مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • كنا نطلب اولا الملكوت
    برج المراقبة ١٩٩٤ | ١ شباط (‏فبراير)‏
    • كنا نطلب اولا الملكوت

      كما روتها اولِڤ سپرينڠايت

      كانت امي قد اطفأت الشمعة منذ قليل وغادرت الغرفة بعدما سمعت صلواتنا.‏ فسألني اخي الاصغر فورا:‏ «اولِڤ،‏ كيف يمكن للّٰه ان يرانا ويسمعنا من خلال جدران من الآجُرّ؟‏»‏

      ‏«تقول امي انه يمكنه ان يرى من خلال ايّ شيء،‏‏» اجبت،‏ «وحتى ما في قلوبنا.‏» كانت امي امرأة تخاف اللّٰه وقارئة نهمة للكتاب المقدس،‏ وقد غرست فينا نحن الاولاد احتراما عميقا للّٰه ولمبادئ الكتاب المقدس.‏

      كان والدانا عضوَين في الكنيسة الانڠليكانية في البلدة الصغيرة تشاتام،‏ اقليم كنت،‏ انكلترا.‏ وعلى الرغم من ان امي كانت تتردد الى الكنيسة قانونيا،‏ فقد آمَنَت ان كون المرء مسيحيا يعني اكثر من مجرد شَغله مقعدا في الكنيسة مرة في الاسبوع.‏ وكانت متأكدة ايضا انه لا بد ان تكون للّٰه كنيسة حقيقية واحدة فقط.‏

      التقدير لحق الكتاب المقدس

      في سنة ١٩١٨،‏ عندما كنت في الخامسة من عمري تقريبا،‏ حصلت امي على المجلدات بعنوان دروس في الاسفار المقدسة،‏ بقلم تشارلز ت.‏ رصل،‏ الرئيس الاول لجمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس.‏ وبعد سنوات قليلة،‏ عندما كنا نسكن في منطقة صغيرة تدعى وِڠمور،‏ اتصل بأمي احد تلاميذ الكتاب المقدس،‏ كما كان يُعرف شهود يهوه آنذاك.‏ فقبلت المساعد على درس الكتاب المقدس قيثارة اللّٰه،‏ وابتدأت تجد منه اجوبة عن العديد من اسئلتها للكتاب المقدس.‏ وكل اسبوع كانت تصل بالبريد بطاقة زهرية اللون فيها اسئلة مطبوعة لكل فصل.‏ وكانت البطاقة تُظهر ايضا اين يمكن العثور على الاجوبة في الكتاب.‏

      وفي سنة ١٩٢٦،‏ تركتُ مع والديَّ وأختي بِرِل الكنيسة الانڠليكانية لاننا كنا مشمئزين من تدخُّل الكنيسة في السياسة،‏ وأيضا من الكثير من تعاليمها المنافية للمنطق.‏ وأحد التعاليم البارزة هو ان اللّٰه يعذِّب الناس طوال الابدية في هاوية نارية.‏ واقتنعت امي،‏ التي كانت تبحث حقا عن حق الكتاب المقدس،‏ ان الكنيسة الانڠليكانية ليست الكنيسة الحقيقية.‏

      وبُعيد ذلك،‏ استجابةً لصلوات امي المخلصة،‏ زارتنا احدى تلاميذ الكتاب المقدس،‏ السيدة جاكسون.‏ ولنحو ساعتين تحدثت الى امي وإليّ،‏ مجيبةً عن اسئلتنا من الكتاب المقدس.‏ فسررنا بأن نعرف،‏ بين امور اخرى،‏ انه يجب توجيه صلواتنا الى يهوه اللّٰه،‏ ابي يسوع المسيح،‏ لا الى ثالوث غامض.‏ (‏مزمور ٨٣:‏١٨؛‏ يوحنا ٢٠:‏١٧‏)‏ لكنَّ السؤال الذي لا يُنسى بالنسبة اليّ كان ذاك الذي طرحته امي:‏ «ماذا يعني ان نطلب اولا الملكوت؟‏» —‏ متى ٦:‏٣٣‏.‏

      لقد اثّر الجواب المؤسس على الكتاب المقدس في حياتنا بعمق.‏ ومن ذلك الاسبوع عينه،‏ ابتدأنا نحضر اجتماعات تلاميذ الكتاب المقدس ونشترك في الامور التي تعلمناها مع الآخرين.‏ وكنا مقتنعين بأننا وجدنا الحق.‏ وبعد اشهر قليلة،‏ في سنة ١٩٢٧،‏ اعتمدت امي رمزا الى انتذارها لخدمة يهوه،‏ وفي سنة ١٩٣٠ اعتمدت انا ايضا.‏

      الانخراط في خدمة الفتح

      كانت عائلتنا تحضر في جماعة ڠِلِنڠهام،‏ التي كانت تتألف من نحو ٢٥ شخصا.‏ وكان عدة اشخاص منهم خداما كامل الوقت،‏ يُدعَون فاتحين،‏ وكان لجميعهم الرجاء السماوي.‏ (‏فيلبي ٣:‏١٤،‏ ٢٠‏)‏ لقد كانت غيرتهم المسيحية معدية.‏ وعندما كنت لا ازال مراهقة،‏ خدمت كفاتحة لوقت قصير في بلجيكا في اوائل ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وقد اشعل ذلك رغبتي في خدمة الملكوت على نحو اضافي.‏ وفي ذلك الوقت كنا نشترك في توزيع نسخة من كراس الملكوت،‏ رجاء العالم على كل رجل دين.‏

      ومع مرور الوقت صار ابي مقاوما جدا لنشاطنا المسيحي،‏ ونتيجة لذلك،‏ انتقلت الى لندن سنة ١٩٣٢ لكي اذهب الى الجامعة.‏ وعلَّمت لاحقا في مدرسة لأربع سنوات وخلال ذلك الوقت كنت اعاشر جماعة بلاكهيث،‏ احدى الجماعات الاربع فقط في لندن في ذلك الوقت.‏ عندئذ ابتدأنا نسمع تقارير عن سجن ومعاناة اخوتنا وأخواتنا المسيحيين في المانيا تحت حكم هتلر لانهم رفضوا ان يدعموا جهود هتلر الحربية.‏

      وفي سنة ١٩٣٨،‏ في الشهر عينه الذي انهيت فيه كاملا دفع دين لكتب كنت قد حصلت عليها،‏ تركت وظيفتي لأحقِّق رغبتي في ان اصبح فاتحة.‏ وفي الوقت نفسه ابتدأت اختي بِرِل في الخدمة كفاتحة في لندن،‏ لكنها سكنت في بيت آخر للفاتحين.‏ وكانت اول زميلة لي في الفتح مِلدرِد وِلِّت،‏ التي تزوجت لاحقا جون بار،‏ الآن عضو في الهيئة الحاكمة لشهود يهوه.‏ وكنا مع آخرين في فريقنا نركب الدراجات الى المقاطعة ونبقى هناك كل النهار،‏ وغالبا على الرغم من المطر.‏

      كانت غيوم الحرب تتلبَّد فوق اوروپا.‏ فجرت تدريبات للمواطنين على استعمال اقنعة الغاز،‏ وابتدأت الاستعدادات لإجلاء الاولاد الى الريف الانكليزي او الى بلدات صغيرة في حال نشوب الحرب.‏ وكان لديّ فقط مال موفَّر يكفي لشراء زوج من الاحذية،‏ ولم تكن هنالك امكانية لمساعدة مالية من اهلي.‏ ولكن ألم يقل يسوع،‏ ‹هذه كلها تزاد لكم اذا طلبتم اولا الملكوت›؟‏ (‏متى ٦:‏٣٣‏)‏ وكان لديّ ملء الثقة ان يهوه سيزوِّد كل حاجاتي،‏ وقد فعل ذلك بوفرة كل هذه السنوات.‏ وخلال زمن الحرب كنت اضيف الى حصص طعامي الصغيرة خُضَرا ألتقطها من الطريق بعد مرور الشاحنات المحمَّلة.‏ وغالبا ما كنت احصل على الطعام بمقايضة مطبوعات الكتاب المقدس بالفواكه والخُضَر.‏

      ولدت اختي سونيا سنة ١٩٢٨.‏ وكان عمرها سبع سنوات فقط عندما نذرَت حياتها ليهوه.‏ وتقول سونيا انه حتى في هذا العمر الصغير،‏ صارت خدمة الفتح هدفها.‏ وفي سنة ١٩٤١،‏ بُعيد الرمز الى انتذارها بمعمودية الماء،‏ حقَّقت هدفها عندما عُيِّنت هي وأمي كفاتحتين في كارفِلي،‏ ساوث ويلز.‏

      خدمتنا خلال سنوات الحرب

      في ايلول ١٩٣٩،‏ ابتدأت الحرب العالمية الثانية،‏ وسُجن اخوتنا واخواتنا في بريطانيا للسبب عينه الذي سُجن لاجله رفقاؤهم المؤمنون في المانيا النازية —‏ موقفهم الحيادي من الاشتراك في الحرب.‏ وابتدأ قصف انكلترا في اواسط سنة ١٩٤٠.‏ وليلة بعد اخرى،‏ كان القصف المفاجئ يصم الآذان،‏ ولكن بمساعدة يهوه استطعنا ان ننام فنتنشَّط لعمل الكرازة في اليوم التالي.‏

      وأحيانا كنا نذهب الى مقاطعة كرازتنا لنجد ان معظم البيوت خربة.‏ وفي تشرين الثاني سقطت قذيفة على بُعد ياردات قليلة من المنزل الذي كان يسكن فيه عدد منا،‏ محطِّمة النوافذ الى آلاف القطع.‏ وهوى الباب الامامي الثقيل،‏ وانهارت المدخنة.‏ وبعد قضاء بقية الليل في ملجإ للغارات الجوية،‏ افترقنا وذهبنا للسكن في بيوت شهود مختلفين.‏

      وبُعيد ذلك نلت تعيينا في كرويدُن،‏ في لندن الكبرى.‏ وكانت زميلتي في الفتح آن پاركِن،‏ التي صار اخوها رون پاركِن لاحقا منسق لجنة الفرع في پورتوريكو.‏ وبعد ذلك انتقلت الى بريدجِند،‏ ساوث ويلز،‏ حيث استمررت في الخدمة كفاتحة،‏ وسكنت في عربة تجرها الاحصنة لستة اشهر.‏ ومن هناك كنا نركب الدراجات اربعة اميال (‏٦ كلم)‏ الى اقرب جماعة كبيرة،‏ في پورت تالبُت.‏

      وبحلول هذا الوقت كان الشعب يصير عدائيا جدا نحونا،‏ داعيا ايانا بالضميريين (‏المعترضين بسبب الضمير)‏.‏ وقد صعَّب ذلك علينا ان نجد مسكنا،‏ لكنَّ يهوه اعتنى بنا كما هو موعود به.‏

      لاحقا،‏ عُيِّن ثمانية منا كفاتحين خصوصيين في سوانزي،‏ بلدة مرفإ في ساوث ويلز.‏ وإذ كانت تشتد حدة الحرب،‏ كان يشتد كذلك التحامل علينا.‏ فكانت تُرسم الكلمتان «جرذان» و «جبناء» على حائط بيت الفاتحين الذي لنا.‏ وهذا العداء اثارته الى حد بعيد تقارير الصحف التي ادانتنا بسبب موقفنا الحيادي.‏ وفي آخر الامر،‏ أُرسل سبعة منا الى السجن،‏ الواحد تلو الآخر.‏ وقد قضيت شهرا في سجن كاردِف سنة ١٩٤٢،‏ ولاحقا قضت اختي بِرِل ايضا بعض الوقت هناك.‏ وعلى الرغم من اننا كنا نملك القليل ماديا وكنا نعاني الاستهزاء والتعيير،‏ فقد كنا اغنياء روحيا.‏

      في غضون ذلك،‏ كانت امي وسونيا تخدمان كفاتحتين في كارفِلي وكانت لديهما اختبارات مماثلة.‏ كان الدرس الاول الذي عقدته سونيا مع سيدة رتّبت ان تزورها مساء يوم الجمعة.‏ وكانت سونيا واثقة ان امي سترافقها،‏ لكنَّ امي اوضحت:‏ «لديَّ موعد آخر.‏ لقد صنعتِ الترتيب،‏ لذلك عليكِ ان تذهبي وحدك.‏» وعلى الرغم من ان سونيا كانت تبلغ الـ‍ ١٣ من عمرها فقط،‏ فقد ذهبت وحدها،‏ وتقدمت السيدة روحيا بشكل جيد وصارت لاحقا شاهدة منتذرة.‏

      نشاط ما بعد الحرب —‏ ثم جلعاد

      عندما انتهت الحرب العالمية الثانية سنة ١٩٤٥،‏ كنت اعمل في مقاطعة منعزلة في هوايلي بريدج،‏ داربيشير.‏ وفي الصباح الذي أُعلن فيه وقف اطلاق النار،‏ زرنا وعزَّينا الاشخاص الذين كانوا بحلول ذلك الوقت قد ضاقوا ذرعا بالحرب وعواقبها —‏ الايتام،‏ الارامل،‏ والاجساد المشوَّهة.‏

      وبعد بضعة اشهر،‏ طلبت الجمعية متطوعين للكرازة في ايرلندا،‏ الجزيرة الزمردة.‏ وكان هنالك في ذلك الوقت نحو ١٤٠ شاهدا ليهوه فقط في الجزيرة،‏ لذلك اعتُبرَت مقاطعة ارسالية.‏ وفي غضون اشهر قليلة،‏ عُيِّن نحو ٤٠ فاتحا خصوصيا هناك،‏ وكنت انا بينهم.‏

      بعد العمل لمدة من الوقت في كولراين وكوكستاون في الشمال،‏ عُيِّنتُ،‏ مع ثلاث اخريات،‏ في درويِدا على الساحل الشرقي.‏ ورغم ان الايرلنديين هم بالطبيعة حارّون ومضيفون،‏ كان التحامل الديني شديدا.‏ وهكذا،‏ خلال سنة كاملة،‏ تمكنّا من توزيع مساعِدات قليلة فقط على درس الكتاب المقدس على الشعب (‏فعليا كتاب واحد وبعض الكراريس فقط)‏.‏

      وخلال اقامتنا في درويِدا،‏ كنت اركب الدراجة من مزرعة الى اخرى عندما اندفع فجأة عامل مزرعة شاب من خلال سياج الشجيرات الى الطريق.‏ فنظر هنا وهناك الى الطريق،‏ ثم سأل بصوت منخفض:‏ «هل انتِ من شهود يهوه؟‏» وعندما اجبت انني كذلك،‏ تابع:‏ «الليلة الماضية تشاجرت شجارا حادّا مع خطيبتي بسببكن انتن الفتيات،‏ وأنهينا خطبتنا.‏ فقد ألَحَّت انكن شيوعيات،‏ كما يقول الكهنة الكاثوليك والصحف،‏ ولكنني حاججت ان ذلك لا يمكن ان يكون صحيحا،‏ لانكن تذهبن علنا من بيت الى بيت.‏»‏

      فأعطيته كراسا ليقرأه،‏ فخبَّأه في جيبه،‏ ورتَّبنا ان نلتقي ونتحدث اكثر بعد الغروب،‏ لانه قال:‏ «اذا شوهدت اتحدث اليكِ،‏ فسأخسر عملي.‏» وفي تلك الليلة التقته اثنتان منا وأجابتا عن اسئلته العديدة.‏ فبدا مقتنعا بأن هذا هو الحق،‏ ووعد ان يأتي الى بيتنا في ليلة اخرى ليتعلَّم المزيد.‏ لكنه لم يأتِ قط،‏ فشعرنا بأن بعض راكبي الدراجات الذين مروا بنا في اول ليلة لا بد انهم عرفوه وانه ربما خسر عمله.‏ وغالبا ما نتساءل عما اذا صار شاهدا في وقت من الاوقات.‏

      وبعد حضور المحفل الكوري في برايتون،‏ على الساحل الجنوبي لانكلترا سنة ١٩٤٩،‏ تلقى عدد منا دعوات الى مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس في ولاية نيويورك.‏ وقد حضر ما مجموعه ٢٦ من بريطانيا الصف الـ‍ ١٥ الذي تخرج في ٣٠ تموز ١٩٥٠،‏ خلال المحفل الاممي في يانكي ستاديوم.‏

      خدمتنا في البرازيل

      في السنة التالية عُيِّنت في سان پاولو،‏ البرازيل،‏ احدى المدن الاسرع نموًّا في العالم.‏ وفي ذلك الوقت كانت فيها فقط خمس جماعات لشهود يهوه،‏ ولكن الآن هنالك تقريبا ٦٠٠ جماعة!‏ ويا للتباين الذي كان مع العمل في ايرلندا!‏ فبيوت عديدة في مقاطعتنا في سان پاولو كانت قصورا،‏ محاطة بسياجات حديدية عالية ببوابات حديدية مزخرفة بطريقة فنية.‏ وكنا ننادي صاحب البيت او الخادمة بتصفيق يدينا.‏

      وإذ كانت السنوات تمرّ،‏ كانت هنالك تعيينات جديدة.‏ وكان لي امتياز المساعدة على تشكيل جماعات جديدة في اماكن متنوعة في الجزء الداخلي من ولاية سان پاولو،‏ بما فيها جماعة في جُوندياي سنة ١٩٥٥ وأخرى في پِرِسِكابا سنة ١٩٥٨.‏ ولاحقا في سنة ١٩٦٠ صارت اختي سونيا زميلتي المرسَلَة،‏ وعُيِّنّا في پورتو آليڠري،‏ عاصمة ولاية ريو ڠراندي دوسول.‏ فكيف،‏ قد تتساءلون،‏ وصلَت الى البرازيل؟‏

      استمرت سونيا وأمي في الخدمة كفاتحتين معا في انكلترا بعد الحرب العالمية الثانية.‏ ولكن في اوائل خمسينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ اجرت امي عملية جراحية للسرطان تركتها اضعف من ان تذهب من بيت الى بيت،‏ رغم انه كان بامكانها ان تعقد دروس الكتاب المقدس وتكتب الرسائل.‏ واستمرت سونيا في عمل الفتح،‏ وساعدت في الوقت نفسه على الاعتناء بأمي.‏ وفي ١٩٥٩،‏ كان لسونيا امتياز حضور الصف الـ‍ ٣٣ لجلعاد وعُيِّنت في البرازيل.‏ وفي غضون ذلك،‏ اعتنت بِرِل بأمي حتى موتها سنة ١٩٦٢.‏ وبحلول ذلك الوقت كانت بِرِل قد تزوجت،‏ وهي تخدم يهوه بأمانة مع عائلتها.‏

      في البرازيل،‏ ساعدنا سونيا وأنا عدة اشخاص على الانتذار والمعمودية.‏ ولكنَّ احدى المشاكل التي كانت لدى عدد من البرازيليين هي مشكلة جعل زواجهم شرعيا.‏ فبسبب صعوبة الحصول على طلاق في البرازيل،‏ كان شائعا ان يحيا ازواج معا دون فائدة الزواج.‏ وقد كانت هذه هي الحال خصوصا عندما يكون احد الرفقاء قد انفصل عن رفيق زواج شرعي سابق.‏

      كانت سيدة تدعى ايڤا في هذا الوضع عندما قابلتها.‏ ورفيق زواجها الشرعي كان قد اختفى،‏ لذلك لكي نحدد مكانه،‏ اذعنا اعلانا في الراديو.‏ وعندما وُجد زوجها،‏ رافقتُها الى مدينة اخرى للحصول على توقيعه لوثيقة تحرِّرها بحيث يمكنها جعل الاتحاد بالرجل غير المتزوج الذي تحيا معه شرعيا.‏ وفي جلسة السماع الاولية امام القاضي،‏ طلب من ايڤا ومني على السواء ان نشرح سبب رغبتها في تصحيح وضعها الزوجي.‏ وعبَّر القاضي عن الدهشة والاقتناع عندما شُرح له ذلك.‏

      وفي مناسبة اخرى،‏ ذهبتُ مع احدى تلاميذي للكتاب المقدس للترتيب ليتولى محامٍ قضيتها.‏ ومرة اخرى قُدِّمت شهادة جيدة عن الزواج ومقاييس اللّٰه الادبية.‏ وفي هذه الحالة كانت كلفة الطلاق باهظة جدا بحيث كان على الرفيقين كليهما ان يعملا لدفع الرسوم.‏ ولكن بالنسبة الى تلميذَي الكتاب المقدس الجديدين هذين،‏ كان ذلك يستحق العناء.‏ وكان لسونيا ولي امتياز ان نكون شاهدتين على زواجهما،‏ وبعد ذلك استمعنا مع اولادهما الثلاثة المراهقين الى خطاب قصير من الكتاب المقدس في بيتهما.‏

      حياة غنية ومكافئة

      عندما نذرنا سونيا وأنا حياتنا ليهوه وصرنا فاتحتين،‏ كنا ننوي،‏ اذا كان بالإمكان،‏ ان تكون الخدمة كامل الوقت مهنتنا للحياة.‏ ولم نفكر كثيرا في ما سيحدث في سنواتنا المتأخرة او في حال حدوث مرض او صعوبات مالية.‏ ومع ذلك،‏ كما وعد يهوه،‏ لم يجرِ التخلي عنا قط.‏ —‏ عبرانيين ١٣:‏٦‏.‏

      نعم،‏ لقد كان النقص في المال احيانا مشكلة.‏ ففي وقت من الاوقات،‏ اكلنا زميلتي وأنا شطائر البقدونس كغداء لمدة سنة كاملة،‏ لكننا لم نتضور جوعا قط،‏ ولم تنقصنا الحاجات الاساسية.‏

      اذ مرت السنوات،‏ ضعفت مقدراتنا.‏ فخلال اواسط ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ أُجريت لنا كلتينا عمليتان جراحيتان خطيرتان انتجتا محنة شديدة لنا،‏ لأن نشاطاتنا الكرازية تقلَّصت كثيرا.‏ وفي كانون الثاني ١٩٨٧،‏ دعينا لنكون من اعضاء هيئة مستخدمي المركز الرئيسي لشهود يهوه في البرازيل.‏

      وموقع عائلتنا الكبيرة المؤلفة من اكثر من الف خادم هو نحو ٩٠ ميلا (‏١٤٠ كلم)‏ خارج سان پاولو في مجمّع ابنية جميل،‏ حيث نطبع مطبوعات الكتاب المقدس للبرازيل ولانحاء اخرى من اميركا الجنوبية.‏ وهنا ننال عناية من خدام مخلصين للّٰه.‏ عندما اتيت اولا الى البرازيل سنة ١٩٥١،‏ كان هنالك نحو ٠٠٠‏,٤ كارز برسالة الملكوت،‏ ولكن الآن هنالك اكثر من ٠٠٠‏,٣٦٦!‏ وأبونا السماوي الرحيم قد زاد حقا «هذه كلها» لأننا طلبنا اولا ملكوته.‏ —‏ متى ٦:‏٣٣‏.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٢]‏

      اولِڤ ومِلدرِد وِلِّت بجانب عربة للإعلام،‏ سنة ١٩٣٩

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٥]‏

      اولِڤ وسونيا سپرينڠايت

  • هل تكرمون الآخرين عند تقديم المشورة؟‏
    برج المراقبة ١٩٩٤ | ١ شباط (‏فبراير)‏
    • هل تكرمون الآخرين عند تقديم المشورة؟‏

      ما احسن وما انفع ان ينال المرء المشورة بإكرام!‏ «تؤدي المشورة اللطيفة،‏ المراعية لمشاعر الآخرين،‏ والمتَّصفة بالعناية،‏ الى علاقات جيدة،‏» يقول إدوَرد.‏ «عندما تشعرون بأن المشير يكرمكم ويحترمكم بإظهار الاستعداد للاصغاء الى وجهة نظركم من القصة،‏ يسهل اكثر تقبّل المشورة،‏» يؤكد وارِن.‏ «عندما يعاملني المشير باحترام،‏ اشعر بحرية الاقتراب اليه،‏ طالبا منه مشورة،‏» يلاحظ نورمَن.‏

      حق الانسان الطبيعي في الاكرام

      يُرحَّب حقا بالمشورة القلبية،‏ الودية،‏ والحبية.‏ وتقديم المشورة للآخرين بالطريقة التي بها تريدون ان تُقدَّم المشورة اليكم هو نافع.‏ (‏متى ٧:‏١٢‏)‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة