏ وهذا يعني ان بعض الاشخاص على الاقل من هذه المدن سيُقامون،‏ وسينالون فرصة اخرى ليتواضعوا ويُظهِروا التوبة و «يرجعوا» بالاهتداء الى اللّٰه بواسطة المسيح،‏ رغم ان موقفهم السابق يصعِّب عليهم ان يتوبوا.‏ والذين لا يتوبون سيهلكون هلاكا ابديا.‏ (‏قارن رؤ ٢٠:‏١١-‏١٥‏؛‏ انظر «يوم الدينونة».‏)‏ اما مَن يتصرف مثل كثيرين من الكتبة والفريسيين الذين قاوموا عمدا عمل روح اللّٰه من خلال المسيح،‏ فلن ‹يهرب من دينونة الهلاك في وادي هنوم›،‏ اي انهم لن يُقاموا.‏ —‏ مت ٢٣:‏١٣،‏ ٣٣؛‏ مر ٣:‏٢٢-‏٣٠‏.‏

فاعل السوء المعلَّق على خشبة:‏ وعد يسوع فاعل السوء المعلَّق على خشبة بجانبه ان يكون في الفردوس لأنه اظهر مقدارا من الايمان به.‏ (‏لو ٢٣:‏٣٩-‏٤٣‏؛‏ انظر «الفردوس».‏)‏ والبعض يحمِّلون هذا الوعد معنى لا يتضمنه.‏ فهم يفسِّرونه على انه ضمانة لفاعل السوء انه سينال حياة ابدية.‏ لكنَّ الآيات الكثيرة التي ناقشناها آنفا تتعارض مع هذا التفسير.‏ فرغم ان هذا المجرم اعترف انه مذنب وأن يسوع بريء (‏لو ٢٣:‏٤١‏)‏،‏ ما من دليل انه صار ‹يبغض الشر ويحب البر›.‏ فلأنه كان على وشك ان يموت،‏ لم يكن لديه مجال ‹ليرجع› ويقوم «بأعمال تليق بالتوبة» ويعتمد.‏ (‏اع ٣:‏١٩؛‏ ٢٦:‏٢٠‏)‏ بناء على ذلك،‏ يبدو ان فاعل السوء سيُعطى الفرصة كي يبرهن ان توبته اصيلة عندما يُقام من الموت.‏ —‏ قارن رؤ ٢٠:‏١٢،‏ ١٣‏.‏

هل يشعر اللّٰه بالندم؟‏

في معظم الحالات التي تُستعمل فيها الكلمة العبرانية ناحام بمعنى «ندم،‏ تأسف» تكون الاشارة الى يهوه اللّٰه.‏ فهي ترد مثلا في التكوين ٦:‏٦،‏ ٧ التي تقول:‏ «تأسف يهوه انه صنع البشر في الارض،‏ وحزن في قلبه».‏ فقد صاروا اشرارا كثيرا حتى ان اللّٰه قرَّر ان يمحوهم عن وجه الارض بالطوفان.‏ فهل تعني هذه الآية ان اللّٰه ندم على خلق البشر؟‏ هذا مستحيل.‏ فهو لم يرتكب خطأ في الخلق،‏ لأن كل ما يصنعه «كامل».‏ (‏تث ٣٢:‏٤،‏ ٥‏)‏ اذًا،‏ لا بد ان هذه الكلمة تُستعمل هنا بمعنى ان اللّٰه ما عاد يشعر بالفرح والانجاز بعدما خلق البشر.‏ فقد صاروا اشرارا جدا لدرجة انه صار مضطرا (‏وهو مبرَّر في فعله هذا)‏ ان يهلكهم جميعا بالطوفان،‏ ما عدا نوحا وعائلته.‏ فاللّٰه ‹لا يُسَر بموت الشرير›.‏ —‏ حز ٣٣:‏١١‏.‏

تذكر دائرة معارف مكلنتوك وسترونغ انه عندما يُستعمل الفعل ناحام (‏الذي يترجم الى تاب،‏ ندم،‏ تأسف)‏ بالاشارة الى اللّٰه،‏ يعني ذلك «انه يغيِّر تصرفاته مع مخلوقاته،‏ إما ليهبهم الخيرات او ليُنزل بهم الويلات.‏ وهذا التغيير من جهته ينتج عن تغيير من جهة مخلوقاته.‏ اذًا،‏ تُطبَّق على اللّٰه كلمة يستعملها البشر».‏ (‏١٨٩٤،‏ المجلد ٨،‏ ص ١٠٤٢ [بالانكليزية])‏ فمقاييس اللّٰه المستقيمة تبقى ثابتة كما هي ولا تتغير او تتبدل.‏ (‏مل ٣:‏٦؛‏ يع ١:‏١٧‏)‏ وما من ظرف يجعله يغيِّر رأيه بشأنها او يتخلى عنها.‏ بالمقابل،‏ قد تكون مواقف مخلوقاته العاقلة وردَّات فعلهم تجاه هذه المقاييس الكاملة وكيفية تطبيق اللّٰه لها إما ايجابية او سلبية.‏ فإذا كانت ايجابية يُسر اللّٰه؛‏ اما اذا كانت سلبية فإنه يندم او يتأسف.‏ كما ان موقف مخلوقاته قد يتغير من الايجابي الى السلبي والعكس صحيح.‏ وبما ان اللّٰه لا يغيِّر مبادئه لتلائمهم،‏ ينقلب رضاه (‏وبركاته)‏ الى ندم او اسف (‏يرافقه تأديب او عقاب)‏ او العكس بالعكس.‏ اذًا،‏ ليست قرارات اللّٰه وأحكامه متقلِّبة لا يمكن الوثوق بها او التنبؤ بها او عرضة للخطإ،‏ ولا هو إله غريب الاطوار لا يثبت على رأي.‏ —‏ حز ١٨:‏٢١-‏٣٠؛‏ ٣٣:‏٧-‏٢٠‏.‏

اذا بدأ الخزاف بصنع اناء لكنه ‹فسد في يده›،‏ يصنع اناء مختلفا.‏ (‏ار ١٨:‏٣،‏ ٤‏)‏ ويهوه هو مثل هذا الخزاف.‏ لكنَّ هذا التشبيه لا يعني ان يهوه ‹يُفسد الآنية التي في يده› كالخزاف البشري.‏ فالمقصود منه ان لديه سلطة على البشر تخوِّله ان يغيِّر تعاملاته معهم حسب تجاوبهم مع عدله ورحمته.‏ (‏قارن اش ٤٥:‏٩؛‏ رو ٩:‏١٩-‏٢١‏.‏)‏ فهو ‹يتأسف على البلية التي فكَّر ان ينزلها› بأمة معيَّنة،‏ او ‹يتأسف على الخير الذي قال في نفسه انه احسن به اليها›.‏ وكل ذلك يعتمد على ردة فعل الامة تجاه تعاملاته السابقة معها.‏ (‏ار ١٨:‏٥-‏١٠‏)‏ اذًا،‏ ليس الخزاف العظيم يهوه هو من يخطئ،‏ بل ‹الطين› هو الذي يتغير جذريا في الشكل او التكوين.‏ فالبشر هم الذين تتغير حالة قلبهم،‏ مما ينتج ندما او اسفا من جهة يهوه،‏ اي تغيُّرا في مشاعره.‏

وهذا لا ينطبق على الامم فقط،‏ بل على الافراد ايضا.‏ وعندما يقول يهوه اللّٰه انه ‹يتأسف› على احد خدامه،‏ مثل الملك شاول الذي لم يعد يفعل الصواب،‏ فهذا بحد ذاته دليل ان مستقبله ليس مقدَّرا مسبقا.‏ (‏انظر «‏المعرفة المسبقة،‏ التعيين المسبق‏».‏)‏ وتأسُّف اللّٰه على انحراف شاول لا يعني انه اخطأ عندما اختاره ملكا وندم على اختياره.‏ فهو تأسف لأن شاول لم يستعمل حرية ارادته ليستفيد من الامتياز والفرصة الرائعَين اللذين اعطاهما له.‏ وتأسف ايضا لأن تغيُّر شاول ادى الى تغيُّر في تعاملات اللّٰه معه.‏ —‏ ١ صم ١٥:‏١٠،‏ ١١،‏ ٢٦‏.‏

قال النبي صموئيل وهو ينقل لشاول حكم يهوه عليه:‏ «جلال اسرائيل لا يكذب ولا يندم،‏ لأنه ليس انسانا فيندم».‏ (‏١ صم ١٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏)‏ فالبشر في احيان كثيرة لا يحفظون كلمتهم،‏ او لا يوفون وعودهم،‏ او لا يلتزمون بشروط اتفاقاتهم.‏ فلأنهم ناقصون،‏ يخطئون في حكمهم،‏ ما يجعلهم يندمون لاحقا.‏ لكنَّ هذا لا يصح في اللّٰه.‏ —‏ مز ١٣٢:‏١١؛‏ اش ٤٥:‏٢٣،‏ ٢٤؛‏ ٥٥:‏١٠،‏ ١١‏.‏

مثلا،‏ صنع اللّٰه عهدا مع «كل نفس حية» يضمن انه لن يجلب ابدا مرة اخرى طوفان مياه على كل الارض.‏ (‏تك ٩:‏٨-‏١٧‏)‏ لذا لا يمكن اطلاقا ان يغيِّر رأيه بخصوص هذا العهد او يندم عليه.‏ بشكل مشابه،‏ حين صنع عهدا مع ابراهيم،‏ «توسط بقسم» اي «ضمانة قانونية».‏ وذلك كي «يبيِّن اكثر لورثة الوعد عدم تغيُّر مشورته».‏ فوعده وقسمه هما ‹امران عديما التغيُّر يستحيل ان يكذب فيهما›.‏ (‏عب ٦:‏١٣-‏١٨‏)‏ كما انه «لن يندم» على عهده المؤكَّد بقسم الذي حلف فيه لابنه انه سيكون كاهنا مثل ملكي صادق.‏ —‏ عب ٧:‏٢٠،‏ ٢١؛‏ مز ١١٠:‏٤‏؛‏ قارن رو ١١:‏٢٩‏.‏

لكنَّ اللّٰه قد يضع مطالب،‏ او شروطا يجب ان يبلغها الذين يصنع معهم العهد.‏ على سبيل المثال،‏ وعد امة اسرائيل انهم سيكونون «ملكا خاصا» له و «مملكة كهنة وأمة مقدسة» اذا اطاعوه في كل شيء والتزموا بعهده.‏ (‏خر ١٩:‏٥،‏ ٦‏)‏ وقد التزم اللّٰه بالعهد،‏ لكنَّ الاسرائيليين نقضوه مرة بعد اخرى.‏ (‏مل ٣:‏٦،‏ ٧‏؛‏ قارن نح ٩:‏١٦-‏١٩،‏ ٢٦-‏٣١‏.‏)‏ لذلك كانوا هم المسؤولين عن عدم اتمام اللّٰه وعده،‏ وكان اللّٰه مبررا تماما عندما فسخ العهد معهم في النهاية.‏ —‏ مت ٢١:‏٤٣؛‏ عب ٨:‏٧-‏٩‏.‏

بصورة مماثلة،‏ ‹يتأسف› اللّٰه و «يرجع» عن انزال العقاب بالخطاة عندما تُنتج تحذيراته تغييرا في موقفهم وتصرفاتهم.‏ (‏تث ١٣:‏١٧؛‏ مز ٩٠:‏١٣‏)‏ فهم يرجعون اليه وهو ‹يرجع› اليهم.‏ (‏زك ٨:‏٣؛‏ مل ٣:‏٧‏)‏ فيشعر بالفرح ولا يعود يحزن،‏ لأنه لا يُسرُّ بموت الخطاة.‏ (‏لو ١٥:‏١٠؛‏ حز ١٨:‏٣٢‏)‏ وفي حين ان اللّٰه لا يغيِّر مقاييسه المستقيمة،‏ يساعد الناس كي يرجعوا اليه،‏ اذ يشجعهم ويدعوهم بلطف ان يرجعوا.‏ فهو ‹يبسط يدَيه اليهم› قائلا بواسطة ممثليه:‏ «ارجعوا،‏ رجاء،‏ .‏.‏.‏ لئلا ابتليكم»،‏ «لا تفعلوا مثل هذه المكرهة التي ابغضها».‏ (‏اش ٦٥:‏١،‏ ٢؛‏ ار ٢٥:‏٥،‏ ٦؛‏ ٤٤:‏٤،‏ ٥‏)‏ ويعطيهم وقتا كافيا ليتغيَّروا (‏نح ٩:‏٣٠‏؛‏ قارن رؤ ٢:‏٢٠-‏٢٣‏)،‏ مظهرا الصبر والتسامح،‏ «لأنه لا يرغب ان يهلك احد،‏ بل ان يبلغ الجميع الى التوبة».‏ (‏٢ بط ٣:‏٨،‏ ٩؛‏ رو ٢:‏٤،‏ ٥‏)‏ حتى انه كان يمكِّن مرسَليه من صنع العجائب كي يُثبت انه هو مَن ارسلهم ويقوي ايمان الذين يسمعونهم.‏ (‏اع ٩:‏٣٢-‏٣٥‏)‏ ولكن عندما لم تلقَ رسالته اذنا صاغية،‏ كان يؤدب غير التائبين.‏ فيحرمهم رضاه وحمايته،‏ ما يؤدي الى معاناتهم الفقر والجوع والظلم على يد اعدائهم.‏ وهذا التأديب قد يعيدهم الى صوابهم،‏ او يدفعهم ان يخافوا اللّٰه خوفا سليما،‏ او يجعلهم يدركون كم تصرفاتهم غبية وقيمهم خاطئة.‏ —‏ ٢ اخ ٣٣:‏١٠-‏١٣؛‏ نح ٩:‏٢٨،‏ ٢٩؛‏ عا ٤:‏٦-‏١١‏.‏

لكن لصبر اللّٰه حدود.‏ فعندما ينفد صبره،‏ ‹يملُّ التأسف› ولا يعود يتراجع عن قراره بإنزال العقاب بالخطاة.‏ (‏ار ١٥:‏٦،‏ ٧؛‏ ٢٣:‏١٩،‏ ٢٠؛‏ لا ٢٦:‏١٤-‏٣٣‏)‏ وآنذاك يكون قد تخطى مرحلة ‹التفكير› في جلب البلية عليهم (‏ار ١٨:‏١١؛‏ ٢٦:‏٣-‏٦‏)‏،‏ ويكون حكمه قد صار نهائيا.‏ —‏ ٢ مل ٢٣:‏٢٤-‏٢٧؛‏ اش ٤٣:‏١٣؛‏ ار ٤:‏٢٨؛‏ صف ٣:‏٨؛‏ رؤ ١١:‏١٧،‏ ١٨‏.‏

ان استعداد اللّٰه ليغفر للتائبين،‏ وأيضا ليرحمهم حتى لو اخطأوا تكرارا،‏ يرسم المثال لكل خدامه.‏ —‏ مت ١٨:‏٢١،‏ ٢٢؛‏ مر ٣:‏٢٨؛‏ لو ١٧:‏٣،‏ ٤؛‏ ١ يو ١:‏٩‏؛‏ انظر «الغفران».‏

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة