-
تحدّي الاعتناء بالمرضىاستيقظ! ١٩٩٧ | شباط (فبراير) ٨
-
-
تحدّي الاعتناء بالمرضى
«تمنيت احيانا ان اتخلص من هذا الوضع. لكنه كان في كل مرة بحاجة اليّ اكثر من قبل. وأحيانا كنت اشعر بالوحدة.» — جيني، التي اعتنت طوال ١٨ شهرا بزوجها البالغ من العمر ٢٩ سنة قبل ان يموت من ورم دماغي.a
«امرُّ بأوقات اشعر فيها بالحنق على امي، لكنني بعد ذلك احس بأنني اكره نفسي. اشعر بأنني شخص فاشل عندما لا اعود قادرة على تحمل الوضع.» — روز، ٥٩ سنة، التي كانت تعتني بوالدتها الضعيفة البالغة من العمر ٩٠ سنة والتي صارت طريح الفراش.
ان لخبر اصابة شخص بمرض قاتل او مزمن وقع الصاعقة على عائلته وأصدقائه. تقول جين مَنْ براكِن في كتابها الاولاد المصابون بالسرطان (بالانكليزية): «عندما يشخَّص المرض تشعر كل عائلة بأنها وحيدة. فربما لا يعرفون احدا مرَّ بهذه المشكلة.» وغالبا ما يقفون ايضا «مذهولين وغير مصدِّقين،» كما حدث مع إلسا عندما علمت ان صديقتها الحميمة بيتي البالغة من العمر ٣٦ سنة مصابة بالسرطان. وانتاب سُو، التي كان والدها مريضا، «احساس بالغثيان، بالفراغ» في معدتها عندما تبين لها في النهاية ان اباها يحتضر بسبب السرطان.
وقد يجد اعضاء العائلة والاصدقاء انفسهم فجأة امام واجب الاعتناء بمريضهم، فيزوِّدونه بالحاجات الجسدية والعاطفية. وقد يشمل ذلك إعداد الوجبات المغذِّية، التأكد من تناوله الدواء، إيصال المريض الى الطبيب، استقبال زواره، كتابة الرسائل عنه، والكثير الكثير غيرها. وقيام المعتني بهذه الاعمال غالبا ما يتداخل مع برنامج خاص حافل بالمشاغل.
ولكن عندما تتدهور حالة المريض، يجب على المعتني ان يقوم بعمل اكبر ايضا. وماذا يمكن ان يشمل ذلك؟ «كل شيء!» كما قالت إلسا عن صديقتها بيتي الطريح الفراش. «أحمِّمها وأطعمها، اساعدها عندما تتقيأ، أُفرغ اكياس البول.» وكان على كاثي، مع انه لديها عمل بدوام كامل، ان تعتني بأمها المريضة. وتروي سُو المذكورة آنفا كيف كانت «تأخذ درجة حرارة [ابيها] وتدوِّنها كل نصف ساعة، تمسح جسمه عندما ترتفع درجة حرارته، وتغيِّر ملابسه وأغطية سريره كل بضع ساعات.»
ان نوعية العناية التي يتلقاها المريض تعتمد الى حد كبير على صحة المعتنين. ولكن كثيرا ما يُغفل عن مشاعر وحاجات الذين يهتمون بالمرضى. وحتى لو كان الاعتناء بالمرضى لا يؤدي إلا الى مجرد آلام في الظهر وتعب في الكتفين، فهذا يكفي لاعتباره عملا صعبا. ولكن، كما يؤكد معظم المعتنين بالمرضى، تزوَّد العناية بكلفة عاطفية باهظة جدا.
«كان الامر محرجا جدا»
تذكر دوريات علم الشيخوخة (بالانكليزية): «غالبا ما تصف الدراسات المعاناة الناتجة من سلوك [المريض] غير المنطقي والمحرج ومن كلمات الغضب المتفجرة منه.» مثلا، تروي ڠيليان ما حدث بعدما طلبت صديقة لها في اجتماع مسيحي ان تقابل امها العجوز. تتذكر ڠيليان بحزن: «ارتسمت على وجهها ملامح خالية من ايّ تعبير ولم تجب. كان الامر محرجا جدا وكادت الدموع تطفر من عينيَّ.»
وتقول جوان التي يعاني زوجها الخَرَف: «ان تحمُّل ذلك هو من اصعب الامور.» وتوضح: «ان حالته تجعله لا يراعي كثيرا آداب السلوك. فعند تناول الطعام في الخارج مع اشخاص آخرين، يذهب احيانا نحو الطاولات الاخرى في صالة الطعام، يذوق المربى، ويعيد الملعقة المستعملة الى طبق المربى. وعندما نقوم بزيارة للجيران، يبصق احيانا على الارض في ممر الحديقة. يصعب جدا ان امنع نفسي من التفكير في ان الآخرين يتكلمون على الارجح عن هذه التصرفات، وربما يعتبرونه شخصا قليل الادب جدا. فأميل الى الانطواء على نفسي.»
«كنت اخشى انه اذا لم نتوخَّ الحذر . . .»
ان الاعتناء بشخص عزيز مصاب بمرض خطير يمكن ان يُبقي الاعصاب متوترة جدا. فقد يخشى المعتني مما سيحدث عندما يشتد المرض — حتى انه قد يخشى ان يموت مريضه العزيز. وقد يخشى ايضا ان لا تبقى عنده القوة او القدرة على تلبية حاجات المريض.
تصف إلسا سبب خوفها بهذه الكلمات: «كنت اخشى ان أوذي بيتي جسديا وأزيد على آلامها ألمًا، او ان افعل شيئا قد يقصِّر حياتها.»
وأحيانا تنتقل مخاوف المريض الى المعتني ايضا. قالت سُو: «كان والدي يخشى كثيرا من الاختناق، وكان الهلع يستولي عليه احيانا. كنت اخشى انه اذا لم نتوخَّ الحذر، فقد يحدث له عارض اختناق وهكذا يصيبه الامر الذي يخافه اكثر.»
«قد تحزنون على ما كانوا عليه»
يذكر الاعتناء بالمصاب بالخَرَف (بالانكليزية): «الحزن شعور طبيعي ينتاب الاشخاص الذين يهتمون بشخص عزيز مصاب بمرض مزمن.» ويتابع قائلا: «كلما اشتد المرض على المريض، احسستم بأنكم تخسرون صُحبة وعلاقة كانتا تعنيان لكم الكثير. وقد تحزنون على ما كانوا عليه.»
تصف جنيفر كيف تأثرت عائلتها عندما اخذت صحة امها تتدهور بشكل متواصل: «تألمنا كثيرا. وافتقدنا محادثاتها الشيقة. كنا حزانى جدا.» وتوضح ڠيليان: «لم ارد ان تموت امي، ولم ارد ان تتعذب. فظللت ابكي.»
«كنت اشعر بأني منبوذة وغضبانة»
قد يتساءل الشخص الذي يعتني بمريض: ‹لماذا يحدث هذا معي؟ لماذا لا يساعدني الآخرون؟ ألا يرون اني غير قادر على تدبُّر اموري؟ ألا يمكن ان يُظهر المريض المزيد من التعاون معي؟› قد يشعر المعتني احيانا بغضب عارم من المطالب المتزايدة والجائرة التي ينهال بها عليه المريض وأعضاء العائلة الآخرون. تقول روز المذكورة في المقدمة: «كثيرا ما اغضب على نفسي — في قلبي. لكنَّ امي تقول ان ذلك يَظهر على وجهي.»
ان الشخص الذي يزوِّد العناية قد يتحمل العبء الاكبر من مشاعر الاحباط والغضب التي تنتاب المريض. ففي كتاب العيش مع السرطان (بالانكليزية)، يوضح الدكتور ارنست روزِنْباوم ان بعض المرضى «قد يشعرون احيانا بغضب وكآبة يصبّونهما على الشخص الاقرب اليهم . . . ويتجلى هذا الغضب عادةً في شكل استياء عارم من امور تافهة، علما بأن هذه الامور لا تهمُّ المريض في الظروف العادية.» ويمكن ان يزيد ذلك بالتأكيد من توتُّر الاعصاب المنهكة لدى الاشخاص الاحباء الذين يبذلون قصارى جهدهم للاعتناء بالمريض.
مثلا، قامت ماريا بعمل تُحمَد عليه عندما كانت تهتم بصديقتها المحتضرة. لكنَّ صديقتها كانت تبدو من حين الى آخر حساسة جدا وتستنتج امورا خاطئة. توضح ماريا: «كانت كلماتها جارحة جدا وفظة، وتسبِّب الاحراج لأحبائها.» وكيف اثر ذلك في ماريا؟ «في البداية ‹يتفهم› المرء وضع المريض. ولكن عندما كنت اعيد التفكير في ذلك لاحقا، كنت اشعر بأني منبوذة وغضبانة، غير واثقة من شيء — وغير ميَّالة الى الاعراب عن المحبة اللازمة.»
استنتجت دراسة صادرة في دوريات علم الشيخوخة: «في حالات الاعتناء بالمرضى يمكن للغضب ان يتفاقم بحيث يبلغ مستوى عاليا يؤدي احيانا الى عنف فعلي او نيّة عنف.» ووجد الباحثون ان ١ من كل ٥ معتنين بالمرضى تقريبا يخاف ان يصير عنيفا. وأكثر من ١ من كل ٢٠ صار فعلا عنيفا مع مريضه.
«اشعر بالذنب»
كثيرون من المعتنين بالمرضى تنتابهم مشاعر الذنب. وأحيانا يعقب الذنبُ الغضبَ — اي انهم يشعرون بالذنب لأنهم يشعرون بالغضب احيانا. وقد تستنزف احاسيس كهذه قواهم الى حد الشعور بعدم القدرة على المتابعة.
في بعض الحالات، لا يبقى خيار سوى وضع المريض في مؤسسة مختصة او مستشفى للاعتناء به. وهذا قرارٌ صعب يمكن ان يضايق كثيرا الشخص الذي يعتني به. تقول جين: «عندما اضطررنا في النهاية الى اخذ امي الى مأوى، شعرت بأني اخونها، اني ارميها.»
سواء وُضع المريض في مستشفى او لا، قد يشعر احباؤه بالذنب لأنهم يعتبرون انفسهم مقصِّرين في خدمته. قالت إلسا: «غالبا ما شعرت بالاسف لأن وقتي محدود جدا. فأحيانا لم تكن صديقتي تدعني ارحل.» وقد يقلق ايضا المعتني بالمريض بشأن اهمال المسؤوليات العائلية الاخرى، وخصوصا اذا كان يقضي وقتا طويلا في المستشفى او اذا كان مضطرا الى العمل ساعات اكثر للمساعدة على تسديد الفواتير المتراكمة. تحسّرت امّ قائلة: «انا مضطرة الى العمل لكي اشارك في تغطية النفقات، ولكني اشعر بالذنب لأني لا استطيع ان اكون في البيت لأهتم بأولادي.»
من الواضح ان المعتنين بالمرضى هم بحاجة ماسة الى الدعم، وخصوصا بعد وفاة الشخص الذي كانوا يهتمون به. يقول الدكتور فريدريك شيرمان من هنتِنڠْتون في نيويورك: «ان اهم مسؤولية لدي [بعد موت احد المرضى] . . . هي تخفيف مشاعر الذنب لدى الشخص الذي يعتني بمريض، وهذه المشاعر تبقى غالبا مكبوتة.»
اذا بقيت هذه المشاعر مكبوتة، فقد تضرّ بالمعتني وبالمريض نفسه ايضا. فماذا يمكن ان يفعل الذين يزوِّدون العناية لمعالجة هذه المشاعر؟ وماذا يمكن ان يفعل الآخرون — اعضاء العائلة والاصدقاء — لمساعدتهم؟
[الحاشية]
a بعض الاسماء جرى تغييرها.
[الاطار في الصفحة ٥]
لا تعتبروا اعتناءهنَّ امرا مسلَّما به!
«نعلم ان ٨٠٪ من الاشخاص الذين يعتنون بالمسنين في البيوت هم نساء،» كما تقول ميرنا ا. لويس، پروفسورة مساعدة في قسم طب المجتمع في كلية جبل سيناء الطبية في نيويورك.
وأظهرت دراسة عن النساء اللواتي يعتنين بمرضاهنَّ، كما نُشرت في دوريات علم الشيخوخة،b ان ٦١ في المئة من النساء ذكرن انهن لم يتلقين اية مساعدة من العائلة او الاصدقاء. وأكثر من النصف (٦,٥٧ في المئة) قلن انهن لم ينلن الدعم العاطفي الكافي من ازواجهن. وفي كتاب الاولاد المصابون بالسرطان، تشير جين مَنْ براكِن انه في حين قد يُلقى على عاتق الام الجزء الاكبر من حمل الاعتناء بالمريض، «ينسحب الاب احيانا ويركز على عمله.»
ولكن هنالك قسط كبير من عمل الاعتناء بالمرضى يقوم به الرجال، كما تقول الدكتورة لويس. مثلا، هنالك عدد كبير نسبيا من الرجال الذين لديهم زوجات مصابات بمرض الزهيمر. وهؤلاء طبعا ليسوا معفَين من ضغوط الاعتناء بمريض عزيز عليهم. تضيف لويس قائلة: «ربما يكون هؤلاء الرجال هم الاسرع تأثرا، وذلك لأنهم عادةً اكبر سنا من زوجاتهم وربما صحتهم ضعيفة. . . . ومعظمهم لم يدرَّبوا في المجالات العملية للاعتناء بالمرضى.»
يجب ان تحترس العائلات من الميل الى إلقاء العبء على فرد واحد اذا بدا انه يواجه التحدي بطريقة جيدة. يذكر كتاب الاعتناء بالمعتني (بالانكليزية): «غالبا ما يصير شخص واحد في العائلة هو المعتني، وأحيانا بعدة اشخاص.» ويتابع قائلا: «تشكِّل النساء نسبة كبيرة من هؤلاء، وهن يتقدمن في السن ايضا. . . . كذلك تُعتبر مهمة الاعتناء ‹في طبيعة› النساء . . . ولكن يجب على العائلات والاصدقاء ان لا يعتبروا ذلك ابدا امرا مسلَّما به.»
[الحاشية]
b يعرَّف علم الشيخوخة بأنه «فرع من فروع المعرفة يتناول الشيخوخة ومشاكل المسنين.»
[الصورة في الصفحة ٦]
المعتنون بالمرضى بحاجة الى الدعم لمعالجة مشاعر الذنب والغضب
-
-
كيف تعالجون المشاعراستيقظ! ١٩٩٧ | شباط (فبراير) ٨
-
-
كيف تعالجون المشاعر
هل تعتنون حاليا بشخص عزيز مصاب بمرض خطير؟ اذا كان الامر كذلك، فقد تنتابكم بعض المشاعر المحيِّرة والمخيفة. فماذا يمكنكم فعله؟ تأملوا في هذه المشاعر التي يواجهها بعض المعتنين بالمرضى والاقتراحات العملية التي ساعدتهم على التحمُّل.
الاحراج. قد يسبِّب لكم سلوك المريض في بعض الاحيان الاحراج امام الآخرين. لكنَّ شرح طبيعة مرض هذا الشخص العزيز للاصدقاء والجيران يمكن ان يساعدهم على تفهُّم الوضع وقد يدفعهم ايضا الى اظهار ‹الحس الواحد› والصبر. (١ بطرس ٣:٨) وإذا كان ممكنا، فتحدثوا الى عائلات اخرى تمرُّ بوضع مماثل. فقد تشعرون بإحراج اقل عندما تتبادلون الاختبارات. توضح سُو ما ساعدها: «كنت اشعر بشفقة شديدة على ابي حتى انها حجبت كل مشاعر الاحراج. وساعدتني ايضا روح الفكاهة عنده.» نعم، روح الفكاهة — من جهة المريض والذين يعتنون به — وسيلة رائعة لتهدئة الاعصاب المتوترة. — قارنوا جامعة ٣:٤.
الخوف. ان جهل المرض يمكن ان يسبب خوفا شديدا. فإذا كان ممكنا، فاستشيروا اشخاصا مختصين بشأن ما يجب ان تتوقعوه عندما يشتد المرض. تعلموا كيف تزوِّدون العناية في ظروف كهذه. ان احد اهم العوامل التي ساعدت إلسا على معالجة خوفها كان التحدث الى اشخاص آخرين يعتنون بالمرضى وإلى ممرضين وممرضات يعملون في مستشفيات خاصة للاهتمام بالمحتضرين، وذلك بشأن ما يجب ان تتوقعوه عندما تتدهور حالة المريض. وتنصح جيني: «واجهوا مخاوفكم واضبطوها. فالخوف مما قد يحدث غالبا ما يكون اكبر مما هو في الحقيقة.» ويوصي الدكتور ارنست روزِنْباوم بأن «تتكلموا عن [مخاوفكم] عندما تنشأ» مهما كانت اسبابها. — قارنوا امثال ١٥:٢٢.
الحزن. ليس من السهل معالجة الحزن، وبوجه اخص في حالة الاعتناء بمريض. فقد تُحزنكم خسارة صُحبة، وخصوصا اذا لم يعد مريضكم العزيز قادرا ان يتكلم او يفهم بوضوح او يعرفكم. هذه المشاعر قد لا يتفهمها الآخرون فورا. والتحدث عن حزنكم الى صديق متفهم يصغي بصبر وتعاطف يمكن ان يجلب لكم راحة تحتاجون اليها كثيرا. — امثال ١٧:١٧.
الغضب والاحباط. هذان الشعوران هما رد فعل طبيعي حيال الاعتناء بشخص مصاب بمرض خطير يصير سلوكه صعبا في بعض الاحيان. (قارنوا افسس ٤:٢٦.) لذلك لا تنسوا ان هذا السلوك المزعج يكون مردُّه في اغلب الاحيان الى المرض لا المريض. تتذكر لوسي: «عندما كنت اشتعل غضبا، كنت انفجر بالبكاء. ثم احاول ان اذكِّر نفسي بحالة المريض ومرضه. كنت اعلم ان المريض بحاجة الى مساعدتي. وكان ذلك يساعدني على الاستمرار في مهمتي.» وهذه النظرة المتفهمة الى الوضع يمكن ان ‹تبطئ غضبكم.› — امثال ١٤:٢٩؛ ١٩:١١.
الذنب. ان مشاعر الذنب شائعة بين المعتنين بالمرضى. ولكن تأكدوا انه بالرغم من ان العمل الذي تقومون به ضروري، فهو صعب جدا. فتقبلوا الواقع انكم لن تتجاوبوا دائما بطريقة مثالية قولا او عملا. يذكِّرنا الكتاب المقدس قائلا: «في اشياء كثيرة نعثر جميعنا. إن كان احد لا يعثر في الكلام فذاك رجل كامل قادر ان يلجم كل الجسد ايضا.» (يعقوب ٣:٢؛ رومية ٣:٢٣) لا تسمحوا لمشاعر الذنب بأن تمنعكم من اتخاذ اجراء ايجابي فوري. فعندما تشعرون بالاستياء من امر قلتموه او فعلتموه، ستجدون على الارجح انكم اذا قلتم «انا آسف» فستشعرون بأنكم افضل حالا انتم ومريضكم. نصح رجل كان يعتني بمريض من اقربائه: «ابذلوا قصارى جهدكم تحت كل ظرف.»
الكآبة. الكآبة شائعة جدا في العائلات التي تواجه مرضا خطيرا، وهذا امر يمكن تفهُّمه. (قارنوا ١ تسالونيكي ٥:١٤.) وثمة امرأة تعتني بالمرضى توضح ما ساعدها عندما اصيبت بالكآبة: «كثيرون كانوا يشكروننا على العناية التي نزوِّدها. فيمكن لكلمات تشجيع قليلة ان تعطيكم زخما للاستمرار في مهمتكم عندما تكونون متعَبين جدا او كئيبين.» يذكر الكتاب المقدس: «الغم في قلب الرجل يحنيه والكلمة الطيبة تفرحه.» (امثال ١٢:٢٥) قد لا يتنبَّه الآخرون دائما لحاجتكم الى التشجيع. لذلك قد تضطرون في بعض الاحيان الى التعبير اولا عن «الغم» الذي في قلبكم بصراحة لكي تنالوا ‹كلمة تشجيع طيبة› من الآخرين. أما اذا استمرت مشاعر الكآبة او تفاقمت، فعندئذ يُنصح باستشارة طبيب.
العجز. قد تشعرون بأنكم عاجزون في وجه مرض موهن. فتقبلوا الواقع في وضعكم هذا. اعترفوا بحدودكم — فليس في مقدوركم ان تتحكموا في صحة المريض، ولكن يمكنكم ان تمنحوه عناية رقيقة. لا تتوقعوا الكمال من انفسكم او من المريض او من الاشخاص الذين يدعمونكم. والاقتراب المتزن لا يخفف فقط مشاعر العجز بل يخفف ايضا عبء المهمة. وقد ذكر كثيرون ممن اعتنوا بشخص عزيز هذه النصيحة الحكيمة: تعلموا مواجهة كل يوم بيومه. — متى ٦:٣٤.
[النبذة في الصفحة ٨]
«واجهوا مخاوفكم واضبطوها. فالخوف مما قد يحدث غالبا ما يكون اكبر مما هو في الحقيقة.»
[الاطار في الصفحة ٧]
كلمات مشجِّعة من معتنين بمرضى
«لا تدعوا الافكار السلبية عن انفسكم تقلقكم. فهي طبيعية في ظروف كهذه. وطبعا يجب ألا تكتموا مشاعركم. فائتمنوا شخصا على مشاعركم، وإذا كان ممكنا، فخذوا فترة من الراحة — ابتعدوا بعض الوقت — لكي تشعروا بالانتعاش.» — لوسي، التي يشمل عملها في احدى العيادات مساعدة عدد من المعتنين بالمرضى بالاضافة الى المرضى انفسهم.
«اذا كان اعضاء من العائلة او اصدقاء مستعدين لتقديم المساعدة، فاسمحوا لهم بذلك. فمن المهم ان يشارككم آخرون في الحمل.» — سُو، التي اعتنت بأبيها قبل وفاته من مرض هُدكِن.
«تعلموا تنمية روح الفكاهة.» — ماريا، التي ساعدت على الاعتناء بصديقة عزيزة قبل ان تموت من السرطان.
«ابقوا اقوياء روحيا. اقتربوا الى يهوه، وصلوا بلا انقطاع. (١ تسالونيكي ٥:١٧؛ يعقوب ٤:٨) فهو يمنح العون والتعزية بواسطة روحه وكلمته وخدامه الارضيين ووعوده. حاولوا ان تكونوا منظَّمين قدر المستطاع. مثلا، من المستحسن ان تضعوا برامج لتناول الادوية وقوائم بالاشخاص الذين يساعدونكم.» — يَلمار، الذي اعتنى بصهره المحتضر.
«تعلموا قدر المستطاع عن طبيعة المرض الذي يعانيه مريضكم. فهذا بدوره سيساعدكم على معرفة ما يُتوقع من المريض ومنكم وأيضا كيف تعتنون بمريضكم.» — جوان، التي يعاني زوجها مرض الزهيمر.
«ادركوا ان آخرين قبلكم تدبَّروا امرهم وأن يهوه قادر على مساعدتكم على تدبُّر امركم مهما حصل.» — جيني، التي اعتنت بزوجها قبل ان يموت.
[الصورة في الصفحة ٨]
لتهدئة مخاوفكم، اعرفوا قدر المستطاع عن المرض
[الصورة في الصفحة ٩]
التحدث الى صديق متفهم يمكن ان يريحكم كثيرا
-
-
الاهتمام بالمعتني بمريض — كيف يمكن للآخرين ان يساعدوااستيقظ! ١٩٩٧ | شباط (فبراير) ٨
-
-
الاهتمام بالمعتني بمريض — كيف يمكن للآخرين ان يساعدوا
«لوري وأنا متزوجان منذ ٥٥ سنة — فترة طويلة — وما اسعد تلك السنوات! ولو كان بإمكاني ابقاؤه في البيت، لأبقيته. لكنَّ صحتي بدأت تتدهور. فاضطررت في آخر الامر الى ادخاله دارا للعجزة. اكاد لا اتحمل الالم العاطفي الذي اشعر به حين اروي هذه الامور. فأنا احبه وأحترمه وأزوره كلما استطعت. لكنَّ صحتي لا تسمح لي بأن افعل اكثر.» — آنا، امرأة في الـ ٧٨ من العمر اعتنت لأكثر من ١٠ سنوات بزوجها المصاب بمرض الزهيمر، وقضت السنوات الـ ٤٠ الماضية تعتني بابنتها المصابة بمتلازمة داوْن (المغولية).a
ليست حالة آنا فريدة. فقد كشف استطلاع في الجزر البريطانية ان «امرأة واحدة من كل امرأتين في بعض فئات السن (الاربعينات والخمسينات) تعتني بمريض لها.» وكما نوقش سابقا، يبدو احيانا ان الاضطراب العاطفي والمشاكل التي يواجهها المعتنون بالمرضى لا تطاق.
يقول الدكتور فريدريك شيرمان، من الجمعية الاميركية لأمراض الشيخوخة: «اظن ان ٥٠٪ على الاقل من المعتنين بالمرضى يصابون بالكآبة خلال السنة الاولى من اعتنائهم.» وبالنسبة الى المسنين مثل آنا، فإن قوتهم المتناقصة وصحتهم المتدهورة يمكن ان تجعلا مواجهة الوضع اصعب ايضا.
لمساعدة المعتنين بالمرضى على اتمام مسؤولياتهم، يجب ان نعرف ما هي حاجاتهم. فما هي هذه الحاجات، وكيف يمكن ان نلبّيها؟
المعتنون بالمرضى بحاجة الى مَن يحدِّثونه
قالت امرأة ساعدت على العناية بصديقتها المحتضرة: «كنت بحاجة الى البوح بما يخالجني.» وكما اظهرت المقالة السابقة، غالبا ما تكون مواجهة المشاكل ومعالجتها اسهل عندما يتسنى لهم ان يتحدثوا عنها الى صديق متفهم. وكثيرون من المعتنين بالمرضى الذين يشعرون بأنهم اسرى ظروفهم يجدون ان التحدث عن وضعهم يساعدهم على تبيُّن مشاعرهم وتخفيف الضغط المحتقن.
وترجع جيني بذاكرتها الى الوقت الذي فيه كانت تعتني بزوجها وتقول: «لقد ادرك الاصدقاء اننا كلينا بحاجة الى الدعم المعنوي، وقد قدَّرت ذلك.» وتوضح ان الذين يعتنون بالمرضى بحاجة الى التشجيع، وفي بعض الاحيان، بحاجة الى اذن تصغي باهتمام. ويوافق يَلمار، الذي ساعد على الاعتناء بصهره المريض، اذ يقول: «كنت بحاجة الى مَن يصغي الى مخاوفي ومشاكلي ويفهم طريقة شعوري.» ويضيف متكلما عن صديق حميم: «كنت اسرّ جدا بالذهاب لزيارته، حتى ولو لنصف ساعة فقط. فقد كان يصغي اليّ. وكان اهتمامه حقيقيا. وكنت اشعر بالانتعاش بعد ذلك.»
يمكن للمعتنين بالمرضى ان يستمدوا تشجيعا كبيرا من المصغي بتفهُّم. ينصح الكتاب المقدس بحكمة: «ليكن كل انسان مسرعا في الاستماع مبطئا في التكلم.» (يعقوب ١:١٩) وذكر تقرير في دوريات علم الشيخوخة: «في اغلب الاحيان يكفي ان يعرف المرء ان الدعم متوفر لكي يشعر براحة كبيرة.»
ولكن بالاضافة الى الاذن الصاغية والدعم المعنوي، الى ماذا يحتاج المعتنون بالمرضى ايضا؟
تقديم المساعدة العملية
يلاحظ الدكتور ارنست روزِنْباوم: «يستفيد المريض والعائلة من اية وسيلة يُعبَّر بها عن المحبة والتشجيع.» اولا، يمكن التعبير عن «المحبة والتشجيع» خلال زيارة شخصية او اتصال هاتفي او في رسالة قصيرة (ربما مع ازهار او اية هدية اخرى).
وعن الدعم الذي كانت عائلة سُو تتلقاه حين كان ابوها يحتضر بسبب مرض هُدْكِن، تقول: «كنا نتعزى عندما يزورنا اصدقاؤنا زيارات قصيرة.» وتتابع: «كانت احدى صديقاتي تردّ على المكالمات الهاتفية وتساعد على غسل الثياب وكيِّها لنا جميعا.»
ودعْم المعتنين بالمرضى يمكن — ويجب — ان يشمل تقديم مساعدة محددة وملموسة. تتذكر إلسا: «كانت المساعدة العملية التي عرض الاصدقاء تقديمها مفيدة لي. فهم لم يكتفوا بالقول: ‹اذا كان هنالك امر يمكنني فعله، فاعلميني،› بل كانوا يقولون: ‹انا ذاهب للتسوق. ماذا اجلب لك؟› ‹هل اهتم بالحديقة؟› ‹انا حاضر لأجلس مع المريضة وأقرأ عليها.› وثمة امر آخر وجدناه عمليا، وهو تنسيق الامور ليترك الزوار رسائل خطية في مفكرة عندما تكون صديقتي المريضة تعبة او نائمة. وكنا جميعا مسرورين جدا بذلك.»
والمساعدة المحددة التي تُعرض يمكن ان تشمل احد الاعمال المنزلية. توضح روز: «قدَّرت المساعدة على ترتيب الاسرّة، كتابة الرسائل عن المريض، استقبال زوار المريض، جلب الادوية، غسل الشعر وتصفيفه، وغسل الاطباق.» ويمكن للعائلة والاصدقاء ان يساعدوا ايضا المعتني بالمريض بالتناوب على تزويد الوجبات.
وحيث يكون ملائما، من العملي ايضا تقديم المساعدة في الامور الاساسية للعناية التمريضية. مثلا، قد يحتاج المعتني بالمريض الى المساعدة على اطعام المريض او غسل جسمه.
يقدم اعضاء العائلة والاصدقاء المهتمون المساعدة العملية في المرحلة الباكرة من المرض، ولكن ماذا لو كان المرض طويل الامد؟ بسبب كثرة انشغالنا بأمورنا الخاصة، قد نغفل بسهولة عن الضغط المستمر — وربما المتفاقم — الذي يواجهه المعتنون بالمرضى. وكم هو محزن ان يبدأ الدعم الضروري جدا بالتلاشي!
اذا حدث ذلك، فربما من الافضل ان يدعو المعتني بالمريض الى اجتماع عائلي لمناقشة امر العناية به. وغالبا ما يكون ممكنا الاستفادة من مساعدة الاصدقاء والاقرباء الذين ابدوا استعدادا لتقديمها. وهذا ما فعلته سُو وعائلتها. فهي تروي: «عندما كانت تنشأ حاجات معينة، كنا نتذكر الذين عرضوا تقديم المساعدة ونتصل بهم هاتفيا. فقد شعرنا بأنه يمكننا طلب المساعدة منهم.»
اعطوهم فترة من الراحة
يذكر كتاب اليوم المؤلف من ٣٦ ساعة (بالانكليزية): «من الضروري جدا لك [ايها المعتني] و [لمريضك] كليكما ان يسنح لك الوقت من حين الى آخر ‹لتبتعد› عن مهمة الاعتناء على مدار الساعة بشخص مصاب بمرض مزمن. . . . فالتغيُّب فترة من الوقت، دون الاعتناء [بالمريض]، هو احد اهم الامور التي يمكنك فعلها لتتمكن من مواصلة العناية بشخص ما.» وهل يوافق المعتنون بالمرضى؟
«نعم، بالتاكيد،» تجيب ماريا التي ساعدت على الاعتناء بصديقة حميمة كانت تحتضر بسبب السرطان. «فقد كنت بحاجة دوريا الى ‹الابتعاد› وجعْل شخص آخر يتولى امر العناية فترة من الوقت.» وتشاطرها الرأي جوان التي تعتني بزوجها المصاب بمرض الزهيمر. تقول: «اكثر الامور التي نحتاج اليها هو ان يتسنى لنا الوقت لنرتاح من حين الى آخر.»
ولكن كيف سيتسنى لهم الوقت للابتعاد عن ضغط مسؤولياتهم؟ تخبر جنيفر، التي ساعدت على الاعتناء بوالدَيها المسنَّين، كيف وجدت الراحة: «كانت صديقة للعائلة تهتم بأمي طوال يوم كامل لتريحنا.»
ويمكنكم ان تعطوا المعتني بمريض فترة من الراحة عندما تعرضون اخذ المريض لبعض الوقت، اذا كان ذلك عمليا. تقول جوان: «احس بتجدُّد النشاط عندما يأخذ احد زوجي معه، لأنني بذلك اتمكن من ان اكون مع نفسي من حين الى آخر.» ومن ناحية اخرى، قد تتمكنون من قضاء الوقت مع المريض في بيته. وفي كلتا الحالتين، افسحوا المجال للمعتني ليحصل على الراحة التي هو بحاجة ماسة اليها.
ولكن تذكروا انه لا يسهل دائما على المعتنين بالمرضى ان يأخذوا فترة من الراحة. فقد يشعرون بالذنب لأنهم ابتعدوا عن مريضهم العزيز. يعترف يَلمار: «ليس سهلا ان يخرج المرء من هذا الوضع ويذهب ليتسلى او يرتاح. فقد كنت اشعر بأنني اريد ان ابقى هناك كل الوقت.» ولكن كان باله يرتاح اكثر عندما يأخذ فترة من الراحة يكون فيها صهره بحاجة الى اقل حدّ من الرعاية. ويقوم آخرون بوضع مريضهم العزيز في مركز للرعاية النهارية للراشدين ساعات قليلة حيث يجري الاهتمام به.
نهاية كل مرض
لا شك ابدا ان الاعتناء بشخص عزيز مصاب بمرض خطير هو مسؤولية كبيرة. ولكن يمكن ان يكون الاعتناء بشخص عزيز مرضيا وسارّا جدا. فالباحثون والمعتنون بالمرضى يقولون ان الروابط بالعائلة والاصدقاء تصير اقوى. والمعتنون يتعلمون دائما صفات وقدرات جديدة. ويشعر كثيرون بفوائد روحية ايضا.
والاهم هو ان الكتاب المقدس يشير الى ان يهوه وابنه يسوع المسيح هما ارقّ معتنيَين بالمرضى. ونبوة الكتاب المقدس تؤكد لنا ان نهاية كل مرض وألم وموت صارت قريبة جدا. فقريبا سيكافئ خالق الانسان الحنّانُ سكان الارض الابرار بحياة ابدية في عالم جديد ملؤه الصحة — عالم «لا يقول [فيه] ساكن انا مرضت.» — اشعياء ٣٣:٢٤؛ رؤيا ٢١:٤.
[الحاشية]
a بعض الاسماء في هذه المقالة جرى تغييرها.
[النبذة في الصفحة ١١]
خير المريض يعتمد بشكل مباشر على خيركم انتم
[النبذة في الصفحة ١٢]
ان دعم الاصدقاء الطيبين يساهم كثيرا في مواصلتكم المهمة في اصعب الاوقات
[الاطار في الصفحة ١٢]
الاعتناء بالمرضى يمكن ان يجزي خيرا
‹يجزي خيرا؟› قد يتساءل البعض. ‹كيف؟› لاحظوا من فضلكم ما قاله هؤلاء المعتنون بأشخاص مرضى لمجلة استيقظ!:
«اذا تخلى المرء عن مساعيه ورغباته الخاصة فهذا لا يعني انه اقل سعادة. ‹مغبوط هو العطاء اكثر من الاخذ.› (اعمال ٢٠:٣٥) فالاعتناء بشخص تحبونه يمكن ان يكون سارّا جدا.» — جوان.
«كنت شاكرا اني تمكنت من مساعدة اختي وصهري في وقت الضيق — دون ان يتمكنا من ان يردَّا لي. فقد قرَّبنا ذلك واحدنا من الآخر. آمل ان اتمكن يوما ما من استخدام هذه الخبرة التي اكتسبتها في مساعدة شخص آخر يمرّ بوضع مماثل.» — يَلمار.
«كما قلت لصديقتي المريضة بيتي اكثر من مرة، اخذتُ اكثر بكثير مما اعطيت. فقد تعلمت التقمص العاطفي والصبر. وتعلمت انه من الممكن المحافظة على موقف ايجابي في اصعب الظروف.» — إلسا.
«اصبحت اقوى روحيا. ولمست اكثر كيف يكون الاعتماد على يهوه اللّٰه يوميا وكيف يقوم هو بسدِّ حاجاتي.» — جيني.
[الاطار في الصفحة ١٣]
عندما تزورون شخصا يعتني بمريض
• اصغوا اليه بتعاطف
• امدحوه من كل القلب
• اعرضوا عليه مساعدة محددة
[الصور في الصفحة ١٠]
ادعموا المعتنين بالمرضى بالتسوق والطبخ عنهم او بمساعدتهم على الاعتناء بالمريض
-