مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • القضية —‏ كيف نشأت
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٨
    • القضية —‏ كيف نشأت

      ستراتون في اوهايو،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ هي قرية تقع قرب نهر أوهايو الفاصل بين أوهايو وڤيرجينيا الغربية.‏ يعيش في ستراتون مجتمع صغير يضم اقل من ٣٠٠ نسمة،‏ ولديه رئيس بلدية.‏ في سنة ١٩٩٩،‏ صار هذا المجتمع فجأة مركزا للنزاع.‏ وذلك عندما حاولت السلطات اجبار شهود يهوه،‏ وغيرهم ايضا،‏ ان يحصلوا على اذن قبل زيارة بيوت السكان المحليين ونقل رسالتهم المؤسسة على الكتاب المقدس.‏

      ولماذا تُعتبر هذه القضية مهمة؟‏ فيما نسرد الوقائع،‏ سترى ان هذا النوع من الرقابة والقرارات الحكومية يحدّ في الواقع من حقوق حرية القول المتعلقة ليس فقط بشهود يهوه بل بكل الذين يعيشون في الولايات المتحدة.‏

      كيف تطوَّر النزاع

      طوال سنوات،‏ كان مبشرون من جماعة ويلزڤيل المحلية لشهود يهوه يقومون بزيارة سكان ستراتون.‏ وكان هؤلاء الشهود يواجهون منذ سنة ١٩٧٩ المشاكل مع بعض المسؤولين المحليين بسبب كرازتهم من بيت الى بيت.‏ وفي اوائل تسعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ طرد شرطي محلي مجموعة من الشهود خارج القرية قائلا:‏ «انا لا آبه مطلقا بحقوقكم».‏

      وبلغت المسألة ذروتها سنة ١٩٩٨،‏ عندما جابه رئيس بلدية ستراتون شخصيا اربع نساء من شهود يهوه كن يغادرن القرية بعدما عدن اليها للتحدث الى الذين اظهروا رغبة في اجراء مناقشات مؤسسة على الكتاب المقدس.‏ وقد قال رئيس البلدية،‏ كما اخبرت احدى هؤلاء الشاهدات،‏ انه كان سيضعهن في السجن لو كن رجالا.‏

      كان سببَ النزاع الاخير قرارٌ صادر عن البلدية «ينظم العمل غير المرحب به للباعة الجائلين ولكل من يذهب من بيت الى بيت لطلب المال من الناس في املاكهم الخاصة»،‏ فارضا على كل من يرغب في القيام بنشاط يشمل الذهاب من بيت الى بيت ان يحصل دون مقابل على اذن من رئيس البلدية.‏ اعتبر شهود يهوه هذا القرار انتهاكا لحرية القول،‏ حرية ممارسة الدين،‏ وحرية الصحافة.‏ لذلك رفعوا القضية الى المحكمة الفدرالية بعدما رفضت البلدية التعديل في تطبيق القرار.‏

      في ٢٧ تموز (‏يوليو)‏ ١٩٩٩،‏ عُقدت جلسة استماع امام قاضٍ في المحكمة المحلية في مقاطعة أوهايو الجنوبية.‏ فاعتبر القاضي القرار الذي اصدرته البلدية مطابقا للدستور.‏ بعد ذلك،‏ في ٢٠ شباط (‏فبراير)‏ ٢٠٠١،‏ اكّدت ايضا محكمة الاستئناف الاميركية التابعة للدائرة القضائية السادسة ان القرار مطابق للدستور.‏

      ولكي تُبتّ المسألة،‏ تقدمت جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك وجماعة ويلزڤيل المحلية لشهود يهوه بطلب من المحكمة العليا في الولايات المتحدة لإعادة النظر في القضية.‏

  • المحكمة العليا تقبل النظر في القضية
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٨
    • المحكمة العليا تقبل النظر في القضية

      في السنوات الاخيرة،‏ قبلت المحكمة العليا ان تنظر سنويا في ٨٠ الى ٩٠ قضية تقريبا من بين اكثر من ٠٠٠‏,٧ كانت تُرفَع اليها —‏ اي اكثر بقليل من ١ في المئة.‏

      وفي ايار (‏مايو)‏ ٢٠٠١،‏ تقدَّم شهود يهوه بعريضة طلبوا بموجبها من المحكمة العليا قبول اعادة النظر في القضية،‏ وطرحوا السؤال التالي:‏ «هل الخدام الدينيون الذين يمارسون نشاطا عمره قرون ومؤسسا على الاسفار المقدسة،‏ نشاطا يقضي بنقل معتقداتهم الدينية من بيت الى بيت،‏ يُعتبرون بنظر الدستور مثل باعة السلع الجائلين،‏ وهم مضطرون ان يطلبوا اذنا من البلدية ليتكلموا عن الكتاب المقدس او يعرضوا المطبوعات المؤسسة على الكتاب المقدس دون مقابل؟‏».‏

      وفي ١٥ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٢٠٠١،‏ أُعلم القسم القانوني لجمعية برج المراقبة ان المحكمة العليا في الولايات المتحدة قبلت اعادة النظر في قضية جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك ورفاقها ضد بلدية ستراتون ورفاقها.‏

      وقد قبلت المحكمة ان تبت القضية انما على اساس وجه محدَّد لحرية القول،‏ اي اذا كان صون التعديل الاول للدستور الاميركي لحرية القول يشمل حق الناس في التحدث الى الآخرين عن مسألة ما دون الاضطرار الى اخذ اذن من سلطة حكومية.‏

      والآن،‏ حان وقت المحاججة الشفهية في القضية امام تسعة قضاة من المحكمة العليا في الولايات المتحدة.‏ وسيكون لكلا الفريقين محامون يمثلونهما.‏ فكيف ستجري الامور في قاعة المحكمة؟‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٥]‏

      ما هو التعديل الاول للدستور الاميركي؟‏

      ‏«التعديل الاول للدستور الاميركي (‏تأسيس الدين؛‏ حرية الدين،‏ القول،‏ الصحافة،‏ الاجتماع،‏ وتقديم العرائض)‏ لا يجب ان يسنّ الكونڠرس قانونا يتعلق بتأسيس دين،‏ او يحظر ممارسته بحرية؛‏ او يمنع حرية القول،‏ او الصحافة؛‏ او حق الناس في الاجتماع سلميا،‏ وفي تقديم العرائض للالتماس من الحكومة ان تزيل المظالم».‏ —‏ الدستور الاميركي.‏

      «التعديل الاول للدستور الاميركي هو اساس العملية الديموقراطية في الولايات المتحدة.‏ يمنع هذا التعديل الكونڠرس من سنّ قوانين تحظر حرية القول،‏ الصحافة،‏ الاجتماعات السلمية،‏ او التقدم بعرائض.‏ ان كثيرين من الناس يعتبرون حرية القول اهم حرية وأساس كل الحريات الاخرى.‏ ويمنع التعديل الاول ايضا الكونڠرس من سنّ قوانين تسمح بتأسيس دين للدولة او تحظر الحرية الدينية».‏ (‏دائرة معارف الكتاب العالمي،‏ بالانكليزية)‏ ومن المثير للاهتمام انه في قضية كانتوِل ضد ولاية كونكتيكُت،‏ ذات الرقم ٢٩٦/‏٣١٠ (‏الولايات المتحدة؛‏ ١٩٤٠)‏،‏ صدر قرار شمل ايضا شهود يهوه وشكّل نقطة تحوّل.‏ فقد حكمت المحكمة العليا في الولايات المتحدة ان الضمانات التي يشملها التعديل الاول للدستور الاميركي لا تمنع فقط «الكونڠرس» (‏الحكومة الفدرالية)‏ بل ايضا السلطات المحلية (‏سلطات الولايات والبلديات)‏ من سنّ قوانين تنتهك بشكل مخالف للدستور الحقوق التي ينص عليها التعديل الاول.‏

      ‏[الصورتان في الصفحة ٥]‏

      ان المسائل المشمولة تؤثر في مختلف اشكال النشاطات من بيت الى بيت

      ‏[مصدر الصورة في الصفحة ٤]‏

      Photograph by Franz Jantzen,‎ Collection of the Supreme Court of the United States

  • المرحلة الاولى —‏ المحاججة الشفهية امام المحكمة العليا
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٨
    • المرحلة الاولى —‏ المحاججة الشفهية امام المحكمة العليا

      حُدِّد تاريخ انعقاد جلسة المحاججة الشفهية امام رئيس القضاة وليَم راينْكْوِست وثمانية قضاة مساعدين في المحكمة العليا في ٢٦ شباط (‏فبراير)‏ ٢٠٠٢.‏ ومثَّل الشهودَ فريقٌ من اربعة محامين.‏

      افتتح محامي الشهود الرئيسي محاججته بمقدمة تأسر الانتباه:‏ «انها الساعة ٠٠:‏١١ من صباح يوم السبت في قرية ستراتون.‏ [ثم نقر على المنصة ثلاث مرات.‏] ‹صباح الخير.‏ على ضوء الاحداث الاخيرة،‏ قمت بجهد خصوصي للقدوم الى بيتك والتكلم معك عن امر ذكره النبي اشعيا سيجعل الاحوال افضل.‏ انه البشارة التي كرز بها يسوع المسيح،‏ بشارة ملكوت اللّٰه».‏

      وتابع:‏ «ان الذهاب من بيت الى بيت وإعطاء تلك الرسالة يُعتبر جريمة في قرية ستراتون ما لم يجرِ الحصول اولا على اذن من السلطات المحلية للقيام بذلك».‏

      ‏‹ألا تطلبون المال؟‏›‏

      طرح القاضي ستيفن براير بعض الاسئلة المباشرة المتعلقة بشهود يهوه.‏ سأل:‏ «هل صحيح ان موكليك لا يطلبون اي مال،‏ ولا حتى قرشا واحدا،‏ وأنهم لا يبيعون الكتب المقدسة او اي شيء آخر،‏ وأن كل ما يقومون به هو القول:‏ ‹اريد التحدث اليك عن الدين›؟‏».‏

      اجاب محامي الشهود:‏ «حضرة القاضي،‏ ان الوقائع واضحة جدا.‏ في قرية ستراتون،‏ لم يطلب شهود يهوه المال.‏ والوقائع في مقاطعات اخرى تثبت انهم عندما يأتون احيانا على ذكر التبرعات يوضحون انها طوعية.‏ .‏ .‏ .‏ ليس هدفنا طلب المال.‏ نحن فقط نسعى الى التكلم مع الناس عن الكتاب المقدس».‏

      هل هنالك حاجة الى اذن من الحكومة؟‏

      سأل القاضي انتونِن سْكاليا بعدما ادرك ماهية القضية:‏ «في نظركم،‏ انتم لستم مضطرين الى الذهاب عند رئيس البلدية وطلب اذن منه لكي تتحدثوا الى احد جيرانكم عن موضوع مثير للاهتمام،‏ أليس كذلك؟‏».‏ اجاب محامي الشهود:‏ «نحن نعتقد ان هذه المحكمة لا يجب ان توافق على قرار حكومي يقضي بأن يحصل المواطن على رخصة ليتمكن من الذهاب الى بيت مواطن آخر والتحدث اليه».‏

      منحى المحاججة يتبدل مغيِّرا الاجواء

      حان الآن الوقت لتقدم البلدية محاججتها.‏ فأوضح المحامي الرئيسي قرار ستراتون قائلا:‏ «كل ما تقوم به ستراتون هو تحمل مسؤوليتها في الحفاظ على الامن العام حين تسعى الى حماية السكان من المتطفلين وحين تسعى الى الحؤول دون وقوع الجرائم.‏ والقرار الذي يمنع زيارة الناس في املاكهم الخاصة،‏ بغية طلب الدعم او المال،‏ لا يتطلب من المرء سوى تسجيل اسمه مسبقا لحيازة اذن يخوِّله الذهاب من بيت الى بيت».‏

      حينئذ،‏ دخل القاضي سْكاليا فورا في صلب الموضوع وسأل:‏ «هل تعرفون قضية اخرى نظرنا [المحكمة العليا] فيها عالجت قرارا بهذه الشمولية لا يمنع طلب المال او بيع السلع وحسب بل ايضا ذكر عبارات مثل:‏ ‹اود التحدث عن يسوع المسيح›،‏ او ‹اريد التحدث اليك عن حماية البيئة›؟‏ هل سبق ان عالجنا قضية مشابهة؟‏».‏

      ثم تابع القاضي سْكاليا:‏ «على حد علمي،‏ لم تكن هنالك قضية من هذا النوع منذ اكثر من قرنين».‏ فعلَّق رئيس القضاة رنْكْوِست عندئذ مازحا:‏ «لم اكن اعرف انك عشت طوال هذه السنين».‏ فعلا الضحك في قاعة المحكمة.‏ ثم تابع القاضي سْكاليا محاججته قائلا:‏ «ان شمولية هذا القرار امر جديد علي».‏

      فكرة ممتازة؟‏

      طرح القاضي انطوني م.‏ كنيدي سؤالا مباشرا:‏ «أوَتجدها حقا فكرة ممتازة ان اكون ملزما بطلب اذن من الحكومة قبل ان اذهب الى جيراني،‏ الذين لا اعرف البعض منهم،‏ لكي اقول لهم اريد ان اتحدث اليكم لأني قلق بشأن مسألة جمع النفايات،‏ او لأنني قلق بشأن اهلية احد اعضاء الكونڠرس،‏ او ما شابه.‏ هل عليّ طلب اذن من الحكومة قبل ان افعل ذلك؟‏».‏ وأردف قائلا:‏ «هذا لا يُعقَل!‏».‏

      ثم انضمت القاضية ساندرا داي اكونور الى النقاش وسألت:‏ «وماذا عن الذين يذهبون في عيد الهالووين الى البيوت لتخيير الناس بين الهدية والاذية؟‏ هل يجب ان يحصلوا على اذن؟‏».‏ وتابع القاضيان اكونور وسْكاليا كلاهما اعطاء هذا النوع من الحجج.‏ فقدَّمت القاضية اكونور حجة اخرى قائلة:‏ «ماذا عن استعارة فنجان من السكر من جارك؟‏ هل عليّ ان احصل على اذن لأذهب وأستعير فنجان سكر من جاري؟‏».‏

      هل الشهود ممن يطلبون الدعم من الناس؟‏

      سأل القاضي دايڤيد ه‍.‏ سوتر:‏ «لمَ الشهود مشمولون بهذا القرار؟‏ هل هم ممن يطلبون الدعم او المال؟‏ هل هم باعة جائلون يجوبون الشوارع او يطرقون الابواب؟‏ انهم لا ينتمون الى اي من هذه الفئات،‏ أليس كذلك؟‏».‏ فاقتبس محامي بلدية ستراتون من القرار الذي اصدرته البلدية بشكل مسهب،‏ وأضاف ان المحكمة الدنيا عرّفت شهود يهوه بأنهم ممن «يطلبون الدعم والمال canvassers».‏ فأجاب القاضي سوتر:‏ «اذا كان التعبير ‹طلب الدعم والمال› يشمل شهود يهوه فلا بد ان مفهومكم لهذا التعبير واسع جدا».‏

      ثم اقتبس القاضي براير من القاموس تعريف الكلمة الانكليزية canvasser ليظهر انه لا ينطبق على الشهود.‏ وأضاف:‏ «لم اقرأ في خلاصة الوقائع والنقاط القانونية التي قدمْتَها ما يُظهر هدف طلبكم من هؤلاء الناس [شهود يهوه] الذين لا يهتمون بطلب المال او بيع السلع او حتى بجمع الاصوات،‏ ان يذهبوا الى مبنى البلدية ويسجلوا اسماءهم.‏ فما هو هدف البلدية من ذلك؟‏».‏

      ‏«امتياز» التحدث الى الآخرين

      حاجج بعد ذلك محامي البلدية قائلا ان «هدف البلدية هو الحؤول دون ازعاج الناس في املاكهم الخاصة».‏ وأوضح ايضا ان الهدف هو حماية السكان من عمليات الاحتيال والمجرمين.‏ فاقتبس القاضي سْكاليا من قرار البلدية ما يُظهر ان بإمكان رئيس البلدية طلب معلومات اضافية تتعلق بكل من يسجّل اسمه وبهدفه وذلك بغية «تحديد طبيعة الامتياز المطلوب».‏ وعلّق بانتقاد:‏ «وما هو هذا الامتياز؟‏ ان تذهب لإقناع مواطنيك بأمر او آخر.‏ لا استطيع ان افهم المنطق في ذلك».‏

      وتابع القاضي سْكاليا:‏ «هل ستطلب من كل شخص يقرع جرس بيت ان يذهب اولا الى مبنى البلدية لتؤخذ بصماته؟‏ هل الاحتمال الضئيل لحصول جريمة سبب كاف للطلب من كل شخص ان يحصل على اذن من مبنى البلدية قبل ان يدق جرس احد البيوت؟‏ طبعا ليس الامر كذلك».‏

      سكان يحميهم القرار؟‏

      بعدما انتهت الـ‍ ٢٠ دقيقة التي اعطيت لمحامي البلدية،‏ تابع المحاججة مساعد النائب العام في ولاية أوهايو.‏ فحاجج ان القرار الذي يقضي بعدم الذهاب من بيت الى بيت لطلب الدعم والمال من الناس انما يحمي السكان من زيارة شخص غريب،‏ «طبعا،‏ شخص غير مرحب به موجود داخل ممتلكاتهم .‏ .‏ .‏ وأظن ان سكان القرية يحق لهم القول:‏ ‹ان هذا النوع من النشاطات يقلقنا›».‏

      عندئذ ذكر القاضي سْكاليا:‏ «اذًا،‏ ما تقوله البلدية هو انه على هؤلاء الناس [شهود يهوه] ان يذهبوا ويسجّلوا اسماءهم عند رئيس البلدية ليحصلوا على امتياز قرع ابواب الناس،‏ حتى ابواب اولئك الذين يرحبون بهم،‏ اولئك الذين يجلسون وحيدين راغبين في التحدث الى احد عن اي شيء».‏

      ‏«‏قيد غير متشدِّد البتة»‏

      خلال المحاججة ذكر القاضي سْكاليا نقطة مهمة حين قال:‏ «جميعنا نوافق على ان اكثر المجتمعات امنا في العالم هي التي تحكمها حكومات ديكتاتورية كليانية.‏ هناك تكون نسبة الجريمة ضئيلة جدا.‏ ان هذا الواقع معروف.‏ اما الثمن الذي يُدفع مقابل الحرية فهو ازدياد احتمال حصول نشاطات غير مشروعة.‏ والسؤال الذي يطرح نفسه هو:‏ هل القرار الصادر قادر ان يوقف النشاطات غير المشروعة الى حد كافٍ بحيث يستحق طلب امتياز قرع ابواب الآخرين الثمن الذي يُدفع مقابله».‏ فردّ مساعد النائب العام:‏ «انه قيد غير متشدد البتة».‏ فأجابه القاضي سْكاليا انه غير متشدِّد الى حد «انه لا يمكننا ايجاد اية قضية تذكر ان بلدية ما اصدرت قرارا من هذا النوع.‏ انا لا اظن انه قيد غير متشدِّد».‏

      اخيرا،‏ بسبب إلحاح احد القضاة،‏ اضطر مساعد النائب العام ان يعترف:‏ «لا اميل الى القول انه يجب ان يُحظَر قرع الاجراس والابواب».‏ بهذه الملاحظة،‏ انتهت محاججته.‏

      خلال الردّ،‏ اشار محامي الشهود الى ان القرار الذي اصدرته البلدية لا يتضمن وسائل تسمح بالتحقق من اقوال الذين يطلبون اذنا من البلدية.‏ فذكر:‏ «قد اذهب الى مبنى البلدية وأقول:‏ ‹انا [فلان الفلاني]› وأحصل على اذن للذهاب من بيت الى بيت».‏ وأشار ايضا الى ان رئيس البلدية يستطيع ان يرفض منح الاذن حتى لو قال المرء انه ليس عضوا في منظمة ما.‏ وعلَّق قائلا:‏ «نحن نعتقد ان ذلك هو بوضوح ممارسة للاجتهاد في ما يتعلق باتخاذ القرارات».‏ ثم اضاف:‏ «وأنا انوِّه بكل احترام ان نشاطنا [شهود يهوه] يدخل في صميم التعديل الاول للدستور الاميركي».‏

      بعد ذلك بوقت قصير،‏ انهى رئيس القضاة راينْكْوِست المحاججة الشفهية قائلا:‏ «ترفع القضية [الى المحكمة العليا] للبتّ فيها».‏ لقد استغرقت المحاججة اكثر من ساعة بقليل.‏ ومدى اهمية هذه الساعة امر كان سيظهر في القرار الخطي الذي اصدرته المحكمة في حزيران (‏يونيو)‏.‏

      ‏[الصور في الصفحة ٦]‏

      رئيس القضاة راينْكْوِست

      القاضي براير

      القاضي سْكاليا

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Rehnquist: Collection,‎ The Supreme Court Historical Society/Dane Penland; Breyer: Collection,‎ The Supreme Court Historical Society/Richard Strauss; Scalia: Collection,‎ The Supreme Court Historical Society/Joseph Lavenburg

      ‏[الصور في الصفحة ٧]‏

      القاضي سوتر

      القاضي كنيدي

      القاضية اكونور

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Kennedy: Collection,‎ The Supreme Court Historical Society/Robin Reid; O’Connor: Collection,‎ The Supreme Court Historical Society/Richard Strauss; Souter: Collection,‎ The Supreme Court Historical Society/Joseph Bailey

      ‏[الصورة في الصفحة ٨]‏

      قاعة المحكمة من الداخل

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Photograph by Franz Jantzen,‎ Collection of the Supreme Court of the United States

  • المحكمة العليا تحكم لصالح حرية القول
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٨
    • المحكمة العليا تحكم لصالح حرية القول

      اتى اليوم الحاسم في ١٧ حزيران (‏يونيو)‏ ٢٠٠٢،‏ عندما اصدرت المحكمة العليا بيانها الخطي.‏ فماذا كان القرار؟‏ اعلنت عناوين الصحف النتيجة.‏ فذكرت ذا نيويورك تايمز:‏ «المحكمة تزيل القيود عن زيارات شهود يهوه».‏ وورد في رسالة كولومبس الاخبارية التي تصدر في أوهايو:‏ «المحكمة تُبطل قرار اخذ الاذن».‏ وقالت ذا پلاين ديلِر الصادرة في كليڤلنْد بأوهايو:‏ «الذهاب من بيت الى بيت لا يحتاج الى اذن البلدية».‏ اما صحيفة الولايات المتحدة الاميركية اليوم فأعلنت:‏ «حرية القول تفوز».‏

      نُقضت قرارات المحكمة الدنيا ضد شهود يهوه بمجموع ٨ اصوات مقابل ١!‏ وبيان المحكمة الخطي المؤلف من ١٨ صفحة كتبه القاضي جان پول ستيڤنز.‏ ان قرار المحكمة أعاد بشكل قاطع التأكيد بأن التعديل الاول للدستور يصون الخدمة العامة لشهود يهوه.‏ وقد اوضحت المحكمة العليا في بيانها الخطي ان الشهود رفضوا التقدم بطلب الاذن لأنهم يقولون «انهم يستمدون حقهم في الكرازة من الاسفار المقدسة».‏ ثم اقتبست من الشهادة التي ادلوا بها والموجودة في خلاصة الوقائع والنقاط القانونية التي قدموها:‏ «بالنسبة الينا،‏ ان طلب اذن من البلدية لنقوم بالكرازة هو بمثابة اهانة للّٰه».‏

      وذكر بيان المحكمة:‏ «منذ اكثر من ٥٠ سنة والمحكمة تبطل القيود التي توضع على الذهاب من بيت الى بيت وتوزيع المطبوعات.‏ وتقديم شهود يهوه معظم هذه القضايا وارتباطها جميعها بالتعديل الاول للدستور ليس مجرد صدفة تاريخية،‏ لأن الذهاب من بيت الى بيت امر مطلوب في دينهم.‏ وكما لاحظنا في قضية ميردوك ضد ولاية پنسلفانيا،‏ .‏ .‏ .‏ (‏١٩٤٣‏)‏،‏ فإن شهود يهوه ‹يقولون انهم يتبعون مثال بولس بالتعليم «علنا ومن بيت الى بيت».‏ اعمال ٢٠:‏٢٠‏.‏ وهم يطبقون حرفيا وصية الاسفار المقدسة:‏ «اذهبوا الى العالم اجمع،‏ وبشروا الخليقة كلها بالانجيل».‏ مرقس ١٦:‏١٥.‏ وبفعلهم ذلك،‏ يؤمنون انهم يطيعون احدى وصايا اللّٰه›».‏

      ثم اقتبس البيان مجدّدا من قضية سنة ١٩٤٣:‏ «هذا الشكل من النشاط الديني يحتل المنزلة الرفيعة نفسها تحت التعديل الاول للدستور كالعبادة في الكنائس والكرازة من على المنابر.‏ وينبغي ان يتمتع بالحماية نفسها التي تتمتع بها الاديان الاساسية والتقليدية».‏ وذكر البيان مقتبسا من احدى القضايا التي عولجت سنة ١٩٣٩:‏ «ان طلب الترخيص لممارسة الرقابة الذي يجعل التوزيع الحرّ والخالي من القيود للمطبوعات مستحيلا يضرب في صميم الضمانات الدستورية».‏ —‏ إمالة الحروف ليست لنا.‏

      ثم أدلت المحكمة بملاحظة مهمة:‏ «تبرهن القضايا ان جهود شهود يهوه في رفض قمع حرية القول لم تكن كفاحا من اجل حقوقهم فقط».‏ وأوضح البيان ان الشهود «ليسوا الفئة الوحيدة التي تواجه خطر اسكاتها بواسطة قرارت مثل تلك الصادرة عن البلدية».‏

      وتابع البيان قائلا ان قرار البلدية «مهين ليس فقط للقيم التي يحميها التعديل الاول للدستور الاميركي،‏ بل لمفهوم المجتمع الحر.‏ فإذا رغبت امرأة مثلا في التحدث الى جارتها،‏ عليها ان تذهب اولا لتُعلم السلطة بهذه الرغبة وتحصل على اذن لتحقيقها.‏ .‏ .‏ .‏ ان القانون الذي يقضي بأن يطلب المرء اذنا ليتحدث الى آخر يشكل انحرافا كليا عن ميراثنا الوطني وتقليدنا الدستوري».‏ ثم تحدث البيان عن «التأثير المؤذي جدا لوجوب طلب اذن كهذا».‏

      خطر الجرائم

      ماذا عن وجهة النظر القائلة ان الاذن يشكّل حماية من السارقين وغيرهم من المجرمين؟‏ حاججت المحكمة:‏ «رغم اننا نقرّ بأن هنالك اسبابا وجيهة لهذا القلق،‏ يتضح من القضايا السابقة انه يجب المحافظة على التوازن بين هذا القلق وتأثير القرارات الصادرة على الحقوق التي يصونها التعديل الاول للدستور الاميركي».‏

      وتابع بيان المحكمة:‏ «من غير المرجح ان يردع غياب الاذن المجرم عن قرع الابواب والتحدث الى الناس بأمور لا يتطرَّق اليها القرار.‏ فربما سأل عن اتجاهات الطرقات او طلب اذنا باستعمال الهاتف،‏ .‏ .‏ .‏ او ربما تسجل باسم مزيف وأفلت من العقوبة».‏

      وبالرجوع الى القرارات المتخذة في اربعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كتبت المحكمة:‏ «ان الاسلوب المستعمل في قرارات المحكمة التي صدرت في حقبة الحرب العالمية الثانية،‏ والتي أنقذت مرار وتكرارا أتباع دين الذين قدموا الدعوى [جمعية برج المراقبة] من التهم التافهة،‏ عكس تقدير المحكمة العليا للحريات التي يحميها التعديل الاول للدستور الاميركي المشمولة بهذه القضية».‏

      وماذا كان قرار المحكمة النهائي؟‏ «يُنقض حكم محكمة الاستئناف،‏ ويُعاد إليها ملف الدعوى برمته لإتمام اجراءات اضافية تطابق الحكم الصادر.‏ هذا ما قضت به المحكمة».‏

      وكانت نهاية القضية،‏ كما ذكرت مجلة شيكاغو صن-‏تايمز:‏ «المحكمة تؤيد شهود يهوه»،‏ وذلك بمجموع ٨ اصوات مقابل ١.‏

      ماذا عن المستقبل؟‏

      كيف نظر شهود يهوه في جماعة ويلزڤيل الى هذا الانتصار في المحكمة العليا؟‏ طبعا،‏ ما من داعٍ لأي افتخار يسبب الاحراج لسكان ستراتون.‏ فالشهود لا يضمرون الاستياء لسكان ستراتون الطيبين.‏ قال شاهد محلي يدعى ڠريڠوري كوهار:‏ «لم نشأ ان تصل هذه القضية الى المحاكم.‏ لكن قرار البلدية بحد ذاته كان خطأ.‏ وما قمنا به لم يكن من اجلنا فقط،‏ بل من اجل الجميع».‏

      تظهر الوقائع ان الشهود بذلوا كل ما في وسعهم لكي لا يُغيظوا السكان المحليين.‏ اوضح شاهد آخر يدعى جين كونتز:‏ «آخر مرة كرزنا في ستراتون كانت في ٧ آذار (‏مارس)‏ ١٩٩٨ —‏ اي منذ اكثر من اربع سنوات».‏ وأضاف:‏ «أُخبرت شخصيا انه سيجري توقيفي.‏ وعلى مدى سنوات كانت تصلنا تقارير كثيرة من الشرطة تهدد بتوقيفنا.‏ وحين طلبنا ان نرى قرار البلدية الخطي لم نلقَ جوابا».‏

      وأضاف كونتز:‏ «نفضل ان تكون لدينا علاقة جيدة بجيراننا.‏ وإذا كان البعض لا يرغبون ان نزورهم فنحن نحترم قرارهم.‏ لكن هنالك اشخاص آخرون وديون ويرحبون بمناقشة من الكتاب المقدس».‏

      اوضح ڠريڠوري كوهار:‏ «لم يكن الهدف من ملاحقة هذه القضية معاداة سكان ستراتون.‏ فكل ما رغبنا فيه هو ان نثبت قانونيا حقنا في حرية القول من خلال الدستور».‏

      وتابع:‏ «في النهاية،‏ نأمل ان نعود الى ستراتون.‏ وسيسعدني لدى عودتنا ان اكون اول من يطرق باب احد البيوت.‏ فالعودة لا بد منها،‏ اطاعة لوصية يسوع».‏

      كان لنتيجة قضية «برج المراقبة ضد قرية ستراتون» تأثير واسع النطاق.‏ فبعدما علم عدد من الرسميين في بلديات الولايات المتحدة بقرار المحكمة العليا،‏ اعترفوا انه لم يعد بالامكان استخدام القرارات المحلية لتقييد عمل الكرازة الذي يقوم به شهود يهوه.‏ وقد ذُلِّلت حتى الآن الصعوبات التي تعيق عمل الكرازة في حوالي ٩٠ مكانا مختلفا في الولايات المتحدة.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة